القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch148 | GHG

 Ch148


بعد فترة وجيزة ، 

جاء اليوم الذي حضر فيه الأثرياء إلى الكنيسة لإجراء الطقس الغريب


عادةً ، كانت العميدة تستدعي ' هو ' إلى الكنيسة قبل ذلك بيوم


في ذلك اليوم، 

لا يعود إلى سريره المعتاد، بل ينام في الكنيسة


كان باي ليو يحتضن نسخة ' سجلات قتل سلندرمان ' 

التي أعطاه إياها  ' هو ' 


ظل مترددًا لفترة ، لكنه نهض أخيرًا ، 

ارتدى حذاءه بعناية ، وتوجه إلى الكنيسة


كانت العميدة قد أغلقت الأبواب ،


لكن باي ليو ، الذي اعتاد قضاء وقته في الكنيسة ، 

كان يعرف بعض الممرات الصغيرة التي يمكنه التسلل من خلالها


على سبيل المثال، 

نافذة صغيرة مكسورة، محجوبة بستارة قديمة


تسلل باي ليو عبر النافذة إلى الداخل


اعتمد على ضوء القمر ليبحث عن أي أثر للشخص هناك،


وأخيرًا، وجده —


خلف التمثال


في اللحظة التي وقع فيها نظره عليه، 

لم يظهر أي انفعال على وجه باي ليو


كان شي تا مكوّراً داخل حوض استحمام، 

بالكاد يتسع لجسده


الحوض ممتلئ بالدماء


وجهه ، الذي بات شبه شفاف ، 

نصفه مغمور في السائل الأحمر الداكن


لم يكن بالإمكان الشعور بتنفسه


و طبقة رقيقة من الصقيع على رموشه


يداه، قدماه، وجبهته لا تزال تنزف من آثار سحب الدم المستمر


نظر إليه باي ليو للحظة ، 

ثم نطق باسمه لأول مرة :

“ شي تا "


داخل الحوض ، استيقظ شي تا ببطء


فتح عينيه، وعندما رأى باي ليو، 

مدّ يده نحوه وكأنه يريد لمسه


لكن فجأة ، شيء في الماء تحرك—


و انبثقت كروم شوكية مغطاة بالفطر من الدم،


والتفت حول عنقه، معصميه، وكاحليه


و قبل أن يتمكن من لمس باي ليو، تم تقييده بإحكام،


محبوس داخل هذا الحوض الذي تحوّل إلى حوض 

معمودية ملطخ بالدماء


بصوت هادئ، سأل باي ليو:

“ماذا تفعل؟”


أجابه شي تا ببساطة:

“ معمودية . 

هذا هو الطقس الذي يسبق سحب دمي .”


نظر إليه باي ليو بثبات :

“هؤلاء الناس هنا لسحب دمك، أليس كذلك؟ 

يحتاجون إليه لإنقاذ أنفسهم .

لقد سحبوا منك الكثير… ألا تخشى الموت؟”


حدق شي تا : “ لا ،،

أنا وحش. لن أموت .”


عندما تحدث، خرجت سحابة صغيرة من البخار من فمه


كان هذا وحده كافي ليُظهر مدى انخفاض درجة حرارة جسده الآن


: “ إذًا ،،،، ألا تشعر بالبرد وأنت تنام هنا ؟”


هزّ شي تا رأسه بصدق :

“ لا أشعر بذلك ”


دون تردد، غمس باي ليو قدمه في الدم،

ثم ركع على ركبتيه،


وضغط جسده داخل المساحة الضيقة حيث شي تا متكوّر


حرارة جسد باي ليو الدافئة تسربت عبر الدم وانتقلت إلى شي تا


رمش شي تا ببطء، ومع أنفاس باي ليو الدافئة،


ذاب الصقيع عن رموشه


الآن فقط، أدرك معنى الشعور بالبرد


لأن جسد باي ليو كان دافئ جدًا





بهدوء، فتح باي ليو الكتاب الذي كان في يده،


ثم سأل:

“هل تريد قراءته معي؟”


ناما معًا في هذا الحوض القذر الملطخ بالدماء


تحادثا بلا هدف،


بينما التمثال الإلهي يراقبهما من فوق بلا مبالاة


: “ ما معنى المعمودية؟”


: “ تعني أن الإله يمنح بركته لمؤمنيه الجدد ، الذين يحبهم.”


: “ وهل هذه هي الطريقة التي تحصل بها على البركة؟”


: ”…  هم الذين يتلقون البركة.”


: “ هل تصدق هذا؟ هل تعتقد حقًا أن هناك إلهًا؟”




: “ نعم.”


تكوّر باي ليو داخل ذراعي شي تا الباردة، 

وسقط في نوم عميق


لكن عندما استيقظ في اليوم التالي—


كان في سريره


و لم يكن هناك دم على جسده


في فترة ما بعد الظهر ، عاد شي تا


كان أكثر شحوبًا من أي وقت مضى


هذه المرة، امتدت علامات الوخز حتى وصلت إلى وجهه


ظهرت على يديه وقدميه كدمات قاتمة،


نتيجة سحب الدم منه مرارًا وتكرارًا


بصمت، بدأ باي ليو يلف الضمادات التي 

سرقها من العيادة حول الجروح النازفة


كان شي تا يراقبه بصمت

ثم فجأة، تحدث:

“ أزل هذه الضمادات.

حينها، سيصبح لدى دمية سلندرمان وجه.”


تصلّبت ملامح باي ليو

ضغط شفتيه معًا في خط مستقيم، ولم يقل شيئ


أصبح الأثرياء الذين يأتون لسحب الدم أكثر تكرارًا


وهذا يعني أن ظهور شي تا أصبح أقل فأقل


حتى عندما كان يظهر أحيانًا، 

كانت رائحة الدم والفطر التي تفوح منه تجعله منبوذًا من الجميع


كان الأطفال يبتعدون عنه بمجرد أن يروه،


ويهزون أيديهم أمام أنوفهم باشمئزاز،


وكأنهم يريدون طرد هذه الرائحة الكريهة، وطرده معها


كان شي تا يدرك جيدًا أن رائحته لم تكن جيدة،


لذا نادرًا ظهر أمام باي ليو،


وكان يكتفي بمراقبته من بعيد


في بعض الأحيان، كان باي ليو يذهب للبحث عنه،


لكن شي تا كان يختفي قبل أن يتمكن من إيجاده


وحين يقرر شي تا تجنب الآخرين،


كان الأمر وكأنه لم يكن موجود أصلًا


لم يكن بإمكان أحد العثور عليه، حتى باي ليو نفسه


في تلك الفترة ، بدأ باي ليو بالتواصل مع بالغين من خارج الدار


يقوم بأشياء لا ينبغي للأطفال القيام بها،


يتحرك في 'مناطق رمادية' لكسب المال


كان يعلم أنه بمجرد أن يجمع ما يكفي من المال والقدرة والاستعداد،


سيأخذ شي تا معه ويهرب بعيدًا عن هؤلاء المستثمرين، 

بعيدًا عن دار الرعاية —


كان ذلك، بالطبع، مجرد خطة ساذجة ، طفولية


لكن إحساس خافت بعدم الارتياح والعجلة،

جعل باي ليو يدرك أن شي تا إذا لم يغادر الآن،

فقد لا يتمكن أبدًا من المغادرة


لكن… لم يمضِي وقت طويل حتى تم كشف أمر باي ليو


اختبأ الطفل الذي وشى به خلف العميدة ، يرتجف


بلع ريقه عدة مرات ثم رفع يده المرتجفة،

مشيرًا إلى باي ليو، الذي وقف بوجه خالٍ من التعبيرات :

“ رأيته… رأيته يقوم بصفقات غريبة مع ذلك الرجل البالغ !

ساعد البالغين على فعل أشياء سيئة ! 

رأيته ! 

لقد أعطوه المال !”


حدقت العميدة إليه ببرود وسألت بلهجة صارمة :

“ هل فعلت هذا يا باي ليو (6)؟!”


لم ينكر باي ليو شيئ


لكنه لم يكن ينظر إلى المديرة، بل إلى شي تا وسط الحشد


ظل صامت


لم يكن لديه أي تفسير لما فعله — لأن التفسير لا معنى له


هؤلاء الأشخاص لم يهتموا بما فعله بالفعل


حتى لو لم يسألوه ، كانوا سيحكمون عليه بالإدانة على أي حال


وبالطبع ما فعله لم يكن أمرًا جيدًا


لكن المعلمين كانوا يخافون من باي ليو6 ايضاً —

ذلك الطفل الغريب الذي كان دائمًا مع شي تا

يصبح أكثر غرابة ورعبًا يومًا بعد يوم،


يحب قراءة القصص الدموية،


وينظر إلى الآخرين كما لو أنهم مجرد ماشية تنتظر الذبح


لذا ، كان من الطبيعي أن تتم معاقبته


لم يكن لدى باي ليو أي اهتمام بالحكم على طرق معاقبتهم


على أي حال، لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يُعاقَب فيها


لكن عندما اقترب أحد المعلمين وأمسك بذراعه ليجرّه بعيدًا


وقف شي تا ببطء، مستندًا بيده إلى ظهر كرسيه


وجهه ونبرته كالمعتاد، بلا تغيير :

“ أنا من جعلته يفعل ذلك .”


الآن، ارتفع توتر المعلمين إلى أقصاه


مقارنةً بباي ليو، كانوا بطبيعة الحال أكثر خوفًا من شي تا


أحاطوا به، لكنهم أبقوا مسافة متر كامل بينهم وبينه،


مكونين دائرة مغلقة 


سألت العميدة بحذر، بخوف، وباستعلاء:

“لماذا جعلتَ باي ليو (6) يفعل ذلك؟”


لم يشكّ أحد لحظة في أنه لم يفعلها،


تمامًا كما لم يشكوا في إدانة باي ليو قبل قليل


فقط، ببساطة، حكموا عليهما بالإثم


لأنه كان وحش


ولأن باي ليو (6) كان الصبي السيئ الذي رافق الوحش


كل ما يفعلاه — من المسلَّم به أنه شرّ


التفت شي تا جانبًا لينظر إلى باي ليو، الذي كان يُجرّ بعيدًا


عندها فقط، ابتسم ابتسامة خفيفة على زاوية شفتيه


في تلك اللحظة ، شعر باي ليو أن عينيه الفضيّتين 

لا بد أن تكونا دافئتين وجميلتين جدًا وهو يبتسم


لكن شعره كان يحجبهما، ولم يستطع رؤيتهما




ثم، بصوت هادئ، 

بنفس النبرة التي أعطى بها الكتاب لباي ليو سابقًا


اعترف بكل بساطة:

“لأنني أردت التواصل مع الخارج 

والهرب مع باي ليو (6).”


صرخت العميدة بهيستيرية : 

“ كيف تجرؤ على الهرب ؟!

هل تدرك الفوضى التي ستسببها لنا إن هربت ؟!

لقد بدأت الجولة الثانية من الفحص! 

لن يمنح المستثمرون المال دون دمك!”


تفرّق الأطفال في رعب


بدأوا يهمسون فيما بينهم بذهول:


“دم؟ أي دم؟”


“هل هو الدم الذي يسيل من وخزاته؟”


“إنه وحش!”


أدركت العميدة خطأها فورًا، وسارعت بتغطية فمها


لكن الأوان كان قد فات


في الثانية التالية، 

نظرت إلى شي تا نظرة وحشية،

وأمسكت بمعصمه النحيل، لتجرّه نحو الكنيسة


“كل شيء لديك منحَتك إياه دار الرعاية ، 

والآن تريد الهروب ؟!”


طغى غضبها على خوفها،


فأصدرت بحزم حكمها القاسي عليه:

“ يبدو أننا منحناك امتيازات كثيرة جدًا .

يجب أن تتلقى القليل من التعليم .

هذه الليلة، سأحبسك في الكنيسة ، 

لتنال معموديتك !”


ثم سحبته من معصمه، وسارت به بعيدًا


وسط الفوضى، كان باي ليو يندفع عبر الحشد،


يصارع الأطفال والمعلمين الذين يعرقلونه


مدّ يده، محاولًا الإمساك بشي تا الذي يُسحب بعيدًا:


“ شي تاااااا !”


استدار شي تا ونظر إليه


هبت الرياح ، رافعةً خصلات شعره المجعدة التي تغطي جبينه،

كاشفةً عن تلك العيون الفضيّة الزرقاء—


{ جميلة …


كبحيرة جليدية ذابت بعد الشتاء }


تجمد باي ليو للحظة، 

يحدّق في عيني شي تا الهادئتين،


اللتين لم تحملَا أي حزن،


بل انعكست فيهما صورة باي ليو بكل إخلاص


ثم، مدّ شي تا يده،


وأمسك يد باي ليو وسط الحشد،


أصابعهما تشابكت معًا


لمسة باردة، ولمسة دافئة


وفي كليهما، 

شعر باي ليو بندوب وخزات الإبر على يد شي تا


ابتسم شي تا بخفة، وضغط على يده بلطف : 

“ باي ليو (6) لا تخف ... 

أنا وحش… لن أموت .”


سحبت العميدة يدهما بقوة : “ اتركه !”


وفجأة ، اختفت القبضة المشدودة


كان باي ليو لا يزال متمسكًا به، 

لكن شي تا هو من أفلت يده

و هزّ رأسه ، يخبر باي ليو ألا يتبعه


ثم استدار،


وسار بهدوء مع العميدة ،


إلى الكنيسة التي يعرفها جيدًا


لم يكن باي ليو يومًا طفلًا مطيعًا


بعد بضع دقائق فقط من أخذ العميدة شي تا،


تسلل بصمت عبر النافذة المكسورة المغطاة بالستارة،


ودخل الكنيسة سرًا




اختبأ خلف الستارة ،


تكوّر في مساحة صغيرة ،


ثم بدأ يراقب بصمت


أمامه ، تحت التمثال ،


وقف شي تا و العميدة


كان شي تا يرتدي ملابس بيضاء نقيّة ،


حافي القدمين ،


وفي يده شمعة بيضاء خافتة الوميض


رفع رأسه، أغمض عينيه،


ثم بدأ بتلاوة الصلاة دون أي تردد


أما العميدة ،

فكانت واقفة بجانبه ،

تحمل سوط ،

وتحدّق فيه ببرود


بعد أن أنهى الصلاة،


تقدّمت العميدة خطوة إلى الأمام،


وحدّقت فيه بتعبير قاسي


“ الآن ، المعمودية !! "

و تابعت بحدة:


“ لكن اليوم ، خطرت لك فكرة خيانة الإله والهروب .

لذا ، لا بد أن تكون معمودية اليوم شاملة ،

حتى يتم تطهير جسدك بالكامل من الشر والنجاسة!”


أنزل شي تا عينيه وقال بهدوء :

“ لا يمكن غسلها ….”

بصوت خافت ،

تابع وكأنه يحدّث نفسه:

“ أنا الشر ذاته…

الشر الذي لا يمكن مواجهته.”


تصلّبت العميدة للحظة ،

ثم أصبح تعبيرها أكثر جدية


انتزعت الشمعة من يده،


ثم دفعته بقوة إلى حوض المعمودية،


واضعةً يدها عليه لإجباره على البقاء مغمورًا في الماء


بابتسامة قاسية ومغرورة،


وقفت بجانب الحوض،


وكأنها أخيرًا استطاعت هزيمة الشيطان الذي طالما خافت منه


في نظرتها مسحة من الجنون


تنهدت براحة ،


ثم رفعت الشمعة ،


وقربتها من سطح الماء ،


وأعلنت ببرود :

“ لن تخرج حتى تنطفئ الشمعة ، هل تفهم ؟”


قطرات الشمع الساخنة سقطت واحدة تلو الأخرى ،

على سطح الماء الصافي ،

مشكّلة زهورًا بيضاء صغيرة ،


عائمة مباشرةً فوق شي تا،


الذي كان مستلقي أسفل الحوض،


بعينين مغمضتين


كان حوض المعمودية أشبه بتابوت ضيق للغاية ،


يحشر جسده داخله بطريقة مشوهة


لكن ما لم يلاحظه أحد،


هو أن تمثال الإله، المواجه لحوض المعمودية،


تحرّك قليلًا ———

على وجه التمثال الرخامي الأبيض،

ظهر تعبير بشريّ غريب،


بدا وكأنه… إدانة ———


وكأن الإله يلوم الطفل المغمور في الحوض ،

 

على تمرده ،


وعلى محاولته الهرب من حمايته ،


[ أنتَ كائن شرير ، إله ساقط .


لا يمكنك مغادرة سجن الآلهة .


لا ينبغي لك أن تغوي الطفل الذي سُحر بك ،

وتجعله يفكر في الهروب .]


تحت الماء ، تحرّكت جفون تاويل قليلًا …. 


[ لا، أنا لا أراه كـ”مؤمن جديد”.]




سأله التمثال ببرود:

[إذن، ماذا ترى ذلك الطفل ؟

لقد رأى عينيك… 

وهو ليس بعيدًا عن الجنون .

يجب أن تقتله ، وإلا فإنه سيصبح وحشًا شريرًا مثلك ،

ويدمر العالم .

أنت تعرف ذلك أليس كذلك ؟

كل شيء تلوثه ستكون له عواقب .]


تحت الماء ، 

تحركت أصابع تاويل قليلًا على صدره ،

ثم أجاب بهدوء :

[ هو… أريد أن أقرأ معه إلى الأبد .]


[ أنت تعلم أن هذا مستحيل .

تاويل، اقتله .

اقتل هذا الطفل الذي لوّثته !

هذه أوامر الإله!]


رفض تاويل بهدوء : [ لا أستطيع …..

يمكنك قتلي… لكنني لن أقتله .]


ظهر الغضب على وجه التمثال :

[…لقد نُفيتَ إلى هنا ،

ومع ذلك لا تزال تجرؤ على عصيان أوامر الإله ؟!

أنت تستحق العقاب !

يجب أن تنام إلى الأبد !]


رفع التمثال يده فوق تاويل


فجأة ، أصبح الماء في أسفل حوض المعمودية كثيف ، ثقيل ،

لزج ،

بارد مثل الجليد ،


ثم…


تحوّل إلى مسامير ثلجية حادة ،


انغرست في جسد تاويل


عبس بحاجبيه، لكنه سرعان ما هدّأ تعبيره


تحت الماء ،


تكوّر شي تا،


واهتزت اليد التي كانت قد أمسكت بيد باي ليو ذات يوم


ثم…


توقفت جفونه عن الارتعاش


كانت حرارة يد باي ليو لا تزال في كف يده،


لكنها…


بدأت تتلاشى ببطء في المياه الباردة


مع توقف أنفاسه تمامًا


قبض أصابعه بإحكام، محاولًا التمسك بالدفء…


ثم استرخى،


وجسده طفا في الماء


“ ش-شي تا؟”


تراجعت العميدة إلى الخلف بفزع ،


ثم هرعت لتفحص أنفاسه


عندما أدركت أنه… لا يتنفس ،


شهقت في رعب،


وأفلتت الشمعة من يدها،


لتسحقها عن غير قصد تحت قدمها


انطفأت الشمعة —


وأُطفئ معها الضوء الوحيد في الكنيسة


انهارت العميدة على الأرض : “ انتهى الأمر ….”


قطعت خصلات شعرها بيديها المرتجفة ،

وتمتمت بجنون :

“ أليس هو وحش ؟!

لقد سحبوا دمه مرات لا تحصى ، ولم يمت !

لقد خضع للمعمودية مرات عديدة ، ولم يمت !

لماذا… لماذا غرق هذه المرة ؟!

لقد مرّت بضع دقائق فقط ! 

حتى الشمعة لم تحترق بالكامل !”


اتسعت عيناها بهلع ،

وأخذت تهز رأسها بجنون،

وكأنها لو أنكرت الأمر،

فسينهض شي تا حيًا


“ مستحيل… مستحيل…!

لقد مات.”


ارتجفت شفتيها،


لم تتوقع العميدة أبدًا أن موت هذا 

الطفل سيجلب لها مثل هذا الخوف القاتل


حدقت في وجه شي تا الخالي من العيوب داخل حوض المعمودية،


وتمتمت لنفسها بذهول:

“ لقد أغرقت شي تا بنفسي… والآن، تلك المجموعة ستسحب دمي .

يجب أن أجد أطفال آخرين ليحلّوا محله!”


اختبأ باي ليو خلف الستارة،


مراقبًا العميدة التي تصرخ بجنون


لكن على وجهه… لم يكن هناك أي انفعال


كان هناك يقين غريب جعله يراقب بهدوء


 قال إنه وحش ، وأنه لن يموت 

إذًا ، 

لا بد أنه يختلق موته ليخدع هذه العميدة الحمقاء ...


بمجرد أن تغادر العميدة ،


سأوجه إليه ، وسينهض شي تا من الماء،


وربما ، 

ربما… 

سيبتسم لي }


حتى أن باي ليو تخيّل أنه سيدفع الشعر الرطب بعيدًا عن وجه شي تا،


وسينظر مباشرةً في تلك العيون الفضية الزرقاء،


ويسأله بهدوء ' كيف صعدتَ ؟ '


فقط تخيل ذلك جعل نبضات قلبه تتسارع


لكن العميدة لم تجرؤ على إخبار المستثمرين بأنها قتلت شي تا


أخرجت جسده سرًا من حوض المعمودية،


وحملته عبر الباب الخلفي للكنيسة،


ثم…


ربطت الصخور بمعصميه وكاحليه،


وألقت به في البحيرة الصغيرة خلف الكنيسة ——-


البحيرة متصلة بالنهر ،


ومن النهر ، ستجرفه المياه إلى البحر


لكن باي ليو…


لم يكن ليسمح له بالذهاب بعيدًا إلى هذا الحد


تبع العميدة بصمت ،


راقبها وهي تتخلص من الجثة ،


لكنه لم يصدر أي صوت


بدت وكأنها فقدت عقلها،


ولو ظهر الآن، 

فمن المحتمل أنها لن تمانع في التخلص من طفل آخر


لذا ، انتظر


وعندما رحلت في عجلة،


خرج من مخبئه


انحنى على سطح البحيرة


دفن وجهه بين نباتات عدس الماء العائمة ،


ثم غطس إلى الأعماق


مدّ يده إلى شي تا الغارق ،


الذي كان ينزل تدريجيًا إلى القاع


كانت البحيرة عميقة ، خضراء ،


و شي تا يغرق بسرعة


الرمال الطينية السوداء في القاع كانت أشبه بمخلوق حي،


تلتهم الجثث البشرية ببطء،


بدأت تزحف فوق جسد شي تا،


تحاول التهامه، وسحبه إلى الجحيم





قاوم باي ليو رغبته في السعال،


فيما تسللت المياه القذرة إلى فمه،


أنفه،


وأذنيه


قبض أسنانه بقوة،


ثم أمسك بجسد شي تا،


وسحبه بكل قوته،


حتى بدأ الأكسجين ينفد من رئتيه


بدأ دماغه يحترق من قلة الهواء،


لكن…


أخيرًا تمكن من سحب شي تا للخارج


مزق الحبال التي ربطت الصخور بجسده،


وحمله إلى السطح


عند الشاطئ ،

استلقى باي ليو على الأرض ،

يحدّق في السماء المليئة بالنجوم ،

يلهث طلبًا للهواء


نباتات عدس الماء عالقة على وجهه،

وجسده مبلل تمامًا،


فيما علا صوت صراصير الليل من بين الأعشاب المحيطة


كل شيء بدا فوضوي …


لكن…

دون سبب واضح ، ضحك


بضحكة خفيفة،

رفع ساقه وركل شي تا،

الذي لا يزال مستلقيًا بلا حراك بعينين مغلقتين


ثم قال باي ليو مبتسمًا بسخرية:

“ كيف عرفت أنني سأخذك معي للهروب ؟

ماذا لو كنت أعمل مع هؤلاء البالغين وأجمع المال لأصرفه 

على نفسي ؟”

توقف لثانية ، ثم أضاف:

“ ألستَ واثقًا بنفسك أكثر من اللازم شي تا؟”


لم يتحرك شي تا




و لا يزال مغطى بعدس الماء،

وجهه شاحب،

وجسده بارد


جلس باي ليو،

ثم انحنى فوقه،

وبدأ يراقب ملامحه بصمت


مدّ يده ،

أبعد خصلات الشعر المبللة عن جبهته ،


ثم…

توقّف


{ هذا الشخص …

جميل جدًا }


تحركت أصابع باي ليو بلطف،


عبر رموشه الطويلة المبللة،

ثم على أنفه المستقيم،

ثم على شفتيه الشاحبتين،

وأخيرًا…

على تلك العيون الفضية الزرقاء،

التي بدت وكأنها لم تُظهر نفسها إلا له وحده


تمتم باسمه بهدوء : “ شي تا … "

ثم انحنى ،

ووضع أذنه على صدره


حدّق بعينين متسعتين


“ إذا لم تستيقظ ، سأجري لك تنفسًا صناعيًاوسأعضّك حتى تستيقظ "






لكن…


لم يكن هناك نبض


ولا تنفس


ولا حرارة في جسده


لم تكن هناك أي علامة تدل على أنه سيستيقظ


دفن باي ليو وجهه في صدره : “ أنا جاد !! ”

قبضتيه مشدودتين بقوة ، 

حتى أصبحت أصابعه بيضاء


لا يزال يستطيع شمّ رائحة الدم القوية،

الممزوجة برائحة الماء


كانت…


رائحة الموت


احتضن شي تا بين ذراعيه ،

وأحكم قبضته عليه ،

فيما تقطّرت المياه من جسديهما،

لتندمج معًا


تمتم باي ليو : “ أنا لا أعتقد أنك كنت واثقًا بنفسك أكثر من اللازم ….”

ورأسه يستند على كتف شي تا ،

و جبهته مستندة على قلبه ،

أغمض عينيه ببطء ،

وتساقطت قطرات الماء من رموشه


كان شي تا مستندًا على كتفه ، بلا أي قوة


لم يُجب


لم يفتح عينيه


لم يتحرك


وحدها المياه الباردة المتساقطة من شعره،

بللت ملابس باي ليو،

مذكرةً إياه أنه موجود


تشابكت أصابعهما معًا


صوت باي ليو هادئ 

بلا أي تقلبات ،

وكأنه يتحدث إلى الظلام :

“ ألم تقل إنك وحش ؟

إذًا، عُد إلى الحياة مثل وحش، وسأعترف أنك كذلك .

إذا بقيت هكذا ، 

فإنني…

أشعر… بأن هذا مؤلم جدًا شي تا.”


في تلك اللحظة،


انسابت قطرة ماء من رموش شي تا

وسقطت على يد باي ليو


بدت وكأنها دمعة ….


يتبع




  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • عادي
  • متطور
  • ترتيب حسب الاحدث
    عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي