Ch36 | ALFKR
لم يكن تشين وان متأكدًا ما إذا كان تشاو شينغهي جادًا أم
يتحدث بدافع المجاملة فقط
لذا ، رغم أنه في قرارة نفسه كان يتمنى تلك ' الهدية '
إلا أنه أجاب بأدب :
“ لا بأس يا سيد تشاو لا تشغل بالك .
لقد ساعدتني بالفعل… من خلال تأمين الحراسة وتوفير
تلك المرافقة للاعتناء بي.”
هزّ تشاو شينغهي رأسه وقال بهدوء :
“ ذلك كان واجبًا علي ، وليس نوعًا من الامتنان .”
كان تشين وان على وشك الرد ،
لكن أحد الخدم دخل في تلك اللحظة ،
وبدأ في ترتيب الأدوات على طاولة الشاي
كانت لفائف شاي—
إبرة الفضة ، دان تسونغ ، تيه غوان يين—مصطفة بعناية
بعد التجربة السابقة التي نالت إعجاب الجميع ،
بدا واضحًا أن الفضول قد استيقظ مجددًا
الجميع أبدى حماسًا لتجربتها مرة أخرى…
ما عدا تشاو شينغهي، الذي بقي ساكنًا، بلا رد فعل
سأله تشين وان بلطف:
“ هل تود تجربتها سيد تشاو ؟
أوراق الشاي هنا جيدة جدًا ، مجففة باعتدال ولا تترك خشونة في الحلق ”
نظر تشاو شينغهي إلى أنواع الشاي المختلفة ،
وكأن عقله شرد قليلًا ، ثم هزّ رأسه نافيًا
لم يفهم تشين وان ما الأمر
وبشيء من الحذر، اقترح:
“ هل تخشى أن تتسخ يداك ؟
إن لم تمانع… يمكنني لفّ واحدة لك. أنا أجيد ذلك .”
عندها فقط، رفع تشاو شينغهي عينيه نحوه
توقّف لثانية ، ثم سأل بصوت خافت :
“ أأنت من سيلفها لي؟”
أومأ تشين وان برأسه مؤكدًا
انحنى تشاو شينغهي قليلًا نحو طاولة الشاي
أسند كوعه على ركبته، ورفع يده ليميل برأسه إلى جانبها،
واقترب قليلًا من تشين وان، ثم قال:
“ وأي نوع ؟”
ردّ تشين وان بنبرة لطيفة :
“ أي نوع يعجبك .”
أعاد تشاو شينغهي نظره إلى أوراق الشاي أمامه ،
وبينما لا تزال عيناه محدّقتين إلى الأسفل ،
تمتم بصوت بالكاد يُسمع ، وكأنه يحدث نفسه :
“ دا هونغ باو "
ثم رفع عينيه ونظر مباشرةً إلى تشين وان ،
مرددًا بصوت منخفض :
“ دا هونغ باو "
توقّف تشين وان لحظة ، متفاجئ
كان بالفعل قد قرر أن يلف له دا هونغ باو…
لكنه لم يتوقع أن يسمع منه اختيارًا مباشرًا
لأن تشاو شينغهي… لم يكن من النوع الذي يُفصح عن تفضيلاته
في السابق، كان على تشين وان أن يخمّن، أو يراقب،
أو يستنتج، أو حتى يحلم بما قد يعجب تشاو شينغهي
لكن هذه المرة…
تشاو شينغهي قالها صراحة: دا هونغ باو
ابتسم تشين وان موافقًا،
وارتدى قفازات الاستخدام الواحد،
ثم بدأ يلف أوراق دا هونغ باو بعناية،
حتى أصبحت على هيئة سيجارة شاي متقنة
و ناولها لـتشاو شينغهي
لكن الأخير لم يمدّ يده
بدلًا من ذلك، انحنى قليلًا،
وأخذ السيجارة مباشرةً من بين أصابع تشين وان —- بشفتيه
فتح فمه، وأمسك بها بأسنانه، وضغطها قليلًا،
ولسانه يلمس الفلتر من الداخل،
مما جعل السيجارة ترتجف بخفة بين شفتيه
تجمّد تشين وان للحظة
تصرف تشاو شينغهي بدا طبيعيًا للغاية ،
وكأن هذا التصرف بديهي ولا يحمل أي معنى خاص
لكن أنفاسه الدافئة لامست أصابع تشين وان،
وسرت من يده حتى ساعده… وصولًا إلى زاوية بعيدة في قلبه،
كانت هادئة لفترة طويلة، لكنها بدأت تشتعل من جديد
بينما السيجارة ما زالت بين شفتيه ، رفع تشاو شينغهي نظره إليه
فهم تشين وان الإشارة، فأخرج ولاعته الجديدة،
وأشعلها بهدوء، ملامحه متزنة، وتصرفه رصين
وفي اللحظة التي تراقصت فيها شعلة اللهب وأضاءت وجه تشاو شينغهي
شعر تشين وان وكأنه يُشعل شمعة عيد ميلاد
لكن… لم يبقَ لديه أمنيات ليتمنى تحقيقها
كان راضيًا تمامًا، مكتفيًا بطريقة لم يعهدها من قبل
سيجارة لفّها بنفسه، شعلة أوقدها بيده،
وتشاو شينغهي يستنشقها، ببطء، إلى داخله
ثم لفّ تشين وان واحدة لنفسه—تيه غوان يين
عبيرها الطازج تسرّب إلى قلبه ورئتيه ، تاركًا أثرًا ناعمًا وعميقًا
ألقى تشاو شينغهي نظرة على الولاعة، وسأل:
“ جديدة ؟”
عضّ تشين وان على سيجارته ، دون أن يتكلم ، فقط أومأ برأسه
رفع تشاو شينغهي السيجارة التي بين إصبعيه، وقال:
“ شكلها مميز "
رغب تشين وان في أن يقول: إذًا، خذها لك
لكنه شعر أن ذلك سيكون مفاجئًا وغير مبرر
فاكتفى بذكر اسم العلامة التجارية ، ثم أعاد الولاعة إلى جيبه
⸻
أينما وُجد تان يومينغ وتشو تشي شيوان، عمّت الأجواء
الصاخبة المكان—وأحيانًا بشكل زائد عن الحد
حاول تشاو شينغهي التحدث في أمور جادة لمرّات عديدة ،، لكنه قُوطع مرارًا
وفي النهاية نقر على فنجان شاي تشين وان بمفاصله ،
وقال بصوت خافت :
“ تعالَ معي قليلًا "
أصاب تشين وان شيء من الحيرة
كان الآخرون منشغلين بلعب الورق والدردشة
ظنّوا أن الاثنين خرجا إلى الحمّام أو لاستنشاق بعض الهواء،
فلم يولوهما اهتمامًا
——
الشرفة الخارجية
اتكأ تشاو شينغهي على الحاجز الحديدي،
يديه تستقران على القضيب البارد،
والرياح تعبث بقميصه —— بدا مسترخيًا بشكل نادر
: “ السيد تشاو…”
في الضوء الخافت ، لم يتمكن تشين وان من تمييز ملامحه بوضوح
و كل ما استطاع رؤيته كان حدة حاجبيه وجسر أنفه المرتفع
قال تشاو شينغهي بهدوء :
“ تعال أقرب "
اقترب تشين وان طائعًا
ما تزال السيجارة بين شفتي تشاو شينغهي تشتعل،
وعطر الشاي ينساب في الهواء الليلي
تداخلت رائحته الغنية مع عبير تيه غوان يين، وامتدت مع الرياح إلى مدى بعيد
لم يكن تشين وان يعرف ما الذي يريد تشاو شينغهي
الحديث عنه، لذا وقف بصمت إلى جواره
الفندق يقع في منطقة جبلية
و ما بعد الشرفة تلال مظلمة ،
وصرير الزيزان يملأ الأجواء
أشجار الصنوبر تمتد بلا نهاية ،
تتمايل تحت ضوء القمر اللامع كالصقيع
النسيم الليلي يحمل تغريد الحشرات ونداء الطيور البعيد
ومع أنهما لم يتبادلا الكلام ، لم يكن هناك أي حرج في الصمت بينهما
وبعد مضي بعض الوقت ، وبينما يستمتعان بنسيم الجبال،
مال تشاو شينغهي برأسه قليلًا وسأل :
“ تشين وان أنت تعمل في نقل الطاقة ؟”
: “ نعم.”
لم يفهم تشين وان سبب اهتمام تشاو شينغهي المفاجئ بمهنته ، فقال :
“ إذا احتاج السيد تشاو أي مساعدة في هذا المجال
فلا تتردد أبدًا .”
لم يكن هناك مسافة كبيرة تفصل بينهما
وعندما تحرك تشاو شينغهي ليسحب نَفَسًا من سيجارته،
لامس كوعه أحيانًا ذراع تشين وان
سأله بصوت خافت :
“ هل تحب هذا العمل ؟”
تفاجأ تشين وان للحظة
لم يسبق لأحد أن سأله عما يحب
فكّر قليلًا، ثم أجاب بجدية:
“ نعم .”
: “ هل تميل أكثر للجانب التقني ، أم التجاري ؟”
: “ التقني أكثر "
لكن، من دون قسم المبيعات والعلاقات العامة ،
ما كان لأي تقنية أن تُطبق أو تُسوّق ،
لذا، أصبحت مسؤوليات تشين وان الرئيسية الآن تنصبّ في
الجانب التجاري
في الواقع —- كان تشين وان يتمتع بقدرات بحثية متميزة
فمنذ دراسته الجامعية، كان قد تقدّم بعدة طلبات براءة اختراع
ولو أُتيح له أن يتجنب المناسبات الاجتماعية والتواصل الخارجي،
ويكرّس نفسه للتكنولوجيا فحسب،
لكان اليوم في مصاف كبار المهندسين
واصل تشاو شينغهي طرح بعض الأسئلة عليه — ليس بطريقة رسمية ،
بل وكأنها دردشة ودّية بين صديقين في ساعة هدوء
لحظات كهذه كانت نادرة بينهما —
أن يخرجا سويًا للحديث على انفراد وسط تجمع مزدحم
تشين وان أجاب على كل سؤال بصبرٍ وصدق ، دون أن يخفي شيئ
نال تشاو شينغهي إجابات وافية لكل ما سأل عنه ،
لكنه لم يُسأل بالمقابل أي سؤال مماثل
كان الأمر أشبه بـ”مقابلة أحادية الطرف” أكثر من كونه حوارًا متبادلًا
فقد بدا أن تشين وان لا يُبدي اهتمامًا كبيرًا بأمور تشاو
شينغهي، ولم يسعَ أبدًا لمعرفة المزيد عنه
انتظر تشاو شينغهي لحظة،
لكنه حين لم يلمح أي رغبة في الطرف الآخر للخوض في شأنه ، قال بهدوء :
“ سيرتك الذاتية رائعة .”
ثم أضاف،
“ مينغلونغ بولي باي بصدد إطلاق مشروع مشتق—نفق بحري للنفط .
نحتاج إلى نظام أسرع لتخزين ونقل النفط ، إلى جانب هندسة تركيب معقدة .
هل أنت مهتم ؟”
نظر إليه تشين وان بدهشة
مشروع كهذا من مينغلونغ يُعدّ بمثابة فرصة ذهبية لشركة صغيرة مثل kxيانغ
والأهم من ذلك، أنه سيكون تعاونًا مباشرًا مع تشاو شينغهي نفسه
شعر تشين وان بإغراء عميق، لكنه ظلّ حذرًا
وبعد بضع ثوانٍ من التفكير، تغيّرت ملامحه إلى الجدية
قال بصدق:
“ أقدّر جدًا ثقتك بي يا سيد تشاو
لكن kxيانغ شركة صغيرة ، لم يمضِ على تأسيسها سوى سنوات قليلة .
من حيث التمويل ، والاحتياطات ، والخبرة ، والاستدامة على
المدى الطويل—قد لا نكون مؤهلين تمامًا لهذا النوع من المشاريع .
من الأفضل أن تكون حذرًا في اختيارك .”
ظل تشاو شينغهي يحدّق فيه بصمت
{ كم من أشخاص استنزفوا طاقتهم ، ونسجوا الخطط ،
وحيكوا المؤامرات فقط لينالوا فرصة التقرّب من مينغلونغ
أما هذا الرجل… فهو ينصحني بالحذر }
لم يُظهر تشاو شينغهي أي تعبير واضح
لكن زاوية فمه ارتفعت قليلًا—أو ربما لم ترتفع
فسيجارته ما تزال مستقرّة بين شفتيه
لم يكن تشين وان متأكدًا تمامًا
بزحزحة بسيطة بأصابعه ، أخذ تشاو شينغهي السيجارة من
شفتيه وسأل بصوت عميق وثابت :
“ تشين وان هل تشكك في حكمي ؟”
“…”
أسرع تشين وان في التوضيح :
“ لا، ما قصدته فقط—”
ابتسم تشاو شينغهي، فقد عرف عن عناد تشين وان من قبل
وبعد لحظة تفكير، أعاد صياغة كلامه:
“ أنا أدعوك فقط للمشاركة في عملية المناقصة .
سواء فزت بالعقد أم لا سيكون ذلك من صلاحية فريق
التقييم—لن أتدخل .”
كان قد قام بالفعل بفحص خلفية شركة kxيانغ
شركة صغيرة تكنولوجية عالية المستوى—هادئة وغير صاخبة،
لكنها قوية بشكل استثنائي، تركز فقط على المشاريع المتقدمة
: “ كان هذا المشروع في السابق تحت إدارة بايهيتانغ.
لكن بعد أن استحوذت مينغلونغ وعائلة شو عليه
لم أعد أثق بأحد غيركم .”
مثل هذه المشاريع كبيرة النطاق وطويلة الأمد ومليئة بالمخاطر
التكنولوجيا هي شريان الحياة فيها
كان تشاو شينغهي بطبيعته متشككًا، ولديه رغبة قوية في التحكم
ولا يمكنه الاطمئنان إلا لشخص مثل تشين وان —- يتمتع
بالنزاهة والطابع المعتدل
“ وبالإضافة إلى ذلك—”
نظر إليه مباشرةً ، واقترب خطوة ،
وعيناه الداكنتان ثابتة
خفض صوته وقال بنبرة تحمل دلالة خفية :
“ لقد دخلت هذا الباب بنفسك ”
فجأة أدرك تشين وان — { إذن كل ذلك بسبب ذلك اليوم
الذي ساعدت فيه الآنسة شو تشي يينغ؟
لقد أثرت الأمور دون قصد }
مع ذلك، تردد قليلاً وقال:
“ أنا فقط قلق من أن kxيانغ قد لا تكون قادرة على مواكبة—”
ابتسم تشاو شينغهي بثقة قائلاً :
“ مع دعم مينغلونغ لك ممَ تخشى ؟”
جملة عادية جدًا، لكنها عندما تخرج من فم تشاو شينغهي،
تحمل بطريقة ما دلالة مختلفة —
“ مع وجودي كداعم لك، ممَ تخشى؟”
كان تشاو شينغهي أصعب شخص على تشين وان أن
يرفضه في هذا العالم، لكنه لم يوافق على الفور
بينما يمسك السيجارة بين إصبعيه، نفض الرماد بيده
هبَّت الرياح وأثار شعره ، مما جعله يبدو بريًا بسهولة —
كأنه من لقطة من ملصق فيلم سينمائي
وقف هناك في نسيم الليل، مائلًا رأسه قليلاً
تابع شينغهي : “ كان لديك الجرأة لتقطع ثلاث مسارات ،
و تعبر الحزام الأخضر في منتصف الطريق ، وتصطدم وجهاً
لوجه بسيارة جراند شيروكي وجيب جاينت بيست — ولكن
ليس لديك الجرأة لقبول دعوة مينغلونغ؟”
تجمد تشين وان في مكانه
{ كيف عرف تشاو شينغهي؟
كانت الليلة مظلمة جدًا—حتى أنا لست متأكد من كل التفاصيل }
“ همم؟”
لم يتركه تشاو شينغهي يفلت من الأمر
في ليلة الحادث ، أمر فورًا بإجراء تحقيق في ظروف الطريق والأدلة المتاحة
بل وقاد بنفسه ذلك المقطع من الطريق
كان تشين وان أحيانًا يتصرف كرجل مهذب،
وأحيانًا كمجنون
كان بارعًا جدًا في التمويه بمظهر هادئ ومتواضع—ولكن
عندما يفقد عقله حقًا، لا يبدو أنه يهتم بحياته
كانت جلسة الاستماع واحدة من تلك الحالات
والمطاردة على طريق هوانغهاي السريع كانت حالة أخرى
{ ما الذي سيأتي بعد ذلك ؟ }
لم يرغب تشاو شينغهي في معرفة ذلك
تابع بهدوء : “ لا داعي لأن تسرع في إجابتك …..،”
نشأ تشاو شينغهي على طاولة التفاوض،
وهو بارع في موازنة الضغط والإقناع—يسيطر على كل حركة
بمزيج مثالي من الدفع والسحب
حتى أكبر القرارات كانت تبدو خفيفة وسهلة عندما تصدر منه
: “ ولا تفكر أنني أقدم لك هذا تعويضًا عن شيء .
أنا فقط أقترح أن تجرب .
إذا فزت بالمناقصة ، فاعلم أن مينغلونغ عميل شديد المطالب و الشروط .
ورئيس المشروع أيضًا صعب التعامل معه .
إذا فشل فريقك في تقديم خطة ونتائج مرضية ،
فستُفرض العقوبات والتعويضات كما ينبغي ….”
أعاد السيجارة إلى شفتيه وقال بنبرة غير واضحة :
“ فكر في الأمر واتصل بي "
بعد توقف ، نظر إليه من الجانب
: “ لديك رقمي … أليس كذلك تشين وان؟”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق