القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch27 ffb

 Ch27 ffb



الرجل ذو الوجه الطويل النحيل يُدعى باي بنغيو ، 

وهو الابن الثالث في جيله من العائلة ، لذا كان الناس ينادونه عادة “ الابن الثالث باي”

لكن شهرته الحقيقية كانت باسمٍ آخر : باي سانمياو — 

اشتهر بشبقه الفاضح وشهوته التي لا تشبع ، 

حتى أنه يُعرف بكونه “سريع القذف” إلى حدٍ لا يُصدق ،

يُقال إنه سجّل رقمًا قياسيًا أسطوريًا حين لم يستمر لأكثر 

من ثلاث ثوانٍ ، لتنتشر سمعته في كل مكان كالنار في الهشيم —-


باي سانمياو قد التقى فان شياو من قبل


في ذلك اليوم ، هو وشي ليهوا كانا من أوصلا يو شولانغ إلى 

مقر إقامة فان شياو


يو شولانغ لم يكن ضعيف البنية ، بل كان طويل القامة ، 

متين الجسد ، يحمل في هيئته قوة كامنة حتى وهو فاقد 

الوعي ، وكأن جسده يرزح تحت ثقل لا يُحتمل


ومن وجهة نظر باي سانمياو، كان فان شياو ويو شولانغ على 

خلاف — بل ربما بينهما كراهية دفينة

فلو لم يكن الأمر كذلك ، لما تفوّه فان شياو حينها بتلك 

الجملة العابثة المتعالية :

“ جئت فقط لأستمتع قليلًا "

لكن الآن ، وهما يقفان سويًا كحليفين في وجه عدوٍ 

مشترك ، كان باي سانمياو في حيرة تامة :

{ ما الذي يحدث بحق السماء ؟ }


“ كيف تكون معه—”

لم يكاد يُكمل جملته حتى قاطعه فان شياو بسرعة ، 

بابتسامة خاوية ونبرة خفيفة كأنها سخرية عابرة :

“ الابن الثالث ؟ 

لم أتوقع أن يكون الجالس هنا الليلة… هو أنت "


عندها ، مال يو شولانغ برأسه قليلًا نحو فان شياو ، ونظر 

إليه بهدوء ثم تقدّم خطوة و وقف إلى جانبه قائلاً بصوت خافت :

“ أتعرفه ؟”


أجابه فان شياو ببساطة : “ أعرفه ...” وعيناه نحو باي 

الجالس على الأريكة بنظرةٍ مباشرة وباردة : .

“ التقينا سابقًا… في حفلةٍ نظمها شي ليهوا "


تعمّد فان شياو نطق اسم “ شي ليهوا” ببطء واضح ، 

كتلميح خفيّ لباي سانمياو كي ينتبه لما سيقوله لاحقًا —-


ورغم أن باي سانمياو قد يكون عديم النفع في قضيبه ، 

إلا أنه لم يكن غبيًا تمامًا في مخه ،  

و بعد لحظة من التفكير السريع ، قرر الصمت ، 

متراجعًا عن أي استفزاز محتمل —-


و غاص بجسده في الأريكة ، مستندًا على الوسائد بكسل ، 

وساقاه الطويلة متشابكة بإهمال


إحدى يديه لا تزال على المرأة الجالسة بجانبه ، 

يعبث بها دون توقف ، وهو يقول بنغمة باردة متراخية:

“ إذن ما الأمر أيها السادة ؟ 

تقتحمون مكاني بهذه الطريقة وتقطعون الجو ؟ 

هل نسيتم من أنا ؟ 

أم جئتم لتجعلوني أبدو أحمق ؟”


تقدّم يو شولانغ بخطوات هادئة


على الطاولة الفوضوية أمامه ، التقط زجاجة مشروب 

أجنبي ، وجد كأس نظيف ، وصبّ نصفه تقريبًا


رفع الكأس بأصابعه الطويلة ، يُدير السائل الكهرماني ببطء 

داخل الزجاج ، وقال بنبرةٍ منخفضة وواثقة :

“ الابن الثالث ، أنت تعرف تمامًا لماذا جئت ،

بما أنني وجدتك ، فلا بد أنك تدرك أنني لم آتِ خالي الوفاض ،

إن لم تُمانع أن يكون هنا من يستمع ، فأنا لا أمانع أيضًا .”

ثم لوّح بمعصمه قليلًا ، ورفع الكأس إلى شفتيه ، وشربه دفعة واحدة


تحرّكت تفاحة أدم قليلًا وهو يبتلع الشراب ، 

ثم وضع الكأس الفارغ على الطاولة ، 

وقد لمعت عيناه بنية لا تخطئها النظرات ——


تبدّل وجه باي سانمياو تدريجيًا —- ، 

وتحوّلت ملامحه إلى ظلالٍ داكنة


رفع عينيه نحو فان شياو ، تأمّله قليلًا ، ثم رفع حاجبه 

بابتسامة ملتوية صغيرة وقال:

“ حسنًا إذن ، لنتحدث "

أشار بيده بكسل وهو يقول:

“ هيّا، هيّا… جميعكم اخرجوا . عندي أمر أتحدث فيه "


فخرج الرجال الوسيمين والنساء الجميلات واحد تلو الآخر ، 

ولم يبقَى سوى قلة من مرافقيه المقرّبين ،

ثم لوّح بيده مجدداً وقال بصوتٍ عالٍ وهو يضحك :

“ أنتم اذهبوا وابحثوا لي عن مكانٍ آخر ، جهّزوا الأجواء ، 

اختاروا لي أجمل أميرة هناك — وجهها يجب أن يكون 

مثالي ، وصدرها كبير ، مفهوم؟ 

سأكون عندكم بعد قليل .”


الناس في هذا المكان يعرفون طبقاتهم الاجتماعية جيدًا ، 

وفي أعلاها يقف باي سانمياو كسيّدٍ لا يُنازع


لذا لم يعترض أحد ، وانصاع الجميع فورًا لأمره


أُغلق باب الغرفة الخاصة ببطء ، وخيّم صمت ثقيل مكان 

الضوضاء السابقة


بقي معه مساعد واحد ، يقف في زاوية الغرفة


ورغم أن لقبه ' مساعد ' إلا أن طوله الذي يقارب الثمانية 

أقدام وبنيته المليئة بالعضلات فضحت وظيفته الحقيقية 

— كان حارسًا شخصيًا لا أكثر


: “ ما الأمر إذن ؟ تكلّموا "

مدّد باي سانمياو ذراعيه على ظهر الأريكة ، جلسته تحمل 

غطرسة المتنعّمين بالمال والنفوذ


جلس يو شولانغ أولًا ، بينما أعاد فان شياو تشغيل إنارات الغرفة البيضاء الهادئة ، ثم جلس إلى جانبه


أخرج سيجارة ، نقرها بخفة على الطاولة ، وقال بنبرةٍ متزنة :

“ الابن الثالث قد لا تكون بيننا معرفة وثيقة ، لكننا على أي 

حال نتقاطع من خلال شي ليهوا ،

لذا قبل أن تتكلم ، فكّر جيدًا ، 

لا فائدة من المراوغة أو الإخفاء — هذا الأمر لن يُغلق إلا 

بعد أن نحصل على جواب واضح .”


كانت كلمات فان شياو مصوغة بحذرٍ فنيّ لافت —-


فعلى السطح ، بدت وكأنها قيلت لمصلحة يو شولانغ، 

لكن في العمق ، كل كلمة كانت تصيب باي سانمياو مباشرةً ——


فلكي يتجرأ شي ليهوا على أمرٍ كهذا ويورّط باي سانمياو فيه، 

فلا بد أن العلاقة بينهما كانت وثيقة


والآن ، بذكر فان شياو لاسمه علنًا ، أجبر باي سانمياو على 

التفكير مرتين قبل أن يتفوّه بشيء ، 

ولو من باب حفظ ماء وجه شي ليهوا —


أما نبرته حين شدّد على عبارة “ فكّر جيدًا ” — كل حرفٍ 

خرج ببطءٍ محسوب — فقد حملت رسالةً واضحة :

' هناك أمور لا ينبغي لك أن تقولها '


قال باي سانمياو ببطء ، ولسانه يضغط على خده ساخرًا :

“ رئيس فان صحيح؟”

ثم أشار برأسه نحو يو شولانغ متسائلًا :

“ هل لي أن أعرف ما هي علاقتك بهذا السيد الذي يريد 

التحدث معي ؟”


أجابه فان شياو ببساطة :

“ نحن أصدقاء "

 

: “ أصدقاء؟” ارتفعت نبرته فجأة ، كما ارتفع حاجباه بدهشةٍ زائفة

سعل سعلتين خفيفة لإخفاء ابتسامة متعالية على شفتيه ، 

ثم تمدد على الأريكة وقال بنغمة ماكرة :

“ حسنًا إذن ، فلنتحدث . ما الموضوع ؟”


قال يو شولانغ بنبرة هادئة متزنة ، لا هي متعجلة ولا متهاونة :

“ حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف من مساء التاسع من أكتوبر ،

موقف سيارات فندق تشييويه ،

هل يحتاج الابن الثالث باي أن أُفصِّل أكثر ؟”


كانت كلماته واضحة وموزونة ، خالية من التوتر أو الخنوع، 

وكأن ما يدور بينهما ليس مواجهة ، بل مفاوضة عمل رسمية


هذا الهدوء المهيب والاتزان في ملامحه جعلاه يبدو أبعد ما 

يكون عن ضحية اعتداء جنسي


: “ أي يوم؟ وأي ساعة ؟ وأين بالضبط ؟” رفع باي سانمياو 

حاجبيه متصنعًا الدهشة وقال بسخرية مبالغ فيها :

“ سيدي ، أنا حتى لا أعرفك ! 

كيف لي أن أفهم عما تتحدث بحق الجحيم ؟”


: “ لو لم يكن لدي دليل ، لما أتيت إلى هنا " قالها يو 

شولانغ بهدوء وهو يأخذ السيجارة من يد فان شياو ، 

يضعها بين شفتيه ، ثم نظر بنظرة جانبية إلى فان الجالس بجواره


التقط فان شياو الإشارة على الفور ، فأشعل عود ثقاب


و توهّج اللهب الصغير للحظة ، وانعكس ضوءه الدافئ على 

بشرة يو شولانغ الفاتحة ، يكسوها بلونٍ ذهبي خفيف


ولو لم يكن باي سانمياو يعلم حقيقة مشاعر فان شياو تجاه 

يو شولانغ، لظنّ أن بين الرجلين قربًا استثنائيًا — كأن 

أحدهما يعزف والآخر يُكمل اللحن بانسجامٍ تام ——-


تمتم باي سانمياو بتهكم وهو يزم شفتيه :

“ هؤلاء التايلنديون يعرفون حقًا كيف يتسلّون…”


زفر يو شولانغ خيط رفيع من الدخان وألقى عليه نظرة باردة ، 

فبادلَه باي سانمياو بعبوس مستفزّ وقال بسخرية وقحة :

“ بما أنك تزعم أن لديك دليل ، فهاته إذن "

ثم أنزل ساقه المتقاطعة فجأة ، وانحنى للأمام ، 

محدّقًا في شولانغ بنظرات وقحة :

“ لكن أخبرني أولًا ، ما الشيء (المشين وغير القانوني) الذي 

تزعم أنني فعلته تلك الليلة ؟”


انزلقت عيناه ببطء من وجه يو شولانغ نحو الأسفل ، 

كأنه يبحث عن إذلالٍ مقصود ، 

وقبل أن يتفوه بكلمة بذيئة ، هوى كف فان شياو الكبير على وجهه دفعة واحدة —


صفعةٌ صمّتت المكان بأكمله ، 

دفعت باي سانمياو إلى الوراء حتى غاص في الأريكة ——


: “ أيها الوغـ—”

توقف عن الكلام في منتصف الشتيمة ، إذ التقت عيناه 

بنظرة فان شياو الثقيلة الداكنة — نظرة أشبه بحدّ سيف 

يلمع في الظلام


وفي هذه اللحظة ، تذكّر تحذير شي ليهوا ذاك اليوم :

“ يمكنك أن تعبث مع أيٍّ كان ، لكن إيّاك ثم إيّاك أن 

تعبث مع فان شياو ،،،،

يمكنه أن يدمّرك بابتسامة "


انكمش باي سانمياو قليلًا : " تسسك "

وهو يلوّح بيده بتصنّع اللامبالاة :

“ ألم تكن تريد أن تعرف أين كنتُ تلك الليلة ؟ حسنًا ، سأخبرك ، 

كنت في سرير عشيقتي ،

هل تريدني أن أستدعيها لتشهد ؟”


قال يو شولانغ بهدوء بارد وهو يطفئ السيجارة داخل علبة بيرة فارغة :

“ لا داعي ،، طالما أنك لا تريد أن تشرح ، فسأعتبر صمتك اعترافًا ”


ثم نهض واقفًا —-

استقام جسده الطويل ببطء ، وانبعث من هيئته سطوع 

تهديد خافت جعل باي سانمياو يتراجع غريزيًا إلى الخلف


لكن يو شولانغ لم يتجه نحوه —

بل خطا خطوتين سريعة نحو زاوية الغرفة ، نحو المساعد 

الضخم الواقف هناك


و احتشد القوة من كامل جسده ، ومدّ يده فجأة ليقبض على ذراع الرجل


المساعد ضخم الجثة — أكبر حجماً من يو شولانغ — 

وواضح أنّه لم يكن شخصًا يسهل التغلّب عليه


ما إن لمح الهجوم قادمًا حتى حاول أن يدافع عن نفسه ، 

لكن يو شولانغ قد انتزع زمام المبادرة بالفعل و ضرب أولًا، 

وبلا أيّ إنذار ، 

فباغت الرجل تمامًا


كانت حركاته حادّة لا تعرف الرحمة — سريعة للغاية بحيث 

لم يُتح لأحد فرصة الاستيعاب حتى


و ككماشة محكمة ، انزلقت أصابعه على كتف الرجل 

الصلب وذراعه ، تشبّثت بقوّة حتى وصل معصمه ، 

ثم بلفّة مفاجئة ، انتزع ذراع الرجل اليمنى إلى الخلف وثبّتها خلف ظهره


وكأنّه يستعرض خدعة سحرية ، ترك يده اليسرى للأسفل قليلًا 

— فإذا بالأصفاد تهبط في أصابعه بانسيابٍ مدهش



و بحركة واحدة ، انغلقت أنياب الحديد الباردة على معصم الرجل


و بدفعة قاسية منه جعلت المساعد يترنّح خطوةً إلى 

الأمام ، ثم التقط يو شولانغ الطرف الآخر من الأصفاد 

وأحكمه حول الإطار الحديدي الذي يستند إليه الشاشة 

العملاقة المثبّتة على الجدار


كلّ تلك الأفعال جرت في حركة واحدة متّصلة ، 

من بدايتها حتى نهايتها ، لم تستغرق أكثر من دقيقة واحدة


تجاهل يو شولانغ مقاومة المساعد اليائسة ، واعتدل في 

وقفته ، و نفض الغبار الوهمي عن كمَّيه بهدوءٍ متعمَّد ، 

ثم رفع نظره نحو باي سانمياو، وقد تلألأ فيه بريق بارد وحاد


: “ ماذا… ماذا تنوي أن تفعل؟” ارتجف صوت باي سانمياو 

وهو ينظر إلى الباب بطرف عينه ، 

يحسب في ذهنه المسافة التي يحتاجها ليهرب ~ ——-


قال يو شولانغ بهدوءٍ قاتل:

“ لقد أخبرتك من قبل — منحتك فرصة لتشرح ، لكنك رفضت ، 

وسأعتبر هذا إعتراف منك بأنّ ما حدث تلك الليلة كان من فعلك ….”

جلس من جديد على الأريكة ، حاجزًا طريق الهرب ، وأضاف 

بصوتٍ منخفض :

“ والآن ، سأطالب بحقي "


نظر باي سانمياو إليه بنظرة عميقة ، وقد ارتجف فكه قليلًا :

“ تطالب بحقّك ؟ 

كيف ؟ تريد مالًا ؟”


التفت فان شياو أيضًا نحو يو شولانغ


راقبه وهو يصبّ لنفسه كأسًا أخرى من الشراب


حافة الكأس البلورية لامست شفتيه النحيلة ، والسائل 

الكهرماني بلّل الجرح المحمَرّ عند زاوية فمه


قال يو شولانغ بصوتٍ هادئ خال من التردّد :

“ العين بالعين ، 

كما فعلتَ بي تلك الليلة ، سأردّها إليك بالطريقة نفسها تمامًا !”


!!!


استدار فان شياو نحوه فجأة —- ، 

وقد لمع في عينيه دهشة وارتباك ، واختلط بهما غضب مكبوت


: “ ماذا ؟!” صرخ باي سانمياو وقد تراجع بمؤخرته زحفاً 

ثلاث أمتار للخلف : “ ما الذي تقوله بحقّ الجحيم ؟ أنا—”


: “ السيد الثالث ! انتبه لكلامك !” جاء صوت فان شياو حادًا ، 

قاطعًا الكلمة التي كان باي سانمياو على وشك التفوّه بها — 

' أنا مستقيم ' — قبل أن تخرج من فمه


نهض فان شياو من مقعده ، والتقط هاتف باي سانمياو من 

على الطاولة ، وتقدّم نحوه بخطوات هادئة

نظر إليه من فوق وقال بنبرة متزنة:

“ السيد الثالث هاتفك لا يتوقف عن الإضاءة — أجب أولًا ، 

اهدأ قليلًا ، ثم نتحدث "


كانت عينا باي سانمياو ملبّدتين بالغضب ، لكنّه لم يتراجع 

أمام هيبة فان شياو وضغط حضوره :

“ فان شياو كيف بالضبط نتحدث عن هذا الموضوع ، ها؟ 

تفضّل — حلّله لي!”


دفع فان شياو الهاتف المضيء في يده — واسم [ شي ليهوا ]

يلمع على الشاشة — ثم وضع ذراعه على مسند الأريكة 

وانحنى قليلًا نحوه ، محدّقًا فيه نظرةً مباشرة لا ترمش


قال فان بهدوءٍ مشوبٍ بالتحذير :

“ تحليلي بسيط . قل الحقيقة — هذا سيكون أفضل للجميع .”


كان ظهره مواجهًا ليو شولانغ، فاقترب أكثر من باي سانمياو، 

وعيناه ترمشان بإشارة خفيّة —- بنظرة دقيقة جدًا ، 

و حرّك حدقتيه كـ إشارة صامتة — تلميح بأن ينظر إلى الهاتف  ——


رمق باي سانمياو الشاشة المضيئة بنظرةٍ عابرة ، لكن 

الغضب قد أعمى بصيرته ، فلم يكن في مزاجٍ ليجيب على المكالمة


ابتسم فان شياو ابتسامة صغيرة عاجزة ، 

حرك شفتيه دون صوت مكوّنًا بضع كلماتٍ أمامه ، 

وكما توقّع —— ، رأى في عيني الآخر بريق فهم مفاجئ


اعتدل فان شياو في وقفته ، وقد عاد وجهه إلى جموده 

المعتاد ، وقال ببرود لا يخلو من التحذير:

“ السيد الثالث ، وقت الجميع محدود 

ألن تشرح ما حدث ؟”


انفجر باي سانمياو نفاذاً للصبر :

“ اللعنة ، لحظة — دعني أرد أولًا "


أجاب على المكالمة ، واضعًا الهاتف بإحكامٍ شديد على أذنه


ظلّت ملامحه خالية من أيّ تعبير —- 

وبعد بضع همهمات مختصرة ، أنهى الاتصال ——


رمى الهاتف على الطاولة بارتطام خافت ، 

ثم تمدّد بتراخٍ، واضعًا ساقًا فوق الأخرى، 

وقد عاد إلى استرخائه المتغطرس المعتاد


: “ حسنًا ، سأعترف — نعم، كنتُ أنا ،

أيّ تعويضٍ تريده ، اطلبه ، 

لكن ما ذكرته قبل قليل… لن أقبله أبدًا "


قال يو شولانغ وصوته يقطر كراهية مكبوحة :

“ لماذا فعلتَ ذلك ؟”


ابتسم باي سانمياو ببرود ، وقال دون مبالاة:

“ كنت منتشيًا بتلك المادة ، وكنت أشعر برغبة جنسية شديدة ، 

لم يكن هناك أحد في الجوار .. 

رأيتك تبدو لائقاً بما يكفي ، فـ… فعلتُ ما فعلت "


قال يو شولانغ بنبرة حادّة كسيف :

“ تحمل مخدرات الإيثر معك دائمًا ؟”


نقر باي سانمياو لسانه بسخرية ، وارتسمت على شفتيه ابتسامة مائلة :

“ تسسسك … هواية شخصية ، لديك اعتراض ؟”

حرّك ساقه بلامبالاة :

“ قل لي، كم تريد بالضبط ؟”


جلس يو شولانغ وهو يسند مرفقيه إلى ركبتيه ، 

وقد تشابكت أصابعه بقوة


جسمه كله يشعّ برودة خانقة وهالة من العداء المكبوت 

واللامبالاة القاسية


رفع عينيه ببطءٍ شديد ، شبرًا بعد شبر ، وعيناه العميقتان 

تومضان بظلال مضطربة كموجٍ يتلاطم ، 

يبعث في القلب رجفة

قال بوضوحٍ شديد، مفصلًا كلماته:

“ لا أريد مالًا ...”

صوته منخفض وثابت ، ثم خلع معطفه وبدأ بفك أزرار 

أكمام قميصه


تجمّد باي سانمياو في مكانه ، 

وساقه المرفوعة توقفت في الهواء


تراجع قليلًا إلى الخلف ، وقد تسلّل القلق والذعر إلى ملامحه


ابتلع بصعوبة ، ورمى نظرة خاطفة نحو فان شياو ثم قال بصوت متوتر :

“ ما قلته قبل قليل غير مقبول إطلاقًا !”


يو شولانغ " هههءء "  ينضح بازدراء صريح :

“ اهدأ ،، لستُ حتى قادرًا على لمسِك ، فضلًا عن أن أضع فمي عليك ...”

ثم طوى كمّيه حتى المرفقين وقال بهدوءٍ تام :

“ عشر دقائق فقط ،، سأضربك لعشر دقائق لا أكثر "


قال باي سانمياو مذهولًا وهو يشير إلى نفسه :

“ ماذا… ماذا ؟! أنت تريد أن تضربني ؟!”


لكن قبل أن يتحرك يو شولانغ ، رفع فان شياو يده وأوقفه بلطف


سيجارته تتدلّى بين شفتيه وهو يتمتم بنبرة متراخية ، 

لكنها تحمل سلطةً لا تخفى :

“ ارتَاح أنت . سأهتم أنا بالأمر .”


نهض من مكانه ، وخلع معطفه الصوفي


التفت نحو يو شولانغ بابتسامة خفيفة وقال :

“ عشر دقائق ،،، أنت ستتولّى حساب الوقت "


ثم أمسك بياقة باي سانمياو — الذي ما زال في ذهولٍ تام، 

وسحبه بقوة إلى الحمّام الخاص الملحق بالغرفة الفاخرة


دوّى صوت الباب وهو يُغلق بعنف — دووم — وبعد 

لحظات قليلة ، 

تعالت من الداخل أصوات تشبه عويل الأشباح وعواء الذئاب ،


حدّق يو شولانغ طويلاً في ذلك الباب المغلق 


ومع مرور الوقت ، بدأت الصلابة الباردة في عينيه تذوب تدريجيًا ، 

حتى تلألأ فيهما لمحة دفء خافت ، كضوءٍ وديعٍ يسطع من بين الرماد ،


يتبع


عبارة ' عويل الأشباح وعواء الذئاب ' عبارة مجازية تصف 

ضوضاء صاخبة أو فوضوية أو مؤلمة بصوت عالٍ - وغالبًا 

تستخدم بشكل فكاهي أو مبالغ فيه للإشارة إلى شخص 

يصرخ أو ينتحب أو يصدر ضوضاء مروعة

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي