Ch79
جنوب يونشيانغ كانت هناك منطقة تُدعى “وُويو” موطن عشيرة السحرة
مقارنة بالأماكن الأخرى كانت وويو تقع في وادٍ طويل وضيق محاطة بالجبال والمياه
كان تضاريسها مغلقًا ومع كونها موطنًا للسحر كان الغرباء يشعرون بالخوف من زيارتها
بالنسبة لمعظم الناس بدت مكانًا غامضًا للغاية أول معرفة للين روفي مع عشيرة السحرة كانت من خلال تشي يانشنغ الذي التقاه سابقًا في عائلة منغ
ومع ذلك بدا أن تشي يانشنغ يمتلك شخصية لائقة ولم يكن غريبًا كما تُصور الشائعات عن عشيرة السحرة.
ملاحظة
• تشي يانغشنغ تم ذكره بالفصل الثامن والعشرون وما بعده
أوضح غو شواندو أن كون عشيرة السحرة غريبة الأطوار هو في الحقيقة سوء فهم بسبب عزلتهم عن العالم وعدم معرفتهم بقواعد العالم الخارجي نادرًا ما يغادرون وويو إلا في حالات خاصة مما جعل الغرباء ينظرون إليهم نظرة غريبة بالطبع أمثال تشي يانشنغ الذي كان بارعًا في بناء العلاقات الاجتماعية كانوا قلة نادرة إذ أن معظم أفراد عشيرة السحرة كانوا انطوائيين إلى حد ما.
همس لين روفي: “الشخص الذي جاء إلى غرفتي منذ يومين… كان أيضًا من عشيرة السحرة ، أليس كذلك؟”
أومأ غو شواندو برأسه.
سأل لين روفي: “ما اسمه؟”
أجاب غو شواندو: “وو آو.”
علّق لين روفي بابتسامة: “اسم جيد يبدو مثل صوت تشي يو عندما يبكي: وو آو وو آو.”
كاد غو شواندو ينفجر بالضحك.
فكر لين روفي : “هذا الشخص يبدو ذا مزاج غريب توقعت أنه سيأتي ليبحث عن المشاكل معي لكن ما فعله فاجأني حقًا ولكن إذا كان لديه نوايا حسنة تجاهي فلماذا أصاب شين ووتسوي؟ وحتى أختي تأذت أيضًا.”
اكتفى غو شواندو بابتسامة صامتة وهز رأسه.
تساءل لين روفي: “إذا ذهبنا إلى وويو هذه المرة ألن نذهب مباشرةً إلى مسقط رأسه؟ لا أحب هذا الشخص هل سنلتقي به مرة أخرى؟”
تنهد غو شواندو وأجاب بنبرة تحمل القليل من الاستسلام: “لا يهم أين نذهب سنلتقي به على أي حال.”
استمر الاثنان في الحديث لبعض الوقت حتى تمتمت يو روي: “مع من تتحدث يا غونغزي؟”
عندها فقط صمت لين روفي مبررًا أنه كان يحفظ كتابًا.
كانت يو روي تمضغ حلوى الذرة وتنظر إليه بشك وفي قلبها كانت قلقة بعض الشيء معتقدةً أن “هستيريا” غونغزي بالحديث مع نفسه لن تتحسن أبدًا…
نظر إليها لين روفي وقال: “أنتِ تأكلين الكثير من الحلوى يوميًا ألا تخافين على أسنانكِ؟”
ابتسمت يو روي وأظهرت صفًا من الأسنان البيضاء الصغيرة قائلةً: “لست خائفة أعتني بأسناني جيدًا.”
لكن تعليق لين روفي تحقق بالفعل ففي الليلة التالية انتفخ وجه يو روي من أحد الجانبين فحصتها فو هوا وبينما تضغط على فمها قالت بقلق: “يو روي هل حقًا نظفتِ أسنانكِ جيدًا؟ أسنانكِ تالفة للغاية…”
بدأت يو روي بالبكاء وقالت: “حقًا فعلت.”
سألت فو هوا: “إذن لماذا تلفت أسنانك؟”
تنهد لين روفي وقال: “رغم أنها نظفت أسنانها لكنها كانت تمضغ حلوى الذرة التي أعطاها لها حبيبها أثناء النوم من الطبيعي أن تتلف أسنانها.”
بدأت يو روي بالبكاء بحرقة قائلةً إنه خطأ هي وانشيانغ ذلك الشرير ، الذي جعل الحلوى لذيذة للغاية.
غضبت فو هوا ولكنها لم تستطع إلا أن تجد الأمر مضحكًا فأمسكت بأنف يو روي وقالت مازحة: “حتى الأشياء اللذيذة تحتوي على السكر إذا أكثرتِ منها لن تفسدي أسنانكِ فقط بل ستصبحين سمينة أيضًا دعينا نرى إن كان هي وانشيانغ سيظل يحبكِ وأنتِ سمينة.”
زادت يو روي في بكائها.
ضحك لين روفي وقال لفو هوا أن تتوقف عن إخافتها وفي تلك اللحظة ظهر تشي يو برفقة ابنه عندما رأى يو روي تبكي مثل زهرة الكمثرى تحت المطر
عبس وسأل: “كيف يمكنك يا غونغزي أن تؤذي خادمتك؟”
تنهد لين روفي طويلاً وأجاب: “ليس لدي قلب لأفعل ذلك.”
ثم شرح لتشي يو قصة الحلوى وتلف الأسنان.
عندما سمع تشي يو القصة ضحك بصوت عالٍ، مما أثار غضب يو روي التي سحبت شعره بشدة ومع ذلك لم يقاوم بل استلقى في حضن فو هوا مثل كعكة مسطحة وبدا مرتاحًا تمامًا.
احتضن لين روفي يي مو الصغير وتساءل عن سبب كون تشي يو يشبه “الوغد.”
سأل غو شواندو بمكر: “إذا كان تشي يو وغدًا فماذا ستكون أنت؟”
أجاب لين روفي مترددًا: “أب بديل ؟”
لم يعلق غو شواندو على الإجابة لكنه ألقى نظرة متفكرة على تشي يو.
رغم أن وجهتهم التالية كانت وويو إلا أن لين روفي ظل يشعر بالخوف من وو آو حاول غو شواندو تهدئته قائلًا ألا يقلق كثيرًا موضحًا أن وو آو لن يؤذيه وإن حدث شيء، فسيكون غو شواندو هو المستهدف.
تساءل لين روفي عن سبب كره وو آو لغو شواندو فأجاب غو شواندو بابتسامة: “هذا ليس كرهًا بل غيرة.”
تعجب لين روفي: “غيرة؟ على ماذا؟”
أجاب غو شواندو: “بالطبع هو يغار لأن لدي شخصًا بجانبي انظر إلى حاله قبل مئات السنين كان لديه ذلك الثعبان الأسود فقط وبعد مئات السنين ما زال لديه ذلك الثعبان الأسود فقط حتى أنا لا أستطيع تحمل رؤيته.”
قال غو شواندو ذلك بلهجة مازحة مما جعل لين روفي يبتسم لكن ابتسامته كانت ممزوجة بالقلق في النهاية لم تكن المشاعر التي منحها وو آو للين روفي مريحة أبدًا.
كان هذا المكان قريبًا من البحر ومع بداية الخريف لم يعد الطقس حارًا أمطرت السماء بغزارة هذا العام وكانت الأمطار الخريفية جالبةً للبرودة والهدوء منذ مغادرة لين روفي لعائلة شين لم تشرق الشمس ولو لمرة واحدة مما جعله يشعر براحة لا تُضاهى.
كانت الرحلة من عائلة شين إلى وويو تستغرق حوالي عشرة أيام وربما أطول إذا قرر التمهل وكلما اقترب من وويو زاد إحساسه بازدراء الناس من حوله تجاه هذا المكان. بمجرد أن يسمعوا وجهته كانت تعلو على وجوههم علامات الخوف أو عدم الرضا.
قال مضيف في النُزُل بحماس: “غونغزي ، هل حقًا تريد الذهاب إلى وويو؟”
لكنه بعد سماعه استفسار لين روفي عن الاتجاهات عبس وقال: “هذا المكان شرير جدًا يُقال إن من يدخله لا يخرج أبدًا.”
سأل لين روفي: “هل هو بهذه القوة؟”
أجاب: “بالتأكيد إذا كنت تريد الذهاب فاتبع الطريق الكبير باتجاه الشرق واستمر بالسير لكن فكّر جيدًا قبل أن تفعل غونغزي لماذا تريد الذهاب هناك؟”
تردد لين روفي قبل أن يقول: “لأمرٍ ما.”
هزّ المضيف رأسه بتنهيدة وقال إنه من الأفضل ألا يفعل ذلك واصفًا وويو بالمكان الذي لا يجرؤون على الاقتراب منه حتى لو لم يدخلوه كانوا يشهدون أشياء غريبة تتعلق به مما جعل كل ما يرتبط بوويو يبدو سيئًا.
استفسر لين روفي بفضول: “أشياء غريبة؟”
أجاب المضيف: “نعم.”
تابع لين روفي: “مثل ماذا؟”
ثم أخرج مكافأة نقدية من كمه وسلّمها له
ابتسم المضيف فور رؤية المال وأخذ يروي: “وويو تقع في منتصف الوادي والطريق الشرقي هو الطريق الوحيد المؤدي إلى الداخل الناس هنا يتجنبون هذا المكان لذلك نادرًا ما يذهب أحد إليه حتى عامٍ معين… كان ذلك أيضًا في الخريف وفجأة غطى الضباب الطريق.”
خفض المضيف صوته متعمدًا وأخذ نظرة مرعبة مما جعل يو روي تمسك بيد فو هوا وتنظر إليه بعيون واسعة مليئة بالخوف.
أكمل شياو إر: “حدث أن شخصًا كان يمر بالجوار وشاهد عشرات الأشكال الظلية تظهر داخل الضباب في البداية اعتقد أنهم أناس عاديون يمرون، لكنه سرعان ما شعر بأن هناك خطبًا ما كانت حركاتهم جامدة ولم يكن سيرهم طبيعيًا كالبشر بل كانوا يقفزون كلما نظر إليهم ازداد شعوره بالغرابة وقبل أن يقرر المغادرة فوجئ بيدٍ تمسك بكتفه بقوة من الخلف…”
ثم فجأة رفع صوته: “وفقد وعيه وعندما وُجد لاحقًا كان بين تلك الأشكال شخص آخر أضيف إليهم!”
صرخت يو روي وفو هوا خوفًا لكن لين روفي استمع باهتمام شديد وعلّق: “قصة جيدة.”
سأل المضيف بدهشة: “ألا تخاف يا غونغزي؟”
أجاب لين روفي بهدوء: “لا أخاف تبدو لي كقصة ملفقة.”
استغرب المضيف وسأل: “لماذا؟”
ابتسم لين روفي وأوضح: “إذا كان ما حدث له حقيقيًا ، فمن أخبركم بالقصة؟ هل يمكن للأموات أن يتحدثوا؟…”
توقف للحظة ثم تذكر مو تشانغشان وتأمل بصوت منخفض: “لكن يبدو أن الأموات يمكنهم التحدث أحيانًا.”
تمتمت يو روي بصوت مرتجف: “غونغزي رجاءً لا تُرعبنا هذا المكان مخيف جدًا هل علينا حقًا الذهاب إليه؟”
أجاب لين روفي بثقة: “بالطبع ألا يبدو مثيرًا للاهتمام؟”
كان واضحًا أن لين روفي وحده وجد وويو ممتعة أما المضيف وخادماته فقد بدت على وجوههم علامات الرفض وبعد أن فقد المضيف الأمل في إقناعه
اكتفى بالنصيحة: “إذا قررت الذهاب من الأفضل أن تُرسل تحية لعائلتك أولًا لتجنب قلقهم إذا اختفيت فجأة.”
شكر لين روفي نصيحته وأدرك أنه ربما حان الوقت لإرسال رسالة إلى كونلون.
عندما عاد لين روفي إلى غرفته سأل غو شواندو عن صحة القصة
أجاب غو شواندو: “قد تكون صحيحة عشيرة السحرة بارعة جدًا في هذا النوع من الأمور أحيانًا يقبلون مهام من الخارج لذا من الطبيعي أن يُشاهدوا لكن أعتقد أن الجزء الأخير من القصة أُضيف إليه بعض المبالغات.”
تأمل لين روفي وقال: “صحيح معظم الأساطير الشعبية عادةً ما تكون مغموسة ببعض الزيت والخل.”
ملاحظة
• مغموسة بزيت وخل يعني يزيدون بهارات بالقصة عشان تصير مثيرة للاهتمام اكثر *
قضى لين روفي الليلة في النزل وكان ينوي دخول وويو في صباح اليوم التالي لكن عند استيقاظه وجد أن الخارج قد غطته طبقة كثيفة من الضباب كان الضباب شديد الكثافة لدرجة أنه لم يتمكن من رؤية ما كان على بعد خطوات قليلة فقط.
تساءلت فو هوا بقلق: “يا غونغزي ، هل ما زلنا سنذهب؟”
بعد قصة الأمس كانت هي ويو روي متوترتين للغاية، واليوم جاء الضباب مما زاد من خوفهما في النهاية كانتا لا تزالان فتاتين صغيرتين لو كانت لين ويروي هنا تلك الطفلة الشقية لربما انطلقت بحماس فور رؤية الضباب.
قال لين روفي: “دعونا ننتظر عادةً ما يتلاشى الضباب عند الظهر وعندما يحدث ذلك سننطلق.”
زفرت فو هوا ويو روي أنفاسهما بارتياح.
لكن الطقس لم يتوافق مع توقعاتهما؛ بدا أن هذا الضباب لم يكن ضبابًا جبليًا عاديًا حتى بعد شروق الشمس لم يظهر أي نية للتبدد.
اضطر لين روفي إلى سؤال المضيف في النزل عن موعد اختفاء الضباب.
أجاب “يصعب القول عادةً ما يتلاشى عند الظهر لكن إذا لم يتلاشى قد يستمر لبضعة أيام حدث مرة أن استمر أكثر من عشرة أيام غونغزي هل تنوي الدخول حتى مع وجود هذا الضباب الكثيف؟”
سأل لين روفي: “هل يمكن أن نضيع الطريق؟”
أجاب شياو إر: “لا أعرف إن كنا سنضيع لكن الطريق الوحيد المؤدي إلى الداخل واضح أما ما يحدث داخل وويو فلا أحد يعلم.”
فكر لين روفي: “سأنتظر حتى الغد وإذا لم يتبدد الضباب سأدخل عبر الطريق الرئيسي.”
كان يثق في وجود غو شواندو بجانبه واعتقد أن الأخير يعرف وويو جيدًا بما يكفي لتجنب أي مفاجآت كبيرة
حاول المضيف إقناعه مجددًا لكنه عندما رأى إصرار لين روفي غادر بتنهيدة.
في اليوم التالي لم يتغير الطقس على الإطلاق؛ كان الضباب لا يزال كثيفًا ومرعبًا ولم يكن أحد يعرف متى سيتبدد قرر لين روفي أنه لن ينتظر أكثر وصعد إلى العربة مع خادمتيه.
كانت فو هوا ويو روي خائفتين بعض الشيء لذلك طلب منهما لين روفي الجلوس داخل العربة بينما قادها بنفسه بالطبع لم تتقبلا الأمر بسهولة في البداية فمن غير المعقول أن يجلس الخدم براحة داخل العربة بينما يقوم سيدهم بالعمل الشاق لكنه ببساطة ابتسم وقال لهما: “إذا كنتما تقودان العربة، ألا تخافان من يدٍ مفاجئة تمتد من الخلف لتربت على أكتافكما؟”
نجحت كلماته في تخويفهما شحبت وجهيهما ودخلتا العربة بصمت ومع ذلك رفضتا إغلاق الستائر وأصرتا على مراقبة ظهر سيدهما لحمايته.
ضحك لين روفي من رد فعلهما بينما علق غو شواندو قائلاً: “يبدو أن شياو جيو قد أصبح أكثر مكراً.”
نظر إليه لين روفي وقال بابتسامة: “تعلمتُ ذلك منك، يا معلم.”
غو شواندو: “……”
تذمر لين روفي بغضب مفاجئ: “تبًا ، هذا الضباب كثيف للغاية.”
غو شواندو: “……” هل تعلمتَ هذه الشتيمة أيضًا مني؟
شعر غو شواندو بصداع بسبب هذه العبارة فكر في عائلة “هي” التي يبدو أنه لا يمكنه تجنب تأثيرها لكنه عند رؤيته لين روفي يضحك سعيدًا وكأنه وجد تعبيرًا جديدًا يعبر عن حالته المزاجية لم يستطع سوى أن يفكر كيف يمكنه محو تلك العبارة من ذاكرته.
ولكن في الوقت الراهن كان ذلك مستحيلًا أمسك لين روفي بالسوط وقاد العربة ببطء على الطريق الشرقي كان الضباب كثيفًا جدًا لذلك لم يجرؤ على الإسراع فهو لم يكن على دراية بالطريق ولم يكن يستطيع رؤية العوائق من حوله.
ومع تقدمه في الطريق بدأت المشاهد المحيطة تتغير تدريجيًا من خلال الضباب الكثيف شعر لين روفي بظهور جبال شاهقة من حوله وكان ذلك غريبًا إذ إن هذه المنطقة كانت في الأصل سهلًا فلم يفهم من أين جاءت تلك الجبال.
سأل لين روفي: “أيها المعلم هل ما زال الوضع كما كان عندما زرت هذا المكان سابقًا؟”
أجاب غو شواندو: “تقريبًا وويو منطقة منعزلة وأعمار سكانها طويلة جدًا لذا لا أعتقد أن الكثير قد تغير خلال مئات السنين.”
ثم أضاف بشيء من العاطفة: “فقط لم أتوقع أن وو مين قد مات كنت أظن أنه سيعيش أكثر مني.”
سأله لين روفي: “هل كنتما قريبين جدًا؟”
وبعد أن طرح السؤال شعر أن سؤاله كان سخيفًا بالطبع لو لم يكن غو شواندو على علاقة جيدة بوو مين لما سلّمه قلبه ليحفظه.
بدأ غو شواندو بسرد بعض الحكايات عن الماضي موضحًا أنه وو مين كانا متقاربين في العمر ومتشابهين في الطباع في البداية ، لم يكن الاثنان على وفاق ولم تتحسن علاقتهما إلا بعد حادثة غيّرت من طباع غو شواندو بشكل جذري وهكذا، أصبحا صديقين مقربين عن طريق الصدفة بعد أن كانا على خلاف دائم.
سأل لين روفي: “لابد أن الكثير من الأحداث وقعت في ذلك الوقت، أليس كذلك؟”
أجاب غو شواندو بتكاسل: “الكثير جدًا في ذلك الزمن لم يكن هناك سلام كالذي نعيشه الآن قبل إنشاء التشكيل العظيم ياوغانغ كانت الشياطين تعيث فسادًا في كل مكان ومع انتشار الشياطين أصبح المزارعون أكثر قوة في ذلك الوقت كان عدم الزراعة يعني الموت أما اليوم فعدم الزراعة يجعل الشخص مجرد إنسان عادي.”
طلب لين روفي بفضول: “أيها المعلم ، اخبرني المزيد.”
كان فضوله واضحًا إذ إن الروايات الشفهية تكون أكثر وضوحًا وإثارة من السجلات التاريخية
تابع قائلًا: “الجميع يقول إن الحاكم السماوي بذل كل جهوده لوضع التشكيل العظيم لحماية الأرواح وأنه تضرر بشدة في أثناء ذلك، ولم يظهر مجددًا إلا بعد سنوات طويلة من الصمت إنشاء التشكيل العظيم كان صعبًا ، أليس كذلك؟”
نظر غو شواندو إليه بعمق وأجاب: “كان صعبًا للغاية.”
تابع لين روفي بسؤال آخر: “هل تعرضت لإصابات بالغة في ذلك الوقت؟”
رد غو شواندو: “بالغة جدًا.”
ثم أضاف بنبرة تحمل شيئًا من الحزن: “الحاكم السماوي كان الأكثر رحمة ولكنه أيضًا الأكثر بعدًا عن الحب ورغم أنه أنقذ الأرواح بإنشائه للتشكيل العظيم إلا أنني لا أعلم كم من القلوب حطم من حوله.”
شعر لين روفي ببعض الغرابة بدا غو شواندو وكأنه يتحدث عن الحاكم السماوي كشخص آخر مع أنه كان الحاكم السماوي نفسه.
سأله لين روفي: “هل ندم المعلم يومًا على ذلك؟”
أجاب غو شواندو: “أنا؟ أندم في كل لحظة لكن الحاكم السماوي لم يعرف الندم قط الحاكم السماوي كما يوحي اسمه وُلد ليكون ملك السماء ملك الملوك محبوبًا من الجميع ومكرّسًا لحماية الجميع.”
ابتسم غو شواندو وهو يتحدث لكن لين روفي شعر بشيء من الكآبة خلف تلك الابتسامة وبعد لحظة من الصمت مدّ يده وأمسك بيد غو شواندو قائلًا بنبرة خافتة: “إن لم يرغب المعلم في الابتسام ، فلا تبتسم.”
تفاجأ غو شواندو وقال: “لم أعتد على أن يأخذ شياو جيو زمام المبادرة.”
ثم قلب يده وأمسك يد لين روفي متشابكًا أصابعهما حاول جاهدًا استعادة معنوياته وتحدث عن أمور أخرى أخف وطأة لإضفاء جو من المرح.
كان الاثنان يتحدثان بشغف بينما كانت فو هوا ويو روي داخل العربة في حالة من الذعر الشديد انكمشت يو روي في أحضان فو هوا واحتضنتا بعضهما وهما ترتجفان سألت يو روي بصوت مرتعش: “أختي فو هوا مع من يتحدث السيد الشاب؟”
ردت فو هوا بصوت مرتجف: “ربما……يتحدث مع نفسه.”
لكن يو روي تابعت: “لكن كيف يمكن أن يكون هناك أسئلة وأجوبة؟ أشعر أن هناك أمرًا خاطئًا هل تعتقدين أن السيدالشاب قد يكون ممسوساً ؟”
حاولت فو هوا التماسك قائلة: “ألم يكن الشاب دائمًا ممسوساً ؟”
ثم تابعت تهدئتها: “اهدئي علينا أن نعتاد على هذا الآن.”
أجابت يو روي: “لكنني لا أستطيع الاعتياد على ذلك.”
ابتسمت فو هوا بمرارة وقالت: “بصراحة……أنا أيضًا لا أستطيع.”
احتضنتا بعضهما بإحكام تحاولان طمأنة نفسيهما وسط الضباب الكثيف بينما استمرتا في الاستماع إلى سيدهما وهو يهمس بصوت يزيد الموقف غرابة.
قضت العربة يومًا كاملًا تسير على الطريق دون أن يعرفوا موقعهم وحتى مع حلول الظلام بقي الضباب كثيفًا.
بعد البحث حوله، اختار لين روفي مكانًا مستويًا نوعًا ما لإشعال النار والتخييم ليلاً كانت فو هوا ويو روي مرهقتين من الخوف طوال اليوم لذا عرض عليهما لين روفي أن ترتاحا أولًا على أن يتولى هو الحراسة في النصف الثاني من الليل.
لكن فو هوا رفضت بشدة وقالت: “السيد الشاب كان مرهقًا طوال اليوم كيف يمكنه السهر أيضًا؟”
وأضافت أنها ستتولى الحراسة في النصف الأول من الليل بينما ستأخذ يو روي النصف الثاني.
كانت يو روي على وشك الموافقة لكنها لاحظت ابتسامة غامضة على وجه لين روفي
وهو يقول: “رغم أن النهار كان هادئًا الا انه لا يمكننا ضمان ما سيخرج ليلًا.”
صرخت يو روي بغيظ: “ايها السيد الشاب ! أنت سيئ للغاية! لا تخفنا عمدًا!!”
ابتسم لين روفي وقال ممازحًا: “وكيف تعلمين أنني أنا سيدك الشاب بالفعل؟”
رمقته يو روي بنظرة غاضبة.
كان الضباب كثيفًا لدرجة أن النهار بدا وكأنه ليل مما جعل يو روي وفو هوا تشعران بالرهبة وعندما قال لين روفي مازحًا: “ربما تكونان قد انشغلتما أثناء النهار وتم استبدال سيدكما وما يقف أمامكما الآن هو شيطان يتخذ شكل الشاب تمامًا…”،
ارتعبت يو روي وصرخت بصوت مرتفع: “آااااااه!!!”
كانت هذه المرة الأولى التي ترى فيها سيدها بمثل هذا المزاح الثقيل وقد أرادت فقط القفز نحوه وضربه بقبضتيها الصغيرة على صدره.
ضحك لين روفي دون توقف وكشف عن مزاحه قائلًا: “حسنًا، حسنًا كيف لو أنام أنا في النصف الأول من الليل وأنتما في النصف الثاني؟ هكذا يمكنكما البقاء معًا ولن تخافا من أن يُسرق أرواحكما.”
رغم أن فو هوا ويو روي كانتا مترددتين ولم تعجباهما الفكرة إلا أنهما وافقتا في النهاية.
أحيانًا يكون الخوف لطيفًا ولين روفي وجد ملامح الخوف على وجهي خادميه ظريفة للغاية وبعد أن أكد عليهما أن تبقيا مستيقظتين ذهب لين روفي للراحة تاركًا فو هوا ويو روي تجلسان حول النار المشتعلة.
كان الليل قد حلّ ومع الضباب الكثيف لم يعد بالإمكان رؤية شيء تقريبًا.
اقتربت يو روي من فو هوا وهمست بخوف: “أختي فو هوا هل تعتقدين أن هناك شياطين هنا حقًا؟”
أجابت فو هوا مطمئنة: “لا تخافي من الشياطين انظري أليس تشي يو شيطانًا أيضًا ومع ذلك هو لطيف للغاية؟”
تمتمت يو روي: “أنتِ محقة.”
ساد الصمت بينهما ولم يبقَ سوى صوت احتراق الحطب في النار شعرت يو روي بالنعاس وبدأت تتثاءب لكنها فجأة شعرت بيد تربت على كتفها. اعتقدت أن فو هوا تذكّرها بشيء لذا فركت عينيها
وقالت: “أختي فو هوا لا تفعلي ذلك أنا خائفة.”
كان ذلك المشهد مرتبطًا دائمًا بقصة الأشباح التي سمعتها
لكن فو هوا استدارت نحوها بتعجب وقالت: “هاه؟ لم أقم بلمسك أبدًا!”
تجمدت يو روي مكانها وسألت بصوت مرتجف: “إذن مَن…؟”
ولم تكد تكمل كلامها حتى شعرت بيد تربت على كتفها مرة أخرى وعندما رفعت رأسها كانت ترى يدي فو هوا مشغولتين أمامها ما يعني أن فو هوا لم تكن الفاعلة أصبح جسد يو روي متيبسًا ووجهها شاحبًا كالأوراق
لاحظت فو هوا تغير ملامح يو روي وفهمت على الفور أن هناك شيئًا خطيرًا ابتلعت ريقها بصعوبة وسألت بصوت خافت: “هل… هل فعلاً شعرتِ بشخص يربت على كتفك؟”
أومأت يو روي برأسها بتصلب
حاولت فو هوا تهدئة نفسها وقالت: “دعيني أتحقق.”
استدارت ببطء لتتفحص ما خلف يو روي لكنها لم ترَ شيئًا كان الضباب يحيط بهما كدوامة مظلمة تمتص كل الضوء والدفء.
قالت فو هوا بصوت متردد: “لا يوجد شيء. لا شياطين ولا أشخاص.”
بدأت يو روي بالبكاء قائلة: “لكنني شعرت بوضوح أن هناك من لمسني!”
وما إن بدأت تبكي حتى سمعا صوت سيدهما يضحك خلفهما ويقول: “هل أنتما خائفتان لهذه الدرجة؟”
صرخت يو روي وهي تبكي: “أيها السيد الشاب! توقف عن المزاح معنا!!! ستقتلنا من الخوف!!!”
من خلال الضباب بدت ملامح سيدهما غامضة بينما كان صوته مليئًا بالضحك: “حقًا؟”
شعرت فو هوا فجأة أن هناك خطبًا ما فأمسكت بيو روي وشدّت رأسها مشيرة بعينيها نحو العربة القريبة منهما لم تكن ستارة العربة مغلقة وإذا ألقتا نظرة يمكنهما بوضوح رؤية لين روفي نائمًا بهدوء داخلها.
لكن إذا كان لين روفي نائمًا في العربة فمن يكون ذلك الذي يقف خلفهما الآن ويبتسم لهما؟
بموت روفي سحب على ابو الطيبة والاخلاق 😂😭
ردحذف