Ch31 | SJUTM
قيّم شي ونشوان جي يوان بنظرة مليئة بالشكّ وهو يدخل صالة الاستراحة ——-
لم يكن جي يوان طويلًا،
إذ بلغ طوله نحو 175 سم فقط،
وملامحه لم تكن مميزة على الإطلاق،
من النوع الذي لا يترك انطباعًا في اللقاء الأول
و الهالات السوداء تغطي أسفل عينيه،
وتوسط أنفه بثرة صغيرة — ربما بسبب قلة النوم — مما
جعله يبدو أكثر إرهاقًا وبهوتًا
مهما حاول شي ونشوان التفكير ، لم يستطع فهم السبب
وراء تذكّر شين أنتو لجي يوان بهذه الدقة ،
بل وتمكنه من تذكر اسمه أيضًا ——-
قال شين أنتو وهو يربت على الأريكة بجانبه :
“ تعال ، اجلس هنا . المشرف لم يضايقك ، أليس كذلك ؟”
تردد جي يوان لحظة ، ثم خطا نحو الأريكة وجلس على
مسافة لا بأس بها من شين أنتو ، و رد على سؤاله :
“ لا، فقط… عليّ الكثير من الديون،
وقد جاء بعض الدائنين بحثًا عني اليوم.
فظن المشرف أنني أُحدث شغبًا مرة أخرى…”
قال شين أنتو معتذرًا وهو يدفع إليه كوب الشاي الذي أعده له:
“ آسف لإزعاجك أثناء العمل .
تعرضت لحادث مؤخرًا ، وفقدتُ كثيرًا من ذكرياتي .
وعندما رأيتك، بدوتَ مألوفًا لي بشدة ، فلم أتمالك نفسي وناديتك .
عائلتي متوترة جدًا بسببي بعد الحادث .”
وعند ذكر ' العائلة ' — رمق جي يوان شي ونشوان بنظرة
غريزية ، وكان الأخير لا يزال يستند إلى الأريكة المقابلة،
يحدّق فيه بنظرات حادة منذ فترة
سأل جي يوان وهو يرفع كوب الشاي إلى شفتيه :
“ هل هذا شقيقك الأصغر ؟”
رد شين أنتو مبتسمًا :
“ يمكن القول ذلك.
لقد كان قاسيًا قليلًا في كلامه قبل قليل ، فأعتذر بالنيابة عنه "
ابتسمت عينا آنتو الجميلتان على هيئة أقواس فبدا مشرقًا للغاية
قال جي يوان وهو ينظر إليه مجددًا:
“ سمعت وقت الظهر أن أحد الزبائن الكبار حجز النادي لهذا اليوم .
لم أتوقع أن تكون أنت .”
ضحك شين أنتو :
“ ليس أنا، بل حبيبي. سأعرّفك عليه حين يأتي .”
تجمدت ملامح وجه جي يوان قليلًا :
“ لا داعي .
رأيته بالفعل عندما كنت أوصل الشاي لغرفتهم الخاصة .”
سأله شين أنتو بفضول :
“ حقًا ؟ كان هناك كثيرون ، كيف عرفت أيّهم هو؟”
أدرك جي يوان خطأه في الحال —— وتحت نظرة شي
ونشوان الثاقبة ،
بدأ عرقه يتصبب مجددًا ،
مبللًا بدلته التي كانت قد جفّت لتوها ،
“ من لم يكن يعرف أن حبيبك هو شي دوو حين كنا ندرس بالخارج…”
ضحك شين أنتو بحرج :
“ ههه، فهمت الآن .”
تنفس جي يوان الصعداء وسارع إلى تغيير الموضوع :
“ أنت لا تزال طويل القامة ووسيمًا كما كنت ،
بينما أنا انهرت بين ليلة وضحاها .”
كما هو متوقّع ، تشتت انتباه شين أنتو —
: “ كنت سأطرح عليك هذا السؤال—هل حدث شيء لعائلتك ؟
أتذكر أنك كنت ميسور الحال .”
روى جي يوان بإيجاز ما مر به،
بينما استمع شين أنتو بتعاطف واضح
وفي النهاية، سأله:
“ كم تكسب يوميًا من العمل كنادل ؟
كم من الوقت سيستغرقك سداد ديونك ؟”
هز جي يوان رأسه :
“ لا أعلم… لا أملك إجابة .”
ساد صمت ثقيل بينهما
حينها ، نظر شي ونشوان إلى رسالة على هاتفه ،
ثم قال أخيرًا وهو ينهض :
“ السيد جي، هل تودّ العمل في شركة ترفيهية ؟”
: “ هاه؟” رفع جي يوان رأسه بدهشة
اقترب شي ونشوان وجلس إلى جوار شين أنتو —- موضحًا مدى علاقته به
قال:
“ بما أنك صديق ساوزي، فأنت صديقي أيضًا.
مساعدتك أمر واجب، كما أنها فرصة لتعويضي عن سوء تصرفي سابقًا .
ما رأيك بالعمل كمساعد شخصي لي في شركتي ؟”
نظر جي يوان إلى شين أنتو بتردد —-
سأل شين أنتو بتردد :
“ هل أنت متأكد ؟ هل هذا حقًا لا بأس بهذا ؟”
هزّ شي ونشوان كتفيه قائلاً :
“ طالما السيد جي يستطيع القيام بالعمل ، فلا مشكلة .”
ولأن الحيرة لا تزال بادية على وجه شين أنتو ، أضاف شي ونشوان :
“ لم لا تسأل ابن عمي عندما يصل ؟
هو الرئيس الحقيقي على أية حال .
إذا وافق، فليس هناك ما يدعو للقلق .
ثم إن السيد جي بحاجة فعلية للمساعدة الآن .”
أومأ جي يوان برأسه ببطء :
“ إذن… شكرًا لكم .”
ساد الصمت في الغرفة من جديد ،
حتى تمدد شي ونشوان فجأة وقال بنبرة مرحة:
“ حسنًا ، بما أن الأمر قد حُسم ،
ما رأيكما أن نعود لما كنا نفعله ؟”
أشرق وجه شين أنتو :
“ نعم ! والآن أصبحنا ثلاثة !”
قال شي ونشوان وهو يجرّه معه نحو الباب:
“ هيا بنا .”
وعند عتبة الباب ، التفت شين أنتو إلى جي يوان الذي ما
زال جالسًا في مكانه، مذهولًا بعض الشيء:
“ ما بالك جالسًا هناك ؟ هيا !
أم أنك بحاجة للاستراحة قليلاً ؟”
نهض جي يوان متعثرًا وهو لا يزال في دوار :
“ إلى… إلى أين نذهب ؟”
———-
بعد ثلاث دقائق ، ———-
الثلاثي قد وصل إلى غرفة الألعاب في الطابق الرابع ،
وجلسوا حول طاولة الورق
في حالته المربكة تلك، لم يكن جي يوان يعلم لِمَ أُحضر إلى
غرفة الألعاب ليلعب الورق ،
لكنه تذكّر أن مهمته كانت إرضاء شين أنتو —- لذا قرّر أن
يساير الوضع كيفما كان
ولحسن الحظ فقد اعتاد على لعب الورق مع الزبائن من قبل
وبينما يخلط الأوراق بمهارة متمرسة ، سأل :
“ ما الذي ترغبون في لعبه ؟ بريدج ؟ بوكر ستد؟
أم لعبة تشا جينهوا؟”
كان شين أنتو قد وضع ذقنه على يديه المتشابكتين،
وتبادل مع شي ونشوان نظرة خفية وكأن كلاً منهما قرأ أفكار الآخر في لحظة واحدة
أشار شي ونشوان بإصبعه في الهواء قائلاً :
“ هل يمكننا اللعب… بتلك الطريقة ، كما تعلم…”
أنصت جي يوان بانتباه شديد ——-
⸻
بعد ساعة ——- ،
أنهى شي دوو اجتماعه مع ممثلي بلدية المدينة ،
ثم تبع تعليمات المشرف وتوجه نحو الطابق الرابع ،
حيث قيل إن شين أنتو موجود
لكن قبل أن يخطو إلى الداخل ،
سمع أصوات صياح وجدال حاد يتصاعد من غرفة الألعاب
“ أنت تغش ! لا بد أنك تلعب بخداع !”
كان صوت شي ونشوان عالياً إلى درجة أنه كاد يُطيّر السقف
ورد صوت ثانٍ فورًا بنفس الحدة :
“ تبا لك—هذا هراء !
لا زال معي أكثر من عشرين بطاقة ،
لماذا سأحتاج إلى الغش ؟
أنت فقط لا تتحمل الخسارة !”
: “ كيف يعقل أنك ربحت خمس جولات متتالية؟
أتحداك أن تُريني بطاقاتك !”
وفي تلك اللحظة ، قاطعهم صوت شين أنتو وهو يقول:
“ ياااااه ، نحن إخوة هنا، ما الفرق من ربح أكثر؟
شياوشوان، لا تقلق . الفوز خمس مرات متتالية ليس مستحيلاً .
لا زال لديك أكثر من عشر بطاقات — ربما الجولة القادمة ستكون من نصيبك ”
لم يتمكن شي دوو من فهم نوع اللعبة التي كانوا يلعبونها،
ففتح الباب ودخل قائلاً:
“ ما اللعبة التي تلعبونها ؟ الأجواء تبدو… صاخبة .”
في الداخل، كان شي ونشوان في قمة الغضب ،
وقد وضع قدمًا على الكرسي ورفع أكمام قميصه وكأنه
يستعد للعراك مع جي يوان
أما جي يوان ، فكان جالسًا لكنه مشدود العنق ووجهه
محتقن ، وكأنه سينفجر في أية لحظة
وحده شين أنتو جلس بهدوء على كرسيه ، بابتسامة لطيفة تعلو محياه
شي ونشوان كاد ينفجر بصراخ ' صاخبة مؤخرتك ! '
لكنه ما إن التفت ورأى أن القادم هو شي دوو —- حتى
خفّف نبرته وجلس بهدوء في مكانه كطالب مطيع
اقترب شي دوو من شين أنتو ووقف خلفه ،
ناظرًا إلى البطاقات على الطاولة ،
وكلما طال تأمله ، زاد ارتباكه
: “ ما نوع اللعبة الجديدة هذه؟”
عقد شين أنتو ذراعيه أمام صدره ،
متخذًا وضعية تنم عن غطرسة تمنعه من الرد
عندها زمجر شي ونشوان وأطلق نظرة حادة تجاه جي يوان،
مشيرًا إليه بعينيه كي يتكفل هو بالشرح
وكونه الحلقة الأضعف في القروب ،
لم يكن أمام جي يوان سوى الامتثال ، فقال بتردد:
“ ل-لعبة ‘القطة تصطاد السمك’.”
شي دوو: “؟”
تحمل جي يوان شعوره بالإحراج ليشرح قواعد اللعبة التي لا
تُلعب عادةً إلا بين الأطفال ~ :
“ تقسم البطاقات إلى ثلاث مجموعات .
يبدأ أول لاعب بوضع بطاقة على الطاولة .
بعد ذلك، يلعب كل شخص بالتناوب ،
حيث يغطي نصف البطاقة السابقة بحيث يظهر الرقم فقط.
إذا كانت البطاقة الجديدة تحمل نفس الرقم ،
يحصل اللاعب على جميع البطاقات الموجودة في الوسط.
أول من تنفذ بطاقاته يُعتبر الخاسر…”
كانت اللعبة بسيطة وسريعة ، وتعتمد بالكامل على الحظ
دون الحاجة لأي تفكير
“…”
نظر شي دوو إلى البطاقات أمام جي يوان،
ثم إلى ما تبقى في يد شي ونشوان،
وقال بنبرة محايدة:
“ يبدو أن هذا السيد محظوظ جدًا .”
عبث جي يوان برأسه بإحراج وقال :
“ نستخدم مجموعتين من البطاقات…”
وفي اللحظة نفسها تقريبًا ، تنحنح شين أنتو بخفة ،
ثم وضع بطاقاته على الطاولة بنبرة من الأناقة والاعتزاز
نظر شي دوو إلى الكومة المتكدسة أمامه —كانت تحتوي
على 108 بطاقة كاملة ،
وكان بحوزة شين أنتو ما يعادل مجموعة ونصف تقريبًا
شي دوو: “…”
لم يكن شين أنتو سميك الجلد لدرجة أن يتوقع مديحًا على
براعته في لعبة “القطة تصطاد السمك”
فرفع رأسه وقال وهو يشير إلى جي يوان :
“ هذا جي يوان ، زميلي القديم من أيام الدراسة .”
ثم أدار رأسه نحو جي يوان وقال :
“ وهذا هو حبيبي ، شي دوو "
حافظ شي دوو على هدوئه التام ،
ومدّ يده اليمنى نحو جي يوان قائلاً :
“ تشرفت بلقائك السيد جي "
نهض جي يوان بسرعة ،
ومسح كف يده في بنطاله قبل أن يصافحه :
“…تشرفت بلقائك السيد شي.”
يتبع
زاوية الكاتبة :
غرفة بها أربعة أشخاص ، كل منهم يكذب .
تعليقات: (0) إضافة تعليق