Ch2
كان فناء لين روفي كبير ومحاط بأسوار خشبية،
كما أنه كان موطناً للعديد من الأشجار
والنباتات المثمرة ايضاً، كما لو كان الربيع.
التربة السوداء كانت مغطاة بالعشب الاخضر،
وعندما تخطو فوقها، ستشعر وكأنك تسير فوق سجادة ناعمة.
و في وسط الفناء كان هناك مختلف الأشجار المزهرة، كالكمثرى،
وكانوا جميعهم في إزهارً كامل. كان منظراً حيوياً للغاية.
ومع ذلك، في زاوية منفردة، وقفت شجرة خوخ وبرزت بشكل يختلف عن الآخرين،
حيث كانت الشجرة بالكاد أطول من الشخص العادي، وكانت أغصانها رقيقةً وجافة،
وفقط برعم صغير قد تدلى من تلك الشجرة التي لم تزهر بعد مما يجعلها تبدو خاملة بشكل خاص،
وضع لين بيان يو لين روفي على الأرض، واتجه مباشرة نحو شجرة الخوخ تلك،
وقف أمامها وحدق بالشجرة الهشة وتنهد
" لما لا تنمو ؟ … "
مد يده وداعب جذع الشجرة الخشن لقليل من الوقت، ومجدداً هو قد تنهد بنبرة كانت أشبه بملاطفة طفل،
" حسناً، حسناً، ان لم تتمكني من النمو، فعلى الأقل، لديكِ برعم الآن، فمقارنة بالماضي، انتِ قد اصبحتِ اقوى "
بذور شجرة الخوخ هذه؛ قد تم جلبها من سفح الجبل بواسطة لين روفي منذ عدة سنوات، عندما لا يزال مراهقاً، لكن الوقت يمضي وهو الآن قد أصبح شاباً، ولكن لا تزال شجرة
الخوخ صغيرة ورفيعة لدرجة انه حتى نفحة من الهواء يمكن أن تهز الشجرة الفقيرة هذه،
بعد ان قال ذلك، تذكر لين روفي شيئاً، وبسرعه نظر الى الجانب
حيث يقف لين بيان يو " اخي الثاني، لا تجرؤ حتى على تغيير شجرة الخوخ الخاصة بي "
لين روفي استطاع معرفة نوايا أخيه الثاني، ولين بياو يو
لم يكن متفاجئاً بدوره " شجرة الخوخ هذه، لا يمكنها حتى أن تنمو، او ليس من الافضل لو قمنا بتغييرها ؟ "
قال لين روفي " ليس كل شيء يمكن تغييره "
ضحك لين بيان يو " ما أعرفه فقط، هو انه اي شيء يجعلك غير سعيد فهو شيء غير جيد "
بدا لين روفي عاجزا، وعلم أن معظم أسبابه قد تكون بلا معنى بالنسبة لأخيه،
فعلى الرغم من ان لين بيان يو يبدو وكأنه يملك شخصية معتدلة،
إلا أنه في الواقع الأكثر عناداً من بين الأربعة منهم،
ولذلك كان عليه ان ان يكرر مراراً وتكراراً بأنه يحب شجرة الخوخ هذه,
ويخبرأخيه الثاني بأن لا يلمسها مجدداً،
اومئ لين بيان يو بخفه وشعر لين روفي بالاطمئنان اخيراً.
..
كان هناك دائماً شخصاً مسؤول عن تنظيف الفناء حتى لو كان لين روفي غير موجود،
ولهذا السبب لا يزال المكان أنيقاً ومرتباً كما كان عندما غادر.
ذهب لين روفي الى الدور العلوي واخبر اخيه الثاني ان يذهب الى عمله،
وقبل أن يغادر لين بيان يو، قال بأن هنالك بعض الغرباء في الخارج،
وان كان لين روفي لا يعجبه الأمر فسيكلف احداً ما لارسالهم خارج الجبل،
كان لين روفي مشوشاً، ولم يشعر بأنه بحاجة لفعل ذلك،
وعندما شاهد لين بيان يو التعابير التي على وجهه علم بأنها صادقة وليست مزيفة،
ولذلك لم يقل أي شيء،
ومن ثم التفت الى الخلف وغادر، ولكن وجهه قد أظلم وبدا غير سعيد،
في اللحظة التي خرج فيها من الفناء تمتم بداخله " هل هذه هي طريقتي في تدليله؟ "
في الوقت الذي غادرت فيه الكلمات فمه، عبر النسيم من خلال خديه،
وتشوه المنظر الذي حوله للحظة، كما لو ان النيران قد أحرقته،
وظهر رجل يرتدي ملابس بلون البازلت فجأة الى جانبه،
و من النظر الى مظهره العام، كان هو ولين بيان يو لديهم بعض أوجه التشابه،
إلا أن الرجل كان يملك تفاصيل أكثر برودة وقسوة، وعيناه السوداويتين كانتا باردتان كالصقيع،
لون البازلت :
" هذه هي طبيعة شياو جيو " قال الرجل" ومن في العائلة لا يريده أن يكون سلفاً صغيراً عنيداً ومتعجرف "
( ملاحظة) شياو جيو ( هو لقب لين روفي ) ويعني الثوم/ الكراث المعمر
" ولماذا اذن هو ليس كذلك " قال لين بيان يو ببرود
كانت عائلة لين احترازية للغاية، فبصفته الابن الأصغر لعائلة لين،
كان لين روفي الأكثر تفضيلاً، فحتى لو كان عاجزاً ولا يستطيع استخدام السيف،
الا ان كل ما يراه ويستخدمه هو الافضل.
في الحقيقة كان يجب أن يكبر ليصبح شقياً بطبيعته الخالية من الهموم
ولكن بدلاً من ذلك اصبح الان غير مكترث، فقط عندما نظر لين بيان يو
الى اخيه لين روفي شعر وكأن قلبه قد تحطم، وبالتالي ادى ذلك الى تصاعد الغضب الذي لا يمكن تفسيره بداخله.
رفع الرجل الاخر حاجبيه وقال " التنين ينجب تسعة ابناء،
وكل واحد يختلف عن الآخر، فأنت تمتلك طبيعة استبدادية ولا يمكننا أن نجعل شياو جيو يتصرف مثلك "
(ملاحظة) : عبارة صينية تدل على أن كل الاخوة لديهم سمات وصفات وهوايات وخصائص مختلفة سواء كانت جيدة أو سيئة
شخر لين بيان يو ببرود، وتوقف عن الكلام، وبعدها استدار وغادر.
لم يحاول الرجل ايقافه، ونظر باتجاه فناء لين روفي قبل أن يخرج تنهيدة اخرى.
ولم يكن لين روفي يدرك ان اخويه قد تشاجرا بسببه،
لقد كان الأصغر من بين اخوته، حيث امتلك اخوين اكبر منه وأخت واحدة اكبر سناً منه أيضا، وكانوا جميعهم مختلفين.
لكنهم امتلكوا نوعاً من كبرياء السماء
حيث كان الطريق لزراعة السيف اصعب بمائة مرة من الطريق
العادي الى الخلود، والاشياء التى مروا بها اصعب بمليون مرة.
.
.
.
عندما سمعت يو روي التي كانت في الدور العلوي ان لين روفي قد عاد،
حملت تنورتها الطويلة على عجل وركضت الى الباب الامامي بخطوات مسعورة ومتعرجة.
" سيدي الشاب ، سيدي الشاب " كانت الفتاة البالغة من العمر ثلاثة عشر او اربعة عشر عاماً مفعمة بالحيوية،
حيث كان صوتها واضحاً ولطيفاً مثل الاوريول، بمجرد سماعه يتغير مزاج الناس الذي يستمعون اليه،
صرخت وضحكت وقفزت نحو لين روفي
" سيدي الشاب لقد عدت اخيراً! "
( ملاحظة) الاوريول هو طائر له ألوان وأصناف مختلفة
" امنن، لقد عدت " امسك لين روفي بالفتاة التي قفزت عليه
" انتِ قد اصبحتِ كبيرة ولن اكون قادر على الامساكِ بك بعد الآن "
" سيدي الشاب " عبست يو روي
" اذهبي واعدي لي بعض الشاي الساخن بسرعة، فالسيد الشاب يشعر بالعطش "
" حسناً " كانت يو روي طفولية بطبعها، وبعد أن سمعت كلمات لين روفي ذهبت لصنع الشاي وهي تقفز،
لم يملك لين روفي سوى هاتين الخادمتين الشخصيتين _
فو هوا و يو روي. اتت فو هوا اولاً، وكانت أكبر سناً وذات سلوك أكثر هدوءً،
هذا العام، لم تكن يو روي قد بلغت الرابعة عشر بعد، ومن شخصيتها، كانت مجرد طفلة غير ناضجة.
لم يمضِ وقتاً طويل عندما جاءت يو روي بصحن الشاي الساخن،
سكبت بعضاً منه بعناية لسيدها ورفعت عينيها لمعاينة سيدها الشاب الذي كان أمامها
عبست وقالت " سيدي الشاب؛ انت قد فقدت الكثير من الوزن "
" هل انا كذلك !؟ " لم يشعر لين روفي بذلك
" بالطبع أنت كذلك " تكلمت يو روي بحزن " لقد كان من الصعب جداً ان نزيد وزنك، ولكن بعد ذهابك والعيش في الجبال لعدة اشهر، اصبحت تفقد وزنك شيئاً فشيئاً حتى فقدته كله "
اكتفى لين روفي بالضحك على ملاحظتها
وشعر بأن الفناء أصبح أقل وحشة مع ثرثرة يو روي بجانبه.
أخذ لين روفي رشفة من الشاي من كوبه و سقطت عيناه على العشب والاشجار في الفناء،
" يو روي " تكلم لين روفي فجأة وتجعد أنفه بلطف " هل تشمين شيئاً ؟ "
جعدت يو روي انفها الصغير وكانت مليئة بالحيرة " مثل ماذا؟ "
" انها تبدو كرائحة أزهار الخوخ …… " ميزها لين روفي بعناية
" أزهار الخوخ ؟ " قالت يو روي " كيف يمكن أن تكون هناك رائحة لأزهار الخوخ عندما لم تنتج الشجرة التي في الفناء سوى برعماً واحداً فقط، يالها من خيبة أمل، فأنت ياسيدي الشاب كنت تسقيها كل يوم " ضربت الخادمة قدمها بغضب، كما لو ان سيدها قد تعرض الى التنمر " حتى لو سقيتني على رأسي، لكنت قد انتجت برعمين على الأقل "
تعجب لين روفي وضحك " كيف يمكنكِ انتاجه ؟ "
هزت يو روي رأسها و فكرت بعمق " ان لم يكن ذلك ممكناً، عندها
سأذهب فقط لأسأل السيد الشاب الثاني، فلابد من ان تكون هنالك طريقة اخرى "
كان هناك بعض الحقيقة في تلك الكلمات. فمع طبيعة لين بيان يو فأنه
إذا أراد لين روفي رؤية رؤوس الناس وهي تتفتح بأزهار الخوخ فقد يجد طريقة ما حقاً،
" يمكنكِ متابعة عملكِ الان " عندما يسقط ضوء الشمس على الجسد البشري
فإنه يبعث الدفء نوعاً ما، وعندما سقطت اشعة الشمس على لين روفي شعر بالنعاس،
أغمض عينيه وقال بتكاسل " سأأخذ قيلولة "
"آه!" عندما رأت يو روي أن سيدها الشاب كان متعبا، اخفضت صوتها، وتراجعت بهدوء.
وعاد الهدوء مجدداً الى الجناح
.
.
.
كانت عينا لين روفي نصف مغلقة، وكان في حالة نشوة، حيث أصبحت
رائحة أزهار الخوخ أكثر قوة، وفي رؤيه ضبابية، شعر وكأنه رأى لمحة
عن غابة أزهار الخوخ التي لا نهاية لها،
وهناك في أعماق الغابة، وقف رجل يرتدي ملابس حمراء. ومضت الرؤية وعندما فتح لين روفي عينيه مرة أخرى، كان كل ما رآه في عينيه هو شجرة الخوخ المسكينة التي تقف في زاوية الفناء ولم يكن يعرف ما إذا كانت ستعيش حتى الربيع المقبل ام لا.
لذا قرر لين روفي. بأنه سينزل غدًا من الجبل إلى غابة أزهار الخوخ ليرى أزهار الخوخ الطبيعية.
.
.
.
.
في صباح اليوم التالي، قاد لين روفي، الذي كان يرتدي فراء الثعلب،
حصانًا أبيض وغادر الفناء وسط قطرات المطر. وقفت خادمته فو هوا خلفه،
وهي تحمل مظلة من ورق الزيت بتصميم منظر طبيعي.
المظلة الورقية
رفض سيدها الشاب الاختباء تحت مظلتها و قال إن ملابسه لم تكن مبللة
بمطر أزهار المشمش، لأن مطر الربيع كان ناعمًا مثل الغبار
وتكوم على شكل طبقة خفيفة على الشعر الاسود لسيدها الشاب.
( ملاحظة) : حسب شرح المترجمة الانجليزية فمعناها أنه لا يشعر بالبرد او يشعر بالمطر لخفته
كانت مسابقة سيف كونلون تقترب وجاء عدد كبير من الغرباء لزيارة جبال كونلون،
وبالتالي أصبحت المناطق المحيطة حيوية للغاية.
على طريق الجبل، كان رجل متواضع ملفوفًا بفرو ثعلب كثيف يقود حصانًا.
كان نحيفًا بعض الشيء ووسيمًا وله بشرة شاحبة, وبدا أضعف من الناس العاديين، ولكن الشيء
الأكثر لفتًا للانتباه كان عينيه الفاتحتين. حيث كانت العيون التي من المفترض أن تكون سوداء بدت في الواقع وكأنها حبر مخفف.
وعلى الرغم من أن لونها كان فاتحًا، إلا أنه كان واضحًا ومشرقًا.
رذاذ المطر الخفيف سقط على حاجبيه الاشبه بريش الغراب وبدى للوهلة الأولى وكأن لوناً فاتحاً ينبعث منه.
كان خلف الرجل تمشي فتاة شابة وجميلة تحمل مظلة ورقية زيتية
في يدها، لكن تعبيرها كان قاتمًا. حيث بدا وكأنها كانت تريد حمل المظلة للرجل لكن تم رفضها.
كان الطريق الجبلي الموحل مبللاً قليلاً بسبب المطر. ومع ذلك،
على الطريق الجبلي، لم يكن هناك سوى مجموعة واحدة من آثار الأقدام وكانت تخص الرجل.
فعند النظر بعناية، فأن أقدام الخادمة كانت تطفو في الهواء، على بعد نصف بوصة من الأرض.
كلما نزلا إلى أسفل الجبل، زاد عدد الناس. وعندما غادروا من خلال بوابة جبل كونلون، أصبحت المنطقة المحيطة فجأة حيوية. وعلى الرغم من هطول الأمطار، إلا أن السوق المحيط لم يتأثر بأي شكل من الأشكال.
حيث ان المزارعون الذين جاءوا لمسابقة السيف والذين لم يتمكنوا من دخول الساحة الداخلية،
استغلوا هذه الفرصة لبيع مختلف الأشياء. حيث كانت هناك كنوز روحية
وأسلحة وحتى جميع أنواع التعويذات الطاوية.
لين روفي الذي نشئ بجسد ضعيف نادرًا ما كان يذهب إلى الأماكن المزدحمة،
لذلك في هذا الوقت كان ينظر حوله باهتمام كبير,
"هي, ايها السيد الشاب، انت تريد أن ترى اوراق التعويذات القوية الخاصة بي، أليس كذلك؟
إنها رخيصة وسهلة الاستخدام كما اني اضمن لك عدم فقدان أي شيء ولا انوي خداعك "
نظر البائع إلى لين روفي من أعلى إلى أسفل وصاح عليه بحماس.
كان لين روفي يرتدي زي سيد شاب ثري،
لكنه لم يكن يحمل سيفًا، لذا فمن المرجح أنه جاء للهو فقط .
"ما مدى قوتها؟" سأل لين روفي بابتسامة.
"على سبيل المثال، هذه التعويذة. في اللحظة التي ستستخدمها يمكنك التسلل إلى أماكن أخرى!
كما يمكنها أن تساعدك على الهروب من كارثة!" قال البائع بحماس، "وايضاً هي لا تتطلب قوة روحية،
لذا يمكن لأي شخص استخدامها تقريبًا !"
"هذا مذهل؟" سأل لين روفي، "إذن بكم تبيعها؟"
قال البائع "رخيص، رخيص جدًا" وببريق في عينيه ضحك وأكمل "ستكون خمسة أحجار روحية كافية!"
"خمسة أحجار روحية !!!! " لم تكن فو هوا مهذبة مثل سيد عائلتها الشاب. فعندما سمعت البائع يصرخ بالأسعار، ضاقت عيناها على الورقة، "ورقة التعويذة هذه ليست مرسومة بالكامل، من يجرؤ على استخدامها، آه. إذا تم استخدامها، فسترسل الرأس بعيدًا، ويبقى الجسد في مكانه، وعندها هل يمكنك تحمل المسؤولية؟
أراد البائع الرد، ولكن من زاوية عينيه، لاحظ السيف المعلق على خصر فو هوا، وابتلع كلماته على الفور. وسرعان ما أصبح تعبيره أكثر صدقًا وضحك محرجًا: "هيه ... في العمل، يتعلق الأمر دائمًا بالعملية. يا آنسة، إن كنت تعتقدين أنه غير مناسب، فأعطي سعراً يمكننا مناقشته".
"نصف قطعة." قالت فو هوا بلا مبالاة، "لا شيء أكثر."
صاح البائع "هيي هيي " ثم صنع وجهًا بتعبير مؤلم، "حسنًا، حسنًا، لم ارزق بشيئاً اليوم، لذا سأتحمل هذه الخسارة. وان قلت نصف قطعة من حجر الروح، فسيكون نصف قطعة من حجر الروح." أنهى وأضاف، " ولكن ان كان هناك أي آثار جانبية، فأنا لست مسؤولاً عنها."
حدقت فيه فو هوا وأخرجت حجر الروح من حقيبتها للدفع، ثم أخذت ورقة التعويذة من يد البائع. وبعد فحصها بعناية للتأكد من عدم وجود أي مشاكل فيها ، سلمتها إلى سيدها الشاب.
في النهاية اشتراها لين روفي من أجل المتعة فقط . لذا أخذها، ووضعها في كمّه بلا مبالاة، ثم ذهب نحو مكاناً اخر .
خارج بوابة جبال كونلون إلى سفح الجبل، كان هناك سياح وبائعون في كل مكان. ولكن الطقس اليوم لم يكن جيدًا على الإطلاق، لذلك لم يكن هناك الكثير من الناس حوله. ومع ذلك، بالنسبة لـ لين روفي، كان الأمر كافيًا لتكون المنطقة حيوية.
سار لين روفي لأسفل الجبل بينما يشاهدة المعالم السياحية. ولم يتأثر مزاجه بالطقس الكئيب، بل على العكس، بدا الأمر أفضل هكذا.
عندما وصلوا إلى المدينة، لم يكونوا بعيدين جداً عن غابة أزهار الخوخ.
توقف لين روفي وأشار إلى الطرف الآخر من المدينة: "فو هوا، أريد أن آكل كعك الأرز الأبيض".
قالت فو هوا، "انتظرني هنا، سأذهب واشتريه على الفور".
قال لين روفي "فالتذهبي أنتِ أولاً، وانا سأسبقكِ الى غابة الخوخ . وتعالي إليّ عندما تشتريها".
سلمت فو هوا المظلة إلى لين روفي وعبست: "سيدي الشاب،
من فضلك استخدم المظلة وكن حذرًا حتى لا تصاب بنزلة برد".
لم يقل لين روفي أي شيء وأخذ المظلة فقط.
رفع ذقنه قليلاً، مشيرًا إليها للذهاب بسرعة. استدارت فو هوا
ونقرت بأصابع قدميها مثل السنونو السريع. وبعد لحظة، اختفت في نهاية الشارع.
لم يفتح لين روفي المظلة، وبدلاً من ذلك، هو وضعها على ظهر حصانه وسار ببطء نحو غابة أزهار الخوخ .
على الرغم من هطول الأمطار، كانت المدينة لا تزال نابضة بالحياة.
حيث كان المشاة يحملون مظلاتهم ويمشون في الشوارع المرصوفة
بالحجارة الخضراء. كانت هذه المدينة تعتمد على طائفة سيف كونلون وكانت مزدهرة لمدة مائة عام.
بالنسبة لسكان المدينة فأن أعظم أمنية كانت هي اجتياز امتحان طائفة سيف كونلون، فحتى لو اصبحوا تلاميذ من الحد الادنى كان لايزال هذا شيئًا يحسد عليه. وان لم يتمكنوا من القيام بذلك بأنفسهم، فإنهم سيضعون آمالهم على ابنائهم واحفادهم - جيلًا بعد جيل، سيكون لديهم دائمًا أمل.
رأى لين روفي غابة اشجار الخوخ من بعيد
كان الجبل مغطى بأزهار الخوخ .
والتقطت الرياح العابرة البتلات المتساقطة ونثرتها على شعر الناس وأكتافهم.
عندما رأى لين روفي هذا المشهد، انحنت شفتاه في ابتسامة وبخطوة سريعة،
سار لأعماق غابة أزهار الخوخ.
ربما كان ذلك بسبب المطر، كون غابة أزهار الخوخ لم تكن حيوية كالمعتاد. حيث سرعان ما تحولت البتلات التي سقطت على الأرض، بعد اختلاطها بالتربة السوداء، إلى طين الربيع.
كانت الأرض زلقة واتبع لين روفي الممر الصغير قبل أن يدخل تدريجيًا لأعماق غابة أزهار الخوخ.
كان المحيط هادئًا، ولم يُسمع فيه سوى صوت رذاذ المطر الخفيف. كان لين روفي منغمسًا في هذا المشهد الهادئ والجميل عندما سمع صرخة قادمة من بعيد . كانت الصرخة حادة للغاية وتعرف عليها على أنها صرخة قرد. وعندما سمع لين روفي هذا الصوت، تغير وجهه على الفور. ولم يهدر دقيقة واحدة عندما استدار وبدء بالركض.
ولكن كيف يمكنه أن يركض أسرع من القرود بمفرده؟
ام تمر لحظة واحدة حتى حاصرته القرود. لم يكن لين روفي يعرف صنف هذه القرود، لانها كانت مختلفة جدًا مقارنة بالقرود العادية. حيث لم تكن طويلة القامة فحسب، بل كان لديها أيضًا شعر ذهبي جميل - كثيف وناعم للغاية. ولم يستطع أن يرى أي أوساخ عليها مثل معظم الحيوانات البرية.
تحركت القرود بسرعة وطوقت لين روفي من الامام والخلف وسدوا كل مخرج. ابتسم لين روفي بمرارة على هذا ومد يديه على عجل، مشيرًا إلى أنه ليس لديه أي شيء معه.
تنهد عاجزًا: "هل تتذكرونني؟؟؟ فلماذا في كل مرة آتي فيها إلى هنا، يجب أن يتم اعتراضي -"
كان القرد في المقدمة جميلًا جدًا. حيث كان أكبر من القرود الأخرى وله عيون ذهبية جميلة. كان يجلس القرفصاء على شجرة أزهار الخوخ القريبة من لين روفي، يرمش ويحدق في الرجل الرقيق أمامه. نظر لين روفي بدوره اليه ونتيجة لذلك، تحولت هذه النظرات بين شخص وقرد واحد الى مسابقة تحديق بينهما .
لم يكن يعرف ما إذا كان هذا مجرد ضرب من الخيال ام لا, لكن لين روفي دائماً ما شعر أنه بعد أن يقول هذا، ستطفوا ابتسامة على عيون القرد.
"أنا حقًا لا أملك أي شيء معي." برر لين روفي لملك القرود، " لم اكن املك الوقت لشراء
الوجبات الخفيفة التي تحبها، وبالمناسبة، انا لم آتِ بمفردي هذه المرة،
فلقد ذهبت فو هوا لشراء كعك الأرز-"
اظهر ملك القرود ردة فعل بعد سماعه لأسم فو هوا,
استدار زوج العيون الذهبية الجميلة بذكاء، ولكن في النهاية،
استقرت مجدداً على لين روفي. وفي هذه اللحظة، خارج غابة
أزهار الخوخ سمع نداء فو هوا البعيد: "سيدي الشاب-"
ضحك لين روفي، "انظر، لم اكن أكذب عليك."
لوح ملك القرود بيده وبدأت القرود في التراجع عميقًا في الغابة، ومع ذلك، لم يتحرك بل ظل جالساً على غصن الشجرة منتظرًا أن تتشتت القرود حتى يختفي آخر قرد في أعماق الغابة. ثم وقف ملك القرود الذي كان يجلس على الشجرة فجأة وقفز فوق لين روفي.
ذهل لين روفي من حركة القرد هذه واتخذ بضع خطوات إلى الوراء, ومع ذلك، مر القرد فوق رأسه بسرعة واختفى في غابة أزهار الخوخ بسرعة كبيرة.
شعر لين روفي ان القرد قد ربت على رأسه بيديه, وهذا جعله يضحك ويبكي في نفس الوقت.
اعتقد لين روفي أن مجموعة القرود هذه تحب حقًا مضايقة الناس.
فحتى لو لم يحصلوا على وجباتهم الخفيفة؟
لكن لا يزال لديهم الجرأة لصفع الناس مرتين للتنفيس عن غضبهم.
"سيدي الشاب." وصلت فو هوا وكانت خلف لين روفي بطريقة ما
كانت تحمل بعضا من قطع كعك الأرز المغلف بالورق،
والتي كانت لا تزال ساخنة وتنبعث منها رائحة حلوة مغرية.
"فو هوا." استدار لين روفي، "كان هذا سريعًا."
رأت فو هوا وجه لين روفي المذهول قليلاً،
ولاحظت زهرة الخوخ العالقة برأسه , لتضحك بهدوء بداخلها.
في ضباب الدخان والمطر، بدا لين روفي وكأنه خرج من لوحة.
كان جسده مغطى باللونين الأسود والأبيض الشاحبين باستثناء الزهرة بالقرب من أذنيه.
كان لافتًا للنظر وكأنه زهرة الخوخ بهيئة بشرية.
عندما رأى النظرة الفارغة في عينا فو هوا ، نادى لين روفي مرة أخرى " فو هوا "
فقط بعد ذلك عادت فو هوا إلى رشدها وأبعدت بصرها. مشت بضع خطوات للأمام وسلمت كعكة الأرز بعناية الى لين روفي. ثم قالت بصوت منخفض: "السيد الشاب لم يستخدم المظلة مطلقاً ولهذا ملابسه اصبحت مبللة بالكامل ..."
ابتسم لين روفي فقط. وفتح الورقة الزيتية وعض من كعكة الأرز الساخنة والعطرة.
انحنت عيناه وتقوست بشكلاً لطيف "لذيذ".
حدقت فو هوا بحنان في سيدها الشاب، وأخذت المظلة من الحصان،
وأحضرتها ووضعتها برفق فوق رأس لين روفي.
كانت كعكة الأرز عطرة للغاية وايضا طرية ولزجة في الفم - وتحمل بداخلها طعم الطفولة.
نشأ لين روفي في صحة سيئة. فقبل سن العاشرة، لم يذهب أبدًا إلى سفح جبال كونلون
حتى بعد عام معين من عيد ميلاد أخته. ومن دون إخبار والديهما،
وضعت بهدوء لين روفي الصغير في سلة من الخيزران وحملته إلى أسفل الجبال.
في ذلك اليوم، جرب لين روفي جميع الوجبات الخفيفة في المدينة؛
الزعرور المسكر لعائلة تشانغ، وكعكة الأرز الأبيض
لعائلة تشين كونهم كانوا المفضلين لدى الأطفال.
تناول لين روفي الطعام بسعادة، ولكن ومع ذلك، في ليلة يومه السعيد،
أصيب بحمى شديدة وتم الكشف عن الحادث بشكل مأساوي أيضًا.
وبسبب هذا، تم إرسال أخته الكبرى، لين ويروي، إلى قمة الجبل
لمدة ثلاثة أشهر للتفكير. توسل لين روفي ولكن كان ذلك بدون جدوى.
ومنذ ذلك الوقت، عرف لين روفي أنه وإخوته مختلفون.
فإذا كانت حياة اخوته مشرقة مثل شعلة مشتعلة، فهو كان شمعدانًا متداعي.
ومع نفخة من الرياح، ستشتعل الشعلة بشكل أكثر إشراقًا، لكن الشمعدان سينطفئ فقط.
كان المطر يزداد غزارة وكانت الأرض تصبح طينية اكثر.
سألت فو هوا بأدب لين روفي عما إذا كان بمفرده قبل قليل.
كان لين روفي في حيرة شديدة من سؤالها وسأل فو هوا لماذا سألت هذا السؤال.
ابتسمت فو هوا وأشارت إلى زاوية رأس لين روفي.
رفع لين روفي يده ليلمس رأسه وشعر بالفعل بمجموعة من أزهار الخوخ الرطبة.
وتذكر على الفور شيئًا كان قد اغضبه ولكن قد اضحكه أيضًا؛ "تلك المجموعة من القرود - إنهم حقاً متنمرين !"
"هل أتت مجموعة القرود تلك مرة أخرى؟" عبست فو هوا عندما سألت وكان جسدها مليئًا بنية القتل.
أحب لين روفي الاستمتاع بالزهور. حيث في كل ربيع كان يأتي إلى غابة أزهار الخوخ هذه.
كان الحال فقط أنهم لم يعرفوا متى بدأ الأمر، حيث ان القرود في غابة أزهار الخوخ كانوا قد وضعوا اعينهم عليه.
فذات مرة، تسلل لين روفي إلى أسفل الجبل عندما لم تتبعه فو هوا، ولم تسرق مجموعة القرود طعام لين روفي فحسب، بل أفسدت ملابسه أيضًا. وعندما عاد، اعتقدت عائلة لين أنه تعرض للسرقة.
كتمت فو هوا سراً غضبها وفكرت بأنه من الجيد أيضًا أن السيد الشاب الثاني لم يكن على علم بهذا الأمر، وإلا، لكانت مجموعة القرود هذه قد فقدت حياتها منذ فترة طويلة.
ابتسم لين روفي، الذي لم يكن يعرف ما كانت تفكر فيه خادمته، وتنهد: "إنها مجرد مجموعة من القرود المشاغبة، لذا لا تكوني جادًة جدًا؟"
"لكنهم يتنمرون على السيد الشاب." كانت فو هوا غير سعيدة، "إنه لأمر جيد أن السيد الشاب لم يكن لديه أي كعك أرز في يده، وإلا فإن مجموعة الوحوش هذه كانت لتستغل ذلك مرة أخرى."
اكتفى لين روفي يالضحك على كلماتها ورمى بالزهور التي في يده على الجانب.
أحدثت قطرات المطر على المظلة الورقية الزيتية صوت طقطقة خفيفة. مشى لين روفي في الامام وتبعته فو هوا في الخلف، ممسكًة بالمظلة. لم يكن معروفًا كم من الوقت قد ساروا، ولكن عندما نظر لين روفي إلى السماء المظلمة عرف أنها لن تصفوا اليوم. وبالتالي، ببعض الندم، قال إنه يجب عليهم العودة أولاً.
كانت فو هوا سعيدة لسماع هذا، فبعد كل شيء، كان لين روفي مبللاً حتى النخاع.
لقد كانت خائفة من أن يصاب سيدها الشاب بنزلة برد، ولكن في الوقت نفسه،
كانت قلقة من أنه إذا تحدثت كثيرًا، فسيؤدي ذلك إلى إزعاج لين روفي.
ولكن بما ان لين روفي قد اقترح العودة بنفسه كان ذلك فضل بطبيعة الحال.
قالت فو هوا بصوت دافئ: "سيدي الشاب، اركب الحصان". لم يكن لين روفي عنيدًا وخطى نحو السرج وركب الحصان الأبيض المروض. ثم أعطت فو هوا المظلة إلى لين روفي وقادت الحصان عائدين الى جبال كونلون.
عند المرور بالمدينة، سمع لين روفي صوت ناي.
حاول أن يرى من أين يجيء هذا الصوت، لكنه لم ير سوى جسر صغير ومبارز يرتدي قبعة من الخيزران. كان المبارز متكئًا على الحجارة وكان صوت الناي قادمًا من فمه. ومع ذلك، كان الشيء الغريب هو أنه لم يُسمع سوى صوت الناي ولكن لم تكن هناك آلة.
مر لين روفي بجانبه صدفة. ومد المبارز يده لسحب قبعته الخيزرانية , ومن الشق، كشف عن عين واحدة ضيقة، فيروزية اللون.
القبعة الخيزرانية
نظرت فو هوا إلى المبارز بحذر, لكن لين روفي أومأ برأسه قليلاً مع ابتسامة في عينيه كتحية.
لم يرد المبارز التحية وأسقط قبعته. وتصرف كما لو أنه لم ير لين روفي . فو هوا التي رأت هذا المشهد كانت على وشك الهجوم، لكن لين روفي نادى باسمها بهدوء وهز رأسه.
شخرت فو هوا ببرود، لكنها تذكرت سراً مظهر هذا الشخص.
فمن لون عيني هذا الشخص، خمنت فو هوا بأنه من المرجح ان يكون عرقاً لا ينتمي الى قارتهم. ربما قد جاءوا من قارة أخرى من اجل المرح. ولكن بغض النظر عن المكان الذي أتوا منه، طالما وصلوا إلى سفح جبال كونلون، فمن الذي يجرؤ على تجاهل عائلة لين؟
استمع لين روفي إلى صوت الناي. وكان مزاجه جيدًا جدًا وغنى قصيدة لأسلافه القدماء: "الربيع هادئ , الليل طويل, والسحب الزرقاء في السماء، جنبًا إلى جنب مع قصر تشو بعيدان. الروح الحالمة لم تعتد على أي ضبط للنفس، لتخطو على ازهار الحور فوق جسر شيه …… "
ازهار الحور
سألت فو هوا، "سيدي الشاب، ماذا تعني هذه القصيدة؟" ابتسم لين روفي وقال "انها لرجل أحمق كان لديه حلم الربيع."
بدت فو هوا انها قد فهمت ولكنها لم تفهم ايضاً
تلاشى صوت الناي وعاد لين روفي إلى جبال كونلون. وبحلول الوقت الذي وصل فيه إلى الفناء، كان الظلام قد حل بالفعل وبدى لين روفي متعب بعض الشيء. خشيت فو هوا أن يصاب لين روفي بنزلة برد، لذلك سارعت إلى غلي الماء، وحثت لين روفي على الاستحمام للتخلص من البرد. تردد لين روفي لبعض الوقت قبل أن يدخل أخيرًا إلى الحوض.
كان الحوض كبيرًا. وكان الماء يصل لأعلى ذقنه مباشرة , وعندما جلس لين روفي اغلقت فو هوا نافذة الحمام عمدًا, وبعد ان غادرت. غرق لين روفي في الماء لبعض الوقت، ولكن بعد ذلك شعر بالدوار قليلاً، لذلك وقف مرة أخرى. ودعم نفسه وفتح النافذة.
خارج النافذة كان يقع فنائه المزهر. ومع مجموعة المناظر الطبيعية المحيطة، بدت شجرة الخوخ الرقيقة أكثر وحدة.
نقع لين روفي نفسه في الماء الساخن لكنه وجد أنه في مرحلة ما، كان البرعم الوحيد على شجرة الخوخ قد أثمر بالفعل وتحول الى زهرة ناعمة صغيرة.
كانت الزهرة الصغيرة تحتوي على خمس بتلات فقط
وكانت ذات لون وردي فاتح لاتشبه على الإطلاق أزهار الخوخ أسفل الجبل.
فعندما ضربتها الأمطار المستمرة، بدت أكثر إثارة للشفقة.
وعندما لاحظ لين روفي أن الزهرة قد ازدهرت، غمر القلق قلبه.
حيث كان المطر يزداد غزارة وكانت شجرة الخوخ الخاصة
بعائلته قد ازدهرت للتو. فماذا لو ضرب المطر مرة أخرى وعادت إلى كونها خالية من الأزهار؟
كانت فكرة أن كل ما تخاف منه سيظهر حقيقية جداً. وفقط عندما فكر لين روفي في الأمر، بدأت الرياح تهب بشدة. وفي النهاية، سقطت قطعة من بتلة الزهرة الصغيرة. تأرجحت بفعل الرياح، وسرعان ما سقطت على الأرض الموحلة.
اتسعت عينا لين روفي وكان على وشك مناداة اسم خادمته عندما جاءت هبة أخرى من الرياح وانتهت البتلة بالدوران نحو لين روفي. عند رؤية هذا، لم يهتم لين روفي بأنه لم يكن يرتدي ملابس، ووقف على عجل ومد يده لالتقاط البتلة المتساقطة.
تأرجحت البتلة ورفرفت، وكانت على وشك ان تسقط على يد لين روفي. ولكن سرعان ما نشئ نسيم آخر دفع البتلة مباشرة نحو خدي لين روفي. لم يتفاعل لين روفي في الوقت المناسب وشعر بظل وردي، كان يقترب، وينفخ في عينيه.
غطى لين روفي عينيه بيديه وشعر بشيء ملتصق بعينه اليمنى. كان باردا ً في البداية، ثم بدء بالاحتراق.
"آه……" تم قمع صراخه في حلقه وسرعان ما فقد لين روفي وعيه بسبب الألم الحاد المفاجئ. انهار برفق في حوض الاستحمام المليء بالماء الساخن وسُحب على الفور إلى عالم الاحلام الغريبة.
في عالم الاحلام
كانت هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها لين روفي غابة أزهار الخوخ ذات اللون الأحمر الناري حيث كانت مختلفًا تمامًا عن اللون الوردي العادي. كان لون غابة أزهار الخوخ أمامه ساطعًا للغاية، وكأنه مصنوع من ألسنة اللهب المذابة. و داخل الغابة، وقفت شخصية مظللة في الأعماق ولم يستطع لين روفي أن يرى سوى هيئته الخلفية. كان الرجل يرتدي اللون الأحمر، ورأسه أسود، وكان لديه سيف طويل معلق عند خصره.
بدأت السماء والأرض تهتز وسرعان ما ملئت أزهار الخوخ السماء .
نظر لين روفي إلى السماء الملونة بالدماء قبل أن يسمع صوتًا يتحدث. وفقط هذا الصوت لم يكن مشوشاَ مثل المشهد أمامه.
وبدلاً من ذلك، قال الصوت بمسحة من الغضب: "كيف لا أكون أفضل من هؤلاء الناس المبتذلين عند سفح الجبل
- لقد استغرقت الوقت الكافي لرؤيتهم بالفعل -"
في اللحظة التالية، استيقظ لين روفي من حلمه وسمع خادمته تطرق الباب بالخارج. وبدى الأمر وكأنها على وشك اقتحام المكان.
"سيدي الشاب - سيدي الشاب - إذا لم تجبني فسأدخل حقًا." لم تسمع فو هوا أي حركات تصدر
من سيدها الشاب وكان رد فعلها الأول أن سيدها الشاب قد أغمي عليه، لذا كانت حريصة على الدخول ومعرفة ما يحدث.
قال لين روفي على عجل، "أنا بخير، لا تدخلي."
"سيدي الشاب! لماذا لم تجبني؟ لقد كدت ان تصيبني بنوبة قلبية." عندما سمعت فو هوا صوت لين روفي، شعرت بالارتياح أخيرًا واشتكت، "هل ترغب بنقع نفسك لفترة أطول؟"
"لا داعي لذلك." شعر لين روفي بالدوار قليلاً، "سأقوم فقط." تمتمت فو هوا بالموافقة. وكانت لا تزال غير مرتاحة بعض الشيء ووقفت عند الباب للمراقبة. ومن وقت لآخر، كانت تتبادل بضع كلمات مع لين روفي.
كان لين روفي يعرف ما يدور في ذهن خادمته، لذلك لم ينزعج. التقط منشفة ومسح الماء عن جسده، ومع ذلك، شعر ببعض الانزعاج في عينه اليمنى. رفع يده ولمس عينه اليمنى قبل أن يتذكر شيئًا. نهض بسرعة ومشى نحو المرآة الزجاجية بجانبه.
كانت هذه المرآة الزجاجية هدية أخته له وكانت مختلفة تمامًا عن تلك المرايا النحاسية العادية. حيث يمكن أن تعكس الشخص بوضوح شديد. استعار لين روفي الضوء من الشمعة واقترب من المرآة.
وعندما رأى الصورة الواضحة لوجهه في المرآة، تجمد. حيث لاحظ أن عينه اليمنى، التي كانت أفتح لونًا بكثير من بؤبؤ العين لدى الأشخاص العاديين، كانت في الواقع تحتوي على زهرة خوخ عائمة. كانت فاتحة اللون،
وشعر وكأنها مجرد بتلة سقطت عن غير قصد في عينه.
فرك لين روفي عينه اليمنى بقوة للتأكد من أنه لم يكن يتوهم. استدار بسرعة،
وغير ملابسه، ثم قال لفوهوا التي كانت لا تزال تنتظر خارج الباب، "فو هوا، أين أخي الثاني؟"
اجابت فو هوا في ارتباك : "اليوم وصلت عائلة يونان جو إلى كونلون،
ويبدو أن السيد الشاب الثاني يحييهم الآن. ما الأمر سيدي ؟"
أخذ لين روفي نفسًا عميقًا، "لا شيء، فالتذهبي أولاً". توقف للحظة، "اذهبي وأبلغي الأخ الثاني،
وأخبريه أن يأتي عندما يفرغ ".
على الرغم من أن فو هوا لم تكن تعرف ما حدث، إلا أنها أطاعت أمر لين روفي،
وغادرت الفناء للبحث عن لين بيان يو. ابتسم لين روفي بمرارة
وغطى عينه اليمنى، متأملاَ ألا تكون الأمور سيئة كما يتخيل.




تعليقات: (0) إضافة تعليق