Ch62
نظرت الأميرة الثالثة إلى لين روفي بعناية لقد رأته مرة واحدة من قبل ولكن للأسف كانت مشغولة بالبكاء بين ذراعي والدها ولم تتمكن من التحديق جيدًا في سيد عائلة لين الصغير
لم تستطع إنكار جمال بشرته ورغم أنه بدا أكثر ضعفًا ومرضاً مقارنة بالآخرين ، إلا أن هذا المرض أضفى عليه جاذبية خاصة.
ابتسمت الأميرة الثالثة قائلة: “لين غونغزي وسيم للغاية.”
رد لين روفي بأدب: “الأميرة الثالثة كريمة في وصفها.”
ابتسمت الأميرة لكنها لم تسترسل في الموضوع حوّلت نظرها بلا مبالاة نحو شوان تشينغ وقالت ببطء: “سيد شوان تشينغ مر وقت طويل أذكر أن آخر مرة التقينا فيها كنت في العاشرة من عمري والآن أصبحت في سن الزواج كم يمضي الزمن بسرعة.”
أجاب شوان تشينغ بنبرة هادئة: “نعم ، إنه يمضي سريعًا.”
قالت الأميرة متذمرة: “إذًا ، لماذا لا تأتي لزيارتي كثيرًا؟ عندما لا تكون هنا يظل البعض يتنمر عليّ في القصر.”
سأل شوان تشينغ: “ومن يجرؤ على التنمر على الأميرة الثالثة؟”
ردت الأميرة بتذمر: “إذا كنت سأعدّهم ، فسيكونون كثيرين.”
هز شوان تشينغ رأسه بابتسامة خفيفة لكنه بدا عاجزًا.
ثم قالت الأميرة: “سيد شوان تشينغ لماذا جئت في هذا الوقت بالتحديد؟ لو تأخرت يومًا أو يومين…”
توقفت للحظة وبدت كأنها حزينة ثم تغيرت ملامحها فجأة لتصبح مليئة بالغضب والشر: “كنت سأتمكن من القضاء على هذين الطفلين الحقيرين.”
هذا التبدل المفاجئ في شخصيتها أثار دهشة الجميع فقد تحولت الأميرة المدللة فجأة إلى شخصية صارمة شبيهة بوالدها الإمبراطور باي جيانغلون.
تابعت الأميرة بصوت غاضب: “عندما كانوا يتنمرون عليّ لم تأتِ! ولكن عندما جاء دوري للرد أسرعت للحضور!” ومع حركتها الغاضبة أسقطت صحن العنب المثلج على الأرض لتناثر العصير الأرجواني على حذاء لين روفي الأبيض.
تنهد شوان تشينغ بصوت خافت مطبقًا يديه في صمت.
صرخت الأميرة: “قل شيئًا! لماذا لا تتحدث؟ رأيت كل شيء ولم تفعل شيئًا عندما تنمروا عليّ فلماذا تسارع الآن؟!”
ناداها شوان تشينغ باسمها بلطف: “باي ماو ماو .”
فجأة هدأت الأميرة وعادت إلى هدوئها السابق نظرت إليه بعينين دامعتين وقالت بنبرة متذمرة: “سيد شوان تشينغ ، أنت منحاز للغاية.” ثم انهمرت دموعها كطفلة صغيرة.
لين روفي الذي وقف بجانبهم طوال الوقت مذهولًا لم يشهد من قبل فتاة بهذه التقلبات السريعة وكان ذلك درسًا جديدًا له عن مهارات التمثيل.
قال شوان تشينغ بتسامح واضح: “لا تبكي إذا رآك والدك تبكين مرة أخرى سيشعر بالحزن.”
ردت الأميرة: “ليس لأنه يحبني بل لأنه يظن أنني أشبه تلك المرأة.” توقفت للحظة ثم نظرت إلى شوان تشينغ وسألته: “سيد شوان تشينغ هل تعرف من هي أمي الحقيقية؟”
أجاب شوان تشينغ بإيماءة.
عندما رأت الأميرة إيماءته قفزت نحوه وأمسكت بثيابه وهي تسأله بارتباك: “أين هي الآن؟ هل هي بخير؟ هل ماتت؟”
أجاب شوان تشينغ: “إنها بخير.”
قالت الأميرة بتهكم: “إذًا أنا لست ابنة المحظية مي.” توقفت دموعها فجأة وابتعدت عنه وهي تقول: “يبدو أن هذين الحقيرين لم يكذبا أنا بالفعل ابنة غير شرعية.”
عبس شوان تشينغ وقال بلطف: “يجب أن تنتبهي إلى كلماتك صحيح أن والدتك ليست محظية لكنها كانت أكثر الناس قربًا من والدك فلا تستخفي بنفسك.”
تنهّدت الأميرة وعادت إلى كرسيها وهي تحمل المروحة الحريرية بدأت تروح عن نفسها بلا مبالاة وقالت: “على أي حال الأمور لم تنتهِ بعد.” ثم نظرت إلى شوان تشينغ بابتسامة مغرية وسألت: “سيد شوان تشينغ هل تعتقد أن مملكتنا يمكن أن تحظى بإمبراطورة؟”
أجاب شوان تشينغ بهدوء: “في عين الراهب البشر جميعهم سواء. الرجال والنساء لا فرق بينهم.”
ضحكت الأميرة: “كنت أعرف أنك الأفضل.”
وتابعت قائلة كلمات لا تخلو من جرأة مما أظهر ثقتها في شوان تشينغ وأضافت بنبرة مسترخية: “سأحاول إن خسرت فلن أخسر سوى هذه الحياة التي لا قيمة لها.”
ساد الصمت بعد كلماتها وكأن الجميع ينتظر انتهاء المشهد.
تردد لين روفي قبل أن يقول: “ايتها الأميرة لدي سؤال لكنني لا أعرف إن كان من اللائق أن أسأله.”
رفعت الأميرة ذقنها بإشارة تدعوه للتحدث.
قال: “في ذلك اليوم عندما حفر والدك صندوقًا حديديًا تحت شجرة البرقوق وجد بداخله لوحاتك في الطفولة لاحظت وجود بقع غريبة عليها…”
قاطعته الأميرة بابتسامة: “أنت ذكي غونغزي لين.” واعترفت دون تردد: “نعم كنت أرى تلك الظلال منذ زمن بعيد ولم أواجهها مؤخرًا.”
تجهم شوان تشينغ وسأل: “لماذا لم تخبريني؟”
ردت الأميرة: “كم مرة تأتي؟ ثم أنت راهب وكنت أخشى أنك ستخبر والدي وتحرقني كأنني شيطان.” توقفت للحظة ثم أضافت بلا مبالاة: “كنت أشعر بالملل في القصر والآن بعدما أخذت ذلك الشيء، سيصبح الأمر أكثر مللًا.”
رفض شوان تشينغ الفكرة قائلًا: “ذلك الشيء شيطاني وخطير جدًا.”
ردت الأميرة بلا مبالاة: “الخطر الحقيقي ليس فيه انظر إلى أشقائي الذين ماتوا ، كم منهم قُتل بسبب الشياطين وكم بسبب البشر؟ إذا كان الشخص قاسيًا فلا علاقة للشياطين بالأمر.”
لم يجادل شوان تشينغ لكنه حثّها على إبلاغه إذا صادفت أمرًا كهذا مستقبلًا ولكن من الواضح أن الأميرة لم تكن تهتم ولوحت بيدها بلا اكتراث.
كان تخمين لين روفي في محله ظل غو شواندو كان بالفعل مرافقًا للأميرة الثالثة لفترة طويلة لكنه لم يفهم السبب الذي جعله ينقلب فجأة.
ظل الثلاثة جالسين في الجناح لفترة طويلة دون أن يظهر ظل جلالته مما دفع لين روفي إلى التساؤل: “لماذا لم يعد جلالته بعد؟”
ردت الأميرة الثالثة بنبرة حادة: “لا تستعجل تلك العجوز الحقيرة صعبة المراس.”
كانت تشير بهذه العبارة إلى إمبراطورة داجينغ التي لم يلتقِ بها لين روفي بعد.
تابعت الأميرة: “ليس فقط أنها قبيحة بل تشيخ بسرعة أيضًا ولو كان هذا مقبولًا ، فإن قلبها سامّ كذلك تستحق قضاء حياتها في القصر الشرقي الذي يشبه قبوًا متجمدًا.”
كانت كلماتها مليئة بالسم ولو سمعت الإمبراطورة هذا الكلام لكان كل حرف منه قاتلًا تابعت: “ولداها أيضًا مخيبان للآمال لم يتمكنا حتى من هزيمتي، ومع ذلك يظنان أنهما يستحقان العرش! لو لم يكن لدي هذان الكتلتان على صدري وشيء إضافي أدناه ، لكنت أفضل منهما بكثير!”
عاقبها شوان تشينغ قائلاً: “ماو ماو ، لا تستخدمي هذه الألفاظ.”
ردت الأميرة بلا مبالاة: “سأقول ما أريد على أي حال والدي ليس هنا وإذا لم يعجبك ذلك يمكنك أن تذهب لتشتكي!”
كانت واثقة تمامًا من أن شوان تشينغ لن يفعل ذلك لذا لم تخف من شيء رفعت عينيها في تحدٍّ واضح ما جعل لين روفي يشعر بالضحك قبض يده على فمه ليغطي ابتسامته.
تابعت الأميرة قائلة: “تريد تلك العجوز أن تعاقبني ولا تعاقب ولديها؟ هذا مستحيل لقد ارتكبوا كل شيء يخشاه والدي إذا أرادوا الإفلات من العقاب ومنافستي فهذا مجرد حلم أحمق انتظروا فقط قريبًا سأجعلهم جميعًا يدفعون الثمن واحدًا تلو الآخر.”
كانت هذه الفتاة التي لم تتجاوز الرابعة عشرة تتحدث عن طموحاتها دون خجل ولكن ذلك لم يجعل الآخرين يشعرون بأنها مجرد تهديدات فارغة.
كان شوان تشينغ محقًا؛ أولئك الذين تمكنوا من النجاة في القصر هم أشخاص لا يجب الاستهانة بهم ولو كانت الأميرة مجرد فتاة بريئة لا تعرف شيئًا لكانوا قد مزقوها دون أن يتركوا أثرًا ربما في البداية لم تكن متأقلمة ، لكن البعض يولد وفي داخله وحش بري وكانت باي ماو ماو من هذا النوع.
بعد انتظار لحوالي نصف ساعة ظهر باي جيانغلون أخيرًا برفقة الإمبراطورة وعلى عكس كلام الأميرة كانت الإمبراطورة تتمتع بجاذبية فريدة وهيبة واضحة. من لا يعرف حقيقتها قد يظن أنها تحمل شيئًا من الرحمة لكن من خلال تعبير شوان تشينغ الهادئ بدا واضحًا أنه لم يكن يكنّ لها الكثير من الود ومع ذلك لم تهتم الإمبراطورة ، وابتسمت مرحبةً بهم.
عندما رأت الفاكهة المكسورة على الأرض وضعت يدها على فمها وقالت: “ماو ماو ، كيف تكونين مهملة هكذا؟ هل جُرحت يداك؟ أوه حذاء لين غونغزي الأبيض تلطخ بعصير العنب يا للأسف كان جميلاً والآن أصبح متسخًا…”
لوح لين روفي بيده قائلاً: “لا بأس ، لا ضرر في ذلك.”
عادت الأميرة فجأة إلى هيئة الطفلة المطيعة وهمست: “أنا آسفة جلالتك كنت متحمسة جدًا لرؤية السيد شوان تشينغ والآخرين… فأوقعت الفاكهة دون قصد.”
قاطعهما الإمبراطور قائلاً بملل: “كفى ، ليس بالأمر الكبير لدينا ضيوف هنا، تحلي ببعض اللباقة.”
ابتسمت الإمبراطورة ابتسامة محرجة وجلست بهدوء.
قال الإمبراطور: “شوان تشينغ هي لا تصدقني لكنها تثق بك أخبرها ما الذي يجري مع ذلك الشيء، وهل ماو ماو تعمدت إيذاء ولديها المتبجحين؟”
أومأ شوان تشينغ وبدأ في شرح الحادثة لكنه كان ذكيًا حيث تجاوز بعض التفاصيل المهمة وأوضح أن ذلك الشيء كان يراقب سكان القصر منذ وقت طويل دون أن يحدث شيء ولكن بسبب الجدال العنيف الذي حدث بين الأميرة وشخص ما اغتنم الشيء الفرصة ما يعني ضمنيًا أن الأمر لم يكن خطأ الأميرة بالكامل وأن للأمراء نصيبًا من المسؤولية.
زاد وجه الإمبراطورة قتامة أثناء حديثه لكنها أجبرت نفسها على الابتسام وقالت: “سيد شوان تشينغ ، ذلك الشيء لن يظهر مجددًا أليس كذلك؟”
رد شوان تشينغ: “لا لقد تم أخذ الشيء بعيدًا يمكن لجلالتك أن تطمئن.”
قالت الإمبراطورة: “هذا جيد هذا جيد لدي ولدان فقط وإذا أصابهما مكروه ، فلن أتحمل ذلك.”
وبينما كانت تتحدث مسحت زاوية عينيها بطريقة مفتعلة دون أن تسقط دموع حقيقية.
سأل باي جيانغلون من الجانب: “إذن، هل انتهى الأمر؟”
كانت الإمبراطورة ترغب في قول شيء آخر لكنها عندما رأت البرودة في عيني الإمبراطور ابتلعت كلماتها بصعوبة وقالت: “هذان الولدان بالفعل، يتحدثان كثيرًا لا أدري من أين تعلما هذه الوقاحة.”
في الواقع ، كان الجميع يدركون الحقيقة في أعماق قلوبهم في هذا القصر لا يوجد الكثير ممن يجرؤون على توبيخ الأميرة المفضلة لدى الإمبراطور ويمكن عدهم على أصابع اليد الواحدة كيف يمكن للخدم أن يمتلكوا “قلوب دببة وأحشاء كلاب” (جرأة ووقاحة) كهذه؟
كان باي جيانغلون على علم بالأمر لذا ابتسم بسخرية وقال: “بما أنكِ لا تستطيعين السيطرة على خدم قصركِ ، فسأقوم أنا بذلك.”
ثم أصدر أمرًا بأن يُنفى الخدم الشخصيون الذين كانوا مع الأميرين منذ طفولتهم للعمل الشاق على الحدود شعرت الإمبراطورة بألم في قلبها، لكنها أدركت أيضًا أن حل المشكلة بهذه الطريقة هو أفضل نتيجة ممكنة.
أما الأميرة الثالثة التي تسببت في إصابة الأميرين فقد تم معاقبتها أيضًا لكن العقوبة بدت شكلية للغاية فقد قيل إنها حُرمت من الامتيازات لمدة ثلاثة أشهر وتم تقييد حركتها لعشرة أيام فقط كان هذا أشبه بعدم وجود عقوبة على الإطلاق.
عندما كُشف عن هذه العقوبة حتى لين روفي، الذي لم يكن على دراية بقوانين القصر ، لاحظ أن باي جيانغلون كان منحازًا بوضوح كانت الإمبراطورة تشعر بالغيظ حتى أصبحت أسنانها تؤلمها لكنها لم تجرؤ على الاعتراض.
بعد تسوية هذه المسألة نظم باي جيانغلن مأدبة شكر فاخرة تكريمًا لشوان تشينغ ولين روف كانت المأدبة مهيبة وحرصت خلالها العديد من الجوارى على تقديم النخب لشوان تشينغ تعبيرًا عن امتنانهن وخلال الحفل تمكن لين روفي من رؤية الأمير الأول الذي سمع عنه فقط ولكنه شعر ببعض خيبة الأمل؛ فقد بدا الأمير الأول ضعيفًا وغير مثير للإعجاب بل يمكن وصفه بأنه باهت لم يرث أيًا من عظمة باي جيانغلون أو غرابة الأميرة الثالثة.
كانت الأميرة الثالثة تجلس بجوار لين روفي ولاحظت نظرته فابتسمت وسألته: “لين غونغزي ، هل تشعر أن مظهر الأمير الأول مخيب للآمال؟”
أجاب لين روفي: “هو مختلف عما تخيلته ، يمكن القول إنه مخيب للامال قليلاً.”
لم يكن وصفه بأنه مخيب للآمال مناسبًا تمامًا.
قالت الأميرة الثالثة: “لا يمكن إلقاء اللوم عليه بالكامل على الرغم من أنه الأمير الأول ، فإنه ابن لمحظية وليس محبوبًا من أحد عندما كانت المحظية مي موجودة كانت الأمور على ما يرام لكن بعد وفاتها أصبحت حالته أسوأ سمعت من المربية أنه تعرض للتنمر المأساوي من قِبل الأمير الثاني منذ صغره ، بل وأُلقِيَ به في بركة متجمدة ذات شتاء وبعد إنقاذه أصيب بمرض وأصبح أقل ذكاءً ولم يتغير الوضع إلا بعد مجيئي.”
كان الإمبراطور يحب الأميرة الثالثة أكثر من أي أحد آخر لذا لم يجرؤ الكثيرون على التنمر عليها ومع ذلك كان هناك من يجرؤ على وصفها بـ”غير الشرعية” في وجهها لم يكن لديها دعم أمومي لذا كانت حالتها مشابهة للأمير الأول وحيدة تمامًا.
قالت الأميرة: “كان الظل يرافقني لفترة طويلة في البداية كنت خائفة لكنني أدركت فجأة أن هناك الكثير من الأشخاص في القصر الذين قد يؤذونني، لكن الظل لم يكن واحدًا منهم… غونغزي لين هل يمكنك أن تخبرني ما الذي فعله السيد شوان تشينغ بالظل؟”
أجاب لين روفي: “هو الآن معي.”
سألته: “معك؟”
رد قائلاً: “نعم.”
بدت الأميرة محبطة وهمست: “لو أستطيع ، لوددت أن أراه مجددًا.”
لم تكن تعلم أن غو شواندو الذي كان يقف بجانب لين روفي جعل ظله الأسود ينهض ببطء من الأرض مد الظل يده بحذر ولمس رأس الأميرة الثالثة وكأنه يشكر الفتاة التي رافقته طوال هذا الوقت.
بعد أن انتهى الجميع من الطعام والشراب ، بدأ الحضور بالتفرق تدريجيًا.
كان لين روفي قد شرب بضع كؤوس وأصبح في حالة سكر خفيف صعد ببطء إلى العربة ولاحظ أن شوان تشينغ كان جالسًا بالفعل بداخلها.
سأله بفضول: “كيف وصلت بهذه السرعة؟ ألم تكن محاطًا بمجموعة من الناس قبل قليل؟”
كان الجميع يعرفون أن شوان تشينغ شخصية بارزة في نظر الإمبراطور لذا كانوا يتهافتون للتحدث معه لو لم يكن راهبًا لربما كانت هناك العديد من الفتيات اللواتي يردن الاقتران به.
أجاب شوان تشينغ: “تسللتُ بعيدًا عندما يكون هناك الكثير من الناس يصبح الأمر مزعجًا.”
أومأ لين روفي وبينما كان ينادي السائق لينطلق لاحظ رجلاً يرتدي ثوبًا قرمزي اللون يقف عند زاوية بوابة القصر لم يكن سوى الأمير باي تيانروي ، الذي لم يظهر طوال اليوم كان غيابه عن المأدبة غريبًا بالنسبة للين روفي ولم يتوقع أن يراه الآن لكنه لم يقترب بل اكتفى بالنظر إلى العربة من بعيد بتعبير غامض.
سأل لين روفي بفضول: “باي تيانروي يقف هناك هل هو يبحث عنك؟”
رد شوان تشينغ ببرود: “لا أعتقد.”
قال لين روفي متشككًا: “لكن هو…”
ابتسم شوان تشينغ فقط ولم يقل شيئًا.
بما أن شوان تشينغ لم يُظهر اهتمامًا برؤية الأمير لم يكن بوسع لين روفي فعل أي شيء حيال ذلك أعطى السائق إشارة وانطلقت العربة خارج القصر بسرعة.
في المدينة أُلغيت حالة حظر التجول ومع حلول الظلام امتلأت المدينة بالأضواء مرة أخرى أضاءت الفوانيس المصممة بأساليب متنوعة أنحاء الإمبراطورية كانت تلك الفوانيس بمثابة تحف فنية ولين روفي حتى رأى فوق أحد الأجنحة فانوسًا على شكل تنين يدور حوله من بعيد بدا وكأنه تنين ناري يلتف حول الجناح نابض بالحياة بشكل مذهل.
شعر لين روفي بالنعاس قبل قليل لكنه أصبح فجأة مهتمًا وسأل شوان تشينغ عما إذا كان يرغب في التنزه فوافق الأخير بسرور.
الشوارع كانت مليئة بالباعة المتجولين ، والجو يعج بالحيوية والبهجة كأنها ليلة رأس السنة سكان مدينة دينغشياو المعتادون على حياة الليل كانوا قد احتجزوا طيلة شهر بسبب حظر التجول ولكن مع رفع الحظر، بدوا كالأرانب التي خرجت من القفص مليئين بالطاقة والمرح.
أبدى لين روفي اهتمامًا خاصًا بشراء تماثيل الحلوى الصغيرة ، وطلب من البائع أن يصنع له تمثالًا صغيرًا لراهب وعندما حصل عليه ناوله بسعادة إلى شوان تشينغ.
ابتسم شوان تشينغ وهو يأخذ التمثال ويمسكه بيده.
قال لين روفي: “إنه جميل جدًا.”
رد شوان تشينغ: “مهرجان الفوانيس هو أجمل يوم في دينغشياو إذا كنت حرًا يمكنك الحضور للاستمتاع ، ولكن أين تخطط للذهاب بعد ذلك؟”
أجاب لين روفي: “سأسير على الطريق الرسمي جنوبًا إذا لم يحدث أي طارئ فوجهتي المقبلة ستكون منزل عائلة هي.”
قال شوان تشينغ محذرًا بابتسامة خفيفة: “إذاً، كن حذرًا عائلة هي تحترم الفنون القتالية وكلهم متهورون هذا الجسد الهش لغونغزي قد لا يلقى الترحيب.”
بدا وكأنه يحذر لكنه في الواقع كان يمازح لين روفي.
ضحك لين روفي وهز رأسه موافقًا.
كانت الشوارع مزدحمة للغاية وبينما كان لين روفي يتفحص بعض الأشياء الصغيرة المعروضة انفصل عن شوان تشينغ عندما انتبه للأمر ، بدأ يبحث عنه في كل مكان لكنه لم يجد له أثرًا وفي أثناء مروره بأحد الأزقة لمح فجأة شخصين واقفين كانت الأضواء خافتة لكن لين روفي تمكن من التعرف على وجهيهما: أحدهما كان شوان تشينغ والآخر كان باي تيانروي.
يبدو أن باي تيانروي كان قد شرب كثيرًا ولم يكن مستعدًا لترك شوان تشينغ وشأنه بدا شوان تشينغ عاجزًا فترك نفسه يُسحب من قبله وفي النهاية، اضطر شوان تشينغ إلى تهدئته كأنه يهدئ طفلًا بل وأعطاه تمثال الراهب الصغير الذي صنعه له لين روفي باي تيانروي مد لسانه ولعق التمثال ثم شكا وهو في حالة سُكر: “شوان تشينغ حلو كنت أعتقد أنك ستكون مرًا.”
أجاب شوان تشينغ: “الرهبان مليئون بالمرارة بالفعل.”
رد باي تيانروي: “نعم ولن تجد راهبًا أكثر مرارة منك في هذا العالم.”
ابتسم شوان تشينغ بخفة .
عندما رأى لين روفي هذا المشهد شعر بيد غو شواندو تربت على جبهته مما جعله يبتعد عن الزقاق قال غو شواندو بنبرة مرحة: “متى بدأ شياو جيو يتبنى هذه العادات السيئة؟ هل أصبحت تتلصص على الآخرين وهم يغازلون الراهب؟”
رد لين روفي بدهشة: “الراهب وباي تيانروي يغازلان؟ كيف لم ألحظ ذلك؟”
قال غو شواندو: “إذًا ما تعريف شياو جيو للمغازلة؟”
تأمل لين روفي للحظة ثم أجاب بتردد: “ربما كتابة قصائد الحب والاستماع إلى الألحان معًا؟”
بدا غير واثق لأنه كان قد قرأ عن ذلك فقط في الكتب.
ضاقت عينا غو شواندو قليلاً ثم أمسك بمعصم لين روفي وقلب يده ليُشابك أصابعهما معًا كانت يده باردة قليلًا لكنها بدت مريحة في حرارة الصيف.
قال: “إذا لم يفهم شياو جيو ، سأقوم بتعليمه ما رأيك؟”
لين روفي: “هاه؟”
قبل أن يتمكن من استيعاب ما يحدث جذبه غو شواندو إلى زقاق آخر دفعه بلطف على كتفه حتى أصبح محاصرًا بين الحائط وجسد غو شواندو كان غو شواندو أطول منه وكانا قريبين جدًا لدرجة أن لين روفي استطاع رؤية شامة سوداء صغيرة على عنق غو شواندو النحيف.
قال غو شواندو بنبرة ناعمة: “شياو جيو الخاص بي متى ستكبر؟” ثم قرص شحمة أذن لين روفي وبدأ يدلكها برفق.
ارتعش جسد لين روفي بينما احمرت شحمة أذنه البيضاء لتصبح بلون أحمر زاهٍ كانت عيناه المترنحتان بسبب السُكر ممتلئتين بشيء من الدموع، وهمس قائلاً: “معلم ، ما الذي تفعله؟”
أجاب غو شواندو بابتسامة: “أغازلك.”
ثم أضاف، “رغم أنني أريد فعل شيء أكثر جرأة ، لكنني قلق أن شياو جيو لن يتقبله الآن.”
كانت كلماته مباشرة للغاية مما جعل لين روفي يشعر بالعجز احمر طرف عينيه وبدأ قلبه ينبض بشدة ، وكأنه طبلة تُقرع لم يفهم السبب لكن نظرة غو شواندو الممتلئة بالطمع جعلته يشعر ببعض الخوف حاول أن يدير وجهه بعيدًا لكن غو شواندو أمسك بذقنه برفق.
قال غو شواندو: “على أي حال شكرًا لك شياو جيو على مساعدتي في العثور على ظلي.”
رد لين روفي بصعوبة: “معلم … أنت تبالغ.”
قال غو شواندو: “أنا لا أبالغ.”
ثم أسقط قبلة خفيفة على ذقن لين روفي وأخذ نفسًا عميقًا وقال: “لنعد الآن.”
جسده الذي كان مشدودًا أخيرًا ارتخى لكن لين روفي شعر أن قدميه كانتا ضعيفتين ولم يجرؤ على النظر مباشرة في عيني غو شواندو حاول التظاهر بأن كل شيء كان طبيعيًا ولكن خطواته المرتبكة كشفت عن اضطرابه الداخلي غو شواندو تبعه بخطوات هادئة ومريحة كان يعرف طبيعة لين روفي بدقة؛ بعض الأشخاص يلينون باللطف لكنهم يرفضون القوة وطريقة “طهي الضفدع في ماء دافئ” كانت الأنسب في هذه الحالة.
عاد لين روفي مسرعًا إلى النزل لكنه صادف شوان تشينغ عند المدخل وكأنه قد عاد للتو عندما رأى شوان تشينغ لين روفي أطلق تنهيدة ارتياح وقال: “إلى أين ذهب غونغزي لين؟ بحثت عنك لفترة ولم أجدك.”
أجاب لين روفي بعبارة مقتضبة: “آه، ذهبت فقط لشراء شيء ما.” ثم سأل: “وماذا عنك سيد شوان تشينغ؟”
رد شوان تشينغ: “أنا أيضًا اشتريت بعض الأشياء بشكل عشوائي.” من الواضح أنه كان يحاول إخفاء شيء ما.
حدّق الاثنان ببعضهما للحظة قبل أن يظهر الإحراج على وجهيهما ثم حث كل منهما الآخر على أن الوقت قد تأخر ويجب عليهما أن يخلدا للراحة.
عندما وصل لين روفي إلى غرفته في الطابق العلوي أدرك فجأة أنه عاد خالي الوفاض ولم يجلب معه أي شيء بالإضافة إلى ذلك شوان تشينغ لم يكن لديه حتى نقود معدنية في كيسه فكيف تمكن من شراء أي شيء؟
آه، يا لها من أعذار واهية! ضحك لين روفي باحراج .
وات الراهب والامير ابدا ماقدرت اشبكهم كيف سارت
ردحذفمتى بيفهم روفي تعبت اخخخخخ غو تعدى التلميح سار صراحة واخونا لسع ما استوعب
ردحذف