Ch59 | DJPWNK
كان جيانغ شو يشعر بالانزعاج في الآونة الأخيرة ——
فـ شين فانغ يو صار يبتعد عنه
لم يكن الأمر واضحًا على السطح ،
فما زالا يذهبان إلى العمل معًا ، ويأخذان الإجازة معًا ،
ويتناولان الطعام معًا من حين لآخر ،
كما أن شين فانغ يو لم يعد يتعمد الذهاب إلى غرفة
المعيشة للعمل ،
لكن جيانغ شو كان يشعر بذلك الإحساس الغامض
كان إحساسًا دقيقًا …
لكن شين فانغ يو ما زال يبتسم في أغلب الوقت ،
ويلقي النكات أحيانًا ، ولا يبدو باردًا أبدًا ،
لذا لم يكن جيانغ شو يعرف كيف يفتح الموضوع حتى لو أراد
كان الأمر أشبه بلكم وسادة قطنية ناعمة
سألت رين مياو وهي تسير إلى جانبه مع والديها :
" طبيب جيانغ هل هناك ما يشغلك ؟ "
بعد انتهاء علاجها الكيميائي ، كانت الفتاة الصغيرة قد
وضعت شعراً مستعارًا – على الأرجح هدية من رين هان –
وكان شعرها الأشقر بطول الكتف يجعلها تبدو كأميرة من قصة خيالية
لقد أنهت علاجها الكيميائي ،
وكان عليها أن تعود للمنزل لتتعافى في انتظار جلسة العلاج التالية
صادفها جيانغ شو وهي تُخرَج من المستشفى ،
فقرر أن يرافقها إلى الخارج
لم يكن يدرك أن أفكاره كانت مكتوبة على وجهه
كان يفكر في كيفية الرد حينها رفع رأسه فجأة واصطدم
بنظرة شين فانغ يو العائد من قسم المرضى الداخليين
توقف في مكانه… وشعر وكأن شين فانغ يو يريد أن يتجنبه
لم يكن الأمر هكذا من قبل
فهو عادةً يبتسم له ابتسامة عريضة ،
ثم يبدأ بالثرثرة أو إثارة أعصابه
قال والد رين مياو :
" مياو مياو لا تتدخلي في شؤون الطبيب جيانغ الخاصة "
أنزلت رأسها : " أعرف "
ابتسم جيانغ شو بهدوء : " لا بأس "
لكن رين مياو فجأة نادت: " طبيييب شيييين ! "
كانت قد تعرفت على شين فانغ يو بسبب رين هان ،
الطبيب شين كان يحب المزاح معهما ولا يتصرف بتعالي ،
فاعتادت عليه بسرعة ،
ومنذ بدأت تمضي الوقت مع رين هان ، أصبحت شخصيتها أكثر مرحًا ،
ولم تعد تخجل عندما تراه ، بل تحييه بحماس ،
على عكس الفتاة الصامتة التي كانت في البداية
" رين مياو ؟ " توقف شين فانغ يو أمامهم ، وأومأ والداها له باحترام
ابتسم وسأل: " هل تم إخراجك من المستشفى ؟ "
أومأت رأسها : " ممم ،، طبيب جيانغ يرافقني للخارج "
حين سمعها، بدا على وجه شين فانغ يو شيء من الارتباك
فمنذ اللحظة التي نادته فيها، كان يشعر بنظرات جيانغ شو عليه ،
لكنه لم يجرؤ أن يلتفت وينظر إليه ،
بل ثبت بصره وحديثه على رين مياو وكأن أي التفاتة بسيطة
قد تكشف أمره
لكن جيانغ شو قال فجأة :
" هل نرافقهم سويًا ؟ "
كانوا على بعد خطوات من بوابة قسم المرضى الداخليين ،
وأراد شين فانغ يو أن يجد أي عذر ليتفادى الأمر ،
لكن للأسف كان فارغًا من العمل هذه اللحظة ،
فلم يجد مبررًا ليتنصل
فأومأ بتصلب ، ورافقهم حتى الباب
وبالفعل ، توقف جيانغ شو فور وصولهم إلى البوابة
وقال لرين مياو: " إجازة سعيدة "
فجأة قالت: " طبيب جيانغ، هل يمكنني مصافحتك ؟ "
ابتسم ومد يده: " أتمنى لكِ الشفاء العاجل "
كان يظن أن رين مياو تفعل ذلك فقط لتشكره ،
حتى لحظة إفلاتها ليده ورؤيته للذعر في عينيها
عندها بدا وكأنه فهم شيئًا…
كانت رين مياو تخشى الموت ،
وربما كانت تبحث عن القوة في الشخص الذي أنقذ حياتها …
ألقى نظرة على والدي رين مياو ،
فتبادلا النظرات ثم ابتعدا خطوتين ، تاركين مساحة لابنتهما
انحنى جيانغ شو قليلًا ،
وأشار إلى تمثال على مكان في الحديقة بجانب رين مياو ، وسألها :
“ هل تعرفين من تكون ؟”
كان التمثال الأبيض لطبيبة ترتدي معطفًا أبيض ،
تبدو كبيرة جدًا في السن ،
شعرها القصير مصفف بعناية ، ووجهها نحيل لكن مفعم بالطيبة
هزّت رين مياو رأسها ، فهي لا تعرف الطبيبة العجوز
قال جيانغ شو معرفًا: “ تلك هي الطبيبة لين تشياو تشي،
واحدة من مؤسِّسات قسم النساء والتوليد هنا.
كانت طبيبة عظيمة أنقذت الكثير والكثير من الأرواح .
كثير من المرضى في قسمنا يطلبون منها أن تباركهم .”
ابتسمت رين مياو وقالت: “ إذًا فلا بد أنها مشغولة جدًا .”
استدار جيانغ شو ليواجه تمثال الطبيبة لين مباشرةً ،
وضَمَّ كفَّيه معًا قائلًا : “ أتمنى أن تباركي رين مياو بالصحة
والعافية والشفاء السريع .”
رمشت رين مياو كم مرة ، ولم تكن تتوقع أن يدعو الطبيب من أجلها
شعور دافئ انتشر في صدرها ،
وبعد لحظات نظرت إلى التجاعيد على جبين الطبيبة لين ،
فأصابها قليل من الحزن
تذكرت القول المأثور [ ابذل جهدك واترك الأمر للإله ]
{ لقد فعل الطبيب كل ما في وسعه ،
والباقي… لا يمكن إلا أن يُترك للقدر … }
ربما شعر جيانغ شو بفتور معنوياتها ، فقال فجأة :
“ دعيني أخبرك سرًا، ما رأيك ؟”
قُطعت أفكار رين مياو القاتمة ،
وبدت مهتمة قليلًا حين سمعت كلمة ' سر '
تنحنح جيانغ شو بهمهمة قصيرة ،
وخفض نظره إلى الأرض
“ أنا… مريض أيضًا ، وبعد فترة قصيرة سأخضع لعملية خطيرة جدًا ...”
وتابع: “… ولا أعلم إن كنت سأتمكن من النجاة .”
رفعت رين مياو نظرها إليه بدهشة
ألقى جيانغ شو نظرة على التمثال المهيب للطبيبة لين
تحت أشعة الشمس وتابع :
“ إذًا ، فلنعقد اتفاقًا…
العام القادم ، في ذكرى ميلاد الطبيبة لين ،
نلتقي هنا ونضع لها باقة من الزهور ،،،
حينها ستكونين على قيد الحياة ،
وسأكون أنا على قيد الحياة أيضًا .”
كانت نظرات رين مياو مترددة بعض الشيء ،
لكن إذا تمعّنت ، ستجد أن أثر الإحباط قد اختفى منها ،
وحلّ محله عزيمة أوضح
قالت بحماس مفاجئ وهي تمد يدها لتوعده :
“ طبيب جيانغ ، سأحضر ، ويجب أن تحضر أنت أيضًا .”
أجاب جيانغ شو : “ حسنًا ،،، اتفاقنا قائم .”
راقبها وهي تعود إلى والديها وتلوّح له،
وحتى خطواتها باتت أخفّ
للحظة، سرح جيانغ شو في أفكاره
وبعد فترة —- ، تقدم شين فانغ يو الذي كان واقفًا بجانبه،
وانحنى أمام تمثال الطبيبة لين
: “ أتمنى أن تباركي جيانغ شو أيضًا "
نظر إليه جيانغ شو بدهشة
سأله شين فانغ يو: “ طالما أنك انحنيت من أجل رين مياو ،
لماذا لا تنحني من أجل نفسك ؟”
أدار جيانغ شو وجهه بعيدًا عند سماع ذلك،
ثم أعاد نظره إلى التمثال الشامخ
: “ ألستَ أنت موجودًا هنا ؟”
: “ أنا…”
كان من المربك أن يتحدث شخص بارد فجأة بكلمات عاطفية ،
فلم يجد شين فانغ يو ما يقوله ،
وشعر فقط بوخزة خفيفة في قلبه
قال جيانغ شو وهو يضغط شفتيه: “ لا أعلم ما الذي أصابك
مؤخرًا ، لكني أتمنى أن نعود كما كنا "
أخذ شين فانغ يو نفسًا عميقًا وبطيئًا، وجذب ربطة عنقه
كان يعلم أنه ربما لن يكون هناك طريق للعودة
لقد حاول مرارًا أن يكبت المشاعر التي تجاوزت الحدود،
لكن ما إن ترسخت في قلبه وبدأت تنمو،
بدا أن أي محاولة أخرى ستكون بلا جدوى
لم يكن أمامه سوى الإنكار والهرب ،
ولم يعرف ماذا يمكنه أن يفعل غير ذلك
وسط دوامة أفكاره ،
التفت جيانغ شو فجأة إلى شين فانغ وقال بصوت هادئ:
“ أريد أن آكل فلفل النمر الأخضر الليلة .”
في كل مرة كان شين فانغ يو يدعو فيها جيانغ شو إلى العشاء في منزله ،
لم يسبق أن طلب جيانغ شو شيئًا من تلقاء نفسه ،
مما جعله يتجمد للحظة من الدهشة ،
لم يكن الأمر أنه لا يعرف كيف يطهو الطبق ،
لكن ثمة شيء ما كان يربكه في هذا الطلب
فكلما ذُكر اسم ' فلفل النمر الأخضر ' تذكر وصية جده
الذي طلب منه أن يعد هذا الطبق لزوجته المستقبلية
شعور غامض بالذنب جعله يتردد في النظر إلى عيني جيانغ ،
لكن الأخير لم يتراجع ، وظل يثبت عينيه عليه بإصرار
كرر السؤال : “ هل يمكن ذلك ؟”
ابتلع شين فانغ يو وقال: “ ربما في المرة القادمة ….
الليلة أنا—”
: “ غاغا ”
قفز قلب شين فانغ يو فجأة ، وتوقف كلامه في حلقه
{ ماذا… ماذا ناداني للتو ؟
غاغا !!!!!؟ }
شعر وكأن عشرة آلاف لعبة نارية قد انفجرت في رأسه،
تتطاير شراراتها بلا توقف،
حتى كادت حرارتها أن تُعطّل دماغه
كانت نظرة جيانغ شو نقية، خالية من أي إيحاءات،
لكن شين فانغ يو كان مخمورًا تمامًا بهذه ' الـ غاغا '
وعيناه تلمعان ،
وأحشاؤه وكأنها طارت إلى ما وراء مجرة درب التبانة
كان الأمر أشبه بضربة قوية على مؤخرة رأسه جعلته مخدرًا
من رأسه حتى قدميه ، وكاد أن ينسى اسمه
صحيح أن هذا لقب شائع ،
وغالبًا يردده مندوبي شركات الأدوية في أسلوبهم التجاري المبالغ فيه ،
بل وأسوأ منه ما يسمعه في الشارع ،
لكن هذه المرة… ظل عاجزًا عن استيعاب الأمر لوقت طويل
{ ربما كان السبب تلك الجلسة الصريحة في منزل عائلة جيانغ ، حين قلت من دون قصد إنه سيكون رائعًا لو كنت
أنا الأخ الأكبر …
أو ربما لأن جيانغ شو في الحقيقة يكبرني بنصف عام ،
وكان من الصعب على رجل مثله ، المليء بالكبرياء ،
أن ينادي من هو أصغر منه بـ ' غاغا '
أو ربما… لأنه جيانغ شو فقط }
شعر شين فانغ يو أن قلبه يكاد يقفز خارج صدره
وحين رأى جيانغ شو شروده ،
قال بلطف: “ لا بأس إذا لم تستطع ، لا تعد الليلة .”
رد شين فانغ يو بصوت متوتر : “ سأعود ،،،
سأطبخه لك بالتأكيد.”
في تلك اللحظة ، كان مستعدًا للجري حول العالم مرتين ،
لا أن يطهو طبقًا واحدًا فحسب
نظر جيانغ شو إليه بنظرة غامضة ،
ثم وضع يده في جيبه واستدار عائدًا إلى جناح المستشفى
{ ولأول مرة ، يبدو أن كتاب يو سانغ قد أثبت جدارته !! }
بعد أن فقد صبره في محاولته الأخيرة الفاشلة ،
ظل جيانغ شو غير مقتنع لبضعة أيام ،
ثم فتح الكتاب مجددًا ،
وكاد يحفظ النص بأكمله عن ظهر قلب حتى تمكن أخيرًا من استيعاب الفكرة
وبصراحة ، كان منزعجًا من تصرفات شين فانغ يو الملتوية
لو أن لدى شين فانغ يو مشكلة معه ،
لكان يفضل أن يصرّح بها بوضوح بدلًا من تركه في حالة
تخمين وإجباره على قراءة كتاب عن المشاعر ليتعلم كيف
يحافظ على علاقة
لم يكن الدكتور جيانغ يفتقر إلى الأصدقاء أو الزملاء
لو أن الشخص لم يكن شين فانغ يو، لكان تجاوب معه
بنفس الأسلوب وابتعد هو عنه مثله
فعمله مزدحم لدرجة أنه لا يرغب في إضاعة وقته على هذا النوع من الأمور
لكن بالنسبة لشين فانغ يو… شعر جيانغ شو بشيء من
الكآبة حين أدرك أنه لا يبدو راغبًا في الابتعاد عنه
وإذا ظل شين فانغ يو على هذا الحال لأسبوع آخر، فسيحقق له أمنيته
————
وبينما شين فانغ يو لا يزال في حالة ذهول من وقع كلمة
غاغا التي قالها جيانغ شو
كان الأخير قد ابتعد بالفعل
راقب شين فانغ يو ظهره وهو يختفي داخل مبنى المرضى،
ولا يزال نصف شارِد، حين جاءه صوت مفاجئ بجانبه:
“ الطبيب شين ماذا تفعل هنا ؟”
—— تشونغ لان
أدار شين فانغ يو رأسه لينظر إليها ، واختاق عذرًا عشوائيًا :
“ أتعرض للشمس .”
مزحت تشونغ لان:
“ تتعرض للشمس وأنت على رأس العمل ؟
سأبلغ عنك المشرفة كوي .”
كانت واقفة أمام تمثال الطبيبة لين ،
بدت وكأنها خالية من الهموم ،
و قادرة على استيعاب كل شيء
كان على شفتي تشونغ لان ابتسامة ،
وكان كعك شعرها المرتب يلمع تحت ضوء الشمس
أضاء شيء ما في قلب شين فانغ يو فجأة ، فسألها:
“ هل أنتِ متفرغة بعد انتهاء الدوام اليوم ؟”
: “ هاه ؟” لم تتوقع تشونغ لان منه هذا السؤال ، وقالت: “ أعتقد ذلك… لماذا ؟”
شين فانغ يو : “ أريد أن أدعوكِ إلى العشاء .”
————————
في المطعم البسيط الديكور ،
ناول شين فانغ يو القائمة لتشونغ لان وقال:
“ اطلبي ما تريدين ، الحساب عليّ .”
ضحكت تشونغ لان:
“ الأخ شين كريم جدًا ، إما أنك تحاول مغازلتي ،
أو أنك تريد مني شيئ ، أليس كذلك ؟”
أجاب شين فانغ يو بهدوء :
“ مم… نوعًا ما ”
استدعت تشونغ لان النادل وطلبت أغلى الأطباق ،
ثم أسندت ذقنها على يدها وهي تمازحه :
“ إذًا لا داعي لأن أكون مهذبة ، صحيح ؟”
رفع شين فانغ يو يده بابتسامة :
“ على راحتك .”
تبادلا الحديث عن أمور المستشفى ،
ولم تنتبه تشونغ لان إلا بعد أن أكلا قليلًا ، فقالت باستغراب:
“ لماذا لا تحرّك عيدانك يا الأخ شين ؟”
كان عليه أن يتناول الطعام لاحقًا مع جيانغ شو، فاختلق عذرًا:
“ لست جائعًا .”
نظرت إليه تشونغ لان بنظرة ذات مغزى وقالت:
“ يبدو أن الأمر خطير لدرجة أنك لا تستطيع حتى أن تأكل .”
أسرعت في إنهاء طعامها ، وحين قاربت على الانتهاء ، شربت قليلًا من الحساء ،
ومسحت فمها بمنديل ، ثم قالت:
“ تحدث الأخ شين ، إذا كان بإمكاني مساعدتك فسأبذل جهدي .”
شين فانغ يو:
“ أريد فقط أن أسألك عن مسألة عاطفية…
قد تتعلق بخصوصيتك ،
لذا إذا لم ترغبي في الإجابة يمكنك الرفض .”
ابتسمت تشونغ لان وجلست أكثر استقامة:
“ مسألة عاطفية؟ أنا ؟” ثم أضافت:
“ قد لا يكون ميولنا الجنسي متشابهًا ،
لذا قد لا أتمكن من مساعدتك ….” لكنها ازدادت فضولًا وسألت:
“ هل لديك حبيبة يا الأخ شين ؟”
قال شين فانغ يو بنبرة مترددة :
“ يوجد رجل… أظن… أعتقد أنني أحبه ”
اتسعت عينا تشونغ لان وهي تنتظر بقية كلامه
شين فانغ يو : “ أريد فقط أن أسألك ، عندما اكتشفتِ أنك تميلين للجنس نفسه ،
كيف تأكدتِ من مشاعرك ؟” أخذ نفسًا عميقًا :
“ أريد فقط أن أتأكد أن الأمر ليس مجرد اندفاع لحظي ،
أو فضول ، أو رغبة في تجربة شيء جديد ،
أو أنه نتيجة شعور بالتملك والارتباط بحكم صداقتنا أدى
إلى هذا الالتباس… هل أنا حقًا… أحبه ؟”
كان أقرب أصدقاء شين فانغ يو من ذوي الميول المستقيمة ،
أولًا : لأن المثليين أصلًا قليل ،
وثانيًا : لأن معظم الرجال المثليين الذين لديهم وعي واضح
بميولهم يحافظون على مسافة اجتماعية معينة من الرجال
المستقيمين ، لتجنب تطوير مشاعر تتجاوز حدود الصداقة
وكان شين فانغ يو نفسه مثالًا حيًا على أن المستقيمين
الذين يمازحون أصدقاءهم بجرأة قد تُصعقهم مشاعر غير متوقعة
الآن بعدما فكّر في الأمر ، أدرك أن الشخص الوحيد الذي
يمكنه التحدث معه عن ميوله الجنسية هو تشونغ لان
تشونغ لان كانت سعيدة لأنها سألت شين فانغ يو بعد أن أنهى وجبته ،
وإلا لكانت اكتفت بمشاهدة المواقف فقط دون أن تفهم شيئ
حاولت ترتيب المعلومات التي سمعتها من كلام شين فانغ يو الغامض بعض الشيء ،
ثم شربت مرتين من الشاي بصعوبة وسألت بأوضح الكلمات :
“ هل تريد أن تقبّله أم تعانقه ؟”
كرر شين فانغ يو كلماتها بهدوء :
“ أقبّله وأعانقه ؟”
{ لم أقبّل جيانغ شو …
حتى في تلك الأحلام الغريبة التي كانت مبنية على الواقع
بشكل ما، لا أتذكر قبلة مع جيانغ شو ..
هل أريد ذلك ؟ }
لم يفكر في الأمر من قبل ،
{ لكن الآن… } شين فانغ يو كان خائفًا قليلًا من الإجابة
نظرت تشونغ لان إلى تعبير وجهه وتابعت بحذر :
“ هل تشعر بالسعادة عندما تفكر فيه ؟
هل تحب أن تراه سعيد ؟
هل تهتم بمشاعره ؟ هل تريد أن تجعله يضحك ؟
هل تريد أن تشاركه كل شيء ؟
هل تريد أن تعيش معه عمرًا طويلًا ؟
هل تريد حمايته طوال حياته ؟
هل تريد أن يعيش بلا مشاكل ؟ هل تريد له حياة سعيدة ؟
هل تضعه في المقام الأول في كل شيء؟
هل تشعر أن كل شيء يتعلق به جميل بدون سبب ؟
و… هل تريد أن تشارك سريره وتفعل معه أكثر الأشياء حميمية ؟”
أنزل شين فانغ يو عينيه ونظر إلى شاشة هاتفه ،
ولم ينفِي أيًا من تلك الأمور
: “ يا إلهي !” تفاجأت تشونغ لان بشدة ثم غطّت فمها وقالت :
“ عذرًا ، لقد فوجئت جدًا ”
كانت تعرف شين فانغ يو منذ عدة سنوات ؛
منذ أن بدأ تدريبها ، كان هو الأخ الأكبر الذي قادها خلال
التجارب يدًا بيد،
وبعدها، رغم انتقالها إلى فريق جيانغ شو عند دخولها
المستشفى، بقيت قريبة من شين فانغ يو
على الرغم من انجذابها الدائم لنفس الجنس ،
لم تتخيل يومًا أن يخرج شين فانغ يو عن صمته أمامها
كان رد فعل تشونغ لان الأول :
" هل يعرف الأخ الأكبر جيانغ شو؟ "
{ أولًا ، اكتشف جيانغ أن الفتاة التي كان يلاحقها من شهور هي مثلية ،
والآن ، عدوه الحقيقي مثلي أيضًا … }
ظنت تشونغ لان أن جيانغ شو سينهار لو عرف
شين فانغ يو ظن أن تشونغ لان قد خمنت شيئ ، فهز رأسه بخجل وقال :
“ لا أعتقد أنه يعرف .”
تنفست تشونغ لان الصعداء وقالت:
“ هذا جيد .”
لكنها لاحظت شيئ آخر:
“ لماذا تبدو متوترًا هكذا يا الأخ شين ؟”
عند ذكر جيانغ شو —- بدا شين فانغ يو أكثر توترًا مما كان عليه عندما اعترف لها
قال: “ أنا…”
كان يبحث عن طريقة ليشرح، لكن هاتفه رن فجأة
: “ عذرًا، عليّ الرد على هذا الاتصال ”
تنفس الصعداء محاولًا تفادي استجواب تشونغ لان ،
لكنه وجد أن المتصل هو جيانغ شو
ابتلع نفس الارتياح مرة أخرى ،
ويد شين فانغ يو ارتجفت حتى كاد أن يسقط الهاتف
سأل جيانغ شو: “ أنت لست في المنزل ؟”
أصابع شين فانغ يو المتجمدة ارتكزت على الهاتف الذي كاد أن يسقط
لقد أرسل لجيانغ شو رسالة قبل مغادرته العمل اليوم، أخبره فيها أنه سيعود مبكرًا ليلاً ليُعد له طبق الفلفل
الأخضر ، لذا لن يذهب معه
كان يعرف أن جيانغ شو عادةً يعمل حتى حوالي الثامنة والنصف مساءً ،
ولهذا رتب موعدًا مع تشونغ لان، معتقدًا أنه سيتمكن من
الحضور في الوقت المناسب
لكن الان الساعة السابعة فقط ، وجيانغ شو كان قد عاد إلى المنزل
شين فانغ يو: “ خرجت لأشتري بعض الطعام .” ومسح العرق عن جبينه
جيانغ شو: “ خرجت في السادسة .”
اختلق شين فانغ يو عذرًا: “ سوق الخضار القريب لم يكن
فيه فلفل أخضر ، لذا أخذت طريقًا أطول .”
ساد الصمت لفترة ، ثم رد جيانغ : “ أنا الآن في سوق الخضار أسفل الشارع ، والفلفل بسعر ثلاثة يوان للقطعتين .”
و مع صوت ' كليك ' أغلق الهاتف ——-
اتصل شين فانغ يو مرة أخرى بقلق ،
لكن المكالمة قُطعت ثلاث مرات على التوالي
رفع عينيه بقلق ليجد نظرة تشونغ لان مذهولة
أشارت إلى هاتفه وقالت : “ أنت… وهذا الصديق الغامض ؟”
لم تسمع صوت الطرف الآخر ،
لكن مما قاله شين فانغ يو فقط ،
استنتجت ببطء : “ هو يعيش معك ويراقب مكانك ؟”
قبل أن تنهي كلامها ، وقبل أن يرد شين فانغ يو —-
نهضت امرأة ذات ذيل حصان عالي ومكياج متقن من
الطاولة المجاورة لهما،
وابتعدت بكعبها العالي لتقف أمام شين فانغ يو
رفعت حاجبيها ، أمالت رأسها ، وبدأت توبيخه قائلة :
“ هل هو ينتظرك في المنزل ؟”
صوتها حاد :
“ هو ينتظرك في المنزل على العشاء وأنت هنا مرتاح لتأكل ؟”
نظر شين فانغ يو إلى المرأة التي ظهرت فجأة ،
وكان مرتبكًا قليلاً
لكن المرأة لم تعطه فرصة ليظل محتارًا ، فتحدثت كمدفع رشاش دون أن تأخذ نفسًا
: “ أنت عندما كنت تلاحق حبيبتي ، كنت متحمس ، مهذب ، وصريح ...
أما الآن ، فتتلوى ولا تعرف هل تحبه أم لا ؟
لو لم تكن تحبه ، لما كلفت نفسك بمرافقة لان لان للحديث .
لان لان تتكلم بلطف ، أما أنا فأختلف معها .
سأخبرك مباشرةً : إذا كنت هكذا ، فذلك يعني أن لديك
مشاعر تجاهه ،
أنت تحبه
كن رجلاً ولا تكن جبانًا
لا شيء يمنعك من الاعتراف أو المواجهة
لاحق من يجب أن تلاحقه ، ولا تضيع وقتك هنا .
وإذا أردت مني أن أقول إن كلام لان لان غير صحيح ،
وأنك لا تزال تريد التأكد هل تحبه أم لا،
أسهل طريقة لمعرفة ذلك هي أن تسأل نفسك: هل تريد أن
تحبّه، وأن يكون حبيبك، وتُعطي لعلاقتكما لقبًا يربطكما ،
وتفعلان ما يفعله الأحباء مدى الحياة ،
حيث تكون له وهو لك، ولا يستطيع أحد التدخل ؟
منذ البداية ، يأتي الحب برغبة في التملك ؛
مهما بدا على السطح أنه حب غير أناني أو غير متبادل ،
لا يمكن إخفاء هذا .”
عندها أمسكت تشونغ لان بيد المرأة الجميلة ذات الشفاه الحمراء الزاهية ، وابتسمت معتذرةً لشين فانغ يو:
“ آسفة يا الأخ شين ، حبيبتي سمعت أنك دعوتني للعشاء ،
وخافت أنك ما زلت تحاول تلاحقني ، فأتت لتراقبك.”
لم يستطع شين فانغ يو الرد على كلمات تشونغ لان ،
نظر إلى حبيبة تشونغ لان مذهولًا
كل كلمة قالتها ' لين تشيان ' كانت كأنها صدمة قوية في ذهنه ،
وبعد لحظة من الدوار ،
اختفى جبل الماء الثقيل أمامه كأنه تبخر ،
ليكشف عن القرية من خلفه ،
ثم تحطمت الأنقاض وارتفع الغبار ،
تاركةً كلمات في رأس شين فانغ يو ، تمتم :
“ الآن فهمت ”
يتبع
الفصل كان حلو مرة 😩❤
ردحذفقرأته مره ثانيه عشان اعرف وش تقصين بدون ما أحس 😢 لحظة دمعت بالغلط !
حذف