Ch105 بانغوان
تشانغ بيلينغ بدت هي الأخرى مذهولة ومرتبكة :
“ هل… هل ما يزال هذا شيا تشياو ؟”
سألت بهدوء ، وهي تلقي نظرة على تشو شو
: “ كيف لي أن أعرف ؟” كان تشو شو مذهولًا للغاية من
مجريات الأمور لدرجة أنه استغرق بعض الوقت حتى أدرك
لمن وُجّه سؤالها
وبعد بضع لحظات من الصمت المذهول ، تمتم بـ “ ااووه ،
لحظة ” وناول السيطرة مطيعًا إلى بو نينغ
ولقول الحقيقة ، كان بو نينغ هو الآخر غير متأكد بعض الشيء
حدّق طويلاً في ظهر شيا تشياو ——— وبالأخص في المنطقة
القريبة من كتفيه ثم عبس حاجبيه قليلًا
: “ ما الأمر لاوزو ؟” وحين لاحظت تشانغ بيلينغ تغيّر ملامحه
لم تستطع إلا أن تسأل : “ هل اكتشفت شيئ ؟”
استفاق بو نينغ من أفكاره وهز رأسه : “ ليس ثمة شيء ...
فقط شعرت أنّه بدا مألوفًا قليلًا…”
لكنّه في الوقت نفسه ، لم يستطع أن يحدّد مصدر ذلك الإحساس بالألفة
ولم يدرك الأمر إلا حين اقترب أكثر من السرير
ظلّ شيا تشياو من الخلف بدا مشابهًا قليلًا لوين شي حين
كان في الخامسة عشرة أو السادسة عشرة من عمره
وفي اللحظة التي استغرقها بو نينغ ليخطو بضع خطوات،
بدا أنّ هيئة شيا تشياو بدأت تتحوّل مجددًا
أصبح أطول قليلًا ، وأكثر شبهًا بوين شي
في وقت سابق ، داخل القفص الذي كان يحجب جبل سونغيون بأسره ، كان بو نينغ هو سيد المصفوفة
التي ختمت الجبل
لذا كان على دراية إلى حدّ ما بكل ما جرى داخل المصفوفة ،
ولهذا كان قادرًا على استشعار أنّ وين شي قد استعاد جزءًا من ذكرياته ،
لقد علم أنّ شيا تشياو هو الدمية التي أطلقها وين شي قبل
أن ينتزع روحه ليصنع قفصًا على الفور
كان من المفترض أن يخرج شيا تشياو من مصفوفة الختم بدلًا عن وين شي ، فقط لتهدئة مخاوف تشين بوداو
إذاً كان نسخة من وين شي من كل النواحي —- لكن بو نينغ شعر بالحيرة عندما رآه ، لأنّ شيا تشياو الآن هش وضعيف ؛
الفارق بينه وبين وين شي كالفرق بين الليل والنهار
وقد تساءل —- من الصعب جدًا إيجاد أي شبه بين الاثنين ، فكيف خدع شيا تشياو تشين بوداو وقتها ؟
لكن الآن ——- ، فهم
ربما الشيا تشياو النحيل الصغير ، الذي يمكن أن يُطرح
أرضًا بضربة واحدة ، لم يكن نفسه الأصلي —- بل هذا هو حالياً ——-
فقط هذا الظلّ من الخلف يمكن أن يملك فرصة للتظاهر بأنّه وين شي في تلك المصفوفة المغمورة بالدماء
هذا بالفعل شيا تشياو —- لكنه يعود ويتحول إلى ما كان عليه سابقًا ——
إلى مااصنعه وين شي وقتها —— قبل ألف سنة ——
لم يتّضح ما الذي قد مرّ به ، أو ما الذي كان يحلم به ، والذي جعله يمنع أي شخص آخر من الاقتراب منه
مد بو نينغ يده ليلمسه ——— لكن قبل أن يتمكّن من لمس شيا تشياو ، شُقّت يده فجأة
بالسكاكين الحادّة التي لا يزال يلوّح بها شيا تشياو وتدفّق
الدم القاتم الأحمر فورًا من الجروح ،
تحدثت تشانغ بيلينغ بصوت خافت من الجانب : “ كن حذرًا !”
لكن هذه المرة ، لم يتراجع بو نينغ ولم يتفادى الهجوم
بل تحمل اختراق السكاكين ، ووضع يده على منتصف ظهر شيا تشياو —
ثم نقر مركز جبهته بيده الأخرى بقوة —- وانحنى وهو يتمتم : “ شيا تشياو … شيا تشياو … نحن في جبل سونغيون "
بدا أنّ كفّه نقل تلك الكلمات مباشرةً إلى قلب الآخر
فاهتزّ جسد شيا تشياو بأكمله ، وشدّ قبضتيه أكثر على رأسه ، حتى برزت عروقه
و بعد لحظات ، فتح عينيه ———
تكلّم بو نينغ مجدداً : “ أنت على جبل سونغيون
هنا، لا أحد يستطيع التعدّي عليك .”
لم يكن بونينغ معتاد على رفع صوته عكس تشو شو ،،
نبرته منخفضة ، وإيقاعه بطيئ إلى حد ما ،
في كلامه شيء من اللطف والرُقي ، وكان سماعه في مثل
هذه اللحظات باعثًا على الطمأنينة والراحة الشديدة
أمسك شيا تشياو يد تشو شو —- بقوة لدرجة يُمكن تحطيم عظام تشو شو إلى نصفين
بو نينغ لم يجد صعوبة في التحمّل ، لكن تشو شو لم يستطع احتماله ،
فانتفض صارخًا : “ يااااه اللعنة ! انتبه ، أنا مصنوع من لحم ودم، اللعنة بحق—”
و بينما يتكلّم ، انقلب شيا تشياو وجلس
شعره مبلّل بالعرق البارد ، مبعثر يغطي جزءًا من عينيه ،
كانت نظرته شاردة حين حدق إلى تشو شو وتشانغ بيلينغ ،
كأنّ الكثير من الأشياء اجتاحت عقله دفعة واحدة ،
إلى حدّ أنّه لم يستطع أن يميّز إن كان في حلم أو في يقظة ،
في هذه اللحظة ، بدا غريبًا بعض الشيء
صرخات الألم من تشو شو توقفت فجأة و ظلّ يحدّق في
شيا تشياو طويلاً ثم قال بتردّد وعدم يقين : “…شيا تشياو ؟
هل… ما زلت شيا تشياو ؟
هل تتعرّف عليّ ؟”
وحين ظلّ شيا تشياو صامتًا ولم يرد ، بدأ تشو شو يجزع قليلًا ،
وربت على صدره بيده الحرة : “ إنه أنا ، أنا تشو شو!
الذي كان يكلمك قبل قليل هو بو نينغ ، وهذه أمي—”
وأشار إلى تشانغ بيلينغ
ثم بدا أنّه تذكّر شيئًا آخر ، فأضاف : “ أوه صحيح ، ويوجد أيضًا الغا ! الغا خاصتك وين شي ،،
إنه هناك في الغرفة عند القمّة ، لكنه لم يستيقظ بعد .”
أخيرًا ، خفّت قبضة شيا تشياو تدريجيًا ؛ ربما بسبب النبرة
التي لا تخطئها الأذن في صوت تشو شو الصاخب المتهوّر ،
أو ربما بسبب اسم وين شي
جلس متربعًا على السرير ، انحنى ودفن وجهه بين كفيه ،
كما لو أنّه لا يزال يستوعب الأمور ببطء
تشو شو واقفًا بالقرب منه ، لذا استطاع أن يرى جانب وجه
شيا تشياو وهو يتغيّر ، بينما شفتاه تتحركان قليلًا ،
وكأنه يردد أسماءهم جميعًا ، مرارًا وتكرارًا —
وين شي —- تشو شو — بو نينغ…
شعر تشو شو بارتياح صغير { ليس سيئًا ،،، على الأقل لم
يكن شيا تشياو مرتبكًا إلى الحدّ الذي يجعله عاجزًا عن التعرّف علينا جميعًا }
وبينما على وشك أن يحاول التركيز أكثر على ما كان شيا
تشياو يتمتم به، تكلّم الآخر فجأة
شيا تشياو : “ أين… جدي؟”
تجمد تشو شو من الدهشة
كان السؤال قد خرج بصوت خافت للغاية ، مبحوح ، كأنه مجرد همهمة لنفسه
بدا صوته ضائعًا قليلًا ، وعلى الرغم من أنّ هذه النبرة كانت
سمة مألوفة جدًا لشيا تشياو، إلا أن تشو شو لم يجرؤ على الرد
تردد في كيفية الجواب ، التفت وتبادل نظرة مع تشانغ بيلينغ
ساد الصمت أرجاء الغرفة
وبعد وقت طويل ، أجاب شيا تشياو بنفسه — و ما زال
صوته مكتومًا بكفيه : “أوه…”
{ جدي لم يعد موجود }
وكأنّه ، على امتداد ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ من سباته العميق،
كان يعيد اجتياز مسار ألف سنة مضت ——-
ولم يصل إلى النهاية إلا حين نطق هذا السؤال والجواب
الأخير بصوت مسموع ،
: “ تشياو …” اقتربت منه تشانغ بيلينغ وعلى وجهها قلق ظاهر
آثار الكدمات من قبضات شيا تشياو لا تزال على معصم تشو شو ،، ومع ذلك ، وبعد لحظة تردّد ،
مدّ يده وربّت على كتف تشياو ، وقال : “ شيا تشياو .. هل… هل أنت بخير ؟”
فرك شيا تشياو وجهه بعنف —- ثم أخيرًا ، أنزل يديه
لم يرفع رأسه ، لكن تشو شو رأى طرف أنفه محمرًا ؛ وعيناه
غالبًا لم تكونا في حال أفضل
كل تلك التفاصيل كانت بقايا مألوفة تعكس شيا تشياو الذي
عرفوه طوال هذا الوقت ، وأخيرًا تمكن تشو شو من الاسترخاء تمامًا ،
لكن وقبل أن ينطق قائلًا ' لقد أخفتنا حتى الموت قبل قليل '
توتر شيا تشياو مجددًا — رفع رأسه وسأل : “ أين… غـ ؟”
توقف قليلًا في منتصف كلمة ' غا ' وكأنه فجأة لم يعد
يعرف كيف هو أفضل أسلوب لنداء ذلك الشخص
لكن في النهاية ، اختار الخيار الأكثر ألفة له
ردّ تشو شو بدافع غريزي : “ هل جننت ؟”
وما إن رأى شيا تشياو يجلس باستقامة حتى قبض على
معصمه وتراجع نصف خطوة للخلف ، خائفًا من أن شيا
تشياو سيعود مجددًا لعدم التعرّف عليهم : “ لقد أخبرتك
للتو ، الغا خاصتك في الغرفة أعلى الجبل . إنه لا يزال نائم .”
عبس شيا تشياو بجبينه ، وبدا عليه التردّد قليلًا
وكانت تشانغ بيلينغ هي من التقطت مقصده :
“ هل أنت بحاجة للتحدث معه بشأن شيء ما؟”
اختار بو نينغ هذه اللحظة للظهور و سأل: “ هل استعدت شيئًا ما من الماضي بالمصادفة ؟”
أحيانًا التأثر والمشاعر الكثيرة المتوترة يتسبب في الخلط في الأمور و نسيان بعض الحقائق — وبالنظر إلى الحالة
المتصدعة لروح وين شي، فربما حتى هو لم يكن قادرًا على
تذكّر السبب الذي دفعه لخلق الدمية منذ سنوات ،
كان يعرف فقط أنّه يحاول خداع تشين بوداو
لكن بو نينغ نشأ مع وين شي —- وكان يعرف طريقة تفكير
الشيدي خاصتهم معرفة وثيقة
من وجهة نظر بو نينغ ، مهما كانت أحكام وين شي مشوشة
تحت تأثير مصفوفة الختم ، لم يكن ليطلق دمية فارغة لا
تعرف شيئًا على الإطلاق
و لابد أنّ شيئًا قد حدث لاحقًا لـ دميته شيا تشياو ليُغير هيئته وشخصيته لهذه الدرجة
وبالفعل ، بدا أن شيا تشياو سرح لحظة ثم أنزل عينيه
وقال : “…لقد خلقني غا لأكون دليلاً "
: “ دليل ؟ إلى أين؟”
حدّق شيا تشياو مطولًا في يديه : “ إلى المصفوفة العظمى للختم…”
عند الخلق ، كل دمية تعرف غايتها في هذا العالم
الدمى مرتبطة بوعيها الروحي مع سادتهم ،
وما إن تفتح عينيها ، تعرف تمامًا ما الذي خُلقت لأجله —
وأحيانًا حتى أفضل من أسيادها أنفسهم ،
وربما كان ذلك مجرّد خاطر عابر في وعي سيد الدمى ، لكنه
بالنسبة للدمى يصبح سبب وجودها
منذ اللحظة التي خرج فيها شيا تشياو من المصفوفة العظمى للختم وظهره إلى تشين بوداو ووين شي —-
كان يعلم أن اليوم سيأتي حين يجب أن يعود لموقع المصفوفة —
كل شيء وراء شيا تشياو سيُقيد ويُحبس داخل قفص ،
مختومًا ومخفيًا بين الغبار والزمان ؛ أما ذلك الذي انتزع
روحه بنفسه فلم يكن واثقًا مما إذا كان سيعيش أو يموت
فترك خلفه شيا تشياو ——
و بهذا ، حتى إن نسي ، وحتى إن عاد جسده الترابي إلى
الأرض ورحل ، سيبقى هناك كائن آخر يتذكر نيابةً عنه أنّ
قفصًا كهذا موجود في هذا العالم ،
وفي داخله شخص أراد بيأس ، أن يبقى معه ——
وإذا جاء يوم يستطيع فيه أي أحد تحرير تشين بوداو من
العتمة واستعادة حريته ، سيكون شيا تشياو موجود ليدلّه على الطريق
وكان شيا تشياو أيضًا الوحيد الذي يعرف الطريق
سألت تشانغ بيلينغ باستغراب بعد أن استمعت إلى شرح شيا تشياو : “ كيف صرت على هذا الحال إذًا ؟
كنت ما تزال صغيرًا حين رأيتك أول مرة .”
في الواقع لم تكن تشانغ بيلينغ تشير فقط إلى عمره اليافع ؛
بل اختارت أن تلطف تعبيرها
فقد كان شيا تشياو صغيرًا وخائفًا من الغرباء وقتها ،
مزيج جعله غير مرئي تقريبًا وسط الحشود ،
كان الجميع تقريبًا يعرف أنّ هذا طفل لا يمكنه تعلم أي شيء ،
تمامًا كصفحة بيضاء لا يمكن أن تمسك لونًا ، فراغ ممتد —
من كان سيربط بين طفل كهذا ودمى وين شي-لاوزو ؟
لزم شيا تشياو الصمت لحظة ثم رد : “ لأن الكثير من
العيون كانت مسلّطة عليّ "
بالطبع لم تكن دمى وين شي صفحات بيضاء
في البداية ، كان شيا تشياو في الواقع أقوى بكثير من معظم الناس ،
وكان يعرف الكثير من الأمور ،
لكن في النهاية ، ظلّ مجرد دمية — و ' بلا سيّد ' أيضاً
ما إن انتزع وين شي روحه ، أصبح شيا تشياو مرتبطًا
بالقفص بدلًا من السيد ——-
بعبارة أخرى ، انقطع الرابط بينه وبين وين شي منذ تلك اللحظة
في ذلك الوقت ، لم يكن وين شي قادرًا على التنبؤ بكل ما
سيأتي لاحقًا ، فعندما خلق شيا تشياو — كانت نيته أن تعود
الدمية إلى جبل سونغيون ——
لكن جبل سونغيون اختفى أيضاً ———
منذ البداية ، كان شيا تشياو وحيدًا تمامًا في هذا العالم —-
ومهما بلغت قوة دمية مثله ، كان لها نقطة ضعف —
فلو استغلّ شخص ذو نوايا خبيثة الفرصة المناسبة ،
يمكنه إجبار الدمية على تغيير سيدها ——
مكان الختم بالنسبة للكثيرين مرعب ، لكنه أيضًا مثير لإغراء لا يقاوم ——-
فهناك يوجد وعاء تشين بوداو شبه الخالد ——
وعلى مدى الألف سنة الماضية ، أراد الكثيرون أن يجدوا ذلك المكان
ربما لم يكونوا يعلمون أنّ شيا تشياو هو الدليل ، لكن حتى مع ذلك ، أرادوا السيطرة عليه
لم يكن ذلك أمرًا مفاجئًا ؛ فهو الكائن الحي الوحيد الذي
خرج من المصفوفة العظمى للختم
لم يستطع تشو شو إلا أن يسأل : “ هل لاحقك أشخاص ؟”
: “ ممم ”
: “ هل أحدهم قام …” أراد تشو شو أن يطرح مزيدًا من الأسئلة ، لكنه لم يستطع أن ينهي الجملة
فعلى الرغم من أنّ معارفه العملية كانت محدودة ، إلا أنه
قد سمع نصيبه من الحكايات ، سواء أكانت حقيقية أم كذب
كان يعرف أنّه إذا أراد أحد أن ينتزع معلومة من دمية ، فسيستعمل كل وسيلة ممكنة لذلك ،
ففي نهاية المطاف ، مهما بدت الدمية قريبة الشبه بالبشر ،
إلا أنّ معظم الناس لا يرونها إنسانًا
و فهم فجأة سبب هجوم شيا تشياو على كل من حاول
الاقتراب منه في سباته العميق ——
لكنه لم يرغب حقًا أن يفهم ما الذي يجب أن يمرّ به شخص
ما حتى يطور مثل هذا الغريزة …….
انحدر الصمت فجأة على الغرفة
رفع شيا تشياو رأسه ونظر إلى تشو شو وتشانغ بيلينغ ،
والاثنان على وجهيهما تعابير بالغة الجديّة
ولعلّ ذلك ما دفعه لأن يتكلم مجددًا
: “… في الواقع ، لم يستمر ذلك طويلًا "
: “ هاه ؟” ارتبك تشو شو
شيا تشياو: “ أعني… في الواقع ، تلك الأيام لم تستمر طويلًا ...”
وتوقف قليلًا ، و حذف تفاصيل ما كان يطارده في كوابيسه : “ بعد فترة معينة ، لم أعد قادرًا على الاحتمال ...
كنت خائف أنه إذا تغيّر سيدي ، سأُجبر على قول شيء لا ينبغي أن أقوله ،
أو أن أقود أحد لا ينبغي أن أقوده إلى المصفوفة .
وهكذا أنا… عدّلت نفسي قليلًا .”
حدّق به تشو شو مذهولًا : “ تسمي هذا تعديلًا قليلًا لنفسك ؟”
وأكّد على الكلمة الأخيرة
أي شخص رأى نسخة ' الصفحة البيضاء ' من شيا تشياو
من قبل سيعلم : لم يعدّل نفسه قليلًا — بل دمّر نفسه تمامًا ——-
حتى بو نينغ لم يستطع أن يمنع نفسه من التدخل : “أنت حقًا…”
{ أنت حقًا دمية الشيدي }
وعلى الرغم من أن ارتباط شيا تشياو بوين شي قد انقطع منذ البداية ،
إلا أن بعض الأشياء بدت وكأنها انتقلت على طول خط الخلافة ،
ما فعله شيا تشياو لم يختلف عن قرار وين شي بانتزاع روحه بنفسه ،
أحدهما فعل ذلك لينقذ شخص ؛ والآخر فعله ليمنع نفسه من إيذاء شخص ،
تشو شو : “ إذن هل نجحت في الاختباء من كل ذلك؟”
شيا تشياو : “ نعم "
محا كل ما كان يعرفه ، و غيّر مظهره أيضًا
لفترة طويلة جدًا ، ارتدى هيئة طفل ، يتجول في طرقات
وأسواق بلدات لا يعرف أسماءها
و قد نسي بالفعل من هو في تلك اللحظة ؛ لم يكن يعرف
من أين أتى ولا إلى أين يتجه
كل ما فعله ببساطة هو أن يختبئ ، بدافع غريزة ، من كل من كان غريبًا عنه
كان شديد الحساسية للروائح والأماكن وحتى الأشخاص ،
وكأنه موهوب بالفطرة في ما يخص الأمور الروحية ،
وسجن نفسه في وعاء لا يلفت الانتباه على الإطلاق —- إلى أن جاء اليوم الذي التقى فيه بشين تشياو في أحد الأزقة —-
قال له العجوز شين تشياو ذات مرة : “ أنت وأنا جمعنا القدر .
أريد أن أراك تكبر .”
وفيما بعد ، سأله شيا تشياو: “ لماذا قلت إن القدر جمعنا ؟”
العجوز شين تشياو : “في اليوم الذي التقيت بك فيه ، رأيت حلمًا ،،،
حلمت أنني طائر أخضر انطلق مُحلّقاً من غابة ،،
وحلّقت فوق الجبال لفترة طويلة ، طويلة ، أبحث عن أولئك الأعزاء عليّ "
: “ وماذا حدث بعدها ؟”
رد العجوز شين تشياو : “ ثم وجدتُك "
لم يكن شيا تشياو يعرف لماذا اختبأ من الجميع باستثناء شين تشياو ——-
أو لماذا كان شين تشياو الوحيد الذي لم يخَفْ منه ——
لكن ، ومنذ ذلك اليوم ، أصبح لديه عائلة —-
شخص ما أراد أن يراه يكبر ، وهكذا بدأ يحاول أن يكبر ،
محررًا نفسه شيئًا فشيئًا من الوعاء الذي سجن نفسه فيه —-
لكن حتى بعد أن ربّاه شين تشياو حتى شبابه ، لم يستطع أن يعود إلى مظهره الأصلي ——
حتى هذه اللحظة ،——-
تشو شو: “ في هذه الحالة ، لماذا تغيّرت فجأة الآن لشكلك الاصلي ؟”
فكر شيا تشياو قليلًا : “ لقد التقطت رائحة المصفوفة "
: “ هااا ؟؟؟” فتح تشو شو عينيه من الحيرة ، وهو يحدّق من
حولهم : “ هنا ؟ أليس هذا جبل سونغيون ؟”
“…” عجز شيا تشياو عن الكلام لحظة : “ ليس هنا ….
لقد شممتها قبل فترة ، ومنذ ذلك الحين بدأت أشعر بعدم الارتياح ،،
وكنت شاردًا ومضطربًا في القفص أيضًا .”
تمتم تشو شو : “ قبل فترة ؟” ،،، ثم رفع رأسه فجأة :
“ لا تخبرني انك شممتها في مقرّ عائلة تشانغ !!!!!؟”
صمت شيا تشياو كان بمثابة إقرار بالإيجاب
اتسعت عينا تشو شو من الدهشة ———
{ كنت أتوقع أن يكون رئيس عائلة تشانغ هذا واحد من
أولئك الطامعين بمكان الختم ،
لكنني لم أظن أن تلك النفاية سيذهب فعلًا إلى حد أن يبني منزله في مكان كهذا !!!!
هل كان يخشى أن ينتزعه الآخرون منه ،
أم أنه كان يخشى أن لا ينجو من العقاب ؟ }
: “ المقر الرئيسي ؟!
إذًا كان في المقر الرئيسي للعائلة طوال هذا الوقت؟ اللععععنننة
كثير من الناس يأتون ويذهبون من ذلك المكان ، كيف لم
يصادف أحد شيئًا قط ؟”
ردّت تشانغ بيلينغ على ابنها : “ الجواب قُدِّم لك مسبقًا—
فقط شياو شيا يستطيع أن يجد الطريق .”
تشو شو : “ حسنًا ، هذا يعني أنّ ثمة طريقًا يمكن إيجاده على الأقل ….” وعلى الفور تردّد قليلًا
ثم سأل : “ إنه طريق ، صحيح ؟
النوع الذي أعرفه ؟”
هزّ شيا تشياو رأسه : “ معناه : فقط أنا أستطيع أن أجد الختم ، وفقط أنا أستطيع أن أُقرّب الناس منه .”
فهو في نهاية المطاف يتشارك ارتباطًا روحيًا مع ذلك القفص
وحين انكشف واتضح كل شيء تمامًا ، عادت الغرفة لتغرق في الصمت
شيا تشياو قد تعافى لتوّه ، وعقله ما زال في فوضى خفيفة
وبينما يحاول ترتيب أفكاره المختلفة ، تكلم أحدهم فجأة ——
كان الصوت من تشو شو —- لكن النبرة تعود إلى بو نينغ
و قال بلا مقدمات : “ لديّ طلب جريء "
ارتعب شيا تشياو
فحتى وإن كان دمية لوين شي، وحتى بعدما استعاد معظم
شكله الأصلي ، فإنّ الشخص الذي أمامه ما يزال شيشونغ وين شي ،
و أيًّا كانت الهرمية ، لم يكن هناك حاجة لأن يخاطبه بو نينغ بكل هذا الاحترام ،
لكن بو نينغ كان دائمًا مهذبًا ومؤدبًا ، حتى مع الدمى
شيا تشياو: “ مم ؟”
ارتسمت على وجه بو نينغ لمحة قلق …. وبعد لحظة تردّد
قصيرة ، قال : “ في الوقت الحالي ، لا تدع شيدي يعرف أنك
قادر على العثور على الختم "
أصيب شيا تشياو بالذهول : “ لماذا ؟”
بو نينغ: “ أخشى أنه حين يعلم ، سيطرح جانبًا كل اعتبار لسلامته ،،،
دعني أحظى ببعض الوقت لأفكر في خيارات أخرى .”
وفي هذه اللحظة —— ، انسابت رياح الجبل عبر نوافذ
الخيزران كأنها نحيب خافت
كل شخص في الغرفة منشغلًا بأفكاره وخططه الخاصة ،،،،
وتبادلوا كلمات متقطعة ——-
لم يلاحظ أحد الشخص الذي يتكئ على الجدار في الخارج ،
مختبئًا في الظلال—
وين شي كان واقفًا بجانبهم ، عيناه للأسفل —- ،
وفي يده غصن صنوبر لا يستطيع أن يتخلى عنه بعد الآن ،
وقد تشابكت حول قاعدة أصابعه خيوط دمية ملطخة بالدماء …..
⸻
في الساعات الأولى من الصباح ، نهض شيا تشياو ليعدل المصباح على الطاولة
وحين رفع رأسه مجددًا ، اكتشف أنّ شخصًا ما قد ظهر
بجوار الباب دون صوت
و قبل يصرخ حتى بصرخة فزعه ، كمّ فمه بخيط دمية
لو كان هذا قبل بضعة أيام ، لسأل حالما أُطلق سراحه : ' غا ماذا تفعل؟ '
لكن اليوم —- مختلف
فحتى دون أن يسأل ، كان يعرف لماذا جاء وين شي ——
أو بالأحرى — كان يعرف منذ بداية كل ذلك أن هذا اليوم
سيأتي في النهاية ———
ومن أجل هذا اليوم الواحد ، تجول و تاه في العالم لألف عام
وبعد أن سحب وين شي خيط الدمية ، قال شيا تشياو :
“ غا … بو نينغ-لاوزو لا يريدك أن تذهب الآن .
قال أنه يريد أن يضع خطة أقل خطورة .”
قال وين شي وهو يلف خيط الدمية حول أصابعه مجددًا ،
بصوت هادئ للغاية : “سمعت .
لكنني لم أعد أستطيع الانتظار .”
منذ زمن بعيد غرست السماء خنجرًا في قلبه ،
وحمل ذلك الخنجر معه ألف عام ، ينتظر وينتظر
ثم انتُزع الخنجر
لكن قبل أن يتوقف الدم عن النزيف ، غُرس مجدداً
هذه المرة ، لم يستطع أن ينتظر يومًا واحدًا
نظر إليه شيا تشياو وقال: “ حسنًا . سأخذك إلى هناك "
لكنهم لم يغادروا الجبل مباشرةً
سلك وين شي منعطفًا قبل مغادرته — ذهب إلى مصفوفة
تجديد الروح التي نصبها بو نينغ عند جرف الجبل ،
حيث يمكن رؤية بحيرة تشينغشين
في هذه اللحظة ، المصفوفة تحفظ شظايا الوعي الروحي لـ تشونغ سي وتشانغ يي
لا يوجد ماء في المصفوفة ؛ بل امتلأت بضباب باهت ، كأنفاس تنساب في عمق الشتاء ،
و وسط هذا البياض النقي ، تظهر هيئتان مطموسَتان بخفوت
صعد وين شي إلى المنصة التي اعتاد تشانغ يي أن يقف عليها
وبلا وعي، التفت وين شي وألقى نظرة نحو الصخور على مسافة أعلى منه ،
لكن لن يقفز أحد من وراء تلك الصخور مجدداً
ليزيل التراب وهو يتهكّم عليهم لسقوطهم ضحية خدعة أخرى
انتظر شيا تشياو عند الطريق
ظنّ أنّ وين شي سيقول شيئ ، لكن وين شي وقف هناك
صامتًا طويلًا ثم تحدث أخيرًا للشخصان داخل المصفوفة : “ أنا راحل الآن ….
… إذا غضب بو نينغ، فاستفيقا بسرعة لتهدئة غضبه .”
ومع قوله هذا ، استدار وبدأ بالنزول عن الجبل
فجأة انتاب شيا تشياو شعور —- { لقد بدا هذا …. أشبه بالوداع }
تجمّد في مكانه، مذهولًا للحظة—- ثم أسرع يركض ليلحق بوين شي
وبعد نزولهما جبل سونغيون، فتح وين شي بوابة مصفوفة
قادتهما مباشرةً إلى المنطقة حيث يقع المقر الرئيسي لعائلة تشانغ
وكما في الغابات في أعالي الجبل ، الساحات والمباني المتداعية هنا غارقة في برد لاذع ،
و الضباب الأزرق الباهت مشبع برائحة مطر رطب
لكنّ شيئًا من ذلك لم يكن جديرًا بالانتباه لشيا تشياو
ما برز له أكثر من أي شيء هو رائحة المصفوفة العظمى
للختم—رائحة نباتات متفحمة متعفنة ممتزجة بالدم
متتبعًا الرائحة ، تخطّى عوارض حجرية متصدعة متساقطة على الأرض ،
وعبر جداول وبرك ، وغابات مبتلة بالندى
شيئًا فشيئًا ، اقترب وين شي إلى ذلك المكان
وحين أحسّ أن مدخل القفص صار شبه قريب ، توقف شيا
تشياو عن السير للحظة
التفت إلى وين شي وسأله: “ غا ما خطتك ؟”
وين شي: “ إذا انحلّ القفص ، فسأخرج معه .”
شيا تشياو: “ وإن لم ينحل؟”
{ إن لم ينحل… }
وهو يحدّق في امتداد الفراغ أمامهما ، تذكّر وين شي كيف
نظر إليه تشين بوداو قبل ألف عام بابتسامة على شفتيه وهو
يستند على شجرة برقوق بيضاء ؛ وكيف نظر إليه شيه وون
بالطريقة نفسها بعد ألف عام ، مبتسمًا وهو يقف بجانب
الشجرة الذابلة أمام فيلا عائلة شين…
صمت طويلًا …. ثم أجاب : “ إذن لن أخرج "
يتبع
الفصل من ترجمة : Jiyan
تدقيق : Erenyibo
تعليقات: (0) إضافة تعليق