القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch50 | TMCTM

 Ch50 | TMCTM



في غرفة خاصة بأحد المقاهي ، 

أخرجت سو يون الجهاز اللوحي التابلت من حقيبة الوثائق 

وقالت للمراهق الجالس مقابلها :


“ لم يكن هناك الكثير من الناس الذين يعرفون بالأمر حينها. 

فبعد كل شيء ، لقد مضى أكثر من عشر سنوات . 

استغرق الأمر من سونغ شين بعض الوقت للعثور على 

شخص من الداخل ، 

امرأة مسنّة في القرية كانت تعمل كقابلة في السابق .”


سونغ شين كانت محققة خاصة ماهرة —- 

ومنذ أن طلب منها لين تشينهي ذلك منذ فترة ، 

قامت بتوظيف سونغ شين وطلبت منها التوجّه إلى خليج 

تاوشي في مقاطعة تشينغشوي


: “ العجوز كانت حذرة جدًا في البداية . 

استغرق الأمر من سونغ شين وقتًا طويلًا حتى جعلتها تقول 

الحقيقة ، وكل ذلك مسجّل في هذا الفيديو ” نقرت سو يون على شاشة الجهاز اللوحي وقدّمته إلى لين تشينهي


نظر لين تشينهي إلى الفيديو بصمت ، لكنه لم يأخذ الجهاز بسرعة


لم يسبق له أن شعر بهذا القدر من الخوف ، 

خوف جعله غير قادر على مواجهة الشكوك التي كانت 

تمزّقه في كل مرة يفكّر فيها بالأمر


حتى وإن كان كل شيء قد بات واضحًا


أخذ نفسًا عميقًا أخيرًا ، ووضع سماعات الأذن ، 

ثم فتح الفيديو على الجهاز اللوحي


الفيديو كان من تصوير سونغ شين في خليج تاوشي


ظهرت فيه امرأة مسنّة بشعر رمادي ، 

تجلس في قاعة بسيطة ، 

تتحدث بلكنة قروية ثقيلة لتروي قصة قديمة حدثت في 

أحد بيوت الفلاحين في خليج تاوشي

في ليلة شتوية منذ سبعة عشر عامًا ——


قالت :


“ السيدة الرسّامة عاشت في قريتنا لأكثر من نصف عام ، 

وكانت تسكن مع زوجة ابن عائلة تاو . 

الاثنتان كانتا على علاقة جيدة جدًا . 

والغريب أن كِلتيهما كانتا حاملاً ، وولدتا في نفس اليوم . 

استدعَتنا والدة الزوج تاو أنا والجدة ليو من القرية 

للمساعدة في التوليد .


زوجة الابن أنجبت ولد لم يكن قد أتمّ الشهر التاسع من الحمل ،،

قالت الجدة ليو وقتها إن الطفل قد لا يعيش طويلًا ،،

أذكر جيدًا أن هناك وحمة حمراء كبيرة على معصم الطفل الأيمن . 

زوجة الابن وعمتها لم تخطئا في الطفل ابداً .


آه، للأسف، السيدة الرسّامة نزفت كثيرًا بعد الولادة ،،

أخذناها إلى العيادة الصحية في البلدة ، لكنها فارقت الحياة قبل أن نصل 


وسمعت لاحقًا أن جثة الفتاة والطفل تمّ استلامهما من قِبل العائلة .


لكن لاحقًا لاحظت أن الطفل الذي ربّوه عائلة تاو لا توجد 

على يده اليمنى أية وحمة . 

شعرت أن هناك شيئ غريب . 

خشيت أن أكون قد تذكّرت خطأ ، فسألت الجدة ليو . 

وقالت لي إنها أيضًا تتذكر أن طفل عائلة تاو كان لديه وحمة على يده . 

ومن ثمّ أدركنا أن عائلة تاو قد بدّلوا الطفلين بصمت .


قبل أن تموت الجدة ليو قبل بضع سنوات ، كانت تكرر عليّ 

هذا الأمر مرارًا . 

قالت إنها لم تكن مرتاحة الضمير ، وأنا أيضًا لست مرتاحة .


إنها خطيئة… الطفل الذي كان من المفترض أن ينشأ في المدينة ، نشأ في جبالنا . 

ما أتعس قلب أمه وهي تراقبه من السماء .”




أطفأ لين تشينهي الفيديو وأغلق عينيه الجافتين والمحتقنتين


أصابعه ترتجف وهي تنقبض بشدّة ، 

حتى انغرست أظافره في راحتيه ، 

وانغرز الألم حتى مفاصل يديه


كان قد أعدّ نفسه نفسيًّا منذ زمن ، 

تخيّل جميع الاحتمالات الممكنة ، 

وافترض أسوأ ما في الطبيعة البشرية


لكنه ، في اللحظة التي عرف فيها هذه الحقيقة العبثية ، 

لم يستطع إلا أن يشعر بالغضب العارم


الكراهية والحقد اشتعلا فيه كحريق بريّ ، 

يكاد يحرق أحشاءه من شدته


لم يستطع أن يغفر لتلك العائلة ، 

ولا لأنانيتهم المشوّهة التي لم تُفلح حتى في الإخفاء


ولم يستطع أن يغفر لتينك العجوزين اللتين شهدتا كل شيء


{ إن كانتا مضطربتي الضمير ، فلمَ صمتا بهذا الشكل المنافق ؟ }


ولم يستطع حتى أن يغفر لأولئك المحيطين به


{ لماذا لم يعد أحدٌ من كبار آل فانغ ، 

أو يانغ تشنغمينغ، أو والدتي لوو تشنغيين


ولا كل أولئك الذين لطالما أبدوا تعلّقًا بفانغ سوي ، إلى 

المكان الذي كانت تقيم فيه آخر مرة ؟ 


لمَ لم يفكر أيّ منهم في الطفل الذي تُرك خلفها ؟ }


لكن ما تلا هذا الغضب الجامح ، كان ألمًا لا نهاية له وندمًا غامرًا


اجتاحت الذكريات قلبه كعاصفة ثلجية عاتية ، 

كل ندفة ثلج كانت سكينًا رفيعًا ، يلتف ويتلوى داخل صدره



{ “ الزميل لين هل يمكنني استعارة دفترك لأقوم بنسخه ؟ ”


“ لا يمكن .”



" أنا فقط… أردت فرصة لأتحدث معك ، 

وأردت أن… نصبح أصدقاء " 


“ لا تلجأ إلى هذه الطرق السخيفة ، 

ولا تستغل يانغ داولي في ذلك ”



“ هذه هدية من والد يانغ داولي . لم يحضر اليوم . 

يمكنك إيصالها له "



“ إن قلت لك إنني أريد البكاء الآن ، لكن لا مكان أبكي فيه ، 

هل ستكون راضيًا ؟”



“ عيد ميلادي أيضًا في يوم الكريسماس .”



“ لو مرضتُ ذات يوم، وكان الأمر مؤلمًا جدًا، هل ستأتي لزيارتي ؟”


..


“ تتذكّر الرسالة التي تركتها لك والدتك لتفتحها عندما تبلغ الثامنة عشرة ؟ 

أعتقد أنها كانت تأمل أنك حين تفتحها ، ستكون قد أصبحت رجلًا قويًا ومتفائلًا .”


“ لين تشينهي، سأبذل جهدي أيضًا لأصبح راشدًا قويًّا ومتفائلًا .”


“ لو كنت قد نشأتُ معك منذ الصغر ، هل كنت ستُحبّني أيضًا ؟” }




{ تلك التفاصيل التي لاحظتها ثم تجاهلتها ، 


تلك التي كانت تختبئ خلف الابتسامة ، 


وذلك الغضب المؤلم الذي حاول كتمانه …


كان من الواضح أن هناك خيوطًا يمكن تتبّعها ، 


وأن التمهيد قد كُتب منذ زمن ، لكنني لم أعلم


لم أعلم ….. 


لا أستطيع مسامحة نفسي … }


: “ السيد  الشاب ؟” نادت سو يون بلطف، 

وعيناها يكسوهما القلق، 

شعرت للحظة وكأن الفتى الواقف أمامها على وشك البكاء


أراد لين تشينهي أن يقول شيئ ، لكنه وجد حنجرته مسدودة ، 

كأن جمرة ساخنة قد سُدّت بها ، 

وكأن كل نفسٍ يدخل إلى صدره يجذب معه قلبًا موجوعًا متخدرًا


أجبر نفسه على التماسك ، 

احتاج إلى قدر هائل من القوة حتى تمكّن من النطق بصوتٍ خافتٍ كئيب :


“ ألم تقل تلك القابلة كيف كانت نشأته ؟”


نظرت سو يون إلى الفتى الذي رأته يكبر أمام عينيها ، 

كيف لها ألا تفهم مشاعره تجاه ذلك الشاب ؟ 

تنهدت بخفة وقالت:


“كيف لك أن تكبر في مكان مثل ذلك ؟”


القدر ظالم بطبيعته ——

هناك من يولد وفي فمه ملعقة من ذهب ، 

وهناك من يُولد كالتراب


لكن نجمًا ساطعًا دُفن في الوحل أسفل بئر ، 

بسبب قدرٍ عبثي


وربما، بعد أن يستنفد كل قواه ، لا يبقى له سوى أن يصمت ، 

ويُدفن تحت غبار الحياة إلى الأبد


لم يكن لين تشينهي يعلم ، لكنه رغم ذلك لم يجرؤ على 

تخيّل كيف عاش تاو شي في ذلك المنزل طوال هذه السنوات


{ هل كان أولئك البالغون الذين عرفوا أنه ليس ابنهم حقًّا، 

يعاملونه بلطف بدافع الذنب ؟ 


و عندما يمرض ، هل كان هناك من يعتني به؟ 


حين تمطر السماء ، هل كان هناك من يأتي لاصطحابه من المدرسة؟ 


هو يحب الحلويات كثيرًا ، هل كان هناك من يشتري له الحلوى ؟


وفي كل عيد ميلاد مضى ، هل كان هناك من يشتري كعكة لعيد ميلاده ؟ 


الناس يمكنهم أن يصبحوا آباءً مرة ، مرتين ، أو حتى أكثر


لكن لا يمكن للمرء أن يكون طفلًا سوى مرة واحدة


بعض الأشياء إذا فُقدت في هذه الحياة ، فلن تعود أبدًا }



خارج الباب ، 

 لحن خافت لأغنية عيد الميلاد السعيدة


نفس اللحن المعتاد كل عام ، لكن الناس لا يملّون منه ، 

يسمعونه عامًا بعد عام


أغمض لين تشينهي عينيه بخفة، 

ثم وقف فجأة من مقعده واستدار ليغادر، 

لكن سو يون نادته وأوقفته، 

وأخرجت من حقيبتها محفظة قديمة، وتحدثت بسرعة عن أمر آخر :


“ تاو جيان استقال قبل بضعة أيام . 

ذهبت خصيصًا إلى تلك الشركة العقارية لأستفسر عنه . 

سمعت من أحد زملائه أنه كان يخرج كثيرًا مؤخرًا ، 

ويقول إنه كان يقامر وقد خسر الكثير من المال ، 

لكنه لم يطلب اقتراض مال من أحد زملائه .”


كان عمل تاو جيان قد تم ترتيبه بمساعدتها


ولأن لين تشينهي كان يحقق في هذا الأمر مؤخرًا ، 

فقد أولت هي الأخرى اهتمامًا بما يجري مع تاو جيان


تابعت :

“ أعطاني زميله محفظة تركها في سكن الموظفين ، 

كنت أظن أن تاو جيان سيعود ليبحث عنها ، لكنه لم يأتِ 

ولو لمرة واحدة ، 

ولا أحد من زملائه يعرف أين ذهب .”


كان لين تشينهي شبه متأكد من الشخص الذي أعطى المال لتاو جيان 


أخذ المحفظة من سو يون بصمت


المحفظة قديمة جدًا ، مصنوعة من جلد خشن رخيص قد 

تهالك بفعل الزمن


لم يكن بداخلها الكثير من المال، 

لكن ما لفت نظره على الفور هو صورة جماعية موجودة في الجيب الشفاف للمحفظة


يبدو أن الصورة قد التُقطت في استوديو تصوير بإحدى 

القرى أو البلدات، 

والخلفية كانت ستارة معلقة عليها صورة ساحة تيانانمن


في منتصف الصورة يجلس زوجان في الثلاثين من عمرهما، 

وبجانب المرأة، تقف فتاة في السابعة أو الثامنة من عمرها


تعرّف لين تشينهي سريعًا على أن الفتاة هي الأخت التي 

رسمها تاو شي، والزوجان يعرّفان نفسيهما دون حاجة لكلمات


ولكي تناسب الصورة حجم الجيب، 

كانت قد طُويت بشكل عشوائي من الأطراف


توقفت أصابعه للحظة ،ثم أخرج الصورة وبسط الجزء المطوي


في الصورة الكاملة ، كان هناك فتى في العاشرة من عمره 

يقف إلى جانب تاو جيان


كان الفتى يقف باستقامة، رافعًا رأسه قليلًا نحو الكاميرا، 

يرتدي زيًا مدرسيًا قديمًا لونه أصفر باهت، 

وعقدة وشاح أحمر مرتبة بعناية حول عنقه، 

ويده اليمنى مرفوعة في وضعية تحية


زاويتا فمه مرفوعتان في ابتسامة عريضة ، 

وعيناه المنحنيتان المتألقتان كأنهما نجمتان ، 

وابتسامته كانت أكثر إشراقًا من الشمس


كما لو أنه كان أسعد طفل في العالم


حدّق لين تشينهي في ذلك الفتى المطوي داخل الصورة العائلية، 

وتحرّكت تفاحة آدم في حلقه بعنف


شكر سو يون بصوتٍ أجش متماسك بالكاد، ثم استدار وغادر



الثلوج الأولى تتساقط في ليلة الكريسماس ، 

تنزل برفق على الأرض وسط ترانيم الاغاني المنتشرة في كل مكان


المظلات الملونة على الأرصفة ترتفع وتنخفض ، 

وأضواء النيون تتلألأ في الأرجاء


ركضت سو يون خلفه بقلق حتى باب المقهى، 

وناولت لين تشينهي مظلته، قائلة له بلطف فيه شيء من المواساة :


“ ما زال في الأمر بعض الحظ  

على الأقل ، أنت وصلت إليه أليس كذلك ؟”


كان كتفا لين تشينهي مغطاتين بثلوج بلّورية نقية، 

هزّ رأسه قائلاً:

“ لا ، بل هو من أتى إليّ .”


ثم سار بخطى سريعة نحو الرياح والثلج ، حاملاً مظلته …


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي