القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch69 | رواية سيف بارد على ازهار الخوخ

 Ch69


حمل هي شيي الشبل الصغير الذي يصرخ وأخذه نحو الطريق الجبلي وما إن دخل الجبل بوجه متجهم حتى غاب الصوت تماماً
في البداية انتظر لين روفي داخل العربة لكنه سرعان ما شعر بنفاد الصبر ، قرر النزول من العربة واتخذ من ظل شجرة بجانب الطريق مكاناً للانتظار.

لفحته حرارة الجو وملأت أصوات الزيز المزعجة أذنيه فيما غطى جلده طبقة من العرق الناعم ظل يحرك يديه ليخلق تياراً من الهواء يخفف عنه لهيب الشمس وبينما كان يتساءل في نفسه عن سبب غياب أي حركة من جهة هي شيي 
دوّى فجأة زئير غاضبٌ قويّ على مقربةٍ منه زئير لا يمت للبشر بصلة ، أقرب ما يكون إلى صوت وحش هائل.

بمجرد سماعه هذا الصوت أدرك لين روفي أن أمراً خطيراً قد وقع وكما توقع بعد لحظات قليلة انطلق شعاعان من الضوء نحو السماء؛ أحدهما أبيض والآخر أسود الضوء الأبيض لم يكن إلا سيف هي شيي أما الأسود… وبينما كان لين روفي يركز عينيه على السماء محاولاً تحديد مصدره

إذا بصوت هدير مألوف ينبعث بجواره نظر إلى الأسفل بدهشة وتوقف في مكانه.

شبل الشيطان الذي تركه مع هي شيي قبل قليل كان يجلس عند قدميه بسعادة لكن ما أثار استغرابه هو حجمه الذي تضاعف فقد بات يكاد يصل إلى مستوى ركبتيه بعدما كان بحجم الكف. 

وما إن لاحظ الصغير أن لين روفي ينظر إليه حتى أظهر حماساً شديداً وتقدم نحوه بعيون حمراء تلمع بتوقٍ لا يمكن إخفاؤه وكأنه يقول: “المسني! المسني الآن!”

حدّق لين روفي في المشهد أمامه بصمت: “……” كان يرغب في لمس صغير الشيطان لكن معركة والده المستعرة على مقربة لم تكن لتسمح بمثل هذا التصرف.

نقل بصره بين القتال المشتعل وبين هذا الصغير المفعم بالحماس 
وخلسةً مد يده ولمس رأسه بخفة ثم خدش ذقنه لاحظ كيف أغمض الصغير عينيه من شدة السعادة 

فابتسم قائلاً: “فتى طيب.”

أصدر الصغير صوتاً يدل على راحته وكاد يتدحرج على الأرض من شدة الاستمتاع.

ولكن في خضم هذه اللحظة هبّت فجأة ريح قوية من فوقه شعر بها لين روفي وأخرج درعه الخشبي من خاتمه بسرعة ليضعه أمامه كدرع واقٍ
اخترقت الريح الدرع بصوت حاد “وش!” وشعر بقوة هائلة تضغط على ذراعه ترافقت مع صوت رجل غاضب يصرخ: “أتعامل ابني وكأنه قطة؟!”

ابتسم لين روفي بحرج: “سوء فهم، مجرد سوء فهم لا أكثر.”

بينما كان غو شواندو، الذي يراقب المشهد من الجانب قد انفجر ضاحكاً.

صاح هي شيي الذي اندفع مسرعاً نحوهم ووجهه يتصبب عرقاً: “توقف فوراً! لا تؤذِ الأبرياء!”

لكن الرجل الأسود الشعر والملابس رغم أنه سحب سيفه بقيت عيناه أشد حدة من أي سيف مركزتين على لين روفي دون أن تزيغا أشار بالسيف نحوه وقال: “هذا هو الأب الذي اختاره ابني؟”

ضحك هي شيي بمرارة: “إنه… مجرد سوء فهم ، لين غونغزي كان فقط في المكان صدفة.”

رد الرجل بنبرة ساخرة: “لا وجود لمثل هذه الصدفة في هذا العالم.”

لم يجد هي شيي ما يرد به.

كان الرجل بملامحه يبدو بشرياً تماماً لولا عينيه الحمراوين اللتين فضحتا حقيقته ككائن غير بشري نظر إلى لين روفي بحدة 

وقال بصوت منخفض مشحون بالغضب: “أنتم البشر سرقتم ابني وضللتموه لاختيار الأب الخطأ لم أرتكب مجزرة لأجل هيبتكم أليس هذا كافياً؟!” 

ازدادت نبرته حدة وهو يتابع: “لكن هذا العبث لن يستمر! يجب أن يموت!”

مع تلك الكلمات تصاعدت الهالة الغاضبة المحيطة بالرجل كأنها لهيب مشتعل وبدأت تلتهم الهواء المحيط.

أما هي شيي فقد بدا أن رأسه يوشك على الانفجار من الصداع وقبل أن يتمكن من قول شيء آخر كان الرجل الذي علم لاحقاً أنه يُدعى يي مو قد رفع سيفه الأسود مجدداً مستعداً للضربة.

استعد لين روفي أيضاً ورفع درعه الخشبي بيده إلا أن غو شواندو ضغط على ذراعه وقال: “استخدم سيفك.”

تردد لين روفي قليلاً لكنه أطاع كلام غو شواندو وضع الدرع الخشبي جانباً وسحب سيف “غو يو” الذي لم يُستخدم منذ مدة طويلة.

بمجرد أن خرج السيف من غمده بدا وكأنه يرقص من الحماسة وأصدر صوت طنين مميز لكن المفاجأة جاءت عندما توقف يي مو فجأة في الهواء، ونظر إلى السيف بعينين تحملان الريبة.

سأل بصوت عميق: “من أين أتيت بهذا السيف؟!”

أجاب لين روفي: “هدية من صديق.”

“هدية؟” تساءل يي مو، وقد ضاق نظره: “أي صديق؟ متى حصلت عليه؟ وما اسمك؟”

بدا لين روفي مصدوماً قليلاً لكنه أجاب: “أنا لين روفي ، الابن الرابع لعائلة لين في جبال كونلون أما الصديق فقد التقيته مرة واحدة في جبال شيليانغ……”

قاطعه يي مو مستفسراً بلهفة: “مرة واحدة فقط؟! كيف كان شكله؟ ما الذي كان يرتديه؟”

نظر لين روفي إلى غو شواندو الذي ظل صامتاً وأجاب: “كان وسيم الملامح للغاية ويرتدي ثوباً أحمر.” 
ثم تساءل بحيرة: “لماذا تسأل؟”

صمت يي مو قليلاً ثم ألقى نظرة على السيف مجدداً وقال: “لا يهم.” 

بعد ذلك التقط صغيره الذي كان يراقب المشهد بفضول ، واستدار للمغادرة.

لكن لين روفي شعر بأن هناك شيئاً خفياً في الأمر، فهتف: “انتظر!”

توقف يي مو ونظر إلى الخلف.

سأله لين روفي بنبرة ملؤها الفضول: “هل تعرف صاحب هذا السيف؟!”

رد يي مو بسؤال آخر: “وأنت؟ ألا تعرف؟”

هز لين روفي رأسه فأجابه يي مو ببرود: “غريب… تحمل سيف الحاكم السماوي ، ولا تعرف الحاكم السماوي؟”

“ماذا؟!”

“ماذا!”

هتف كل من هي شيي ولين روفي بدهشة علت وجهيهما تعابير الذهول 

ورددا بصوت واحد: “هذا سيف الحاكم السماوي؟!”

ضيّق يي مو عينيه وقال: “أنتم لا تعرفون حتى سيف من تحملون؟”

احتج هي شيي قائلاً: “لكن… الحاكم السماوي اختفى منذ مئة عام……”

قاطعه يي مو قائلاً بحزم: “هذا هو سيف الحاكم السماوي لقد رأيته بأم عيني قبل مئات السنين.”



في ذلك الوقت كان مجرد شيطان صغير غير ناضج لكنه شهد بنفسه ذلك المشهد المهيب للرجل الذي كان يرتدي حلة حمراء وهو يقتحم مدينة الملك بقوة ساحقة ويقطع رأس ملك جميع الشياطين.

كما أن غمد السيف الضخم الذي كان يحمله على ظهره ترك أثراً عميقاً في ذاكرته أثراً لم يستطع محوه مهما مر الزمن.


كان الحاكم السماوي شخصية غامضة وقليلة الظهور وحكايات جيانغهو عنه لا تعد ولا تحصى لكن اليي مو لم يكن يؤمن بالشائعات بل كان يصدق ما رأته عيناه فقط فهو قد رأى بنفسه الحاكم السماوي يحمل غمدًا ضخمًا يضم ما لا يقل عن أربعة وعشرين سيفًا والسيف الذي يحمله لين روفي بين يديه كان أحدها.

قال هي شيي بحماس لا يصدق: “هل يُعقل أن الشخص الذي قابلته يا لين غونغزي هو الحاكم السماوي؟!”

التفت لين روفي بنظرة مترددة نحو غو شواندو الذي ظل صامتًا بجانبه ثم تمتم: “هذا… لا أعرف…”

قال يي مو بنبرة متغطرسة: “بما أنك صديق للحاكم السماوي ، سأمنحك بعض الوجه .” 

رفع ذقنه وأردف ببرود: “لكن إن تكرر الأمر مرة أخرى فسأضمن أن لا يبقى أحد حيًا في المدينة الواقعة خلفك.”

للأسف الشبل الصغير في حضنه لم يكن يمنحه أي وجه وظل يموء بلا توقف ومدّ كفّيه نحو لين روفي محاولًا الإفلات من قبضة والده استشاط يي مو غضبًا من صياحه فرفع يده وأمسكه من مؤخرة عنقه عندها فتح القط الصغير عينيه بدهشة وتجمّد في مكانه.

عض يي مو أذن القط الصغير بغيظ وقال: “أيها الغبي ، توقف عن هذا.”

أصدر الشبل صوتين متذمرين صغيرين لكنّه لم يتوقف عن إرسال نظراته المليئة بالحسرة نحو لين روفي ويبدو أن يي مو لم يدرك أنه ما زال في هيئة بشرية فقد حاول غريزيًا أن يحمل القط بفمه وعندما وصل القط إلى شفتيه أدرك أن شكله الحالي لا يناسب هذا التصرف فأطلق تنهيدة استياء وتحول فورًا إلى هيئته الأصلية.

اتضح أن يي مو البالغ كان يمتلك فراءً ناصع البياض يشبه في هيئته فهدًا ضخمًا لكن تفاصيل فروه الطويلة أضفت عليه لمسة من الرقة كان جسده كبيرًا للغاية أطول قامة من هي شيي بكثير فتح فمه ليمسك بالشبل الصغير الذي ما زال يحاول التملص ثم ارتفع سحاب أسود تحت قدميه وبدأت صورته تتلاشى تدريجيًا.

ظل لين روفي وهي شيي واقفين في مكانهما مستغرقين في التفكير بعد أن صدمتهما الأخبار التي كشف عنها يي مو للتو استغرق الأمر منهما بعض الوقت ليعودا إلى وعيهما.

قال لين روفي مقترحًا: “لنعد؟”

رد هي شيي بهز رأسه موافقًا: “نعم لنعد.”

خلال رحلة العودة سيطر الهدوء على أجواء العربة وبسبب وجود هي شيي لم يستطع لين روفي قول أي شيء لغو شواندو وعندما وصل أخيرًا إلى غرفته أغلق النوافذ والأبواب بإحكام ثم جلس أمام غو شواندو وقد ارتسمت على ملامحه تعابير جدية.

قال لين روفي: “أيها المعلم .” 

بدا هذا النداء مثقلًا بالجدية لكنه أثار ضحك غو شواندو أسند غو شواندو ذقنه على يده ونظر إلى لين روفي برفق وسأل: “ما الأمر؟”


سأل لين روفي مباشرة: “هل أنت الحاكم السماوي؟”

رغم أن الفكرة كانت تخطر بباله منذ فترة إلا أنه وجد الأمر شديد الغرابة كيف يمكن للحاكم السماوي تلك الشخصية الأسطورية التي توجد فقط في كتب التاريخ أن يكون بجواره يعلمه المبارزة بل ويهديه سيفه؟

رد غو شواندو: “نعم… ولا.”

قطب لين روفي حاجبيه وسأل: “ما الذي تعنيه؟”

أجاب غو شواندو: “المعنى الحرفي.” 

كانت نبرته هادئة ومليئة باللامبالاة متناقضة تمامًا مع حيرة لين روفي الواضحة ثم أردف: “هل من المهم حقًا إن كنت أنا الحاكم السماوي أم لا؟”

قال لين روفي: “بالطبع هذا مهم.”

سأله غو شواندو: “لماذا هو مهم؟”

فتح لين روفي فمه ليجيب لكن الكلمات توقفت عند شفتيه أدرك أنه لا يستطيع الإجابة على هذا السؤال بالنسبة له كان الحاكم السماوي مجرد أسطورة بعيدة المنال سواء كانت تلك الأسطورة حقيقية أم لا فإن ذلك لن يغير شيئًا في حياته.

قال غو شواندو مقاطعًا: “كما ترى لا تستطيع الإجابة ، أليس كذلك؟ إذًا ماذا لو كنت الحاكم السماوي؟ لن يتغير شيء بسبب ذلك.”

اعترض لين روفي: “لا… ليس الأمر كذلك.”

رد غو شواندو بثقة: “بل هو كذلك.” 
ثم أضاف: “اسم ‘الحاكم السماوي’ لم يُختَر إلا من أجل الناس ولكن العالم واسع فهل يوجد أحد ما زال يتذكر الاسم الحقيقي للحاكم السماوي؟ هل يعلم شياو جيو ما كان اسم الحاكم السماوي؟”


لاذ لين روفي بالصمت. في الحقيقة لم يكن يعرف الاسم الحقيقي للحاكم السماوي مثل الجميع الذين كانوا يكتفون بمناداته بهذا اللقب فقط
تمتم: “أنا آسف.”

ضحك غو شواندو ولوح بيده بلامبالاة كأنه لم يعر الأمر اهتمامًا.

تردد لين روفي قليلًا ثم سأل بخفوت: “أيها المعلم… كيف أصبحت على هذه الحال؟ هل أصابك أحدهم بجروح؟”

رد غو شواندو بهدوء: “لا كان الأمر مجرد سوء حظ أثناء عبوري للفراغ لم أتحمل صاعقة السماء فتشتتت أرواحي.”

قالها بخفة لكن ملامح لين روفي توترت وهو ينصت.

سأله بشك: “فقط بسبب صاعقة السماء؟”

أجاب غو شواندو بهزة رأس خفيفة: “أجل.”

لم يصدق لين روفي هذه الإجابة تذكر جيدًا الصندوق الذي وُجد مدفونًا عند جذور شجرة شيويو الخاصة بعائلة هي عندما سقطت قبل أيام ذلك الصندوق لم يكن يحتوي على أشياء عادية بل على عظام بيضاء متآكلة إذا كان غو شواندو قد مات بسبب صاعقة السماء فلا يمكن لجسده أن يظل محفوظًا فكيف بالعظام المتناثرة؟ 

بدا أن غو شواندو لم يرغب في الخوض في التفاصيل ووجد حجة بسيطة لتجاوز الموضوع ضغط لين روفي شفتيه قليلًا ولم يواصل الحديث.

غو شواندو نفسه لم يكن يتوقع أن يتعرف يي مو على سيف “غو يو” لو علم بذلك مسبقًا لكان فضل أن يستخدم شياو جيو الدرع الخشبي الذي كان معه في الماضي كان غمد الحاكم السماوي يحمل أربعة وعشرين سيفًا بدءًا من “لي تشون” وحتى “دا هان”.

وفي ذلك الغمد الصغير كان هناك سيف يُسمى “تشون تشيو”.

غرق غو شواندو في دوامة ذكرياته تذكر الكثير من الأشياء والكثير من الأشخاص ربما بسبب ما حدث للعظام الجافة ، عادت إليه أمور كان قد نسيها منذ زمن بعيد.

ساد الصمت الغرفة احتسى لين روفي شايه البارد وراح يعبث بمقبض سيف “غو يو” بين يديه بجواره كان غو شواندو يجلس بهدوء، ملامحه جامدة كأنه تمثال بوذا في أحد معابد داجينغ.

لا أحد يعرف كم من الوقت مر عليهما وهما في هذا الوضع حتى قُطع الصمت بطرق على الباب 
عندما قال لين روفي: “ادخل”، ظهر هي وانشيانغ بابتسامته المعتادة.

قال هي وانشيانغ: “ما الذي تفعله يا لين غونغزي؟”

رد لين روفي: “لا شيء فقط أجلس وأحدق في الفراغ.”

عرض هي وانشيانغ: “إذًا لمَ لا تخرج معي في نزهة؟ أخي قال إنه يريد أن يريك شيئًا.”

سأله لين روفي: “ما هو؟”

أجابه هي وانشيانغ مبتسمًا: “ستعرف عندما تصل.”

نهض لين روفي وتبع هي وانشيانغ سار الاثنان باتجاه قاعة الأجداد.

عند دخوله رأى لين روفي هي جيتيان وهي شيي يقفان بجوار مكتب يتناقشان حول شيء ما عندما لاحظا قدومه لوحا له بسعادة ودعواه للاقتراب.

سأل لين روفي: “ما هذا؟”

رد هي جيتيان: “هذه شجرة العائلة الخاصة بعائلة هي.” 

أضاف بنبرة جدية: “لين غونغزي لقد استمعتُ إلى ما رواه هي شيي عن ما حدث اليوم.”

لم يكن التحديق في رجل قوي وطويل القامة بعينين مليئتين بالترقب والرجاء أمرًا مريحًا شعر لين روفي بشيء من الانزعاج وربت على ذراعيه ليهدئ قشعريرته 
ثم قال بهدوء: “إن كان لديك ما تقوله فقلها مباشرة.”

تنهد هي جيتيان وقال: “الأمر هكذا ألم يقل يي مو إنك قابلت الحاكم السماوي؟”

رد لين روفي: “لست متأكدًا إن كان هو الحاكم السماوي.”

ابتسم هي جيتيان بحرج وهو يفرك يديه: “لهذا السبب دعوناك هنا… لنؤكد الأمر.”

رفع لين روفي حاجبيه: “كيف ستؤكدون ذلك؟”

أجاب هي جيتيان بحماسة: “ربما لا يعرف لين غونغزي لكن عائلة هي تدين بفضل كبير للحاكم السماوي ، قام أحد رؤساء العائلة في الماضي باستخدام تعويذة لحفظ ملامح الحاكم السماوي.”

تألقت عينا لين روفي: “حقًا؟”

أكد هي جيتيان: “بالطبع لكن هذه التعويذة تستخدم مرة واحدة فقط وبعد ذلك نفقد القدرة على استخدامها مجددًا لذا نادرًا ما نستعملها.”

أدار هي جيتيان صفحات شجرة العائلة إلى أن وصل إلى دائرة نقشية ثم أخرج حجرًا روحانيًا عالي الجودة ووضعه بعناية في مركز النقش.

بعد أن شُحن النقش بالطاقة الروحية من الحجر ظهرت أمامهم صورة حية كأنها لوحة فنية ظهر فيها رجل يرتدي ثيابًا حمراء وعلى خصره سيف طويل وآخران قصيران 
كان يبتسم وهو ينظر برأس مائل كان الرجل وسيمًا للغاية عيناه طويلتان وضيقتان وحاجباه الحادان مائلان نحو صدغيه وشفاهه الرقيقة أشبه بأزهار الربيع المتفتحة.

كان يركب جوادًا وقد توقف الجواد عن الجري بينما الرجل يرفع يده بابتسامة استل السيف الطويل من خصره ثم طبع قبلة رقيقة عليه وقال بصوت دافئ: “مرت فترة طويلة.”



تزلزل جسد لين روفي وروحه فقد كان وجه الرجل في الصورة مألوفًا له للغاية 
هذا الوجه الذي رآه مرات لا تحصى 
هو للمعلم الذي رافقه لفترة طويلة… غو شواندو



غو شواندو بلا شك الحاكم السماوي.

تردد هي شيي للحظة قبل أن يتذكر تفصيلًا مهماً وقال: “انتظر ألم يقل ذلك الشيطان إن الحاكم السماوي كان يحمل غمدًا للسيوف؟ لماذا يحمل فقط ثلاثة سيوف في الصورة؟”


هزّ هي جيتيان رأسه بحيرة وأجاب: “لا أعلم بشأن ذلك لكنني أتذكر أن بعض كتب التاريخ ذكرت أيضًا أن الحاكم السماوي كان يحمل غمدًا يحتوي على أربعة وعشرين سيفًا تمثل الفصول الشمسية.”

عبّر هي شيي عن دهشته قائلًا: “سمعت أن الحاكم السماوي كان يحب سيوفه حبًا شديدًا في هذا العالم هل يمكن لأحد أن يُلحق الأذى بسيوفه؟”

هزّ هي جيتيان رأسه مجددًا مشيرًا إلى جهله بالأمر.

في أثناء الحديث تحولت أنظار الاثنين إلى سيف “غو يو” المعلق عند خصر لين روفي التقط الأخير الإشارة وأخرج السيف قائلاً: “عندما أعطاني المعلم هذا السيف قال إن اسمه غو يو.”

صاح هي جيتيان بحماسة قبل أن يلمس السيف حتى: “يا له من سيف رائع! سيف رائع حقًا!” 

نظر إلى السيف الذي في يد لين روفي بعينين تفيض بالحسد ثم أضاف: “يبدو أن لين غونغزي مقدر له حقًا أن يرتبط بالحاكم السماوي! ليس غريبًا أن تسقط جميع حبات الجوز الحديدي الذهبي بسببك.”

سأل لين روفي: “رئيس عائلة هي بما أن لديكم صورة الحاكم السماوي في شجرة العائلة هل يوجد أي شيء آخر مسجل عنه؟”

أجاب هي جيتيان: “بالفعل هناك بعض السجلات، لكنها ليست كثيرة.”

تابع لين روفي: “هل يمكن أن تخبرني عنها؟”

ردّ هي جيتيان مبتسمًا: “بالطبع يمكنك أن تقرأ بنفسك.” 

بدا أنه يعرف شجرة العائلة عن ظهر قلب إذ قلب الصفحات بسرعة حتى وصل إلى الجزء الذي يبحث عنه وقال: “تفضل يا لين غونغزي.”

أومأ لين روفي وبدأ بقراءة السجلات.

رغم قِدم شجرة العائلة إلا أنها كانت محفوظة بعناية وكما قال هي جيتيان لم تكن سجلات الحاكم السماوي كثيرة معظمها كان يدور حول أمور بسيطة وعادية.

قرأ لين روفي الصفحات بتمعن لكنه لاحظ اختلافًا كبيرًا بين الحاكم السماوي الموصوف في شجرة العائلة وغو شواندو الذي يعرفه
وفقًا لسجلات عائلة هي كان الحاكم السماوي سيّافًا عظيمًا لكنه اتصف بهدوء الطبع ونادرًا ما يغضب
في المقابل غو شواندو الذي رافقه يبدو متقلب المزاج وسريع الغضب مما جعله يشعر بأن هناك فجوة غريبة بين الصورتين.

نظر لين روفي إلى شجرة العائلة عدة مرات قبل أن يغلقها ثم استدار نحو غو شواندو لكنه وجده ينظر بصمت إلى اللوحة الحية المعلقة فوق رأسه
في عيني غو شواندو كان هناك مزيج من الحنين والذكريات ولين روفي لم يكن متأكدًا إذا كان متوهمًا لكنه شعر وكأن عيني غو شواندو تحملان أثر دموع لم تُذرف.

أعاد لين روفي نظره وألقى شكره إلى هي جيتيان.

سأله هي جيتيان مغمضًا عينيه بحماس: “إذن ، لين غونغزي هل كان الشخص الذي رأيته هو الحاكم السماوي؟”

ابتسم لين روفي وهزّ رأسه.

استفسر هي جيتيان: “لا؟”

أجاب لين روفي: “مم، لا.” 

لقد شعر من خلال موقف غو شواندو بأنه لا يرغب في أن يعرف الآخرون عن وجوده ولذا قرر احترام تلك الرغبة.

تنهد هي جيتيان بأسف وقال: “يا للأسف! الحاكم السماوي اختفى فجأة في ذلك اليوم الجميع اعتقدوا أنه قد اخترق الفراغ وصعد إلى عالم الخلود، لكن كانت هناك شائعات بأنه فشل في الصعود وأن قلبه الطاوي قد تحطم الأحاديث حول الأمر كثيرة والحقيقة والخيال امتزجا ولم يعد بالإمكان تمييزهما سيكون من الأفضل لو استطعنا معرفة الحقيقة عن ذلك الوقت.”

قال لين روفي: “ربما الحاكم السماوي لديه أسبابه الخاصة لعدم الظهور.”

تمتم هي جيتيان: “ربما. لا بأس، لا بأس. من الأفضل ألا نجبر الأمور.”

بعد ذلك اقترب هي شيي بخجل من لين روفي وطلب منه أن يبارزه قال إنه يريد رؤية مهارة وجمال سيف الحاكم السماوي غو يو 
لم يستطع لين روفي سوى الموافقة لكنه أوضح أنه لا يستطيع التحكم في غو يو بشكل كامل بعد لذلك طلب أن تُجرى المبارزة في مكان منعزل لتجنب إيذاء الآخرين.

ردّ هي شيي بسرعة بالموافقة.

بعد قراءة شجرة العائلة وجد لين روفي مكانًا هادئًا وخاليًا وأمسك بغو شواندو وناداه بلقب “معلم ” لكن هذه المرة أضاف: “الحاكم السماوي” بعد الكلمة.

رفع غو شواندو حاجبه وقال: “شياو جيو يسعدني أن تناديني معلم ، لكن لا يجب عليك أبدًا أن تناديني بالحاكم السماوي.”

سأل لين روفي باستغراب: “لماذا؟”

اقترب غو شواندو ولف ذراعيه حول عنق لين روفي قائلاً: “لأنني أريد ذلك.”

لين روفي: “…”

تابع غو شواندو قائلاً: “شياو جيو كُن مطيعًا واستمع لكلامي ، حسناً ؟”

لم يجد لين روفي ما يقوله.

رغم أن كلمات غو شواندو كانت تبدو وكأنها مزاح إلا أن نبرته كانت صارمة مما دفع لين روفي للتراجع عن النقاش.

سأل لين روفي بجدية: “إذا استعاد المعلم كل ما فقده هل سيتمكن من استعادة جسده الطبيعي؟”

أومأ غو شواندو برأسه قائلاً: “نعم.”

فقال لين روفي بحماسة: “إذن ، هذا يعني أن الحاكم السماوي يمكنه العودة؟”

لكن غو شواندو بقي صامتًا وبينما اعتقد لين روفي أنه لن يجيب 

أضاف بصوت خافت: “أتمنى أن يأتي ذلك اليوم.”


لين روفي ابتسم ابتسامة خفيفة.

تم حل مشكلة عائلة هي بنجاح وفي اليوم التالي خاض لين روفي وهي شيي مبارزة بالسيف ولكن بالرغم من أنها كانت تسمى مبارزة إلا أنها بدت أشبه بعرض خاص لسيف غو يو حضر جميع أفراد عائلة هي تقريبًا وتحدّقوا في غو يو بعيون متسعة كادت تخرج من محاجرها.

شعر لين روفي بعدم الارتياح من نظرات هذا الجمع حتى إنه فكّر في وضع غو يو على الطاولة إلا أن هي شيي منعه قائلًا بجدية إن السيف يجب أن يكون على خصرك ليُظهر شخصيتك كبطل حقيقي.

لم يجد لين روفي ما يرد به سوى البقاء في مكانه متحملاً نظرات الحشد وعندما انتهوا أخيرًا من التحديق تركوه يغادر بسلام.

عاد لين روفي إلى غرفته متثاقلاً ولاحظته فو هوا التي ابتسمت وسألته: “سيدي الصغير ، ما الذي حدث؟”

أجاب لين روفي: “عائلة هي يصعب رفض طلباتهم.”

ضحكت فو هوا وقالت: “سيدي ، هل هذا كل ما أردت قوله؟”

تابع لين روفي بنبرة جادة: “في الواقع أود أيضًا أن أقول بضع كلمات نابية.”

تجمّدت فو هوا للحظة 

ثم سمعت السيد الصغير ينطق فجأة: “تبًا!”

فو هوا: “……”
غو شواندو: “……”

راود الاثنين نفس الفكرة في تلك اللحظة هذا المكان لا يصلح للبقاء لفترة طويلة.

لين روفي الذي أطلق تلك الكلمة النابية للتو، شعر بانتعاش مفاجئ سأل فو هوا عن يو روي التي لم يرها طوال اليوم فأخبرته فو هوا بابتسامة أن غونغزي عائلة هي قد دعاها لشراء حلوى الذرة.

استثار هذا الكلام فضول لين روفي وقال بحماسة: “حلوى الذرة؟ أي حلوى هذه؟ أين هما الآن؟ هل يمكنني الانضمام؟”

ردت فو هوا: “يبدو أنهما في الجبل الخلفي هل تريد الذهاب لرؤيتهما؟”

قال لين روفي بحماس: “هيا بنا! أريد أن أجرب حلوى الذرة.”

ضحكت فو هوا على ردة فعله فانطلقا معًا نحو الجبل الخلفي ، بينما تبعهما غو شواندو بهدوء وعندما رأى غو شواندو كيف كان لين روفي يسير بخطوات حذرة وفو هوا ترفع تنورتها بخفة وكأنها تخشى أن يُكتشف أمرها كتم تنهيدة طويلة.

كان الجبل الخلفي لعائلة هي صغيرًا ولم يستغرق الأمر طويلًا حتى عثر لين روفي وفو هوا على يو روي وهي وانشيانغ يتحدثان كانت يو روي تمضغ حلوى الذرة ببهجة ويدها تحمل كيسًا ممتلئًا بينما وقف هي وانشيانغ بجانبها يستمع بصمت.

همس لين روفي: “تبدو حلوى الذرة هذه لذيذة للغاية.”

قالت فو هوا بنبرة حاسدة: “أجل ، وفي هذا الحر الشديد يبدو أن غونغزي عائلة هي بذل جهدًا كبيرًا.”

رد لين روفي بحسرة: “آه، عندما تكبر الفتاة يصبح من الصعب إبقاؤها معنا.” 

ثم ألقى نظرة جانبية على فو هوا.

احمر وجه فو هوا وقالت بخجل: “سيدي ، لا تمازحني من الواضح أن هذه الفتاة يو روي هي التي بدأ قلبها ينبض في الربيع.”

راقب الاثنان المشهد لفترة قصيرة وعندما لاحظا أن يو روي وهي وانشيانغ ما زالا منغمسين في حديثهما وحلوى الذرة قرر لين روفي عدم مقاطعتهما وعاد إلى غرفته.

في طريق العودة قال لين روفي إنه يريد المشي قليلًا فلوّح لفو هوا بيده وطلب منها العودة وحدها ثم وجد لنفسه مكانًا مظللًا ومنعزلًا وجلس فيه ليتأمل ويهدأ.

في أثناء جلوسه شعر فجأة بشيء يشد طرف ثوبه اعتقد في البداية أنها مجرد خيالات لكنه عندما نظر إلى الأسفل رأى قطة بيضاء صغيرة تمسك بطرف ثوبه بأسنانها.

كانت ردة فعله الأولى هي الشك لكن سرعان ما قطع صوته المتفاجئ شبح أفكاره: “لين غونغزي.”

استدار بسرعة ليجد وجهًا قريبًا جدًا منه وكاد يصطدم به تطلّع إليه بدهشة وسأل: “أنت… كيف وصلت إلى هنا؟ ألم تعد إلى مكانك؟”


الشخص الذي ناداه لم يكن سوى يي مو الذي رآه في اليوم السابق، ولكن مقارنةً بالأيام الماضية بدا أكثر بؤسًا وعندما قال “لين غونغزي”، خرجت الكلمات وكأنها تُعصر بين أسنانه.

سأله لين روفي مشوشًا: “أنت… ما هو… اسمك مجددًا؟” 

وفجأة تذكر أنه لم يعرف اسم هذا يي مو من قبل.

رد عليه يي مو ببرود: “تشي يو.”

“تشي يو غونغزي ، كيف ما زلت هنا؟” 

رمش لين روفي بعينيه وتراجع خطوة للخلف تحت نظرات تشي يو غير الودية.

سأله تشي يو بحدة: “لماذا لا تحاول التخمين حول سبب وجودي هنا؟”

وكأن كلماته كانت إشارة تحرك الشبل الصغير الذي كان يعض زاوية ثوب لين روفي بزحفه على أربع إلى حضنه ، وأصدر صوتًا أشبه بالأنين محاولًا التودد نظر لين روفي إلى القط الصغير وفهم معظم ما يجري أدرك أنه كان على خطأ 

فارتسمت ابتسامة محرجة على وجهه وقال: “هذا… “

قال تشي يو بنبرة باردة: “هذا الصغير الغبي يرفض الأكل أطْعِمه أنت أولاً.”

لم يجد لين روفي خيارًا سوى الموافقة.

تنهّد تشي يو ببرود ولوّح بيده فظهرت غزالة تم اصطيادها حديثًا على الأرض انحنى لين روفي ووضع القط الصغير على جسد الغزالة بدأ القط يلعق شفتيه ثم أخذ يلتهم الطعام بشهية.

شعر لين روفي بنظرات تشي يو غير الودية وكأنها إبر تخترق رأسه لم يجد شيئًا يقوله سوى رفع رأسه بابتسامة جافة قائلاً: “هذا… الطقس جميل اليوم أليس كذلك؟”

وكأن السماء قررت تأكيد كلماته ، انطلقت صاعقة رعد قوية فجأة.

لين روفي: “…” 

هل يجب أن يكون الأمر فعالاً إلى هذا الحد؟

ضيّق تشي يو عينيه وقال: “نعم ، الطقس جميل جدًا.” 

رغم شكله البشري لم يكن تشي يو يبدو باردًا فعليًا بل إن عينيه المستديرتين أشبه بعيني قطة مما جعله يبدو لطيفًا في البداية لكن رائحة الدم الغنية التي تحيط به أفقدته هذا الطابع اللطيف خاصةً عندما كان يُحدّق في شخص 
كان ذلك يثير خوفًا بأن الموت قد يكون قريبًا جدًا.

تمالك لين روفي نفسه وقال بهدوء: “إذن ، متى تنوي العودة؟”

نظر تشي يو إلى الصغير الذي كان يلتهم لحم الغزال بسعادة وقال ببرود: “عندما يتوقف عن كونه غبيًا.”

قال لين روفي: “القط الصغير…” 
كان طوال الوقت يُطلق على هذا الشيء الصغير اسم “القط الصغير” في رأسه لكنه عندما رأى نظرة تشي يو الغاضبة أدرك أن ذلك لم يكن مناسبًا فغيّر كلماته بسرعة وسأل: “ما اسم ابنك مجددًا؟”

أجاب تشي يو: “لم أسمِّه بعد.”

قال لين روفي: “يمكنك تسميته الآن.”

تنهّد تشي يو ببرود: “حتى لو لم أسمّه بعد ، فهو ليس ‘القط الصغير’.”

