Ch69
دوجينغ : " أليست هي ؟"
تشو لويانغ وقد فقد كل طاقته : " ليست هي ….
لقد فككت هذه الساعة من قبل ، أنا متأكد تماماً .
انتهى الأمر ،
الساعة الحقيقية في يد الروس ،
وسيكتشفون ذلك عاجلاً أم آجلاً "
كان على وشك إعادة الغطاء إلى مكانه ، لكن دوجينغ قال : " أصلحها ، سنفكر في حل آخر "
لم يكن لدى تشو لويانغ رغبة في التعامل معها ، لكنه تردد للحظة ، ثم قام بتعديل عجلة النقل والسهم
: " هل هناك حزام للساعة ؟"
فتح دوجينغ الدرج ووجد حزامين ، فقام تشو لويانغ بتركيب الحزام ، وأخذ دوجينغ الساعة ولبسها بشكل طبيعي ، ثم جلس على السرير الزنبركي، متأملاً بصمت
تشو لويانغ : " ما العمل الآن ؟"
دوجينغ : " أفكر في حل "
لم يشأ تشو لويانغ إزعاجه ، فالمستودع كان آمنًا في الوقت الحالي ، ويبدو أن لياو لم يخبر الروس بمكان اختبائهم
لكن لماذا يريد لياو فعل ذلك ؟
التفسير الوحيد هو أنه يريد العودة إلى اليوم الذي وقع فيه حادث السيارة في مطار هانيدا لإنقاذ والديه
لم يقل دوجينغ أي شيء ، لكن من الواضح أنه كان يدرك ذلك أكثر من تشو لويانغ ، ولم يُلقِي باللوم على لياو حتى
تشو لويانغ : " دعني أضع لك الدواء "
انحنى دوجينغ قليلاً ، اقترب من تشو لويانغ ، أخذ دواء 'يونان بايياو ' من المتجر وبدأ في معالجة جروح دوجينغ. لم يلف الجرح ، بل تركه مكشوف لبعض الوقت .
كان دوجينغ قد حصل على قصة شعر بواسطة تشو لويانغ قبل أيام ، بناءً على طلبه
و بعد الحلاقة ، أشاد به تشو لويانغ قائلاً إنه يبدو أنيق جداً
كما لو أنه شعر بنظرة تشو لويانغ ، أدار دوجينغ رأسه وتبادل معه النظرات ——- مشاعر معقدة
تشو لويانغ بصوت خافت : " بماذا تفكر ؟ "
دوجينغ : " أفكر فيك …. وفي الماضي ، وإعادة ضبط الزمن ، وما قد يحدث في مستقبلنا "
وضع تشو لويانغ الدواء جانباً ، وجلس في صمت
تشو لويانغ : " لم أفهم آخر ما قاله ،،
كثير من كلامه لم أستوعبه ، تحدث عن أن الزمن يسير في خط واحد ، ولا وجود لعوالم موازية ،
وأن الذي يسافر عبر الزمن هو روحنا فقط ،
الماضي يعني الذاكرة ، ماذا يعني ذلك ؟"
فكر دوجينغ للحظة ، ثم قال موضحًا : " الوعي يتجاوز البعد الذي نعيش فيه ، هذه نقطة تعلمت عنها بعض الشيء خلال تدريبي في واشنطن "
تشو لويانغ : " ثم ماذا ؟
ما علاقة ذلك بالزمن ؟"
دوجينغ : " الجسد يبقى في هذا البعد ، لأنه مادي .
وعي الإنسان يعتمد على الجسد لتفعيل نفسه ، لذا إذا أردنا التحدث بلغة أخرى ، طالما أن الروح موجودة في الجسد ، فإنها ستكون محكومة بقوانين العالم المادي ."
تشو لويانغ استطاع أن يستوعب هذا التفسير ، فقد استخدم دوجينغ أسلوب بسيط ومباشر في شرحه
: " الزمن أشبه بنهر طويل ، يحمل كل الأشياء في تياره إلى المصب ، وهذه …"
وأشار دوجينغ إلى الساعة : " تسمح لروحنا بأن تنفصل مؤقتًا عن الجسد ، كأنها تخرج من النهر ، وتنتظر على السطح ، ثم تعود ، لتدخل نفس النقطة ، نفس المكان في النهر ، لكن في هذا الوقت ، النهر يكون قد جرى يومًا آخر "
تشو لويانغ بحماس : " فهمت !"
ربما لم يكونوا قد ' سافروا عبر الزمن ' بالمعنى الحرفي ، وإنما وعيهم قد انفصل ، وعاد إلى أجسادهم في اليوم السابق !
إذاً ، يبدو أن ما قاله ساتانوفسكي عن ' الذاكرة ' قد أصبح واضح الآن
عند انفصال الوعي ، يحمل معه تجربة الأربع وعشرين ساعة الكاملة والذاكرة المستقبلية !
نظروا إلى الساعة الأخرى في يد دوجينغ، وكان عقرب الثواني ، على شكل قطرة ماء ، متوقفًا عند العاشرة صباحًا ، ويتحرك بصعوبة بين العاشرة وخمس وعشرين دقيقة وتسع وثلاثين ثانية ؟؟ ، كما لو أن النابض كان عالق !!!
تشو لويانغ بقلق : " توقفت مجدداً ؟ "
دوجينغ : " لا ،، الروس يقومون بإعادة الزمن "
نظر دوجينغ حوله في المستودع ، وقف ليجري تجربة ، ودفع بلطف المصباح المعلق في السقف
بدأ المصباح يتأرجح بشكل متناغم ——
لاحظ تشو لويانغ أن المصباح في أثناء تأرجحه للأسفل ، تراجع فجأة مسافة غير واضحة ، ثم تكرر سقوطه ——-
( اتخيلوا تشوفون مشهد قدامكم سلوموشن ( نفس الشي يعيشونه ذحين )
كان هذا المشهد غريب جداً ، حيث كانوا يمرون بتجربة عودة الزمن كل بضع ثواني !
وكأنهم عالقون في مقطع فيديو يتكرر ، لكن هذا الفيديو أصبح واقع ملموس !
تمتم دوجينغ : “ إنه يختبر المزيد من وظائف عين فورسيتي ، لقد استفسر عنها من لياو "
ثم اختفت كل الإنارة في المستودع ، وشعروا بارتعاش في ظهورهم
فتح تشو لويانغ عينيه في منتصف الليل ، على سريره في المنزل
تشو لويانغ بخوف : “ دوجينغ ؟!”
جلس دوجينغ فورًا : “ أنا هنا "
عاد كلاهما في نفس الوقت إلى منتصف ليل الثالث من يناير !
دوجينغ : “ بدّل ملابسك !
علينا مغادرة المنزل حالًا !”
تشو لويانغ : “ لماذا ؟!
لم نصل بعد إلى منتصف ليل الرابع من يناير…”
دوجينغ: “ ما قمنا بتفعيله كان يشبه منبه ذو توقيت ثابت ! حدد نقطة البداية للعودة في وقتي الظهيرة والمساء ، لكن عين فورسيتي يمكنها تفعيل العودة في أي وقت وفي أي مكان !”
غيّر تشو لويانغ ملابسه ، وفتح باب غرفة لياو ، ولم يكن هناك أحد كما هو الحال دائمًا ، و خريطة الغرفة التجارية موضوعة على الطاولة ،
أخذ دوجينغ مفاتيح السيارة ، وذهب ليمسك يد تشو لويانغ : “ لا تنظر ! أسرع إلى الأسفل !”
تشو لويانغ : “ إلى أين ؟”
دوجينغ: “ علينا مغادرة المكان ! سيتعقبنا الروس قريبًا !”
عندما كانا في المصعد ، شعر تشو لويانغ بتوتر شديد ، وهو يراقب المصعد ينزل
ظهرت الأرقام أولاً في الطابق السادس ، ثم عادت إلى الطابق الثامن ، ثم نزلت مجددًا إلى الطابق السادس —-
دوجينغ : “ إنه لا يزال يُجرب الساعه "
كان هذا المشهد مرعب جداً ،
جعل تشو لويانغ يشعر بقشعريرة ،
لكن دوجينغ أمسك بيده بإحكام ،
وكأنهما كيانان صغيران لا يستطيعان مقاومة جريان الزمن الهائل ————
عندما وصلا إلى المرآب تحت الأرض ، صعد دوجينغ إلى السيارة
تشو لويانغ: “ إلى أين سنذهب الآن ؟
لقد علقنا في هذه الفترة الزمنية !”
دوجينغ: “ لويانغ، استمع لي، ما زال لدينا فرصة "
صعد تشو لويانغ إلى السيارة ، لكن دوجينغ لم يقم بتشغيلها : “ سيرسلون شخص ليلقي القبض علينا أولاً .
لا يمكننا أن نقع في أيدي الروس مهما عدنا إلى منتصف الليل "
و في لحظة !! ، عاد كلاهما مجدداً إلى منتصف الليل ، على سرير المنزل —————-
تشو لويانغ: “ هذا جنون "
دوجينغ: “ انطلق !”
أسرعا بالنزول إلى الأسفل ، من الواضح أن ساتانوفسكي لم يستطع تحديد الوقت والمكان بدقة ، فاستمر في إعادة الزمن إلى الساعة الثانية عشرة
تشو لويانغ : “ كم مرة سنكرر هذا ؟”
دوجينغ: “ استمر في الهروب !
إلى أن ينفذ صبره !
لن يستطيع الإمساك بنا !
إذا لم يتمكن من تنفيذ خطته في أول منتصف ليل ، فلن يتمكن من الإمساك بنا أبدًا !”
قاد دوجينغ السيارة خارج المرآب ، ورأى في المسافة سيارة جيب شيروكي سوداء تتجه نحوهم ، ولكنهم تمكنوا من الهروب مجدداً
عندما اتصل الروس للإبلاغ لـ ساتانوفسكي — أعاد الزمن مجددًا إلى الساعة الثانية عشرة
بدأ تشو لويانغ الهروب للمرة الثالثة
قال تشو لويانغ وهو يرمي المفاتيح إلى دوجينغ : “ هذا سخيف !”
دوجينغ: “ سيكتشف قريبًا أن هناك أموراً لا يمكنه إنجازها ، حتى لو أعاد الزمن مرارًا وتكرارًا .
هذه قواعد اللعبة المكتوبة في حاسوب العالم منذ الأزل "
غادرا المرآب مجدداً ،
لكن هذه المرة لم يراقبهم ساتانوفسكي
حيث انعطف دوجينغ إلى طريق آخر
تشو لويانغ: “ لم يعد يُعيد الزمن ، لكن المشكلة تتفاقم "
الآن حصل ساتانوفسكي على تأكيد : كلما شُغّلت عين فورسيتي ، ستحدث تنقلات زمنية متزامنة لتشو لويانغ ، دوجينغ ، لياو ، والروس
دوجينغ: “ سيتخذ إجراءً آخر قريبًا . إذا استطاع ، سيعيد الزمن إلى فترة أبكر "
شعر تشو لويانغ فجأة بالكثير من الذكريات ، لكنه لم يقاطع دوجينغ
دوجينغ بصوت خافت وسريع : “ النقطة الزمنية ، ستكون بالتأكيد قبل أن أحصل على عين فورسيتي ،
أو حتى قبل أن تصل إليك .
فقط حينها ، لن يفقد الروس السيطرة بسبب العودة في الزمن "
تشو لويانغ وكأنه استيقظ من حلم : “ صحيح !”
دوجينغ: “ عليك أن تتذكر ، فكر جيداً ، لمن كانت تلك الساعة في الأصل ؟ هل كانت ملكًا لجدك ؟
أين كانت في بيته …”
تشو لويانغ : “ كانت في يد جدي ، أنا متأكد من ذلك .
لكن بالنسبة لمكانها في البيت ، أنا… أحتاج أن أبحث …”
دوجينغ: “ لا لا ! هذا ليس مهمًا الآن ، فقط تذكر ، لا تحتاج إلى أن تتذكر الآن ، في حال افترقنا بسبب العودة الزمنية …”
نظر تشو لويانغ إلى دوجينغ ، فتوقف دوجينغ بالسيارة ، وأمسك بيده ، وتشابكت أصابعهما ———-
دوجينغ : “ انتظرني ،
سأجدك ،
بغض النظر عن الوقت الذي نعود إليه ،
إذا لم نتمكن من التواصل ،
اذهب إلى مستودع متجر الساعات القديمة في تشانغآن "
تشو لويانغ : “ وإذا كان قبل أن نولد ؟ "
دوجينغ: “ سآتي للبحث عنك حين أكبر "
واحتضن تشو لويانغ بين ذراعيه
السيارة متوقفة على جانب الطريق ،
ولم يكن لديهما ما يفعلانه سوى انتظار ما سيفعله سفيتانلوفسكي بالزمن
شعر تشو لويانغ فجأة أن دوجينغ على حق —
فسيفترقان قريبًا —
في اللحظة التالية سيفقدان بعضهما في متاهة الزمن ،
ولا يمكنهما فعل شيء سوى انتظار النتيجة الحتمية
سيختار ساتانوفسكي اللحظة المناسبة ، ليعود إلى يومٍ ما، ليأتي إلى الصين ، ويأخذ عين فورسيتي من يد جد تشو لويانغ ، ويبدأ حياته الجديدة منذ ذلك اليوم
لمس تشو لويانغ جانب وجه دوجينغ : “ سأذهب لأشتري لك لصقة جروح ”
الدماء توقفت ، لكنه أراد تغطية الإصابة
دوجينغ: “ لا داعي ، سننفصل في الزمن قريبًا جداً "
تشو لويانغ: “ لا، على الأقل الآن ، دعنا ننسى كل شيء "
نزل تشو لويانغ من السيارة ممسكًا بيد دوجينغ، وذهبا إلى المتجر القريب ، واشترى الحليب الساخن
وقف دوجينغ بجانبه صامتًا ، يراقبه
عندما كان تشو لويانغ يدفع الحساب ، لم يُظهر العامل أي اندهاش منهما
لكن عندما كان العامل يجمع النقود ، رفع كل من دوجينغ وتشو لويانغ رؤوسهم في الوقت نفسه ، ونظرا إلى ساعة المتجر ———
كانت تجربة غريبة للغاية ، عقرب الدقائق اختفى ،
لااااا ——
لم يختفِي ، ——-
بل يتحرك بسرعة كبيرة ، ————-
لدرجة أنه أصبح خط وهمي ……….
أما عقرب الساعات فكان يدور بسرعة جنونية ، كل شيء صامت ، وبدأ الزمن في العودة إلى الخلف
تشو لويانغ: “ أنا أحبك "
دوجينغ: “ وأنا أحبك . انتظرني "
استدار تشو لويانغ نحو دوجينغ ،،،
وأسرع دوجينغ نحوه ،،،
حاولا أن يعانقا بعضهما في اللحظة الأخيرة ،،،
لكن في اللحظة التي كادت أصابعهما أن تلمس بعضها ، عاد الزمن إلى الخلف ، واختفت الدنيا بأكملها
يد ضخمة وغير مرئية دفعتهما بعيداً ،
وألقتهما في متاهة ضخمة من الزمن الغامض والمتلاطم
كانت تجربة غريبة للغاية ،
مختلفة تماماً عن كل مرة يسترجع فيها تشو لويانغ الأربع وعشرين ساعة الماضية
شعر وكأن الزمن يتدفق بسرعة هائلة ، مثل الرياح العاتية ، تمر عبر جسده
ذكريات مشوشة وغير واضحة تتابعت بسرعة في ذهنه ، تتراكم شظاياها وتتصادم في ضجة كبيرة
أمواج الزمن اخترقت وعيه ، وأحاطت به أضواء ساطعة ، فتوقف عن الكلام للحظات
الساعة الثامنة صباحاً ———-
يقف في غرفة نومه القديمة بالجامعة ، والسريران فارغان ، وقد تم نقل الأغراض منذ وقت طويل ———-
استدار تشو لويانغ على الفور وبدأ يبحث عن هاتفه ، كان الهاتف موصولاً بالشاحن على المكتب
تمتم تشو لويانغ : “ تخرجت من الماجستير ،،، الثالث عشر من مايو "
أي قبل أكثر من عام من عودة دوجينغ إلى الوطن ——-
تساءل تشو لويانغ بصوت خافت : “ لماذا اختاروا هذا اليوم ؟”
خرج من غرفته ،
وطرق باب الغرفة المقابلة ،
وفتح الباب ليجد زميله في السكن ، كما كان قبل سنة ونصف
تحدث زميله وهو يحمل منشفة : “ هاااه ؟ لويانغ ، ستغادر؟
هل نتناول العشاء الليلة ؟”
تشو لويانغ بقلق : “ لا... لا ، ربما في وقت لاحق ، سأعود مجدداً ، أردت فقط أن ألقي التحية "
زميله : “ متى ستسافر ؟ ، هل وجدت وظيفة ؟”
: “ سأذهب أولاً إلى مدينة وان ….”
تذكر تشو لويانغ ذلك اليوم ، حين خطط بعد التخرج للعودة إلى المنزل لبعض الوقت ، ثم زيارة جده ،
ولكن بعد ثلاثة أيام تعرض والده لحادث سيارة في مطار هانيدا
أخفى أفراد العائلة الخبر عن جده الذي كان يعاني من اضطرابات عقلية ، لكنه عرف في النهاية
بعد فترة قصيرة ، أُقيمت الجنازة الثانية لعائلة تشو ، ومنذ ذلك الحين فقد تشو لويانغ كل شيء تقريباً ، وبدأ يرافق لياو
نبهه زميله : “ هاتفك يرن "
اعتذر تشو لويانغ وعاد إلى غرفته ، وكان الاتصال من رقم غريب
بدأ قلبه ينبض بقوة ، ورد على المكالمة ، لكن الطرف الآخر ظل صامت
تشو لويانغ بتوتر : “ مرحبًا ؟
من معي؟”
لم يتحدث أحد ، فواصل تشو لويانغ بصوت خافت : “ تحدث ، من أنت ؟ هل اتصلت بالخطأ ؟”
تذكر فجأة ، أنه في الثالث عشر من مايو في ذلك العام ، تلقى مكالمة من هذا الرقم الغريب ، ولم يكن هناك أحد يتحدث حينها ايضاً —————
{ لا ، لحظة ، لم يتصل بي أحد في ذلك اليوم —-
لكن لماذا لدي هذه الذكرى ؟ } ——————-
شعر تشو لويانغ بالارتباك ، فالأمر غريب للغاية
تشو لويانغ : “ هل هذا أنت ؟”
قبل أكثر من عام ، الشخص الوحيد الذي يعرف رقم هاتفه هو دوجينغ، وبعد التخرج غيّر رقمه ——-
تشو لويانغ بصوت خافت : “ سأنتظرك في المكان الذي اتفقنا عليه دوجينغ "
أغلق دوجينغ الهاتف ، وقف تشو لويانغ في غرفته ، وبعد فترة ، أخذ حقيبته الرياضية وغادر الجامعة
ركب أول قطار سريع عائدًا إلى مدينة هويتشو ، وفي الوقت نفسه ، اتصل بوالده
لم يرد أحد ——-
تمتم تشو لويانغ : “ أجب على الهاتف… أجب على الهاتف !”
لم يتمكن من الوصول إلى والده مهما حاول ، فاتصل بـ لياو لكنه لم يرد ايضاً
تشو لويانغ في رسالة صوتيه مسجله : “ لياو هل عدت ؟ هل أنت هنا ؟
أجيب على رسالتي الصوتية بأسرع ما يمكن ، أين أنتم ؟”
أغلق تشو لويانغ الهاتف ،
ونظر إلى الخارج من النافذة الكبيرة ،
الظلام قد حلّ ———
اتصل بجده ، وكان الرد من عمته
: “ كيف حال جدي ؟”
سأل تشو لويانغ عن حالة جده ، وردت عليه عمته باختصار ، وأنها لم تزره منذ أيام ، وتركت العناية به للممرضين
سألته متى سيعود ، كان لديه الكثير من الأسئلة ،
لكنه لم يستطع قول أي شيء
أن يتصل فجأة ويسأل عن ساعة ، سيجعل الناس يشتبهون في الأمر
اشترى تذكرة طائرة للعودة إلى مدينة وان في ظهيرة ذلك اليوم ، ووصل إلى مطار المدينة في العاشرة ليلًا
بمجرد أن أضاء هاتفه بعد الهبوط ، حاول تشو لويانغ الاتصال بوالده مجدداً ، وهذه المرة أجاب والده
: “ مرحبًا لويانغ ؟”
صوت والده جاء فجأة ، مما جعل تشو لويانغ يشعر بالارتباك
هذا الصوت كان محفور في ذاكرته لسنوات
ما زال يتذكر آخر مكالمة له مع والده ،
حينها كان يشعر بتوتر كبير لأن والده لم يحضر حفل تخرجه من الماجستير
لكن تشو لويانغ لم يكن يعرف كيف يعبر عن مشاعره بقوة ، فكان غاضبًا لكنه لم يعبر عن ذلك ،
وتحدث بضع كلمات بلطف وأغلق الهاتف ببرود ،
كان هذا أقصى ما يمكنه التعبير عنه من غضب
الأب تشو سونغ : “ أنا آسف ،،، لقد تخرجت اليوم صحيح ؟”
وقف تشو لويانغ في المطار المزدحم ،
فجأة شعر بانقباض في صدره ،
وسالت دموعه ،
وعيناه احمرتا ،
الأب تشو سونغ : “ لويانغ ؟ هل هناك مشكلة ؟”
تشو لويانغ بصوت منخفض : “ لا "
سمع الأب تشو سونغ نبرة اعتذار في صوت ابنه الأكبر ، وقال: “ أين أنت الآن ؟ هل عدت إلى المنزل ؟”
: “ أنا في مدينة وان ….” كان لدى تشو لويانغ الكثير مما يريد أن يقوله ، لكن عقله أصبح فارغ في تلك اللحظة : “ أتيت لرؤية جدي "
الأب تشو سونغ : “ حسنًا ، لقد أنهيت للتو بعض الأعمال ، وأنا في طريقي للعودة إلى المنزل ، لياو وخالتك ذهبتا في إجازة ، هل فكرت في اقتراحي ؟”
قبل تخرج تشو لويانغ من الماجستير ،
تحدث مع والده مجدداً ، وكان قد اقترح عليه الذهاب إلى طوكيو لمساعدته في إدارة أعماله ، ولكن تشو لويانغ رفض ذلك
في ذلك الوقت ، لم يكن يرغب أبدًا في العمل من أجل زوجة أبيه وأخيه الأصغر ، لأنه سيشعر وكأنه غريب
لذا ، اقترح تشو سونغ اقتراح آخر — أن يسافر تشو لويانغ مع صديقه ويأتوا إلى اليابان
هذا الصديق ، بالطبع ، كان دوجينغ
الآن عندما يفكر في الأمر ، شعر تشو لويانغ أن والده ربما كان يعرف شيئ ما، حتى في أيام دراسته الجامعية ، وكأنه كان يشعر بأن ابنه قد وجد شخص يحبه
تشو لويانغ : “ دوجينغ رحل "
لقد ذكره لوالده بضع مرات فقط ، لكنه لم يخبره باسمه
الأب تشو سونغ : “ أوه …. إذن اسمه دوجينغ؟”
عرف تشو لويانغ أن والده يقود سيارته في طوكيو ، ويعود إلى المنزل في وسط الزحام الليلي
تشو لويانغ : “ انتبه وأنت تقود "
تشو سونغ : “ لا بأس ، فطوكيو مزدحمة جداً .
لماذا غادر ؟”
تشو لويانغ : “ انسحب من الجامعة ،
ترك الدراسة قبل أكثر من عام .
لقد تحدثنا عن هذا منذ زمن طويل ، كيف ما زلت تتذكره بوضوح ؟”
تشو سونغ: “ لأنك لا تذكر أبدًا أصدقاءك لي. هو الوحيد الذي تحدثت عنه "
لم يتكلم الأب والابن ، وبعد لحظة من الصمت على الهاتف ، تشو لويانغ فجأة: “ أبي "
أجاب تشو سونغ بصوت متحمس ، كان تشو لويانغ يريد أن يخبره عن حادث السيارة في مطار هانيدا الذي سيحدُث بعد يوم ، لكن الأمور بدت بسيطة في عقله . عندما حان الوقت ، كيف يمكنه أن يبدأ بالكلام ؟
تشو سونغ بهدوء : “ ما الأمر بني ؟”
: “ أنت...” فكر تشو لويانغ مطولًا ، لم يستطع إخبار والده أنه عاد من المستقبل ليحذره من وقوع حادث سيارة بعد عشرين ساعة ، سيودي بحياته وحياة زوجته ، ولن ينجو سوى الابن الأصغر ليعيش مشلول
تشو لويانغ : “ هل لديك في سيارتك تعويذة أمان ؟”
تشو سونغ : “ نعم ، لدي واحدة ، طلبتها من معبد كيوزومي. لماذا تسأل ؟
لماذا تتحدث عن هذا اليوم فجأة ؟”
: “ لا... ” فكر تشو لويانغ قليلاً، ثم أجاب: “ لقد رأيتك في حلم الليلة الماضية "
أجاب تشو سونغ بصوت متحمس مجدداً ، فتنهد تشو لويانغ وقال: “ رأيتك تأتي إلى مطار هانيدا لتستقبل لياو وخالتي ، وفي طريق العودة ...”
استخدم طريقة أخرى لتذكير تشو سونغ
تشو سونغ: “ وماذا بعد ؟”
تشو لويانغ: “ بعدها قمت أنا برعاية لياو "
ضحك تشو سونغ : “ هل كبر بصحة وسلام ؟”
تشو لويانغ: “ ليس بصحة جيدة تماماً ، لكنه كبر في النهاية "
تشو سونغ: “هذا جيد "
صمت الاثنان لفترة أخرى ، ثم قال تشو سونغ فجأة : “ لماذا أشعر اليوم أن شخصيتك مختلفة ؟”
تشو لويانغ : “ إذا لم أكن أنا ، فمن أكون ؟”
تشو سونغ مازحًا : “ تشبه نسخة ناضجة منك .
لا بد أنك النسخة المستقبلية منك ، و عدت لتحذرني من القيادة بحذر ، أليس كذلك ؟”
تشو لويانغ: “...”
كانت كلمات والده مجرد مزاح ، ثم قال بعد لحظة : “سأكون حذرًا ، ليس من أجلي فقط ، بل من أجل لياو ايضاً "
تشو لويانغ: “ يبدو أنك متقبل للأمور بشكل كبير "
أفق طوكيو الليلي مليئً بالإنارات المتلألئة ،
نظر تشو سونغ إلى التعويذه المعلقة تحت المرآة العاكسة وقال: “ لكن يا بني ، ألا يقول البوذيون دائمًا
كل شيء فاني ، كالحلم ، كالسراب ، كالبرق ، كالندى ...”
وعندما سمع تشو لويانغ هذه الكلمات ، ظهرت أمامه صورة وجه براهما المقدس والمهيب في معبد أنغكور وات
تشو سونغ: “... لا يوجد حياة ولا موت .
إذا كان القدر هو الذي حدد ذلك ، فإن قبول ترتيب القدر هو الخيار الأفضل أليس كذلك ؟”
أومأ تشو لويانغ برأسه
كان والده دائمًا متقبلًا للكثير من الأمور ، حتى المشاعر والعائلة ، كان يستخدم كلمة القدر في تفسيرها
تشو لويانغ بعد تردد : “ لا شيء آخر . بسبب هذا الحلم ، قررت الاتصال بك "
تشو سونغ فجأة باليابانية: “ آسف لعدم حضوري حفل تخرجك "
أجاب تشو لويانغ: “ لا، لا، لا مشكلة .
حقًا لا مشكلة .
أنا سعيد جدًا لأنكما أحضرتاني إلى هذا العالم ، أنا أحبكما يا أبي "
ساد الصمت في الجهة الأخرى من الخط ، فكر تشو لويانغ قليلاً ، ثم قال: “ قد يعود دوجينغ غدًا "
تشو سونغ: “ إذن عليك أن تجهز كل شيء له
ليأتي ويتعرف الجميع عليه ، ونشرب نخب "
تشو لويانغ: “ حسنًا ، إذا أتيحت الفرصة "
تشو سونغ مبتسمًا: “ اتفاق "
تشو لويانغ: “ اتفاق .” وأغلق الهاتف
أمسك بهاتفه ، ونظر إلى صفوف سيارات الأجرة الطويلة ، والأنوار المتلألئة ، كأنها وميض أحلام في عالم كبير
رأى ثلاثة مكالمات فائتة ، حاول معاودة الاتصال ، لكنها أرقام غير موجودة
{ هل كان دوجينغ ؟ }
واستقل سيارة أجرة مباشرة إلى منزل جده ——-
كانت تلك الشقة كما كانت دائمًا ، الطابق السادس ، وقبل أن يضغط على جرس الباب ، شعر فجأة بعدم الواقعية - { هل كل هذا حقيقي ؟ }
لم يجرؤ على الضغط على الجرس لوهلة ،
وأفكاره تتدفق واحدة تلو الأخرى ثم تتلاشى بصمت ،
{ بعد عودتي إلى هذا اليوم ، هل تغير كل شيء ؟
هل رجوع ساتانوفسكي كان بمثابة منحنا حياة جديدة لم نعش تفاصيلها بعد؟ }
تردد للحظة ، وأخيرًا ضغط على الجرس
أتت المربية لفتح الباب : “ قادمة !”
وعندما رأت تشو لويانغ من خلال منظار الأمان ، بدت متفاجئة للغاية
المربية : “ لويانغ ؟ كيف عدت أنت ايضاً ؟”
تشو لويانغ: “ أنهيت إجراءات التخرج للتو . كيف حال جدي ؟”
المربية : “ ذهب للنوم للتو . سأذهب لأرى...”
تشو لويانغ: “ لا توقظيه " دخل كنسمة رياح ، وفتح باب غرفة جده بخفة ، ورآه نائم على السرير
كان وجهه مألوف جداً ، كما كانت أيامهم الطويلة التي قضياها معاً
جاء تشو لويانغ إلى جانب السرير ، وجثا على ركبتيه ، وأمسك بيد جده ، وبقي صامتًا لفترة طويلة ،
و بصوت خافت : “ جدي ، لدي أمور مهمة جدًا علي القيام بها ، لكنني أتمنى ايضاً ... أن أبقى بجانبك "
لكن الناس سيغادرون في النهاية ، في هذا العالم الواسع ، يأتون ويذهبون ، الحياة ما هي إلا كذلك
قال تشو لويانغ حينما خرج إلى الصالة وتحدث إلى المربية : “ جئت لأبحث عن شيء "
أومأت المربية وجلست على الأريكة تحيك الصوف ، وتشاهد التلفاز
دخل تشو لويانغ إلى غرفة المكتب ، حيث تكون معظم ممتلكات جده ، بينما بقي جزء منها في المستودع
تمتم تشو لويانغ : “ أين يُمكن أن يكون؟”
تذكر أن لياو قال إنه عندما كان في السادسة من عمره ، جاء
الجد لزيارته في اليابان ، وكان يرتدي ساعة عين فوزسيتي ، لكن ذلك منذ سنوات عديدة
فتح باب المكتبة وبدأ يتفحص ، ثم تفقد الأدراج ، ثم نظر إلى الخزانة الحديدية
{ لا، ليس هناك }
كان تشو لويانغ يعرف بوضوح أن الخزانة تحتوي على إيصالات ، وصكوك ملكية ، وبعض شهادات التحقق من الأنتيكات ، هو وجده فقط يعرفان الرقم السري
المربية : “ تبحث عن ماذا ؟”
تشو لويانغ: “ لا شيء ، تفضلي وأكملي ما كنتِ تفعلينه ”
ركع أمام الخزانة ، وضغط على عدة أرقام ، فُتح الباب ، ومد يده ليتحسس الداخل ، ولم يجد شيئ
لكن كان هناك دفتر صغير بجلد أسود يعود إلى جده الأكبر ( تشو يوان )
تصفح بضع صفحات ، وفجأة اكتشف في مكان كان يجب أن يكون فارغ شيئ لم يكن موجود سابقاً
كان من المفترض أن الصفحة الثانية التي تحتوي على معلومات حول ساعة عين فورسيتي ممزقة ، لكنه الآن رآى أنها موجودة
الصفحة مليئة بالكلمات الروسية - وحبرها أصبح أصفر ، كتبها جده الأكبر
مزق الصفحة ، وأعاد الدفتر الجلدي الأسود إلى مكانه ، وفي تلك اللحظة ، بدا أن الزمنين قد تقاطعا وامتزجا بشكل غريب
لكنه لم يفكر في هذا الأمر كثيراً ، وبعد فحص دقيق، وجد صورة بالأبيض والأسود باهتة لجدّه الأكبر تشو يوان
كان الجد الأكبر يشبهه جداً ، ولعلّ هذا هو السبب في أن جده كان يُدلّله بشكل خاص
نهض إلى غرفة الجلوس ، ونظرت إليه المربية نظرة عابرة
كان يرغب في السؤال عن مكان الساعة ؛ فمنذ مرض جده ، كان الأقارب يأتون إلى المنزل بشكل متكرر ، يبحثون بين الأغراض ، ويعطون المربية بعض المال ليتقاسموا مقتنيات الجد بشكل علني
لم تكن المربية ترغب في التدخل في شؤونهم الأسرية ، كما أنها لم تكن في موقف يسمح لها بالتدخل
لكن فجأة ، خطرت ببال تشو لويانغ فكرة ، وتذكر شيئاً غير منطقي
تذكّر تشو لويانغ ما قالته المربية عند فتح الباب : " لماذا قلتِي 'أيضاً '؟
من الذي جاء اليوم أيضاً ؟"
المربية بذهول : " أخوك الصغير وزوجة والدك ،، ألم تكن تعلم ؟ ظننت أنكم اتفقتم على ذلك "
تشو لويانغ: "……"
سأل تشو لويانغ بصوت يرتجف : " ومن بعدهم ؟
هل جاء والدي أيضاً ؟ هل جاءوا لوحدهم ؟"
المربية : " والدك لم يعد ، ذلك الفتى الياباني كان هنا ، مثلك تماماً ، يبحث عن شيء ما، وغادر عند المساء "
تشو لويانغ : " ماذا أخذ معه ؟"
———يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق