Ch36 | SJUTM
كان هاتف شين آنتو مزوّدًا بجهاز تتبّع خاص يُمكّنه من إرسال موقعه حتى وهو مطفأ
جلس شي دوو بصمت في مكتبه الواقع في الطابق الأعلى
من مبنى روي تشيان، يراقب على شاشة لابتوبه النقطة
الحمراء اللامعة وهي تغادر الفندق ،
ثم ينعطف نحو مركز إلكترونيات قريب ،
و يدخل محل هواتف خاص ، ثم… تتوقّف ——-
{ لقد تخلّص شين آنتو من الهاتف } ——
جلس شي دوو في سكون ، يحدّق في الشاشة ،
وكأن الخيط الرقيق الذي كان يربطه بشين آنتو قد انقطع
بهدوء أمام عينيه ——-
سَرَحت أفكاره نحو تلك الليلة —
الليلة التي سكر فيها شين آنتو لدرجة أنّه بالكاد استطاع الوقوف ،
واضطر شي دوو إلى سحبه عنوة إلى السيارة
ورغم سُكره ، ظلّ شين آنتو يتمتم باسمه ، شي دوو …
شي دوووو …،
بصوت مبحوح بالكاد تُميَّز منه الحروف ، وكأن الاسم يذوب على لسانه
كان في داخل شي دوو مزيج معقّد من المشاعر المتضاربة
في تلك الليلة أمسك بفك شين آنتو بقسوة ،
وبدأ يسأله بجنون ، مرّة بعد مرّة :
“من هو شي دوو !!!؟
هل تحب شي دوو ؟؟؟
هل ستترك شي دوو ؟
من الأهم ؟ شي دوو أم جينشنغ !!!؟”
لكن شين آنتو لم يُجِب على أيٍّ من تلك الأسئلة
ظلّ هاتف شي دوو يهتزّ بلا توقف — كان شي ونشوان يتصل مرارًا
لم يكن شي دوو يريد الرد ، لكن شي ونشوان بدا كأنه شعر
بذلك وأصرّ على كسر صمته
ظلّ يتصل بلا انقطاع لعشر دقائق كاملة ،
إلى أن تحرك إصبع شي دوو أخيرًا وفتح المكالمة
وقبل أن ينطق بكلمة ، انفجر صوت شي ونشوان المشوّه
من شدّة الانفعال عبر السماعة:
“ اتصل بمدير الفندق ! احصل على تسجيلات الكاميرات!
تواصل مع إدارة المرور—الباصات ، سيارات الأجرة —
لا يزال هناك فرصة لإيقافه !”
لم يردّ شي دوو ، وساد صمت ثقيل على الطرفين لنصف دقيقة
لم يعرف جي يوان ما الذي قاله شي دوو ،
لكنه رأى شي ونشوان يركل سلة القمامة في الفندق بغضب،
مما جعل العاملة القريبة تصرخ بفزع
وعينا شي ونشوان محمرّتان من الغضب صاح في الهاتف:
“ هل هذا فعلًا ما تريده ؟
شي دوو هل ترضى بهذا ؟
هل يمكنك فعلًا أن تتركه يرحل هكذا ؟
أرسل لي الموقع ، وسأذهب لأجده بنفسي !”
أياً كان ردّ شي دوو ، فقد ضحك ونشوان بسخرية :
“ انتظر فقط يا شي دوو … ستندم يومًا ما !! "
كان جي يوان واقفًا خلف شي ونشوان بقلق ،
لا يفهم شيئ مما يجري
لطالما ظنّ أنه إن هرب شين آنتو ،
فإن نفوذ عائلة شي كفيل بإيجاده بسهولة
لكن من ملامح وجه شي ونشوان ،
بدا الأمر أكثر تعقيدًا مما تخيّل
بدا واضحًا أن شي دوو لم تكن لديه أي نيّة لإعادة شين آنتو
وبعد أن أغلق شي ونشوان الهاتف وأخذ لحظات ليلتقط أنفاسه ، تقدّم جي يوان وسأله بتردد :
“ ما الذي يحدث ؟ شين آنتو هرب—ألن نلحق به؟”
: “ لا ! لن نلحق به !”
كانت ملامح شي ونشوان قاتمة وهو يطلق سلسلة من الشتائم واللعنات
“ اللعنة ! إذا كان هو نفسه لا يريد اللحاق بزوجته
فلماذا بحق الجحيم نفعل نحن ؟!”
ازداد ارتباك جي يوان :
“ ماذا تعني؟
قبل نصف شهر جعلني الرئيس شيه أوقّع اتفاقية سريّة
بخصوص هوية شين آنتو ومكان وجوده…
إذا كان ينوي تركه يرحل من البداية ، فلماذا كل هذا العناء ؟”
أراد أن يسأل ما إذا كان رحيل شين آنتو يعني بطلان عقده مع شي دوو ،
لكن نظرة واحدة إلى وجه شي ونشوان كانت كفيلة بأن تكمم فمه
كان شعر شي ونشوان الأنيق في الصباح قد تحول إلى فوضى، وبدا وكأنه مرّ بعاصفة
لم ينتظر وقتها حتى وصول المصعد ، بل هرع ينزل عبر
سلالم الطوارئ ليصل إلى جي يوان بأسرع ما يمكن
وما إن رآه حتى أمسكه من ذراعه وسأله بانفعال :
“ أين كنت ؟ لماذا لم تنتبه له؟!”
رافضًا تحمّل اللوم وحده ، ردّ جي يوان على الفور:
“ وأنت ؟ إن كان بهذه الأهمية ، فأين كنت أنت ؟
على الأقل أنا بقيت هنا أنتظره .
أليس أنت من اختفى من البداية ؟”
ولأول مرة لم يجادل شي ونشوان
شي ونشوان : “ أنت لاحظت أنه استعاد ذاكرته أليس كذلك؟”
قالها بصوت خافت ، رأسه للأسفل وتعبيره غير مقروء
فتح جي يوان فمه ليرد ، لكنه لم يستطع قول شيء ،
وأغلقه مرارًا دون أن تخرج كلمة واحدة
: “ انسَ الأمر . لم يعد مهمًا ...” قالها شي ونشوان وهو يهز رأسه مبتسمًا بمرارة
كانا يقفان في الرواق خارج قاعة الفعالية بالفندق
وبعد مغادرة معجبي تشنغ زوي، غرق المكان في صمت
ثقيل كصالة مسرح بعد إسدال الستار—دفؤه قد رحل مع الحشود
شعور بالذنب بدأ ينهش قلب جي يوان
{ لو أنني راقبت شين آنتو عن كثب ، كما طلب شي ونشوان،
لربما ما انتهى الأمر هكذا }
اقترح جي يوان :
“ هل لن نلحق به حقًا ؟ أستطيع الذهاب للبحث عنه .”
انهار شي ونشوان على الجدار خلفه،
غير آبه بالآثار التي خلّفها الجدار على بدلته الثمينة :
“ هل تظن فعلًا أن شين آنتو يستطيع الهرب ؟
ليس إن لم يسمح له أخي بذلك .”
تجمّد جي يوان في مكانه ، بينما بدأت قطع متناثرة من
الصورة تتّسق في رأسه فجأة
وضع شي ونشوان يده على وجهه ، يخفي ملامحه :
“ لماذا سمح له بالخروج ؟
لماذا أحضرته إلى مكان يعج بالناس ؟
لماذا لم أبقَى بجانبه…
أنت ترى ما يحدث مع جينشنغ.
كانت سابقًا شركة عملاقة، واثقة بما يكفي لتقف نِدًّا لروي تشيان، أما الآن؟
شين مينغفي متورّط في فضيحة مخدرات ،
و مشروع شين تشي فاشل ،
وشين تشاو مهووس ببناء مدينة ملاهٍ…
سمعتهم أصبحت في الحضيض .
الزبائن القدامى يغادرون ، والجدد لا يأتون ،
تجاهلوا كل التحذيرات من الجهات العليا ، والآن بدأت أموالهم تنهار…”
كان جي يوان قد شهد إفلاس عائلته من قبل ،
ويعلم جيدًا كم هو صعب بناء شيء عظيم ،
وكم هو سهل أن ينهار كل شيء في لحظة ———
ولو لم يكن شي دوو قد أبقى شين آنتو حبيسًا بجانبه ، لربما
كانت جينشنغ لتزدهر تحت قيادته
: “ ابن عمي يحب شين لين منذ زمن بعيد
لا بد أنك لاحظت ذلك.
هو قاسٍ مع الجميع، لكن حين ينظر إليه…
تكون نظرته دافئة بما يكفي لتذيب القطب الجنوبي.
جينشنغ هي الإمبراطورية التي ناضل شين لين ليحصل عليها .
وإن دُمّرت بسببه ، فلن يكون الأمر متعلقًا فقط برأي شين
لين… أخي نفسه لن يسامح نفسه أبدًا .”
كان صوت شي ونشوان واهنًا كأنه يحدّث نفسه
سأل ونشوان فجأة : “ هل تظن أن شين لين يحب شي دوو ؟”
وقبل أن يرد جي يوان ، أكمل بنفسه: “ أعتقد أنه يحبه "
لكن ما إن قالها ، حتى ظهرت الحيرة في عينيه ،
فاستدار نحو جي يوان وسأله من جديد:
“ لا بد أنه يحبه ، أليس كذلك ؟
وإلا ، لماذا كان يطهو له في البيت ، ويتدلّل أمامه ،
ويهديه الورود ، ويتشبث به كل يوم ؟
هل من الممكن أن يكون كل هذا مجرد تمثيل ؟
شين آنتو مذهل… مذهل فعلًا…”
سقط جي يوان في صمت ، وغاصت روحه في ذكريات بعيدة
: “ لو افترضنا—فقط افترضنا—أن شين لين يحب شي دوو فعلًا . لكن، إلى أي درجة ؟
هل يمكن أن يكون حبه أعظم من جينشنغ؟
شي دوو يراهن …. ربما قد كشف تمثيل شين لين منذ
البداية ، لكنه ظلّ يأمل… يأمل أنه إن عاملَ شين لين بما
يكفي من الحنان ، فقد يقع في حبه حقًا.
شي دوو رائع : وسيم ، رياضي ، موهوب ، وثري
لا بد أنه يتصدّر قائمة كل من ارتبط بهم شين لين سابقًا ، أليس كذلك ؟
كيف يمكن لشين لين ألا يحبه ؟
كيف يكون بهذه القسوة — يرحل بكل بساطة ، ويبيع هاتفه
بمجرد أن يخرج من الباب؟
كان قد خطّط لكل شيء…”
لم يستطع شي ونشوان الاستمرار
: " انس الأمر . لقد رحل .
لا فائدة من الحديث عن ذلك الآن … لنعد "
انحنت كتفي شي وينشوان وهو يمشي إلى الأمام
تبعه جي يوان بصمت
عندما استقلوا المصعد نزولاً إلى موقف السيارات تحت الأرض ،
مروا بمجموعة من معجبي تشنغ زوي
كان المعجبون يحملون لافتات دعم، يضحكون ويتحدثون،
وحيويتهم المشرقة تجعلهم يبدون وكأنهم يعيشون في
عالم مختلف تماماً عن عالم شي وينشوان وجي يوان
مع وجود هذا العدد الكبير من المعجبين في الفندق،
كانت جميع أماكن وقوف السيارات بالقرب من المدخل مشغولة،
مما أجبر شي وينشوان على إيقاف سيارته في أقصى زاوية
سار الاثنان في صمت ، أحدهما يتبع الآخر —— ثم...
: " لماذا أنتما بطيئان هكذا ؟"
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق