Ch130
بعد أن استراح ليوم كامل، وعند أول ضوء للفجر، جمع تشي شياوتشي أغراضه على عجل، وكان ينوي التوجه إلى المدينة المجاورة.
لم تكن الأم دينغ مطمئنة، وأرادت أن تطلب من الأب دينغ أن يذهب معه بالسيارة.
أولًا، الدراجات النارية لم تكن آمنة، وثانيًا، السيارة تتسع للحمولات، أما الدراجة النارية الصغيرة، فحتى برميل وقود سيكون من الصعب نقله عليها.
طمأنها تشي شياوتشي قائلًا: "أنا معتاد على قيادة هذه الدراجة. ثم إن حصل شيء هنا عند محطة الاستراحة، وأنا أخذت السيارة، ماذا ستفعلون أنتِ والأب دينغ؟"
أخذ الاثنين الكبار معه لجمع المؤن لم يكن عمليًا.
وفقًا لذكريات دينغ تشييون، في الأيام الأولى بعد الكارثة، لم يكن هناك سلب ونهب قرب محطة الاستراحة.
جينغ زيهوا استطاعت حينها أن تعقد بعض الصفقات، واستبدلت سبعين لترًا من الوقود بقوس ميكانيكي يُستخدم في الصيد.
وبعد نصف شهر فقط من بداية العصر الجليدي، جاءت مجموعة صغيرة من البشر القدامى بهدف النهب.
لم يأتوا للتفاوض، بل أطلقوا الشتائم على جينغ زيهوا، وكانوا ينوون أخذها كغنيمة، مما اضطرها إلى إخراج القوس وقتل أحدهم على الفور، وإصابة آخر.
الباقون لم يكن لديهم أسلحة بعيدة المدى، وعندما رأوا مدى شراستها، ظنوا أن هناك من يساندها، ففضلوا الهرب بدلًا من المجازفة.
لهذا، في الوقت الحالي، البقاء في محطة الاستراحة كان الخيار الأكثر أمانًا.
مع ذلك، لم يكن تشي شياوتشي مرتاحًا تمامًا.
ذهب وجمع كمية كبيرة من الأغصان المجففة من المناطق القريبة، وأزال عنها الجليد وخزنها بعناية في زاوية غرفة الاستراحة لاستخدامها لاحقًا.
أخبر والديه أنه سيعود خلال ثلاثة أيام، ثم استدعى يان لانلان ليعطيها بعض التوجيهات.
كانت نصائحه بسيطة، حول كيفية التعامل مع الحيوانات البرية، والبشر الجدد، والبشر القدامى الذين قد يحاولون استغلالهم.
كانت يان لانلان لا تزال صغيرة، لكنها كانت تدرك تمامًا حجم المسؤولية التي أُلقيت على عاتقها.
خدشت أذنها بتوتر وقالت: "هاه؟ كل شيء سيكون على عاتقي؟"
رد تشي شياوتشي: "اثنان كبيران واثنان صغيران، ستتحملين أنتِ وجينغ جيا جزءًا أكبر من المسؤولية."
قالت يان لانلان: "أنا لا أقصد العم دينغ والعمة دينغ، أنا أقصد ذلك الشخص هناك."
وأشارت بذقنها نحو المتجر الصغير.
أعطاها تشي شياوتشي شيئًا وضعه في يدها، وابتسم.
قال: "إذا لم يسبب لنا المشاكل، فسيكون الوضع هادئًا. وإذا فعل، فسيكون المتجر لنا. في كل الأحوال، لن نخسر شيئًا."
عندما رأت يان لانلان ابتسامته، وشعرت بثقل الشيء الذي في يدها، شعرت بالكثير من الطمأنينة.
قالت: "لا تقلق، سأعتني بكل شيء."
كانت صغيرة في السن، لكنها شديدة الولاء.
وبما أنها وعدت أن تعتني بكل شيء، فلن تُهمل أي تفصيلة. حتى لو كلفها الأمر حياتها، كانت مستعدة للمواجهة.
بعد توزيع المهام، بدأ تشي شياوتشي يملأ دراجته بالديزل، مستعدًا تمامًا للانطلاق في رحلته.
من نافذة المتجر، رأى شياو هان، الذي كان يرتجف من البرد، ذلك المشهد، وانفجر ضاحكًا.
ففي يومين فقط، شعر بالاختناق من البقاء في ذلك المتجر الصغير.
لا أجهزة إلكترونية لتضييع الوقت، وكل الأكل والشرب وحتى قضاء الحاجة يتم داخل هذا المكان الضيق الذي لا يتجاوز بضع عشرات من الأمتار.
كان خائفًا من أن يأتي أحد ليسرق متجره الصغير، وخائفًا أكثر من أن لا يستيقظ في أحد هذه الأيام الباردة.
فأجبر نفسه ببساطة على البقاء متيقظًا، دون أن يغفو لحظة واحدة، يركض ذهابًا وإيابًا بين الممرات ليُدفئ جسده، ويعذب نفسه حتى احمرت عيناه بالكامل من الإجهاد.
وعندما لم يعد قادرًا على الاحتمال، أراد أن يشرب كوبًا من القهوة ليبقى مستيقظًا، لكنه لم يجد ماءً ساخنًا في أي مكان. فلم يكن أمامه سوى أن يصب علبة من بودرة القهوة في زجاجة مياه معدنية، كانت ممتلئة بخليط من الماء والثلج. وحتى بعد أن رجّها لنصف نهار، لم ينجح في إذابة الخليط جيدًا.
وعندما سكبها في فمه، ابتلع كتلة لزجة تشبه العجين، كانت مقززة للغاية.
لكن لحسن الحظ، كل ذلك سيكون له مقابل قريبًا.
فبمجرد أن يرحل هذا المزعج اللعين، سيتمكن من الذهاب لتلك المجموعة والتحدث معهم "حديثًا جادًا".
فرك يديه، اللتين تخدرتا تمامًا من البرد، ثم تخطى أغلفة الشوكولاتة المبعثرة على الأرض وحول المنضدة.
أمسك بالسكين القابلة للطي في يده، ثم رأى أنها لا تكفي، فأخذ سكين فاكهة صغيرة طولها بوصة ووضعها في جيبه.
وبينما كان يستعد، بدأ يفكر في الأعذار التي سيقولها.
فعندما يغادر دينغ، سيغيب على الأقل عشرة أيام أو ربما نصف شهر.
وهذه المجموعة من النساء والأطفال وكبار السن ليس لديهم طعام يأكلونه، وقد بقوا في تلك المحطة لمدة يومين كاملين. كيف لهم أن يمكثوا دون أن يدفعوا شيئًا؟
حتى وإن كانت هذه منطقة استراحة مجانية، فبما أن العالم قد تغيّر، يجب أن تتغير القواعد أيضًا.
وإذا لم يلتزم العجَزة والضعفاء والمرضى بالقواعد، فعليه هو أن يُعلمهم ما...
لكن بينما كان شياو هان سارحًا في أفكاره بسعادة، سمع فجأة صوت خشخشة عند الباب.
وعندما رفع رأسه، وجد أمامه دينغ تشييون الضخم يقف عند باب المتجر، منحنٍ وهو يعبث بمقابض الباب الخارجية.
كانت أول فكرة طرأت في ذهنه: "سرقة!".
وفي ذعره، أخرج السكين بسرعة، لكنه بسبب قلة خبرته، جرح يده بنفسه.
في الخارج، رأه دينغ تشييون يضغط على يده اليمنى الملطخة بالدم، يلهث من الألم.
رفع حاجبه بتعجب، ثم وضع يده على الزجاج وقال بنبرة هادئة:
"يا سيد، أنا أعلم أنك تحرص كثيرًا على مؤنك الحالية. كن مطمئنًا، سنبحث عن مؤننا بأنفسنا، ولن نأتي لنأخذ ما لديك."
عندما نظر شياو هان إلى الباب، اتسعت عيناه.
على المقابض الخارجية، تم تثبيت قفل على شكل حرف U، ضخم الحجم، ضعف حجم القفل الذي وضعه من الداخل.
ربت دينغ تشييون بلطف على الزجاج قائلاً:
"أنت وضعت قفلًا من الداخل، لذا ومن باب إظهار النوايا الطيبة، وضعنا قفلًا من الخارج. هكذا يصبح الأمر عادلًا، أليس كذلك؟"
... عادل مؤخرتك !
لكنه لم يجرؤ على التفوه بشيء أمام دينغ تشييون، الذي كان أطول منه برأس كامل.
لم يقدر إلا أن يراقبه وهو يركب دراجته النارية وينطلق مبتعدًا.
برزت عروق الغضب في جبين شياو هان، وكان يود لو يركل الباب.
لكن، من دون هذا الباب، ألن يتمكن أي شخص من الدخول وأخذ ما يشاء؟
وبعد أكثر من يوم، بدأ شياو هان يدرك ببطء أنه إن لم تعد الكهرباء والذكاء الاصطناعي للعمل، فإن هذا المتجر الصغير سيكون مملكته الخاصة.
لكن الوقود الموجود في الخارج، وخزان الوقود تحت الأرض، يشكلان ثروة أكبر بكثير.
وإذا استغلهما جيدًا، فربما يستطيع أن يحصل على الكثير من المنافع.
كانت جينغ زيهوا دائمًا امرأة حذرة وذكية.
أن يتوقع منها أن تتخلى طواعية عن قطعة الكعكة هذه، كان ضربًا من الخيال.
راح شياو هان يتجول في المتجر المتسخ ذهابًا وإيابًا بنفاد صبر.
وبدأ يضع خطة: أن يكسر النافذة الخلفية في منتصف الليل، ويتسلل منها ليتحدث مع جينغ زيهوا، ويقنعها بطرد هؤلاء الغرباء بأسرع وقت.
وإن لم تنجح الفكرة، فليكن بينهما تحالف، يتقاسمان من خلاله موارد المتجر.
فكّر شياو هان في نفسه: كلما زاد عدد الناس، زادت المشاكل. بعد أن يُطرد هؤلاء الضيوف غير المرغوب فيهم، سيتمكن من قضاء المزيد من الوقت مع جينغ جيا.
وربما يستطيع حتى أن يحصل على كل ما يريد، ويكوّن علاقة جيدة معها.
فهي امرأة مطلّقة حادة الطباع، ومعها حتى طفل صغير، وإن أرادت إيجاد شريك جديد، فلن يكون الأمر سهلًا.
أما هو، فلم يسبق له الزواج من قبل.
وإذا انتهى به الأمر مع جينغ جيا، فستكون تلك نعمة لها.
ومع ذلك، لم يكن يحتقر جينغ جيا.
فعلى أي حال، سيقضيان حياتهما معًا، أليس من الطبيعي أن يتسامحا مع بعضهما في بعض الأمور؟
هذه الأوهام الصغيرة كانت كافية لتبقي شياو هان منشغلاً حتى المغيب، حين بدأ الظلام يحل.
وانتشرت رائحة الأرز المطهو بالبخار في الهواء.
كان الأرز من النوع الفاخر ذو الحبات الكبيرة، وقد تم تعقيمه بالأشعة فوق البنفسجية، مما سمح بتخزينه لفترات طويلة حتى في الصيف.
وكان الأرز المطهو أشبه باللؤلؤ، ناعمًا ودبقًا في آنٍ معًا.
كان الجميع يضعون ملعقة من صلصة فطر الشيتاكي المعلبة على أرزهم.
وكانت الفطرات لينة ومتماسكة في نفس الوقت، وعند مضغها كانت تشبه اللحم في قوامها، ومذاقها مالح ولذيذ.
إنها أفضل ما يمكن تناوله مع الأرز.
وبينما كانت الرائحة الشهية تتسلل إلى أنفه دون انقطاع، سال لعاب شياو هان كالشلال، لكنه لم يكن يملك سوى تناول شعرية سريعة التحضير.
وكان طعم التوابل والمواد الحافظة يملأ فمه، فيما عينيه تتابعان المشهد خارجه بحسرة، يبتلع طعامه بصعوبة حتى كاد يختنق، وتدحرجت عيناه إلى الوراء.
قاوم رغبته إلى أن اختفى عبق الأرز وتوقفت أصوات غسل الصحون.
عندها، أمسك بقميص ولفّه عدة مرات حول قبضته، ثم ضرب زجاج النافذة الخلفية مرات متتالية حتى تحطّم.
وبعد أن أخرج بقايا الزجاج من الحواف، تسلّق النافذة ببطء وتلعثم، حتى خرج منها.
كان يظن أن الجميع قد غط في النوم.
ولهذا، عندما رفع سكينه وزحف بهدوء ليفتح الباب، مستعدًا لاستغلال لحظة غفلتهم بعد النوم، فوجئ بجينغ زيهوا جالسة بجانب موقد النار في الوسط، تضيف الحطب إلى النار.
ولم تكن جينغ زيهوا وحدها، بل لم يكن أحد نائمًا.
الجميع وجّهوا أنظارهم إلى هذا الزائر الذي اقتحم المكان في منتصف الليل.
شياو هان: "......" يا للحرج.
عبست جينغ زيهوا وهي تحدّق في السكين بيده، وقالت: "ماذا تحاول أن تفعل؟"
لم يكن شياو هان ذكيًا.
وفي هذه اللحظة، كان دمه يغلي في رأسه حتى كاد ينفجر. وبما أنه بدأ بالفعل، لم يعد هناك مجال للتراجع.
عض على أسنانه وقال: "جميعكم اذهبو للخارج ! هذا أمر من لاوزي!"
فتحت هي وانوان وجينغ ييمينغ أعينهما بذهول.
وعانقت والدة دينغ رأس جينغ ييمينغ الصغير، وبدأت بطمأنته بلطف، تطلب منه ألا يخاف.
أما يان لانلان، فوضعت هي وانوان خلفها، ومدّت يدها داخل كيس نومها، تمسك بالسلاح الذي سلّمه لها دينغ تشييون قبل أن يغادر.
قال والد دينغ بوجه عابس: "يا بني، تكلم بأدب. لاوزي من؟"
نظر شياو هان إلى موقد التدفئة، وأكياس النوم الدافئة، والماء الساخن الذي كان يغلي في القدر، فاشتعل قلبه غيرة، واحمرّت عيناه. ثم صرخ: "أنا هو لاوزي !"
كانت جينغ زيهوا تعلم أن الشخص الواقف أمامهم مجرد أحمق لا أكثر، فردّت عليه مباشرة: "بأي حق تطردهم؟ أنا من دعوتهم للبقاء هنا."
أخذ شياو هان يلوّح بسكينه وقال: "جينغ جيا ، ألا ترين؟ معهم أشياء كثيرة رائعة!"
جينغ زيهوا: "هذه أشياؤهم! وليست لك––"
"من قال إنها ملكهم ؟! أنا اريدها، يعني اصبحت ملكي ! معي سكين!"
وحين بدأت ملامحه تخرج عن السيطرة، أخرجت يان لانلان السلاح الذي أعطاها إياه دينغ تشييون.
وصوّبت فوهة المسدس السوداء والجوّفاء مباشرة نحو وجه شياو هان، وقالت: "اخرج ! اذهب للخارج حالًا!"
شياو هان: "......" زاد الموقف حرجًا في لحظة.
لكن بالنسبة لشاب محدود الذكاء ويعاني من التفكير بغرائزه، كانت حركة يان لانلان أشبه بإلقاء مفرقعة في مستنقع.
وبعد لحظة ارتباك، ازداد هيجانه أكثر، وصرخ: "اطلقي النار! هيا، اطلقِي الآن!"
وأشار إلى جبهته: "تستطيعبن التصويب صحيح ؟ ها؟ تأكدي إنك تصوبين جيدا ، لا تصيبين أحد غيري. كل طلقة تساوي حفرة دم!"
تغيرت ملامح يان لانلان فجأة.
فالمسدس الليزري كان من الأسلحة الأسهل استخدامًا، لكنها حين فكّرت بأنها قد تصيب شخصًا آخر بالخطأ، بدأت تشعر بالذنب قبل حتى أن تطلق النار.
عندما لاحظ شياو هان أن يان لانلان تراجعت قليلًا، انتفخ صدره فخرًا وقال:
"الن تطلقي ؟ يا فتاة، الم تكوني جيدة في الحديث ؟ هيا اطلقي النار... آه!!"
انطرح أرضًا فجأة بركلة قوية من الخلف، وفقد على الفور نصف أسنانه الأمامية.
خلفه كان يقف تشي شياوتشي، يكسوه الهواء البارد، والثلج والصقيع.
وخلف تشي شياوتشي وقف شابان بملامح طفولية وعيون ناعسة.
لم يعرفا ما الذي حدث، لكنهما تحركا على الفور من كلا الجانبين للإمساك به.
الأكبر قليلًا منهما كانت حركته احترافية، واستخدم قبضة ذراع نموذجية وقال:
"الكابتن دينغ، أمسكت به."
بعد دخول الغرفة الدافئة، أغلق تشي شياوتشي الباب دون أن ينطق بكلمة، ثم أخذ السكينين من على جسد شياو هان.
بعد أن أُسقِط أرضًا ونُزعت منه أسلحته، بدأت سخونة دمه بالبرود، وبدأ يعود لرشده.
تمنى حينها لو يستطيع صفع نفسه صفعتين، ثم حاول التبرير قائلًا:
"أنا... أنا شربت كثير. ، سامحوني!"
لوّح تشي شياوتشي بيده للأخوين الشابين وقال:
"اسحبوه للخارج ، حتى لا يزعج نوم عائلتي ."
ثم استدار وقال:
"بعد ان اخرج ، اجعلي الأطفال يسدّوا آذانهم. سوف اقوم بتعليمه ما هي حدوده."
أطاعت هي وانوان فورًا.
أما جينغ ييمينغ فظلّ يريد أن يشاهد ما سيحدث، بصوته الطفولي:
"أنا لم اعد طفل بعد الان !"
لكن والدته غطّت أذنيه دون رحمة.
وبينما تم سحب شياو هان إلى الخارج كأنه كيس مكسور، لم يقل تشي شياوتشي كلمة زائدة.
ركل خصر الرجل الملقى على الأرض وقال:
"شربت كثيرًا؟"
ثم ركلة أخرى في البطن:
"شربت كثيرًا؟"
كرر السؤال مرات عديدة، حتى لم يعد شياو هان يحتمل، فانهار باكيًا:
"ل... لم اشرب كثيرا ، كانت الأرواح تلبستني، آسف يا أخي دينغ، كنت مخطئ، كنت مخطئ––"
قال له تشي شياوتشي بهدوء قاتل:
"أنت لا تشعر بالندم لانك اردت سرقتها . أنت نادم لأنك اخترت التوقيت الخاطئ، وصادفت فوهة مسدسي."
كُشف تفكير شياو هان، وتصبب جبينه عرقًا، ولم يجد سوى أن يهز رأسه وينكر وهو يبكي.
لم يعد تشي شياوتشي متسامحًا. فتش في جيوبه حتى وجد مفتاح قفل الدراجة.
وبعد العثور على المفتاح، لم يعد شياو هان ذا فائدة.
أعطاه تشي شياوتشي إنذارًا نهائيًا:
"ارجع للحفرة اللي خرجت منها. لظيك خمس دقائق لتجمع فيها الضروريات من المتجر، وبعدها تخرج من هنا."
شياو هان شعر وكأنه صُعق في يوم مشمس:
"المتجر ملكي..."
"مين قال إنه ملكك؟" رد تشي شياوتشي بكلماته هو نفسه:
"أنا أريده، يعني اصبح لي."
ثم نظر إلى ساعته وقال:
"باقي أربع دقائق وخمسين ثانية."
حاول شياو هان يائسًا الاعتراض:
"خمس دقائق لا تكفي..."
تشي شياوتشي: "ثلاث دقائق."
شياو هان: "فقط منذ ثانيه كانت––"
تشي شياوتشي: "دقيقتين وخمسين ثانية."
قفز شياو هان وركض عائدًا، لم يجرؤ على قول كلمة أخرى.
وفي النهاية، أعطاه تشي شياوتشي كامل الخمس دقائق ليجمع أشياءه.
فحمل ثلاث كراتين نودلز فورية، كرتونتين ماء، وكرتونة نقانق، ووضعها في السيارة، ثم فرّ هاربًا نحو مقاطعة غوانغ في الجنوب.
لكن تشي شياوتشي لم يخبره أن المدينة التي يتجه إليها ستتعرض لهجوم كبير من الثعابين بعد نصف يوم فقط.
فمثل هؤلاء الأشخاص، إن ظلوا أحياء، سيصبحون عبيدًا إن تعاونوا مع البشر الجدد، بلطجية إن تعاونوا مع القدماء، عبئًا إن تعاونوا مع الطيبين، وأذى إن تعاونوا مع الأشرار.
لذلك، من الأفضل أن يخوض معركة حقيقية مع الوحوش، ليفهم ما تعنيه وحشية الحيوان.
فتح تشي شياوتشي القفلين، وتفقد المؤن المتبقية في المتجر، ثم بدأ بنقلها مع الأخوين صغيري الوجه إلى غرفة فارغة مجاورة.
كان قد قال إنه سيغيب ثلاثة أيام، لكنه في الحقيقة كان يملك خطة منذ البداية.
يوم واحد كان كافيًا تمامًا للذهاب والعودة.
شياو هان كان نموذجًا للمواطن العادي الصغير الحقير: قاسٍ، جبان، وجشع.
لم يكن لديه سجل إجرامي من قبل، لكن فكرة الجريمة كانت حاضرة في ذهنه، وكان يعتقد أن الليل أكثر أمانًا لارتكاب الجرائم.
لذا، لم يكن ليُحدث مشاكل مع يان لانلان والبقية أثناء النهار. على الأرجح، كان سيتحرك أول ليلة، ليطرد والدي تشي وشركاءه، ثم يسرق المؤن.
الأخوان سون كانا في المدينة المجاورة، وكانت الرحلة على الدراجة النارية لا تستغرق أكثر من ساعتين ذهابًا وإيابًا.
لو خرج صباحًا، فبوسعه العودة قبل الساعة الثامنة مساءً.
سون يان، الأخ الأكبر لعائلة سون، كان عضوًا سابقًا في فريق دينغ تشيويون.
تقاعد مبكرًا مثل القائد بسبب إصابة، وكان يعمل في شركة شحن.
أما أخوه الأصغر، سون بين، فكان يدرس هندسة النظم، وقد حصل على الدكتوراه في سن الرابعة والعشرين.
وكانت علاقة الأخوين جيدة جدًا.
عندما كان في الجيش، سمع دينغ تشيويون من سون يان مرة واحدة فقط أن شقيقه الأصغر وُلد في نفس يوم ميلاده، 12 سبتمبر، برج العذراء.
كان يحب الطعام الحار، يستطيع حفظ الكتب، يحب الحيوانات الصغيرة، عبقري لكن متواضع، سهل المعشر وهادئ الطبع، لكن تصرفاته أحيانًا كانت غريبة.
عندما وقعت الكارثة، كان سون بين يقيم في سكن أخيه سون يان، وقد خططا لقضاء الليل في لعب ألعاب السباق.
عند الهروب، قاد سون يان شاحنة فارغة كان معتادًا على قيادتها في عمله.
وهذه الشاحنة أصبحت وسيلة النقل الرئيسية لفريق دينغ تشيويون فيما بعد.
في البداية، كان سون يان هو من يقودها دائمًا لأنه سائق عسكري محترف.
أما سون بين، الذي ولد للتعامل مع الذكاء الاصطناعي المتقدم، فلم يكن يعرف حتى الفرق بين دواسة البنزين والفرامل.
قبل أن يموت سون يان، أمسك بدينغ تشيويون وقال له:
"الكابتن دينغ، اعتنِ بشياو بين جيدًا."
وقال أيضًا:
"زينة بيكاتشو المعلقة على المرآة الأمامية لا ترمها. الكل يقول إنها قبيحة، لكنها كانت أول هدية عيد ميلاد أهداني إياها شياو بين حين كان عمره خمس سنوات."
وأخيرًا، نادى على اسم سون بين ثلاث مرات قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
بعد وفاته، تعلّم سون بين القيادة بسرعة.
ولم يغادر مقعد القيادة بعدها أبدًا.
حتى وهو نائم، كان ينام محتضنًا المعطف الذي تركه له أخوه.
لحسن الحظ، الأخوان لا يزالان على قيد الحياة.
ولحسن الحظ، كانا واقفين أمامه الآن.
بعد أن انتهى من أمر شياو هان وجرد المؤن المتبقية، وضع تشي شياوتشي أيضًا المولد اليدوي الذي اشتراه سابقًا، وعددًا من العلب، وأغطية نوم، وبرميلين من الماء المحكم الإغلاق في المستودع الجديد كأنها "مؤن جديدة" أحضروها من الرحلة.
عندما خرج، وجد يان لانلان بانتظاره في الخارج.
كانت وجهها الشاحب من البرد يحمل آثار خجل أيضًا، وقالت:
"الأخ دينغ، أنا آسفة."
نظر تشي شياوتشي إليها.
فأعادَت إليه المسدس بصوت خافت:
"أنا... وعدت بحماية الأخت جينغ والبقية. لكن لم استطع ان أطلق النار..."
فرد عليها بهدوء وهو يدفع المسدس نحوها مجددًا:
"نعم، تصرّفك كان خاطئ هذه المرة. في المرة القادمة، ركّزي على شيئين:
أولًا، إذا كنتِ غير متمرسة على استخدام السلاح، لا تخرجيه في مكان ضيق إلا إذا كانت آخر وسيلة.
ثانيًا، حين تكونين مجبرة، مهما كانت الظروف، بجب ان يكون لديك الشجاعة و اطلقي النار.
ليس فقط من اجل حماية الناس، بل ايضًا من اجل حماية نفسك."
في الواقع، بعد أن أعطاها المسدس، كان من المفترض أن يشعر تشي شياوتشي بالأمان التام.
يان لانلان كانت صغيرة ومندفعة، مملوءة بالاندفاع الطائش، وتعتقد أن الموت شيء بعيد عنها، كأنه لا يصيب إلا الآخرين. كانت تظن أنها مركز العالم، وأنه مهما مات الناس، لن يكون دورها.
لكن يان لانلان لم تكن تعرف ما معنى الموت.
أما دينغ تشيويون، فكان يعرف، وكذلك تشي شياوتشي.
ولهذا، كان لابد أن تتعلم. وكان لا بد له أن يعلّمها.
ملاحظة المؤلف:
شاحنة ×1، زملاء قدامى ×2، مؤن متجر ×1.
تعليقات: (0) إضافة تعليق