Ch36
سقط في بؤبؤي عينيه الكهرمانيتين إنعكاسه ،
حدّق يو شياومان مذهول ،
ثم أدرك الأمر بعد لحظة وحرّك رأسه في حرج : “ تُعجب بأي شخص تراه ، وتحب شخصًا تلو الآخر ”
تفاجأ لو جي : “ من قال ذلك ؟”
: “ أنا قلت ذلك ...” تجنب يو شياومان نظره وعينيه تتحركان بعشوائية : “ أنت والآنسة شين نشأتما معاً ، وكل العاصمة تعلم أنكما ثنائي .
أنا فقط… مجرد حجر عثرة تُفسد علاقتكما ”
ضحك لو جي بمرارة وابتسامة: “ من قال إنك حجر عثرة ؟”
أصر يو شياومان بعناد : “ أنا قلت ذلك .
لو لم أكن هنا ، لَكُنتما معًا الآن ”
توقف لو جي عن السؤال عن القائل ، وهو يعلم أن هذا ' السمكة الصغيرة 'العنيدة لن تستمع ...
وبعد تفكير : “ حتى لو لم تظهر ، لما كنت سأكون معها "
يو شياومان الذي اكتفى بجوابه ، رمش كم مرة وكأنه لم يفهم ما يعنيه
لو جي مباشرةً : “ أنا أحبك ، وإلا لما كنتُ قد تبعتك
إلى هنا ،
وإلا لما قلت تلك الكلمات القاسية ، مفضلًا إبعادك عني لحمايتك ”
يو شياومان الخجول بطبعه ، أصيب بالإحراج وقفز من بين ذراعي لو جي، ورتب ملابسه المتجعدة ،
وسار إلى الأمام برأس منحني ،
وجنتاه منتفختين قليلاً ، وبدا عليها الغضب ،
لم يكن السبب في عدم رفع رأسه عدم الرغبة في النظر ،
بل لأن وجهه كان شديد الاحمرار وخاف أن يراه أهل القرية ويبدأوا في السخريه منه ،
خشية أن يلحق به لو جي ويحمله مجدداً ، أسرع يو شياومان ووصل إلى الكوخ الخشبي الصغير وهو يلهث ومتعب بحيث لم يستطيع حتى التفكير في الطهي ،
كان سابقاً سمكة تأكل الطحالب والشعاب المرجانية من البحر ، و العيش على اليابسة غير مريح بالنسبة له ،
خصوصًا مع الطهي بالنار المكشوفة ،
{ لولا أن إصابات لو جي لم تلتئم بالكامل…
لا، لا،
لست أُشفق عليه ، بل أنا أطبخ فقط لإشباع معدتي }
بحث يو شياومان حوله ولم يجد ما يفعله ،
وأخيراً شعر بالأسف على الخضروات التي تم شراؤها حديثاً . فقام بطي أكمامه وبدأ العمل ،
تم إعداد موقد بسيط من الطين خارج المنزل ،
الحطب الذي جلبه الأطفال خلال النهار غير رطب فاشتعل بسهولة ،
سخّن القدر ،
وسكب الزيت البارد ،
ثم ألقى قطع الكرنب غير المتساوية ،
مع صوت أزيز ، تطاير الزيت الساخن ،
وكاد يو شياومان أن يُصاب بحروق ،
لحسن الحظ تحرك لو جي بسرعة وسحب يو شياومان إلى أحضانه وتفحص يده بحثاً عن أي حروق
قال يو شياومان إنه لا توجد إصابة ، لكن لو جي لم يصدقه
أمسك بمعصميه بيد واحدة ، وبدأ بفحص كل إصبع بعناية
بعد عدة محاولات للمقاومة ، استسلم يو شياومان و أحنى رأسه ……… انتظر طويلاً دون رد فعل ،
ثم رفع رأسه ونظر إلى الشخص أمامه ،
لو جي يتفحص كل شبر من بشرته بدقة ،
شفتيه مزمومتين ، وتعبيره جاد ،
عيناه العميقتان المركّزتان توحي وكأنه ينظر إلى كنز ثمين ، يخشى أن يصيبه أي ضرر أو ألم ،
— انسابت دمعة
و سقطت الدمعة على يده ، وانسابت على ظهر يده وملأت الفراغ البسيط بين يديهما …..
لم يرغب يو شياومان في البكاء ، لكنه كان حزيناً حقاً
حزين عندما لا يجد من يقدّره ،
حزين عندما يجد من يقدّره ،
حزين عند الفقدان ،
وأكثر حزناً عندما خاف من الفقدان مجدداً ————-
كان لو جي يمثل له كل الأمل ومصدر الألم ————-
لم يعرف ماذا يريد أو ما الذي عليه فعله ليتوقف عن البكاء أمامه ————-
{ لا أبدو كسمكة قوية على الإطلاق …
لا … الآن أنا إنسان ،
لا أبدو كرجل قوي على الإطلاق —— }
عض يو شياومان شفتيه ، محاولاً جاهداً حبس دموعه
شياومان : “ أنا فقط ، فقط أردت سداد جميلك ، لكنك أحسنت إليّ ، وجعلتني أقع في حبك .
وعندما أردت أن أقضي حياتي معك ، تجاهلتني ،
و ابتعدت عني ،
وكنت تريد إبعادي ”
بعد أن عبر عن مشاعره أخيرًا ،
شعر يو شياومان وكأن حملاً قد أُزيح عن صدره ،
وتلاشت معظم مشاعر الغضب المكبوتة ،
وبما أنه بدأ ،
لم يستطع يو شياومان أن يتوقف ،
مسح زوايا عينيه بقوة وقال: “ في النهاية ، قلت لي إن ذلك كان لحمايتي .
هل طلبتُ منك حمايتي ؟
لا أحتاج إلى حمايتك … أحمق ، وغد ، متعجرف ، مغرور !”
استخدم كل كلمة سيئة خطرت على باله ، وبالفعل ، بدا لو جي مذهولًا ، واقفًا أمامه في حالة ذهول للحظات ثم مد يده ليمسح دموع يو شياومان
أدار يو شياومان رأسه ، رافضًا السماح له بلمسه
تبع لو جي حركته ، محاولاً الوصول إلى أي جهة يدير رأسه نحوها
سرعان ما أدرك يو شياومان أنه لا يستطيع مجاراة خفة حركة لو جي، وبعد أن أصابه الدوار من الالتفاف ،
أُمسك أخيرًا بذقنه ، وهو يلهث غاضبًا قائلاً : “جميل أن ساقيك تعافتا ”
لو جي: “ كنت أُفضّل لو لم تلتئم ”
أطراف أصابعه الدافئة مسحت رموش يو شياومان ،
منيرةً نظره ،
لكن يو شياومان نظر إليه بارتباك ، مليئ بالحيرة
مرّرت أصابع لو جي برفق على رموش يو شياومان المبللة بالدموع مجدداً ، ما أثار شعور خفيف بالوخز ،
تماماً كقلبه الذي رقّ بسبب شكاوى يو شياومان ،
الذي بدا غاضب ولكنها مليئة بالمحبة العميقة ….
اقترب لو جي وقبّل زاوية عيني يو شياومان المتوردتين وقال بلطف: “ بهذه الطريقة يمكنك البقاء دائمًا بجانبي "
لم يكن أي منهما جيدًا في الطهي ،
فتحولت محاولتهما لإعداد وجبة إلى فوضى ،
وأهدرا خلالها حبتين من البطاطس ونصف رأس من الكرنب ،
ومع غروب الشمس ،
نجحا أخيرًا في إعداد قدر من الطعام الصالح للأكل ،
كان طعم الطعام لا يوصف ، وقوامه غريب ؛
فالكرنب قاسي يصعب مضغه ،
بينما عصي البطاطس طرية للغاية لدرجة أنها تتفتت عند لمسها ،
حتى يو شياومان الذي لم يكن معتاد على التدقيق في الطعام ، تمكن فقط من تناول بضع لقيمات ثم وضع عيدانه وقرر شراء بعض الطعام المطهو من القرية ،
بدا أن لو جي فهم ما ينوي فعله ، فوقف وقال : “ سأذهب "
أصر يو شياومان: “ سأذهب "
لم يتنازل أي منهما ، وظلا متعثرين عند الباب ، يدفعان بعضهما ، غير قادرين على الخروج
أصدرت عتبة الباب صوت تحت ضغطهما ،
وخوفًا من أن لا يحتمل المنزل الصغير هذا ،
تراجع لو جي، مما أفسح المجال ليو شياومان ليخرج أولاً ،
ثم ذهب لإحضار الحصان ،
متتبعًا يو شياومان عن كثب كما فعل في الأيام السابقة ،
في منتصف الطريق ،
وبسبب قلة لياقته ،
كان يو شياومان يلهث بشدة ،
وعند وصوله إلى الشارع ،
اشترى دجاجة مشوية ، وبما أنه كان قد وصل هناك بالفعل ، قرر الذهاب إلى مدخل القرية
وجد البائعة العجوز التي تبيع الحساء بجانب تمثال ووشن، فانتظر حتى يسخن الحساء ، واستند إلى التمثال ليستريح
في تلك اللحظة القصيرة ، التقى بشكل غير متوقع بمعرفة قديمة
يو مينغلو قد عادت إلى القرية لزيارة أقاربها ،
وفضلت اختيار وقت الغسق لتجنب لفت الأنظار ،
رفعت ستار عربة السيدان ونظرت إلى الخارج ،
فتعرّفت على الهيئة المألوفة من بعيد ،
عندما اقتربت ، لوّحت بمنديلها بحماس وقالت: “ ألم تعد بعد إلى العاصمة مع ذلك الجنرال المُقعد؟”
———————————————————
عند وقت العشاء ،
ذهبوا جميعًا إلى حانة وأخذوا مقاعدهم
كان الجو خارجاً كئيب وبارد ،
ولكن داخل الحانة كان دافئ ومريح ….
بعدما وضعوا الدجاجة المشوية على الطاولة ،
وبينما يو شياومان يهم بصب الحساء ،
قالت يو مينغلو : “ في مكان كهذا ، من يشرب الحساء ؟”
ثم صَفّقت بيديها ونادت على النادل ،
وطلبت إبريقين من النبيذ الدافئ ،
عندما قُدّم النبيذ ، ملأ كل منهم كؤوسهم
رفعت يو مينغلو كأسها بكلتا يديها واعتذرت أولاً للو جي: “ كان الظلام قد حل ولم أرك هناك . تحدثت بلا تفكير .
من فضلك ، كن كريماً وتغاضَى عن وقاحتي ”
منذ زواجها ، لم تعد يو مينغلو كما كانت من قبل ؛ فقد أصبحت أقل تهورًا وأكثر لباقة ،
وببضع كلمات منها خففت الجو المتوتر بعض الشيء ...
لو جي، بالطبع ، لم يكن ليحمل ضغينة تجاهها ، رفع كأسه وقال بهدوء : “ لا بأس ”
تبادل الثلاثة الأحاديث حول الموقد الدافئ ،
وتحدث يو شياومان ويو مينغلو بشكل أساسي عن أمور تتعلق بقرية عائلة يو ، بينما لو جي يستمع على الجانب ،
كان بين الحين والآخر يقدم بعض الطعام ليو شياومان أو يمنعه من الإفراط في الشرب ، محذراً إياه بنظراته ألا يُبالغ
في الواقع لم يكن يو شياومان بحاجة إلى التحذير ؛ فكان لديه قدرة ضعيفة على تحمل الكحول ،
وبرغم حماسه للشرب ،
إلا أنه بعد كوبين احمرّت وجنتاه وبدأ يتحرك بشكل غير مستقر ،
رأت يو مينغلو أن المحادثة لن تستمر ،
فأمرت بإحضار شاي لإزالة الثمالة ،
أمسك لو جي بكتفيه وأعطاه الشاي ليشربه ،
وبعد حوالي نصف ساعة ،
بدأ يو شياومان يستعيد وعيه تدريجياً ،
ومع ذلك ، بدا عليه بعض الشرود ، ينظر إلى لو جي ويضحك
وعندما سُئل عن سبب ضحكه ، هز يو شياومان رأسه رافضًا الإفصاح ، ودَفن وجهه في ذراعيه ،
وعندما رفع رأسه مجدداً ، كانت عيناه الرطبتان ما زالتا تركزان على لو جي ،
وحتى بعد أن زال تأثير الكحول ،
وجهه أكثر احمرار ،
رفعت يو مينغلو كأسها ، شاكرةً لو جي على كتمانه حقيقة أن عائلة يو قد سعت للحصول على عروس بديلة ، وقالت: “ هذه الكأس لأشكرك على كرمك وتسامحك .
لو لم تكن أنت ، لما كنت قد التقيت بزوجي .
مجرد التفكير في زواجه من أخرى يجعلني …
من حقك تماماً أن تتزوج بجميلنا شياومان وأن تُشفى ساقك !”
كانت بداية حديثها عادية ، لكن تعليقها الأخير كان غريب لدرجة أن لو جي شعر بالارتباك لوهلة ،
عند سماع اسمه ، تفاعل يو شياومان بسرعة ،
بدلاً من أن يمسك بكأس النبيذ ، أمسك بذراع يو مينغلو وبدأ يهزها كطفل مدلل ،
يو شياومان: “شياومان يشكر أخته مينغلو ايضاً . لو لم تخترني أختي مينغلو في ذلك الوقت ، لكنتُ … لكنتُ …” لم يكن تماماً في وعيه ، ولم يستطع التعبير بوضوح ، فعض شفته : “ لكنني كنت سأبكي مجدداً ”
بعد تناول الطعام ،
خرجوا ليستنشقوا الهواء النقي ،
كانت يو مينغلو ، الحامل تُساعد على الركوب في كرسي السيدان بمساعدة خادمتين تتعاملان معها بحذر ،
راقب يو شياومان المشهد بدهشة ،
وعندما ابتعد كرسي السيدان عن الأنظار ،
نظر إلى بطنه الصغير ، ضاغطًا عليه بيده ومفكرًا أنه قد زاد وزنه هذا الشتاء بسبب تناوله للطعام الجيد في الآونة الأخيرة ،
أحضر لو جي الحصان ، وكان ينوي مساعدة يو شياومان على الركوب ، لكن يو شياومان تراجع قائلاً أنه أصبح ثقيل ولن يحتمل الحصان وزنه ، وطالب لو جي بالذهاب أولاً
لكن لو جي ببساطة اعتلى الحصان ، وتقدم إلى يو شياومان، مد ذراعه وحمله ، ووضعه أمامه بثبات ، و أحاطه بمعطفه الواسع بإحكام
في غمضة عين ، وجد يو شياومان نفسه على ظهر الحصان ، وقبل أن يتمكن من الكلام ، نقر لو جي اللجام وصاح، “ هيّا ! ” فانطلق الحصان بسرعة ،
الهواء البارد يمر بجانب وجنتيه ،
لكن شياومان لم يشعر بالبرودة بفضل الدفء الذي يشعر به بداخله ،
محاط بين ذراعي لو جي القويتين ،
و بالكاد يشعر بمطبات الطريق ،
عبروا أزقة ضيقة قليلة السكان ،
وشيئاً فشيئاً انفتحت الرؤية وابتعد الضوء عنهم ،
صوت حوافر الحصان يغمره صوت الرياح المتدفقة ،
و يبدو كأنهم يتجهون نحو صوت الأمواج المتلاطمة ، ممزوجًا برائحة الهواء المالح والرطب ،
مما جعل يو شياومان يشعر بالانتعاش ،
———— وصلوا إلى البحر
توقف الحصان ببطء ، نافخًا ومتثاقلًا على حوافره
سحب يو شياومان المعطف ،
فبعثرت الرياح البحرية شعره ،
رفع رأسه ونظر إلى بعض النجوم المتناثرة في السماء الباردة ،
وشعر بانعاش شديد ،
والهواء الذي يتنفسه كان بارد ومنعش ،
تحدث لو جي من خلفه: “ كنت أرغب في إحضارك إلى هنا منذ وقت طويل . لنركب معًا ، وأحتضنك هكذا ”
تنفسه الدافئ دغدغ أذن يو شياومان، الذي شعر بالإحراج وحاول الابتعاد ، لكنه لم يرغب في مغادرة حضنه ،
فأدار رأسه قليلاً قائلاً : “ منذ… منذ متى ؟”
لو جي : “ منذ زمن طويل ، حتى قبل أن أعرف من أنت ”
لم يفهم يو شياومان لماذا أثار لو جي هذا الأمر فجأة ،
ولا كيف يرد ،
بدا وكأن إحضاره إلى هذا المكان الهادئ في هذا الوقت كان مخططًا له ،
لم يستطع سوى أن يكوّر نفسه قليلاً ويجد زاوية يلتف فيها ، و يستمع بإنصات ،
لكن لو جي لم يسمح له بالاختباء ،
مدّ ساقه ،
قفز عن الحصان ،
وأشار إلى يو شياومان لينزل أيضاً ،
بعد تردد لبضع لحظات ، أخذ يو شياومان ذراع لو جي ونزل ، وقدماه لامست الأرض بثبات
سارا بضع خطوات إلى الأمام ووقفا جنباً إلى جنب على شاطئ البحر الطيني ... وبدون أن يترك لــ يو شياومان وقتاً للتفكير ، بدأ لو جي بالكلام
و قال : “عائلة لو وعائلة شين تربطهما علاقة وثيقة منذ أجيال .
شين موشيو وأنا نعتبر بعضنا إخوة منذ الصغر .
لاحقاً ، كان من الطبيعي اتباع ترتيب العائلة وخطبة بعضنا البعض .
في ذلك الوقت ، لم أفهم الفرق بين علاقة الأشقاء وعلاقة الزواج .
حتى قبل ذهابي إلى ساحة المعركة ، كنت أعتقد أن ما عليّ فعله فقط هو أن أعاملها بلطف وأعتني بها ، وكان ذلك كافياً ”
عند سماع اسم شين موشيو ، شعر يو شياومان بألم خافت في قلبه بشكل شبه غريزي ، لكن كلمات لو جي اللاحقة منعت ذلك الشعور المرير من الانتشار
: “ خلال السنوات الثلاث التي قضيتها على الحدود ، نادراً أعود للمنزل .
ومع مرور الوقت ، بدأت أفهم شيئاً عن الحب ، لكنني بقيت متردد .
هي كانت ترغب في الزواج مني ، لذا كنت على استعداد للزواج بها .
كان الجميع يعتقد أننا ثنائي مناسب ، وبالنسبة لي ، كانت هذه الخطبة مسألة مسؤولية أكثر من أي شيء آخر ..
إلى أن قابلتك ، لم أكن أفهم أن المشاعر التي تتحدث عنها الأشعار والكتب — مشاعر الوله المفاجئ والإعجاب —ليست مجرد كلمات فارغة ”
شعر قلب يو شياومان بالاضطراب أيضاً ، ينبض قلبه بشدة وبقوة
: “ و ربما سمعت بما حدث لاحقاً .
أُصبت في ساحة المعركة وفقدت القدرة على استخدام ساقي .
ولتجنب تحميلها عبء إصابتي ، ذهبت إلى القصر وطلبت من الإمبراطور فسخ الخطوبة .
سمعت الكثير من الشائعات حول هذه القضية قبل قدومي إلى هنا . وإلا لما تركتك تسيء الفهم…”
عند هذه النقطة ، ضحك لو جي بمرارة : “ ما فائدة قول هذا الآن ؟
الكلمات كانت منّي . لو أنك لم تصدقها ، لما غادرت أساساً ،
لكن سواءً كنت غاضباً مني أو تلومني ، ما زلت أريدك أن تعرف أن تلك الكلمات لم تكن نابعة من قلبي ”
لم يكن لو جي يجيد التعبير ،
ولم يكن يرغب في استخدام ألمه ومعاناته كعذر ،
في لحظة اتخاذ قراره ، كان له هدف واحد فقط ، متجاهلاً كل شيء آخر ——
لو جي : “ كنت أريدك أن تعيش” ينظر إلى يو شياومان الصامت : “ فقط بالعيش ، نستطيع أن نأمل في مستقبل ونحظى بفرصة لحياة كاملة معاً "
تفرقّت السحب في السماء كاشفة عن ضوء قمر ساحر ،
لكن لم يكن لديهما وقت للاستمتاع به ،
لم يعرف يو شياومان حتى متى ألقى بنفسه في أحضان لو جي
رغم أنهما لم يفترقا لفترة طويلة ،
إلا أنه لم يكن يحتمل البعد ،
تمسك بعنق لو جي بشدة ، يتنفس بصعوبة على كتفه
الشخص الذي كان عادةً بليغاً وجد نفسه اليوم كأنه فقد الكلام —- اكتفى بالتمسك بلو جي بلا حراك ، وعيناه مغمضتان ، ورموشه ترتجف و كأنه يشعر بالخوف
شعر لو جي بالمفاجأة من العناق المفاجئ …..
رفع يده ليمسكه ،
وعندما سمع أنفاس يو شياومان المتقطعة وكأنها بكاء ، ابتسم وأخيراً استرخى
تنهد لو جي قائلاً بأسف ممزوج بالحزن : “ تصرفت بطيش وبدون تفكير ، دائماً أجعلك تبكي .
أنا شخص سيء ، وغبي… كل هذا خطأي ”
عند سماع ذلك ، همس يو شياومان بخجل في كتفه : “ إذاً كيف تنوي تعويضي ؟”
أخذ لو جي كلماته بجدية وهمس في أذنه : “ أعرف أنك ترغب في العودة إلى البحر .
أخبرني كيف أخرج اليوان دان وسأقوم بذلك…”
عندما ذكر لو جي اليوان دان ، توتر قلب يو شياومان
ابتعد من أحضانه ونظر إليه بعينين مملوءتين بالدموع وقال بنبرة صارمة : “ بمجرد أن أعطيته لك ، أصبح ملكك .
لا تفكر أبداً في إعادته !”
تفاجأ لو جي من رد فعل يو شياومان القوي ،
فقبض على كتفيه وقال بجدية : “ لقد اعتدت منذ زمن على عدم القدرة على المشي .
حتى بدون أرجل ، أستطيع العناية بنفسي ولن أكون عبئاً عليك …”
قاطعه يو شياومان : “ من قال إنك عبء ؟
لا أريد رؤيتك محصور في ذلك الكرسي المتحرك .
أريدك أن تكون قادراً على الركض ، القفز ، وركوب الخيل . أريد أن أراك مفعماً بالحياة كما كنت ، وليس…”
{ ليس محبطاً على الدوام ، بأحلامك الغير محققة
ولا متردد ، متخاذل ، غير قادر على الاقتراب مني رغم مرور ليالٍ وأيام لا تُحصى …. }
شياومان : “ قلت إنك تأمل أن أبقى بجانبك .
وأنا أيضاً لا أريد سوى أن أكون معك ”
{ لذا تركت اليوان دان بداخلك ، لأجعله يندمج معك ، كما أنني سأبقى معك دائماً ، دون أن أغيب للحظة }
الأمواج الهائجة اجتاحت الصقيع والثلج ،
وامتد الأفق الواسع بلا نهاية ،
بعد أن انفتحت قلوبهما تماماً وتلاشى آخر حاجز بينهما في مهب الرياح ،
وقف الاثنان على الشاطئ ،
ينظران إلى بعضهما كما لو يحاولان رؤية كل ما في حياة الآخر ،
شعر يو شياومان أن وجهه ازداد احمرار ، فأنزل رأسه ليتجنب نظرة لو جي ،
بعد وقت طويل ، همس لو جي بهدوء : “ خطأي "
تذمر يو شياومان غير محبّذ لسماع اعتذاره : “ من يريد أن يسمعك تقول هذا ؟”
لو جي لا يزال جديد على فهم شؤون القلب ،
ولم يكن بارع بعد في التعامل مع كل موقف بسهولة ،
فسأل بتواضع : “ إذن ماذا تريد أن تسمعني أقول ؟”
أحدهما تجرأ على السؤال ، والآخر تجرأ على الإجابة ….
تشجّع يو شياومان بالظلام الذي أخفى خجله ، ورد بجرأة : “ ألم تقل أنك تأثرت ؟
ألم تقل أنك معجب بي ؟
لماذا لا أرى أيًا من ذلك …”
أدرك لو جي أن إعلانه السابق عن مشاعره كان متسرعًا ولم يعبر حقًا عن أحاسيسه ... فأمسك بذقن يو شياومان بلطف ، ورفعه ، وقبّب زاوية شفتيه : “ أحبك "
ثم قبّل الجانب الآخر : “ أنت وحدك "
شعر يو شياومان بدوار من القبلات ، وازدادت جرأته ، فسأل رغم معرفته بالإجابة : “ من أنا ؟”
لم يتعجل لو جي في الإجابة ، أمسك بوجه يو شياومان بثبات ، ومنعه من الهروب ، واقترب منه أكثر
هذه المرة ، لم يتراجع
و شفتاه ضغطت على شفتَي يو شياومان
و تتحركان بشدة متعمدة ،
عمّق القبلة ، وفتح أسنانه لاستكشاف حلاوة يو شياومان والاستحواذ عليه
ألقت أشعة القمر ظلالهما المتشابكة على الصخور بجوار الشاطئ
أطراف يو شياومان ارتخت ، وكأن روحه تُنتزع ،
في النهاية ، اضطر للتشبث بلو جي ليحافظ على توازنه ،
بعينين مليئة بالدموع ، وشفاه مفتوحة قليلاً ، ورؤية ضبابية ، حواسه تتسمع الكلمات التي تأتيه في الظلام
استغل لو جي الفرصة لتبديد ما قاله يو شياومان عن نفسه من قبل ، معبّرًا عن قلبه بكل وضوح : “ أنت لست عبئ .
أنت شياومان الخاص بي ،
الشخص الذي تراه عيني ،
والشخص الذي في قلبي "
كفه الجاف يحتضن خدّي يو شياومان الناعمين ،
والشعور في صدره - الذي كان يخفي تلك الرسالة الصغيرة - كان دافئ ، بأسماء شخصين من أماكن بعيدة اجتمعا ، عبر الجبال والبحار ليكونا معاً
تابع لو جي : “ يو شياومان هو زوجتي الشرعية ، تزوجنا بين هذه السماء والأرض ”
تعليقات: (0) إضافة تعليق