القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch88 | رواية سيف بارد على ازهار الخوخ

 Ch88


لم يُبدِ وو آو أي اعتراض على حديث لين روفي مع مو تشانغشان إذ بدا واثقًا تمامًا في قدرته على التحكم في الجثة التي أعاد إحياءها بنفسه 
وبحركات دقيقة ومتقنة شكّل مو تشانغشان دائرة كاملة باستخدام حبر القرفة القرمزي


كان وو آو يقف جانبًا ، ممسكًا بجسد الحاكم السماوي بين ذراعيه بحذر منتظرًا بصمت إتمام الرسم.

عندما أُكملت آخر لمسة من الدائرة لم يكن لين روفي يعرف ما إذا كان عليه أن يشعر بالارتياح أم بالمرارة على الرغم من أن نبرة وو آو كانت مهذبة إلا أن أفعاله لم تكن قابلة للرفض أُجبر على الدخول إلى الدائرة حيث وضع وو آو تعويذة على جسده.

قال وو آو بابتسامة: “لين غونغزي عندما يُفعَّل التشكيل ستتمكن روحك من دخول جسد الحاكم السماوي حينها لن تستعيد ذكرياتك فقط بل ستتخلص أيضًا من ضعف جسدك الحالي…”


لين روفي يدرك أن وو آو قد اتخذ قراره ولن يتراجع عنه مهما حاول إقناعه ، قرر التزام الصمت وعدم التفوه بأي كلمة

ضحك وو آو وأشار بإيماءة إلى مو تشانغشان الذي فهم الإشارة وتوجه إلى جانب التشكيل. 

بعينيه السوداوين الخاليتين من الحياة حدق بصمت في لين روفي قبل أن يبدأ وو آو بتلاوة تعويذته.

لم يمضِ وقت طويل حتى بدأ التشكيل أسفل قدمي لين روفي يشع ضوءًا أحمر باهرًا إلى جانبه 
كان جسد الحاكم السماوي مستلقيًا
هذه أول مرة يرى فيها ملامحه عن قرب لم يكن هناك أي شبه بينهما ولكن الهالة التي أحاطت بجسديهما بدت مألوفة بشكل غامض أدرك لين روفي سبب تذكُّر وو مين للحاكم السماوي عند رؤيته لأول مرة.

مع ازدياد شدة الضوء المنبعث من التشكيل شعر لين روفي بقوة تسحب شيئًا ما من داخله ساحبة معها حرارة جسده ودفئه

بدأ يشعر بالتعب وثقلت جفونه حتى غرق وعيه تدريجيًا في الظلام.

إلى جانبه، أطلق وو آو صرخة حماسية إلا أن لين روفي لم يعد قادرًا على سماعها بوضوح

وفي حالة من الغياب عن الواقع بدا وكأن لين روفي لمح وجه غو شواندو

غو شواندو يقف على مسافة منه يبتسم بلطف دون وعي مد لين روفي يده ونطق بخفوت: “شواندو…”

غمر الضوء الساطع التشكيل وسقط وعي لين روفي في ظلام عميق.

لم يعلم كم من الوقت مرّ لكن هذا الظلام بدأ يتلاشى تدريجيًا ليكشف عن زاوية مضيئة 
رأى من خلالها طفلًا نحيفًا وصغيرًا جاثيًا في زقاق متسخ يبحث عن طعام عندما لاحظ الطفل وجوده ، رفع رأسه بحذر وحدق فيه بنظرة متوجسة.

سمع لين روفي صوتًا مألوفًا يقول: “أيها الصغير هل تريد شيئًا لتأكله؟”

حدق الطفل في لين روفي وهز رأسه بقوة رافضًا الاقتراب.

“حقًا لا تريده؟” 
جاء الصوت ممتزجًا بضحكة خفيفة 
وكأنه قرأ خجل الطفل. “إنه خبز محشو باللحم ، اشتريته للتو إنه لذيذ.”

استمر الطفل في هز رأسه لكن صوت قرقرة معدته خان جوعه ارتسمت على وجهه علامة خجل 
ونهض بسرعة ليركض مبتعدًا غير أنه لم يخطُ سوى خطوتين قبل أن يتعثر بشيء ويسقط أرضًا بقوة كان صوت السقوط كافيًا ليشعر سامعه بشدة الألم.


بدا الطفل وكأنه في الرابعة أو الخامسة من عمره في مرحلة عمرية يحتاج فيها إلى العناية ورغم شدة سقوطه
لم يبكِ نهض بصمت يمسح عينيه المحمرتي بحذر وبدأ يعرج مبتعدًا.

قال الصوت: “لا تذهب، أيها الصغير.” 

رأى لين روفي نفسه يمد يده ليوقفه ثم يقدم له الخبز المحشو قائلاً: “ممَ تخاف؟ هل تعتقد أنني قد أسممك؟”

صرخ الطفل بصوت غاضب: “أعرف ما تفكر فيه أيها الشرير! لن أتناول طعامك!”

ظل الصوت صامتًا للحظة قبل أن ينفجر بضحكة منخفضة أعاد يده وسحب قطعة من الخبز قضَم منها قضمة كبيرة وابتلعها

ثم قال: “الآن، لم تعد تخاف أليس كذلك؟”

توقف الطفل في مكانه متجمدًا.

سأله الصوت: “ما اسمك؟ أين والداك؟”

ظل الطفل يحدق في قطعة الخبز أمامه ولم يستطع مقاومة ابتلاع ريقه بعد صراع داخلي طويل مد يده أخيرًا وأخذ قطعة الخبز التي قُضم منها وبدأ يقضمها بشراهة وأثناء ذلك

أجاب بصوت خافت: “ليس لدي اسم، ولا… والدان.”

في تلك اللحظة أدرك لين روفي هوية الطفل وهوية صاحب الصوت لقد كانت هذه هي أول لقاء بين الحاكم السماوي وغو شواندو كانت هذه ذكرى تنتمي للحاكم السماوي.

نظر لين روفي بشغف يراقب غو شواندو كما لم يره من قبل.

قال الحاكم السماوي بهدوء: “هل تريد أن تأتي معي؟”

سأله الطفل مترددًا: “إلى أين؟”

أجاب الحاكم السماوي: “إلى ياوغوانغ.”

نظر الطفل إليه بريبة وقال: “ياوغوانغ بعيدة جدًا عبر البحر كيف ستأخذني هناك؟”

ابتسم الحاكم السماوي وقال: “بالطبع سأطير.” 

أطلق صندوق سيفه صوتًا خفيفًا وظهرت أربع وعشرون شفرة تحوم في الهواء حوله
عندما شاهد الطفل هذا المشهد اتسعت عيناه مندهشًا وأسقط حذره تمامًا 
هرع إلى الحاكم السماوي وأمسك بطرف ثوبه 

قائلاً: “يا أيها الخالد! أرجوك خذني معك ، أنا مستعد لفعل أي شيء!” كانت عينيه مغرورقتين بالدموع.

ابتسم الحاكم السماوي وقال: “حسنًا، تعال معي.” 

انحنى قليلًا وأمسك بيدي الطفل الصغير.

شعر لين روفي بلمسة الكف الصغيرة التي كانت ناعمة وخالية من آثار التدريبات لكنها مليئة بتوتر الطفل.

أمسكه الحاكم السماوي وسار به وسأله برفق: “هل تتذكر اسم والدك؟”

هز الطفل رأسه وأجاب بصوت خافت: “لا أتذكر.”

قال الحاكم السماوي: “إذن ستحمل اسمي لقبي غو وانت وُلدت في قارة شواندو ، لذا سأطلق عليك اسم غو شواندو.”

ردد الطفل متسائلًا: “غو شواندو؟ هل هذا اسم جميل؟”

ابتسم الحاكم السماوي وأجاب: “جميل جدًا زهرة الخوخ الأنثوية تُدعى هونغيو والذكرية تُدعى شواندو.” 
بدا في مزاج جيد وقال مازحًا: “ماذا لو جعلنا لقبك غو تاوهوا؟”

ضحك الطفل وقال: “موافق ، موافق!”

كان هذا أول لقاء بينهما وأعمق ذكرى في حياة الحاكم السماوي.


آثار السنوات التي لا تُحصى تحولت إلى شظايا اجتاحت عقل لين روفي دفعة واحدة
أطلق أنينًا منخفضًا من الألم لكنه لم يستطع مقاومتها ولم يكن أمامه سوى الاستسلام للتيار الذي غمره بالكامل.

رأى وو آو مرة أخرى في تلك الرؤية ولكنه شخص اخر كان في حال يرثى لها جالسًا فوق طبقة من الجليد
كان وو آو أكثر نحافة من غو شواندو ملفوفًا في معطف ممزق ، ووجهه مشوب باللون الأحمر بسبب البرودة الشديدة
شفتاه كانتا مزرقتان وكأنه كان على شفا الموت في النهر المتجمد أمسك بيد الحاكم السماوي وبكى بصوت منخفض قائلاً: “هل ستتركني هنا؟”

أجابه الحاكم السماوي وهو يحتضنه ليمنحه الدفء: “لا، لن أتركك هنا.”

تساءل وو آو، وهو يحدق به بنظرة مشبعة بالرجاء: “حقًا؟ لن تتركني وحدي؟ المكان هنا بارد جدًا… وأنا خائف.”

رد عليه الحاكم السماوي مبتسمًا: “حقًا.” 
لم يكن يعلم حينها أن هذا الوعد سيبقى محفورًا في ذاكرة وو آو لمئات السنين.



كانت الأيام التي أمضاها الحاكم السماوي في تربية غو شواندو ووو آو من أسعد ذكريات حياته 
كلا الطفلين مميزًا وجلب معه فرحًا لا يوصف في حياة الحاكم السماوي الهادئة علمهما فنون السيف القراءة، والكتابة وشاهد نموهما من طفلين صغيرين بالكاد يصلان إلى ركبتيه إلى شابين أطول منه.

لكن العالم لم يمنحهم الكثير من الوقت.

في ذلك العام عندما تبادل غو شواندو مشاعره مع الحاكم السماوي 
كان غو شواندو في العشرين من عمره ذكيًا وموهوبًا بالفطرة وقد بلغ المستوى الثامن من التمرس في فنون الزراعة الروحية في عمر العشرين. 

ابتعد الحاكم السماوي عنهم لمدة عام بسبب بعض الأمور العاجلة وعندما عاد شعر أن غو شواندو قد تغير بدا وكأن الطفل المدلل الذي كان يحتضنه قد تحول إلى رجل ناضج خلال هذا العام.

غو شواندو كان أكثر ذكاءً من وو آو وكانت رغباته أشد وأقوى بينما كان وو آو يرغب فقط في صحبة الحاكم السماوي كعائلة كان غو شواندو يتوق لشيء أعمق وعندما أراد شيئًا سعى لتحقيقه كما تفعل نسمة الربيع التي تغمر كل شيء تسلل إلى حياة الحاكم السماوي وملأها بالكامل.


نظرًا لأن الحاكم السماوي كان يحب الشاي كان غو شواندو يذهب شخصيًا لقطف أوراقه
ولأن الحاكم السماوي كان يحب أزهار الكرز زرع غو شواندو مساحات شاسعة من هذه الأشجار 
وبشكل غير واعٍ، وجد الحاكم السماوي نفسه في أحضان غو شواندو حتى عندما اعترف غو شواندو بحبه كان الحاكم السماوي هو من أخذ المبادرة.

لم يكن الحاكم السماوي شخصًا مترددًا عندما أدرك مشاعره أخبر غو شواندو بكل صراحة
بالطبع كان يشعر بالقلق من احتمال رفض غو شواندو لذا كان صوته مترددًا وهو يقول إنه يحمل مشاعر تجاه غو شواندو لا ينبغي أن يحملها
وأضاف أنه إذا شعر غو شواندو بالاشمئزاز ، فإنه سيغادر ببساطة.

لكن من كان يظن أن غو شواندو سيبتهج فور سماع ذلك؟ احتضنه على الفور وأغرقه بقبلة ثقيلة


كانت هذه بداية العلاقة بينهما.


تأثر لين روفي بعمق بهذه المشاعر القوية وكأنه عاد بالزمن مئات السنين ليشهد تلك اللحظات بنفسه.

لكن لم تكن هناك حياة مثالية لم تدم هذه السعادة طويلاً.

عندما غزت الشياطين ياوغوانغ باتت حياة العالم في خطر ولم يعد بإمكان الحاكم السماوي الوقوف مكتوف الأيدي.

كانت تلك ذكرى مؤلمة سمع لين روفي من خلال هذه الرؤية توسلات غو شواندو الحزينة توسل إليه أن ينتظر بضعة أيام فقط حتى يبلغ المستوى التاسع في الزراعة الروحية ليصبح هو عين التشكيل الكبرى.

لكن هذا الطلب قوبل بالرفض.

قال الحاكم السماوي: “شواندو ، لم تصل لمستوى الزراعة المطلوب ولا يمكننا الانتظار أكثر…”

لكن لين روفي أدرك أن هذا كان مجرد عذر إذا كان غو شواندو لا يستطيع تحمّل التضحية فكيف للحاكم السماوي أن يتحملها؟ في النهاية لم يستطع رؤية الطفل الذي رباه بنفسه يُدفن في تابوت حجري من أجل خلاص العالم.

لقد كان الحاكم السماوي وحمل هذا اللقب يعني أنه عليه أن يتحمل وزر هذا القرار.

في النهاية وافق غو شواندو على مضض.

كم كان مؤلمًا هذا القرار بالنسبة له؟ لم يستطع لين روفي وصف ذلك لكنه علم أنه عندما رآه مرة أخرى كان جسده مشبعًا برائحة الكحول أحيانًا كانت الرائحة قوية وأحيانًا خفيفة لكنها لم تكن كافية لإفقاده وعيه.

كان بناء التشكيل العظيم على جبل كونلون يحدث ببطء ، وكأنه عد تنازلي نحو الموت.

حتى بعد مئات السنين استطاع لين روفي أن يشعر بقسوة هذا القرار كان غو شواندو يظهر أمامه وكأنه غير مبالٍ لكنه في أعماقه كان يحترق.

كان الابتسامة القسرية التي يرتديها غو شواندو أكثر إيلامًا من الدموع والتوسل 
لم يكن الحاكم السماوي قادرًا على التخلي عن العالم لكنه أيضًا لم يستطع التخلي عن غو شواندو
وفي النهاية كان عليه أن يختار بينهما.




-

معركة مدينة داشينغ كانت نقطة التحول في مجرى الأحداث فقد آلاف البشر أرواحهم بسبب الشياطين ورغم أن الحاكم السماوي بذل قصارى جهده لطردهم فإن الموتى لم يعودوا للحياة.

قيل إن عندما يتصارع الأقوياء فإن الضعفاء هم من يتحملون العواقب
وبعد معركة داشينغ تحولت المدينة إلى أنقاض 
لم يبقَ مبنى واحد على حاله وكلما التفت الحاكم السماوي رأى الأطفال يبكون والنساء يولولن، والمزارعين الجرحى يتألمون، حتى بدا العالم كأنه قطعة من الجحيم.


لكن ذلك لم يكن سوى البداية تحركات الشياطين أصبحت أكثر تواترًا ملك الشياطين لم يكن بحاجة سوى لفتح ثغرة في الفراغ ليُعيد الكارثة إلى مدينة أخرى مثل داشينغ.

ورغم أن الحاكم السماوي كان في المستوى التاسع من الزراعة الروحية ، إلا أنه لم يستطع حماية الجميع.



قال الحاكم السماوي بينما ينظر إلى جثة طفل هامدة: “لا مزيد من الانتظار.”

رد غو شواندو بابتسامة متكلفة: “انتظر قليلاً، حسنًا؟ عندما أصبح مثلك… دعني أذهب بدلًا عنك حسنًا؟”


لكن الحاكم السماوي رفض ذلك بحزم هذه المرة وقرر أن يكون أنانيًا.

جبل كونلون كان مكانًا رائعًا بجباله المتصلة وشبكة طاقته المتداخلة لكنه في الحدود بين ياوغوانغ وبويي حيث كانت الشياطين تعيث فسادًا 
وحياة الناس مليئة بالبؤس قرر الحاكم السماوي أن يقيم التشكيل العظيم هناك مستخدمًا جسده كعين التشكيل ليحافظ على استمراريته.

بمجرد اكتمال التشكيل العظيم لن تتمكن الشياطين تحت المستوى السابع من دخول ياوغوانغ أما الشياطين فوق المستوى السابع فعددها كان محدودًا ويمكن للمزارعين الآخرين التصدي لها على الأقل لن تتكرر مأساة داشينغ.

بدأ العمل على التشكيل العظيم بشكل منظم لكن قلة فقط كانوا يعرفون عنه 
ولم يخبر الحاكم السماوي وو آو بالأمر إلا في اللحظة الأخيرة.

كما كان متوقعًا انهار وو آو عند سماع الخبر 
بكى وتوسل إلى الحاكم السماوي قائلاً: “سيدي الحاكم السماوي ، أرجوك لا تذهب! دعني أكون أنا عين التشكيل… فقط امنحني بعض الوقت سأصل إلى المستوى التاسع وعندما أفعل سأذهب بدلاً عنك!”

لكن الحاكم السماوي وضع يده على رأسه برفق كما كان يفعل عندما كان صغيرًا لكنه هذه المرة لم يعده بشيء.

اكتمل تشكيل ياوغوانغ العظيم الجسد دخل التابوت الحجري لكن الروح غابت.

احتفظ غو شواندو في سرية تامة بروح الحاكم السماوي لكنه لم يجرؤ على إخبار وو آو
كان وو آو على حافة الجنون بعد فقدانه للحاكم السماوي ولو لم يكن التشكيل العظيم حصينًا لكان قد حاول تدميره بالفعل.

لكن روح الحاكم السماوي التي لم تتمكن من دخول دورة التناسخ 
كانت ستتلاشى قريبًا غو شواندو لم يكن لديه خيار سوى إرسال الروح إلى دا هان ليعتني بها بعناية.

في البداية كانت الروح غامضة ومبهمة ومليئة بصور متفرقة لكن بمرور الوقت بدأً وعيها بالظهور تدريجيًا.

قال غو شواندو، وهو يعلم حبيبه كما علمه سابقًا: “إنه اسمي.”

تساءل السيف الروحي بحيرة: “شواندو ؟ اسمك؟”

“نعم، وتذكر، اسمي هو غو شواندو.” 
ابتسم قائلاً: “زهرة الخوخ الأنثوية تُسمى هونغيو والذكرية تُسمى شواندو وأنا غو شواندو.”

تمتم السيف الروحي: “إنه اسم جميل.”

ابتسم غو شواندو قائلاً: “نعم جميل أليس كذلك؟ أنا أيضًا أحبه.” 
لأن كل شيء من يدك أحبه دائمًا.



بقي الاثنان معًا لبضعة مئات من السنين وخلال هذه الفترة استفادت قارة ياوغوانغ من التشكيل العظيم وازدهرت لقرون.

وأخيرًا تمكن غو شواندو من الوصول إلى المستوى العاشر متجاوزًا الحاكم السماوي.

كان أول ما فعله عندما وصل إلى المستوى العاشر هو التوجه مباشرة إلى بويي وقطع رأس ملك الشياطين
عشرة آلاف شيطان شاهدوا هذا المشهد بأنفسهم: رجل في رداء أحمر ، يحمل ثلاث شفرات يسير في الهواء بحركة واحدة من سيفه سقط رأس ملك الشياطين على الأرض.

ذلك الرأس الذي جلب الألم الذي لا يُحصى إلى ياوغوانغ ، بدا خفيفًا لدرجة أنه لم يكن يزن حتى شفرة السيف.

نظر غو شواندو إلى الرأس ورماه بلا مبالاة ثم عاد إلى السماء بخطوات واثقة عشرات الآلاف من الشياطين نظروا إلى ظهره بصمت.

بعد ذلك، بدأت فترة طويلة وجميلة من السلام.

غو شواندو أخذ دا هان وسافر عبر المقاطعات زار شواندو حيث عاش في الماضي ثم ذهب إلى تشيونغلونغ ورأى الجبال الشاهقة

أخيرًا، توجه إلى بويي وتبادل العهود مع دا هان في جزيرة نصفها مغطى بالثلوج والنصف الآخر مشرق 
عاشوا العديد من الفصول؛ ربيعًا وخريفًا وشتاءً وصيفًا معتقدين أنهم لن يفترقوا أبدًا ورغم أنه لم يستطع لمسه أو حتى احتضانه 
إلا أن الرابط بينهما كان كافيًا ولم يحتاجا لشيء آخر.

لكن حين ظن غو شواندو أن حياته مع دا هان ستستمر إلى الأبد ، سلبته السماء كل شيء مرة أخرى.

بعد وصوله إلى المستوى العاشر أتيح له فرصة شق الفراغ والصعود إلى العالم السماوي 
الحلم الذي يراود جميع المزارعين
ومع أن غو شواندو لم يكن لديه رغبة بالصعود إلا أن الشائعات عن طريقة في العالم السماوي تمنح الروح السيفية جسدًا جعلته يفكر بالأمر.

ولكن عند نزول صاعقة المحنة السماوية ، أدرك غو شواندو أن هناك خطبًا ما.

كانت الصاعقة شديدة القوة لا يمكنه مقاومتها استخدم كل ما لديه من كنوز سحرية وتمكن من صد تسعة وتسعين صاعقة
لكن الصاعقة المئة الأقوى بينها كانت مدمرة 
إذا فشل سيتبدد روحه تمامًا ، لم يفكر أبدًا باستخدام دا هان لحمايته بل احتضن السيف في يديه محاولًا حمايته حتى الموت.

السيف الروحي يمكنه البقاء لآلاف السنين ، وحتى إن مات سيده يمكنه أن يجد سيدًا جديدًا غو شواندو لم يتحمل أن يدفن دا هان معه جمع قواه الأخيرة ووضع قبلة على مقبض السيف.

لكن إن كان غو شواندو لا يستطيع التخلي عنه ، فكيف لدا هان أن يقبل؟

رأى لين روفي الغيوم الكثيفة والصواعق تتراقص في السماء. أمطار تساقطت بللت شعر غو شواندو. انحنى رأسه وتدفقت قطرات المطر كأنها دموع.

اشتدت الصاعقة وتهددت بالسقوط

غو شواندو الذي لم يستطع فعل شيء أرخى قبضته ليسقط دا هان من يديه ولكن فجأة انطلق دا هان من غمده بضوء بارد واتجه نحو غو شواندو.

“لا——!” صرخ غو شواندو بشدة.

الصاعقة نزلت لكن شفرة السيف البيضاء اللامعة امتصت معظم قوتها قبل أن تتحطم إلى شظايا سوداء تتلاشى في العدم.

انتهت الذكرى هنا لكن لين روفي استطاع سماع صرخة غو شواندو الحزينة وبكاءه المؤلم.



في النهاية فهم لين روفي سبب الحزن في عيني غو شواندو حين رآه مستلقيًا داخل التابوت الحجري.






هذه المرة لم يكن هو من تُرك وحيدًا لم يعد عليه الانتظار في غابة أزهار الكرز لمئات السنين ينتظر إعادة تجسد محبوبه
بدلاً من ذلك فضل النوم الأبدي الهادئ على معاناة الفراق مرة أخرى.

عندما اختفت الظلمة فتح لين روفي عينيه ببطء. 
ظن أنه سيرى وو آو لكن المكان كان خاليًا رأى فقط الأرض المدمرة، وكأن معركة قد وقعت هنا.

نهض بصعوبة ليجد جسد الحاكم السماوي بجواره رغم استعادته ذكريات الحاكم السماويتملكته الحيرة 

ما الذي حدث؟ وفقًا لخطة وو آو كان ينبغي أن يدخل جسد الحاكم السماوي فلماذا حصل فقط على ذكرياته؟

بينما كان يفكر سمع أصوات قتال من الخارج خرج بخطوات متعثرة ليجد وو آو واقفًا بوجه قاتم بينما شخصان يتقاتلان في السماء. 


كانا لين بيانيو ومو تشانغشان.

حين رأى وو آو لين روفي أظهر دهشة ممزوجة بالفرح وتوجه نحوه بسرعة: “سيدي الحاكم السماوي!”

لين روفي نظر إليه بصمت وقال بصوت منخفض: “وو آو…” 


تذكر الطفل الذي كاد يموت بردًا بجانب النهر وتلاشت كلمات اللوم من شفتيه تاركة مكانها تنهيدة ثقيلة: “أنا آسف…”

بكى وو آو بحرقة: “سيدي الحاكم السماوي…”

قال لين روفي بهدوء رغم إرهاقه: “لم يكن عليك فعل ذلك.”

ارتعش وو آو وأجاب بصوت متحشرج: “أردت فقط رؤيتك مرة أخرى.”

رد لين روفي: “حتى لو رأيتني ما الفائدة؟ أنا لم أعد أنا اسمي الآن لين وأنا الابن الأصغر لعائلة لين ولست حاكمك السماوي.”

أومأ وو آو ببطء لكنه ظل غارقًا في دوامة أفكاره.

نظر لين روفي إلى السماء حيث كان القتال مستمرًا مو تشانغشان بطريقة ما عاد إلى حالته القتالية الكاملة وكان يقاتل بوحشية
بينما لين بيانيو يحاول تجنبه مما جعل المعركة طويلة ومليئة بالتوتر.

ثم قال وو آو بصوت مرتجف: “سيدي الحاكم السماوي لدي سؤال واحد فقط ذلك غو شواندو… هل كذب عليك؟”

ابتسم لين روفي ابتسامة حزينة وقال: “لا.” 
وأكمل: “في هذه الحيوات الثلاث كان غو شواندو محبوبي ، دا هان لم يتحطم بسببه بل تطوع لمواجهة المحنة السماوية وفي هذه الحياة لم يتحدث عن أمر الحاكم السماوي مطلقًا.”

نظر وو آو بدهشة: “سيدي الحاكم السماوي… ألا تلومه؟”

هز لين روفي رأسه.

ثم تساءل وو آو بمرارة: “وماذا عني؟ ماذا عني؟ بعد كل ما فعلته… هل ستلومني؟”

نظر لين روفي إليه بقلق إذ بدأ يلاحظ اضطرابًا في حالته العقلية.

كما توقع ظهر على وو آو بعد لحظات ابتسامة هستيرية وقال بصوت مكسور: “ثلاثمئة عام… ثلاثمئة عام من الانتظار… ولماذا؟ لأنني تُركت مرة أخرى…” 

صوت تحطم قلبه بدا واضحًا كأنما ألقي في النهر البارد من جديد.
  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي