Ch313
ترنّح القاضي لخارج بركة اللعبة ، وهو يجر سبيدز بيد واحدة
مغطى بالدماء ، ولا يكاد يوجد جزء سليم من جسده
أما سبيدز، الذي سُحب خارج بركة اللعبة على يد القاضي،
فكانت حالته أسوأ بكثير؛
كان ممددًا وسط بركة دم، بالكاد يمكن تمييزه كبشر
جرّ القاضي سبيدز فاقد الوعي كما لو أنه يمسح الأرض به،
وواصل السير خطوة بخطوة نحو نقابة القتلة
اللاعبون المذهولون القريبون يشاهدون بصمت،
فيما كان القاضي يجر سبيدز على الأرض،
تاركًا خلفه أثر دموي طويل يمتد عبر أرضية بركة اللعبة
وعندما وصل إلى مبنى نقابة القتلة،
تنهد القاضي تنهيدة طويلة،
وسعل مرتين،
ثم التفت لينظر إلى سبيدز الساكن بلا حراك، وتنهد،
ثم بدأ بمشقة في رفع سبيدز ومساعدته على صعود الدرج
بعد أن اصطدم رأس سبيدز بدرجات السلم عددًا لا يحصى من المرات،
تمكن القاضي أخيرًا، وهو يلهث، من الوصول إلى غرفة
الاجتماعات في الطابق الثاني
طرق القاضي الباب بضعف،
ونادى بصوت مبحوح :
“ هل هناك أحد؟ افتحوا الباب…
المخطط الرئيسي والمهاجم الأساسي عندكم على وشك الموت .”
فُتح باب غرفة الاجتماعات،
ليظهر باي يي وباي جيا مو، اللذان كانا منهمكين في تضميد
جراحهما، وبدآ يحدقان في القاضي وسبيدز المليئين
بالكدمات والدماء
شهق باي يي :
“ كيف أصبتما بهذه الحالة ؟!”
انهار القاضي على الأريكة،
ورمى بجسد سبيدز الشبيه بالجثة إلى جانبه،
وحدق في السقف بعينين خاليتين من الحياة وقال:
“ لقد حكمتُ على باي ليو وسبيدز معًا، واستُنزفت تمامًا .”
تقدم باي جيا مو وقدّم ضمادة للقاضي،
لكن القاضي لوّح بيده رافضًا:
“ أنا بخير .
رغم أن المعركة كانت عنيفة ، إلا أن حالتي الذهنية مستقرة.
لم أتعرض لأي إصابات خلال حصار اللعبة ،
لكن صحتي استُنزفت بالكامل .”
تفاجأ باي جيا مو:
“ إذن الدم الذي يغطيك…”
أشار القاضي إلى سبيدز، متنهدًا:
“ الدم ينتمي لسبيدز.
بعد أن حكمتُ على باي ليو، جنّ هذا الرجل فجأة،
وقاتلني داخل الحصار .
تقيأت ثلاثة لترات من الدم وكدت أموت على الفور .
كما أنه تسبب في تدمير خط العالم الذي كان قيد الإصلاح.”
جلس باي يي بجوار ' جثة ' سبيدز بفضول،
ومدّ إصبعه ليعبث به قائلًا:
“ هذه أول مرة أرى سبيدز يتعرض لإصابات تخرج معه من الحصار ،
وبهذه الخطورة أيضاً .”
نظر القاضي إلى باي يي محذرًا:
“ لقد بذلت جهد كبير لإفقاده الوعي .
لو أيقظته، فحتى بدون حصار لعبة ، يستطيع استخدام
سلاحه لمهاجمتكم هنا في القاعة .
وإذا جنّ مجددًا ، فسيسحقكم جميعًا .”
ارتعب باي يي، وسحب يده بسرعة،
ثم زحف إلى زاوية بعيدة عن سبيدز،
وهو ينظر إليه بفزع:
“ألم تروض سبيدز حتى الآن؟!”
هزّ القاضي رأسه :
“ لا.
هذه المرة سبيدز في حالة جنون تام.
لو لم أوقفه، لكان توجه للبحث عن باي ليو فور خروجه من اللعبة ….”
صمت القاضي للحظة ، ثم أضاف :
“ لكن سلاح مهارة سبيدز تحطم على يدي ،
لذا لن يتمكن مؤقتًا من الانفجار وضرب الناس في الردهة .”
ربت باي يي على صدره بتعب:
“ يا قاضي، لماذا لم تخبرني مسبقًا بأنك بحاجة إلى صانع
أسلحة لإصلاح سلاح سبيدز؟”
حدق القاضي طويلًا في ' جثة ' سبيدز المستلقية على
ظهرها، ثم قال فجأة:
“ قبل أن نستدعي صانع الأسلحة ، دعونا أولًا نستدعي
لياو كي ليفحص حالة سبيدز "
توقف باي جيا مو للحظة ، وسأل:
“ تريد من لياو كي أن يقدم لسبيدز جلسة علاج نفسي بعد اللعبة ؟”
أصدر سبيدز صوت تأوه خافت من أنفه
تفاجأ باي يي :
“ سبيدز هو الوحيد بيننا الذي لم يتلقى قط علاج نفسي للعبة ”
نظر باي يي نظرة شماتة نحو سبيدز وقال ضاحكًا:
“ لقد جاء دورك أخيرًا !”
أشار القاضي بضعف بيده وقال:
“ كفوا عن الضحك .
استدعوا لياو كي ثم اخرجوا جميعًا .”
كان باي جيا مو يستعد للمغادرة مع باي يي، الذي لا يزال
يضحك على سبيدز، حين أوقفهما القاضي فجأة:
“ مهلًا، هناك شيء آخر لم أخبركما به.”
استدار باي يي وباي جيا مو،
فرآ القاضي ينظر إليهما بعينين غاية في الهدوء،
لم تحمل أي موجة أو اضطراب:
“ رغم أنني كررت ذلك مرارًا ، سأذكركما مجددًا ...
يجب ألا يُعطى سبيدز مطلقًا رمز الخروج من اللعبة إلى العالم الحقيقي .”
تجمد كل من باي يي وباي جيا مو في أماكنهما،
وهما يحدقان بالقاضي بدهشة
نادراً القاضي يظهر بمثل هذه الملامح الجدية
رغم كونه المخطط الاستراتيجي الذي يدير الوضع العام،
إلا أنه كان غالبًا مبتسمًا،
ونادرًا أبدى غضب
حتى عندما كان يناقش أمورًا خطيرة،
لم يكن يعبس أو يلوم زملاءه إذا أبدوا بعض الابتسامات
لكن هذا كان يعني أيضًا، أنه عندما يتحدث القاضي بجدية
بهذا الشكل، فإن المسألة تكون ذات أهمية قصوى
[ لا تعطوا سبيدز رمز الخروج إلى العالم الحقيقي] ——
كان هذا أول حظر أصدره القاضي لجميع أعضاء النقابة
بهذا النَفَس ، منذ انضمامه إلى نقابة القتلة
وكان هذا الحظر غريب للغاية
ما مدى غرابته؟
عندما يسجل لاعب عادي دخوله إلى اللعبة من موقعٍ ما في
العالم الواقعي،
يقوم النظام تلقائيًا بإنشاء رمز مكوّن من اثني عشر رقمًا لذلك الموقع
وعندما يرغب اللاعب بالخروج من اللعبة،
ما عليه سوى إدخال هذا الرمز،
فيتمكن من تسجيل الخروج إلى نفس المكان
أما سبيدز، فلم يكن يملك رمز
لم يكن يملك أي رمز لأي مكان في العالم الحقيقي
ولذلك ، لم يكن قادرًا على تسجيل الخروج من اللعبة أبدًا
سبيدز لاعبٌ فريد للغاية
حتى إنه لم يكن يعرف بوجود ' الواقع '
ولم يدرك باي يي ذلك إلا لاحقًا،
حين انتبه أن سبيدز مختلف تمامًا عن اللاعبين العاديين مثلهم
وقتها ——
صاح باي يي بصدمة ، وهو ينظر إلى سبيدز : “ ليس لديك رمز ؟!
إذًا من أين دخلت إلى اللعبة ؟
حتى لو كنت تدخل وتخرج من نفس المكان
كان لا بد أن تحصل على رمز عند تسجيل الدخول أليس كذلك ؟!”
وقتها أنزل سبيدز رأسه،
ولعب بسوطه من حينٍ لآخر وهو يجيب:
“ دخلت إلى اللعبة من مدينة الحوريات ، ولم يمنحني النظام رمز .”
ظل باي يي متجمداً لثواني ثم تمتم بتلعثم:
“ أنت… لاعب دخل إلى ردهة هذه اللعبة من لعبة رعب؟
لم تدخل من الواقع ؟!”
رفع سبيدز رأسه ونظر إلى باي يي:
“ الواقع… ما هو؟”
عجز باي يي عن الكلام،
وبدأ يحاول جاهدًا التفكير بطريقةٍ لشرح معنى ' الواقع ' :
“ الواقع هو… بعد أن يلعب اللاعبون وينتابهم الخوف
والإرهاق، يغادرون اللعبة ويعودون إلى حياتهم الحقيقية ،
إلى مكان لم يعد عليهم فيه أن يخافوا أو يلعبوا ألعاب بعد
الآن.
هناك… يحتضنون زوجاتهم،
أو إذا لم تكن لديهم زوجات،
يحتضنون كلابهم، وينامون بهدوء .”
أصغى سبيدز باهتمام، ثم سأل ببراءة:
“ حين أريد النوم، أبحث عن نسخة لعبة، أقتل الوحوش
فيها، ثم أستلقي على جثثهم وأنام .
هل هذا هو واقعي إذن ؟”
رد باي يي بسرعة : “ لااا !
الواقع مختلف عن اللعبة تمامًا !”
تساءل سبيدز ببساطة:
“ لماذا هو مختلف؟”
شعر باي يي وكأن رأسه على وشك الانفجار
فرك ذقنه بحيرة،
محاولًا شرح معنى الواقع بشكلٍ أعمق
لقد تحولت المسألة إلى نقاش فلسفي يتجاوز قدرة باي يي البسيطة
قال باي يي وهو يلوّح بيديه : “ أممم… كيف أشرحها…
الواقع هو الشيء الحقيقي ، المختلف عن نسخ الألعاب .
في الواقع لا يوجد ما يجبرك على فعل شيء ،
ولا توجد خطوط أحداث غبية مثل ' النهاية الحقيقية '
لتتبعها .
وبشكل عام، لن تقابل وحوش ، لذا يمكنك أن تعيش بسلام هناك .”
رد سبيدز بهدوء:
“ بعد أن أنهي اللعبة ، لا توجد وحوش ،
ولا شيء يجب عليّ فعله. يمكنني البقاء هناك إلى الأبد .”
عجز باي يي مجددًا عن الرد
بدأ يشد شعره بإحباط وهو يصرخ:
“ آااهه!
على أي حال، الواقع مختلف!
الجميع يفضل البقاء في الواقع بدلًا من هذه اللعبة اللعينة!
الواقع رائع ومهم !
أفضل ألف مرة ، بل عشرة آلاف مرة من نسخ الألعاب هذه!”
ثم أضاف وهو يهمس،
وعيناه مفتوحتان على مصراعيهما:
“لو كان بيدي الخيار، لما دخلت هذه اللعبة أبدًا ،
لبقيت في الواقع .”
سكت سبيدز للحظة،
ثم أنزل رأسه وهو يعبث بسوطه قائلًا:
“ كيف يكون الواقع أفضل من اللعبة؟”
أخذ باي يي نفسًا عميقًا وقال وهو يعدّ على أصابعه:
“ أولاً، لست مضطرًا للقلق طوال الوقت وأنت تحارب الوحوش .”
ضغط سبيدز شفتيه وقال:
“ أنا لست خائف من قتال الوحوش.”
تابع باي يي:
“ ولا تخشى الموت .”
أجاب سبيدز ببرود :
“ من الصعب قتلي .”
تجاهل باي يي الرد وأكمل:
“ ولا تحتاج لجمع كل كتب الوحوش لإتمام المستوى .”
رد سبيدز بثقة:
“ بإمكاني إنهاء المستوى دون جمعها كلها .”
استمر باي يي في ذكر الأسباب،
لكن سبيدز كان يبطل كل حجة منها بلا مبالاة
حتى فقد باي يي أعصابه أخيرًا،
وبدأ يتمتم غاضبًا:
“ بالنسبة لك، يبدو أن الألعاب ليست أسوأ من الواقع أصلًا .”
نظر سبيدز إلى باي يي بهدوء وقال:
“ أنت تحب الحصار الواقعي لأنك ضعيف .”
( يقصد الواقع )
انفجر باي يي من الغضب : “ هذا غير صحيح!”،
وقفز مرتين من مكانه،
“ حتى لو كنت قويًا مثلك ، كنت سأختار البقاء في الواقع !”
توقف سبيدز لحظة ثم سأل:
“ لماذا ؟”
جلس باي يي بهدوء مجددًا بجانب سبيدز،
وصمت لبرهة، ثم لانت ملامحه فجأة
قال بهدوء:
“لأن حبيبي، وأصدقائي، وأقاربي،
كل هؤلاء الأشخاص المهمين بالنسبة لي، موجودون في الواقع .
العيش معهم مختلف تمامًا .”
غمض باي يي عينيه فجأة ،
وبدت عليه علامات التأثر،
ثم رفع يده ومسح عينيه بعنف،
“ حتى لو كان الواقع مخيف مثل لعبة رعب،
سأبذل كل جهدي لأصبح قويًا مثلك… ثم أعود لحمايتهم .”
أخذ باي يي نفسًا وهو يكافح لمنع نفسه من البكاء،
لكنه فشل، وانفجر بالبكاء أخيرًا:
“ واااه —— أفتقد زوجتي كثيييرًا——!!”
وبعد أن هدأ باي يي قليلاً ، بدأ سبيدز بطرح أسئلته
بدا وكأنه حقًا لم يفهم، وسأل ببطء:
“ الأصدقاء، والأقارب، والأحبة، هؤلاء …. "
استدار نحو باي يي وسأله بجدية :
“ ما هم؟”
تجمد باي يي في مكانه، مصدوم
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق