القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch49 برج الأبروش

 Ch49 برج الأبروش



اليوم ، 

فانغ هاو يعمل في نوبة صباحية عادية انتهت بعد الرابعة بقليل ، 

وأخبر تشن جيايو أنّه سيصل إلى المنزل في حدود الخامسة والنصف ،

أمّا تشن جيايو فكان في إجازة ، فجاء مرتديًا ملابس بسيطة ، 

وما إن خطا داخل المنزل حتى استقبله وجه فانغ هاو المشرق بابتسامة


صفاء مزاج فانغ هاو واضح بل بدا وكأنّه قد حطم المسافة 

الصغيرة التي كانت بينهما، حتى عبر خطوط الهاتف


اجتاح المكان رائحة الطعام الغنية ، فضرب أنف تشن جيايو 

كنسمة ثقيلة وهو يعبر عتبة الباب

و دون أن يضع حقيبته جانبًا ، كان رد فعله الأول أن يلف 

ذراعه حول خصر فانغ هاو ، ويقرّبه إليه بينما يرفع بيده الأخرى وجهه ، يشد ذقنه ليقبّله 

وداعب بأنفه وجنة فانغ في لمسات حنونه


لم يبتعد فانغ هاو إلا حين شعر بنقص في أنفاسه ، فدفعه برفق ، كانت شفتاه الناعمة رطبة قليلًا ، فمسحهما غريزيًا بظهر يده ،

و قال مبتسمًا :

“ اشتقتَ إليّ أليس كذلك؟”


أجابه تشن جيايو بهمهمة موافقة ، و وضع حقيبته أرضًا وخلع حذاءه ،،

وبسبب ترتيباتهما الأخيرة ، كان يقيم كثيرًا في منزل فانغ هاو ،،، 

حتى أنه ترك هنا بعض ملابسه ، وزيَّان للطيران ، وفرشاة أسنان ، وسليبر ، وعدة أشياء أساسية أخرى ،

قال وهو يستنشق :

“ الرائحة مذهلة "


فأجابه فانغ هاو بجدية خفيفة أربكته  :

“ هل تقصدني أنا ، أم الطعام هو ما تفوح رائحته الطيبة ؟”


لم يتمالك تشن نفسه ، فدفع فانغ هاو برفق نحو الحائط 

ومد يده تحت سترته ، يلامس أسفل ظهره


ارتجف فانغ هاو من برودة أصابعه وسحب يده قائلًا برفق:

“ كفّ عن العبث ، لنتناول الطعام أولًا "


كان تشن يعبث معه ومع شعوره بالجوع ، وافق أن يأكلا أولًا


أشار له فانغ هاو أن يجلس ، ثم بدأ يغرف الطعام من القدر


وبمجرد أن التقط تشن الرائحة ، تعرّف عليها فورًا : 

{ لقد أعدّ فانغ هاو لحمًا مطهوًا بالصلصة 'دونغبو رُو ' }

أما الأطباق الجانبية فكانت فطرًا وسباراغس إيطاليًا متبّلًا 

بصلصة الفلفل والليمون، مشويّة بإتقان ، وقد قُدّم بمنظر شهي


( طبق جيايو الي يحبه فانغ وارسله طريقته )




ضحك فانغ هاو :

“ أنت كثير الغياب ، لذا صرتُ بارعًا فيه تقريبًا . 

جرّب وامنحني تقييمًا .”


أثار ذلك دهشة تشن جيايو — فهو أرسل لفانغ هاو الوصفة الأسبوع الماضي ،

وهذه الوصفة بالذات كانت مميزة ، أصلها من شقيقة تساو هوي، 

وقد أحبّها تشن لأن الوصفة سهلة ، وفي المرة الأخيرة التي 

أعدّها فيها ، لم يشرح الخطوات بالتفصيل ، ولم يتوقع أن 

يتقنها فانغ هاو بهذه السرعة ،


تذوّق قطعة ، وما إن ابتلعها على عجل حتى سارع يقول:

“ لذيذ "


نظر فانغ هاو إليه قائلًا:

“ كن صريحًا "


أصرّ تشن:

“ حقًا، إنه لذيذ "


فانغ هاو :

“ يجب أن تقول الحقيقة لأتمكن من تحسينه ! ” 

كان يعرف أنّ تشن بطبعه يميل إلى مجاملة لطيفة لخاطر الآخرين ، 

لذا عليه أن يضغط قليلًا ليحصل على رأيه غير المُفلتر


اعترف تشن:

“ يمكنك أن تكرمل السكر قليلًا أكثر "


راضٍ بهذا التعليق الصريح ، أومأ فانغ هاو ، ثم وقف واتجه 

إلى الثلاجة ليأخذ ورقة مثبتة عليها بمغناطيس ،

وحين دقق تشن ، أدرك أنّها وصفة عائلته


قال فانغ هاو وهو يلتقط قلمًا ليكتب ملاحظة بجانب خطوة الكرملة:

“ إذا كنت جائعًا ، تفضل وتابع الأكل أولًا حتى انتهي ” 

لم يبالي بنفسه ، بل انشغل بتسجيل الملاحظة


انشغل تشن جيايو بطعامه ، لكن سرعان ما عادت نظراته 

لتستقر على فانغ هاو فتوقف للحظة — شعر فجأة بموجة 

من المشاعر تجتاحه وهو يراقبه يسجّل ملاحظته بجدية—

واقفًا ، مركزاً ، يحمل القلم ويضع علامة دقيقة على الوصفة ، 

أدرك أنّ فانغ هاو أعدّ هذا الطبق خصيصًا من أجله ، 

بل وتدرّب عليها مرارًا ، 

و لم يجلس ليأكل بعد ، بل ظلّ منحنيًا على الورقة


خطر ببال تشن بشيء من الحنان { أنّ هذا اليوم ملكي ، لكنّ .. قد يكون كل يوم أيضًا… }


شعر جيايو وكأن الجزء الأكثر حنانًا في قلبه قد استيقظ برفق



سأل فانغ هاو وقد لاحظ أنّه توقف عن الأكل :

“ ما الأمر ؟”


تشن:

“ كم مرة أعددت هذا الطبق ؟”


ابتسم فانغ هاو وهو يجيبه :

“ هذه المرة الثانية فقط ،، تدربت عليه الأسبوع الماضي 

وأكلته كلّه بنفسي ….” ضحك : “ لحسن الحظ أن تدريبي زاد 

مؤخرًا ، فأنا آكل كثيرًا وأحرقه بسرعة .”


مال تشن نحوه ، يمرر يده على وجنته بحنان ، ثم عاد 

وأمسك عيدان الطعام ليكمل طعامه


و خلال العشاء ، تبادلا أطراف الحديث عن الطهي والعمل ، 

لكن لم يتطرقا إلى تلك المكالمة الليلية في تيانجين قبل أيام


أحدهما لم يشأ أن يثير الموضوع ، والآخر لم يجرؤ على السؤال مباشرةً


لقد كان بينهما تفاهم صامت بأن يتركا الأمر يمضي


ففي تواصل البالغين ، ثمة اتفاق ضمني على أن بعض الأمور يكفي أن تتلاشى بصمت


بعد العشاء بادر تشن جيايو إلى ترتيب الصحون


وأثناء انشغاله ، لاحظ هاتفه الموجود على الطاولة يهتز

 يداه مبتلتين ، فقال لفانغ هاو:

“ من المتصل ؟” خشية أن يكون أمرًا مهمًا من والديه


اقترب فانغ هاو ونظر ، وحين رأى الاسم شعر بقليل من الحرج [ يان يو ]

لكنه لم يتجاهل الأمر ، فقد كانت المكالمة جارية بالفعل ، 

ولا مجال للتظاهر بعدم رؤيتها


قال تشن جيايو بنبرة عابرة :

“ أغلقها فقط ”


فمد فانغ هاو يده وأنهى المكالمة


وحين أنهى تشن تحميل الصحون في الغسالة وجفف يديه، 

قطع تفاحة وناولها لفانغ هاو


لكن الهاتف عاد يهتز ، وهذه المرة برسائل ويتشات متتالية. 

إذ لم تستطع يان يو الوصول إليه عبر الاتصال ، فاتجهت للرسائل


التقط تشن هاتفه أخيرًا ، فظهرت الرسالة الأولى:

[ جيايو كيف حالك هذه الأيام؟ ]


و الثانية :

[ غدًا الحادي عشر… لا أكف عن التفكير بما حدث قبل ثلاث سنوات ]


وتلتها ثالثة :

[ لا شيء مهم حقًا ، فقط أردت أن أتحدث وأعرف أحوالك ]


تنهد تشن جيايو بصمت { أنا بخير—بل أفضل من أيام وحدتي — يوجد من يجلب لي الطعام في المطار ، 

ومن ينتظرني في المنزل مع أنوار مضاءة }

لكن لم يكن ثمة ما يدفعه ليشارك ذلك مع يان يو


عندها نكزه فانغ هاو بلطف قائلًا :

“ لِمَ لا تعاود الاتصال بها ؟” كان يظن أنّ تشن لا يريد الرد 

على مكالمة حبيبته السابقة بسببه ، لم يكن الأمر كذلك ، 

فغالبًا يكتفي تشن برد قصير على ويتشات ويغلق الموضوع ،

لكن بما أنّ فانغ هاو اقترح ذلك ، فقد قرر الاتصال ، وهو 

مطمئن أنّه ليس لديه ما يخفيه


نهض فانغ هاو ليرتب غرفة النوم ، مانحًا إياه بعض الخصوصية ، ومن بعيد ، كان يسمع صوت امرأة على 

الطرف الآخر، وردود تشن الهادئة :

“ أنا بخير ، الأمور على ما هي عليه… هي بخير أيضًا ، 

تمكث في المنزل مؤخرًا ولم تعد تذهب للمستشفى… غدًا ؟ 

لا، لا شيء مميز ، سيكون يومًا عاديًا…”


وأخيرًا رد تشن:

“ عليّ أن أذهب الآن… لدي بعض الأمور ، 

لنتحدث مرة أخرى لاحقًا ” ثم أنهى المكالمة التي لم استغرقت خمس دقائق


لم يلتقط فانغ هاو التفاحة ويأخذ قضمة منها إلا بعد انتهاء الاتصال بقليل ، ثم سأل وهو يأكل :

“ لِمَ انفصلتما ؟”


نظر إليه تشن جيايو وهو يضع هاتفه جانبًا، وقال:

“ ببساطة لم تكن شخصياتنا متناغمة ، 

لو أردت أن أكون أدق : كنت أشعر دائمًا أنني أنا من يعطي 

وهي من تأخذ فقط ، ومع مرور الوقت بات الأمر مرهقًا ، 

العلاقة فقدت طعمها ، ومع ذلك واصلناها لفترة طويلة قبل أن ننفصل ، 

ولم يحدث ذلك إلا بعد الهبوط الاضطراري في هونغ كونغ 

حينها أدركت الأمر فجأة .”


لم يتفاجأ فانغ هاو —- فالتجارب التي تُقرّب الإنسان من 

الموت كثيرًا تغيّر نظرته للحياة — لكنه سأل:

“ هل تعرف السبب ؟”


تشن جيايو:

“ تقصد سبب الانفصال الحقيقي ؟ السبب الرسمي الذي 

أخبرتها به أنّه بعد حادثة هونغ كونغ لم تدعمني ولم 

تفهمني حقًّا، وقد قلت لها هذا ...” ثم مسح جبينه ، 

مستعيدًا صعوبة تلك المرحلة ، مع تذكّره تمسّك يان يو 

المفرط الذي عقد الأمور ، بينما لم يقابلها هو إلا بقدر من الاهتمام الشكلي


توقف قليلًا، ثم أضاف:

“ أما السبب الحقيقي ؟ فلن يُحدث فرقًا لو قلته الآن ،

على كل حال ، كانت بيننا علاقة ، وسيبدو من القسوة أن 

أذكرها بعد أن انتهت المشاعر. ،

حين بلغت أقصى حالات ضيقي ، خطرت ببالي كلمات لأقولها لها : العيش معك مرهق جدًا ،

 لا أريد أن أتنازل عمرًا كاملًا — فهذا أمر يمكن لوالديك تحمّله وليس أنا ،

لكنني لم أقل هذا أبدًا ، فقط فكرت بها ، 

في أعماقي كنت أخشى أن أدمّر الروابط التي كانت عزيزة عليّ

أو أن تنكرني تمامًا ، رغم أنّنا انفصلنا بالفعل .”


لكن فانغ هاو اعتدل فجأة ، واتخذت ملامحه صرامة لم 

يرها تشن من قبل ، وقال بجدية :

“ عدم قول الحقيقة أكثر قسوة "


كان يضع نفسه مكان الآخر ، متذكّرًا تجربته مع لو جياوي ،

فالانفصال من دون سبب حقيقي ، ظنًّا أنّه نوع من اللطف ، لم يكن سوى العكس


فتح تشن جيايو فمه ليقول شيئ ، ثم ابتلع كلماته :

“ أنت على حق "


شعر ببعض الدهشة—فلو كان شخص آخر في مكان فانغ هاو 

ورأى اتصالًا من الحبيبة السابقة ، لربما غلبته الغيرة أو القلق ،

لكن فانغ هاو لم يفكّر هكذا ، بل تعاطف مع يان يو ،

لكن حين أعاد التفكير ، بدا له الأمر منطقيًا ،

فطالما لم يوضح ليان يو السبب الحقيقي الذي جعله يوقن 

أن العلاقة لا يمكن أن تستمر ، فستظلّ لديها حجة لتتواصل معه ، 

ظنًّا أن هناك احتمالًا ضئيلًا للعودة ،

حين كان أعزب لم يكن يهم كثيرًا لو ردّ على اتصالاتها مرة أو اثنتين ، 

أمّا الآن فالوضع مختلف—فهو مع فانغ هاو ،،

و عدم معرفة يان يو بالسبب الحقيقي ظلم لها ، 

وتمسّكها بالاتصال به ظلم أكبر لفانغ هاو ——


نكز فانغ هاو ذراعه مرة أخرى قائلًا :

“ إذن ؟”


لم يكن يريد مجرّد اعتراف عابر؛ فـ ' أنت على حق ' قد تكون مجرد مجاملة ، 

ما أراده كان جوابًا قاطع


و من دون أن يرد ، أخذ تشن جيايو هاتفه واتجه نحو 

الشرفة ، متصلًا برقم يان يو


هذه المرة ، كان من المرجّح أن يطول الحديث ؛ فلم يكن 

ينوي إجراءه في غرفة المعيشة


وحين اتصل بها ، بدا صوت يان يو مفعمًا بالسعادة ، 

معتقدةً أنّه هو من بادر بالاتصال رغبةً في الدردشة ،

وقبل أن يتمكّن تشن جيايو من قول شيء ، انطلقت في سردٍ 

طويل عن تجاربها الأخيرة منذ استقالتها من عملها ،

كان يصغي إليها ويجيب بين الحين والآخر ، بينما ذهنه 

منشغل بكيفية طرح الحقيقة — كان يعلم أنّ عليه قولها ، 

لكنه قرر أن يدع يان يو تنتهي أولًا


ليل الشتاء قارس ، ووقف تشن جيايو على الشرفة مرتديًا 

سترة صوفية فقط

و وبعد نحو خمس دقائق ، انفتح باب الشرفة ، فالتفت 

ليرى فانغ هاو يحمل معطف مبطّن ،

أبقى تشن الهاتف على أذنه ، وحرّك شفتيه قائلًا له بصمت : شكرًا لك


هذا المشهد العادي أيقظ جيايو بوضوح غريب ، 

و كأنّ بناءً على وشك السقوط فقد آخر دعائمه ، مثيرًا زلزال كان مؤجلًا منذ زمن 

و أخيرًا قرر أن يقاطع يان يو قائلًا:

“ هل يمكنني أن أقول شيئًا أولًا ؟ 

في الحقيقة ، كان ينبغي أن أبوح به منذ وقت طويل ،،

أنا مدين لك باعتذار على إطالة الأمر لعامين كاملين…”


استمرّ الاتصال قرابة ساعة كاملة



وحين انتهى أخيرًا، تنهد تشن جيايو بتنهيدة طويلة 

انفتح باب الشرفة ، فانساب بعض الدفء من الداخل نحوه ،

فانغ هاو وقد انتهى لتوه من الاستحمام ، أطلّ من غرفة النوم وسأله :

“ ألا تشعر بالبرد ؟”

لم يستفسر عن مضمون المكالمة ؛ و كل ما فعله أنّه اطمأن عليه


قال تشن جيايو فجأة :

“أحتاج إلى سيجارة .”


تفاجأ فانغ هاو لحظة ، لكنه لم يستفسر أكثر ، 

و استدار وجلب له علبة سجائر بالنعناع مع ولاعة من الممر


نادر يدخن تشن جيايو ، لكن سجائر النعناع قد تكون أخف عليه


سأله فانغ هاو وهو يناوله السيجارة:

“ كيف تشعر الآن ؟”


كان واثقًا من أنّ تشن جيايو لم يعد يحمل مشاعر نحو 

حبيبته السابقة—فقد عاشا معًا ما يكفي ليتأكد بذلك—

لكن يدرك أنّ استرجاع ذكريات الماضي أمر صعب على أي إنسان


أمسك تشن جيايو السيجارة بين أصابعه ، وبدا مرتاحًا على غير العادة:

“ الاعتراف كان صعب ، خصوصًا لأنها صارت من الماضي . 

لكنني الآن أشعر بخفّة… كان ينبغي أن أفعل هذا منذ زمن بعيد ” 

ثم وضع السيجارة بين شفتيه


مال فانغ هاو ليشعل له السيجارة ، محيطًا اللهب بكفّه ، 

ثم أشعل واحدة لنفسه ليؤنسه ،

قال وهو ينفث دخانًا في السماء :

“ أنت فقط لم تكن قد التقيت بي بعد " 


نطقها بنبرة واثقة وعفوية ، كأنها حقيقة بسيطة لا تحتمل الجدل


تشن جيايو ذهل من كلماته ، فاستنشق أوّل نفس من 

سيجارته بعنفٍ شديد حتى بدأ يسعل


ابتسم فانغ هاو ممازحًا :

“ يبدو أنك حقًا لا تجيد التدخين… لكن هذا أمر جيّد "


وحين التقت عيناه بعينيه ، شعر تشن جيايو بدافعٍ مفاجئ ، فنطق :

“ فانغ هاو "


التقط فانغ هاو نظرته ، مستشعرًا أنّه على وشك قول شيء مهم

لكن ما خرج لم يكن ما خطر بباله


جيايو : “ لنُدمج جداولنا "


تردّد فانغ هاو قليلًا :

“ تقصد…”


أوضح تشن جيايو:

“ جدولي يتغيّر كل أسبوع ، وأضطرّ كل مرة للسؤال عن جدولك ، 

من المرهق أن نتبادل المواعيد عبر ويتشات كل مرة ، 

فقط شاركني تقويم عملك .”

ورغم أنه قالها ببساطة ، إلّا أن دمج الجداول خطوة كبيرة—

خطوة نحو دمج حياتيهما معًا ، فمن الآن فصاعدًا ، سيمتلئ 

كل فراغ خاص بأحدهما بالآخر


ابتسم فانغ هاو :

“ حسنًا ”

ثم تردّد لحظة وأضاف بصراحة :

“ للحظة ظننت أنك ستقول أننا يجب أن نُعلن الأمر 

رسميًا… بطريقةٍ ملتوية كهذه "


تفاجأ تشن جيايو … وسحب نفسًا آخر من سيجارته ، 

أكثر تمالكًا هذه المرة :

“… ماذا لو طلبت فعلًا ؟”


أطلق فانغ هاو زفرة دخان ، ولم يتردّد هذه المرة :

“سأقول نعم "


كان جوابه سريعًا إلى حدٍّ أدهشه هو نفسه


في هذه اللحظة بالذات ، شعر أنّه واقع فعلًا في حب الرجل أمامه ، 

وربما مستعد لفعل أي شيء من أجله ، 

فطالما وُجد الحب ، يمكن التغلب على الكثير من المشكلات ، 

وأما التفاصيل فيمكن تسويتها مع مرور الأيام ،

أما التردّد والظنون فلن يزولوا ما لم يواجها وجهاً لوجه ،

كان قد غرق بعمقٍ ، وأسير حتى النخاع ،


لم يتوقع تشن جيايو أن يوافق فانغ هاو بهذه السرعة ، فسأله متأكدًا:

“ إذاً… هل هذا يعني أنني رسميّاً الآن معك ؟”


أنزل فانغ هاو رأسه مبتسمًا ، ثم رفع عينيه إليه قائلًا :

“ همم ، أنت رسميّ الآن . سأمنحك خمس رُتب .”

واحدة أكثر من رتبة الكابتن


ارتعشت يد تشن جيايو ،،،،، فألقى السيجارة التي لم 

يسحب منها سوى ثلاث أنفاس ،،،

لم يكن التبغ هو ما يشتهيه حقًا… بل الشخص الواقف أمامه ،،،

و ابتسامة ارتسمت على شفتيه ، وهو يمد ذراعيه ليعانق فانغ هاو من الخلف


أما فانغ هاو — ، فظلّ مرتديًا سترته الصوفية وسيجارته بين أصابعه ، 

مترددًا في أن يتركها تضيع ، بينما تسللت يدا 

تشن جيايو تحت ثيابه


وتحت السماء الليلية ، تبادلا العناق للحظة ، 

حتى شعر فانغ هاو بحرارة السيجارة قريبة من يده ،

ليدرك أنهما ما يزالان في شرفة عامة ، فقال بهدوء :

“ لنَدخُل إلى الداخل ”


سحبه تشن جيايو عبر الباب ، ولكن بدلًا من التوجه إلى 

غرفة النوم ، وجد أقرب سطح مناسب 

و ألقى فانغ هاو نظرة سريعة ورأى أنه خزانة العرض الثمينة الخاصة به ،

ارتفاع الخزانة المتواضع سمح له بالجلوس عليها بمجرد 

رفع بسيط لأصابع قدميه ، 

و في هذه الوضعية ، باعد ساقيه ليسمح لـ تشن جيايو بالاقتراب وتقبيله


…..



في هذه الليلة ، أعادت عدة محطات تلفزيونية مركزية 

ومحلية عرض هبوط طارئ درامي لرحلة الخطوط الجوية 

الصينية رقم 416 قبل ثلاث سنوات في هونغ كونغ ——-


أظهرت اللقطات طائرة إيرباص A330 بيضاء لامعة تهبط 

على أطول مدرج في مطار هونغ كونغ بسرعة تجاوزت بكثير 

الحدود التصميمية للطائرة ——-

و ارتطمت العجلات الخلفية أولاً ، تلاها رفع المقدمة للتباطؤ ، 

ثم كبح حاد ارتفع منه دخان كثيف من الإطارات بينما مرّ 

شعار طائر الفينيق الأحمر الناري على الذيل بسرعة عبر الشاشة ——-


و في النشرة الإخبارية روى المذيع بصوت إذاعي مصقول : " قبل ثلاث سنوات واجهت رحلة

طيران الصين رقم 416 

عطلًا مزدوجًا في المحرك ، 

وبفضل الجهود المنسقة لفريق المراقبة الجوية بأكمله ، 

نفذوا بنجاح هبوط اضطراري في مطار هونغ كونغ الدولي 

بسرعة عالية بشكل غير عادي ، 

كشفت التحقيقات لاحقًا أن الحادث نتج عن مشاكل في 

جودة الوقود في مطار سوكارنو هاتا الدولي في إندونيسيا ،

الإجراءات البطولية لطاقم الطائرة : الكابتن تشن جيايو 

والكابتن تشانغ بين، جنبًا إلى جنب مع طاقم المقصورة 

بأكمله و 248 راكبًا بأمان عادوا إلى الأرض ،

هذا دليل على التزام الطيران المدني بسلامة الطيران 

كمسؤولية قصوى ، وانعكاس لوعد لا يتزعزع لموظفي 

الطيران بحماية السموات الزرقاء لعقود..."


اكتسب المقطع الإخباري الذي بلغت مدته 50 ثانية زخمًا 

سريعًا عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، 

مصحوبًا بلقطات درامية التقطها مراسل من هونغ كونغ 

لظهور تشن جيايو وهو يقفز من قمرة القيادة وسط النيران —- 

ونتيجة لذلك ، بدأ هاتف تشن جيايو يهتز باستمرار ، 

و هذه المرة ليس بمكالمات من يان يو ولكن من مجموعة 

من الصحفيين المتحمسين 


أما بالنسبة للرجل المعني ؟ فقد ألقى هاتفه جانبًا ، 

متجاهلاً المكالمات

و حواجبه معقودة، وتعبيراته مركزة


عيناه مثبتتين على الشخص الذي أمامه ، ويداه تتشبثان 

بكاحلي فانغ هاو وهو يركز على الدفع والتحرك بتركيز كامل


الجزء العلوي من جسد فانغ هاو على الخزانة السوداء ، 

والجزء الأسفل من ظهره ومؤخرته تركت علامات رطبة على 

السطح الخشبي و تدفق المزلّق من حيث كانا متصلين ، ملطخًا الحافة العلوية لباب الخزانة


ساقاه النحيلة والقوية ملفوفة حول خصر تشن جيايو ، 

وعيناه مغمضتان قليلًا ، يلهث بهدوء وإيقاع مع حركات تشن جيايو


الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بوقت طويل في شقة 

عادية مكونة من غرفتي نوم في منطقة تطوير داشينغ 


تشن جيايو مجرد رجل عادي ، يمارس الحب مع الشخص الذي يعتز به أكثر من غيره ، 


و اهتزت الخزانة المليئة بمجسمات الطائرات مع حركاتهما ، 

بل وسقطت بعض المجسمات على السجادة ،



يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي