القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch31 | IOWY

Ch31 | IOWY



حين نزل يان لان إلى الطابق السفلي ، 

كانت شن يينغ يينغ قد غادرت بالفعل


أما تيانتيان، فكان يجلس بمفرده على الأريكة يتصفح كُرّاسًا 

للخط، وبدا أنه من هداياها له


ولما رأى يان لان يقترب ، أغلق الكُرّاس وناوله له مشيراً :

“ المعلمة طلبت مني أن أكتب خمس صفحات يوميًا ، 

وستتفقدها قبل الدرس .”


أخذ يان لان الكُرّاس منه ، تصفّح صفحتين ، 

ثم وضعه على طاولة القهوة وسأله :

“ هل تريد أن تكتب في هذا الكُرّاس ؟ 

أم تفضل أن نأخذك أنا وعمّك لشراء واحد جديد ؟”


رد تيانتيان بصدق طفولي :

“ لا أريد أيًّا منهما… لأنني لا أريد أن أكتب ”


يان لان بهدوء :

“ ابن المعلمة وِن أصغر منك ، ومع ذلك يكتب كل يوم ”


تنهّد تيانتيان بملل وأسند ظهره إلى مسند الأريكة بتكاسل:

“ أنا أريد أن أرسم معك ”


ابتسم يان لان وأشار له :

“ إذا كنت تريد الرسم ، سأرسم معك بكل سرور ”


ردّ تيانتيان متوسلًا:

“ هل يمكنني ألّا أكتب ؟”


أجابه يان لان :

“ إن شعرت أن خمس صفحات كثيرة ، 

يمكنني أن أتحدّث مع عمّك ونبدأ بصفحتين فقط حتى تعتاد الأمر ”


لكن تيانتيان أنزل رأسه وبدا يلهو بأصابعه ، دون أن يردّ


ربت يان لان على شعره المجعّد برقة ، 

وأمسك بيده ليصعدا سويًا إلى الأعلى



بعد العشاء ، 

رتّب يان لان حقيبته استعدادًا للعودة إلى الجامعة ، 

إذ أن عليه حضور المحاضرات غدًا


وخلال ذلك ، ظلّ شيه يون تشي واقفًا بجانبه يتابعه بصمت، 

بل وأصرّ على مرافقة السائق الذي سيعيده إلى بوابة كلية الفنون


وحين وصلت السيارة إلى بوابة الجنوب ، 

وقبل أن ينزل يان لان، أمسك شيه يون تشي بيده ، 

وانحنى ليُقبّل شفتيه قبلة خفيفة

قال بصوت دافئ :

“ تصبح على خير "


أومأ يان لان برأسه، ومسح بكفّه على خدّه بلُطف ، 

ثم نزل من السيارة دون أن يلتفت ….



ما إن عاد إلى السكن ، حتى اندفع يانغ شياولي نحوه 

كالصاروخ واحتضنه بحماس :

“ مومو! مومو ! 

يومٌ من دونك كأنه ثلاث سنين ، 

ويومان كأنهما دهر بأكمله !”


ضحك يان لان، وربت على ظهره، 

فشده يانغ شياولي بقوة ثم تركه أخيرًا :

“ كيف كانت أيامك؟ 

هل هناك ما تودّ أن تشاركه مع صديقك الأعزب البائس ؟”


أومأ يان لان بالإيجاب


فقال يانغ شياولي متحمّسًا :

“ هيا، اجلس !”

وسحبه إلى الطاولة وسكب له كوب ماء:

“ يبدو أن وجهك بخير ، وإن كانت ملامحك توحي ببعض الإرهاق .”


بمجرد أن جلس يان لان، تنهد تنهيدة ثقيلة


كان يعلم في قرارة نفسه أن لو أخبر يانغ شياولي بكل ما 

حدث خلال اليومين الماضيين ، 

فربما يخرج الأخير من فوره ويستقل سيارة أجرة ليذهب 

ويُلقّن شيه يون تشي درسًا


قال له مازحًا :

“ هل تفضل أن تكتب لي أم تكتب عبر الهاتف ؟”


فتح يان لان الدرج وأخرج ورقة وقلمًا، ثم كتب:

[ تشاجرتُ معه اليوم ]


تجمّدت ملامح يانغ شياولي:

“ تشاجرت معه ؟”

 

أومأ يان لان وواصل الكتابة:

[ الشرارة الأولى كانت عندما نزلت معلمة اللغة الصينية 

الخاصة بتيانتيان من السيارة معه ، وهي تحمل باقة 

الورد التي اشتراها لي ]


قال يانغ شياولي مستغربًا :

“ فهمت… لكن ليس كليًّا .”


فكتب يان لان مجددًا:

[ تلك المعلمة كانت زميلته في الثانوية ، 

أصغر منه ببضع دفعات ، ومعجبة به ]


سأله يانغ شياولي وقد بدت عليه الدهشة :

“ أوه~ هل شيه يون تشي يعرف ؟”


كتب يان لان :

[ يعرف ، لكنه لا يرى فيها شيئًا مميزًا ، 

يراها مجرد مُعلمة لغة صينية لا أكثر ]


أومأ يانغ شياولي رأسه متفهمًا:

“ ثم؟ هل اشتدّ الشجار بينكما ؟”


كتب يان لان :

[ السبب الظاهري للشجار كان هي ، لكن السبب 

الحقيقي هو ياو جيني ... 

اكتشفت أن في خزانة غرفة نوم يون تشي لا تزال هناك 

ربطة عنق وحزام كانت قد أهدتهما له. 

ورغم أنه قال إنه لم يستخدمهما قط، إلا أنني… ]


ضيّق يانغ شياولي عينيه:

“ ولِمَ يحتفظ بهما إذًا ؟”


ابتسم يان لان ابتسامة باهتة تنمّ عن عجز :

[ لا أعلم لمَ لم يتخلّص منهما . 

هو قال إنهما هديتان من صديقة ، 

لكنني في تلك اللحظة فقدت أعصابي ، وانفعلت بشدة ، 

ولم يكن أسلوبي جيدًا أبدًا . 

وأعتقد أنه هو أيضًا انزعج… باختصار ، تشاجرنا ، 

وفي النهاية رمى ربطة العنق والحزام أمامي ]


كان يانغ شياولي ينظر للأمر من منظور يان لان فقط ، 

ولم يرغب أن يلتمس أي عذر لشيه يون تشي ، 

سواءً نسي التخلص من الأغراض ، 

أو احتفظ بها بدافع المجاملة ،


في نظره، يان لان تحمّل أكثر من اللازم في هذه العلاقة، 

وكان ذلك كافيًا لتفجير غضبه


خصوصًا وأنه لم ينسَى موجة الشتائم التي تعرّض لها يان 

لان على وسائل التواصل الاجتماعي ، 

حيث وُصف بأنه ' العشيق الذكر ' 

بينما الطرف الآخر في العلاقة ، شيه يون تشي —- لم يُبْدِ أي 

محاولة لحمايته بالشكل اللائق


قال بانفعال :

“ مومو أعطني هاتفك "


يان لان خمّن ما ينوي فعله ، فهزّ رأسه رافضًا


قال يانغ شياولي بغضب شديد ، ووجهه قد احمرّ :

“ هو يتصرف هكذا ومع ذلك لا تزال تحاول الدفاع عنه؟! 

وسائل التواصل تعجّ بالإساءات التي لم يُسكتها حتى الآن، 

ومع ذلك لا يزال يزعجك! 

من الذي يعبث مع ياو جيني بشكل غامض؟ أليس هو؟! 

حتى لو كانت علاقتهما السابقة مجرد حملة ترويجية 

لمجوهرات فينوس، فما ذنبك أنت كي تتحمّل وحدك 

تبعات ثلاثتهم؟! 

هو شيه يون تشي رجل أعمال ضخم ورئيس شركة كبرى، 

حصل على كل شيء —- حتى أنت ، 

ومع ذلك يخاف من إعلان علاقتكما ! 

وهي ياو جيني ، نجمة الجوائز الثلاث الكبرى ، ترى إنسانًا 

بريئًا يتعرض للتنمر الإلكتروني ولا تنبس بكلمة ! 

وكأنك الحلقة الأضعف ، والكل ينقضّ عليك وحدك ! 

أنت فقط الذي تتحمل، أما لو كنت أنا، لرأيتهم جميعًا في الجحيم !”


لكن يان لان، رغم كل شيء، لم يستطع إلا أن يحاول تبرير تصرفات شيه يون تشي:

[ هو فعليًا يعمل على معالجة الأمور . 

ألستَ أنت من أرسل لي رابطًا يُظهر أن أغلب الحسابات 

التي نشرت تحليلات وتكهنات قد حذفتها أو أخفتها ؟ ]


ولتهدئة يانغ شياولي أكثر ، أخبره أيضًا أنه تحدّث مع شيه 

يون تشي بشأن إعلان الحقيقة للعامة


تصفّح يانغ شياولي الدفتر الذي دوّن فيه يان لان كل ما جرى، وتملّكه شعور بالريبة:

“ هذا الشيه يون تشي… أليس غريبًا بعض الشيء ؟”


نظر إليه يان لان دون أن يفهم


نقّر يانغ شياولي على الصفحات وقال:

“ هل ناقش معك من قبل مسألة الإعلان أو التوضيح؟ 

هل فاتحك بأي شيء ؟”


تردّد يان لان للحظة ، ثم هزّ رأسه نفيًا


عاد يانغ شياولي وجلب كرسياً آخر ، 

ثم وضع الدفتر على الطاولة بقوة :

“ هل تدرك أن كل هذا ، قد جرى دون أن يشركك فيه ؟”


رمقه يان لان بنظرة حائرة


تابع يانغ شياولي:

“ أنت الشخص الذي يتعرّض للهجوم ، 

أنت في قلب العاصفة الإعلامية ، ومع ذلك لا تملك 

حسابًا على ويبو ، ولا تدري حتى بتفاصيل ما يحدث ، 

وأنا من أبلغك به. 

لو لم أخبرك، هل كنت ستعلم شيئًا ؟ 

وأنت تقيم عنده منذ يومين ، فهل حدثك بشيء من هذا أصلاً ؟”


لم يُجب يان لان


لم يهزّ رأسه بالنفي، ولم يؤكّد، لكنه ظلّ ساكنًا، 

وهذا وحده كان كافيًا ليثبت أن مخاوف يانغ شياولي كانت صحيحة


أكمل يانغ شياولي بنبرة جدية :

“ الفارق بينكما كبير جدًا ، 

أنت مجرد طالب في كلية الفنون ، أما هو —- فهو رئيس 

مجلس إدارة لعلامة مجوهرات مشهورة . 

أمثال هؤلاء الناس ، ممن يقبعون في قمة الهرم الإداري ، 

يملكون نزعة قوية للسيطرة . 

تحته يعمل عشرات الموظفين يدرسون له كل خطوة 

ويقيّمون المخاطر ، 

وهو اعتاد اتخاذ قرارات مصيرية بمفرده ، 

لهذا من الطبيعي أن يتعامل مع الأمر كله دون حتى أن 

يفكر في إشراكك . 

ربما ظنّ أن إبقاءك في الظل وعدم إعلان العلاقة هو 

الأفضل لك ، فاتخذ القرار وحده ، 

ولم يُغيّره إلا عندما ضغطتَ عليه اليوم .”


صمتَ يان لان قليلاً ، ثم كتب :

[ أنا فعلاً لا أفقه كثيرًا في شؤون الإنترنت ، 

والأجدر أن تُترَك الأمور التخصصية لأهل الاختصاص ]


لكن يانغ شياولي قال بنبرة صارمة:

“ كونك لا تفهمها شيء ، وكونه لا يشاورك فيها شيء آخر تمامًا ، 

وهذه مسألة خطيرة يا مومو 

اليوم لم يشاورك في أمر بهذه الأهمية ، 

فماذا عن المستقبل ؟!  

إن بدأ باتخاذ كل القرارات وحده ، دون حتى أن يُخبرك ، 

فهل يمكن القول إن بينكما علاقة حقيقية ؟ 

الحب ليس مجرد قبلة وينتهي الأمر !”


كلماته هذه بعثرت هدوء يان لان الذي بالكاد استعاد توازنه ، 

لأنه كان يعلم أن يانغ شياولي على حق


سواء كان الأمر متعلقًا بالحزام وربطة العنق ، 

أو بتوضيح العلاقة بين شيه يون تشي وياو جيني ، 

أو حتى قرار فصل شن يينغيينغ واستبدالها بمعلمة لغة أخرى… 

لو لم يبادر هو بالحديث ، فربما لم يكن شيه يون تشي ليتحرّك أصلاً


هو وحده من كان يلحظ المشكلات ويتخذ الخطوات لحلها، 

أما شيه يون تشي، فطالما لم يغضب يان لان أو يواجهه بشكوى ،

 فهو لا يرى أن هناك ما يستوجب التغيير


وعندما استعرض يان لان العلاقة بينه وبين تيانتيان، 

بدا له الأمر متطابقًا


لولا أنه أدرك أن الوضع بينهما لا يمكن أن يستمر على هذا النحو ، 

وبادر بالطلب من شيه يون تشي تحسين العلاقة مع الطفل 

والعودة للعيش معهما ، 

لربما بقي حتى الآن في سكنٍ منفصل ، 

واستمر تيانتيان في كرهه ونفوره منه ——-


بينما يانغ شياولي منهمكًا في محاولة تصنيف شيه يون تشي 

ضمن أحد أنماط الشخصية الستة عشر ، 

كان يان لان يفكر في كيفية إفهام يون تشي أن جذر المشكلة 

بينهما هو عدم وعيه أصلًا بوجود المشكلة ، 


وإن لم يدركها ويتعلم منها ، فلن تكون مشاجرة اليوم الأخيرة



في ظهيرة اليوم التالي ، 

أصدرت شركة فينوس للمجوهرات ، في خطوة نادرة ، 

بيان توضيح رسمي


الحساب الرسمي الذي لم يكن ينشر عادةً سوى أخبار المجوهرات ، 

نشر هذه المرة توضيحًا شبيهًا ببيانات شركات إدارة أعمال النجوم الآيدولز


لم يكن البيان طويلاً ، واختصر كل شيء في جملة :

[ لم تربط شيه يون تشي وياو جيني أي علاقة عاطفية ، 

وما بينهما لا يتعدى حدود الصداقة ]


لكن على عكس بيان ياو جيني السابق ، 

فإن هذا البيان من فينوس لم يحظَ بعدد كبير من إعادة النشر ، 

إذ لم يتجاوز حتى عشرة آلاف


ومع ذلك، فقد اتفجرت التعليقات بسرعة ، 

متجاوزين حاجز العشرة آلاف بسهولة ، 

لكن اتجاه التعليقات كان غريب للغاية ——


التعليق الأعلى تفاعلًا أرفق صورة متحركة ذات طابع 

رومانسي بين شيه يون تشي وياو جيني ، وكتب صاحبها:

[ أنا لا أصدق ]


وبعد دقائق فقط ، نشر حساب فينوس تغريدة ثانية ، 

قصيرة للغاية ، 

لكنها هذه المرة بصيغة شخصية جاءت على لسان شيه يون تشي نفسه :

[ يان لان هو حبيبي ، وهو أيضًا حبي الأول ]


وهنا انفجر موقع ويبو حرفيًا ———


مهما كانت تحليلات المستخدمين في السابق ، 

ومهما نشرت الحسابات الترويجية من صور مشوشة 

وتلميحات غامضة ، 

لم يكن لأي منها وزنٌ أمام هذه الجملة المباشرة من 

صاحب العلاقة نفسه


في وقت قياسي ، انتشر خبر أن شيه يون تشي ' مثلي 

الجنس، وقد أعلن رسميًا أنه على علاقة مع رجل، 

بل وحبه الأول أيضًا ' 

وتصدّر جميع القوائم والتصنيفات على المنصة ———


وبينما اسم يان لان قد بدأ يختفي تدريجيًا من دائرة الجدل، 

أُعيد جره فجأة إلى ساحة النقاش، 

لكن هذه المرة كانت الحملة أشرس من تلك التي اتهموه 

فيها سابقًا بأنه ' العشيق الذكر '


وسرعان ما بدأت تظهر شتى أنواع التعليقات الغريبة ، 

وبعض مستخدمي الإنترنت الذين كانوا قد بالغوا في 

تحليلاتهم من قبل، 

عادوا هذه المرة بردة فعل عدائية وساخرة


قال بعضهم بتهكم إن [ أسلاف يان لان لا بد أن نورهم شعّ من القبر ~ كيف لا وهو ' مُعاق وأبكم ' ومع ذلك استطاع 

أن يخطف قلب شخص لم تتمكن ياو جيني ، بكل تميزها ، من كسبه ]


بل وذهب البعض لتعزية ياو جيني، قائلين:

[ من كان يظن أن شيه يون تش وهو يملك امرأة كاملة مثلك ، سيختار رجلاً ، وأبكم أيضًا ؟ ]


منذ اندلاع هذه العاصفة ، 

ظلّت ياو جيني ملتزمةً الصمت ، 

لكنها في النهاية لم تَعُد قادرة على الاحتمال ، 

فنشرت منشورًا قالت فيه:

[ أنا في موقع التصوير أعمل ، 

لا وقت لدي ، وما يجري لا علاقة لي به ]


ثم أغلقت خاصية التعليقات ، 

مانعةً أيّ شخص من التفاعل مع منشوراتها


ألقى يان لان نظرة سريعة على ما كتبته ، ثم تجاهله دون اهتمام


في فترة ما بعد الظهر ، 

كان من المقرر أن تبدأ محاضرتهم عند الساعة الثانية ، 

فذهب يان لان قبلها إلى مكتب الكلية لتسليم ورقة الإجازة ، 

وكان يانغ شياولي برفقته


وفي هذا الوقت ، 

أروقة الجامعة تعجّ بالطلبة المتوجهين إلى قاعاتهم


وبمجرد أن يمرّ يان لان في أي مكان ، 

كانت الأنظار كلها تتجه إليه


إلا أن أكثر ما أثار حنق يانغ شياولي لم يكن تلك النظرات ، 

بل ما حدث أثناء وقت العشاء في الكافتيريا ——-



الآن هو ويان لان واقفين في طابور الطعام، 

حين وقف خلفهم بضعة شبّان تبدو عليهم القوة والضخامة ، 

وبدأوا يطلقون تعليقات ساخرة ومبطنة ، 

يتحدثون باستهزاء مقصود ، 

دون أن يوجّهوا كلامهم لأحد بالاسم


قال أحدهم ، بنبرة مشحونة بالسخرية :

“ معقول حبيبك غني وما زلت تاكل في الكافتيريا ؟”


فأجابه آخر متظاهِرًا بالقلق :

“ احذر في كلامك ، حتى لايغضب ويهمس لحبيبه ، 

فيشتري الجامعة كلها ويطردك .”


ثم أضاف ثالثهم ضاحكًا :

“ لكن… هل الأبكم يستطيع أن يهمس ؟”


تدخّل الرابع مكملًا بسخرية أكثر خبثًا:

“ إذا كان الأبكم قادرًا على خطف رجل ، 

فما الذي يمنعه من الهمس في أذنه ؟”


ساد بينهم صمت قصير ، تلاه ضحك خافت لكنه مملوء بالتهكم


شعر يانغ شياولي بالغضب يتصاعد في رأسه ، 

فاستدار إليهم فجأة ، 

وصرخ في وجههم وقد احمرّ وجهه :

“ ما هذا الكلام الهراء ؟!”


وما إن نطق ، حتى تجمع الشبّان حوله بسرعة


كان كل واحد منهم أطول من يانغ شياولي بكثير ، 

وكان عددهم يفوقه ، 

مما جعل هيمنتهم تبدو واضحة للعيان


لكن يانغ شياولي، رغم قصر قامته وبنيته الصغيرة ، 

لم يظهر أي تراجع أو خوف ، 

بل واجههم بكل جرأة ، وصوته لم يرتجف للحظة


تقدّم أحدهم ، وكان يرتدي تيشيرت أسود ، 

وطوله يناهز المتر والثمانين ، 

فدفع صدره العريض في صدر يانغ شياولي، 

مجبرًا إياه على التراجع خطوة إلى الوراء ، 

وهو يقول بنبرة تهديد:


“ من تقصد بكلامك ؟ من الذي تقول عنه يهذي ؟”


ردّ عليه يانغ شياولي بغضب أشد ، 

فارتفع على أطراف قدميه ودفعه بقوة قائلًا :

“ أقصد من لا يخرج من فمه إلا القذارة !”


في تلك اللحظة ، تقدم يان لان بسرعة ، 

يخشى أن يتعرّض شياولي للأذى ، 

ففصل بينهما واقفًا أمام يانغ شياولي، يحميه بجسده، 

وعيناه السوداوان ثابتتان كسطح مرآة ، 

لا خوف فيهما ولا اضطراب


ما جرى لفت أنظار الموجودين في الكافتيريا ، 

وبدأ البعض يصوّر المشهد بهواتفهم


أما أولئك الشبّان ، فقد ازداد حماسهم ، 

وكأن الدم بدأ يغلي في عروقهم


أخذ قائدهم نفسًا عميقًا ، وتقدّم خطوة حتى بات على 

مقربة شديدة من يان لان، 

وانحنى قليلًا ليخاطبه مباشرةً ، بصوتٍ عالٍ يكفي ليسمعه الجميع :


“ قد لا تكون عشيقًا شاباً لكن لو قلت إنك تبيع 

نفسك ، هل تعترف بذلك ؟”


عندها أطلّ يانغ شياولي من خلف يان لان، صائحًا :

“ وأنت لست رجلًا ، وإن قلت إنك نفاية فهل تعترف بذلك ؟”


وما إن أنهى عبارته حتى اندفع ذلك الشاب الطويل فجأة ، وأمسك بكتف يانغ شياولي، 

وجذبه بعنف، ليطرحه أرضًا بعنف شديد


في تلك اللحظة ، ضجّت الكافتيريا بصخب ودهشة


غضبَ يان لان بشدة فدفع الشاب الذي أمامه بقوة ، 

وأسرع نحو يانغ شياولي الذي كان ممددًا على الأرض يتأوّه 

من الألم، مترددًا بين رغبته في مساعدته وخوفه من أن يزيد من ألمه


كان يانغ شياولي مستلقيًا على الأرض، ممسكًا بذراعه، 

يتلوّى من الألم حتى كاد أن يتدحرج على الأرض، وهو يصرخ:

“ سيارة إسعاف! بسرعة، اتصلوا بسيارة الإسعاف !”


من بين الحشود المتفرجة ، 

لم يحتمل أحدهم المشهد فرفع صوته محتجًّا:

“ هذا يكفي ! أنتم من بدأ بالتحرّش بـ يان لان 

والآن وصلتم إلى حدّ ضرب الناس ؟”


احمرّت عينا الشاب الذي اعتدى عليه من الغضب ، 

وصاح بحدة وهو يشير إلى يانغ شياولي الممدد على الأرض:

“ تتظاهر؟ أنت لم تُصب بشيء !”


لكن يانغ شياولي لم يعره أي اهتمام ، 

وظل يكرر طلبه بتأوّه:

“ اههخ يا الألم! سيارة إسعاف! بسرعة بسرعة !”


وانتهت هذه الفوضى في الكافتيريا بوصول ثلاثة من مشرفي 

الكلية ، فتم احتواء الموقف على عجل


اقتاد اثنان من المشرفين أولئك الشبّان المثيرين للشغب، 

بينما تكفّل الثالث بحمل يانغ شياولي على ظهره إلى العيادة 

الطبية التابعة للجامعة


أظهرت الفحوصات أن ركبته وذراعه قد تعرّضا لكدمات ورضوض شديدة


جلس يان لان على حافة السرير ، يتنهّد مرارًا وقد غلبه الحزن


قال يانغ شياولي ساخرًا وهو يحدّق في السقف:

“ لا تقلق مومو … إن لم يُعاقَب هؤلاء رسميًّا سأثير 

القضية حتى أوصلها لمكتب العميد .”


أمسك يان لان بيده ، غمره شعور عميق بالذنب


كان ذلك الشعور الثقيل بالعجز ينهال عليه ، 

كأن لا شيء يفعله سيجعل الأمور أفضل ، 

وكأن مهما حاول ، فلن يرضي أولئك الذين ينتقدونه بلا هوادة


أرهقه الإحباط ، فوضع رأسه على ذراع يانغ شياولي

حرصًا ألا يلمس مكان الإصابة، 

لكنه التصق به كأنه يبحث عن سند أو راحة


ربّت عليه يانغ شياولي برفق ليواسيه وقال:

“ لا تأخذ كلامهم على محمل الجد ، كلّه منبعُه الغيرة . 

أتدري ما أقوى ردّ على هذه التفاهات ؟ 

أن تبقى علاقتك بـ شيه يون تشي بخير "


و تابع قائلًا :

“ أنت أول حب له. 

قبل أن يكون معك، لم يسبق له أن خاض علاقة عاطفية. 

وكل علاقة تحتاج إلى وقت للتفاهم والتكيّف. 

مع مرور الأيام، ستظهر العيوب والنواقص، وهذا طبيعي، 

فليس أحدٌ كامل. 

إذا كنت تحبه وترغب بالبقاء معه، لكن هناك أشياء 

تضايقك، لا بأس… علّمه، وجّهه، ووبّخه قليلًا .”


رفع يان لان رأسه فجأة ، ينظر إلى يانغ شياولي بتركيز


رمش يانغ شياولي بعينيه مبتسمًا :

“ أظنّك فهمت ما أقصده "


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي