Ch26
تحدث لين روفي وغو شواندو على ضفة النهر لبعض الوقت.
بعد ان أصبحت السماء مظلمة تمامًا، لم يروا جيانغ تشاو ار يعود بعد. قال غو شواندو إنه وفقًا لتقديراته، فإن رحلة الذهاب والاياب على النهر ستستغرق الليل بأكمله على الأرجح
وستستغرق حتى صباح الغد على الأقل حتى يعود جيانغ تشاو ار.
قال لين روفي: "غدًا صباحًا، ألن يستيقظ جياو الشرير إذن؟"
قال غو شواندو، "ليس بالضرورة".
ولكن بالنظر إلى مهارات جيانغ تشاو ار، كان من الواضح أنه فعل هذا النوع من الأشياء أكثر من مرة أو مرتين، لذلك شعر لين روفي أخيرًا بالارتياح قليلاً. وبعد أن رأى أنه قد تأخر، قرر العودة إلى النزل.
بعد حلول الليل، كان النزل أكثر هدوءًا وكانت القاعات فارغة ولا يوجد أحد.
قاد شياو إر ( الخادم) لين روفي إلى الغرف العلوية. وفي الداخل، قامت فو هوا ويو روي بإعداد الماء المغلي وساعدتاه في الاغتسال.
غيّر لين روفي ملابسه وتحت إلحاح غو شواندو، شرب جرعة من الدواء بمرارة. تجعّد وجهه بالكامل مع الطعم المر وتمتم أنه لم يعد يسعل كثيرًا لذا فلا بأس إذا لم يشرب الدواء.
نظر غو شواندو إليه وظل صامتًا حتى تنهد لين روفي وزحف إلى السرير. رفع الأغطية ولف نفسه بإحكام.
" هل أطفئ الأضواء؟ " قال غو شواندو.
همهم لين روفي موافقًا وغرقت الغرفة في الظلام. تردد صوت الأمواج في أذنيه وكانت الرياح شديدة البرودة، ولم يكن يعرف كيف سيكون الطقس غدًا.
في اليوم التالي، كان المطر خفيفًا.
كان النزل، الذي كان مختلطًا بالأسماك والتنانين¹ يعج بالنشاط في الصباح الباكر. وكانت الردهة مليئة بالحديث والصراخ، وكان هناك حتى أصدقاء يشربون ويلعبون لعبة مورا ² . وعلى الرغم من أنه لا يمكن مقارنته أبدًا بهدوء كونلون، إلا أنه لا يزال هناك بعض الرتابة فيه.
ملاحظة 1: عبارة تعني المحتالون مختلطون بالناس الشرفاء
ملاحظة 2: لعبة تقليدية يمكنكم البحث عنها لأجل معرفة قواعدها
كان سعال لين روفي أفضل بكثير مقارنة ببضع أيام مضت، ومع ذلك، فإنه لا يزال لا ينام جيدًا. جلس ببطء ورأى غو شواندو متكئًا على جانب السرير، ينظر إلى منظر النهر الصباحي. وعندما رآه يستيقظ، ابتسم وقال له صباح الخير.
"صباح الخير." فرك لين روفي عينيه. ولم يكن قد خرج من السرير بعد عندما ساعده غو شواندو في إحضار ملابسه ثم ساعده في التغيير. وبالنظر إلى أفعاله، كان أكثر مهارة من فو هوا ويو روي.
كانت عيون لين روفي الناعسة متراخية، وقبل أن يتمكن من الرد، كانت ملابسه قد ارتديت بالفعل.
"لقد عاد ذلك الصبي." ساعد غو شواندو لين روفي في ربط حزام اليشم الأخير وعلق قائلاً، "لقد عاد عند الفجر، ولقد كان مبكرًا عما توقعته". لم تكن السماء مشرقة عند الفجر خلال هذا الموسم، ولم يستيقظ الجياو الكامن في النهر بعد، لذلك كان من الطبيعي أن يكون أكثر أمانًا في النهار.
"عاد؟" تمتم لين روفي في ارتباك، "من الجيد أنه عاد ..."
عندما رأى غو شواندو هذا المظهر، أراد حقًا أن يضحك. ففي كل مرة يستيقظ فيها لين روفي من نومه، كان يشعر بالارتباك والذهول لفترة من الوقت قبل أن يستيقظ تمامًا. وخلال هذا الوقت كان مطيعًا بشكل لا يقارن. فإذا طلبت منه أن يفعل شيئًا، فسيفعله. في كونلون، كان يرمي بعض نوبات الغضب ويرفض شرب الدواء. ولكن في النهاية، كان أشقاؤه الأكبر سناً يستغلونه عندما يستيقظ ويقنعونه بشرب الدواء. وبالطبع، بعد ان يشرب الدواء، سيصحو لين روفي أخيرًا. كان دواء السعال مرًا وبغض النظر عمن سيشربه، فإن وجهه سيتجعد حتمًا بسبب المرارة.
بعد الاغتسال، صفا وعي لين روفي تدريجيًا. وبقي في الغرفة وتناول الإفطار الذي أحضرته خادماته. حاليًا، كان يجري مناقشة مع غو شواندو "إذن هل تعتقد أنه يمكننا أخذ قارب ذلك الرجل الصغير لعبور النهر؟"
قال غو شواندو "بالطبع يمكننا ذلك، فقط لأن الرب لا يستطيع التحكم في الأمر لا يعني أنه يجب أن نتعرض للتنمر من قبل جياو صغير".
قال لين روفي، "جياو صغير؟"
قال غو شواندو "ينضج الجياو بعد ألف عام. وبعد ان حسبت وجدت انه يبلغ من العمر ستمائة عام فقط، لذا فهو جياو صغير".
فكر لين روفي في نفسه، "ستمائة عام" وكلمة "جياو صغير" لا يبدو أنهما يتوافقان.
"سيتوقف المطر في فترة ما بعد الظهر. لذا يمكننا المغادرة الليلة". مضغ غو شواندو الطعام من النزل. ولم يعجبه حقًا، "هذا النزل مليء بالأسماك والتنانين، انه مزعج للغاية".
قال لين روفي "حسنًا".
بعد أن أنهى إفطاره، نزل الدرج باتجاه بهو النزل. وقبل أن يصل، سمع صوت جيانغ تشاو ار النشط. كان المراهق الصغير يشرب من قرع النبيذ المملوء حديثًا بينما كان يرقص ويخبر الحشد أنه كاد يموت في النهر الليلة الماضية. فلقد رأى بشكل غامض جياو سيئ المزاج، لكن لحسن الحظ لم ير جياو هذا الروبيان، لذلك غرق مرة أخرى في الماء لينام.
ملاحظة: الروبيان يشير إلى تشاو ار
بدأ الأشخاص الذين كانوا يستمعون بالضحك، قائلين، "جيانغ تشاو ار، يجب أن تتوقف عن الشرب، أنت بالفعل تثرثر بالهراء. فمن يجرؤ على عبور النهر ليلاً، ان تباهيك مبالغ فيه للغاية".
على الرغم من أن الناس سخروا من جيانغ تشاو ار، إلا أنه لم ينزعج على الإطلاق. بدلاً من ذلك، ضحك وغير الموضوع. عندما رأى لين روفي ينزل من الدرج، أضاءت عيناه السوداوان، وبصوت حلو، صاح: "لين غونغزي--"
ابتسم لين روفي، "تشرب مبكرًا جدًا؟"
قال جيانغ تشاو ار، "لم أنم جيدًا الليلة الماضية، لذا لدي بعض النبيذ خلال النهار لأنعش نفسي." تثاءب، "هل قرر غونغزي متى يعبر النهر؟"
قال لين روفي، "الليلة."
"ماذا؟" اعتقد جيانغ تشاو ار أنه سمع خطأ.
قال لين روفي بصوت دافئ، "قلت إننا سنعبر النهر الليلة ونأخذ قاربك."
عندما خرجت هذه الكلمات، ساد الصمت في النزل بأكمله. ونظر الجميع إلى لين روفي بعيون غير مصدقة، وكانوا جميعهم يحملون تعبير "أي نوع من الدواء الخاطئ قد تناوله هذا الغونغزي" على وجوههم, حتى جيانغ تشاو ار بنفسه نظر إليه باستغراب.
تلعثم، "جونغ-غونغزي، ماذا قلت؟" اعتقد أنه سمع خطأً.
ثم كرر لين روفي ما قاله مرة أخرى.
بعد سماع هذا، انفجر جيانغ تشاو ار ضاحكًا وقفز على لين روفي مثل قرد بري. كان يقفز لأعلى ولأسفل وكان متحمسًا للغاية لدرجة أنه كاد يسكب النبيذ. حدق في لين روفي وقال بصوت عالٍ: "غونغزي، أنت لا تمزح؟"
قال لين روفي، "أنا لا أطلق نكاتًا غير مثيرة للاهتمام أبدًا".
عوى جيانغ تشاو بحماس، ولولا فو هوا ويو روي، لكان قد عانق لين روفي ودار به.
ملاحظة: بالنسبة لأولئك الذين قد يرتبكون سبب كون الاسم في بعض الأحيان هو جيانغ تشاو ار وفي بعض الأحيان هو جيانغ تشاو فإن -ار في النهاية هو نوع من اللغة المحلية لذلك فهو لا يغير الاسم ^-^، وفي بعض الأحيان يمكن استخدام -ار كوسيلة للتودد أيضًا.
بدا جميع الأشخاص في النزل وكأنهم قد رأوا شبحًا، حتى أن بعض الأشخاص الطيبين وقفوا لينصحوا لين روفي "غونغزي يجب ألا تستمع إلى هراء هذا الطفل. فهو لا ينزل الى النهر أبدًا، وإذا ذهبت على قاربه، فأن هذا مثل دخول أبواب الجحيم!"
بينما استمع لين روفي إلى هذه الكلمات، ابتسم ببساطة ولم يستجب لنصيحتهم. وفي اثناء هذا غضب شخصاً ما كان يراقب الموقف قليلاً من بعيد. وبينما كان على وشك فتح فمه ويقول شيئًا عدوانيًا للين روفي , رأى وميضًا من الضوء الأبيض أمام عينيه. وبعد أن عاد إلى رشده، انقسمت الطاولة الخشبية أمامه إلى نصفين.
"انتبهوا لما تقولونه جميعاً." هددت فو هوا، التي كانت صامتة خلف لين روفي، بصوت بارد.
كان جيانغ تشاو ارغير مبال. فلقد كان لا يزال يبتسم بمرح وقال إنه تحقق من الطقس. ولن يكون هناك مطر هذا المساء، لذلك سيأخذ لين روفي لعبور النهر. ومع ذلك، لن يتمكنوا من أخذ العربة، ولكن إذ استطاعوا تفكيك أي شيء ثمين داخل العربة فسيكون ذلك جيدًا وأيضًا إذا تمكنوا من بيع الحصان.
قال لين روفي أنه لا توجد حاجة. فأن الحصانيّن روحانيين للغاية ويمكن إطلاق سراحهما اليوم. وبعد بضعة أيام، سيعودان إلى كونلون بمفردهما.
عندما سمع جيانغ تشاو ار كلمة "كونلون"، تغير تعبيره قليلاً وتقلصت ابتسامته الكبيرة، "هل الغونغزي... هو خالد منفي من كونلون؟"
قال لين روفي، "أنا لست كذلك". وأشار إلى فو هوا ويو روي اللتان كانتا تقفان بجانبه، "بل هما ".
توسعت عينا جيانغ تشاو ار. فعلى الرغم من أن لين روفي قال إنه ليس خالدًا منفيًا، لكن كونه قادرًا على جعل الخالدتين المنفيتين خادمات له، فلا بد أن هذا الغونغزي قوي جدًا.
"على الرغم من أنهما خالدتان منفيتان، فإن عبور هذا النهر لا يزال يعتمد عليك." قال لين روفي، "هل تعتقد أن الليلة على ما يرام؟"
ملاحظة: قد لا يكون ذلك منطقيًا، لكن الخالدين المنفيين هم مجرد خالدين يعيشون في عالم البشر. لأنهم ليسوا في عالم السماء، يسميهم الناس "منفيين" آمل أن يكون ذلك منطقيًا
" إنها على ما يرام، إنها على ما يرام." كان جيانغ تشاو ار متحمسًا.
سرعان ما تم تسوية الأمر واتفق لين روفي وجيانج تشاو ار على الوقت والسعر. ومن ثم تم تحديد الوقت والذي سيكون في حوالي منتصف الليل , أما بالنسبة للسعر، فقد أخرج لين روفي قطعة من الذهب المكسور من كمه. وقال إنه طالما تمكنوا من العبور، فهذه هي أموال المكافأة لجيانغ تشاو ار. كان جيانغ تشاو ار سعيدًا للغاية لدرجة أن وجهه قد تحول إلى اللون الأحمر. وبعد بضع رشفات أخرى من النبيذ، قال إنه سيستريح لمدة نصف يوم وفي الليل، سيأتي للعثور على لين روفي. وبعد الانتهاء من كلماته، غادر أخيرًا على مضض.
بعد أن أظهرت فو هوا مهاراتها، لم يجرؤ أحد في النزل على الإساءة إلى لين روفي مرة أخرى. حتى في المكان الذي جلس فيه، لم يكن هناك أحد حوله.
شرب لين روفي كوبًا من الشاي ثم دعاه غو شواندو إلى الخارج.
في هذا الوقت كانت السماء لا تزال تمطر وطبقة من الضباب الكثيف ترتفع على النهر. تحت الضباب كان النهر المضطرب. لقد كان النهر خافتًا ويمكن رؤية ظلال داكنة ضخمة تحوم وتسبح، مما جعل الناس الذين يشاهدون يرتجفون خوفًا.
"لن تكون الليلة آمنة . لذا عندما يحدث شيئاً ما، لا تستخدم يديك للصد." خلع غو شواندو غو يو الذي كان معلقًا على خصره وسلمه إلى لين روفي، "فقط استخدم غو يو."
قال لين روفي، "هل هذا مناسب؟"
"لا يوجد شيء غير مناسب." قال غو شواندو بتكاسل، "أردت أيضًا أن أعطيك شوانغ جيانغ، لكن..."
سأل لين روفي، "لكن ماذا؟"
لم يقل غو شواندو أي شيء وسلم شوانغ جيانغ إلى لين روفي ببساطة. مد لين روفي يده بفضول ليمسك به وكاد ان يكسر ظهره. لحسن الحظ، ساعده غو شواندو حتى لا يسقط، لكنه لم يستطع إلا أن يتعجب عندما وقف، "إنه ثقيل".
"على الرغم من أن شوانغ جيانغ صغير، إلا أنه في النهاية لا يزال وزنه ثلاثة عشر رطلاً." ضحك غو شواندو وقال، "تعليق سيف يزن ثلاثة عشر رطلاً على الخصر..." قبل أن يتمكن من إنهاء جملته، أصدر شوانغ جيانغ الذي كان حاليًا في يدي لين روفي, صوت طنين غير سار. كان الأمر كما لو كان يوبخ غو شواندو لوصفه بأنه ثقيل.
أمسك غو شواندو بـ شوانغ جيانغ وقال بصوت دافئ: " غو يو مناسب لك الآن."
أمسك لين روفي بـ غو يو . لسبب ما، كان متوترًا بعض الشيء، وبقوة طفيفة على يده اليمنى، سحب شفرة غو يو البيضاء الثلجية من غمده.
كان لون غو يو أسود. و كان طوله ثلاثة أقدام وسبع بوصات ووزنه حوالي ثمانية أرطال وسبعة تايل. تم نقش النصل بعدة خطوط أفقية عميقة وحتى لو لم يكن لين روفي يفهم بالسيوف، فقد كان يعلم أنه يجب أن يكون سيفًا جيدًا. فحقيقة أنه كان من السهل سحبه تعني أيضًا أن غو يو قد اعترف به. كان قلب لين روفي مسرورًا ومد يده لتنظيف النصل - وشعر ببرودة المعدن. طن غو يو وارتجف ردًا على ذلك.
حدق لين روفي برفق في السيف في يده لفترة طويلة وعندما نظر إلى الأعلى مرة أخرى، لاحظ أن غو شواندو أظهر أيضًا نفس التعبير. لقد كان ينظر إلى السيف وكان غو شواندو ينظر إليه.
"دعنا نعد. فالجو بارد بالخارج، وايضاً حتى لا تصاب بنزلة برد مرة أخرى." قال غو شواندو بهدوء.
ابتسم لين روفي "حسنًا، دعنا نعد "
فجأة كان لديه سيف إضافي على خصره وكان قلقًا من أن تسأله فو هوا و يو روي. لكن الخادمتين كانتا مدركتين لذاتهما تمامًا ولم تظهرا أي شيء مختلف من البداية إلى النهاية. وهذا جعل من لين روفي مرتاحاً، فلم يكن عليه التفكير في كيفية الشرح.
توقف المطر في فترة ما بعد الظهر، لكن السماء كانت لا تزال غائمة وغير صافية.
قامت فو هوا بتعبئة الأشياء التي كانت في العربة وسألت لين روفي بتردد عما إذا كان يعتزم حقًا عبور النهر مع جيانغ تشاو، ذلك الرجل الصغير. بعد الحصول على إجابة إيجابية من لين روفي، أطلقت تنهيدة. وعضت شفتها السفلية وأظهرت نظرة من الضيق.
خمن لين روفي تقريبًا ما كانت تفكر فيه وربت على رأسها برفق لتخفيف ذعرها: "لا تقلقي، إن جيانغ تشاو ار بحار عظيم"".
قالت فو هوا: ""لكنه لا يزال صغيرًا جدًا...""
ضحك لين روفي: ""إنه في الرابعة عشرة من عمره هذا العام، لذا أنتِ لست أكبر منه كثيرًا "
تمتمت فو هوا: ""هذا ليس نفس الشيء "".
""إنه نفس الشيء، فقد يكون نحيفًا، لكنه موثوق به تمامًا"" قال لين روفي: ""لقد رأيته يعبر نهر كانجلان بمفرده الليلة الماضية ولم يعد إلا هذا الصباح""
"حقا؟" فوجئت فو هوا.
قال لين روفي، " اجل ".
بكلماته هذا شعرت فو هوا بالراحة قليلا, ومع ذلك، كانت لا تزال قلقة بعض الشيء. فلقد كانت تمشي ذهابًا وإيابًا حول الممر بتعبير بارد.
أولئك الذين يعرفوها، عرفوا أنها كانت متوترة. وأولئك الذين لم يعرفوها، سيعتقدون أنها كانت غاضبة.
كان الليل يقترب . وكان لين روفي قد انتهى للتو من عشاءه عندما اندفع جيانغ تشاو ار، الذي كان يحمل قرع النبيذ الخاص به، إلى النزل في لهيب من المجد ونادى على لين روفي بابتسامة، "لين غونغزي--"
قال لين روفي، "أنت هنا؟"
"أنا هنا، أنا هنا." مسح جيانغ تشاو ار وجهه، "بعد أن آكل شيئًا، سنغادر."
بينما قال هذا، طلب من شياو إر بعض الكعك المطهو على البخار ثم شرع في التهامها بشكل نظيف مع الشاي. نفث الفتات من يديه ثم لوح للين روفي، مشيرًا له أن يتبعه.
عندما كان الاثنان يتحدثان، لم يقل الناس في النزل شيئًا، لكن معظمهم كان لديهم نظرات استهزاء على وجوههم. حتى أن بعضهم كان يضحك ويشمت. من الواضح أنهم اعتقدوا أن لين روفي، هذا الغونغزي-جي، لديه ماء في دماغه. فلقد وثق في الواقع بجيانغ تشاو، الصبي نصف الناضج الذي لم يكن حتى مشعرًا.
تجاه هذا النوع من الأشياء، كان لين روفي دائمًا كسولًا جدًا للشرح. مع فو هوا ويو روي في العربة تبعوا جيانغ تشاو خارج النزل.
خارج النزل، كان هناك مسار مرصوف بالحجارة. وبعد اتباع المسار، سيصلون إلى النهر وعلى ضفة النهر، يوجد رصيف بسيط. كان الرصيف به الكثير من الحبال المربوطة بعدد من القوارب. كانت هناك قوارب كبيرة جميلة، ولكن أيضًا قوارب صيد صغيرة مثل قارب جيانغ تشاو.
ربما لأنه شعر أن قاربه ليس جميلًا جدًا، شعر جيانغ تشاو بالحرج قليلاً وقال، "القارب صغير، آمل ألا يمانع غونغزي."
وجد لين روفي القارب مثيرًا للاهتمام وابتسم، "منذ متى تم استخدام هذا القارب؟"
"لقد تم توريثه من أسلافي، وكان محظوظًا. فلم ينقلب أبدًا." عندما قال جيانغ تشاو هذا، انخفضت عيناه في يأس وتمتم بصوت صغير، "لو كان والدي قد استخدم هذا القارب، فربما لم يكن عليه ..." توقف مؤقتًا ثم ابتسم مرة أخرى، "لا داعي للقلق بشأن كونه بدائيًا. فأنا أقوم بإصلاحه كثيرًا. إنه يعمل بشكل جيد للغاية!"
كان القارب صغيرًا جدًا بالفعل وكانت المقصورة بالكاد تستوعب ثلاثة أشخاص. سمح لين روفي لـ فو هوا ويو روي بالبقاء في الداخل. وقرر الجلوس على السطح وشاهد جيانغ تشاو ار يطلق الحبل بمهارة قبل التمسك بالمجاديف.
تم إطلاق الحبال ودخل القارب المتمايل النهر. جلس غو شواندو مقابل لين روفي. وانحنى جانبيًا ومرر يديه عبر مياه النهر الصفراء الخافتة.
"غونغزي، إنه عاصف وهائج على النهر لذا يجب أن تجلس بثبات." اظهر جيانغ تشاو ار ابتسامة مشرقة وأطلق صرخة طويلة، "مغادرة النهر——" بينما قال هذا، أرجح المجاديف في يده. وتبع القارب المياه المضطربة واتجه مباشرة نحو قلب النهر.
على شاطئ النزل، وقف العديد من الناس يراقبون. وعندما رأوا قارب جيانغ تشاو ار يغادر الرصيف ويدخل نهر كانجلان، اندهش العديد من الناس وذهلوا.
حتى الآن، اعتبر الجميع كلمات جيانغ تشاو ار على أنها مزحة. ولكن الآن بعد أن دخل القارب النهر وكان جيانغ تشاو ار يهز المجداف، استيقظ الحشد فجأة. فلقد كان الطفل جادًا بالفعل.
كانت رياح النهر قوية مما جعلت شعر لين روفي الأسود يطير وكميه يتأرجحان. تمايل القارب تحته في النهر، كما لو كان في اللحظة التالية سينقلب بسبب الأمواج الكبيرة. وقف جيانغ تشاو ار في مقدمة القارب . تناثرت مياه النهر وغمرت حاشية قميصه، لكن وجه الشاب كان لا يزال مغلفاً بابتسامة مبالغ فيها. شرب كمية من النبيذ من القرع بين ذراعيه وقال: "سيدي الشاب، انتبه - سنستدير -" بينما قال ذلك، رفع الشراع بعنف وضبط اتجاه القارب.
هبت الرياح على القارب وانعطف حول الزاوية، متجنبًا الصخور الصخرية المخفية تحته. بالنسبة للين روفي كان عبور النهر تجربة جديدة، كما انه وجدها مثيرة للاهتمام بشكل خاص وهو يراقبها باهتمام شديد.
صرخ جيانغ تشاو ار: "غونغزي، تمسك جيدًا!"
ضربت موجة عنيفة أخرى القارب وأصدر صريرًا مؤلمًا. أمسك لين روفي الصاري ونظر إلى النهر وهو يصفر على كلا الجانبين. رفع صوته: "كم مرة عدت ذهابًا وإيابًا؟"
ضحك جيانغ تشاو ار: "لا أتذكر- فبعد وفاة والدي، كنت الوحيد المتبقي في العائلة. لذا اعتقدت أن حرفة عائلتي لا يمكن دفنها بهذه الطريقة، لذلك أردت أن أكون بحاراَ . لكن لسوء الحظ، أنا شاب ونحيف، لذلك لا يصدقني الكثير من العملاء!"
لقد كان هذا منطقيًا. فبالمقارنة مع غيره من رجال القوارب الأقوياء، فإن مظهر جيانغ تشاو ار جعل من الصعب على الناس تصديقه. بالإضافة إلى ذلك، كان نهر كانجلان خطيرًا، وأي من رجال القوارب يجرؤ على المزاح بحياته الخاصة؟
"لكن لا يهم، عندما أكبر، سأكون أقوى رجل قوارب هنا. وإذا أراد غونغزي ركوب قارب، فاليأتي إلي، فأنا أعدك بإيصالك بأمان إلى وجهتك-" لم تكن وحشية هذا المراهق مزعجة له. ابتسم جيانغ تشاو ار بصراحة واستخدم نبرة طفولية أثناء نطقه لأعنف الكلمات.
شاركه لين روفي ابتسامته وضحك معه.
"بعد هذا المنعطف الكبير، ستكون المنطقة التي يتواجد فيها جياو الشرير." مد جيانغ تشاو ار يده ومسح حفنة من الماء من على وجهه. صاح إلى حد إجهاده، "هناك المزيد من الجزر الصغيرة والدوامات. غونغزي من الأفضل أن تجلس، كن حذرًا حتى لا تنزلق في الماء!"
كان كلا جانبي النهر شديدي الانحدار مثل الوديان. فعندما عبر الناس النهر، بدا الأمر وكأنهم ذباب مايو في السماء. تبع الذباب النهر، وانعطف حول الزاوية على منعطف شديد الانحدار، قبل أن يختفي في عيون حشد النزل.
كانت السماء مظلمة للغاية ولم يعد بإمكان الحشد رؤية جيانغ تشاو بوضوح. ومع ذلك، ما زال بإمكانهم رؤية قارب صغير يتمايل في اتجاه مجرى النهر. كان النهر سريعًا، لكنه لم يستطع قلب القارب. خفض البحار الذي وبخ جيانغ تشاو من قبل رأسه وبصق على الأرض: "لابد من ان هذا الصبي يضحك مرة أخرى". بعد أن قال هذا، لم يستطع إلا أن يكشف عن ابتسامة أيضًا.
بعد المنعطف الكبير في الوادي، تغير المشهد على كلا الجانبين تدريجيًا. وقفت أشجار الصنوبر والسرو على جدران المنحدرات شديدة الانحدار، وزينت الصخور الصفراء العارية باللون الأخضر. كانت الطيور تغرد والقرود تصرخ ومع ذلك، كان صوت النهر الذي يتدفق تحت أقدامهم هو الاعلى.
"سوف يستغرق الأمر ثلاث ساعات على الأقل للوصول إلى هناك والعودة. ان المغادرة سريعة جدًا، لكن العودة مزعجة." رأى جيانغ تشاو ار أن لين روفي كان مليئًا بالفضول، لذا بدأ في تقديم نهر كانجلان، "لكن الشيء الجيد هو أنه في الصباح الباكر، ستهب رياح النهر جنوبًا. لذا أركب رياح الجنوب عائدًا. إنها ليست مرهقة للغاية، لكنني بحاجة إلى إيلاء المزيد من الاهتمام."
قال لين روفي، "هل واجهت جياو الشرير من قبل؟"
"آه. لقد أدركت منذ فترة طويلة. غالبًا ما يخرج جياو أثناء النهار لأكل الناس، ولكن عندما يأتي الليل، لا يوجد الكثير من الحركة. لم أواجهه أبدًا أثناء عبوري الليلي، ولكن عندما يأتي الصباح الباكر، أحتاج إلى توخي الحذر." ضحك جيانغ تشاو ار، "لا يجرؤ الكثير من الناس على العبور في الليل... خاصة عندما يبدأ النهر في الهياج، فيكون الأمر صعبًا تقريبًا مثل جياو."
كان النهر مضطربًا في الليل ولم يكن المنظر جيدًا. ما لم يكن ضروريًا تمامًا، لم يكن أحد يعبر النهر في الليل تقريبًا. كان ذلك أيضًا عندما اغتنم جيانغ تشاو، هذا الصبي الجريء الذي لا يعرف الخوف، الفرصة للذهاب ذهابًا وإيابًا، وحفظ النهر بالكامل.
تقدم القارب لبعض الوقت وبدا أنه مر بأخطر موقف. أطلق جيانغ تشاو البوق في مزاج جيد. ومع ذلك، وقف غو شواندو، الذي كان يجلس مقابل لين روفي وكان يراقب المناظر الجبلية براحة، فجأة وأعطى تسك وكأنه غير راضٍ.
"ايها الكبير؟" أدرك لين روفي شيئًا بحساسية.
كما كان متوقعًا، قال غو شواندو، "ها هو قادم".
بدأت المنحدرات الأصلية للنهر فجأة في الغرغرة والتفقع وعندما رأى جيانغ تشاو هذا المنظر، تغير وجهه بشكل كبير ونظر إلى جانب القارب في رعب.
على الرغم من أن السماء كانت مظلمة للغاية، إلا أنهم تمكنوا من رؤية ظل ضخم يتحرك ببطء تحت الماء قبل أن يلف القارب بالكامل.
كما لاحظت الفتاتان اللتان كانتا في المقصورة، فو هوا ويو روي، شيئًا ما ورفعتا أيديهما لرفع الستار.
"كيف، كيف؟!" كان جيانغ تشاو ار مليئًا باليأس. شاهد الظلال حول القارب ترتفع تدريجيًا إلى السطح وارتجف صوته، "ألا ينام في الليل، كيف يمكن أن يكون-"
أصبحت الظلال أكثر وضوحًا، وحتى الزعانف الظهرية المرتفعة بدأت في الظهور على السطح. كانت الزعانف الظهرية مليئة بقشور سوداء ضيقة وأشواك عظمية حادة. دون الحاجة إلى التخمين، كان من الواضح من هو صاحب الظل.
دائرة بعد دائرة، أحاطت الظلال ببطء بالقارب المتهالك. تلا ذلك هسهسة طويلة، هدر الماء وارتفع جسم ضخم ببطء من النهر، حاملاً معه شعورًا بالقمع الذي غطى السماء بأكملها. فوق الجسد العملاق، ظهر زوج من العيون الضيقة الطويلة والتي ينبعث منها توهج مصفر حيث بدت تلك العيون المنتصبة شريرة بشكل لا يقارن.
في تلك الليلة، كان جياو الشرير يختبئ في النهر، ولم ينم حقًا. جلس جيانغ تشاو ار على أرضية القارب مذهولًا بينما كانت عيناه تحدقان في الوحش أمامه.
بالمقارنة مع جياو الشرير، لم يكن قاربه بحجم إصبعه. بدا الأمر وكأن القارب الخشبي سوف يتحطم بسهولة إلى عدة قطع بنفس واحد.
"غونغزي...غونغزي، أسرع واهرب..." لم يكن يعرف متى استجمع شجاعته، لكن جيانغ تشاو ار أمسك بالمجداف. كان جسده يرتجف وهو يشد على أسنانه ويقف. بسرعة، اندفع أمام لين روفي، وحجبه عن الأنظار، وقال بصوت مرتجف، "دع خادماتك يأخذونك بسرعة ويهربون. أنا، سأوقفه."
استقرت يد برفق على كتف جيانغ تشاو ار. استدار ورأى الغونغزي الذي تحدث عنه للتو. كان وجه الغونغزي لا يزال مبتسمًا، ولم تكن الابتسامة مصطنعة على الإطلاق. بدلاً من ذلك، بدت ابتسامته مريحة وهو يتحدث ببطء: "اذهب أولاً واختبئ معهم".
تجمد جيانغ تشاو ار.
ثم قال الغونغزي جملة لجيانغ تشاو ار لن ينساها أبدًا، "اذهب. لا تقف بالخارج، خشية أن ينقع ماء النهر جسمك لاحقًا".
كان الغونغزي... قلقًا بشأن تبليله؟ كان جيانغ تشاو ار غارقًا في تفكيره. وكأنما ردًا على أفكاره، فتح الجياو الشرير الضخم أمامه فمه فجأة وأصدر هسهسة عنيفة. حملت الرياح رائحة مريبة وضربت وجهه حتى أنه ألقى نظرة خاطفة على فم الجياو، الذي كان مليئًا بصفوف من الأسنان الحادة الدقيقة... إذا عضته حقًا، فسيكون ذلك مؤلمًا للغاية... كانت هذه آخر فكرة لجيانغ تشور قبل أن يغمى عليه.
تقدم غو شواندو للأمام ووقف أمام لين روفي, وبينما كان يواجه الرياح السمكية القادمة قام بقرص أنفه بيده بحزن شديد, حتى أنه مد يده لتهوئة الهواء، واشتكى باشمئزاز: "توقف عن الصراخ، لديك رائحة كريهة في أنفاسك."
عندما خرجت الكلمات، رأى لين روفي أنه على وجه جياو الشرير، ظهر تعبير عن الظلم.
المؤلف لديه ما يقوله
غو شواندو: هل سيقوم شياو جيو بتعطيري عمداَ
فكر لين روفي لبعض الوقت قبل ان يعطي غو شواندو كعكتين كبيرتين من الثوم والكراث
غو شواندو ……….
تعليقات: (0) إضافة تعليق