كاد لين روفي أن يختنق من كلماته

يبدو أن الصغير كان جائعًا حقًا فقد أكل حتى امتلأ بطنه واستدار ليزحف ببطء إلى حضن لين روفي مرة أخرى كان بطنه ممتلئًا ومستديرًا وبخلاف ظهره المغطى بالفراء، كان بطنه ذو الجلد الوردي القليل الشعر ناعمًا للغاية مما جعله يبدو جذابًا للغاية 
لم يجرؤ لين روفي على لمسه أكثر فوالده كان يقف بجانبه وملامحه لم تكن تبشّر بالخير.

قال لين روفي ببطء وهو يرفع القط الصغير ويعيده إلى تشي يو: “ها هو…”

تنهّد تشي يو وأخذ الصغير بملامح متجهمة ورغم أن تعبيره كان سيئًا إلا أنه تحرّك بلطف ووضع القط الصغير بحذر في جيب قميصه لكن للأسف بدا أن الصغير لا يقدّر هذا اللطف بدأ يئن ويحاول التملص من يد والده محاولًا العودة إلى لين روفي.


لم يكن أمام لين روفي سوى أن يتظاهر بعدم رؤيته.

أطعم تشي يو الصغير ثم التفت وغادر وكان ظهره قاسيًا جدًا لدرجة أن لين روفي لم يستطع إلا أن يتنهد وحده قائلاً: “لماذا تبدو عائلة يي مو وكأنها عائلة قطط؟ تشي يو، تشي يو إذا أسأت السمع قد يظن المرء أن الاسم يعني تناول السمك.”

عندما سمع غو شواندو هذا، انفجر ضاحكًا وقال: “لين غونغزي يجب ألا تقول كلمة ‘قط’ أمام عائلة يي مو فهم حساسون جدًا تجاه هذه الكلمة.”

قال لين روفي متسائلًا: “هل هذا هو والد الصغير؟ لماذا لم أرَ والدته؟”

فاجأه غو شواندو بالإجابة: “عائلة يي مو تحتاج إلى شخص واحد فقط لإنجاب الأطفال سواء كان ذكرًا أو أنثى يكفي واحد فقط.”

أصيب لين روفي بالذهول ثم سأل إن كان لازال من الضروري التفريق بين الذكور والإناث.

أجاب غو شواندو مبتسمًا: “سؤال جيد لقد سألته أيضًا من قبل.” 

وأضاف: “الشخص الذي سألته كاد أن يخدشني مرتين من الإحباط.”

لين روفي: “……”

أوضح غو شواندو: “على الرغم من قوة عائلة يي مو إلا أنهم في الواقع قلة العدد ولا يتجاوزون مئتي فرد في قارة بو إي بأكملها.” 

ثم أضاف: “لذلك من الصعب عليهم العثور على نفس جنسهم ولهذا السبب تطوروا ما دام مستوى زراعتهم عاليًا بما فيه الكفاية يمكنهم فقس البيض.”

بينما كان لين روفي يستمع لشرح غو شواندو شعر بشيء غير صحيح عبس وقال: “أيها المعلم هل تقصد أنني يجب أن أتناول علاجًا جيدًا؟ هل هذا هو ما تعنيه؟”

ضحك غو شواندو قائلاً: “كنت أمزح فقط.”

رد لين روفي قائلاً: “هذا بالفعل مضحك حقًا…” 

ثم نظر إليه بجدية مع قرار بعدم مناقشة هذا الموضوع مجددًا مع غو شواندو في المستقبل حيث كان يشعر بوجود نوع من الخطر.

في اليوم الثالث كان لين روفي ينوي مغادرة عائلة هي.

لم تتمكن الفتاة الشابة يو روي التي امتلأت معدتها بحلوى الذرة من ترك الحلوى أو الشخص الذي قدمها لها 
قام لين روفي بملاطفة هي وانشيانغ قائلًا إنه عندما تأتي المسابقة القادمة للسيوف يجب أن يتذكر أن يأتي إلى كونلون مع هي شيي وألا ينسى أن يأتي بهدية الخطوبة.

ابتسم هي وانشيانغ بابتسامة صادقة وأومأ بالإيجاب مما جعل يو روي تختبئ خجلاً في أحضان فو هوا لكن هي شيي هذا الأخ، بدا وكأنه لا يفهم، “أي هدية خطوبة؟ من الذي سيتزوج؟”

نظر لين روفي إلى تعبيره وأطلق تنهيدة طويلة في قلبه قال: “لا عجب أن مستواه في الزراعة مرتفع ولكن لا يزال عازبًا بعض الأشياء فطرية حقًا.”

انطلقت العربة مبتعدة عن عائلة هي في طريقها إلى الطريق الرسمي ولكن بعد فترة قصيرة سمع لين روفي صوت دوي قوي على سطح العربة. 

بدا أن شيئًا ثقيلًا قد سقط عليها انتفضت فو هوا التي كانت تقود العربة وتوقفت العربة بسرعة التفتت نحو السقف ورأت رجلًا يرتدي الأسود جالسًا في مقدمة العربة وعيناه حمراوتان تقترنان بنظرة شرسة مليئة بنوايا سيئة
جعلتها تلك النظرة تشعر بالقشعريرة في جسدها وقبل أن تتمكن من الكلام رأت لين روفي يرفع ستارة العربة بيديه النحيفتين 


وقال بتعبير عاجز: “الطقس حار بالخارج تعال إلى الداخل لنتحدث.”



تحول الرجل مباشرة إلى ظل ودخل العربة.

كان لين روفي يتناول مشروب البرقوق الذي صنعته له يو روي مع عسل صافٍ بداخله كان البرقوق المخلل الحلو والحامض قد جعل المشروب الأبيض الثلجي يتحول إلى لون قرمزي جذاب وكان مجرد شم الرائحة الحلوة والحامضة يخفف من شدة الحرارة.

ولكن مع تلك النظرة الثاقبة التي كانت تلاحقه أصبح من الصعب على لين روفي أخذ اللقمة التالية فسأله: “هل… ترغب في تناول بعض؟”

وفيما يخص نية لين روفي الطيبة كان تشي يو مليئًا بالشكوك: “أنت لن تسممني ، أليس كذلك؟”

أجاب لين روفي: “……” 

هل كل هؤلاء الشياطين يتحدثون بهذه الصراحة؟

رأى لين روفي تعبيره اللامبالي فتنهد تشي يو مجددًا وأخذ المشروب وأكمله في بضع لقمات ثم رفع ذقنه وقال بصوت بارد: “حتى لو سممتني ، فلن أخاف!”

شعر لين روفي أن الجو حار جدًا ليتجادل معه فلوح بيده بلا مبالاة مشيرًا إلى يو روي لتحضير وعاء آخر.

فوجئت يو روي بالضيف غير المتوقع وهمست: “سيدي ، من هذا؟”

غطى لين روفي وجهه وفكر طويلًا قبل أن يقول في النهاية: “إنه… والد الطفل الصغير الذي أعرفه.”

سألت يو روي: “طفل صغير؟”

أومأ لين روفي: “نعم ، طفل.”

قالت يو روي بتعبير فارغ: “إذن لماذا يبحث عن سيدي ؟”

قاطعها تشي يو ببرود: “لأن سيدك خدع ابني.”

يو روي: “……”

قال تشي يو: “خدع ابني ليجعله يناديه بالأب.”

يو روي: “……”

كان لين روفي يميل إلى قول: “أنا لم أفعل”

لكن من كان يعلم أن يد تشي يو امتدت ليخرج الصغير من كمّه كان يبدو عليه التدهور في البداية لكنه عندما رأى لين روفي انتعش فجأة وهرع وتمايل نحو لين روفي ودخل بين ذراعيه من كمّه لو كان بإمكانه التحدث كالبشر

لربما كان سيصرخ: “أبي أخيرًا أتيت هذا العم الغريب مرعب جدًا.”

فقد لين روفي نفسه القدرة على الرد بابتسامة ودودة قال إنه حقًا لم يقصد ذلك.

رفع تشي يو يده وأوقف كلمات لين روفي كان يبدو جادًا جدًا ، فظن لين روفي أنه سيقول شيئًا مهمًا لم يكن في الحسبان أن يشير الرجل إلى الجليد في يد يو روي قائلاً بجدية: “وعاء آخر.”

لين روفي: “……”

بينما كان تشي يو يتناول المشروب أخذ لين روفي الصغير وبدأ في فحصه عن كثب كان الصغير بحق من قبيلة الشياطين، فقد نما بسرعة يومًا بعد يوم.

الآن، أصبح أكبر بحجم دائرة أخرى لكن أسنانه ما زالت لم تظهر بعد وصوته لا يزال طفوليًا لو أن الطقس لم يكن حارًا جدًا لكان حمله في الذراعين أمرًا ممتعًا في تبديد البرودة.

بعد أن أنهى تشي يو المشروب قال إن على ابنه أن يُطعم مرة أخرى ثم رفع عينيه لينظر إلى لين روفي.

فزعَت يو روي من نظرة تشي يو وقالت: “إذا كنت تريد إطعام طفلك ، فلماذا تنظر إلى سيدي؟”

قال تشي يو: “طفلي لا يأكل إلا الطعام الذي يطعمه سيدك.”

سألت يو روي: “كم عمر طفلك؟”

قال تشي يو: “أربعة أيام.”

فكرت يو روي في نفسها أليس هذا لا يزال في مرحلة الرضاعة؟ 

سيدي رجل كيف يمكنه إطعام دميتك الصغيرة؟ 

ومع ذلك لم تجرؤ على قول أي شيء بصوت مرتفع بدلاً من ذلك فكرت في سرها أن هذا الشخص يبدو أنه غير سليم عقليًا بعض الشيء.

تنهد لين روفي بعمق في قلبه كان يفكر أنه في ذلك الوقت كان يجب أن لا يلمس البيضة بدون إذن انظروا إلى ما جلبه ذلك فقد حصل على ابن من ذلك بل وجاء والده أيضًا معه.

عندما رأى غو شواندو التعبير الكئيب على وجه لين روفي ابتسم بسعادة حتى غمّز له لين روفي عدة مرات 

ثم اقترب منه وهمس في أذنه: “شياو جيو لا تشعر بالقلق الشياطين ينمون بسرعة كبيرة وبمجرد أن يكبر سيعلم أن هذا كله كان سوء تفاهم في أسوأ الأحوال سيتبعك لمدة شهر…”

همس لين روفي: “أليس شهرًا طويلًا بما فيه الكفاية؟”

كان غو شواندو قادرًا على رؤية ما يدور في ذهن لين روفي فابتسم ليهدئه قائلاً: “لماذا لا تعتبرها كأنك تربي قطتين؟”

نظر لين روفي إلى تشي يو الذي كان ينظر بجدية إلى يو روي أثناء تحضيرها للمشروب في قلبه فكر: قطتي لا تأكل مشروبات
تنهد… انسى الأمر انسى الأمر. بعد كل شيء، هو كان على خطأ.

بعد أن استسلم تمامًا أصبح الجو في العربة غريبًا من حيث الانسجام دماغ يو روي لم يكن ذكيًا جدًا لذلك لم تدرك الفروقات التي كان يمتلكها تشي يو في الوقت الحالي كانت تفرح وهو يناقش معها حول ما إذا كان إضافة المزيد من البرقوق يجعل المشروب لذيذًا أكثر أو إذا كان إضافة المزيد من العسل يجعل الطعم ألذ.

كان ابن تشي يو الصغير الآن في ذراعي لين روفي يتعلق به رافضًا أن يتركه بدأ لين روفي يشعر بالصداع وهو يفكر في المكان الذي سيذهبون إليه بعد ذلك لكن بغض النظر عن المكان لا يمكنهم اصطحاب هذين الاثنين معهما… كان يخشى أنه قبل أن يدخلوا المكان قد يطردونهما كما لو كانا شياطين لكن الآن كان الأمر الأكثر أهمية هو إطعام القط في ذراعيه أولًا.

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي