Ch45
في اليوم التالي أشرقت الشمس وبدت السماء صافية دخل لين روفي منزل عائلة ليو برفقة الضيوف وما إن وقع بصره على ليو روغونغ حتى لفت انتباهه
ارتدى ليو روغونغ حُلّة زفاف حمراء زاهية وهو يجلس بجانب امرأة ذات مظهر أنيق وجليل كانت تبتسم له وتقول شيئًا بنبرة لطيفة لم يكن من الصعب تخمين أنها السيدة الأولى لعائلة ليو ووالدة ليو روغونغ.
من الناحية المنطقية إذا قرر ابنها الزواج من سيف فمن الطبيعي أن تحاول منعه لكن ملامحها لم تعكس أي معارضة بل بدت وكأنها استسلمت لهذا الواقع
رغم وجود حزن خافت في عينيها إلا أنها حافظت على ابتسامة وديعة
أما ليو روغونغ فقد بدا متألقًا بابتسامته حيث أضفى عليه الرداء الأحمر والمظهر المهيب جاذبية خاصة استقر لين روفي بنظره على “لوه شين”، السيف الذي كان يتدلى من خصر ليو روغونغ
مقبض السيف الأخضر كان مزينًا بشرائط حمراء براقة وامسكه ليو روغونغ بإحكام.
شعر ليو روغونغ بنظرة لين روفي فتوقف عن الحديث مع والدته والتفت نحوه مبتسمًا وهو يقول: “لين غونغزي.”
رد عليه لين روفي بلطف.
قال ليو روغونغ وهو يقترب منه بابتسامة: “اعتبر هذا المكان كمنزلك اليوم يوم مشغول لذا أرجو أن تعذرنا إن لم نستقبلك بشكل جيد.”
أجاب لين روفي بأدب: “لقد بالغت في لطفك.”
قاد ليو روغونغ لين روفي إلى مقعد الشرف بين الضيوف ثم انشغل باستقبال بقية الحاضرين .
أما لين روفي فلم يجد ما يفعله سوى تناول المكسرات الموضوعة على الطاولة ببطء واحيانا كان يناول حفنة منها إلى غو شواندو الذي يجلس بجانبه.
انتمى الضيوف المدعوون لهذه المناسبة إلى طبقة راقية ، ومعظمهم على علاقة طيبة مع عائلة ليو وعلى الرغم من استغرابهم من قرار ليو روغونغ الزواج بسيف إلا أن قلة قليلة منهم تجرأت على التعليق أمامه مباشرة.
تم الزفاف بسلاسة ركع ليو روغونغ ثلاثة مرات بمفرده ، ثم دخل غرفة الزفاف وحيدًا
بدا الموقف للوهلة الأولى طريفًا لكن جديته جعلت الجميع يحترم صمته.
لم تكن أجواء الضيوف مريحة تمامًا أثناء المراسم لكن بمجرد أن غادر ليو روغونغ الساحة عمّت الأجواء بعض الحيوية وبدأ الحاضرون برفع كؤوسهم احتفالًا.
جاء بعضهم لتحية لين روفي وعندما عرفوا أنه الابن الرابع لعائلة لين الشهيرة وأنه هزم ليو روغونغ في مبارزة بالسيف قبل بضعة أيام أبدوا إعجابهم الكبير به لم يتوقع لين روفي أن تنتشر القصة بهذه السرعة لكنه رفع كأسه ليرد على التحية
لكن تحمله للكحول كان ضعيفًا فسرعان ما احمرت وجنتاه وبدأ يشعر بالدوار وأدرك أنه لا يستطيع الشرب أكثر فاستأذن وغادر المكان .
تجول لين روفي في أنحاء منزل عائلة ليو حتى وجد ركنًا هادئًا ليجلس فيه احتفل المنزل بزفاف غونغزيهم بشكل صاخب لكن لين روفي الذي كان يعاني من تأثير الكحول جلس على مقعد حجري وأغمض عينيه ليستريح.
قال غو شواندو: “إن كنت متعبًا ، فلنعد.”
رد لين روفي بخفوت: “لا أعتقد أنني رأيت لوه شين اليوم.”
اومئ غو شواندو برأسه: “صحيح.”
لوه شين التي كانت دائمًا بجانب ليو روغونغ لم تظهر اليوم حتى بعد انتهاء المراسم
شعر لين روفي ببعض الندم لتصرفه بالأمس وقال لنفسه إنه كان عليه أن يستشير ليو روغونغ أولًا ، لاحظ غو شواندو انزعاجه فاختفى للحظة ثم عاد وبيده قطعتان من حلوى الأرز المغطاة بشراب السكر البني البراق قدم الحلوى للين روفي الذي بدأ بتناولها مباشرة.
كانت الحلوى باردة ومصنوعة من الأرز اللزج مع طبقة رقيقة من الجليد تذوب في الفم مما خفف من جفاف الكحول في حلقه أكل لين روفي نصف قطعة وشعر بالشبع فنظر إلى القطعة المتبقية بتردد لكن غو شواندو لم يتردد وأخذها ليأكلها.
نظر لين روفي إليه بدهشة وسأله: “أنت…”
رد غو شواندو بتلقائية: “ماذا؟”
هز لين روفي رأسه مبتسمًا: “لا شيء.”
بعد أن تناولا الحلوى شعر لين روفي بأنه استعاد نشاطه قليلًا عاد إلى الوليمة ، لم يكن لين روفي من محبي هذه المناسبات الصاخبة لذا اختلق عذرًا وغادر منزل عائلة ليو أثناء مغادرته تذكر أنه لم يسلم الدعوة التي كان ينوي تقديمها للسيد ليو
ولكن، بالنظر إلى التعبير الكئيب للسيد خلال الحفل قرر أن هذا ليس الوقت المناسب.
كانت مدينة غوسو تضج بالحياة طوال اليوم بسبب هذا الزفاف الكبير أما لين روفي فقد عاد إلى النزل ونام حتى منتصف الليل واستيقظ بعد ذلك عطشًا وتوجه بشيء من الغفلة إلى الطاولة ليشرب الشاي.
نظر إليه غو شواندو وضحك بخفة ثم ناوله كوبًا من الشاي شرب لين روفي بضعة جرعات وأخذ يسأل: “كم الساعة الآن؟”
أجاب غو شواندو: “تجاوزنا الساعة الأولى للتو.”
تمتم لين روفي : “الجو حار قليلًا…”
وبينما يتمتم أخذ يفك ياقة ردائه ليكشف عن عظمة ترقوته البيضاء نظر غو شواندو إليه للحظة ثم حول بصره بسرعة وذهب إلى النافذة ليهتم بإغلاقها.
مع صوت خشخشة خفيف تسللت نسمات الهواء الباردة محملة بضوء القمر إلى الغرفة رفع لين روفي عينيه نحو الخارج وقال: “ضوء القمر جميل جدًا.”
رد غو شواندو بهدوء: “نعم.”
بما أن لين روفي قضى وقتًا طويلًا نائمًا لم يشعر بالكثير من النعاس تقدم إلى النافذة ونظر بعيدًا ثم قال بدهشة: “مهلاً… لماذا هو هناك؟”
غمغم غو شواندو: “ربما لأنه لم يستطع النوم.”
فوق أعلى برج في مدينة غوسو جلس شخص لم يكن من المفترض أن يكون موجودًا
كان بطل زفاف اليوم ليو روغونغ لا يزال يرتدي زي الزفاف الأحمر لكن مظهره تغير ، شعره الذي كان مرتبًا بدقة أصبح مبعثرًا على كتفيه وكأن مظهره عاد إلى سابق عهده المتمرد كان يحمل جرة من الخمر ويشرب منها دون توقف ، وكأنه لا يبالي بتأثير الخمر عليه .
من المفترض أن يكون هذا مشهدًا مليئًا بالحزن ، لكن لين روفي لم يستطع أن يشعر بأي كآبة عندما رأى بوضوح الشخص الذي يقف خلفه.
لقد كان رجلاً طويل القامة بطول الثمانية أقدام بوجنتين متوردتين ولحية طويلة على ذقنه
لو كان يحمل سيفًا كبيرًا لظن لين روفي أنه تجسيد جديد للسيد غوان يو.
في البداية اعتقد لين روفي أن المشهد الذي يراه ليس سوى هلوسة سببها الإفراط في الشرب فرك عينيه بعنف حتى احمرتا ثم التفت إلى غو شواندو وهتف بصوت مكتوم:
“من هذا الرجل الذي يقف خلف ليو روغونغ؟”
غو شواندو أجاب بهدوء:
“بناءً على ملابسه ، يبدو أنه الشخص الذي نعرفه.”
لين روفي: “…”
ربما لأن ملامحه قد انهارت تمامًا ، امتدت يد غو شواندو خلفه لتغطي عينيه بيده الباردة وأغلقت على عيني لين روفي لتحجب عنه الضوء:
“لا تنظر أكثر ، حان وقت النوم.”
لين روفي لم ينطق بكلمة بل سحب يد غو شواندو عن عينيه بصمت.
الرجل ذو اللحية الطويلة والثياب الخضراء ، الذي كان يقف خلف ليو روغونغ مثل حارس بوابة مرعب لم يكن يشبه على الإطلاق الجنية الرشيقة التي ظهرت قبل أيام
كانت يداه متشابكتين على صدره ووجهه متجهمًا مما أضفى على المشهد الموحش لمسة غريبة تجمع بين الكوميديا والرعب…
وكأن النظر إليه أكثر من مرة قد يدفعه إلى سحب سيفه وقتلك.
في النهاية لم يقل لين روفي شيئًا بل أغلق النافذة بصمت وعاد إلى فراشه بوجه يعبّر عن انعدام أي رغبة في الحياة.
فكّر غو شواندو في سرّه أن هذا السيف “لوه شن” كان بحق جديرًا بأن يكون سيف ليو روغونغ ، بشخصيته المتقلبة
فبعد أن تحدث ليو روغونغ بضع كلمات قرر السيف اليوم أن يظهر بهيئته الحقيقية كرجل ملتحٍ ولو أمكن لربما حمل سيفًا طويلًا على ظهره أيضًا واقفًا خلف ليو روغونغ كحارس بوابة متعطش للدماء.
كانت أرواح السيوف بلا شكل حقيقي ، وما يراه لين روفي كان صدفة محضة الهيئة التي اختارت أن تظهر بها هذه الأرواح تعتمد على طبيعتها ولكن لحسن الحظ لم يكن ليو روغونغ قادرًا على رؤية ذلك.
أما لين روفي الذي تعرّض لضربة معنوية كبيرة فقد أمضى النصف الثاني من الليل دون نوم يُذكر وفي الصباح الباكر ذهب إلى منزل عائلة ليو لتسليم الدعوة وأخبر ليو روغونغ بأنه ينوي مغادرة غوسو قريبًا.
بدا ليو روغونغ مترددًا عند وداعه وحاول إقناع لين روفي بالبقاء لكنه لم يُصرّ
، كانت ملامحه تحمل شيئًا من التردد ، وكأن لديه ما يريد قوله.
أدرك لين روفي أن هذا اللقاء ربما يكون الأخير بينهما لفترة طويلة ، فبادره بصراحة:
“هل لديك شيء تريد قوله ، ليو غونغزي؟”
تردد ليو روغونغ للحظة ، ثم تمتم بصوت خافت:
“لين غونغزي ، هل أجرؤ على طلب صغير منك؟”
سأل لين روفي:
“لم لا تخبرني أولًا بما لديك؟”
سعل ليو روغونغ برفق وقال:
“أتساءل إن كنت تستطيع رسم صورة لـ’لوه شن’ من أجلي؟”
رفع لين روفي حاجبه متعجبًا:
“ولماذا تحتاج إلى صورة لها؟”
ضحك ليو روغونغ قائلاً: “أريد فقط الاحتفاظ به كذكرى.”
لقد تعامل مع أحداث تلك الليلة كقصة في كتاب لكن القصص تُنسى بسهولة مع مرور الوقت وإذا لم يترك شيئًا يُذكّره بها كان يخشى أن ينساها حقًا يومًا ما مما سيجعله يندم بالتأكيد.
فكر لين روفي في اقتراحه للحظة ثم وافق على طلب ليو روغونغ وقال إنه سيحتاج بضعة أيام لرسم اللوحة وسيُرسلها إليه.
عندما رأى ليو روغونغ أن لين روفي وافق بسرعة كبيرة شعر بالسعادة وقال إنه لن يذكر قضية خلع لين روفي لملابسه مرة أخرى
رد لين روفي بإخلاص أنه لا بأس بذكرها فالشخص الذي خسر ماء وجهه لم يكن هو نفسه (لين روفي)
أصيب ليو روغونغ بالدهشة والغضب في آنٍ واحد.
بعد مغادرة منزل عائلة ليو توجه لين روفي لشراء مستلزمات الرسم وخطط لقضاء بضعة أيام في رسم ملامح “لوه شين”.
على الرغم من أنه لم يكن يمارس فن المبارزة ، إلا أنه كان بارعًا في كل شيء من العزف على آلة القانون ولعبة “غو” إلى الخط والرسم وحتى ان لوحاته تحظى بالثناء ولم يجد صعوبة في نقل جمال شخصية فريدة مثل “لوه شين” إلى الورق.
لكن عندما عاد إلى النُزل ومدّ الورق أمامه ، تردد قبل أن يحرك فرشاته.
رآه غو شواندو متجهّمًا فسأله متعجبًا: “لماذا لا ترسم؟”
نظر إليه لين روفي وأجاب بضحكة مشوبة بالبكاء: “عندما أفكر في لوه شين ، كل ما يخطر ببالي هو شكل ذلك الرجل ذو اللحية الطويلة—”
انفجر غو شواندو بالضحك.
شعر لين روفي بالضيق من استمتاع غو شواندو بمحنته فتنهد وهو يمسك جسر أنفه بوجه مفعم بالقلق: “ماذا أفعل الآن؟”
فكر غو شواندو قليلاً ثم قال: “هل تريد حقًا أن ترسمها؟”
رد لين روفي: “لقد وعدت ليو روغونغ.”
قال غو شواندو: “إذن دعني أساعدك.”
وما إن انتهى من حديثه حتى هزّ أكمامه الطويلة ، فتحول فجأة إلى هيئة “لوو شين”.
تجمد لين روفي في مكانه وقال: “اه معلم …”
“من تنادي بالمعلم ، همم؟”
تحدث غو شواندو الذي أصبح الآن في هيئة “لوه شين” بابتسامة ساحرة مليئة بالفتنة كانت أكثر جاذبية حتى من “لوه شين” الحقيقية وبينما كان يتحدث اقترب بخطوات رشيقة من لين روفي
ووقف أمامه قائلاً: “من الأفضل أن تتذكر هذا الوجه جيدًا.”
لين روفي: “……” معلم ، أنت تعرف حقًا كيف تُبالغ.
عندما رأى غو شواندو ملامح الخوف على وجه لين روفي ضحك بشدة ثم عاد إلى هيئته الأصلية وأشار بإصبعه نحو ورق الرسم على الطاولة: “هل تذكرت الآن؟”
أجاب لين روفي مطيعًا: “تذكرت.”
رفع فرشته وبدأ في الرسم.
استغرق الأمر منه خمسة أيام لإكمال اللوحة وخلال هذه الفترة لم يغادر لين روفي النُزل أبدًا كاد كل من فو هوا ويو روي أن يصيبهما القلق الشديد ، حتى أنهما سألتا صاحب النُزل سرًا عن أي معبد موثوق قريب للعبادة معتقدتين أن السيد الصغير ربما وقع تحت تأثير ساحرة جميلة.
لحسن الحظ زار ليو روغونغ النُزل في منتصف هذه الفترة وأخبرهما أن لين روفي كان يرسم أحد أصدقائه وعندما سمعت فو هوا ويو روي ذلك تنفستا الصعداء أخيرًا.
بعد أن أنهى اللوحة ، سلم لين روفي اللوحة بنفسه إلى منزل عائلة ليو.
شعر ليو روغونغ بسعادة كبيرة عندما رأى الورق، لكن عندما أمسكها بيده شعر بشيء غريب وسأل: “لين غونغزي ، لماذا هناك ورقتان؟”
أجاب لين روفي بهدوء: “رأيت لوه شين مرة أخرى قبل بضعة أيام.”
لم يفهم ليو روغونغ: “وماذا في ذلك؟”
تابع لين روفي قائلاً: “كان هناك تغيير طفيف في مظهرها ، لذلك رسمت… مظهرها في كلا الحالتين.”
تألقت عيون ليو روغونغ وتفاجأ قائلاً: “إذاً هكذا هو الأمر!”
تنهد لين روفي بعمق ثم مد يده وأعطى ليو روغونغ ضربة ثقيلة على كتفه ،وبنبرة تحمل جدية لم يستطع ليو روغونغ فهمها: “أخي ، زفاف سعيد.”
كانت هذه اللوحة هدية زفافه له.
لم يكن ليو روغونغ منتبهًا فظن أن لين روفي يمزح معه فابتسم وقال شكرًا.
ثم نهض لين روفي دون تردد وقال وداعًا دون أن ينتظر ليو روغونغ ليفتح اللوحات.
لم يكن ليو روغونغ في عجلة من أمره ، ودع لين روفي أولًا ثم عاد إلى الغرفة وفتح اللفائف التي قدمها له لين روفي بعناية.
ظهرت أمامه امرأة جميلة ترتدي الأخضر ، عيونها لامعة وأسنانه بيضاء بدت حقًا مشرقة ومتألقة مثل زهرة اللوتس التي تقف في الماء النقي
عندما نظر ليو روغونغ إلى الجمال في اللوحة ظهرت ابتسامة خفيفة ثم فتح اللفافة الثانية ولكن عندما رأى الشخصية في اللوحة الثانية ، تجمدت الابتسامة على وجهه وتحولت إلى حيرة ثم شك ، وأخيرًا ذهول…
اللفافة الثانية كانت لرجل ذو لحية طويلة يرتدي ملابس خضراء وجهه مشرق وعيناه كالشعلة كان يحمل سيفًا وتبدو عليه هالة قاتلة
كان المنظر مروعًا.
صُدم ليو روغونغ بالفعل ، لكنه لم يُصدم بسبب مظهر اللوحة بل بسبب ما قاله لين روفي.
قال لين روفي: “رأيت لوه شين مرة أخرى قبل أيام قليلة ، وكان هناك تغيير طفيف في مظهرها”
— كان معنى هذه الجملة واضحًا جدًا لدرجة أن ليو روغونغ حتى لو أراد التظاهر بعدم فهمه لم يستطع.
هذا كان مظهر لوه شين الحالي.
خفض ليو روغونغ رأسه بلا تعبير وألقى نظرة على سيفه المعلق على خصره.
اصدر السيف صوتاً ولم يمنح ليو روغونغ أي اعتبار.
كان حقًا يستحق أن يكون سيفه فكر ليو روغونغ
كان حقًا له شخصية… بينما فكر في ذلك ابتسم وأعاد لف اللفافتين بعناية.
بعد سنوات عديدة عندما يورث أحفاد عائلة ليو ممتلكات ليو روغونغ الخاصة ويتعلموا أن هؤلاء كانا شخصين من الأشخاص المفضلين عنده سيقومون بأخذ إحدى اللفائف وفتحها بعناية.
ثم يرون العيون الغاضبة في اللوحة وكأن الرجل الضخم في اللوحة على وشك رفع سيفه لقتل فزع أبناء عائلة ليو معتقدين أن هواية جدهم كانت فريدة جدًا في النهاية لم يجرؤوا على فتح الثانية وأغلقوها بعناية.
غادر لين روفي منزل ليو بسرعة كان يخشى أن ليو روغونغ الذي بدأ يعي الأمر أخيرًا سيأتي للبحث عن مشاكل معه
كان غو شواندو يضحك بلا توقف بجانبه قائلاً: “شياو جيو ، ماذا كنت تفكر به ؟”
سعل لين روفي وجمع حقائبه ولم ينس أن يشرح لغو شواندو قال مستسلمًا إنه في الواقع لم يرغب في فعل ذلك ولكن مظهر الرجل ذي اللحية الطويلة كان مستحيلًا أن يتخلص منه وبعد بعض التردد أخيرًا رفع فرشته ورسم مظهر لوه شين.
أما رد فعل ليو روغونغ عندما يرى اللوحة فلم يكن ضمن تفكيره.
أنهى لين روفي جمع حقائبه واستدعى فو هوا ويو روي للركوب معًا في العربة ومع صوت حوافر الخيول المتسارعة انطلقت العربة بعيدًا عن مدينة غوسو.
كانت الوجهة التالية هي مدينة أخرى تبعد ألف ميل عن مدينة غوسو كان هناك مبارز قوي في تلك المدينة لم يكن من عائلة نبيلة ولكنه كان مشهورًا جدًا في الجيانغهو شمل دعوة كونلون هذه المرة أيضًا له.
كان الجو يزداد حرارة فوضعت فو هوا الكثير من الثلج في العربة لتبريدها اثناء اكل لين روفي لحساء بذور اللوتس الباردة الذي صنعته يو روي وهو ينظر إلى الشمس الحارقة خارج العربة.
هذه المرة كانت يو روي تشاهد لذا كان من الصعب على لين روفي أن يقدم الطعام لغو شواندو
حدق غو شواندو في لين روفي بتعبير جاد وهذا النظرة جعلت لين روفي يشعر بالأسف نوعًا ما.
لم يكن أمامه سوى أن يركز على ما امامه
خارج مدينة غوسو ، وبعد مئة ميل بدأ المشهد يصبح أكثر فقراً بعد حوالي عشرة أيام من السفر ، بدأت المباني المنظمة تتحول تدريجيًا إلى بيوت طينية متداعية وقصيرة.
وكان الطريق مليئًا بموجات من القمح الأخضر وأصبح ظهور التجار على الطريق أقل وأقل.
كانت نسائم الصيف حارة وجافة وحفّت الهواء آخر بقايا البرودة تحت ظل الأشجار ومع ذلك لم يهتم الأطفال حافي القدمين على الإطلاق
كانت جلودهم قد احترقت حتى أصبحت داكنة لكنهم ما زالوا يركضون ويلعبون على جانبي الطريق تحت أشعة الشمس الحارقة.
لحسن الحظ عربتهم أقتربت من مفترق طرق
فتوقفت فو هوا عن القيادة وحاولت أن تجد طفلًا عشوائيًا لسؤاله عن الطريق.
من لم يكن في الحسبان هو أن الأطفال بمجرد أن رأوا العربة أظهروا ملامح الخوف وتفرقوا في كل اتجاه بينما بقي طفل نحيف في نفس المكان عندما رأت فو هوا الموقف هرعت بسرعة نحو الطفل وجلست على ركبتيها وبدأت تناديه.
كان هذا الطفل نحيفًا جدًا لكن عينيه كانتا كبيرتين بشكل مفاجئ وهو يحدق في فو هوا بنظرة فارغة.
“صديقي الصغير ، أي طريق يؤدي إلى قرية عائلة فو؟” سألَت فو هوا.
كانت تعبيرات الطفل تبدو بطيئة بعض الشيء كأنه لا يفهم ما قالته فو هوا ولم يمد يده ليوجه الطريق إلا بعد أن كررت فو هوا السؤال ثلاث مرات بصبر.
عندما رأته فو هوا شعرت ببعض القلق فقد كان الطفل يمد يده عشوائيًا أرادت أن تسأل المزيد من الأسئلة لكن الطفل كان يتلعثم ولم يستطع الكلام بوضوح.
لم يكن أمام فو هوا خيار سوى أن تأخذ قطعة من الحلوى وتضعها في يد الطفل كانت تنوي أن تجد آخر لسؤاله.
لكن، من لم يكن متوقعًا هو أن الأطفال الآخرين جاءوا حولها فورًا وعندما رأى الطفل النحيف الموقف أسرع وابتلع الحلوى التي في يده مباشرة لم يجرؤ حتى على مضغها وابتلعها بالكامل كانت الحلوى كبيرة جدًا لدرجة أنها علقت في حلقه مباشرة بدأ وجهه يتحول إلى اللون الأزرق بسبب نقص الأكسجين فصرخت فو هوا بخوف وبسرعة حملت الطفل وضربت ظهره بقوة.
سعل الطفل مرتين بصعوبة ، ثم بصق الحلوى من حلقه.
امتلأت عينيه بالدموع لكنه لم يجرؤ على البكاء وكان تصرفه التالي أن مد يده ليأخذ الحلوى التي سقطت على التراب.
لكن كانت حركة الأطفال الآخرين أسرع من حركته بمجرد أن أمسكوا بالحلوى لم يهتموا بالتراب الذي غطاها وابتلعوا الحلوى بسرعة
بدت نظرتهم الجائعة وهم يبتلعون الحلوى مشابهة تمامًا لتلك التي كان يظهرها الطفل الذي كانت فو هوا تحمله.
فوجئت فو هوا بهذا الموقف وأمسكت بوجه الطفل ووبخته بغضب: “كيف يمكن أن تأكل هكذا ، ماذا لو اختنقت؟”
لم يبكِ الطفل رغم أنه تم قرصه لكنه كان ينظر إلى حشد الأطفال الذين يتنافسون على الحلوى ، وفقط عندما رأى الحلوى يتم تقاسمها من قبل الأطفال الأكبر سنًا بدأت دموعه تتجمع في عينيه لم تستطع فو هوا تحمل رؤية الأطفال يبكون، مما جعلها في حالة من الارتباك الشديد.
لاحظ لين روفي أيضًا الموقف خارج العربة رفع الستارة ولاحظ فو هوا والطفل تردد لحظة ثم أشار إلى فو هوا ليحضر الطفل إلى العربة كان الطفل نحيفًا وهزيلًا لدرجة أنه لم يتحرك في ذراعي فو هوا
بدا أشبه بدمية فقيرة مصنوعة من القش.
سأل لين روفي: “ما المشكلة؟”
سارعت فو هوا في شرح ما حدث عندما كانت تسأل الطفل عن الطريق وكيف علقت الحلوى في حلقه وعندما انتهى لين روفي من الاستماع نظر إلى الطفل الذي كانت دموعه تتجمع في ذراعي فو هوا وقال بصوت دافئ: “صديقي الصغير ، هل هناك أي ألم؟”
كان الطفل صغيرًا جدًا ، والحلوى من المحتمل أن تكون قد أذت حلقه.
استجاب الطفل ببطء ، واستغرق الأمر وقتًا طويلًا قبل أن يهز رأسه.
لم يتعجل لين روفي في ذلك بل طلب من يو روي أن يخرج منشفة مبللة لتمسح وجه الطفل الملطخ برفق.
هدأ الطفل تدريجيًا واختبأ في ذراعي فو هوا ولم يتحرك سأل لين روفي بعض الأسئلة وأجاب عليها الطفل بشكل متقطع.
قالت فو هوا معقدة الجبين: “ماذا نفعل؟ إذا رأى والديه هذا ربما سيعاتبوننا.”
رغم أن نيتها كانت طيبة عندما قدمت الحلوى ، لكنها لم تأخذ في اعتبارها أن حلق الطفل صغير
لحسن الحظ لم يحدث شيء خطير…
سأل لين روفي: “هل رحل الأطفال في الخارج جميعًا؟”
خرجت فو هوا لتتفقد ثم قالت بيأس: “رحلوا منذ فترة.”
فقد أكلوا الحلوى وتفرقوا ، والآن لا تعرف أين ذهبوا.
بعد تفكير وضع لين روفي عينيه على الطفل أمامه مد يده وأشار إلى فو هوا ليعطيه الطفل.
بدا الطفل واضحًا أنه خائف قليلاً لكنه لم يجرؤ على المقاومة
وعندما وضع في ذراعي لين روفي أصبح قاسيًا كالحجر
لم يتوقع لين روفي أن يكون الطفل خفيفًا جدًا كان أشبه بهيكل عظمي مغطى بطبقة من الجلد
وبدت عيناه السوداوان كبيرتين لدرجة أنها كانت مخيفة . حاليًا ، كان يختبئ ولم يجرؤ على النظر إلى لين روفي.
سأل لين روفي: “صديقي الصغير ، أين والداك؟”
لم يرد الطفل على الفور.
سأل لين روفي مجددًا: “هل تعرف كيف تصل إلى قرية عائلة فو؟”
أومأ الطفل برأسه.
قال لين روفي: “هل هو إلى اليسار أم إلى اليمين؟”
“إلى اليسار…” أجاب الطفل بشكل غير واضح.
بناءً على هذه الطريقة ، سأل لين روفي بصبر لفترة طويلة أخيرًا تمكن من معرفة حالة الطفل.
كان منزله في قرية عائلة فو لكن وضع والديه غير معروف و قد ظهر على هذا الطريق الرسمي.
سأل لين روفي إذا كان يريد العودة إلى قرية عائلة فو فأومأ الطفل برأسه مرارًا وعندما رأى ذلك قال لين روفي بتردد: “ماذا لو أخذناه معنا؟ يجب أن يكون من أفراد قرية عائلة فو.”
أومأت فو هوا بالموافقة وقالت نعم.
ثم انطلقت العربة مجددًا ، ولكن هذه المرة كان هناك طفل صغير مشوش في العربة.
تعليقات: (0) إضافة تعليق