القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch62 ffb

Ch62 ffb



الطرق العنيف على الباب حطم الجو الحميم داخل الغرفة —-


سحب يو شولانغ فان الملتصق بصدره قليلًا ، 

وقال بصوت مبحوح :

“ شخص ما يطرق الباب منذ فترة ، اذهب وافتحه "


لكن فان شياو قبّل شفتيه بقبلة طويلة :

“ دعك منه ، ركّز معي يا مدير يو "


: “ ربما أحد الجيران في مأزق ، 

فان شياو… سأذهب لأرى "


كلماته خرجت متقطعة بين أنفاس مبتلّة ، 

ولمّا التقط الرجل أنفاسه من قبلة أخرى ، تمتم فان شياو 

بغيظٍ خافت:

“ اللعنة… لا تتحرك ، سأذهب أنا "


ارتدى بسرعة بنطال واسع ، ومع ذلك ظلّ انتصاب قضيبه 

واضح للعين ، 

وعلى وجهه نظرة ضيق وغضب واضحة ، 

فتح باب غرفة النوم وخرج بخطوات باردة 


يو شولانغ — خشية أن يُحدث فان مشكلة ، جرّ جسده 

المنهك وساقيه الثقيلة 

وارتدى رداء النوم —-

وعندما وصل عتبة الغرفة ، حتى دوّى في أذنه صوت مصدوم 


“ فان شياو ؟! ماذا تفعل هنا ؟!”


{ هذا الصوت… لو تشن ؟ }


توقفت خطوات يو شولانغ، وعقله يتساءل بذهول 

{ كيف يعرف لو تشن فان شياو ؟ }


فتح الباب ، فرأى الرجلين واقفين عند المدخل وجهاً لوجه


في عيني لو تشن مزيج من الصدمة والغضب ، 

وكلّ كيانه متحفّز كحيوان صغير صدمه الذعر ،


أما فان شياو…


فرآه واقفاً بجسد متصلّب كعمود من الجليد ، 

يده اليمنى مشدودة على مقبض الباب ، 

والعروق الزرقاء بارزة على ظاهر كفه ، 

ممتدة بوضوح إلى ساعده ،


ومن غير وعي —— ، وجّه يو شولانغ نظره إلى خلف أذن 

فان شياو — تلك الحركة التلقائية التي طالما أزعجته  ——


عروق ما وراء الأذن تنبض بشدّة ، أسرع وأقوى من ذي قبل ، 

و اشتدت عروق العنق أيضاً ؛ كوحش متغطرس فوجئ 

بخصم لا يُستهان به ،


تراجع لو تشن خطوة للخلف ، عيناه تتفحّصان رقم الشقة ليتأكد ، 

وما إن أدرك أنه لم يُخطئ ، حتى اشتعل الغضب في صدره من جديد ،


هو أقصر من فان شياو برأس تقريبًا ، 

لكنه دفعه فجأة بيديه بكل ما أوتي من قوة ، وصاح غاضبًا :

“ إذا كان لك حساب معي ، فواجهني أنا ! 

ما الذي تريده من يو شولانغ؟!

الهدية التي أهديتَني إياها ، أعدتُها لك !

والمال الذي كنتُ مدينًا به ، كتبتُ لك سند دين !

فما شأنك به بعد الآن ؟! أنا وهو انفصلنا منذ زمن !”


قضى لو تشن ليلته كلها يتقلّب بين الصدمة والخذلان ، 

والآن ، مع ظهور فان شياو أمامه فجأة ، 

اندفع غضبه إلى أقصاه ، 

وفقد صوابه تمامًا ، 

فظنّه دائن متغطرس جاء ليطالب بالمال ،


دفعه بكل قوّته ، فاصطدم فان شياو بخزانة الأحذية خلفه ، 

إطارات الصور الكريستالية المصفوفة بعناية — تحركت بسبب الدفعة ، 

ثم سقط أحدها إلى الأرض ،


تحطّم الكريستال اللامع في لحظة ، 

وتحوّل بريقها الصافي إلى شظايا مبعثرة — 

بقايا صغيرة مدببة دفنت تحتها صورة ابتسامة فان شياو 

الملتقطة في الايطار ——


أما فان شياو الواقعي ، فقد تجمّد بصره وتصلّب وجهه ، 

وبرودة حادة تسلّلت إلى عينيه ….

كان ينوي التظاهر بلعب دور الشخص المظلوم اللطيف ، 

لكنّه لم يتوقع أن مشهده التمثيلي سينقلب عليه ،

وتمثيله بكونه يُدفع — قد أدى لتحطيم صورته بنفسه ،


{ هذا فأل سيئ }


رفع يده ولمس بعناية التميمة المعلّقة على صدره — بوذا 

الوجوه الأربعة 


قال متمتمًا بصوت خافت ساخر:

“ فقط أنا يُسمح لي بأن أتركه ، 

أما هو… فلا يحق له أن يتركني ”

ثم ابتسم ابتسامة باهتة ، وهمس:

“ سأقنعه ليعود … ثم أتركه أنا هذه المرة ، وبقسوة "


وفجأة —- أدرك أن يو شولانغ قد عاد إليه فعلًا — 

و لم يبقَ إلا أن يُنفّذ الجزء الأخير من الخطة ——

شد فان شياو يده ببطء ، 

وذكر نفسه أن هذه هي الفرصة المثالية ——



ولم يسمح لعقله بالتردّد ، 

بل قال ببرود متصنّع ، وعلى شفتيه ظلّ ابتسامة مبهمة :

“ تشن تشن ما الذي أتى بك في هذا الوقت المتأخر ؟”


وبمجرد أن خرجت كلمة “تشن تشن” من فمه، تغيّر جوّ المكان بأكمله


لو تشن أفَاق فجأة من صدمته ، 

وتجمّد وجهه وهو يرى الصورة المحطّمة على الأرض ، 

ثم حدق في جسد فان شياو العلوي العاري أمامه — 


أصبح لو تشن شاحب ، مذهول ، يحدّق بعينيه الواسعتين

ثم نظر  ببطءٍ إلى الرجل الواقف عند باب غرفة النوم ، 

مرتديًا رداء النوم فقط، 

وسأل بصوتٍ مرتجفٍ كأنه لا يجرؤ على النطق:

“ يو شوشو … ما الذي يجري هنا ؟ 

لماذا فان شياو في منزلك ؟”


: “ يو شوشو ؟” انعقد حاجبا فان شياو ببطء ، 

واتجه نظره الحاد إلى شولانغ ،

ثم قال بنبرة ساخرة تخفي تحتها الغضب :

“ نعم ، صحيح يا شولانغ… أليست هذه صدفة ؟ 

ما الذي يفعله عارض لوحاتي عند باب منزلك في منتصف الليل ؟”


وهكذا ، في لحظةٍ واحدة ، كلا الرجلين يلقيان باللوم على شخص واحد


يو شولانغ واقفًا تحت مصباح معلق في السقف ، 

من تلك الإنارات القديمة ،

تنساب الإضاءة من الأعلى لتنعكس على خصلات شعره ، فترسم فوقها لمعة خفيفة ، 

كأنه تموّج هادئ فوق بحيرة ساكنة ،


هذه الخصلات السوداء هي هوس فان شياو —-

ومنذ لحظات قد أغرق وجهه فيها ، 

يقبّلها بشغف ، و مفتون برائحتها التي تشبه الورود البرية الحزينة ،


أما الضوء المسلّط ، فانعكست على رموش يو شولانغ الطويلة ، وألقت ظلاً كثيف على عينيه ، 

حجبت ملامح مشاعره — وجعلت من وجهه لوحةً صامتةً لا يُقرأ منها شيء


: “ أنتما … تعرفان بعضكما ؟”


كان صوت يو شولانغ ما يزال يحمل أثر العِناق ، مبحوح دافئ ، 

تتخلله بحة عميقة من الرغبة ، 

بنغمة تجعل فروة الرأس تقشعر من شدّة وقْعها ،


لم يكن في نبرته أيّ استعجال ولا غضب — بل هدوء ساخر 

أربك فان شياو للحظة


: “ نحن…” تلعثم لو تشن قليلًا ، 


لكن فان شياو أجابه عنه بهدوء :

“ نعم ، نعرف بعضنا ، 

استأجرته سابقًا ليكون عارضًا لأحد لوحاتي ،

أظنها كانت مرة واحدة فقط… على ما أذكر ”


قال ذلك وهو يبتعد عن المدخل متّجهًا نحو الصالة ، 

سحب كرسي وجلس عليه بتمهّل ، 

ثم أخرج سيجارة ووضعها بين أصابعه ،

وبعد لحظة من التفكير ، أضاف بنبرة باردة متهكّمة :

“ في الحقيقة ، لقد تعاملت مع عدد كبير من العارضين ، 

يصعب أن أتذكّر الجميع بدقّة .”


حين استدار فان ، وقعت عينا لو تشن على ظهره — خطوط 

حمراء واضحة على بشرته ، 

آثار أصابع غائرة لم تخف بعد ،

و لم يكن بحاجةٍ إلى تفسير أكثر من ذلك ——-

ارتجف صوته وهو يشير بإصبعه إلى فان ، 

موجّهًا كلامه إلى حبيبه السابق ، 

قال بصدمة :

“ يو… شولانغ … ماذا كنتما تفعلان قبل قليل ؟ 

هل… كنتما على السرير ؟!”


الصمت الذي تلا سؤاله كان جوابًا كافي

فصرخ بجنونٍ أشدّ ، 

وجهه محتقن والعروق في عنقه بارزة :

“ إذن، الذي كان في غرفة نومك في المرة السابقة ولم 

يخرج… كان هو أيضًا ؟!”


أجاب يو شولانغ ببساطة، دون تردّد : “ نعم "


: “ نعم ؟!” احمرّت عينا لو تشن كأنّ الدمّ قد طفا إلى 

السطح ، وانفجر غيظه حتى كاد يفقد اتزانه : 

“ هل تعرف من يكون ؟! إنه فان شياو ! الشخص الذي 

استأجرني كعارض ! 

الذي كان يناديني بـ‘تشن تشن‘! الذي أغدق عليّ بالهدايا ، 

الذي منحني الحنان الذي حرمتني منه أنت ! 

إنه هو من جعلني أخونك وأتركك من أجله !”


رفع فان شياو نظره وقال ببرود وهو ينفث دخان سيجارته:

“ لم تكن هناك علاقة غرامية ، 

الخيانة تفترض وجود مشاعر متبادلة ، 

ونحن لم يكن بيننا شيء من ذلك .”


ضحك لو تشن بمرارة وانكسار ، 

وصوته يرتجف من الغصّة :

“ نعم… لم يكن هناك شيء ، 

أنت فقط جعلتني أظن أنك أُعجبت بي ، 

و تركتني أصدّق أن كل ما بيننا كان حقيقيًا… 

و عندما تخليتُ عن كل شيء وراهنتُ بكل ما أملك ، 

كشفت لي أن كل شيء كان كذبة لعينـة !”


ثم رفع عينيه الممتلئتين بالدموع ، 

وصاح في وجه فان شياو بصوتٍ مبحوحٍ متقطع ، 

فيه كل الغضب والخذلان :

“ تتلاعب بي؟ أقبل ذلك ، أنا أستحق ذلك ! 

فان شياو لماذا أنت هنا ؟ 

ماذا تخطط أيها المنحرف ؟!”


كانت كلماته الأخيرة حادّة ، يختنق فيها الألم بالهستيريا — 

كأنّه يصرخ ليطرد ما تبقّى من كرامته بين أنقاض قلبه المحطّم


على النقيض تمامًا —- ، كان صوت فان شياو خفيف ، بارد ، 

كأنّه يطفو فوق السكون


ابتسم فان ابتسامة قصيرة وقال: “ آهاا ، فهمت الآن ،

يعني أن حبيبك السابق صار حبيبي الحالي ، أليس كذلك؟ 

وبسبب أنني رفضتُك من قبل ، والآن أصبحتُ مع الشخص 

الذي تخلّيتَ عنه… فقد انهرتَ ؟”


: “ لا! ليس كذلك !” انفجر لو تشن بانفعال حقيقي ، والاضطراب بادٍ على ملامحه ،

تقدّم بسرعة نحو شولانغ، وأمسك بذراعه بشدّة قائلاً بصوت مبحوح من التوتّر :

“ يو شوشو لا تصدّق كلامه ! 

الخطأ خطئي أنا ، أنا الحقير ! انفصلتُ عنك بسببه ، 

لكنّه حقاً منحرف ! شخص مضطرب يجيد التلاعب بالناس! 

لا أعلم لماذا لعب بي أولاً ثم جاء ليقترب منك — لا بدّ أن وراء هذا شيئ !”


بينما لو تشن يهذي بانفعال ، كان فان شياو يدير بين 

أصابعه علبة كبريت صغيرة ، يلفّها ببطء وهو يراقب المشهد


أما يو شولانغ، فقد تلاشت عن ملامحه كل آثار الشغف الذي 

كان يكسوه قبل قليل، واستعاد هدوءه المعتاد

ربّت على كتف لو تشن بخفّة وقال له بصوت منخفض :

“ اهدأ قليلًا . خذ نفسًا عميقًا .”


في هذه اللحظة ، انغلقت أصابع فان شياو على علبة 

الكبريت ، فتحطّمت في كفّه بصوت خافت ،

وعلى وجهه البارد ارتسمت ابتسامة باهتة ، وهو يسحب 

كرسيّ قريب ويقول بنبرة هادئة متعمّدة :

“ تشن تشن اجلس واهدأ قليلًا ، حين تهدأ سيتّضح كلّ شيء ، 

وستزول هذه ‘الشكوك‘ من تلقاء نفسها .”


صرخ لو تشن بغضب وانكسار :

“ لا تنادِني تشن تشن !!”


كاد يثور من جديد ، لكن يو شولانغ ضغط على كتفه 

وأجلسه بالقوّة على الكرسي ، 

ثم ناوله كوب من الماء الدافئ وقطعتين من الشوكولاتة ، 

وقال بصوت بارد خالٍ من العاطفة:

“ لو تشن سيطر على نفسك ،، 

لون شفتيك باهت ، يبدو أنك تعاني من انخفاض آخر في السكر ،،

لا أريدك أن تفقد وعيك هنا ،،

لم يعد لي أيّ واجب أو مسؤولية في العناية بك بعد الآن "



رفع فان شياو حاجبيه ، وبدا على وجهه أثرُ رضًا خفيّ — 

برودة يو شولانغ تجاه لو تشن راقته على نحوٍ ما


لكن يو شولانغ لم يترك له مجالًا للمتعة طويلاً ، 

قال له بنبرة هادئة لكن حادّة المعنى :

“ فان شياو لو تشن يُعاني من فقر دم، ولا يحتمل الضغط 

النفسي أو الاستفزاز ، 

إن فقد وعيه بسبب كلماتك ، فمسؤولية العناية به ستكون عليك ،

على أيّ حال… هو كان عارضك ذات مرة "


كانت نبرته لا تزال مهذّبة ، لكن مضمون كلامه قاسٍ كحدّ 

السكين ، وقد نجح تمامًا في إسكات الاثنين


لكن فان شياو ، رغم ذلك ، بدا غير راضي — وكأنّ هذا 

الهدوء لم يرق له


قال يو شولانغ فجأة :

“ سأبدّل ثيابي "


كان يرتدي رداءً قطني محافظ يغطي جسده بالكامل ، 

لذا لم يكن هناك داعٍ فعليّ لتغييره ،

لكنّه مع ذلك ، استدار ومشى بخطوات ثابتة نحو غرفة النوم


ظلّت قامته النحيلة الممشوقة تتناوب عليها أنوار السقف 

حتى غاب عن الأنظار — ظلّ طويل ، مستقيم ، 

ومفعم بالغموض المعتاد الذي يلتصق به أينما ذهب ،


إلى أن أُغلِق باب غرفة النوم ، ———


يو شولانغ قد تظاهر بأنه دخل لتبديل ملابسه ، 

لكنه ما إن استند على الباب البارد حتى تهاوى صبره تمامًا 


انزلق جَسده على طول الباب حتى جلس على الأرض ، 

ودفن وجهه بين كفّيه ،


من يدري كم من الوقت ظلّ يتماسك تحت ذلك الضوء الخافت


منذ اللحظة التي نطق فيها فان شياو عند الباب بكلمة 

“ تشن تشن”، سقط قلبه في هاوية جليدية ، 

كأن الدم جفّ في عروقه ، وانقطع نَفَسه في تلك الثانية


بقايا عبث فان شياو لا تزال عالقة على جسده ، 

والألم الخفيف في صدره لا يزال يخفق مع كل شهيق… 

ومع ذلك ، لم تمر إلا لحظات حتى صار هو و فان على طرفي 

نقيض من العالم ، يفصل بينهما وادٍ لا نهاية له


ابتسم يو شولانغ بسخرية حزينة — { كان كل شيء واضح 

منذ البداية ، لكنّني أنا من اخترت أن العمى …. 

أن أُخدَع ؟ برغبتي ، 

تغاضيت عن كل الإشارات …. }


فُتح باب غرفة النوم مجددًا ، 

وخرج يو شولانغ مرتديًا ملابس منزلية بسيطة ،

أحضر قميص وألقاه على فان شياو قائلاً ببرود :

“ البسه "


نظر فان شياو إليه بنظرة متفحّصة ثم مدّ يده ولبس القميص


بدا يو شولانغ، في عينيه، هادئًا أكثر مما يجب — كأن 

الفوضى التي عمّت المكان لا تخصّه، كأن كل هذا المشهد لا يعنيه


لم يتوقّع فان شياو أن يراه يصرخ أو ينهار ، فهذا ليس من 

طبيعته ، { لكن أن يبدو بلا أي اضطراب أو ألم ؟ }

ذلك ما وخزه في صدره — { هل يهمّه أمري إلى هذا الحد؟ 

أم لا يعني له شيء أصلًا ؟ }


بعد أن لبس فان شياو القميص ، 

سحب يو شولانغ كرسيّ وجلس ، 

محافظًا على مسافة — ليست قريبة جدًا ولا بعيدة جدًا عنهما


قال بهدوء متّزن :

“ سأسأل بعض الأسئلة ، يمكن لأيٍّ منكما أن يختار ألّا يجيب ، 

لكن من يرفض الإجابة ، فليغادر فورًا "


أجاب لو تشن بحماس طفولي :

“ اسأل يو شوشو !”


تنهّد فان شياو وتمطّى وهو يتمتم بكسل ساخر :

“ شوشو ؟ ما هذا ؟ هل عمرك ثلاث سنوات لتناديه عمّك ؟”


نظر يو شولانغ إليه بنظرة تحذير حادّة ، 

ثم التفت إلى لو تشن قائلًا بنبرة هادئة لا تخلو من الصرامة:

“ غيّر طريقتك في النداء ، لم يعد مناسبًا "


أبعد لو تشن وجهه ، متأفّفًا قليلًا ، لكنه لم يعترض


أشعل يو شولانغ سيجارة ، وضعها بين أسنانه ، 

وقال بصوت خافت وهو ينفث الدخان:

“ لو تشن كيف وصل فان شياو إليك ؟ 

بأيّ طريق عَرَف أنك تعمل مودل للرسم ؟”


ما إن أنهى سؤاله ، حتى ارتجف فان شياو في مقعده دون أن 

يتكلم ——-


أجاب لو تشن مطيعًا :

“ وكيل أعمالي أخبرني بذلك ،، 

لم أرغب في الموافقة في البداية ، فقد كان لدي التزامات 

أخرى في ذلك الوقت ، 

لكن وكيل أعمالي قال لي أن أترك كل شيء آخر ؛ 

فهذا العمل يدفعون ربحًا جيدًا "


سأل يو شولانغ بنبرة ثابتة :

“ هل ذكَروا اسمك تحديدًا لتكون المودل ؟”


أومأ لو تشن رأسه :

“ نعم، قالوا إن الطرف الآخر طلبني بالاسم "


أومأ يو شولانغ دون تعليق ، ثم انتقل نظره إلى فان شياو وسأله :

“ هل أرسلتَ له هدايا من قبل ؟”


أجاب فان شياو بنبرة واثقة :

“ نعم ، مجرد بادرة شكر بسيطة ، أشياء صغيرة لا قيمة مادية لها .”


تابع يو شولانغ بنظرة حادّة :

“ والتاج ؟ هل كان من بين تلك الهدايا ؟”


نظر فان شياو إليه بنظرة متفاجئة ، 

ارتبك للحظة ثم اعترف :

“ نعم ، أنا من قدّمه ،، ذهبتُ يومها إلى شركتهم لمناقشة 

إعلان ، وصادفت أن لو تشن كان يتعرض للمضايقة والتنمر ،

بما أننا أصدقاء ، لم أستطع الوقوف متفرجًا ،

كان مجرد تبادل مصلحة — جعلت الجهة المنظمة تمنحه 

التاج مكافأة له "


قال يو شولانغ ببطء وهو يحدق فيه :

“ وفي ذلك اليوم ، عندما جاء لو تشن إلى هنا ليأخذ 

اللوحة ، سمعت صوته من الصالة ، ألم تتعرّف أنه هو ؟ ”


بدأ فان شياو يشعر بحرارة في جسده ، وبلّل العرق عنقه ، .

كان يدرك أن كلمة واحدة في غير مكانها قد تفضحه ، 

لذا أجاب بأقصر ما يمكن :

“ لم أتعرف عليه "


أمسك يو شولانغ السيجارة بين إصبعيه الوسطى والسبابة، 

ثم نقرها بإبهامه ،

و تساقط رمادها في الهواء مثل دمعة صامتة انحدرت فجأة ،


قال بعد لحظة :

“ لو تشن أتذكّر أنك في ذلك اليوم تلقيت اتصالًا هاتفيًا قبل 

أن تغادر ، من كان المتصل ؟”


ذلك الموقف ظلّ عالقًا في ذاكرته — لم تكن رنة الهاتف عادية ، 

وقد تبدّلت ملامح لو تشن من الحزن إلى السعادة في 

لحظة ، ثم غادر مسرعًا 


يومها ، ظنّ يو شولانغ أن المتصل هو حبيب لو تشن الجديد


قفز لو تشن فجأة من مقعده وقال:

“ كان فان شياو ! هو من اتصل بي !!! 

ظننت أنه يريد مقابلتي ، فغادرت بسرعة !!!!”


ارتفع جفن يو شولانغ —— واندفعت نظرته نحو فان شياو كحدّ السكين


صمت المكان لثوانٍ ثقيلة ثم تحدث فان شياو أخيرًا:

“ أنا حقًا لا أتذكر هذا ! 

لو تشن هل اتصلتُ بك فعلًا ؟ هل أجبتَ ؟”


أجاب لو تشن بتردد :

“ لا، لم تُجب ، انقطع الاتصال قبل أن ألتقط الهاتف "


قال فان شياو بفتور :

“ إذن لا بدّ أنني ضغطت على الرقم دون قصد ، 

مكالمة خاطئة ، لا أكثر ”


لكن لو تشن صرخ غاضبًا ، وقد احمرّت عيناه :

“ كاذب ! 

كل كلامك كذب ! تقول إن الهدايا كانت بسيطة ، وإنك فقط 

ساعدتني كصديق ؟ 

لا تحاول أن تتذاكى عليّ — أنا أميّز تمامًا بين اللطف العابر 

وبين التودد المتعمّد والإغواء !”


أصدر فان شياو صوتًا ساخرًا خافتًا ، وقال بازدراءٍ واضح :

“ تسسسك ، ما زلتَ في سنّ الأحلام يا صغير "


تدخّل يو شولانغ ليوقف الجدال ، ثم سأل بهدوء :

“ متى كانت آخر مرة التقيتما فيها ؟”


أجاب فان شياو بلا اهتمام :

“ منذ وقت طويل .”



لكن لو تشن قاطعه بتوتر:

“ كان في الرابع من نوفمبر ! 

أجلتُ يومها جلسة تصوير مهمة من أجلك ، 

أنت كنتَ وقتها في رحلة عمل لحضور اجتماعات خارج 

المدينة ، ثم عدتَ فجأة في وقت عملي بالضبط ، وأصررتَ أن أراك ، 

خسرتُ بسببك الكثير من المال… والآن أدرك كم كنتُ ساذجًا !”


ردّد يو شولانغ العبارة الأخيرة بصوتٍ خافت :

“ في سفرٍ لحضور اجتماعات…”

ثم فكر قليلًا ، أخذ نفسًا من سيجارته ، 

ورفع رأسه لينفث الدخان للأعلى ، 

متأملًا السحب التي ارتسمت أمام عينيه ، 

ابتسم بسخرية حزينة ،


سأل بعدها بنغمة هادئة لكن عميقة :

“ في هاتفك ، ما الاسم الذي تحفظ به رقم لو تشن ؟ 

أهو بالحروف اللاتينية lu؟”


لقد تذكّر بوضوح تلك المرة في المطار بعد عودتهما من 

مؤتمر في مدينة S، 

حين رنّ هاتف فان شياو وكان اسم المتصل “lu” ظاهرًا بوضوح


نظر إليه يو شولانغ بنظرةٍ باردة وتابع :

“ هل كان ممتعًا بالنسبة لك أن تردّ على اتصال حبيبي 

السابق أمامي ؟”


ارتبكت ملامح فان شياو للحظة ، وتشنجت قدماه المتقاطعتان

مدّ يده إلى جيبه ليُخرج هاتفه ، لكنه فوجئ بأن يو شولانغ 

كان أسرع منه ، إذ أخذ الهاتف بالفعل دون أن يشعر


قال يو شولانغ ببرود وهو ينظر نظرة جانبية :

“ لو تشن اتصل الآن على رقم فان شياو "


أجاب لو تشن فورًا :

“ حسنًا !”


عندها استقام فان شياو في جلسته ، وقال بنبرة حادة:

“ شولانغ ألا تثق بي؟ 

في قضية شيو باوتيان لم تصدقني ، والآن أيضًا تشكّ فيّ؟ 

هل أنا من لا يستحق ثقتك ، أم أنك أصبحتَ مريضًا بالشكوك والخيالات ؟”


جلس الاثنان متقابلين ، نظراتهما تتشابك في الهواء كأنها 

سيوف تتصادم — أحدهما بوجه مظلم والآخر بحدة صامتة


لقد تبادلا كثيرًا من النظرات من قبل : 

نظرات دافئة ، عميقة ، مشبعة بالشوق… 

كانت تلك بالأمس فقط ، قبل ساعات قليلة ، لكنها الآن تبدو وكأنها من حياة أخرى ،


رنّ الهاتف


دقّاته اخترقت الصمت ، 

وكلّ الأنظار اتجهت إلى الشاشة في اللحظة نفسها


ظهر على الشاشة الاسم: [ المودل الصيني رقم 1 ]


يو شولانغ : " …… " 

لو تشن : “!!!”


وسط صمتٍ ثقيل ، نهض فان شياو ببطء ، 

ثم جثا على ركبتيه أمام يو شولانغ، 

ورفع رأسه ينظر إليه بعينين تغمرهما مرارة لا حدّ لها ، 

وقال بصوت مرتجف :

“ أتدري ما الاسم الذي حفظتك به في هاتفي ؟”


أخذ هاتف يو شولانغ، واتصل برقمه


بعد لحظة من الصمت ، دوّى رنين الهاتف في الغرفة ، 

وعلى الشاشة المضيئة ظهرت كلمة —


[ النور ]


قال فان شياو بصوتٍ مبحوح يوشك أن ينكسر :

“ يو شولانغ .. أنا لا أحب النور… لكني أحبك  ،

جعلتُك في حياتي النور الوحيد الذي يبدّد الظلام ، 

جعلتُك خلاصي ، وإيماني ، 

لكن في النهاية ، أنتَ من لم يؤمن بي أبداً !”

ابتسم بمرارة :

“ربما… ربما لم تحبّني يومًا أيضًا ، 

بينما كنتُ أراك حبًّا أبدياً ، 

و تبحث باستمرار عن ما تثبت به أني خدعتك ، 

وتستعدّ في كل لحظة لرحيلك عني "


تحطّم انعكاس الضوء في عينيه ، كأن نجومه انطفأت 

واحدة تلو الأخرى :

“ يو شولانغ أنا أحبك ، لكنني… تعبت ،

لم أعد أحتمل أن يشكّ فيّ من أحبّ ، 

و أن يُحاكمني مرة بعد مرة كأنني مجرم ،

أردتُ أن أكون عند قدميك ، لكن ليس بصفة المذنب ، 

لنكفّ عن هذا ، لنفترق .”


كانت كلماته كأنها نُسجت من البكاء نفسه ، 

لكن في أذنيه ما زال يتردّد صوت شي ليهوا سابقاً ، 

ساخرًا ، كأن القدر يعيد تذكيره بما نوى


قال شي ليهوا وهو يضحك منذ شهر مضى : 

' تريد أن تُقنعه بالعودة ثم تتخلص منه بقسوة ؟ 

وكيف ستفعلها يا فان شياو ؟ هل ستخبره بكل شيء ؟ ستجعله يعلم أنك لم تحبّه أصلًا ؟ '


حينها هزّ فان شياو رأسه ورد بهدوء :

' رجل قوي الإرادة مثل يو شولانغ ؟ بذلك الكبرياء ؟

 بمجرد أن يعلم أنك لم تحبّه يومًا ، فلن يبقي في قلبه ذرة 

شعور نحوك '


ضحك شي ليهوا وقال بخبث :

' إذن كيف ‘تضربه في الصميم’؟ '


أجاب فان شياو حينها بصوت بارد كالسيف :

' بأن أجعله يندم ، يتألّم ، ويظن أنه هو من جرحني… 

أنه أضاع حبًّا صادقًا مات بسببه ، 

فقط وقتها ، سيبقى يذكرني ، يعيش في الذنب ، 

ويُسجن في الندم إلى الأبد 


هذه هي الطريقة الوحيدة… للتخلي عنه حقًّا '


——


في هذه اللحظة ، فان شياو قد استعاد هاتفه ، ووقف ببطء على قدميه


نظر يو شولانغ بنظرة طويلة ، 

نظرة كانت أشبه بالوداع الأخير ، 

ثم بخطوات ثقيلة كأنها تُقتلع من الأرض ، 

بدأ يسير نحو الباب ،


حين لامست يده مقبض الباب ، 

أدرك أن جسده كله يرتجف — كل خلية فيه تصرخ بعدم 

الرغبة في الرحيل


زاوية عينيه احمرّت ، وشيء حارق بدأ يتجمّع ، 

يتكاثف حتى صار ثقيلاً ، 

على وشك أن يفيض ويجرف معه كبرياءه كله ،


{ يجب أن تفرح !


فان شياو لقد فزت !


فزتَ على ذلك الأحمق ، ذلك ' البوذا ' الطيّب الذي لا يفهم 

معنى الألم 


ذاك المخادع الذي يستخدم ' الأمل ' لحث الآخرين على 

" أن يكونوا أقوياء "!


كن سعيدًا ، بسرعة ! 


أرجوك كن سعيدًا فان شياو ! }



كان يأمر نفسه ، يوجّهها كما لو أنه جسد غريب 


لكن… لا جدوى من ذلك


رفع رأسه بقوة ليمنع الدموع من الانهمار ، 

وقبل أن تنهار مقاومته ، فتح الباب ودفعه إلى الخارج


: “ السيد فان "


ناداه يو شولانغ فجأة ، بصوتٍ هادئ مبحوح ، وقد غيّر نبرته تمامًا

ضحك ضحكة قصيرة بلا دفء ، 

ثم نفض رماد سيجارته ، وقال ببرود :

“ أداؤك كان مبالغًا فيه… 

المشهد طويل ، والتمثيل زاد عن الحد "


تجمّد فان شياو في مكانه ، حاجباه انعقدا بارتباك

مسح دموعه سريعًا بظاهر يده ، واستدار ببطء قائلاً :

“ شولانغ ما الذي تعنيه ؟”


كان صوت يو شولانغ خافتًا ، متعب ، كمن انتهى من كل شيء :

“ أعني أن السيد فان ممثل جيد ، لكنه… ليس جيدًا بما يكفي ... 

كلامك قبل قليل بدا مصطنعًا وزائف بعض الشيء ، 

لا يكفي ليُقنع لجنة التحكيم أو الجمهور .”


عبس فان شياو وقال بصوت متوتر:

“ شولانغ أنت لا تحب المراوغة ، قل ما تريده بوضوح .”


ابتسم يو شولانغ و عينيه غارقتان في برود عميق:

“ أنا فعلاً لا أجيد السخرية ولا المراوغة ، إذن سأكون 

صريح — 

افتح هاتفك ، وانظر إلى أول رسالة " 


تردّد فان شياو لحظة ، ثم سحب الشاشة وفتح التطبيق الأخضر


الرسالة الأولى كانت من شي ليهوا — لكن فان لم يتحدث معه مؤخرًا ، وأخر مره تحدث معه قبل أسابيع ——


ضغط على المحادثة

 

وفي اللحظة التالية ، حين انفتحت قائمة الرسائل ،

مرّت عينيه بسرعة على الرسائل ، 

فتراجع خطوة للخلف كأن شيئًا ضربه في صدره —-


رفع رأسه بحدّة ، رأى أن يو شولانغ يحدّق به من بعيد


لم تكن في عينيه تلك البرودة التي ألفها — بل نظرة غارقة 

في حزنٍ عميق ، كأنه وداع حقيقيّ هذه المرة ….


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي