القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Extra36 | رواية آرها

 Extra36


عنوان الفصل: صراع من أجل المودة (الجزء الخامس).


حين دخل تاشيان جون، كان متنمر الكعك جالسًا وسط التلال والأنهار التي شيّدها مو-زونغشي، يطارد الفراشات بساقيه القصيرتين.


وما إن سمع صوت قدومه، حتى التفت بسرعة كادت تُسقطه أرضًا، ثم ترنّح قليلًا ونهض. مدّ كفيه لتعديل ورقة اللوتس الموضوعة على رأسه، وصاح: “آه، آه، آه، آه— أيها الصغير، أخيرًا أتيت! كدتُ أموت من الملل!”


حدّق فيه تاشيان جون للحظة، وخرج باستنتاج واحد:

'إنه حارس كعكة أرز أحمق'.


فحوّل نظره عنه.


ثم بجديه حادة، راح يمسح البيت بنظراته فاحصة.


لم تكن 'الجنة' قد اكتملت تمامًا بعد، لكنها شارفت على ذلك. وتمكن تاشيان جون من رؤية أناقتها بوضوح: حقول زهور متلألئة، ناي وناي صغير يُعزفان بين بتلات الزهور، بركة لوتس ذهبية، بيت شجري تتسلّقه الكروم، وسرير صيفي مصنوع من الأصداف في فناء الدار…


كسا الغموض وجهه، وغابت النظرة المشرقة من عينيه.


إنه يعرف تشو وانينغ. هذا الأخير يبدو صارمًا، لكنه في الحقيقة فضولي ويعشق الأماكن الغريبة الخارجة عن المألوف كهذه.


أما السبب الوحيد الذي قد يجعله لا يحب هذا المكان فهو…


استدار وحدّق بمتنمر الكعك.


وبنبرة باردة سأل، وهو يزمّ شفتيه: “كم سعر هذا المكان؟”


تلعثم الطاغية، الذي لم ينتبه بعد إلى تغيّر المزاج: “أ… أحمق، أحمق…”


قطّب تاشيان جون حاجبيه الطويلين، ثم رفعه من الأرض بيده فجأة.


“آه——!”


“من تصف بالأحمق؟”


سقطت شبكة صيد الفراشات من يد كعكة الأرز، وابيضّت عيناه تحت قبضة الإمبراطور. راحت ساقاه تهتزان بأسى، وحاول تعديل لغته المكسّرة: “ما، ما الوضع؟”


“…”


كان الأمر مجرد سوء فهم.


أطلق تاشيان جون همهمة باردة، ثم فتح أصابعه وأسقط الوحش على الأرض من جديد.


مسح متنمر الكعك رقبته، وزفر بعمق، ورفع رأسه ينظر إلى وجه الإمبراطور الغائم، وفجأة أدرك الحقيقة.


أوه؟! هذا ليس مو-زونغشي!


هو يعرف أن شخصية مو ران تتبدل كل ثلاثة أيام، وقد نُفي من العالم لوقت طويل، فنسى ذلك. أما أمامه الآن، فهذه النسخة العنيفة والشريرة من مو-زونغشي لم تكن موجودة قبل يومين، كانت الشخصية طيبة حينها!


“آآآه!!” صرخ متنمر الكعك وقفز يريد الهرب: “النجدة! لقد جاء!! ولم يُحضر معه الآخر!!!”


خاف بشدة لدرجة أنه صار يتلعثم.


ركضت ساقاه الطريّتان بكل ما أوتيتا من قوة، وأغلق عينيه، وركض لوقت طويل. لكن حين فتح عينًا واحدة ليتفقد، أدرك أنه… لا يزال في المكان نفسه.


“…”


لا يعلم متى، لكن تاشيان جون قد غيّر الحقل الروحي إلى قفص محكم، مثل عجلة ماء تدور، وهو أشبه بفأر هارب على دولاب، ركض نصف يوم، ولم يتقدّم خطوة.


ابتلع متنمر الكعك ريقه، والتفت مرتجفًا بخزي ورعب.


“أخي، أخي…”


“أتتمنى الموت؟ من هو أخوك؟”


“سيدي الإمبراطور! إمبراطور حسنًا!!”


“…”


في سبيل البقاء، خضع متنمر الكعك أخيرًا لسلطة تاشيان جون، وروى له كل شيء عن صندوق الأفكار بالتفصيل.

لكنه، ويا للأسف، أخبره بالجواب الذي لم يرغب أبدًا في معرفته:


“لا، لا، لا، لا، لا، لا، هذا المكان رخيص!!”


صمت تاشيان جون.


رخيص؟! ليس مُبذّرًا، بل مُخطط له بعناية؟!


كيف يمكن لشيء كهذا أن يُقارن بهديته؟!


تبا، لحسن الحظ أنه اكتشف ذلك مبكرًا. وإلا لو جاء يوم ميلاد وانينغ ورأى مو-زونغشي يُفاجئه بهذا… لكان خسر المعركة دون مقاومة!


قال في نفسه: 'الفرصة إن ضاعت لن تعود، يجب أن أُزيل غطاء هذا المكان قبل فوات الأوان!'


اختفت الابتسامة من وجهه، وحلّت محلها ظلال غامضة.

راح يحدّق في تلك الأرض الغنّاء التي بناها مو-زونغشي، مستمعًا لتذمّر متنمر الكعك.


قال الأخير: “كل ما في الخارج يمكن استبداله بمواد معيّنة عندي، لكن الداخل أجمل. لكن هذه ليست أفضل المواد. قبل يومين، أرسلت لنا أربع أشياء، كلها لا تساوي الكثير.”


رفع تاشيان جون حاجبه: “أحقًا؟ لكن حقل الزهور هذا يبدو باهظًا.”


قال الكعكة: “هذه الأربعة أشياء.”


وأشار الإمبراطور إلى البركة: “وهذه البركة، أليست فاخرة؟”


“تلك الأربع أُبدلت بأفضل شيء قدّمتَه.”


شدّ تاشيان جون أذنيه بانتباه: “أفضل شيء؟”


“أربع.”


“ما هو؟ لو أخبرتني، سأحضره أنا أيضًا.”


تألّقت عينا الكعكة: “أعطني قطرة؟… حسنًا، حسنًا، نحن نحب الكوجي التي أعدّها إله الخشب السماوي!!”


“…”


كان مخطئًا.


هناك شيء واحد في هذا العالم، يكاد يكون مرضًا، ولا يستطيع شراؤه أبدًا…


ما يطهوه تشو وانينغ.


في هذا الجانب، يختلف مو-زونغشي عنه. فهو لم يعش سنوات الحياة والموت في قصر ووشان في حياته السابقة، ولم يكتوِ بوحدة خانقة تجعله يشتاق بجنون إلى أطباق لا تُعدّ لذيذة، لكن تتصاعد منها حرارة العالم البشري.


لهذا، لم يكن تعلق مو-زونغشي بطبخ تشو وانينغ نوعًا من التملك المرضي.


بل على العكس، كان مو-زونغشي دائمًا ما يرغب بأن يُعترف بطبخه، لا من البشر فقط، بل من وحوش الجبال والغابات أيضًا، فيفرح تشو وانينغ، ويفرح هو معه.


لذلك، حين سمع أن متنمر الكعك يحب الكوجي التي يعدها تشو وانينغ، كان سعيدًا بالمشاركة.


لكن تاشيان جون مختلف تمامًا.


إنه كمن جاع عشرة أعوام، وفقِد كل شيء لعشرة أعوام.

وحين وجد أخيرًا شيئًا دافئًا، راح يلتهم طعام تشو وانينغ وكأنما ينتقم من العالم، حتى وإن لم يكن لذيذًا، فإنه يبتلعه بجشع وعطش، وإن أصابه ألم في بطنه، فلن يرضى بمشاركته مع أحد.


وأشد ما فعله تطرفًا، أنه ذات مرة، حين صنع تشو وانينغ خمسة أقراص من عجين البامبو، وقرّر أن يحتفظ بها ليأكلها على مهل طيلة نصف شهر، اكتشف تاشيان جون أنه سيعود قريبًا إلى شخصية أخرى.


لكي لا ينال شخصه الآخر هذه الأقراص، التهم الخمسة دفعة واحدة قبل أن يطلع النهار.


ثم أمضى مو-زونغشي ثلاثة أيام طريح الفراش.


لذا، حين سمع أن 'الكعكة' تطمع بذلك، صرخ غاضبًا:

“انسَ الأمر تمامًا! الكوجي التي يعدها تشو وانينغ لا يأكلها إلا هذا الموقر!”


حدّق به متنمر الكعك بعينين دامعتين.


“لا فائدة من البكاء!”


فمسح الكعك دموعه الصامته بأطراف مخالبه، وقال: “هوووب…”


حقًا، الإمبراطور شيء سيء… سيء جدًا!



وبما أن الكوجي لا يمكن استبدالها، بدأ تاشيان جون في البحث عن بدائل.


“قل لي، ما الذي يمكنني أن أقدمه لك بدلًا من الكوجي، لتحصل على أدوات وحشية أثمن؟”


تردّد الكعكة، ولم يرغب بالإجابة، لكنه لم يستطع الرفض:

“الإمبراطور… يمكنه أن يجرّب بنفسه… أربع محاولات للتبديل.”


عبس تاشيان جون: “مو-زونغشي فعل ذلك؟”


“نعم.” انحنى المتنمر بأسى: “استخدم ثيابه في أول محاولتين، فتم استبدالهما بحقل الزهور.”


“يعني… خلع ثيابه…” تمتم وهو يضع يده تحت ذقنه ليفكر، ثم قال: “لا يمكن أن أكون أقل منه.”


فخلع رداءه وسلّمه للكعكة.


“هذه ثياب هذا الموقر. انظر جيدًا، ماذا يمكنك أن تبدل بها؟”


أمسك الكعكة الثياب، وراح يتفحّصها طويلًا دون أن يتكلم.

ولما بدأ تاشيان جون يفقد صبره، أطل متنمر الكعك بنصف رأسه من وراء ورقة اللوتس، وقال بخوف: “الإمبراطور… التبديل ليس بيدي، لدينا أربع قواعد، وإذا لم ترضَ بما يعادلها… هل يمكنك التوقف عن خنقي…”


“كفاك هراء. ماذا ستبدل بها؟!”


ترددت صوته كالهمس: "ماء غسل الأقدام، طبيعي، خالٍ من التلوّث… نُقع لمدة ثلاثة أيام بأعشاب ربيعية…”


اسودّ وجه تاشيان جون غضبًا: “ماء ماذا؟! تريد أن تموت؟!”


“لا! لا أريد!!!” راح المتنمر يهزّ رأسه باكيًا.


“ولِمَ يحصل هو على بحر من الزهور، وأنا على… ماء غسيل؟! هل أبدو بحاجة لمثل هذا الشيء؟!”


“اربعة لا تحتاج!”


“فكّر في شيء آخر! هل يمكن تغييره؟!”


“لا…”


ارتعشت الكعكة تحت نظرات الإمبراطور المخيفة، وقال باكٍ: “لا أستطيع تغيير الرقم الرابع! لدينا قواعد في عشيرة الوحوش!”


“قواعد؟! هل تظنني لا أقدر على تحطيمك؟!”


“إن تخلّصتَ مني، فستفقد دليلك أيضًا!”


“…”


كتم تاشيان جون غضبه بصعوبة.


“حسنًا، حسنًا! اصمت!” قالها بأسنانه المشدودة.


ما زال يعتمد على هذا الكائن لهزيمة مو-زونغشي، لذلك حاول التماسك.


“أخبرني الآن، ما الذي يجب أن أقدمه لتحصل على مواد أفضل من هذه؟”


قال الكعكة بصوت مختنق: “لا أستطيع أن أكون ثرثارًا…”


انفجر الإمبراطور غضبًا: “لا تقلها مجددًا! سأمزّقك إربًا!!”


“هووووب!”


وكي لا يتحول إلى كعكة أرز بنكهة الأوسمانثوس، جلس الكعكة على جذع الشجرة، باكيًا، وبدأ يُخرج من جيبه الصغير كتابًا مهترئًا مصنوعًا من لحاء الأشجار، وسلّمه لتاشيان جون. وقد اختفى أي مظهر للفخر الذي أبداه أمام مو-زونغشي.


فتصفّح الإمبراطور الكتاب.


“آلهة الزهور؟ هذا لن يسرّ تشو وانينغ.”


“الطاهي الأعظم؟… لا فائدة، طهي هذا الموقر أرقى من أي طباخ.”


فجأة، استرعى انتباهه بندٌ معين.


“مطر الأزهار” — سحابة تطوف فوق الفناء، وتمطر بتلات الزهور باستمرار.


تلألأت عينا تاشيان جون، وقال بإعجاب: “هذا جيد! كيف أستبدله؟”


قلّب الكعكة الصفحة.


شروط التبديل: شخص حي.


اتسعت عينا الإمبراطور: “شخص حي؟! قربان حي؟!”


“لا، لا تفكر بها بتلك الدموية!” قال الكعكة بسرعة، “كل ما في الأمر، عليك أن تمسك بشخص وتحبسه داخل الصندوق… يُمطر طالما هو بالداخل، يتوقّف المطر عند خروجه. أدبي وحضاري جدًا!”


“ولمَ نحبسه؟!”


ارتبك الكعكة: “لأنه لا أحد يعيش داخل الصندوق… في قريتنا، الكعكة الرابعة، تمشي وتفتح الباب بنفسها، وتخطف الزوار، حتى يتمكن الجميع من زيارتهم.”


“… أنتم الوحوش… لديكم زوّار؟!”


“الرابع، الرابع نعم…”


صرخ تاشيان جون:

“هذا سخيف!! كيف لهذا المقام الجليل أن يقوم بأمرٍ كهذا؟!”


قال متنمر الكعك: “يمكنك أن لا تختار هذه، فهذه الهدايا التي تتطلب أحياء… هي الأعلى تصنيفًا. يمكنك اختيار شيء أقل مستوى…”


“انتظر.”


قاطعه تاشيان جون، وقد تلألأت عيناه:

“هل كل الهدايا الأعلى تطلب… أحياء؟”


“نعم، نعم.”


أغلق الكتاب بسرعة، ورفع رأسه بشموخ: “ومن الذي سنخطفه؟”


شعر تشو وانينغ بأن مو ران كان يتصرف بغرابة في الأيام الأخيرة.


في البداية، كان مو زونغشي يسهر في منتصف الليل، ممددًا عاريًا على الأرض، يضغط على غوتو.


ثم جاء دور تاشيان جون، الذي أغلق على نفسه في المطبخ بنظرات غامضة نصف نهار، قائلاً إنه سيعد فطيرة، لكن لما حان موعد الغداء، لم يظهر حتى دقيقًا واحدًا. وحين سأله تشو وانينغ عمّا كان يفعله كل ذلك الوقت، أجاب بجدية غريبة: “كنت أفكر في مغزى الحياة.”


وما هو أغرب، أن تاشيان جون لم يعد يظهر إلا مرة كل ثلاثة أيام. ذلك الذي اعتاد ملازمته طوال الوقت، حتى وإن نزل إلى أسفل الجبل في النهار ليقضي بعض شؤونه الخاصة، إلا أنه كان يعود دائمًا قبل العشاء، يحمل جرة نبيذ فاخرة أو صندوقًا من الحلوى، ويسلمه إياه بغير حرج.


لكن اليوم كان مختلفًا.


لم يحضَّر أي فطائر، غلوا بعض المعكرونة وأكلوها، ثم قال تاشيان جون إنه مضطر للخروج.


سأله تشو وانينغ: “ماذا تريد أن تأكل في المساء؟ سأعده لك.”


تردد تاشيان جون، كأنه يصارع نفسه، ثم قال بغرابة لم يعهدها منه: “لا، هذا الموقر سيعود متأخرًا جدًا الليلة. لا تنتظرني، نم باكرًا.”


اتسعت عينا تشو وانينغ، المائلتين كشكل طائر العنقاء.


هل هذه أزمة السنوات السبع؟


لكن… أليس من المبكر لذلك؟ أم أنها مرّت بالفعل؟


—— وهكذا، نسي تمامًا أن عيد ميلاده قد اقترب.


**


في الحقيقة، لم يكن عيد الميلاد يومًا جميلاً في حياة تشو وانينغ.


حين كان صغيرًا، يعيش مع هواي تشوي في معبد وُوباي، كان الأخير يحرص في السنوات الأولى على إعطائه شيئًا بسيطًا كل عام في مثل هذا اليوم — لعبة خشبية، أو قطعة حلوى. وكان تشو وانينغ يفرح بها فرح الأطفال، يمسك سيفه الخشبي أو الحلوى، يبتسم ويقول: “شكرًا لك يا شيزون، شيزون يعاملني بلطف كبير.”


في كل مرة، كانت نظرة هواي تشوي تتبدل، كأن شيئًا ما وخزه في الداخل.


لكن آنذاك، لم يكن تشو وانينغ يعرف أن معلمه كان يعيش ألمًا دفينًا، يشوبه الذنب.


ثم، من عامٍ ما، توقف هواي تشوي عن إعطائه هدايا عيد ميلاد. صحيح أنه ما زال يقدم له الحلوى بين الحين والآخر، يسحبها من كمّ رداءه ببهلوانية، لكنه لم يربطها بتاريخ ميلاده مجددًا.


ظن تشو وانينغ أن السبب هو أنه قد كبر، ولم يعد من المناسب الاحتفال سنويًا.


سأله ذات مرة: “هل لأني كبرت؟”


فنظر هواي تشوي إلى شجرة سرو عملاقة في المعبد، ووضع يده على رأسه وقال: “نعم، لقد كبرت. بعد أعوام قليلة، ستبلغ سن النضج.”


لكنه لم ينظر في عينيه حين قال ذلك. كان يحدّق في الشمس الآفلة، الشفق الأحمر ينعكس في عينيه مثل… الدم.


لم يكن لدى تشو وانينغ أي سبب للشعور بالذنب، لكنه شعر بحزن ثقيل يتسلل إليه. كان صغيرًا لم يعِ بعد معنى الذنب أو الحزن الكامن فيه، لكن تلك اللحظة علمته أن بعض الوجوه قد تخبئ قسوةً داخل الحزن.


لا يعرف لماذا قال هواي تشوي ما قاله بذلك الوجه، لكنه شعر بأنه يخنق صدره.


ولأول مرة، مد يده الصغيرة بجرأة، ولمس رأس معلمه الأصلع يواسيه، وقال: “شيزون لا تحزن. عندما أكبر، سأمنحك عيد ميلادي.”


تجمّد هواي تشوي، ثم أنزل رأسه بصمت.


لم ير تشو وانينغ وجهه المختبئ في الظلال آنذاك.


بعد لحظة، ضحك الراهب الكبير بصوت مبحوح، وقال:

“الرجال الراشدون لا يحتفلون بهذه الأيام… إنها للصغار فقط.”


وقبل أن يقول أكثر، وقف فجأة، وتركه.


عباءته العريضة ترفرف في الريح. حين وقف، غطّى كامل ظل الغروب الدموي المتساقط على وجه تشو وانينغ.


“لن أعود مبكرًا. لدي أمر أخرج لأجله… اجتهد في دراستك الليلة.”


رحل دون أن ينظر خلفه.


**


ومنذ ذلك الوقت، طيلة عشرين عامًا، لم يتلقَّ تشو وانينغ تهنئة واحدة بعيد ميلاده. لم يتمنَّ له أحد عامًا سعيدًا، أو حياة طويلة.


حتى عاد إلى نانبينغ.


حتى هذا العام، حين أصبحت له حياة أكثر استقرارًا، وصار مو ران يتذكّر عيد ميلاده، ويحاول تعويض تلك السنوات التي ضاعت.


لكن للأسف… ذلك الاهتمام أتى متأخرًا.


لقد اعتاد تشو وانينغ أن يُنسى، اعتاد أن ينسى نفسه.



وقف الشيخ يوهينغ، الذي لم يعُد يذكر ما تعنيه كلمة عيد ميلاد، في فناء المنزل، عابسًا في صمت، غارقًا في تفكيرٍ عميق.


ما خطب مو ران؟


هل يمرّ بأمر يزعجه مؤخرًا؟


أم أن هناك شيئًا كبيرًا يحدث خارج الجبل؟


وإلا، سواء كان مو-زونغشي أو تاشيان جونفكلهم يتصرفون بغرابة في هذه الأيام

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي