القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch31 الخطاف الخلفي

 Ch31 الخطاف الخلفي



كررت لانغ يي للمرة الثالثة وهي تنادي شقيقها لانغ فنغ :

“ كفّ عن النظر إلى هاتفك !!! 

لقد أعددت اومليت البيض بنفسي ، ونسبة نجاحي فيها لا 

تتجاوز الخمسين بالمئة ، فكن مركزًا قليلًا ، 

ليس كل الناس يحظون بفرصة تذوق طبخي .”


قال لانغ فنغ بعد تردد: “ مم ، آسف ، 

سأُلقي نظرة أخيرة ثم آتي "


حين هبطت طائرته في ميونيخ، لاحظ مكالمة فائتة من تشو 

تشيتشن ،، 

في تلك اللحظة كان لا يزال منشغلًا ، وبعد أن انتهى من 

أعماله في المساء أعاد الاتصال ، لكنه لم يتمكن من 

الوصول إليه إطلاقًا ،


في ذلك اليوم غادر بيت تشو تشيتشن باكرًا ، وبدّل رحلته 

ليعود إلى أمستردام في اليوم نفسه ، 

صعد الطائرة مبكرًا ، وضبط هاتفه على وضع الطيران ، 

مغلقًا كل وسائل التواصل الاجتماعي ، 

أراد أن يهدأ قليلاً ويقرأ ، لكن بعد صفحتين فقط لم يستطع 

المتابعة ، 

إذ تذكر صورة تشو تشيتشن وهو يقف أمام باب منزله ، 

يسأله إن كان لا يريد البقاء ليلة إضافية ، تتكرر في ذهنه مرارًا ——


رحل بسرعة وبدون تردد ، وكان ذلك منطقيًا إن أرادا كلاهما فترة هدوء ، 

لكن تشو تشيتشن على الأرجح شعر أنه يشبه تلك الليلة 

التي طلب فيها الانفصال الحاسم في يوي غو  — قرار اتخذه 

لانغ فنغ وحده دون أن يلتفت إلى مشاعر الآخر


والآن بعد أن استوعب لانغ فنغ الأمر ، أدرك أنه لم يكن 

ينبغي له أن يغادر تلك الليلة ، 

{ كان عليّ أن أبقى — ولو لليلة واحدة — فقط لأمنحه قليلًا 

من الرفقة والراحة }


وما إن اتضحت له هذه الفكرة حتى خفَّ عنه العبء قليلًا ، 

قرر أن يتصل ليعتذر ويسأله عن حاله ، لكن تشو تشيتشن 

لم يرد على أي اتصال ، مهما حاول


عندها، لم يعد تركيزه حاضرًا مع شقيقته ، وصار ذهنه 

شاردًا بعيدًا على بعد آلاف الأميال


سألته لانغ يي وهي تراه يعود إلى غرفة الجلوس للمرة 

الثالثة ليتفقد هاتفه :

“ هل تنتظر مكالمة ؟”


قال: “ً نعم "


: “ هل تشاجرتما ؟”


تنهد لانغ فنغ ثم أومأ برأسه : “ نعم "


سألته: “ما الذي حدث؟”


فكر قليلًا قبل أن يجيب : “ منذ أن عاد إلى عمله ، قلّت لقاءاتنا كثيرًا ،،

الشهر الماضي… التقينا مرتين فقط ، 

ثلاثة ليالٍ ، وأربعة أيام "


تعاطفن لانغ يي معه : “هذا صعب فعلًا ، 

يبدو أنكما تبذلان جهدًا كبيرًا .”


ابتسم لانغ فنغ بيأس : “ هو من يتعب أكثر ، 

من حيث الوقت على الأقل . 

يكاد يقضي كل يوم في الطيران أو تعديل جدول الرحلات، 

يرتاح عشر ساعات ثم يقود مجددًا .”


نظرت لانغ يي إليه بعينين يملؤهما التعاطف وقالت:

“ إيفان ، أظن أنك دائمًا تقع في حب أشخاص مدمنين على العمل ”


كان حبيبه السابق قبل الأخير مدير مصرفي ألماني لم 

يعترف بعد بميوله ، و طبيعة عمله مشغولة إلى حدٍّ مبالغ فيه ، 

حتى إن مواعيد اللقاء والحميمية كانا يدرجان مسبقًا في 

جدول أعماله ، 

انفصل لانغ فنغ عنه ، وكان السبب الأكبر هو عدم اعترافه 

بميوله لمن حوله ، لكن مسألة الوقت أيضًا لعبت دورها ،

كلاهما كان غارقًا في عمله ، ولم يكن أيٌّ منهما قادرًا على 

منح ما يكفي من الوقت أو الطاقة لعلاقة لا يمكن الإعلان عنها أصلًا


لكن مشكلته الآن مختلفة قليلًا


لانغ فنغ: “ هو ليس مثل سيباستيان… 

ليس من أولئك الذين يستمتعون بالعمل ،

بل يعمل لأجل هدف محدد .”



أجابت لانغ يي: “ وهذا شيء يستحق الاحترام . 

قلت إنه كان طيارًا مقاتل أليس كذلك؟ والآن غيّر مجاله ”


قال مصححًا : “ طيار طائرات حربية بحرية ، 

من حيث المبدأ نعم ، هذا صحيح… لكن—”


قاطعته: “ يبدو أنك لا توافقه على ذلك الهدف "


نظر لانغ فنغ إليها بنظرة طويلة ثم أومأ برأسه : 

“ ما زلتِ أكثر شخص يعرفني .”


قالت لانغ يي بهدوء : “ على كل حال ، حياته واختياراته 

تخصه في النهاية .”


لانغ فنغ: “ أنا دائمًا احترم قراراته ، ولم أقل شيئ آخر ،،،

لم أبدِي رأيًا في ما يفعله ، لكن عندما يتعلّق الأمر 

بعلاقتنا…”


توقفت لانغ يي قليلًا ، تحدق فيه كما لو أنها تحاول اختيار 

كلماتها بعناية 


لانغ فنغ : “ ما بكِ؟ قولي ما لديك بصراحة .”


قالت بابتسامة خفيفة :

“ إيفان ،،،، عندما تؤمن بشيء ، أو توافق عليه ، أو تحبه ، 

أو تكرهه … لا تحتاج إلى أن تقول ذلك صراحةً ، 

لأن ملامحك ، نبرة صوتك ، حتى نظراتك تفضحك . 

تظن أنك تكتم مشاعرك ، لكن الطرف الآخر يلتقط تلك 

الإشارات بسهولة . لقد كنت دائمًا هكذا .”


حينها وضع لانغ فنغ السكين والشوكة جانبًا ….. 

أدرك أن تشو تشيتشن ربما كان يقرأ أفكاره في مكالماتهما، 

{ ….. لهذا .. كان يقطع حديثي في كل مرة — 

لأنه كان يعلم تمامًا ما سأقوله …. }


' لماذا تُجهد نفسك إلى هذا الحد ؟ '

أو : ' هل يستحق الأمر فعلًا ؟ '


وقبل أن يتكلم ، تابعت لانغ يي قائلة :

“ آووه ويوجد شيء آخر — حتى لو لم تُبدِي رأيًا صريحًا ، 

حتى لو اكتفيت بأن تنظر إليّ بتلك النظرة الصامتة ، يمكنني 

أن أشعر بذلك ، 

دعني أقول لك شيئًا يا إيفان : الإحساس بأن تصرفك 

أحمق أو مثلاً متهور ، مبالغ فيه يأتي من شخص تحبه… شعورٌ مؤلم للغاية ”


أنزل لانغ فنغ رأسه مفكرًا للحظة طويلة


…..


حين كانت لانغ يي في سنتها الجامعية الرابعة ، 

قررت في عطلة الصيف ألا تشارك في أي مشروع بحثي ، 

بل أن تنطلق في رحلة حقائب ظهر إلى جنوب آسيا مع 

حبيبها الذي تعرّفت إليه في الجامعة ، 

في ذلك الوقت ، 

لم يوافق لا والدها لانغ رنينغ ولا أخوها لانغ فنغ على الفكرة ، 

بل إن لانغ رنينغ رفض أن يمنحها المال للسفر ، 

وفي النهاية والدتها جيانغ يينغ هي من أرسلت لها المال سرِّاً ، 

وسافرت لانغ يي بفضلها ، 

بعد ذلك ، تصرفت جيانغ يينغ كعادتها بذكاء هادئ ، 

وأقنعت لانغ رنينغ بالأمر بعد أن صار واقعًا ، 

وهكذا أصبح الوحيد في العائلة الذي لم يبدِي تأييدًا هو لانغ فنغ ،


وعندما ذهب لاستقبالها في المطار بعد عودتها ، 

اندلع بين الشقيقين شجار عنيف ، 


و في النهاية ، طلبت لانغ يي أن يُنزلها عند محطة المترو ، 

وأصرّت أن تكمل طريقها وحدها وهي تجرّ حقائبها الثقيلة


من الصعب أن يُقال كم من ذلك كان مصادفة ، 

وكم هو نتاج طباعٍ مكتسبة بمرور السنين ، 


فقد ورث لانغ فنغ عن والده شخصيته الصارمة الجدية ، 

بينما ورثت لانغ يي عن والدتها الرقة والعفوية والعاطفة الجياشة ، 


في معظم الأوقات كانا يُكمل أحدهما الآخر ، 

لكن أحيانًا كانت هذه الفروق نفسها سببًا في صدامهما ،


…..


رد لانغ فنغ بصوتٍ هادئ :

“ لأنني أخوكِ ؟ لأنني أكبرك بسنوات ؟”


هزّت لانغ يي رأسها وقالت:

“ لا، لأنك شخص يهمّني ، 

حين يستخف أو يُشكّك بي شخصٌ أحبه وأحترمه ، فإن ذلك 

يؤلمني كثيرًا ”


صمت لانغ فنغ لحظة ، ثم قال بخفوت:

“… آسف .”

ثم تقدم وعانقها


ابتسمت لانغ يي :

“ لا عليك ، لقد مضى ذلك الوقت .، 

تحدثنا كثيرًا عن تلك الحادثة ، 

أنا أعلم أنك تحبني ، وسنظل دائمًا عائلة ، هذا لا يتغير .”


تردد لانغ فنغ قليلًا ، ثم قال :

“ لكن هو…”

لكنه لم يُكمل الجملة


لانغ يي قد خططت للإقامة في شقة أخيها الفارغة في أمستردام ، 

ولأن لانغ فنغ عاد قبل الموعد بيوم ، 

تصادف أن قضيا يومًا واحد فقط معًا ، 

في اليوم التالي ، عادت إلى فرنسا ، وكعادته أوصلها هو إلى محطة القطار


لم يكن مسموحًا التوقف أمام المحطة ، فأنزلها قبل المحطة بمسافتين ، 

و تابع سيره ببطء خلف تدفق السيارات ، 


لانغ يي تعرف أنه لا يزال يتبعها ، فكانت بين الحين والآخر 

تلتفت إليه وتلوّح مبتسمة ، 

وحين دخلت أخيرًا إلى البوابة ، اختفت من نظره


عندها تذكّر لانغ فنغ تلك الليلة منذ سنوات حين تشاجرا 

في السيارة بعد عودتها من المطار ... 


كانت لانغ يي ذات كبرياء ، وعندما احتد النقاش بينهما ، 

فتحت الباب مصمّمة على النزول ، 

احترم لانغ فنغ قرارها ، ولم يحاول منعها ، 

لكنه لم يستطع الاطمئنان لتركها تمشي وحدها في منتصف 

الليل ، فقاد سيارته خلفها ببطء ،


سار خلفها لأكثر من عشرين دقيقة بسرعة أبطأ حتى من 

انزلاق الطائرة على المدرج ، إلى أن وصلت أمام عمارتها ، 

حينها شعر بشيء من الراحة واستعدّ للعودة ،

لكن في تلك اللحظة بالذات ، التفتت لانغ يي ونظرت إلى للخلف ، 

كان ذلك نوعًا من التفاهم الصامت بينهما —- ، 

لا يحتاج إلى كلمات — كانت تعرف أنه هناك —— ،


ثم عادت بعدة خطوات نحوه ، فأنزل لانغ فنغ زجاج 

النافذة ، وسمعها تقول بهدوء 


: “ تريد أن نصعد ونتحدث قليلًا ؟”


ومنذ ذلك الحين ، أدرك كلاهما — كلٌّ بطريقته — 

أن الآخر دائمًا هناك ——— ، 


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي