Ch363 | GHG
انطفأ الضوء الأحمر في غرفة الإنعاش بالمستشفى،
ورفع باي ليو رأسه ببطء من مكانه على المقعد،
ونظر نحو غرفة الإنعاش خلف يانغ تشي،
الذي يقف أمامه، وتبادل معه نظرة عابرة
بتلك النظرة الوحيدة ، أدرك يانغ تشي أن باي ليو من
المستحيل أن يكون قد رآه فعلاً ،
لكنه مع ذلك شعر وكأن فمه وأنفه وأعضائه الداخلية قد تجمّدت
كان يتوقع أن يندفع باي ليو إلى غرفة الإنعاش مباشرة،
لكنه لم يفعل
كل ما فعله هو أنه نظر إلى اللوحة المضيئة على باب الغرفة ثم صرف نظره
ثم قام باي ليو بحركة جعلت قشعريرة تسري في جسد يانغ
تشي —
انحنى ليلتقط واحدة من اليوسفي السليمة التي سقطت
من الكيس عند قدميه،
وبدأ يقشرها بأصابعه الطويلة البيضاء،
ويمضغها شريحة بعد الأخرى بهدوء
و عصارة اليوسفي تتقطر من أصابع باي ليو إلى الأرض
ثم أنزل باي ليو عينيه و بنبرة هادئة :
“ يا للخسارة ، لم يتبقَى إلا القليل من اليوسفي الجيدة
بعد السقطة ،
مع أنني اشتريتها بسعر مرتفع .”
ملاحظة وتصرف عادي في الظاهر،
لكن في ذاكرة باي ليو التي استطاع يانغ تشي أن يشعر بها بوضوح،
كان هناك نية قتل تنبع من ظهره،
مما جعله يشعر بقشعريرة من الخوف والرعب،
وجعله يكافح ليستيقظ من هذه الذكرى
فتح عينيه وهو يتصبب عرقًا،
وجهه شاحب، وبتنفس بصعوبة
: “ ما بك مجددًا ؟” ظهر صوت كونغ يانغشو منزعج :
“ كنت تتحدث ، ثم صمت فجأة ،
إن أردت قول شيء فقله، لا تجعلني معلّقًا هكذا .”
هزّ يانغ تشي رأسه ،
محاولاً أن فتح فمه ويتحدث ، لكن حلقه وأنفه كما لو أن
القطن المبلول يسدّهما،
فلم يستطع إصدار أي صوت
ذهنه مشوش ، والمشهد أمامه يدور ،
وأطراف رؤيته تتلوّن بطبقات من الأضواء المتعددة الألوان
كانت نية القتل والرغبة العنيفة في ذكرى باي ليو تجاه
القاتل طاغية لدرجة أن يانغ تشي لم يستطع ببساطة
استيعاب أو معالجة هذا القدر من الحقد،
ولم يكن بوسعه سوى أن ينجرف مع هذا الهجوم العاطفي،
ويصبح عبد لذاكرة باي ليو
{ … هذا مخيف للغاية }
لقد امتصّ يانغ تشي العديد من الذكريات في السابق،
لكنه لم يصادف أبدًا رغبات بهذه الدرجة من التطرّف،
لدرجة أن لمحة بسيطة منها كانت تكفي لتوليد رد فعل جسدي منفر
لكن ما هو أكثر رعبًا هو أن الشخص المعني – باي ليو – بدا هادئ تمامًا،
وكأنه معتاد على هذا المستوى من التحكم العاطفي،
رغم شدة المشاعر التي يخفيها داخله
تقيأ يانغ تشي قليلًا قبل أن يتمكن بالكاد من استعادة توازنه ،
و على وشك أن يتكلم وهو يُمسك بذراع كونغ يانغشو،
حينها و عينيه تلمعان ، قطع كلامه وقال:
“ إنه قادم !”
في ظلمة الليل ،
عدة جثث مشوهة تمشي عبر المقبرة،
رؤوسها ممدودة وهي تشمّ عند كل قبر،
وكأنها تبحث عن القبر الذي تنتمي إليه
حبس كونغ يانغشو أنفاسه ،
ولم يجرؤ يانغ تشي على التنفس،
فقد انتظروا هنا أكثر من ساعة حتى تعود الزومبي إلى قبورها
توجد تلال دفن كثيرة،
دون أسماء أو شواهد،
ولم يكن جميع المدفونين فيها مرتبطين بالقصة الأساسية،
مما يعني أن التقويمات القروية المدفونة معهم قد لا تكون
ما يحتاجه كونغ يانغشو
لم يكن من السهل حفر القبور واحد تلو الآخر،
كما أن ذلك قد ينبه الأعداء،
إضافةً إلى صعوبة التمييز بين ما إذا كان المدفون إنسانًا أو شبح ،
لذا فإن الحفر كان مغامرة بحد ذاته
بعد تفكير ، وجد كونغ يانغشو حلًا — الانتظار حتى تعود
الزومبي إلى قبورها
تُجبر هذه الزومبي بواسطة الكاهن الورقي على العودة إلى
قبورها عند الفجر،
كأنهم يعودون إلى أوكارهم للنوم،
ثم تُقاد ليلًا إلى القبور المخصصة لها لترافق أشباح
الجسر ، حتى يكونوا “أزواجًا” ويهدأ حقد الشهداء
والزومبي التي زارت القبور وعادت منها لا بد أن لها علاقة
بالقصة الرئيسية؛ وعندها،
كل ما عليهم فعله هو حفر القبور التي عادت إليها هذه
الزومبي والبحث عن التقويمات القروية المدفونة معها
كان كونغ يانغشو، قد وضع تعويذة تمويه على جبهته،
يحمل غصن في يده،
ويبتسم بغطرسة وهو يراقب الزومبيات وهي تشق طريقها
بين القبور تحت ضوء القمر الخافت
كما توقع تمامًا
و قال دون أن ينظر إلى يانغ تشي:
“ لاحقًا ، سأستخدم تعويذة لتثبيت هذه الزومبيات في
أماكنها،
ثم يمكنك التوجه مباشرة إلى القبور التي حفروها،
هل تفهم ؟”
بين إصبعيه ، يمسك بعدة تعاويذ صفراء
أومأ يانغ تشي برأسه ،
لكنه حين كان على وشك الاندفاع،
رفع قدمه ، ثم شهق فجأة :
“ الأخ كونغ ! هناك زومبي يوجد عليه تعويذتك !”
: “ كيف يكون هذا ؟
تعويذتي ما تزال في يدي ولم أستخدمها بعد…”
نظر كونغ يانغشو باتجاه نظر يانغ تشي،
فرأى زومبي يحمل على جبهته تعويذة [تثبيت الجسد]
التي رسمها بنفسه، مثبتًا في مكانه ويدور في دائرة
بجانب قبر الزومبي يقف مو سيتشينغ،
يحفر الأرض بحماس ، والكاميرا تتدلى من عنقه،
وإلى جواره باي ليو يجثو على ركبتيه،
يفحص ما بداخل التابوت
عندما خرج كونغ يانغشو و يانغ من مخبئهم ونظروا إليهم
بدهشة،
ابتسم مو سيتشينغ بوحشية وأظهر أنيابه:
“ يا لها من صدفة ، أنتم أيضًا تحفرون قبور في منتصف الليل ؟”
رفع باي ليو رأسه ونظر إلى كونغ يانغشو بابتسامة:
“ يبدو أن القدر شاء لنا أن نلتقي مجددًا يا صديقي القديم ”
تصبب العرق البارد من جبين يانغ تشي عند رؤية ابتسامة باي ليو،
فقد كانت مطابقة تمامًا لما رآه في ذاكرته،
حتى أنه لم يستطع التحدث بوضوح:
“ الأخ كونغ! كيف حصلوا على تعويذتك ؟!”
قال كونغ يانغشو بمرارة ،
و عينيه مثبتتان على باي ليو وهو يضغط على أسنانه : “ من التابوت .”
كان ذلك في الأصل فخ وضعه لهم،
لكنه لم يتوقع أبدًا أن يعيد باي ليو استخدامه ضده
كان هدفه منذ البداية أن يترك باي ليو يعاني ببطء حتى
الموت بفعل الفخاخ،
ليُحدث تأثيرًا درامي في العرض ويكسب الشهرة،
لكن الأمور خرجت عن السيطرة بطريقة لم يتوقعها أحد،
ولم يعد هناك حاجة لكل هذا التعقيد
لقد أُطلق سراح الطاوي الزومبي،
وشاشة نظام كونغ يانغشو أُغلقت ،
ولم يعد يمتلك القوة للمواجهة ،
وبات عليه الانتظار حتى يحين موعد موتهم المؤكد في
اليوم السابع من الشهر الأول
كان يُظن أن باي ليو سيبقى في حماية الطاوي الزومبي ،
بحيث لا يمكنهم إيذاؤه ويضطرون إلى سلوك طريق حل لغز اللعبة لإنقاذ حياته
لكن الآن ، بما أن باي ليو جاء إلى عتبة بابه بنفسه دون تفكير،
ورغم أن كونغ يانغشو لا يزال يرغب في إبقاء ذلك الأبله
حوله لبعض الوقت ليخفف من غضبه،
فإن أكثر ما يمكن فعله منطقًا في هذه اللحظة هو —
احمرّت عينا كونغ يانغشو بسرعة،
ورفع يده بسرعة لإطلاق التعويذة:
“ اقتلوا باي ليو ومو سيتشينغ الآن ، وأنهوا اللعبة .”
طارت عدة تعاويذ صفراء ذات قوة تحكم من بين إصبعي كونغ يانغشو،
واستقرت على جباه الزومبيات
توقفت الزومبيات عن الحركة،
وانبعث ضوء أحمر من أعينها،
وفتحت أفواهها ذات الرائحة النتنة على اتساعها،
كاشفةً عن أنيابها، ثم استدارت وانقضّت على باي ليو
كان مو سيتشينغ، المنحني على الأرض، غاضب لكنه لم يعد خائف الآن
وقف باي ليو وتفادى مخلب حاد انطلق من الجانب،
ثم بنظرة واحدة خاطفة إلى الخلف،
رأى موقع كونغ يانغشو ويانغ تشي بين الزومبيات،
وأعطى تعليماته بسرعة :
“ تجنب مخالب الزومبيات وأسنانها ، فهي تحمل سُمّ ،،
اتجه مباشرة إلى كونغ يانغشو ويانغ تشي،
إنهما بارعان في نصب الفخاخ والهجمات البعيدة،
لكن لا يجيدان القتال القريب ….”
رفع باي ليو عينيه، وبدا بارد النظرات :
“ اسرق منه التعويذات… واحذر أن تلمس كتاب الطقوس الطاهرة ،
أشك في أن هذا الأداة قد تؤثر على مسار لعبتك وتحديد هويتك "
أضاف باي ليو تذكير سريع :
" الزومبيات لا تستطيع ثني أرجلها ،
فاهجم من الأسفل .”
أومأ مو سيتشينغ بإشارة ' اوك ' 👍🏻 وتنهد ، ثم رمى اللوح
الخشبي الحاد والمكسور من يده،
وحدق بعزم باتجاه كونغ يانغشو ويانغ تشي في الظلمة
خلف الزومبي
خفض جسده ، وظهر في عينيه وميض أحمر خافت،
بدا للحظة وكأن ملامحه تحولت إلى هيئة قرد،
وحتى يديه الملامستين للأرض كأنها يدين لقرد ،
لكن ما إن استقرّ على الأرض حتى استعاد شكله البشري
وفي غمضة عين، قفز مو سيتشينغ وتسلل من تحت
الزومبي حتى وصل مباشرة أمام كونغ يانغشو ورفيقه
ضغط بقوة بقدمه على الأرض ليوقف اندفاعه،
ثم استدار وقفز عالياً، ولوّح باللوح الخشبي بقوة شديدة ، مزمجرًا بأسنانه المكشوفة وعينين قرمزيتين ضاقتا كخطّين
حادّين، وكأن ذيلًا على وشك الظهور خلفه
“ مت أيها الوغد !”
في هذه الأثناء ،
لم يعلم أحد متى ظهر بيد باي ليو سوط طويل مصنوع من
عظام بيضاء كالثلج،
أمسكه بيده اليمنى بخفة،
وببرود لا يضاهى بدأ يلوّح به في الهواء باتجاه الزومبي
المندفعين نحوه بأنيابهم ومخالبهم
وفي لحظة ، وميض أبيض خاطف كالصاعقة انطلق من سوطه ،
وضرب الصفوف المتقدمة من الزومبي بقوة مزلزلة
الزومبي الذين طاروا في الهواء بسبب ضربة السوط،
ما زالت مخالبهم مفتوحة وأفواههم ،
ووجوههم تعكس ارتباك واضح ، وكأنهم لم يستوعبوا بعد
كيف قُذفوا إلى السماء فجأة
[ نظام …… ززززز …… تنبيه : اللاعب مو سيتشينغ على
وشك تفعيل “كتاب الوحوش: قرد الكابوشين اللص” ……]
[ تنبيه من النظام: مهارة اللاعب كونغ يانغشو (إغلاق
الشاشة ) على وشك الانتهاء ……]
اتسعت عينا كونغ يانغشو بدهشة وهو يصرخ:
“ كيف يعقل هذا ؟!”
وكان المتفرجون على الجانب الآخر مذهولين بالمثل ——
“ ما الذي يحدث ؟!”
“ مهارة كونغ يانغشو لم تعمل ؟! كيف ؟!”
نهض معظم الأعضاء واللاعبين من جانب الحملان
المهووسة من أماكنهم،
يحدقون في الشاشة الكبيرة بذهول وصدمة ،
وبعضهم كان متوتر لدرجة أن عروق أعناقهم برزت من التوتر
لكن القليل فقط من الحضور بقيوا جالسين على مقاعدهم
— هارتس واللاعبون من حولها ،
والقاضي ومن حوله ،
وحتى وانغ شون بدا مذهولًا وانحنى إلى الأمام وهو يراقب
كان القاضي مسترخيًا في مقعده،
وابتسامته المعتادة المريحة على وجهه،
كما لو أنه توقع حدوث هذه الخطوة منذ البداية
أما وانغ شون، فقد كان متوتر لدرجة أنه لم يتمالك نفسه وسأل:
“ أيها القاضي لماذا لم تعمل مهارة كونغ يانغشو هذه المرة ؟”
نظر القاضي إلى وانغ شون للحظة،
وكأنه تذكّر الأمر لتوّه ، ثم حوّل نظره وقال بهدوء:
" ألم يخبركم باي ليو؟ هذه خطته .”
: “ لا !” رد وانغ شون، وداخله يغلي من الحيرة
{ الرئيس باي ورغم أنه يشاركني في كل خططه إلا أنه لا
يشرح أبدًا دوافعه أو آليته !
غالبًا تكون خطوات باي ليو سابقة لفهم الجميع وحتى حين
يستشيرنا ، يظل الرابط بين الأفعال والنتائج ضبابيًا بالنسبة لنا }
ابتسم وانغ شون بمرارة في قلبه،
لكنه ظل مهذبًا ظاهرياً وهو يطلب من القاضي:
“ لقد درست كل مباريات كونغ يانغشو السابقة ولم أرَى
مهارته تفشل من قبل .
لا أستطيع فهم ما فعله الرئيس باي بالضبط للوصول إلى
هذه النتيجة…
لا أفهم ما الذي فعله الرئيس باي بالتحديد ليتسبب في هذا "
فكر القاضي للحظة ، ثم شرح بلطف:
“ أعطيت باي ليو بعض المعلومات الأولية عن مهارات كونغ
يانغشو.
ينبغي أنه بدأ منها .”
اقترب مو كي قليلاً ، وهو يحدق في القاضي :
“ مهارات ؟”
ابتسم القاضي : “ بالضبط ….
باي ليو استغل نقطة ضعف في مهارة كونغ يانغشو "
————
في الصفوف الخلفية ،
سأل تشي ييفانغ، الجالس بجوار هارتس، نفس السؤال:
“ نقطة ضعف في المهارات ؟” بتعجب : “ ما نوع نقطة
الضعف التي يمكن أن تكون لدى مهارات كونغ يانغشو؟
لم تفشل مهاراته أبدًا ضدنا العام الماضي ،
وعندما لعب فريقنا ضده ، تعطلت شاشاتنا من البداية للنهاية .”
همس تشي ييفانغ دون أن يستطيع كبح نفسه:
“ وفريقنا العام الماضي كان أقوى بكثير من الفريق الحالي
لباي ليو، أليس كذلك؟
كونغ يانغشو لم يظهر نقاط ضعفه أمامنا ،
لكن أظهرها أمام باي ليو هذا لا يبدو منطقيًا أليس كذلك ؟
وإذا كانت مهارات كونغ يانغشو بها نقاط ضعف فعلًا ،
لكنتِ لاحظتِ ذلك العام الماضي أليس كذلك يا ملكة؟
لم تكن مباراة سهلة علينا أيضًا ……”
ردّت هارتس وهي تتكئ على ذراع المقعد،
مستندة بذقنها قليلاً،
وعيناها نصف مغمضتين وهي تنظر إلى الشاشة الكبيرة:
“ رأيتُها، لكن لم يكن بإمكاننا استغلالها .”
تشي ييفانغ ذُهل وصدم :
“ لماذا ؟”
رفعت هارتس عينيها ونظرت إليه نظرة كسولة :
“ القاضي في العام الذي سبق رأى نقطة ضعف كونغ يانغشو
على أرض المعركة أيضًا ،
لكن حتى هو خاض قتالًا شرسًا ، واضطر لقتل كونغ يانغشو
بالقوة حتى يتمكن من الإفلات .
لذا، ليس فقط نحن من لم نستطع استغلال نقطة الضعف تلك،
بل ولا أي نقابة كبيرة وقوية استطاعت ذلك .”
كلما سمع تشي ييفانغ أكثر ، ازداد ارتباكه ،
وظهرت علامات الاستفهام في عينيه :
“ لماذا ؟!”
أجابت هارتس بنبرة خفيفة:
“ لأننا ، بصفتنا فرقًا قوية جدًا ،
لا توجد نقاط ضعف لدى كونغ يانغشو ضدنا .”
————
كرر وانغ شون وقد ازدحم عقله بالتساؤلات ،
غير قادر على استيعاب ما قاله القاضي ،
وكلما فكر بالأمر ازداد حيرة ، فقال بأدب :“ لا نقاط ضعف ضد الفرق القوية ؟!
…… القاضي، لا أظن أن شخص مثل كونغ يانغشو من النوع
الذي يزداد قوة أمام الفرق القوية .”
والمعنى الضمني هو أن شخص مثل كونغ يانغشو، الذي
يبدو قويًا من الخارج،
ينبغي أن يكون ضعيف أمام الفرق القوية لكن العكس يحدث
ضمّ القاضي يديه معًا على ركبتيه بينما ينظر إلى الشاشة
الكبيرة، ثم غيّر الموضوع فجأة:
“ المهارات كلها مشتقة من الرغبات ،
وانغ شون مهاراتك تجعلك قادر على التحقيق في حياة كونغ
يانغشو، من حياته برأيك ما هي رغباته؟”
بدأ وانغ شون يضغط على شاشة نظامه بسرعة ،
وتصفح بيانات كونغ يانغشو بنظرة واحدة ——
تركّز بصر وانغ شون على ما لخصه هو بنفسه على أنه الرغبة
الجوهرية لدى كونغ يانغشو:
“ أن يكون رجلاً نزيهًا ، وأن يمحو عار الماضي .”
استدار القاضي لينظر إلى المعلومات،
وكان على وشك الحديث حينها أطلّ كلٌ من ليو جي يي ومو
كي برأسيهما من جانبي وانغ شون
قالت ليو جي يي بسخرية باردة :
“ لا أظن أن رغبة كونغ يانغشو الجوهرية بهذا القدر من الإيجابية .
مهارة إغلاق شاشات النظام تبدو كأنها تهدف إلى سحب
الآخرين للأسفل بدلًا من التقدم بنفسه .”
ظل وانغ شون يواصل التمرير للأسفل:
“ قرأت أن كونغ يانغشو لا يستخدم مهارته عادةً ضد الفرق
الضعيفة من جميع النواحي ،
بل فقط حين يواجه فرقًا قوية ، يستخدم مهارة [إغلاق الشاشة ].
على ما يبدو، استخدم كونغ يانغشو هذه المهارة ضد أقل
من خمس فرق حتى الآن خلال الموسم التحضيري .”
أوضحت ليو جي يي بسرعة :
“ من المؤكد أن كونغ يانغشو لا يستخدم [إغلاق الشاشة ]
ضد الفرق الضعيفة ، لأن حالة شاشة مهاراته أفضل من
لاعبي الفرق الضعيفة .
استخدام هذه المهارة ضد فريق ضعيف يعني أنه يسحب
نفسه للأسفل ،
فإغلاق الشاشة يجعله في نفس مستوى القتال مع أولئك اللاعبين .
لكن أمام فريق قوي ، تكون الحالة معكوسة .
بعد تفعيل [إغلاق الشاشة ]، يمكن لكونغ يانغشو استخدام
المهارة لسحب لاعب في الفريق القوي — يفوقه في
القدرات—إلى نفس مستوى القتال الذي هو عليه ،
ثم يستغل خبرته الواسعة في القتال بدون شاشة لهزيمة الخصم .”
توقفت عينا مو كي عند جزء من السجل الجامعي لكونغ يانغشو في ملفه :
“… كان يكره ويحسد زملاءه الذين تنتمي عائلاتهم إلى
طبقات أغنى وأكثر نفوذًا من عائلته،
وكان يشعر أنه لو حظي بنفس الظروف،
لما تعرّض لذلك النوع من التمييز ……”
سكت لثواني ، ثم نظر إلى القاضي الجالس بجواره:
“ رغبة كونغ يانغشو الجوهرية ليست التفوق ،
بل هي [ الظلم ]، أليس كذلك ؟”
( الظلم / اللا عدالة )
أومأ القاضي رأسه موافقًا، ونبرة إعجاب خفيفة في صوته:
“هذا هو استنتاجي أيضًا "
وانغ شون في حيرة : “ [ الظلم ]؟
ما هذه الرغبة الجوهرية ؟”
أعاد مو كي نظره إلى الملف على شاشة نظام وانغ شون،
ثم مد إصبعه ونقر على الشاشة بنقرتين:
“ عرفت كثيرين من هذا النوع ،
نوع من الهوس المشوّه بالقوة .
يعتقد أنه موهوب ويستحق الأفضل في هذا العالم،
لكنه لا يستطيع بلوغ ذلك بقدراته،
فيُسقط اللوم على المجتمع وظروف نشأته
ببساطة، كونغ يانغشو يشعر أن العالم [غير عادل ] معه
حين يرى من هم أفضل منه من الناحية المادية .”
أومأ القاضي مجددًا:
“ المهارة المشتقة من هذه الرغبة هي [إغلاق الشاشة ]،
وعندما يمحو كونغ يانغشو شاشات الجميع ،
يصبح الجميع متساويين ،
وهكذا تتحقق ' العدالة ' التي يطلبها .”
نظر مو كي إلى القاضي:
“ وكونغ يانغشو يؤمن بأنه قادر على الفوز في ظل
هذه [العدالة]، بالاعتماد على تميّزه الذاتي .”
قال وانغ شون، وهو يفرك صدغيه بابتسامة يائسة:
“ رغم كل هذا ، لا أفهم لماذا تعطّلت مهارته أمام الرئيس باي ،،
أتمنى أن تشرحا لي أكثر ،
عقلي لا يلحق بكم .”
ابتسم مو كي، وسحب واجهة نظام وانغ شون ليعرض سجل
مباريات الحملان المهووسة:
“ انظر هنا ،
كما قلت سابقًا ، كونغ يانغشو لم يستخدم مهارته أبدًا أمام
الفرق الضعيفة، فقط ضد الفرق القوية .”
أومأ وانغ شون رأسه موافقًا :
“ صحيح ، وقد شرحت لي ليو جي يي السبب .”
لكن مو كي تابع وهو يومئ برأسه :
“ ليس هذا فقط .
رغبة كونغ يانغشو بالعدالة أصلًا مشوّهة .
هو لا يرغب في عدالة للجميع ، بل في عدالة تسمح له بأن
يقف على نفس الأرضية مع من هم أفضل منه ،
أما من هم أضعف ، فهم خارج هذه المعادلة ،
يُداسون ولا يستحقون استخدام المهارة عليهم .”
ضحك القاضي قليلًا وأضاف :
“ بمعنى آخر ، أحد شروط تفعيل مهارة [تعطيل شاشات
النظام ] هو أن يشعر كونغ يانغشو بأن خصمه أقوى منه.”
وتابع مو كي :
“ لكن إذا شعر كونغ يانغشو أن خصمه أضعف منه
فغالبًا ستفشل مهاراته ….
كما يحدث الآن تمامًا .”
صُدم وانغ شون ،
وأخيرًا أدرك الحقيقة ،
وبدأ يجمع خيوط خطة باي ليو كاملةً ، ببطء وكلمة بكلمة:
“ يعني أن الرئيس باي في العالم الحقيقي ،
ومنذ بداية دخوله إلى لعبة قرية ينشان، كان يسير ضمن
خطة كونغ يانغشو، ولم يقاوم كثيرًا،
حتى حين أرسل إلينا فريق الدراجات النارية للتجسس ، تعامل باي ليو معهم بنفسه ،
وسمح لي بتقديم أكثر المعلومات سلبية عنه…
مو كي الذي كان متجهم الوجه طوال المباراة ،
بدأ يبتسم أخيرًا، وقال :
“ بل إنه تعمّد التعرّض للإصابات عدة مرات خلال المباراة،
وترك مو سيتشينغ في مواقف بين الحياة والموت ،
وحتى حين اكتشف أن يانغ تشي يحمل خطر ، سمح له
بابتلاع ذكرياته وذكريات مو سيتشينغ… كل هذا فقط من أجل … "
نظر مو كي إلى الشاشة،
وابتسامة خفيفة تعلو وجهه،
ثم تابع بعينين تلمعان :
" …. من أجل الحفاظ على مظهر ' الضعف '
لقد تظاهر عن عمد بالضعف أمام كونغ يانغشو
ليوقعه في فخ مهارته الخاصة "
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق