القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch76 | رواية سيف بارد على ازهار الخوخ

 Ch76


لم يبدو أن الرجل قد لاحظ وصول لين روفي لأنه ظل جالساً على حافة الجزيرة الصخرية دون أن يتحرك وكأنه تمثال متجمد قبض لين روفي على مقبض سيفه المعلق عند خصره وبدأ يسير ببطء على الصخور الزلقة متجهاً نحو الرجل خطوة بخطوة
ومع اقترابه بالكاد استطاع رؤية ملامح الرجل في الظلام بدا وكأنه مبارز شاب ظهره يبدو نحيفاً إلى حد ما وشعره الأسود الطويل لم يكن مربوطاً بل متناثراً بشكل غير مرتب على خلف رأسه.

ربما بسبب اقترابه قليلاً تمكن لين روفي أخيراً من شم الرائحة التي وصفها غو شواندو وتشي يو من قبل كانت رائحة يصعب وصفها مثل رائحة لحم يفسد تدريجياً في صيف حار مجرد استنشاقها كان كافياً لجعل الصدر يشعر بعدم الراحة

“أنت هنا.” 

عندما اقترب لين روفي لمسافة معينة ، فتح الرجل فمه فجأة بدا صوته يافعاً على نحو غير متوقع كصوت مراهق لكنه غريباً تماماً كان لين روفي متأكداً من أنه لم يسمع هذا الصوت من قبل.

سأل لين روفي: “هل أنت من أصاب شين ووتسوي؟”

أجاب الرجل ببطء: “نعم أنا.” 

ثم وقف وأدار جسده


لم يكن ضوء القمر ساطعاً لكنه كان كافياً ليرى لين روفي ملامحه بوضوح في البداية ظن لين روفي أنه لا يعرفه لكنه عندما لمح وجهه أدرك أن كلمات غو شواندو كانت صحيحة
المبارز الذي أمامه كان بالفعل شخصاً يعرفه وقد التقيا من قبل لكن كيف يمكن أن يتخيل لين روفي أنه سيقابله هنا مرة أخرى؟





نعم، إنه المبارز مو تشانغشان الذي كان محمياً دائماً من قبل ذلك الكلب الحارس المخلص مو تشاوتساي في جبال شيليانغ 



ملاحظة 
• لقد تم ذكره بالفصل الخامس والثلاثين 





مو تشانغشان الذي كان في الأصل مجرد رأس ميت عاد إلى الحياة لم يقتصر الأمر على عودته للحياة بل أمسك مرة أخرى بسيفه وأصبح مبارزاً قوياً ، هناك دائرة من الخطوط السوداء على رقبته التي بدت للوهلة الأولى كأنها وشم لكن عند التدقيق بعناية يتبين أنها مجرد حلقة رفيعة من خيط وإبرة خيطت رأس مو تشانغشان بجسده.

“مو تشانغشان؟!” 


اتسعت عينا لين روفي بدهشة لم يكن يتوقع رؤية مو تشانغشان هنا ذلك اليوم عندما مات مو تشاوتساي دفن لين روفي مو تشانغشان ومو تشاوتساي معاً فكيف يمكن أن يظهر مو تشانغشان هنا؟!

كانت عينا مو تشانغشان السوداوان مظلمتين كالليل ولم يظهر أي رد فعل على كلمات لين روفي

قال بصوت هادئ: “لين روفي ، لقد كنتُ بانتظارك طويلاً.”

سأل لين روفي: “بانتظاري؟”

ابتسم مو تشانغشان قليلاً وقال: “اسحب سيفك ، دعني أرى إن كنت لا تزال أنت.”



هذه الكلمات غامضة للغاية و قبل أن يتمكن لين روفي من الرد كان السيف عند خصر مو تشانغشان قد خرج بالفعل من غمده بدا النصل الأبيض اللامع ملفتاً للغاية حتى في ظلمة الليل ومع رائحة كريهة قوية ، تحرك السيف في قوس لا يمكن الفرار منه اثناء امساكه بيد مو تشانغشان



رفع لين روفي يده للرد وأصدر سيف غو يو أزيزاً حماسياً كما لو أنه التقى خصماً مكافئاً اصطدمت الشفرات البيضاء وأحدثت صوتاً حاداً مزعجاً يخترق صمت الليل
شعر لين روفي بتدفق طاقة مو تشانغشان يتصاعد وسمعه يقول: “سيف جيد.”

لم يكن هذا مدحاً بل مجرد ملاحظة ثم سحب مو تشانغشان يده وهاجم مجدداً.

في البداية كانت ردود أفعال لين روفي بطيئة نوعاً ما لكنه سرعان ما شعر بشيء غريب وكأنه اندمج مع السيف في يده حركاته وأسلوبه التي تعلمها شخصياً من غو شواندو أصبحت جزءاً من غريزته تحت تركيزه وهدوئه أصبح استخدام السيف أمراً طبيعياً.

ازدادت سرعة الضوء الأبيض للسيف تدريجياً وتحولت الحركات إلى ظلال مشوشة تركت قوة السيف آثاراً عميقة على الصخور

وتشي يو الذي كان يراقب من بعيد ضيق عينيه قبل أن يقفز مسافةً أخرى وبعد فترة شعر بوجود شخص بجانبه التفت ليجد اللون الأحمر اللافت.

“لماذا وصلت الآن فقط؟” 

سأل تشي يو ببرود “ألا تخشى أن يموت سيدك الصغير هكذا؟”


“لا.” 

الشخص الذي وصل لم يكن سوى غو شواندورالذي بدا عليه شيء من البرود وهو يضع يديه على صدره “أنت تعرف أنني هنا.”

رد تشي يو: “سيدك الصغير يتحدث مع نفسه كل يوم في البداية ظننتُ أنه غبي.” 
تابع بتهكم: “لكن لاحقاً اكتشفت أنه يبدو وكأنه يتحدث مع شخص غير مرئي.” 

ثم حرك ذيله وأضاف: “على الأقل كان عاقلاً من البداية للنهايةز، ولم يكن يشبه المجنون.”

ابتسم غو شواندو قليلاً عند سماع كلماته

سأل تشي يو: “من هو ذلك الشخص؟” مشيراً إلى المبارز الذي كان يقاتل لين روفي.

أجاب غو شواندو: “صديق قديم.”

رد تشي يو: “إنه سوء حظ حقاً أن يكون لديك صديق كهذا.”

لم يعترض غو شواندو بل أومأ موافقاً: “ومن يقول غير ذلك.”

بينما كانا يتحدثان كانت المعركة بين لين روفي ومو تشانغشان قد بلغت أوجها لم يكن لين روفي ينوي القتل لكنه لم يكن قادراً على السيطرة تماماً على سيفه قوة السيف الهائلة التي كان يطلقها تركت علامات على نصل سيف مو تشانغشان وأيضاً جروحاً على جسده 
ومع ذلك لم يكن هناك أي أثر للدماء في الأماكن التي أصيب بها مو تشانغشان كان مثل دمية بلا حياة تعتمد فقط على غرائزها لمواجهة هجمات لين روفي أخذ لين روفي نفساً عميقاً عازماً على إنهاء القتال بسرعة.

“غو يو.” نادى لين روفي بصوت خافت.

أجاب غو يو بنداء لين روفي وانبعث ضوء أبيض ساطع من شفرة السيف بينما صاح لين روفي: “تعال——!”

شعر مو تشانغشان بطاقة السيف المتدفقة من جسد لين روفي فتراجع خطوتين شرستين إلى الخلف.

في السابق كان لين روفي يستخدم حركات السيف التي علمه إياها غو شواندورلكن الطريقة التي رفع بها سيفه الآن بدت مترددة بعض الشيء
أخذ نفساً عميقاً وشعر بطاقة السيف داخل جسده وكأنها تتدفق وتثور رفع يده ولوّح بسيفه لتتدفق نية السيف الهائلة التي استثارها غو يو وتهوي بقوة ساحقة باتجاه الشخص المقابل.


تقلصت حدقتا مو تشانغشان ولم يجرؤ على مواجهة هذه الضربة مباشرة كان ينوي تفاديها بالتحليق مبتعداً مستخدماً السيف لكن من كان يتوقع أن يكون نطاق هذه الضربة واسعاً جداً؟ حتى بعد ابتعاده عشرات الأقدام تعرض للإصابة مباشرة من قِبَل لين روفي استدار ليتلقى الهجوم لكن في اللحظة التي لامست فيها شفرة سيفه نية السيف المتدفقة تحطمت الشفرة تماماً بل وحتى ذراعه اليمنى قُطِعت ، لم يظهر على وجهه أي تعبير عن الألم بل فقط عبس قليلاً وكأنه متضايق من جسده الثقيل.

صرخ لين روفي: “لا تهرب ، سلّم الترياق!!!”


رد مو تشانغشان وهو معلق في الهواء: “ترياق؟” 



كان ينظر إلى لين روفي من أعلى رغم فقدانه لذراعه اليمنى وتمزق ملابسه بفعل الرياح بقيت ملامحه هادئة وكأنه لم يكن هو من أصيب.

قال لين روفي: “شين ووتسوي——”

ابتسم مو تشانغشان وقال: “لا يوجد علاج لسم الجثث.” 
ثم مال برأسه ونظر إلى لين روفي وأضاف: “لكن هناك طريقة أخرى.”

سأله لين روفي: “طريقة أخرى؟”

أشار مو تشانغشان بيده نحو غو شواندو الذي كان يقف على الشاطئ وقال: “هو يعرف يمكنك سؤاله.” 

ثم باستخدام يده الوحيدة بدأ يربت على ملابسه وكأنه يزيل عنها الغبار ابتسم وأكمل: “غونغزي لين ، أنا راضٍ عنك دعنا نتوقف هنا اليوم ، أنت وأنا… سنتحدث مرة أخرى في يوم آخر.”



صرخ لين روفي بغضب: “من أنت؟ لماذا حوّلت مو تشانغشان إلى هذا الشكل——” 

ثم تابع بصوت مرتفع: “توقف لا يمكنك الهروب——” 



لكن كلماته جاءت متأخرة قليلاً استدار مو تشانغشان واختفى في الليل الذي لا حدود له.




لهث لين روفي بشدة وشعر بوخز في حلقه بعد أن أطلق بضع سعال خافت بصق بقعاً من الدماء الحمراء الزاهية وعندما لاحظ آثار الدماء في يده عقد حاجبيه أخرج منديله الحريري من كمه مسح به عشوائياً ثم ألقاه في مياه البحر بجانبه.


وصل غو شواندو هذه المرة متأخراً وسأل: “شياو جيو ، هل أنت بخير؟”

نظر لين روفي إليه بامتعاض وسأله: “معلم ، لقد سمعت كلماته الآن صحيح؟”

أومأ غو شواندو برأسه.

تابع لين روفي: “لا يوجد علاج لسم الجثث؟ لكنه قال إن لديك طريقة؟”

تنهد غو شواندو وقال بنبرة حملت شيئاً من العجز: “رغم أن هناك طريقة ، إلا أنه من الأفضل عدم استخدامها.”

رد لين روفي بغضب: “على الأقل أخبرني عنها.”

قطب غو شواندو حاجبيه وقال: “لنعد أولاً ، سأخبرك بالتفصيل في الطريق.”

أومأ لين روفي في النهاية: “حسناً.”

اختفى تشي يو في وقت ما ربما بسبب كرهه الشديد لذلك الشيء فبالنسبة له بحاسة الشم القوية التي يمتلكها كان مو تشانغشان بمثابة جثة متعفنة والرائحة المنبعثة من جسده لا تطاق.

في طريق العودة بدا لين روفي مهموماً بالموقف برمّته لم يتمكن غو شواندو من تحمل رؤية هذه الملامح على وجه شياو جيو فمد يده وأمسك بيد لين روفي متشابكاً بأصابعه معه تجمد لين روفي في مكانه.

قال غو شواندو بصوت دافئ: “لا تعبس شياو جيو لا أحتمل رؤيتك بهذا الشكل.”


كانت يد غو شواندو باردة كما العادة لكن في هذا اليوم الصيفي الحار لم يكن الإمساك بها أمراً سيئاً لذا لم يقاوم لين روفي وتركه يمسك يده

همس بعدها: “إذا مات شين ووتسوي ، فستحزن أختي كثيراً.”

تنهد غو شواندو وقال: “لكن هذه الطريقة حقاً ليست جيدة.”

أصر لين روفي: “حتى لو لم تكن جيدة يجب أن نحاول رغم أن أختي تبدو سهلة التعامل إلا أن طبيعتها عنيدة جداً عندما قابلت شين ووتسوي لأول مرة كانت في بضع سنوات من عمرها فقط وأعجبت بالغونغزي الوسيم لكنني سمعت من أخي الثاني أن شين ووتسوي كان مدللاً جداً في ذلك الوقت وكان أكثر خجلاً من الفتيات أختي كانت تحبه لكنها لم تعرف كيف تعبر عن ذلك لذا كانت تذهب يومياً إلى الجبال لإحضار حشرات غريبة وكانت تصر على إخافته حتى البكاء مرة واحدة على الأقل كل يوم لتشعر بالرضا.” 


عندما استعاد هذه الذكريات أراد أن يضحك لكن ابتسامته سرعان ما ذابت وهمس: “كنت أعتقد أن شين ووتسوي يشعر بالخوف فقط تجاه أختي ، لكنني اليوم أدركت أنه مهتم بها أيضاً.”

تنهد غو شواندو وقال: “لكن شين ووتسوي قد لا يوافق على استخدام تلك الطريقة.”

قال لين روفي بحزم: “أخبرني عنها أولاً.”

أجاب غو شواندو: “صحيح أن سم الجثث لا علاج له لكن يمكن تخفيفه بطرق أخرى هناك طريقة في العالم تسمح بربط حياة شخصين معاً شين ووتسوي مصاب بشدة وحيويته تتضاءل تدريجياً لكن إذا أضفت إليه حيوية شخص آخر فقد يتمكن من النجاة.” 


بينما يتحدث بدا عليه بعض الانفعال وأضاف: “ولكن بمجرد استخدام هذه الطريقة ، سترتبط حياتا الشخصين معاً إلى الأبد، في السراء والضراء ولن يتمكنا من الانفصال في هذه الحياة.”

تجمد لين روفي قليلاً لم يكن يتوقع سماع مثل هذه الطريقة: “هـ-هل لا توجد طريقة أخرى؟”

هز غو شواندو رأسه بالنفي.


عقد لين روفي حاجبيه وأخذ يفكر ملياً في الأمر

تابع غو شواندو: “على الرغم من أن هذه الطريقة قد تحل المشكلة مؤقتاً إلا أن عواقبها طويلة الأمد تخيل لو أن حياة شخصين ارتبطت معاً فلن يتمكنا من الانفصال أبداً في هذه الحياة… بالنسبة للبعض ، أليس هذا أسوأ من الموت؟”

تنهد لين روفي وقال: “سأفكر في الأمر مجدداً.” 

ثم بدأ يسعل بضع مرات أخرى وبدأ وجهه يزداد شحوباً.

لاحظ غو شواندو ذلك وشعر بوجع خفيف في قلبه فأمسك بيد لين روفي بقوة أكبر.

بعد ذلك تحدث الاثنان عن مو تشانغشان الذي هرب شرح غو شواندو أن الشخص الذي يتحكم بمو تشانغشان يجب أن يكون قريباً من عائلة شين
ومع ذلك نظراً لأنه لا يحمل رائحة العفن فقد يكون من الصعب العثور عليه سأل لين روفي غو شواندو باستغراب عن سبب استهداف ذلك الشخص لشين ووتسوي
لكن غو شواندو لم يقل شيئاً بل ألقى نظرة عميقة على لين روفي 


وقال: “بعض الأشخاص لا يحتاجون إلى سبب للقيام بأشياء إذا أرادوا ذلك فسيفعلون، دون أن يهتموا بالعواقب.”

استفسر لين روفي: “أليس هذا النوع من الأشخاص مخيفاً؟”

وافق غو شواندو قائلاً: “بالفعل ، إنهم مخيفون.”

عاد الاثنان إلى المنزل وبعد أن استحمَّ لين روفي وغيّر ملابسه أسرع إلى النوم كان ذهنه مليئاً بالأفكار ولم يستطع النوم بسهولة لكنه كان متعباً من المواجهة مع مو تشانغشان فأغمض عينيه ، لم يتوقف عن التفكير في مظهر شين ووتسوي الواهن مما أوقع قلبه في اضطراب طويل قبل أن ينام بصعوبة.

في اليوم التالي كان الجو مشمساً.

استيقظ لين روفي مبكراً أحضرت فو هوا عصيدة بحرية طازجة وعدة أطباق جانبية لذيذة لكن للأسف لم يكن لديه شهية وبعد تناول بضع لقيمات فقط ، توقف عن استخدام عيدانه.

كانت فو هوا على وشك إقناعه بتناول المزيد لكه سُمع فجأة ضجيج عالٍ خارج الباب تسارع نبض قلب لين روفي معتقداً أن شيئاً حدث لشين ووتسوي وبينما كان يحاول النهوض بقلق اقتحمت شخصية مفعمة بالطاقة الغرفة. 

وقبل أن يتمكن لين روفي من الرد عانقته تلك الشخص . رن صوت فتاة رقيق وعرف فوراً أنها شقيقته الثالثة التي لم يرها منذ فترة طويلة.

قالت بصوت مرح: “شياو جيو ، أختك اشتاقت إليك جداً لم أرك هذه الأيام هل كنت تأكل جيداً؟ دعني أرى كم فقدت من الوزن.”

تفاجأ لين روفي: “أختي ، لماذا أنتِ هنا؟”

ضحكت لين ويروي وقالت: “لأني كنت قلقة عليك.”

مزح لين روفي قائلاً: “قلقة عليّ أم على محبوبكِ الصغير؟”

أجابت لين ويروي بمرح: “على الاثنين معاً.” 
ثم تابعت: “كنت أشعر بالقلق الشديد في الأيام الماضية شعرت وكأن شيئاً سيحدث لذا أتيت على عجل… شياو جيو كيف حال الوضع هناك مع ووتسوي؟ سمعت أنه استيقظ هل استقرت إصابته؟”

تردد لين روفي قليلاً قبل أن يجيب: “نعم…”

تجمد وجه لين ويروي للحظة ثم قالت بجدية: “أو ربما حدث شيء ما؟ شياو جيو ما الذي يحدث مع عائلة شين؟ لا تخفي شيئاً عني.”

بما أن لين ويروي قد وصلت إلى مقر إقامة عائلة شين لم يكن بمقدور لين روفي إخفاء الأمر لفترة طويلة وعلى الرغم من خوفه من أن تشعر بالقلق بدأ ببطء يروي لها كل ما حدث بالتفصيل عندما سمعت أن شين ووتسوي في حالة خطيرة وأن السم لم يُعالج
خيّم الظلام على ملامحها وأطلقت زفيراً بارداً

وقالت بغضب: “ما هذا الفشل! لقد مرّت عدة أيام ولم يتمكنوا من القبض على شخص واحد!”

بعد ذلك أمسكت بسيفها وهمّت بالخروج وعندما لاحظ لين روفي ذلك سألها بسرعة: “أختي ، إلى أين تذهبين؟”

أجابت لين ويروي بثقة: “بالطبع سأذهب للإمساك بذلك الشخص.”

سألها لين روفي: “ألا تريدين رؤية شين غونغزي أولاً؟”

فأجابت وهي تعقد حاجبيها: “رؤيته الآن ستزيدني قلقاً لذا من الأفضل أن أمسك بالشخص أولاً.”

أوقفها لين روفي قائلاً: “لا تذهبي رأيت ذلك الشخص الليلة الماضية.”

تفاجأت لين ويروي وقالت: “رأيته؟ إذن لماذا لم تمسك به؟”

أجابها بابتسامة مريرة: “لأنه قال إن شين غونغزي تعرض للتسمم بسم الجثث ولا يوجد… ترياق.”

للحظة شحب وجه لين ويروي وكأنها لم تستوعب ما قاله لين روفي لكنها سرعان ما استعادت رباطة جأشها وبدا عليها العزم مرة أخرى لوّحت بيدها

وقالت بجدية: “شياو جيو لا تعرف مدى خطورة جيانغهو ذلك الشخص بالتأكيد كذب عليك عندما قال إنه لا يوجد ترياق… بالإضافة إلى ذلك سم الجثث هو سم نادر للغاية كيف يمكن أن يكون ووتسوي سيئ الحظ إلى هذه الدرجة؟”


ثم أضافت بلهجة أشبه بالمواساة: “أنت محق لقد وصلت للتو ، لذا لا يجب أن أتعجل بمواجهة ذلك الشخص يجب أن أرى أولاً فتاة العائلة المدللة.”

“الفتاة المدللة” 
كان الاسم الذي أطلقته لين ويروي على شين ووتسوي وقد جعله هذا اللقب غاضباً جداً كانت لين ويروي تمزح أنه بمجرد أن يتمكن شين ووتسوي من التغلب عليها ستغير هذا اللقب وحينها كان شين ووتسوي المراهق يسألها غاضباً عن الاسم الجديد وكانت لين ويروي تبتسم وتقول إنها ستغيره إلى “الفتاة الكبيرة.” كان شين ووتسوي يقف عاجزاً أمام مزاحها غير قادر على فعل أي شيء حيالها.

ضحكات الماضي ما زالت حاضرة في ذاكرته لكن في غمضة عين، أصبح شين ووتسوي يحتضر حتى لين روفي لم يستطع تقبل الأمر فكيف بلين ويروي؟

قبل أن تخرج لين ويروي رأى لين روفي بوضوح الدمع الخافت الذي يطفو تحت عينيها ، وكأن لديها إحساساً داخلياً ينبئها بشيء ما.

جلس لين روفي في المنزل وهو يشعر بالقلق ومع هذا التوتر الذي يثقل ذهنه استمر في شرب الشاي بكثرة وبعد أن انتهى من شرب اثنين أو ثلاثة أباريق لم تستطع فو هوا تحمل الأمر أكثر فأمسكت بإبريق الشاي 

وقالت: “غونغزي ، لا تشرب المزيد إذا شربت الكثير من الشاي ستفقد توازنك النفسي جسدك ضعيف أصلاً وإذا شربت كثيراً فقد تفقد شهيتك لاحقاً.”

وبالتالي حُرم لين روفي حتى من حقه في شرب الشاي جلس مكتوف اليدين يسند ذقنه على كفه غارقاً في أفكاره وأخيراً ضرب الطاولة بيده وقطب حاجبيه

قائلاً بعزيمة: “لا يمكن أن يستمر الوضع هكذا.”

تفاجأ غو شواندو بتصرفه وسأله: “ماذا؟”

رد لين روفي بحزم: “لا يمكننا الانتظار أكثر إذا مات شين ووتسوي فعلاً فلن يكون هناك أي فرصة للخلاص.” 
أخذ نفساً عميقاً وأردف: “علي أن أنقذه أيها المعلم ، الطريقة التي تحدثت عنها كيف يمكنني استخدامها بالضبط؟”

“انتظر.” كان غو شواندو يشعر بشيء غريب في حديثه فتصلب على الفور وقال: “هل تنوي إنقاذ شين ووتسوي؟”

“بالطبع.” أجابه لين روفي دون تردد، “إذا مات شين ووتسوي لا أعلم كيف سيكون وقع الأمر على أختي.”

قال غو شواندو: “حتى لو كان الأمر كذلك ، لا يمكنك الذهاب——”

تجمد لين روفي للحظة ، ثم أدرك أن غو شواندو أساء فهمه فابتسم بمرارة موضحاً: “بالطبع من المستحيل أن أذهب حتى لو أردت أختي لن توافق من سيرضى بأن يربط الشخص الذي يحبه أكثر بحياة شخص آخر؟”

صمت غو شواندو وقال: “إذن ، ما الذي تريد فعله؟”

أجاب لين روفي: “سأقدم الطريقة لأختي.”

بدا غو شواندو وكأنه يريد قول شيء، لكنه توقف 

تابع لين روفي: “سأخبر أختي ، أما عن كيفية اختيارها فهذا شأنها.”

سأله غو شواندو: “وماذا لو ندمت لاحقاً؟ قد يستمر الأمر مدى الحياة ، لمئات السنين……”

هز لين روفي رأسه قائلاً: “أنا فقط أعلم أنه إذا أخبرتها الآن فقد تندم لاحقاً ولكن إذا لم أخبرها الآن فسأتدم في هذه اللحظة.”

كانت عائلة لين مشهورة بحبها العميق والمستمر بعد وفاة والدته عاش والده في حالة من الحزن لفترة طويلة أما لين ويروي فقد كانت عنيدة وإلا لما أحبت شين ووتسوي لأكثر من عشر سنوات من الصعب تخيل أنه إذا مات شين ووتسوي فجأة في مثل هذه الظروف فإن لين ويروي قد لا تستطيع تحمل هذه الصدمة الكبيرة.

عندما حسم لين روفي قراره في قلبه لم يتردد أكثر وخرج 


غو شواندو الذي لم يحاول إقناعه مجددًا تبعه بصمت لكن تعابير وجهه بدت معقدة للغاية.

وصول لين ويروي المفاجئ إلى عائلة شين لم يكن فألًا جيدًا إذ جاءت بسبب القلق الذي يسيطر عليها فالسيافون الذين يتقنون فنون القتال غالبًا ما يشعرون بالأحداث قبل وقوعها.

اتجه لين روفي إلى غرفة شين ووتسوي ومن بعيد سمع صوت لين ويروي وهي تتحدث مع شين ووتسوي بين الحين والآخر كان الأخير يضحك بخفوتمما أوحى بأنه في حالة معنوية جيدة.

ما إن رأت لين ويروي شقيقها حتى نهضت مبتسمة وقالت: “إذن ، استرح قليلاً سأذهب للتحدث مع أخي.”


“حسنًا.” أجاب شين ووتسوي بابتسامة.




بمجرد وصول لين روفي سحبته لين ويروي خارج الغرفة بسرعة وبينما كان يتساءل عن سبب استعجالها قفزت إلى حضنه فجأة وبدأت في البكاء بحرقة 
لكنها خوفًا من أن يسمعها شين ووتسوي لم تجرؤ على البكاء بصوت عالٍ بل انهمرت دموعها في صمت مما زاد من ألم لين روفي وهو يراها.



“لا تبكي يا عزيزتي لا تبكي.” 
ربت لين روفي على رأسها بلطف كما كانت تفعل عندما كانت تحاول إقناعه بشرب الدواء وهو صغير،“لا تقلقي سيكون كل شيء على ما يرام.”

“كيف يمكن أن يكون بخير؟” 

تمتمت لين ويروي بيأس “ألم ترَ؟ لقد بدأوا يستخدمون أحجار الأرواح لإبقائه على قيد الحياة…… لو جئت في وقتٍ مبكرٍ فقط…… لماذا تأخرت لهذه الدرجة؟……”

استخدام أحجار الأرواح لإبقاء شخص على قيد الحياة كان يعني أنه على حافة الموت حالة شين ووتسوي المفعمة بالحيوية كانت مجرد لحظة إشراق أخيرة قبل الغروب 
لم تعد لين ويروي طفلة يمكن خداعها عندما رأت هذا المشهد كيف لا تدرك ما يحدث؟ لكنها لم تجرؤ على إظهار حزنها أمام شين ووتسوي 
كانت تقاوم وتحكي له قصصًا ممتعة لتخفف عنه بينما في الداخل كانت تنهار.

حين رأى لين روفي ألمها شعر بثقل في قلبه أيضًا.

قالت لين ويروي: “لا، لا يمكننا الانتظار أكثر علينا القبض على ذلك السياف هو من سمّم ووتسوي وهو الوحيد الذي يمكنه علاج السم.” 

أضافت بصوت مثقل بالحزن، “يجب العثور عليه.”

رد لين روفي بهدوء: “أختي استمعي إلي……”

“أعلم ما ستقوله حتى لو لم يكن هناك علاج لسم الجثث هل سأكتفي بمشاهدة ووتسوي يموت بهذه الطريقة المؤلمة؟” 
قالت لين ويروي بشراسة وامتلأت عيناها بالدموع والغضب: “لا، أنا، لين ويروي لن أستسلم أبدًا!”

همس لين روفي: “في الواقع…… هناك طريقة أخرى لإنقاذ الأخ شين.”

سألت لين ويروي: “ما هي الطريقة؟”

بعد لحظة من التردد أوضح لين روفي الطريقة التي أخبره بها غو شواندو استمعت لين ويروي بعناية بالغة وعيناها اللامعتان تعكسان الأمل.

ولم تكتفِ بعدم الخوف بل بدت متحمسة وهي تفرك يديها: “هل هناك شيء جيد كهذا في العالم؟”

قال لين روفي بلهجة يائسة: “أختي هل تسمي هذا شيئًا جيدًا؟”

ردت بابتسامة خبيثة: “بالطبع عندما تتزوج المرأة أكثر ما تخشاه هو أن يكون زوجها غير مخلص مع هذه الطريقة هل سيجرؤ حتى على التفكير بخيانة؟”


شعر لين روفي بالعجز أمام طريقة تفكير أخته وسألها: “هل تعتقدين أن شين غونغزي سيخونك؟”

ردت بثقة: “لا.” 
وأضافت بصدق “لكن جماله سيجذب الفتيات دائمًا.”

لين روفي: “……”

أكملت لين ويروي بحزم: “هذا غير مقبول أيضًا لا أسمح له حتى بالاحتفاظ بقطّة أنثى.”

للحظة شعر لين روفي بالشفقة على شين ووتسوي وفكر أن الوقوع في حب فتاة مثل أخته قد يكون أمرًا مزعجًا حقًا.

قالت لين ويروي وهي تعانق عنق شقيقها “أخي الصغير الغبي بما أن هناك طريقة جيدة كهذه، لماذا لم تخبرني بها من قبل؟ جعلتني أحرج نفسي بالبكاء! يا له من عار!”

تنهد لين روفي طويلاً: “كنت قلقًا فقط……”


قاطعته قائلة: “أعرف ما يقلقك لكن هذا شيء يهم الناس العاديين أنا، لين ويروي، لا أخاف أبدًا.” 
ثم تابعت بنبرة جادة، “في حياتي كلها لم أفكر سوى في شخص واحد قد يكون الارتباط بحياته عبئًا على الآخرين لكنه بالنسبة لي……” 

ابتسمت بخجل، “نعمة.”

نظر إليها لين روفي بحيرة لكنه أدرك في أعماقه أن نية أخته الثالثة واضحة وحاسمة.


بعد أن أنهت لين ويروي حديثها مع لين روفي استدارت وغادرت وبينما كانت تغادر لوّحت له بيدها وقالت بابتسامة: “عد أولاً لترتاح.” 
وأضافت: “بما أنني أنوي الزواج من ابن عائلة شين فلا بد لي من الذهاب إلى كبير العائلة لطلب الزواج هذه مسألة تتعلق بحياة بأكملها ولا يمكن التعامل معها باستخفاف.”

وقف لين روفي عاجزًا لكنه لم يستطع إلا أن يُعجب بشقيقته حتى في هذه اللحظة لم تفقد روحها المرحة وقدرتها على المزاح.

ورغم حديثها عن طلب الزواج إلا أن لين ويروي كانت بلا شك تتجه إلى كبير عائلة شين لمناقشة الأمر فباعتباره الابن المحبوب لدى عائلة شين
لم يكن بالإمكان إجراء هذه الطريقة دون موافقة عائلته أما شين ووتسوي نفسه فلم تكن لين ويروي تنوي أخذ رأيه بعين الاعتبار منذ البداية فقد عرفت صديق طفولتها جيدًا بعد كل هذه السنوات وكانت متأكدة من أنه لن يوافق على هذه الطريقة لكن هذا لم يكن يهمها لم تكن بحاجة إلى موافقته فهي لم تكن تريد سوى شيء واحد: أن يبقى على قيد الحياة.



أما لين روفي فلم يعد على الفور إلى المنزل بدلاً من ذلك تجوّل بالقرب من الشاطئ حيث كانت نسائم البحر المنعشة تخفف شيئًا من القلق الذي يثقل قلبه 
انحنى لين روفي وبدأ يعبث بالأعشاب البحرية والأسماك الصغيرة التي كانت تسبح قرب الشاطئ.

رآه غو شواندو وسأله عن سبب حزنه فأجابه لين روفي بصوت منخفض: “في الحقيقة ، أنا سعيد.” 
ثم أضاف بتنهيدة، “فقط أتمنى أنه عندما يتعافى شين غونغزي ، ألا يلومني على هذا.”

غو شواندو لم يُبدِ أي تعليق مباشر بل رد بكسل: “وما الذي قد يلومك عليه؟ العيش والموت مع من تحب هو في الأصل أمر سعيد.”

ثم تابع بصوت خافت: “هذا أفضل بكثير من أن تبقى وحيدًا في هذا العالم أفضل بمئة مرة.”
  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي