Ch301
بمساعدة سوط سبيدز، عبر باي ليو والبقية الضباب بسلاسة دون أن يواجهوا أي وحش.
لكن فور اجتياز الضباب ، المشاهد التي ظهرت أمامهم
مختلفة تمامًا عما كانت عليه من قبل
الغابة المطيرة التي كانت في السابق مليئة بالأشجار الشاهقة،
غمرها الآن ضباب رمادي كثيف
مساحة واسعة من الأشجار تحترق، والهواء مشبع بالرماد
المتطاير من ألسنة اللهب المشتعلة
السماء مظلمة إلى حد أنها لم تكن تسمح إلا بمرور ضوء
خافت بالكاد، حتى بات من المستحيل التمييز بين الليل والنهار
رائحة نفاذة قوية من البارود المتفجر ضربت أنوفهم على الفور،
و بالإمكان تذوق مرارة الكربون ما إن فتحوا أفواههم
سعل تانغ إردا مرتين وهو يغطي فمه وأنفه،
ثم قال: “ما الذي حدث في عالم الحرب هذا خلال الساعة
التي كنا فيها بالخارج؟”
نظر باي ليو من حوله : “ تدفق الزمن داخل عالم الحرب مختلف عن خارجه .
الخط الزمني هنا تقدم سريعًا حتى وصل إلى نهاية الحرب
الكبرى بعد مغادرتنا .”
لو جي يي لوّحت بيدها عند أنفها ونظرت إلى باي ليو:
“ هل هذه هي النقطة التي كانت إلينا تتحدث عنها،
تلك التي مات فيها الجميع بعد الانفجار؟”
نظر باي ليو إلى الغابة المطيرة المغمورة بالضباب :
“ بشكل عام، في مثل هذه المرحلة ، تصمم ألعاب الرعب
الممتازة حبكات ذروة مثيرة للغاية .
مثل مطاردة ومعركة على نطاق واسع .”
اتسعت عينا تانغ إردا بدهشة : “لماذا تكون هناك مطاردة؟
ألم يكن الجميع قد مات في هذه المرحلة ومستعدين
لدخول دورة الأيام السبعة التالية؟”
أخرجت ليو جي يي زجاجة السم من خصرها،
وتراجعت بحذر خطوتين إلى الوراء،
وضيّقت عينيها قليلاً: “إنه تحديدًا لأن هؤلاء الأشخاص قد
ماتوا، فإن هذا هو أخطر مكان قبل الدخول في دورة الأيام السبعة التالية .”
نظر باي ليو مباشرة إلى الغابة المطيرة،
حيث بدا أن شيئ ما يخرج منها: “لأن هذا يعني، باستثناءنا
نحن اللاعبين، فإن خريطة الحصار الحربية هذه ممتلئة
بالوحوش والأموات الأحياء .”
أصبح تانغ إردا يقظًا وحذراً بدوره ،،،
تردد لحظة ثم سحب سلاحه،
ثم التفت بشكل غريزي ليلقي نظرة على سبيدز، الذي يقف
بصمت تام بجانبه
سبيدز يحدق في تانغ إردا بصمت،
ويده على مقبض السوط خلف خصره،
وأصابعه بدت وكأنها تتحرك قليلاً،
كما لو أنه لا يزال يريد منعه من سحب سلاحه
تانغ إردا: “…”
وكأن باي ليو قد شعر بالمواجهة الصامتة خلفه،
التفت ونظر إلى سبيدز بنظرة خفيفة
تجمد سبيدز بشكل غير مفهوم،
ثم أداره مقبض السوط بصمت نحو تانغ إردا
تنفّس تانغ إردا الصعداء،
ثم تجرأ أخيرًا على إخراج مسدسه،
موجّهًا إياه نحو الغابة الرمادية التي تهتز باستمرار،
وكأن شيئ ما على وشك الظهور
لكن الغابة لم تُظهر شيئ ،،، فقط تتحرك بخفة ،
والصوت الوحيد الذي سُمع كان طقطقة احتراق الأوراق والأغصان
وبينما تانغ إردا ينظر إلى باي ليو باستفهام،
قام سبيدز، الذي كان يقف بجانب باي ليو، فجأة بسحب
سوطه وضرب به الأرض بعنف، مما تسبب بانفجار التربة
على طول الشقوق التي فتحتها ضربة السوط،
تطايرت التربة إلى الجانبين،
ولم تكن التربة وحدها، بل تطايرت معها بعض الأصابع البشرية
حدق تانغ إردا في التصدعات التي فُتحت من ضربة سبيدز،
وتصلبت ملامحه
مدفونين في التموجات تحت الأرض،
قطع لا تُحصى من الجثث التي بدا أنها قد انفجرت وتمزقت،
بيضاء بفعل الدم وبقع البارود، أطراف محطمة،
أنصاف رؤوس،
أيادي بعظام المعصم المكشوفة،
خصور تلتوي—أفواهها المقطوعة موجهة نحو باي ليو
والبقية وكأنها عيون
هذه الأشلاء، التي لا يمكن تجميعها إلى أطراف بشرية كاملة،
يزحفون بكثافة داخل التربة،
كما لو أنها شمّوا رائحة فريسة و يختبئون تحت الأرض أثناء اقترابهم
فجأة ، خرجت أيادي متفحمة لا تُعدّ ولا تُحصى من الوحل
أسفل قدمي باي ليو،
أمسكت بكاحله وسحبته إلى الأسفل
لم يتردد تانغ إردا في إطلاق النار على تلك الأطراف،
مصيبًا مركز كف اليد تمامًا ونازعًا منها فجوة كبيرة
لكن ذلك لم يُجدِ نفعًا،
إذ كانت تلك الأطراف لا تزال تلتوي وتسحب
قال باي ليو الذي تم الإمساك به،
وهو يحلل الموقف بهدوء : “ الهجوم غير فعّال ،،،
هذه الأطراف المقطعة في حالة الأحياء الأموات،
إن لم تتمكن من قتلهم، فعليك إيجاد نقطة ضعفهم.”
لوّح سبيدز بسوطه نحو يد الميت الحي،
ولفّه حولها محاولًا سحبها من قدم باي ليو
سحبها مرة واحدة فقط،
ثم توقف بسرعة ورفع رأسه ببطء لينظر إلى باي ليو
نظر باي ليو إليه بهدوء: “ لا يمكن نزعها "
انحنت ليو جي يي فجأة لتنظر إلى كاحل باي ليو،
وجلست القرفصاء محاولة التحقق من الأمر عن قرب،
لكن باي ليو أوقفها
أنزل باي ليو نظره إلى الأطراف المجزأة الملتصقة بقدمه
وقال: “هذه الأشياء نمت مع جسدي، ولا يمكن نزعها.”
: “ نمت معه؟!” قال تانغ إردا بذهول وهو يخفض رأسه
الأصابع الخضراء والسوداء على كاحل باي ليو قد غُرست في الجلد،
نصف مفاصلها مغروسة فيه،
والجلد متلاحم معها بشكل مثالي،
كما لو أن يد قد نبتت فجأة من كاحل باي ليو حقاً
وفي الوقت ذاته، تحولت مفاصل أصابع يد باي ليو اليسرى
إلى اللون الأزرق الداكن
رفع باي ليو رأسه : “ طريقة هجوم هذا الوحش تُدعى
[اندماج الحياة والموت].
ما إن يلمس الجسد الميت اللاعب،
يصبح جزءًا من جسد اللاعب ،،،
وعندما أُهاجَم بجميع أجزاء جسد إنسان واحد،
ستندمج قطع الجثة بالكامل في جسدي،
وتحوّلني إلى حي ميت .”
ما إن أنهى حديثه، حتى اختفت اليد عن قدمه،
وتحولت يده اليسرى بالكامل إلى اللون الأزرق الداكن،
متدلية بلا حراك إلى جانبه
الجثث تقترب باستمرار،
لكنها بدت وكأنها تملك هدف محدد ،
فتجاوزت الجميع وانقضّت مباشرةً على باي ليو
ضرب تانغ إردا عدة جثث وأبعدها،
بينما استخدمت ليو جي يي السم لترسم دائرة حماية،
وسبيدز ضرب بسوطه ليفسح منطقة نظيفة داخل الدائرة
حدّق مباشرة إلى باي ليو وسأله: “ما الذي فعلته؟
لماذا تهاجمك الجثث أنت وحدك ؟”
هز باي ليو كتفيه وقال: “ربما لأني اللاعب صاحب التقييم
الأدنى في شاشة السمات الشاملة هنا؟
هل يظنون أنني سهل الاستغلال؟”
رد سبيدز على الفور، دون أن يفكر: “ أنت تكذب.”
قاطعت ليو جي يي استجواب سبيدز قائلة: “ لا تشغل بالك
بما فعله باي ليو الآن!
هذه الأشياء لا يمكن قتلها، وإذا بقينا هنا فسنُحوّل بالكامل إلى جثث.
لا تدعوا باي ليو يلمس الأرض.
احملوه على ظهركم وغادروا فورًا!”
ما إن أنهت ليو جي يي كلامها، حتى تحرك تانغ إردا وسبيدز، اللذان كانا واقفين إلى يسار ويمين باي ليو، في الوقت ذاته
للإمساك به من المنتصف
كلاهما كان أطول من باي ليو برأسٍ كامل،
فأمسكا بكتفيه ورفعاه في الوقت ذاته
وكانت النتيجة الوحيدة لذلك——
——ارتفعت قدما باي ليو عن الأرض،
ورُفع في الهواء كأنه تلميذ في المدرسة الابتدائية،
وقدماه لا تزالان تتأرجحان في الهواء يمينًا ويسارًا مرتين
سبيدز: “أنت قصير جدًا، باي ليو.”
ليو جي يي: “!!!”
تانغ إردا: “!!!”
{ انتهى الأمر، باي ليو سيغضب بالتأكيد! }
رفع باي ليو رأسه ببطء وابتسم نحو سبيدز: “ حقًا ؟!!! ”
——- وبعد لحظات ……
في طريق الهروب ،
خفّض تانغ إردا رأسه ووضع يده على فمه،
غير قادر على النظر إلى الأعلى على الإطلاق
بدأ ينظر يمينًا ويسارًا، ينظف الجثث القريبة عن الأرض
أما ليو جي يي، فأخذت نفسًا عميقًا،
وقمعت زاوية فمها التي كادت أن ترتفع، وأدارت وجهها باحترافية،
مستخدمة السم لتفريق الأشلاء التي تتبعهم
اقتربت ليو جي يي من تانغ إردا وهمست: “هل التقطت صورًا؟”
تردّد تانغ إردا: “ليس من اللائق تمامًا…”
رفعت ليو جي يي عينيها بسخط: “ألا تعتقد أن الأمر مضحك؟”
حاول تانغ إردا أن يبدو جديًا: “لحسن الحظ، تلقيت تدريبًا
صارم ولن أضحك بسهولة على التكتيكيين في فريقي…”
كان سبيدز في المقدمة،
يضرب الأرض بسوطه ليُطهر الطريق من الجثث أمامه
و باي ليو قد جلس على كتفيه،
بينما سبيدز يحمله ويتقدّم بتمايل
سأل باي ليو سبيدز ببطء : “ هل ما زلت قصيرًا الآن؟”
توقف سبيدز قليلًا: “لا، أنت طويل جدًا.”
——إنها تصرفات طفولية جدًا أن يزيد أحدهم طوله بركوبه
على أكتاف شخص آخر،
وخصوصًا إذا كان الفاعل هو باي ليو، بابتسامته التي لا تعكس أي مشاعر
لكن الأمر كان مضحكًا جدًا
لم يستطع تانغ إردا الذي كان خلفهم أن يتمالك نفسه،
فانفجر ضاحكًا في النهاية
قالت ليو جي يي بلا حول ولا قوة: “ إلا إذا لم تعد تستطيع
الاحتمال، أليس كذلك؟”
سبيدز في الأمام لا يزال يُطهّر المنطقة القريبة منهم
وبعد قليل، سأل باي ليو: “هل أنت غاضب لأنك لست طويل ؟”
صمت باي ليو لثانية،
ثم قال ببرود: “لا، لن أهتم لأمر تافه كهذا.”
أخذ سبيدز نفسًا عميقًا،
ثم لوّح بسوطه فلفّه حول جذع شجرة ضخمة قريبة،
وجذبه فجأة
فارتفع هو وباي ليو الجالس على كتفيه معًا بفعل السوط
وطئت قدماه جذع الشجرة بخفة،
وباستغلال قوته، أطلق سوطه مجددًا ولفّه حول جذع شجرة أطول
وفي الوقت نفسه ، أسقط عدة جثث كانت تتساقط من
الجذع المهتزّ برؤية واضحة ودقيقة
وبعد عدة تنقلات متتابعة،
قفز سبيدز بسلاسة إلى قمة أطول شجرة في الغابة المطيرة،
حيث يمكنه الإشراف على المشهد الكامل للغابة
هزّ باي ليو رأسه قليلًا،
ثم عدّل من وضعيته على كتفي سبيدز
ارتفع صدر سبيدز قليلًا، وقال بصوت جاد: “الآن، أنت أطول
شخص في العالم.”
تغيّر تعبير باي ليو قليلًا،
وكاد يتحدث، لكنه سمع سبيدز يتابع بهدوء:
“ يمكننا دائمًا استخدام الأمور الخارجية لتعويض ما ينقصنا بالفطرة.
باي ليو لا تغضب من نفسك بسبب قصرك البدني.
ليست غلطتك أنك قصير هكذا .”
قالها سبيدز كلمة بكلمة
باي ليو: “…”
زفر باي ليو نفسًا طويلًا ببطء،
وتمتم ببضع كلمات بسرعة بصوت منخفض
بدا أن سبيدز فهم: “باي ليو ماذا تقول؟”
رد باي ليو بهدوء: “ أنا أردد قصيدة قديمة تناقلته الأجيال حتى اليوم .”
سبيدز: “ما نوع هذه القصيدة ؟”
ابتسم باي ليو: “ [ لا تغضب ].”
سبيدز ببطء: “? لماذا تردد هذا؟”
باي ليو : “ لأنه يساعدني على معالجة الانحدار النفسي
الناتج عن التقلبات العاطفية.”
أومأ سبيدز برأسه
{ فهمت …. إذاً هذه قصيدة تطهير روحي ،
سأتعلمها في المستقبل إذا سنحت له الفرصة
لكن الأولوية الآن لشيء آخر }
كان سبيدز قد حمل باي ليو إلى هذا المكان،
من جهة ليواسيه من الضرر النفسي الذي ألحقه بنفسه
بسبب قصره (…)،
ومن جهة أخرى، ليرى التغيرات التي طرأت على خريطة الغابة المطيرة بأكملها
المشهد الأخضر الداكن للغابة قد تحوّل إلى الرمادي والأسود
الحفر العملاقة منتشرة في كل مكان على الأرض،
والتربة تتشقق باستمرار
أطراف ميتة تتسلل بلا توقف من تلك الشقوق،
وتقترب من الشجرة الكبيرة حيث يجلس باي ليو
عند النظر للأسفل،
كثيفة وسوداء، كأنها أسراب من النمل تبحث عن أعشاشها وطعامها
كلما اقترب باي ليو من المدينة،
مصدر الانفجار،
كلما رأى أطرافًا أكثر تحطمًا
وكلما اقترب من البحيرة،
كلما أصبحت الجثث التي يراها أكثر اكتمالًا
و تلك الجثث الكاملة تتجمّع في مكان على الجانب المقابل من البحيرة،
وكأنها تحتفل وتقفز حول شيء ما،
أطرافها ورؤوسها تتمايل بجنون وكأنها ستنفصل عن
أجسادها في أي لحظة
ضيّق باي ليو عينيه، وأخرج منظار من ضمن الأدوات ونظر من خلاله
عدّل البؤرة، وأخيرًا رأى بوضوح ما الذي كانت تحيط به تلك الجثث
تمثال مجمّع لإله شرير، وخمسة أوتاد خشبية،
وخمسة أشخاص مقيدين على تلك الأوتاد
و كومة من الأشياء السوداء مكدّسة تحت كل شخص من الخمسة المربوطين
للوهلة الأولى بدت كأنها حطب،
لكن باي ليو دقّق النظر لفترة،
ولاحظ أن الكومة كانت تتحرّك
حدّق باي ليو باهتمام لبرهة،
وفي النهاية تأكد أن تلك الكومة لم تكن حطب على الإطلاق،
بل كانت عبارة عن أذرع وسيقان محطّمة جفّت لدرجة أنها
أصبحت سوداء كالفحم
تلك الأطراف الجافة والسوداء كانت مكدّسة مثل الحطب
تحت كل واحد من الأوتاد الخشبية الخمسة
وُضِع بجانب كل وتد دلو من الطلاء الأحمر
كما يوجد ست كومات من “حطب” الأذرع المكسورة مكوّنة
حول الأوتاد الخشبية الخمسة
تلك الأطراف المحطّمة تتحرّك وتنتفض باستمرار،
محاولة تسلّق الأجساد المقيّدة على الأوتاد،
لكن الجثث الراقصة تدوسها مرارًا وتكرارًا،
وكل مرة تدوس فيها تسكب الطلاء الأحمر على تلك الأطراف المحطّمة
——من الواضح أن هذا طقس غريب لتقديم قربان بشري
عدّل باي ليو البؤرة بشكل أكبر،
محاولًا أن يرى بوضوح من هم الأشخاص الخمسة
المربوطين على الأوتاد كقرابين لعبادة الإله الشرير،
ثم رفع حاجبه بخفة
باي ليو : “سبيدز، أرى أربعة من زملائك مقيّدين من قبل الوحوش.”
أومأ سبيدز دون أي رد فعل،
مشيرًا إلى أنه فهم، ثم سأل: “رأيت خمسة أوتاد خشبية.
من هو الشخص الخامس المربوط؟”
ابتسم باي ليو وقال: “إنه شخص لم نكن لنتخيل أبدًا أنه
سيكون هناك ……. إنه أليكس.”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق