القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch64 | Rainfall: 100%

 Ch64 | Rainfall: 100%


الجمعة، طقس غائم ——


عند طاولة المختبر ، رفع شي ييجين نظره نحو النافذة مجددًا


السماء ملبدة بطبقة كثيفة من الغيوم، 

والجو الخانق أثقل صدره وكأنه حمل لا يُحتمل


بعد لحظات ، عاد لعمله ، وانحنى ليعقّم حلقة الزرع التي 

في يده فوق لهب مصباح الكحول الثابت


ثم غمسها في زجاجة من محلول بكتيري مزروع، 

ورسم بها خطوطًا متوازية بعناية على وسط الآجار الغذائي


مقدمة العاصفة كانت دومًا الأصعب احتمالًا


في البداية ، كان شي ييجين يأمل ألّا يهطل المطر


لكن حين أدرك أنه لا مفر منه، بدأ يتمنى لو يأتي بسرعة ، 

فقط ليضع حدًا لعذاب الانتظار


{ لكن لحسن الحظ ،،،  ما سأُواجهه اليوم هو عاصفة مطرية 

تنبأ بها تقرير الطقس ،،،،، 

وعلاوة على ذلك …. }


ظهر صوت شاب دافئ ، مفعم بالحيوية : 


" الأرز المقلي في علبة البينتو اليوم ، كان لذيذًا جداً ." 


رفع شي ييجين رأسه فرأى تشين كان واقف بجانبه ، 

وهو يغلق أزرار معطف المختبر


: “ هممم،” تمتم شي ييجين، ويداه لا تزالان تتحركان بدقة :

“ أعددته من الطعام الذي تبقى من عشاء أمس  


: “ المتبقي ؟” مال تشين كان برأسه، وقد أثار الأمر فضوله :

“ لكننا لم نأكل سوى أرز أبيض فقط أليس كذلك؟”


أجاب شي ييجين ببساطة : “ أضفت إليه بيضة ، وبعض 

الملح ، وقليلًا من المرتديلا ، ثم قليته معًا .”


: “ لا عجب أنه كان عطِرًا إلى هذه الدرجة ! 

أشعر أنني لن أتمكن من تناول العشاء لاحقًا ”، قالها تشين 

كان بتنهيدة مبالغ فيها ، 

وإعجابه واضح لا تخطئه الأذن


وأثناء حديثه ، ألقى نظرة على تقدم شي ييجين في عملية الزرع ، 

ثم أخذ لفة من البارافيلم، 

وقص قطعة وناولها له : “ لكن أن نتحدث عن الطعام 

ونحن نتعامل مع البكتيريا ؟ 

ألسنا نوع غريب من المنحرفين ؟”


أخذ شي ييجين البارافيلم، 

وأغلق به أطباق الآجار الملقّحة : 

“ في الواقع، الإي كولاي هو طعام للديدان الخيطية .”


“…”


رمش تشين كان، ملامحه مشوبة باحترامٍ مضطرب :

“ نقطة تُحسب لك "


بخفة متقنة ، انحنى شي ييجين ووضع أطباق الآجار في 

الحاضنة المجاورة ، 

المضبوطة على حرارة ٣٧ درجة


لكن أثناء استقامته ، صدم بمرفقه شريحة زجاجية على الطاولة


رنّ صوت الزجاج المتكسر في الهواء ، وتجمّد كلاهما للحظة 


لحسن الحظ، كانت الشريحة قد صُوّرت مسبقًا صباح اليوم


أدرك تشين كان ذلك، فتنفس الصعداء بعمق

ثم كسر التوتر بضحكة باهتة : “ لا بأس. 

اعتبرها إعادة تدوير استباقية قبل أن تُرمى أصلًا .”


عبس شي ييجين بحاجبيه، يحدق في شظايا الزجاج على 

الأرض، وتلبدت ملامحه بالقلق


عرض تشين كان، يراقب وجه زميله بعناية : 

“ إن كان ذلك يزعجك ، يمكننا إلغاء العشاء الليلة ،

سأختلق عذرًا . سيتفهم الجميع .”


هز شي ييجين رأسه : “ لقد تم الترتيب للأمر بالفعل . 

الإلغاء في اللحظة الأخيرة سيخيب ظنهم .”


تردد تشين كان للحظة ، ثم أومأ بهدوء : “ حسنًا "


وبعد تنظيف الزجاج ، عاد تشين كان إلى مكتب شي ييجين، 

حيث قضى فترة ما بعد الظهر في كتابة الأوراق


وكان يشعر بإعجابٍ خالص؛ حتى في جمعة كئيبة ، 

حافظ شي ييجين على تركيزه الحديدي وأخلاقيات العمل 

الصارمة— وهي صفات كان تشين كان يراها مذهلة


لكنه كان يعرف أن هذا الانضباط مشروط


ففي الأيام الممطرة… كانت الأمور مختلفة


بحلول الساعة السادسة مساءً ، 

كان من المفترض أن يجتمع الجميع ويذهبوا سيرًا إلى مطعم إيطالي قريب


ومع اقتراب الساعة ، رفع تشين كان رأسه

: “ هل أنت مستعد للمغادرة ؟”


أومأ شي ييجين، وهو يغلق اللابتوب 

لكن قبل أن يتحرك، اهتز هاتفه الموجود على المكتب


قال تشين كان، وهو ينهض من كرسيه : 

“ أجب على المكالمة ، 

سأذهب إلى مكتبي لأخذ معطفي وأعود إليك هنا.”


وأثناء خروجه ، كاد يصطدم بـ هاو تشييوي، التي كانت 

تتسلل بنظرات حذرة إلى داخل كل غرفة، بتكتم يكاد يكون مضحكاً


سألها تشين كان، مستغربًا : “ ما الذي تفعلينه؟

تبدين وكأنك تتفقدين المكان لسرقة أجهزة المختبر وبيعها 

في السوق السوداء .”


احمر وجه هاو تشييوي بخفة : “ تشين غا هل ظهر شياو هي اليوم ؟”


فكر تشين كان للحظة ، ثم هز رأسه : 

“ لم أره أثناء تجارب الصباح . 

استغربت الهدوء غير المعتاد .”


: “ غريب ،” تمتمت هاو تشيوي : “ قال لي بالأمس إنه يريد 

مشاهدة تنفيذ PCR، لكنه لم يأتِي أبدًا . 

اضطررت لتنفيذه وحدي .”


وافقها تشين كان الرأي : “ غريب فعلًا ،

لقد كان يأتي باكرًا كل يوم هذا الأسبوع .”


: “ بالضبط ! وحتى لوو جياجيا لم تستطع التواصل معه—لا 

يرد على الويتشات ”هاو تشييوي بقلق : 

ربما مريض ، 

لكن… هل يعني ذلك أنه لن يأتي للعشاء الليلة ؟”


: “ أنتِ وبطنك،” تنهد تشين كان : 

“ إن كنتِ قلقة لهذه الدرجة ، اتصلي به مباشرةً . 

ربما طرأ عليه أمر طارئ .”


: “ حسنًا، سأحاول مجددًا ،” قالت هاو تشييوي، وأخرجت هاتفها


داعبت نسائم الخريف الباردة وجه تشين كان وهو يستعيد 

معطفه ويعود إلى مكتب شي ييجين


عند الباب ، ——— توقّف




كان شي ييجين واقف عند النافذة ، هاتفه في يده ، 

وتعبير وجهه هادئ لدرجة مريبة


لكن الضوء الخافت من الخارج وتلاعب الظلال على وجهه 

جعله يبدو شاحبًا كالشبح


سأل تشين كان متجهمًا : “ هل كل شيء بخير؟”


أجاب شي ييجين بعد صمت طويل ، 

وهو يدير ظهره للنافذة : “ مجرد مكالمة عشوائية ”


أومأ تشين كان، متجاهلًا شعوره بالقلق : 

“ حسنًا . هل نذهب ؟”


وبينما يرتدي معطفه ، لاحظ أن شي ييجين لم يتحرك


: “ ما الأمر؟ لن تأتي ؟”


شي ييجين بصوت خافت : “ تذكرت للتو ،

جوناثان يحتاج إلى بعض البيانات لاجتماع الإثنين . 

وعدته أن أجهزها .”


رمش تشين كان بدهشة : “ في يوم جمعة ؟

أنت تعمل منذ بعد الظهر . 

لا يزال أمامك نهاية الأسبوع كاملة—لم لا تأخذ فترة من الراحة ؟”


لم يرد شي ييجين على الفور


راقبه تشين كان، والشك يتسلل إلى عقله : 

“ هل هذا بسبب—”


اعترف شي ييجين، ناظرًا في عينيه : “ نعم ،

أظن أنني ما زلت خائف .”


رغم ثبات نبرته ، حملت كلماته هشاشة لامست شيئ في أعماق تشين كان


: “ رغم أن المطر لن يبدأ حتى وقت متأخر من الليل ، 

فإن الخروج للعشاء ما زال يشعرني بعدم الأمان . 

أعتقد… 

أنني أُفضّل الانتظار في المنزل .”


كان هذا التفسير أكثر واقعية من العذر السابق


ومع ذلك، بقي هناك شيء غير مريح في الأمر


فقد ناقشا هذا الموضوع مرات عديدة من قبل


وفي كل مرة ، كان شي ييجين يؤكد — بلا تردد — أن الأمر لا يشكّل مشكلة


{ فلماذا تغير رأيه فجأة … قبل لحظات من الخروج ؟ }


تردد تشين كان قبل أن يتحدث : “ حسنًا ،،،

اذهب إلى المنزل واسترح أولًا . 

سأتناول العشاء مع البقية ، وسأُحضر لك شيئ . ما رأيك ؟”


أومأ شي ييجين : “ حسنًا "


ارتدى تشين كان معطفه وخرج من المكتب


أما شي ييجين، فقد أعاد نظره إلى البيانات الظاهرة على الشاشة، 

لكن بعد لحظات سمع صوت تشين كان يناديه


: “ شي ييجين "


رفع رأسه، ليلتقي بنظرة دافئة في عيني الشاب ذو العينان العسلية اللامعة


تشين كان واقف عند عتبة الباب ، 

صوته هادئ وصادق ،


: “ أريدك أن تعلم—بغضّ النظر عمّا يحدث ، 

يمكنك دومًا أن تخبرني "


تجمّد شي ييجين


فتح شفتيه قليلًا ، وكأنه على وشك قول شيء ، 

لكن تشنج حاد اجتاح معدته


و انغلق حلقه ، فلم تُتح لأي كلمة فرصة للهرب


وفي النهاية، لم يستطع سوى أن ينظر إلى تشين كان ويومأ برأسه


ظلّت عينا تشين كان تراقبان ملامحه ، 

كما لو أنه يبحث بين سطور وجهه عن الكلمات التي لم تُقال


تحدث تشين بعد صمتٍ طويل ، محوّلاً نظره بعيدًا : “ حسنًا ….

سأحاول أن أنهي العشاء معهم بسرعة . 

أعدك أنني سأعود قبل أن تبدأ العاصفة . انتظرني ، حسنًا ؟”


: “ حسنًا،” أجاب شي ييجين بهدوء


ومع تلك الكلمات ، غادر تشين كان المكتب




بعد عشر دقائق ، 

بدأت خطوات وأصوات تتردد في الممر


: “ تشين-غااا ، تشين-غاا ! سأطلب بيتزا بالفطر لاحقًا !” 


على صوت هاو تشييوي، مفعم بالحيوية كعادتها


ردّ هاو ووتشو : “ ذلك الشيء طعمه كأنه تعويذة شريرة ،” 


و من الأصوات ، بدا أن تشين كان قد غادر المختبر برفقتهم


رفع شي ييجين رأسه مجددًا ، ونظر نحو السماء


في البداية ، عاد شي ييجين إلى المنزل بسيارة أجرة


وحين دخل ، وقف في الممر ، شارد الذهن ، أفكاره متشابكة بين ما لم يُقال


لكن في النهاية ، مد يده نحو المظلة الموضوعة قرب 

الباب، وخرج من جديد


حين وصل إلى مجمّع شقق هي جيا زي، كانت السماء قد غرقت في غسق معتم


تلاشت الحدود بين الغيوم الرمادية والأفق المظلم، 

حتى بات من المستحيل التنبؤ بالطقس من خلال النظر فقط


ومع ذلك، كان شي ييجين يعرف جيدًا هذا الهواء الخانق—

علامة لا تخطئها حواسه أن العاصفة تقترب


استخدم الرمز الذي منحه إياه هي جيا زي، 

ودخل المبنى حتى وصل الطابق الخامس


وهناك ، وقف أمام أحد الأبواب وضغط زر الجرس


طال الانتظار حتى فُتح الباب


صدر صوت خفيف ، وانفتح الباب ليكشف عن هي جيا زي


ذلك الشاب الواثق، الذي دخل المختبر مرتديًا الجلد الأسود ومفعمًا بالجرأة اختفى تماماً الآن —— الذي يقف 

الآن أمام شي ييجين ، بدا شخص آخر كليًا —مبعثر ، ضعيف


آثار الدموع لا تزال تبلل وجهه ، 

والجانب الأيمن من وجهه متورم بوضوح ، 

كعلامة حديثة لصفعة


تجمّد هي جيا زي للحظة ، 

وعيناه الواسعتان تفضح عن دهشة عميقة ——

بدا وكأنه لم يكن يتوقع مجيء شي ييجين إطلاقًا ——-


خرج صوت مكبوت من حلقه، وامتلأت عيناه بدموع جديدة. “ غا …”


منذ أن التقى شي ييجين مجددًا ، 

بكى هي جيا زي أكثر من مرة ، 

لكن هذه الكلمة — التي طالما كبتها في أعماقه ، 

ولم ينطق بها إلا حين تُثقل مشاعره على صدره — 

انزلقت في لحظة ضعفه القصوى


لم يقل شي ييجين شيئ ، ونظر خلفه نحو الأريكة داخل الغرفة


—-  امرأة جالسة، أنيقة الملبس، 

لكن مظهرها غير مرتب. 

شعرها مبعثر، وآثار دموع باهتة لا تزال عالقة على وجهها


وفور أن وقعت عيناها على شي ييجين، 

خيّم على وجهها اضطراب صامت—غضب، صدمة، غيرة—

سرعان ما اندمجت جميعها في مشاعر كراهية فاضحة لا محاولة لإخفائها


لم يكن شي ييجين غريبًا عن تلك النظرة


فمنذ الطفولة وحتى الآن، 

لم تكن ' هي مين ' تُخفي مشاعرها أمامه إلا إن كانت في مزاج جيد


أما في غياب شي فنغ، أو حين تغضب، 

فكانت النظرة التي توجهها إلى شي ييجين واحدة لا تتغير عبر السنين


: “ هي جيا زي ؟!!!! ”

أشارت هي مين إلى شي ييجين، وصوتها يرتجف بغضب لا 

يُصدق وهي تصرخ: “ من أعطاك الجرأة لتأتي إلى لندن وحدك؟ 

إذًا، بما أنك الآن تظن أن لديك من يدعمك، انتهى بك الأمر 

للتخلي عن حياتك المترفة في الصين، أليس كذلك؟ 

تفضل أن تهرب إلى مكان كهذا وتعيش مع غريب، 

بدلاً من أن تنصت إلى والدتك؟ هكذا إذًا؟”


صرخت بهستيريا، ورفعت يدها كأنها على وشك صفعه


اندفع هي جيا زي غريزيًا خلف شي ييجين، وهو يصرخ بصوت عالي : “ لا… غا لم يكن يعلم أنني قادم . 

هذا قراري أنا وحدي…”


توقفت يد هي مين في الهواء ، 

حين سمعت ابنها يقول ' غا ' 

ارتجفت من الغضب ، عاجزة عن النطق


“… غا ؟؟! غاااا !”


استدارت نحو الرجل الواقف قرب النافذة ، 

وصوتها مليء سخرية وهي تصرخ فيه: 

“ شي فنغ هل كنت تعلم بخطط ابنك أيضًا ؟ 

أنتم الإثنان—لا، أنتم الثلاثة—كنتم تتآمرون من خلف ظهري، أليس كذلك؟ 

أخفيتم عني كل شيء، تعاملتم معي كأنني حمقاء أليس كذلك ؟”


تبع شي ييجين يدها المرفوعة ، لينظر إلى الرجل الواقف عند النافذة


كان واقفًا بصمت ، يدخن سيجارة ، بهدوء بارد وكأنه مجرد مشاهد لا علاقة له بالمشهد


وجه شي فنغ ظل هادئ ، كأن كل ما يحدث حوله ليس بجديد عليه


توارى خلف دوائر الدخان ، 

وكأن هذه الدراما العائلية باتت أمرًا معتادًا بالنسبة له، 

وكأن ما يدور لا يمسه، 

حتى أنه لم يتكلف عناء التظاهر بالاهتمام


لكن عندما رأى شي ييجين واقفًا عند الباب، ارتجفت يده قليلًا


لمعان خافت—شبه غير مرئي—مرّ في عينيه خلف النظارات


حدّق في شي ييجين للحظة، ثم، متجاهلًا صراخ هي مين، خطا ببطء نحوه


تلاقت عيناه بعيني شي ييجين، وهمس بصوت خافت: “ شياو جين…”


رفع يده، وكأنه يهم بلمس كتفه


لكن ما إن اقتربت أطراف أصابعه من كتف شي ييجين، 


تراجع ييجين خطوة للخلف بصمت، 

وصوته بالكاد مسموع حين تكلّم :

“ البروفيسور شي "


تشنّج جسد شي فنغ، وتجمّدت يده في الهواء


وسمع شي ييجين يتابع بهدوء ، 

بصوت خالي من أي انفعال:


: “ لا أتحمّل رائحة الدخان . 

هل يمكنك أن تطفئها أولًا ؟”


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي