القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch361 | GHG

 Ch361 | GHG


كان جسد يانغ تشي مشبعًا ببرودة جليدية ، 

فارتعش واستفاق من حالة كابوسية أشبه بالغيبوبة


وبجانبه ، كونغ يانغشو يعبس وهو يحدق فيه، 

جاثمًا إلى جانبه :

“ما بك؟ تبدو شارد الذهن تمامًا .”


هزّ يانغ تشي رأسه بعنف محاولًا أن يصحو، 

واجبر نفسه بابتسامة متكلفة على وجهه الشاحب وقال:

“…… لا أعلم ما الذي يحدث بالضبط، 

لكن كلما ازددتُ تغلغلاً في ذكريات باي ليو، 

كلما وجدت نفسي أنجرف داخلها بسهولة أكبر… 

لم يكن الأمر هكذا من قبل…

ذكرياته غريبة، فيها ثلاث مناطق مطوية.”


حين ذُكر اسم باي ليو، بدأ الاهتمام يظهر على وجه كونغ يانغشو:

“ما هذه المناطق المطوية؟ 

نقاط الضعف؟ أو المناطق الخاصة؟”


أجاب يانغ تشي وهو يعبس:

“ لا شيء من هذا القبيل… 

الأمر أشبه بذكريات أُعيدت كتابتها ، 

تُشكّل طبقة أخرى فوق الذاكرة الأصلية ، 

وأشعر بشيء غير طبيعي عند استيعابها ، 

كأنني أتناول نفس الذكريات لنفس الفترة الزمنية مرتين .”


رفع كونغ يانغشو حاجبه:

“ أليس هذا يعني أن ذكريات باي ليو قد مُحيت وأُعيد 

نسجها ثلاث مرات ؟”


ابتسم ابتسامة ذات مغزى وأضاف:

“حتى ذكرياته قد تم التلاعب بها… 

لقد عاش باي ليو حياة مليئة بالتشوش ، على ما يبدو . 

على أي حال، الوحش الذي نحرسه لم يتحرك بعد، 

فلمَا لا تتابع القصة؟”


ثم جلس على الأرض واتخذ وضعية من لا يكترث، 

وقد ظهرت على وجهه ملامح فضول تافه:

“ لم أسمع شيئ ممتع الليلة . 

أخبرني بشيء يسرني .”


نظر يانغ تشي إلى وجه كونغ يانغشو، ثم قال متعمدًا:

“ أول انهيار في ذاكرة باي ليو حدث عندما كان في الرابعة 

عشرة من عمره ، حيث نشأ في ميتم خاص .


تعرّض باي ليو للكثير من التمييز والتعذيب هناك ...” 

تغيّرت ملامح يانغ تشي وبدت عليه بعض علامات الانزعاج، 

وكأنه شعر بالبرد، 

ففرك ذراعيه دون وعي، ثم قال:

“ عميدة الميتم لم تكن تطيقه ، 

وكان يعاقبه لأسباب تافهة ، 

كأن تزيد عليه المهام فجأة ، 

ثم تزعم أنه لم ينهي واجباته أو دروسه في الوقت المحدد ، 

فتجبره على الوقوف حافي القدمين في دلو ماء وسط الثلج في الشتاء . 

أو تأمره بكسر الجليد في درجات حرارة دون الصفر لتنظيف 

البركة خلف الميتم .”


ضيّق كونغ يانغشو عينيه وصفّر بإعجاب ساخر:

“ طفولة خاسر فاشل نموذجية إذًا ؟”


لكن يانغ تشي تابع قائلاً :

“ تلك الذكريات تم التلاعب بها لاحقًا من قبل شخص ما، 

وتمت إعادة كتابتها بالكامل ، 

والذكرى التي بقيت لدى باي ليو هي أنه نشأ بنجاح حتى 

سن الثامنة عشرة في ميتم حكومي ، 

حيث كانت الإدارة صارمة لكن المعاملة جيدة ، 

دون أي إساءة أو تعذيب . 

وكان المدرسون والعميدة يعاملونه بلطف ، 

والمشكلة الوحيدة كانت تمرده المستمر .”


قال كونغ يانغشو بنفاذ صبر :

“ تسسك ، إساءة لا تُذكر لا طعم لها ، 

لا يمكن أن تُخلّف أثرًا دائم . 

وماذا عن ثاني طيّة في ذاكرة باي ليو ؟”


بدأت ملامح يانغ تشي تزداد غرابة تدريجيًا وقال:

“ الطَيّة الثانية في ذكريات باي ليو حصلت عندما كان في 

الثامنة عشرة ، قبل أشهر من امتحان القبول الجامعي .”


كونغ يانغشو باستهزاء وابتسامة ساخرة :

امتحانات القبول؟ 

لقد تحرّينا عن درجاته سابقًا، 

حصل فقط على أكثر من أربعمئة نقطة، أقل مني بكثير ...


يبدو أنه حتى لو تفضل عليه أحد اللاعبين المتقدمين الطيبين من مكانٍ مجهول وعدّل له ذكرياته، 

و”أزال” ما يُسمى بصدمة الطفولة، فهو لا يزال فاشلًا لا يُرجى منه شيء. الخاسر يظل خاسرًا ”


ردّ عليه يانغ تشي، غير قادر على كبت نفسه:

“ في الحقيقة، كان مستوى باي ليو أسوأ من ذلك في البداية، 

لم يكن يحقق سوى ما يزيد قليلاً عن 300 نقطة .”


حتى كونغ يانغشو بدا مندهشًا هذه المرة:

“ أكثر من 300 نقطة فقط؟ 

ألم يدرس لثلاث سنوات في الثانوية ؟”


أجاب يانغ تشي:

“ من خلال ما أتذكره ، 

باي ليو لم يكن يُنصت في الصف أبدًا ، 

وكان ينام طوال الوقت تقريبًا . 

صحيح أن صديقه المقرب لو ييتشان أجبره على الدراسة 

لفترة، إلا أنه عاد سريعًا إلى عاداته .

كان يهرب من الدراسة الذاتية الليلية باستمرار ، 

ويقضي الوقت في لعب الألعاب الإلكترونية


وفي سنته الأخيرة ، تلقى باي ليو عقوبة تأديبية شديدة، 

سُجّلت في ملفه ، 

وتم انتقاده أمام المدرسة بأكملها ، 

وبعدها تدهورت درجاته أكثر فأكثر .”


رفع كونغ يانغشو حاجبيه:

“ درجاته بالكاد تبلغ نصف العلامة الكاملة ، 

فبأي اتجاه يمكنه أن ينحدر أكثر ؟ 

ما العقوبة التي تلقاها ؟”


يانغ تشي:

“ خدع أحد زملاءه ليسرق أموال من عائلته بغرض القمار، 

وتورط في شجارات مسلحة شارك فيها بعشرات الآلاف من 

اليوان ، 

وكاد أن يدخل السجن .


و في النهاية ، لكن والديّ الطالب الآخر لم يبلغا الشرطة، 

وقرروا حل المسألة وديًا . 

واعتذر باي ليو لذلك الطالب علنًا بعد أن وُبّخ بشدة ،، 

وسُجّل في ملفه إنذار تأديبي خطير .


كان من المفترض طرده ، لكن فانغ ديان ، الأولى على 

المدرسة ، 

ولو ييتشان الذي طالما حافظ على مركزه ضمن العشرة 

الأوائل، هددوا الإدارة بأنهما سيتركان المدرسة إن تم طرده .


صعد الاثنان إلى منصة رفع العلم ، 

وقرآ بيانًا أمام المدرسة بأكملها ، 

وحمّلا نفسيهما اللوم الكامل تقريبًا ، 

مما أجبر المدرسة على الإبقاء على باي ليو .


لكن بعد هذه الحادثة ، انهارت درجات باي ليو إلى ما فوق 

المئتين بقليل ، 

ورغم أنه لم يعد يتورط في شيء ، إلا أنه لم يدرس أيضًا . 

أصبح حديث الطلاب من حوله، 

الناس من حوله بدأوا يتنمّرون عليه ، 

كانوا يسخرون منه في العلن ، 

وفي كل مرة يذهب فيها للحمام و يعود ليجد أن طاولته قد اختفت . 

وسريره في السكن الداخلي كان دائمًا متسخ ، 

يُسكب عليه الماء وغيره… 

يمكن اعتبارها تنمّر مدرسي ، أليس كذلك؟


لكن رد فعل باي ليو كان باردًا جدًّا ، 

لم يبدُو عليه التأثر أبدًا. 


إن أُخذت طاولته، غيّر الصف وجلس في أي مكان ليستكمل نومه. 


لم يهتم بمن كان يدرس هناك أو أي صف كان ذاك. 


وإن لم يكن يستطيع النوم في السكن، 

كان يتسلل إلى مقاهي الإنترنت لينام هناك "


قال كونغ يانغشو وهو يضغط شفتيه ويطلق صفير ساخر :

“ يا له من جانح تمامًا .”


بدأت ملامح يانغ تشي تزداد غرابة أكثر فأكثر، ثم قال:

“ لكن في هذه المرحلة ، 

ظهر شخص غريب فجأة في ذكريات باي ليو .


أو ربما لا يمكن القول إنه شخص… 

فذلك الكيان لا يمكن لأحد رؤيته سوى باي ليو وحده، 

وكأنه شبحٌ مرافق ، 

أو ما يُسمى بـ[الصديق الذي لا يراه إلا أنا] 

والذي يتخيله الأطفال الوحيدون الذين يتعرضون لاختلال نفسي .


هذا الشبح رافقه في صمت ، 

يذهب ويعود معه كل يوم ، 

ولم يكن باي ليو يطرده . 

كان هذا الكيان كل ليلة ، يجلس مثل كلب عند قدم سرير 

باي ليو ، 

وأحيانًا يُسند رأسه عليه ويعانقه .”


شخر كونغ يانغشو بإزدراء :

“ دماغ باي ليو مختل فعلًا ، وهذا طبيعي ، 

الغريب لو لم يختل بعد كل ما مرّ به.”


قال يانغ تشي بصوت خافت، 

وهو يدفن رأسه بين كتفيه ويدخل أصابعه 

في شعره ويشده بقوة:

“…… لا أعلم إن كان عقل باي ليو هو المختل، 

أم أنني أنا من خلط بين الذكريات بعد أن أكلت كثيرًا منها .


هذا الشبح الذي ظهر فجأة في نهاية أيامه في الثانوية، 

الصديق الذي لا يعلم باي ليو إن كان قد تخيله بنفسه…


يبدو مطابقًا تمامًا لـ سبيدز !!! "


صُعق كونغ يانغشو وفقد صوته للحظة ثم همس :

“…… ماذا ؟!”


⸻——————————-

في الجانب الآخر ،  


باي ليو يقود مو سيتشينغ عبر حاجز مائي، 

ومن فوق جسر حجري جاف، 

متبعًا المسار الذي ظهر على شاشة التلفاز، 

حتى وصلا إلى سلسلة من الجبال البرية المغطاة بالقبور


القبور متفاوتة الحجم، 

منها الجديد ومنها القديم، 

وبعد انقضاء عيد تشينغمينغ بفترة قصيرة، 

لا تزال توجد أوراق نقدية مخصصة للعالم الآخر غير 

محترقة بجوار العديد منها، 


وُجدت شموع حمراء وبيضاء نصف محترقة مغروسة في التربة، 

وبعض الأشجار الجرداء تتدلى منها بقايا مفرقعات، 

وقد تناثرت نقود ما بعد الموت في كل مكان


أما القبور القريبة ، فكانت على ما يبدو تعود إلى سكان قرية 

يينشان المدفونين حديثًا، 

وكانت مصنوعة من الرخام، 

تحمل شواهد محفورة بالليزر بنقوش مرتبة، 

وصور فوتوغرافية للمتوفين بالأبيض والأسود


أما في الأماكن الأبعد ، 

فلم يكن هناك سوى قبور عارية، 

وإن حالفك الحظ قد تجد شاهد قبر خشبي بدائي بجانب أحدها، 

قد تآكلها الزمن لدرجة أن ما نُقش عليها بات غير مقروء —

لوحة محفورة لا أكثر


كان مو سيتشينغ يمسك بكاميرته في وضع الرؤية الليلية، 

يلتقط صورًا دقيقة لشواهد القبور على شاشة خضراء فلورية


في ظلمة الغابة ، وتحت الضوء الأخضر ، 

ظهرت صور شواهد القبور، 

وكان العجائز الذين يحملون شعر أبيض وابتسامات مرتبة 

في الصور، 

يحدّقون بصمت في الضيفين غير المدعوين اللذين قدِما 

لينبشوا قبورهم


ومع مرور اللحظة ، تحوّلت ابتساماتهم الطيبة ، التي وُجدت 

معهم في الأرض، إلى سخرية مريرة على وجوههم


ضمّ مو سيتشينغ يديه بخشوع وهمس 🙏🏻:

“ نعتذر على الإزعاج… مُجبرون لا أبطال، فلا تؤاخذونا”


: “ مو سيتشينغ تعال إلى هنا وصوّر من هذا الاتجاه .”

ناداه باي ليو من بعيد ——


خطا مو سيتشينغ بحذر فوق أحد القبور، 

ورفع الكاميرا باتجاه المكان الذي أشار إليه باي ليو، 

وضيّق عينيه قليلًا:

“ ما هذا  ؟”


على الأرض ، أمام هذه القبور ، 

وُضعت ثلاثة كؤوس من الخزف الأبيض مملوءة بقليل من 

نبيذ أبيض مختلط بالرماد، 

وثلاثة أطباق من اللحم النيئ بألوان وقوامات مختلفة، 

وكومة من الأوراق الذهبية التي تُستخدم كـ”نقود للعالم 

الآخر”، وأمامها أربع أعواد بخور مشتعلة ، وشمعتان، وكمية 

صغيرة من أوراق المال تحترق بطريقة شبحية


باي ليو:

“ هذا طقس يُستخدم لـ[اقتراض ثروة الين]، 

أحدهم سبقني إلى هذه المقبرة الجماعية. 

حيث دُفن أهل قرية ينشان الحقيقيين، 

وقد أعدّ الطقوس ونفّذ السحر ، 

واستعار كل طاقة الموتى وثروتهم .


الآن لم يعد بالإمكان اقتراض ثروة الين من هذا المكان، 

وبالتالي لن أستطيع إتمام المهمة .”


رفع نظره نحو مو سيتشينغ


زمّ مو سيتشينغ شفتيه غاضبًا وعض على أسنانه:

“ اللعنة كونغ يانغشو هذا الوغد يدبر أمرًا ما مجددًا !”


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي