القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch237 | GHG

 Ch237



استيقظ أرماند فجأة من نومه، مذعورًا


جلس متعرقًا على طرف السرير، 

و رأسه منهفض لوهلة وهو يحاول التقاط أنفاسه بعد هذا الكابوس


أو بالأحرى ، استراحة قصيرة من واقع كابوسي مستمر


هزّ أرماند يده الباردة المتعرّقة


آخر مشهد احتفظ به من حلمه هو :  مو سيتشينغ ممدد 

على الأرض ودمه ينزف ، 

وعيناه متسعتان حتى كادت حدقتاه تتلاشيان


دم الآخر يسيل فوق الأرض، 

و يندمج مع بركة الدم المتجمعة تحته


جلس أرماند مذهولًا مصدوماً على حافة السرير ، 

يسترجع الحلم الذي رآه للتو ، أو بالأحرى ، حياته السابقة ——-


شقيقه الأكبر ، جورجيا ، 

هو القائد الأعلى لمكتب الهراطقة الخطيرين في المنطقة الثالثة ، 

وكان مشغول على الدوام منذ أن يتذكر أرماند ، 

لأن عمل جورجيا محفوف بالمخاطر ، 

ولهذا كان يحمي أرماند بحزم ، 

واضعًا له خطط صارمة لكل تحركاته


فعلى سبيل المثال ، 

كان جورجيا يمنع أرماند تمامًا من دخول هيئة ومكاتب الهرطقة 

أو العمل في أي شيء له علاقة بالهرطقة


لكن أرماند لم يكن مقتنع ، 

وكلما منعه جورجيا، ازداد إصرارًا على الدخول، 


فقد كان عمله في مكتب الهرطقة هو ' وظيفة الأحلام ' 

بالنسبة له – عمل بطولي ينقذ فيه العالم ——


منذ طفولته ، كان أرماند معجب بأخيه جورجيا، 

وانجذب تدريجيًا لعمل مكتب الهراطقة، 

حتى أنه ، وفي سن المراهقة ، 

تحدى أوامر أخيه والتحق مباشرةً بمعسكر تدريب الهرطقة


وكانت هذه بداية أول شجار حقيقي بينه وبين جورجيا، 

شجار صاخب قوي ، لكنه في النهاية حصل على ما يريد


قال له جورجيا حينها ببرود : “ أرماند !!! أنت شخص جبان ورقيق القلب . 

لا تملك القدرة على القسوة مع أعدائك ، 

وإن استمريت هكذا ، ستنال جزاءك القاسي من القدر .”


والآن حين يسترجع الأمر… 

كان جورجيا محق ، دائمًا يكون محق


في ذلك الوقت ، 

لم يكن أرماند قد تلقى العقوبة القاسية من القدر بعد ، 

و لا يزال يعيش في أوهام ساذجة عن عدالة القدر ورحمته


دخل هيئة الهرطقة بنية طيبة ، 

فقام جورجيا بتعيينه في قسم المعالجة الورقية داخل أكثر 

الإدارات أمانًا ، بعيدًا عن الخطر


أصيب أرماند بإحباط شديد ، 

وقضى وقته في عد ملفات الهرطقة دون اهتمام ، 

محاولًا أن يغتنم أي فرصة للوصول إلى الخطوط الأمامية ، 

لكن جورجيا كان دائمًا يكتشف خططه ويُحكم عليه القيود أكثر ، 

فيُبقيه محاصر داخل مقر المنطقة الثالثة


بدأ أرماند يشعر بوحدة لا يمكن وصفها


منذ طفولته ، 

كان يعيش خلف الجدران العالية التي بناها جورجيا ليقيه 

من الوحوش الهراطقة أو الاشياء الهرطقية ؛ 

ولم يكن داخل تلك الجدران أحدٌ سواه


حتى جورجيا نفسه بقي خارجها ، 

حريص على عدم تلويثه حتى أثناء الطعام ، 

إذ كان يتناول طعامه بغطاء بلاستيكي


فنشأ أرماند على هذا النحو ، 

سجين في مبنى معزول ، 

دون حتى رفيق يتحدث إليه


لكن بعدها بفترة بسيطة ، ظهر هذا الشخص ———


تحت إشراف جورجيا تقع المنطقة الثالثة ، 

وهي منطقة تخزين للهرطقات عالية الخطورة – 

أكثر أنواع الهرطقات من الوحوش والأشياء خطورة وقيمة


عادةً تكون مقرات المنطقة الثالثة في أماكن شديدة السرية، 

لا يمكن الوصول إليها بسهولة


لكن كل تلك القواعد لا تنطبق على عدو المنطقة الثالث 

الطبيعي، مو سيتشينغ ———


كان مو سيتشينغ أسوأ عدو للمنطقة الثالثة ، 

ولص متغطرس يحدث فوضى في كل زيارة له للمنطقة ، 


حتى أن لاعبي المنطقة الثالثة كادوا يفقدون عقولهم وهم 

يحاولون تحليل نقاط ضعفه للإيقاع به


استمر البحث طويلًا … 

لكنهم لم يعثروا على أي نقطة جديرة بالإمساك به



دحرج أرماند عينيه بضيق بينما يملأ فمه بالخبز ، 

إذ كان أعضاء الفريق المجاورون له يكررون الحديث عن 

خلفية مو سيتشينغ للمرة الألف


“ مو سيتشينغ… صديقه المقرّب مات… 

لم يعد يستطيع التعاون مع أي شخص وأصبح منعزلاً 

ووحيد للغاية…”


“ يبدو أن هذا يؤثر فيه كثيرًا ، 

ويصبح عنيف جدًّا إذا سمع أحدهم يتحدث عن الأمر… 

قد يكون من المفيد استغلال هذه النقطة…”


تدخل أرماند بصوت غير واضح وفمه لا يزال ممتلئ بالخبز، 

قائلًا: “ كيف يمكن اعتبار صديق ميت نقطة ضعف ؟”

ثم ربت على ظهره مازحًا : “ إلا إذا جعلته صديقًا حيًّا، 

حينها يصبح نقطة ضعف… 

وأعتقد أنني مناسب جدًّا لأساعدكم كجاسوس بصفته صديقي .”


وبما أنهم يعرفون أن أرماند هو شقيق القائد ، 

ضحك الفريق من حوله مازحين ، 

وقال أحدهم: “هل تعلم كيف مات صديق ذلك اللص ؟”


هز أرماند رأسه نافيًا بصدق


فقال أحدهم محذرًا : “ مو سيتشينغ هو من قتله بنفسه ! 

لو كنت صديقه ، لربما قتلك أيضًا !”


تجمد أرماند في مكانه ، 

مختنق بقطعة الخبز التي ابتلعها تَوًّا


وفي تلك الليلة ، انطلق إنذار أحمر في المنطقة الثالثة


استفاق أرماند من نومه مترنحًا ، 

على صوت جورجيا الجاد يعلو عبر جهاز الاتصال اللاسلكي:

“ جميع المناطق في حالة تأهب ! 

مو سيتشينغ تلقى رصاصة في خصره منّي بعد سرقته لثلاثة 

من الهرطقات عالية الخطورة من المستوى الثاني ، 

وهو الآن عاجز عن الحركة . 

لقد تسلل إلى داخل مقر الهيئة ! 

على جميع الفرق أن تبحث عنه في المنطقة !

وأطلقوا النار حال رؤيته إن استدعى الأمر !”


بدأ الفريق بتفتيش الغرف واحدة تلو الأخرى بحثًا عن اللص 

المثخن بالجراح، 

ووجوههم مليئة بالحماس، 

حتى ان أرماند الذي تسلل إلى طابور التفتيش لم يُكشف 

أمره من شدة انشغالهم


تبعهم أرماند بحماس ، 

لكن بعد جولتين من البحث ، 

لمحته عينا جورجيا، 

ليُمسك به ويوبّخه بقسوة ثم طرده ليعود إلى غرفته بخيبة أمل


لكن ما إن عاد أرماند إلى غرفته ، 

حتى انتابه شعور غريب ، 

أحس بأن هناك من اقتحم المكان


ترك باب الغرفة مفتوح ، 

وعلى الرغم من أن الزائر كان حذرًا ولم يترك أي أثر مرئي، 

فإن الرائحة لم يمكن إخفاؤها — 

فقد التقط أرماند رائحة دم قوية ——


خفق قلبه بتوتر ——-


وبينما كان مدركًا أنه لا يستطيع التصرف بمفرده، 

تظاهر بعدم ملاحظته لشيء، 

واستدار ليخرج ويُبلغ الآخرين


لكن ما إن أدار رأسه ، 

حتى شعر بمخلب حاد يحاصر عنقه ، 

وسمع أنفاس رجل طويل القامة خلفه يلهث ويضحك بخبث، قائلاً:

“ أنت شديد الملاحظة ، 

أنفك جيد كأنفي، 

شممت رائحة دمي أليس كذلك؟”


قفز قلب أرماند من مكانه ، 

ورفع يديه مستسلمًا، 

لكن قبل أن ينبس ببنت شفة، 

سقط الرجل من على كتفه وانهار أرضًا من تلقاء نفسه


استدار أرماند بذهول ——-


فرأى شاب في مثل عمره ، 

مستلقي بضعف وسط بركة دماء ، 

يضع سماعات على شكل قرد على أذنيه ، 

 ويتنفس بصعوبة

و كان على وشك الدخول في جلطة من فقدان الدم — 

أدرك أرماند ذلك فورًا ، 

وهو يحدق في مو سيتشينغ المُلقى في الدماء ، 

مستعيدًا في ذهنه كل ما سمعه من معلومات عن هذا اللص القاتل:


" … لا أصدقاء له… 

وحيد دومًا… 

يبدو أنه يشعر بالوحدة… 

يرافقه شخص في الظل يتحدث إليه فقط… "


" كل ما يسرقه ، يفعله لإرضاء ذلك الشخص الخفي ونيل موافقته… "


" ويبدو أن هذا الشخص وسّع نطاق تهريبه مؤخرًا، 

ولهذا أصبح مو سيتشينغ يزور المنطقة الثالثة كثيرًا…"


كان أرماند يعتقد أن هذا الشخص لا بد أن يكون رجل عجوز 

في الأربعينات أو الخمسينات من عمره — 

لكنه لم يتوقع أبدًا أن يكون… بهذا العمر الصغير


الدم يتسرب بغزارة من تحت جسد مو سيتشينغ، 

لكنه رغم حالته، 

لم يحاول إيقاف النزيف، 

بل استخدم جسده الجريح لحماية الصناديق الثلاثة التي 

سرقها من داخل الهيئة


تقلصت شفتا أرماند إلى خط مستقيم وهو يمد يده إلى 

المسدس خلف خصره، 

ثم عضّ على شفته واستله موجهًا إياه نحو رأس مو سيتشينغ


لكنه، مهما حاول، 

لم يستطع إطلاق النار — { كان جورجيا محق —-


لا يمكنه أن أطلق النار على رجل حي، 

حتى وإن كان شرير }

فبوسعه أن يرى في عيني مو سيتشينغ الميتتين نفس التوق 

الذي يشعر به هو — توقٌ للحياة ، 

وتشبث باهت بالحاجة للفهم… وللقبول


وفي تلك اللحظة ، سُمع طرق على باب غرفته


فزع أرماند ، 

ثم دفع مو سيتشينغ بسرعة وخبّأه تحت السرير ، 

و نظّف الأرضية بعجلة ، 

رشّ كميات كبيرة من معطّر الجو ، 

ثم تمدّد على السرير متظاهرًا بالنوم


دخل الزائر وسأل أرماند : “ هل رأيت أي شخص مشبوه ؟”


أجابه أرماند وهو مستلقي على السرير بصوت متحمس : 

“ لا! 

أما بخصوص الرائحة ، فأنا فقط… 

فعلت حاجة كريهة قبل قليل ، 

لذا رششت كثيرًا من المعطّر !”


الزائر : “… اااءء ؟ لا حاجة لإخباري بمثل هذه التفاصيل .”


ولحسن حظ أرماند ، 

لم يشكّ أحد في أمره ، كونه شقيق القائد


فخرج الزائر وهو يغطي أنفه من شدّة الرائحة الخانقة


سقط أرماند مجددًا على السرير، 

وبعد ترددٍ طويل، 

وضع زجاجة دواء علاج قوي ولفافة ضمادات أسفل السرير


ربما مضى وقت طويل ، قبل أن تمتدّ ' كف ' على شكل قرد 

من تحت السرير ، وتلتقط الأغراض بسرعة 


جلس أرماند على السرير محتضنًا ركبتيه، 

شارد الذهن، يتساءل في نفسه عن سبب قيامه بذلك


لكنه لم يصل إلى جواب، 

ظهر صوت ضعيف بعض الشيء من تحت السرير، 

فيه نبرة ساخرة مرحة:

“ هييه ، ما اسمك ؟”


أجاب أرماند بصدق: “ أرماند .”


صدر من تحت السرير صوت شخير خفيف، 

تلاه تعليق: “ اسم غبي . 

وتبدو تمامًا كالشخص الذي أطلق عليّ النار ، 

ما علاقته بك؟”


“… أخي.” 


وما إن قالها، حتى ازداد شعوره بالكآبة


{ لماذا في العالم أنقذت عدوّ أخي المصاب برصاصته ؟ }

 

ساد صمت طويل من تحت السرير، 

ثم طُرح نفس السؤال الذي كان يدور في ذهن أرماند:


“ لماذا… أنقذتني؟”


تنهد أرماند تنهيدة طويلة كئيبة ، 

وقال: “ لا أدري… 

لم أستطع التوقف عن مساعدتك .”


صوت ضحك ساخر ممزوج بسعال متقطع خرج من تحت 

السرير، 

تلاه لعنةٌ خافتة وضحكة : “ ههههههه اللعنة أنت أحمق "


أرماند: “…”


{ رغم أنني أعتقد أنني أحمق فعلًا ، 

لكن أليس من غير اللائق أن تقولها أنت ؟ }


—————-

وفي صباح اليوم التالي ، حين استيقظ أرماند ، 

كان مو سيتشينغ قد رحل


تنفّس أرماند الصعداء ، 

لكن داخله تساءل إن كان قد فقد صوابه، 

وإن كان دافعه لإنقاذه مجرد وهم في سبيل إثبات نفسه، 

حلم ناتج عن رغبته في الإمساك بمو سيتشينغ…


لكن ذلك الحلم كان قد بدأ يتبدد ببطء


ولكن ، لماذا أنقذه ' أنا ' في الحلم ، ثم تركته يرحل ؟


ظل أرماند محتار ، ثم استسلم للأمر وتوقف عن التفكير


لكن لم يمضِي وقت طويل حتى عاد اللص الشهير مو 

سيتشينغ لزيارة هيئة الهرطقات مجددًا، 

غير أنه لم يأخذ شيئ هذه المرة، بل ترك شيئ 


وكأي لص غريب الأطوار ومغرور في التاريخ، 

أرسل هذه المرة رسالة تشويقية مبكرة حدد فيها أسماء المناطق الثلاث ~~


[ سأأتي يوم الأربعاء لسرقة شيء ، 

لا تعرفون بعد ما هو، 

راقبوني وشاهدوني وأنا آخذه . 

وأخبِروا شقيق قائدكم ، 

صاحب الاسم القبيح ، أن يغتسل وينتظرني عند الباب !]


رفع جورجيا عينيه وألقى بالرسالة التشويقية أمام أرماند 

المذهول، قائلاً:

“ اشرح لي لماذا بدأ مو سيتشينغ يستهدفك ؟”


: “… اءءء لا أعلم أيضًا…” 


كاد أرماند يبكي ندمًا ، فقد ندم حقًا على ما فعله


أخذ جورجيا نفسًا عميقًا، 

وحدّق في أرماند طويلًا ثم أصدر حكمه :

“ أياً كان ما جرى بينك وبين مو سيتشينغ، 

تذكّر يا أرماند هذا الرجل شيطان ، 

وسيقضي عليك في النهاية .

لكن إن كنت بحاجة إلى فرصة لتدرك هذه الحقيقة ، فسأمنحك إياها .”


نظر جورجيا إلى أرماند الجبان نظرة فاحصة، 

ثم قال:

“ احمل سلاح ، وانضم إلينا في الحصار يوم الأربعاء .”


————————————-


يوم الأربعاء ، 


وقف أرماند متأهبًا في المقدمة وهو يحمل مسدس ، 

وما هي إلا لحظات حتى وصل اللص


و هذه أول مرة يرى فيها أرماند مو سيتشينغ أثناء الجري والسرقة


كان مو سيتشينغ سريع كالرياح ، 

حرّ كالرياح، 

يضحك وهو يركض بسرعة تفوق قدرة العين المجردة على التتبّع، 


مرّ بجانب أرماند الذي لم يستوعب ما يحدث بعد، 

ثم أمسك بمعصمه وسحبه معه وهو يركض


وسط طلقات النار وصراخ جميع أعضاء هيئة التعامل مع الهرطقات، 

هرب اللص وخصمه أرماند، 

كطفلين تمّ ضبطهما بالجرم المشهود أثناء مقلب


كان أرماند مرتبك ، 

حاول أن يشد يده ليفلت منها ، 

لكن مو سيتشينغ رفع حاجبيه بمكر ، 

ونظر إليه بينما الرياح تعصف حولهما، 

وقال:

“أليس من الممتع رؤيتهم عاجزين عن الإمساك بنا ؟”


تلفّت أرماند مذعور خلفه ليرى الفريق يركض خلفهما بجنون، 

و ملامحهم الغاضبة وهم يركضون بتلك الوتيرة البطيئة 

مقارنةً بسرعة مو سيتشينغ، 

جعلت المشهد يبدو مضحكًا بالفعل، 

ولم يستطع أرماند أن يمنع نفسه من الضحك


كان مو سيتشينغ يركض بسرعة، 

وكذلك أرماند، وهو لا يزال ممسكًا بيده


تلك الاشياء الهرطقية الخطيرة، 

التي كان أرماند يحصيها وينظّمها بدقة، 

كانت بيد مو سيتشينغ لا تبدو كهرطقات، 

بل كألعاب يتسلى بها، 


لم تكن جريمة ضد العالم ، 

بل كانت مجرد لعبة عابثة للص ——


رَمى مو سيتشينغ إحدى الهرطقات نحو أرماند وابتسم :

“ هل تعرف ما فائدة هذه ؟”


حاول أرماند أن يتذكر من السجلات التي دوّنها : 

“ رقم 8035…

يبدو أن لها علاقة بالرياح والفراشات…؟”

{ ويبدو أنها قادرة على خلق إعصار }


لكن مو سيتشينغ قاطعه بنفاذ صبر، 

ومد يده ليفتحها مباشرةً :

“ افتحها فحسب ، ألن تفعل؟”


و خرجت أسراب من الفراشات الغريبة متعدّدة الألوان من الصندوق، 

ونشرت الرياح من تحت أجنحتها المنقطة


الهواء العنيف يتماوج داخل الغرفة المغلقة، 

قوته تكفي لإرجاع خط الشعر سنتيمترًا للخلف


فوجئ أرماند واندفع نحو الأعلى بفعل الرياح العاتية


أمسك مو سيتشينغ بكاحله ليمنعه من الانجراف، 

وضحك ساخرًا وهو يقول:

“ لقد كنت تحرس هذا المكان طوال هذا الوقت، 

وأخوك لم يسمح لك حتى بأن تلعب بهذا الشيء أليس كذلك ؟”


صرخ أرماند بصوت متحطم :

“ أتسمي هذا لعبًا ؟! 

أوقفه ، إنه يُسبب تغيّير مناخي عنيف !”


: “ لاااا ~~ "


كان مو سيتشينغ يوازن جسده في مهبّ الرياح وهو يطفو فوق أرماند، 


أمسك بكتفيه ليُثبّته ، 

ثم قال بابتسامة خافتة :

“ هذا غباء ، 

أخوك لم يعلمك شيئ . 

انظر ، كل شيء هرطقي له نقطة ضعف —”


أمسك مو سيتشينغ بيد أرماند ووجّهها نحو ذيل إحدى 

الفراشات التي تحلّق في الرياح، 

ثم همس بالقرب من أذنه:

“ و حالما تمسك بنقطة الضعف ، 

يصبح هذا الشيء الهرطقي لعبتك .”


نظر أرماند مذهولًا ، وهو يرى الفراشة في يده تتوقف عن 

الخفقان وتستقر بهدوء على أطراف أصابعه


سخر مو سيتشينغ منتصرًا :

“ أرأيت ؟”


لكن في اللحظة التالية ، أطلق مو سيتشينغ أصابع أرماند 

من على الفراشة بخبث ، 

ونقر ريش ذيلها بإصبعه ، مما تسبب في رياح عاتية


أمسك مو سيتشينغ بأرماند المذعور من عنقه، 

وبدأ يتراجع للخلف في عين الإعصار الذي صنعته الفراشة ، 

بينما يضحك بجنون ويشير بأصابعه على هيئة علامة الوداع 

لأعضاء الفريق الذين كانوا يلاحقونهما


“ سأسرق شقيق قائدكم للمتعة !”


ثم اختفيا كليًّا ، بلا أثر ، 


وسط الرياح العاتية التي اجتاحت المكان


لم تحمل الرياح الشابان لفترة طويلة حتى توقف مو سيتشينغ فجأة


لم يعرف أرماند من الذي تواصل به، 

وتغيرت تعبيرات مو سيتشينغ من السعادة إلى الهدوء المفاجئ ، 

وتغيرت نبرته من الارتباك إلى الهدوء : 

“… أفهم ، 

سأعيد الأشياء ، 

لا مشكلة في الأمان على هذا الجانب من خط التهريب .”


بعدما انتهت المكالمة، 

التفت مو سيتشينغ ليرى أرماند ، فانفجر ضاحكًا


أرماند وجهه يبدو وكأنه نسخة طبق الأصل عن جورجيا، 

وبالنظر إلى حالته الحالية، 

التي لم يسبق له أن عاش فيها مثل هذا الحماس، 

أصبح شعره البني ممزقًا بفعل الرياح ومربوط في شكل عش 

دجاج، وتعبير وجهه يعكس الحيرة


الآن على يديه وركبتيه – ليس لأنه لا يريد النهوض ، 

بل لأن أرماند كان يعاني قليلاً من دوار الرياح ، 


فقد كانت هذه هي أول مرة له في إعصار




جلس مو سيتشينغ نصفًا أمام أرماند، 

الذي على الأرض، وابتسم قائلاً: “ظننت أن أخ المجنون 

الكبير سيكون مجنون قليلًا، 

لكن لم أتوقع أن يكون هذا خائن صغير .”


نظر أرماند إلى مو سيتشينغ بنظرة ماكرة : “ لقد شتمت مرة أخرى .”


ابتسم مو سيتشينغ وهو يقف، 

مستعرضًا يديه في جيوبه، 

ثم أخرج بعض صناديق الهرطقات من جيبه

 وألقاها جميعًا إلى أرماند : “ حسنًا ، استمتعت لليوم ، 

أراك لاحقاً ، وداعًا .”


ثم استدار في حركة أنيقة وسار مبتعدًا


نظر أرماند إلى الصناديق أمامه فجأة وأصيب بالدهشة –

– 

لم تكن هذه الصناديق هي التي أخذها مو سيتشينغ اليوم فحسب، 

بل الصناديق الثلاثة التي سرقها يوم أنقذ مو سيتشينغ من اصابته السابقة قد أعادها أيضًا


فكر أرماند لحظة ثم نادى عليه : “ مو سي تشينغ …. 

أنت أعطيتني ما سرقته في المرة الماضية أيضًا ”


رفع مو سيتشينغ حاجبيه واستدار على قدم واحدة قائلاً : “ ماذا ؟ 

أليس من الجيد أن أعيدها لك؟”


أجاب أرماند بصراحة: “ كان من المفترض أن تكون هنا من 

أجل المرح اليوم ، 

فالأشياء التي أخذتها كانت جميعها هرطقات عالية الخطورة 

من المستوى الأول ، 

ولكن هذه الثلاثة هي هرطقات عالية الخطورة من 

المستوى الثالث ويجب أن تكون أهدافك ، 

من الجميل بالتأكيد أن تعيدها لي، 

لكنني أخشى أنك ستعود وتسرقها في المرة القادمة .”


ابتسم مو سيتشينغ وهو يلوح بيديه : “ بالطبع كانت هدفًا لي.

لكن في المرة الأخيرة عندما أمسكتم بي، 

فشلت السرقة بشكل طبيعي، ولم تكن تلك الغنيمة ملكي.”

ثم لوح بيده وغادر دون أن ينظر إلى الوراء ، 

و الابتسامة لا تزال في صوته : “ بالطبع سأسرق مجددًا ، 

حاول أن تمسكني إذا كنت لا تريد أن تخسر أرماند ”


ظل أرماند يحدق في الصناديق الثلاثة وصمت لفترة طويلة


———————————————-


أرماند ، الذي تمكن من استعادة الصناديق المسروقة ، 

أصبح مؤهلاً أخيرًا للخط الأمامي ——


بعد ذلك ، كان مو سيتشينغ يرسل له رسائل تحفيزية من وقت لآخر، 

وكبر أرماند بين عشية وضحاها، 

ليصبح أكثر تماسكًا ويطارد مو سيتشينغ بكل قوته



كلما جاء مو سيتشينغ، كان أرماند أسرع رجل، 

تقريبًا بنفس سرعة مو سيتشينغ، 

لكن لم يطلق النار عليه أبدًا



بمرور الوقت ، أصبح أرماند الشخص الأكثر نجاحًا في قسمه 

في استعادة المسروقات من مو سيتشينغ



كبر أرماند بينما يطارد مو سيتشينغ، 

وأصبح أكثر استقرارًا، وأكثر مسؤولية، 

وأكثر قدرة، ليصبح نائب القائد ورئيس الأركان لجورجيا


عندما عاد إلى السكن ذات يوم بعد العشاء لتسجيل هرطقاته، 

وجد رسالة تحفيزية بجانب سريره تقول: [ نائب

لا مزيد من ألعاب المطاردة ، هل تريد أن تشرب ؟]



ابتسم أرماند قليلًا ، ثم تسلل عبر الباب الخلفي للهيئة

الهرطقية بعد أن تحقق بعناية من غياب أخيه


ذهب أرماند إلى بُعد مفتوح حيث قد تم جرفه في 

رياح مو سيتشينغ – 


كانا يأتيان إلى هنا بين الحين والآخر للقاء بعضهما البعض، 


وعلى الرغم من أنه لم يكن واضح سبب قيام الشابان من 

طرفين متنافرين بذلك ، 

إلا أنه قد بدأ بشكل غير واعي وتحول إلى نوع من الاتفاق 

غير المعلن بين الشابان


الأرض في هذا البعد مفتوح ، 

لكنها قاحلة ، 


وعندما تنظر إلى الأعلى يمكنك أن ترى سماء الليل الساطعة


عندما وصل أرماند ، كان مو سيتشينغ جالس على تل صغير ينظر إلى النجوم


قال مو سيتشينغ مُرّحبًا بأرماند بكسل : “ ها أنت ذا ”

ورمى له زجاجة من الخمر


أخذها أرماند بثبات ، كما اعتاد على القيام بذلك ، 

ثم نظر إلى الأعلى وارتجف قليلاً


شعر أرماند أن مو سيتشينغ —- في هذه الليلة ، 

لم يكن في مزاج مناسب


سأل أرماند : “ ما الخطب؟” و جلس بجانب مو سيتشينغ



مال مو سيتشينغ رأسه للخلف ليشرب رشفة من خمره 

وتنهد تنهيدة ثقيلة ، قائلاً : “ ذلك الشخص قد منحني كامل 

الصلاحيات على خط التهريب ، لا مزيد من السرقة .”


بعدما قال ذلك ، كان هناك لحظة من الصمت، 

ثم استمر وكأن شيئ لم يكن: “ أراك لاحقًا ، 

سنطلق النار معًا، 

لذا استبدل مسدسك الفارغ المزيف .”


عندما انتهى مو سيتشينغ من حديثه، 

ساد الصمت أيضًا على أرماند


— إذا كان الأمر مجرد سرقة ، فقد يكون لعبة ، 

لكن عندما يرتقي إلى مستوى التهريب الذي يمكن أن 

يعرض حياة الجميع للخطر، 

فإنه لم يعد لعبة بينهما ——-


بل هو حياة وموت العديد من الأشخاص ——-


نادر أرماند يشرب ، لكن في تلك اللحظة أخذ رشفة طويلة وعميقة، 

مسح فمه وقال: “سأفعل "


تمتم مو سي تشينغ وهو ينظر إلى النجوم : 

“ لقد لعبت العديد من الألعاب ، المرعبة ، المروعة، 

وواحدة… لن أنساها أبدًا ….

لكنها كانت أكثر الألعاب متعة التي لعبتها منذ وقت طويل ….” 


أنزل مو سيتشينغ رأسه، 

لم ينظر إلى أرماند، 

لكنه مد يده نحوه : “ شكرًا …. لكل شيء ، 

على إنقاذك لي وأيضًا على صحبتك .”


صافح أرماند يد مو سيتشينغ و بجدية : “ لا داعي للشكر ، 

نحن أصدقاء .”




توقف مو سيتشينغ، وصمت لفترة طويلة، 

ثم تمتم ساخرًا: “ هل تعرف كيف مات آخر أصدقائي ؟”


: “ قُتل على يدك ….” أمسك أرماند يد مو سيتشينغ، 

وعيناه البنيتان الداكنتان تحملان شعور لا يتزعزع من 

العزم : “ لكنني أؤمن أنك لن تقتلني ، 

أو بالأحرى ، سأحاول أن أصبح أقوى منك بكثير

 وأفعل ما بوسعي لكي لا تقتلني ، أو لألا أقتلك !”

هز أرماند قبضته وتابع : “ سأكون قويًا بما يكفي لإيقاف ما تنوي فعله !”



سحب مو سيتشينغ يده ونظر بعيدًا بتململ، 

لكنه كان يحمل ابتسامة مكتومة على وجهه : 

“…… أيها الوغد ، 

لا تظن أنك مغرور لأنك قبضت عليّ مرات كثيرة .”



لكن ربما لم يكن أي من أرماند أو مو سيتشينغ يتوقع أن 

تكون هذه آخر مرة ينظران فيها إلى بعضهما البعض بابتسامة ……



بعد ثلاثة أشهر ، 

عندما وصل باي ليو (6) لتسليم شحنة ، 

رصد جورجيا مو سيتشينغ أثناء دوريته خلال عملية التسليم


بعد أن تأكد جورجيا من أن الشحنة كانت تحتوي على 

هرطقة مهرّبة عالية الخطورة ، 

وأن وصولها إلى السوق ستكون له عواقب وخيمة ، 

لم يضيع وقت وشنّ هجومًا شرس


مو سيتشينغ، الذي تُرك خلفًا ، كان بالكاد قادرًا على الصمود 


و باي ليو (6)، الذي غادر بعد تسليم الحمولة ، 

عاد إلى الميناء


وبمساعدة باي ليو (6)، تمكّن مو سيتشينغ من القبض على 

القائد الشهير للمنطقة الثالثة في الحال


ارتجف بؤبؤا مو سيتشينغ عندما رأى أن الشخص الذي أتى 

لم يكن سوى جورجيا


باي ليو (6)، الجالس في مقعده، لم يغيب عنه التغير 

الطفيف في تعابير وجه مو سيتشينغ وهو ينظر إلى جورجيا، 

الذي كان يركع على ركبة واحدة أمامه بلا تعبير، 

فرفع حاجبه قليلاً


باي ليو6 : “ أتعرف هذا القائد ؟”


أجاب مو سيتشينغ بصعوبة : “ كنت أذهب إلى منطقته 

الرقابية لسرقة الهرطقات …”


التفت باي ليو (6) إلى الجانب ، 

ينظر إلى مو سيتشينغ ببرود : “ أنا لا أحب أن يكذب عليّ أحد ، 

وأنت تعرف أني لا أقصد مجرد المعرفة السطحية… 

هل لديك مشاعر تجاهه ؟”


أنكر مو سيتشينغ بسرعة : “ لا !”


نظر باي ليو (6) إلى جورجيا بتفكير : “ لكن رد فعلك عندما 

رأيت وجهه لا يمكن إنكاره ، 

والمثير للدهشة أن الأمر لم يكن متعلقًا به هو، 

بل بشخص يشبهه كثيرًا .”


انحنى باي ليو (6) ورفع رأس جورجيا، 

يتأمل وجهه : “من المفترض أن تكون قادرًا على تمييز أفراد 

العائلة المقربين من خلال ملامحهم ، 

لذا فهذه النسخة أمامك لا بد أنها ذكر ، 

ذكر في نفس العمر تقريبًا ، 

وإلا لما التبس عليك الأمر للوهلة الأولى .”


توقف تنفس مو سيتشينغ وانقبضت يداه بقوة


أعلن باي ليو (6) الجواب بهدوء :

“ إنه أخوه، أليس كذلك ؟

قريب في العمر ، وربما مرّ بتجارب مماثلة ، 

علاقة بُنيت على هذا النوع من التناقضات …”


رفع باي ليو (6) عينيه إلى مو سيتشينغ، 

الذي ظل صامتًا وقد شبك يديه أمامه، 

وتابع : “ هل كانت ممتعة ؟”


احمرّت عينا مو سيتشينغ وتنهد تنهيدة طويلة ، 

و دون أن يدافع عن نفسه بكلمة ، 

انحنى برأسه وركع على ركبتيه 

توسل قائلاً : 

“ أرجوك… دع جورجيا يرحل ….

لقد تماديت ، في المرة القادمة سأتحكم بنفسي ، 

قتله الآن سيؤدي إلى تغيّر في إدارة المنطقة الثالثة ، 

وتغيير في التخطيط سيصعّب علينا التحقيق …”


كان مو سيتشينغ على وشك أن يكمل، 

لكنه بدا وكأنه اقتنع بعبثية إطلاق سراح جورجيا، 

لذا، وبعد أن لم يتلقَّى أي رد من باي ليو (6)، 

لزم الصمت وركع بلا حراك أمامه


خفض باي ليو (6) عينيه : “ كعلامة على احترامي لك 

ولجدية هذا العمل ، 

يمكنني أن أُطلق سراحه .”


رفع مو سيتشينغ رأسه بدهشة


ألقى باي ليو (6) نظرة باردة على جورجيا : 

“ لكن ليس هناك مرة قادمة .

و قبل ذلك ، يوجد شيء يجب أن يُعرض على هذا القائد من 

المنطقة الثالثة ، 

حتى لا يتذكر طرق تهريبنا .”


تنفّس مو سيتشينغ الصعداء : “ هل تقصد أداة لمحو الذكريات ؟”


باي ليو (6) بهدوء : “ لا ،،، 

سأدعُه يجرّب أداة جديدة حصلت عليها مؤخرًا ، 

تُدعى ' المستقبل ' ”


وبعد نظرة واحدة فقط على الأداة ، 

تجمد جورجيا وكأن روحه قد سُحبت منه ، 

ثم تُرك من قِبل باي ليو (6) في أرض قاحلة  – 


نفس الأرض القاحلة حيث كان مو سيتشينغ وأرماند أحيانًا يشربان معًا


مو سيتشينغ أبلغ أرماند سرًا ليأتي ويأخذ أخاه ——


جاء أرماند في حالة من الذعر ، وحمل جورجيا ، 

الذي كان ممددًا على الأرض مذهولًا ، وأخذه بعيدًا


– وكانت تلك بداية كل الكوابيس 


بعد شهر من صمت جورجيا واستعداده للانتحار ، 

دخل أرماند اللعبة بسبب حالة اليأس——


وبعد معاناة  عبر اللعبة ، 

رأى أرماند وهو على وشك الموت ، جانب مختلف من اللصّ 

المدعو مو سيتشينغ على الشاشة الكبيرة لأول مرة


ذلك الرجل كان يضحك بشماتة ، 

و يقتل بلا تردد ، ويتعامل مع حياة البشر كما لو أنها مجرد 

لعبة بين يديه، 

بينما يتبع رجلًا آخر ، 

تحوّل من لص إلى سلاح قاتل حاد لا يُقهر ، 

يضرب من أجل الدم


أرماند وقف مذهولًا بين الحشد الذي كان يهتف لمو 

سيتشينغ وهو يكسر عنق رجلٍ آخر ، 

ونظر إلى صديقه على الشاشة ، 

الذي بدا له غريب تمامًا، وقد غرق ذهنه في فراغ


{ إذًا هذا هو ما كان يقصده مو سيتشينغ عندما تحدّث عن ' اللعبة ' …


هل هذا هو…؟ }


وبعد فوز  مو سيتشينغ بمباراة أخرى ، 

رفع قميصه بلا اكتراث ليمسح العرق والدم المتساقط من فكه، 

ولوّح للجمهور الذين يشجعونه وهو يستعد لمغادرة الساحة


وكأنها كانت مجرد نزوة ، 

التفت باي ليو (6) إليه وسأله : “ أيّهما أكثر متعة ، 

هذه اللعبة ، أم لعبة الأصدقاء بينك وبين ذلك النائب من 

المنطقة الثالثة ؟”


تقلّص بؤبؤا مو سيتشينغ قليلًا ، 

ومع انخفاض مستواه الروحي ، 

انطلق تعطشه للقتل والسرقة ، 

وابتسم ابتسامة شرسة، 

كاشفًا عن أنيابه الحادة في زوايا فمه، 

كشيطان تمددت طبيعته بعد حمّام من الدم : “هذا لا يحتاج إلى سؤال .

بالتأكيد ، الألعاب هنا ”


كان أرماند واقفًا مثل تمثال خشبي وسط الحشد، 

بينما أضاءت الشاشة العملاقة خلفه بلونها الأبيض، 

وقاد باي ليو (6) فريقه المهلَّل به وهو يمرّ من أمام أرماند


وكان أكبر مساهم في اللعبة ، مو سيتشينغ – 

صاحب أكبر عدد من القتلى – 

يمشي خلف باي ليو (6)، 

مرّا بأرماند وأسقطه أرضًا بخطوته العنيفة


لم يكن مو سيتشينغ يهتم بأي لاعب بائس قام بدفعه أو أسقطه وهو يمشي


وفي مزاج غريب ، 

ألقى مو سيتشينغ نظرة متعالية إلى اللاعب الذي أسقطه، 

والذي لم يفعل شيئ سوى التحديق به ووجهه مغطى بالطين ، 

ثم شخر بازدراء على غبائه ، 

وغادر دون أن يلتفت خلفه


أرماند جالس على الأرض ، 

رفع رأسه بتوهان ، 

فرأى باي ليو (6) أمامه يلتفت إليه ، 

يلتقي بنظراته  ، 

ثم يبتسم وكأنّ شفقة ما قد راودته


رأى باي ليو (6) يبتسم ويتمتم له : “ إنها مجرد لعبة .”


— كلّها ، مجرد لعبة


أرماند المشتت نسي كيف خرج من اللعبة ، 

وتعثّر عائدًا إلى غرفته في مكتب الهرطقة ، 

حيث استخرج رسائل التحدي التي لا تزال بحوزته من مو سيتشينغ، 

ومزّقها بجنون وأحرقها في النار


استبدل كل تلك المشروبات التي شربها مع مو سيتشينغ، 

وكل هرطقة لعبا بها معًا، 

برصاصات فارغة ، وتخلّص مما يمكنه التخلص منه، 

وتقيّأ ما يمكنه تقيّؤه، ونسى ما يمكنه نسيانه


استلقى أرماند طويلًا على سريره، 

وأغمض عينيه، 

وكأنه يستطيع أن يشمّ رائحة الدم المتصاعد من تحت السرير، 

ويسمع ضحكة ذلك الشاب وهمس صوته وهو ينعته بالأحمق ، 

ويرى السماء اللامحدودة المليئة بالنجوم في الأرض القاحلة 


ولكن عندما فتح عينيه، 

كانت عينا أرماند البنيّتان خاليتين من أي شيء


نهض كدمية متحركة ، 

واستبدل الرصاصات الفارغة في مسدسه بأخرى حية ، 

واتصل بمو سيتشينغ – 


لم يعرف إن كان سيأتي ، 

وكان يأمل فقط أن يملك الصبر الكافي ليستكمل معه هذه

 “لعبة الأصدقاء” حتى نهايتها


وكان أرماند جاهز


ومو سيتشينغ جاء


فأنهى أرماند هذه “اللعبة بين الأصدقاء”، 

ووسط دموعه المتدفقة ، أطلق أول رصاصة نحو ' الشرير '

المليء بالأكاذيب ، 

وأحدث فجوة كبيرة في حلقه


وفي اللحظة التي سقط فيها مو سيتشينغ أرضًا ، 

نظر إلى أرماند بعينين يملؤهما عدم التصديق ، 

وكأنه لا يصدّق أن أرماند هو من فعل ذلك به ———


وبينما يتألم على الأرض ، تقلّص وجه مو سيتشينغ من شدة الألم، 

وحاول بصعوبة أن يحوّل يده إلى مخلب قرد ، 

وزحف باتجاه أرماند


ظنّ أرماند أنه مو سيتشينغ سيهاجمه ، 

فجمع ما تبقى من قوّته ، وأطلق رصاصة أخرى ——-


أصابت الرصاصة صدغه ، 

لكن مو سيتشينغ أمسك بيده بمخلب القرد وهو يهمس: “– أمسكت بأخيك ، 

أنا آسف –”


كانت يد مو سيتشينغ فوق يد أرماند ، 

كما لو أنه يريد مصافحته ، 

وعيناه الثقيلة تنظران إليه ، 

تلك العينان اللتان لطالما حملت ابتسامة ساخرة ، 

امتلأت الآن بالكآبة


هذا الشخص قد أُصيب برصاصة من أرماند ، 

لكن آخر كلماته كانت اعتذار لأنه أمسك بأخيه


امتلأت عينا أرماند بالدموع تدريجيًا


أراد أن يردّ على الشرير الميت ، 

لكن لم يستطع إخراج أيّ مقطع صوتي – 


أدرك أن مخالبه القردية قد قطعت حنجرته بعنف ، 

ومزّقت حباله الصوتية ، فلم يعد قادر على النطق


بدأ جسده يبرد ، ودقّات قلبه تبطؤ


وآخر ما رآه كان الأحذية الجلدية يقترب منه، 

وسوط أسود يُجرّ على الأرض ( باي ليو6 )


رأى أرماند الشاب يركع على ركبة واحدة، 

ويقلب رأس مو سيتشينغ – الذي أطلق عليه النار – 

ثم يحتضنه بلطف بين ذراعيه، 

ويغلق جفنيه اللذين لم يُغلقا بعد بيده المغطاة بالقفازات، 

بكل وقار


وسمع أرماند ذلك الشاب ينحني ويهمس لمو سيتشينغ 

الميت بهدوء : “ إن كانت هذه هي لعبتك المفضلة ، 

فهذه نهايتك .

لكن الموت ليس إلا نومًا طويلًا بالنسبة لك، 

وروحك ملكٌ لي لا تنفذ ، 

وسنجتمع من جديد حين نستيقظ .

نم بهدوء .”


كان صوت الشاب خفيف كالنسيم ، 

كما لو أن أب صبور يحاول تهدئة طفله العنيد ، 

و يروي له حكاية خرافية جميلة عن الموت


حاول أرماند بيأس أن يرفع رأسه ليرى من جاء ليجمع رفات مو سيتشينغ


لكن، مهما حاول أن يفتح عينيه ليرى وجه الشاب ، 

كانت جفونه تزداد ثقلًا ، 

وتنفسه يتباطأ أكثر مع كل كلمة غريبة وهادئة يتفوه بها ذلك الشاب


وقبل أن يغلق أرماند عينيه إلى الأبد ، 

فكّر أنه لو كان أخوه موجود الآن ، 

لكان قد وبّخه على هجومه الوقح ، 

وألزمه بكتابة مراجعة من 3000 كلمة عن علاقته المحرّمة 

بمو سيتشينغ – عدوه – ليسلّمها غدًا…


انسابت دمعة من طرف عين أرماند ، 

بينما روحه التي بدأت ترفرف مثل فراشة في مهبّ الرياح ، 

سقطت أخيرًا في النوم الطويل المسمّى بالموت


لقد هدأ الإعصار داخل ساحة اللعبة أخيرًا …..


يتبع






  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • عادي
  • متطور
  • ترتيب حسب الاحدث
    عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي