Ch366 | GHG
اتسعت عينا كونغ يانغشو غضبًا،
وكاد يمزق كتاب تعاويذ ماوشان بيديه وهو يصرخ:
“ لماذا تم إعداد هذا المخطط بهذه الطريقة ؟!”
ارتجف يانغ تشي من مظهره الهائج،
وتراجع خطوتين للخلف ومد يده بتردد نحو مذكرات
مصنوعة من جلد الغنم، قائلاً بحذر:
”… الأخ كونغ، هل… هل ترغب في رؤية ما بداخل المذكرة؟”
أغمض كونغ يانغشو عينيه وأخذ نفسين عميقين،
محاولًا تهدئة نفسه،
ثم أخذ المذكرة وبدأ في قراءتها بسرعة
مهما كانت شخصية اللاعب في هذه اللعبة،
فالنظام لا يمنحها عبثًا،
لا بد من وجود طريق للنجاة خلالها
هم الآن يلعبون دور “الطاويين الصالحين” الذين هاجموا
قرية ينشان قبل مئة عام،
وحقيقة أن هذين الطاويين دُفنا بمثل هذه الطريقة
الفخمة عند مدخل القرية،
تثبت أنهما كانا الفائزين قبل مئة عام
وإن كانت الشخصيات التي تقمصوها قد فازت آنذاك،
فهذا يعني أنهم أيضًا قادرون على الفوز اليوم.
أما كيف؟ فلا بد أن الإجابة مكتوبة في هذه المذكرات التي دُفنت معهما
في مذكرات الجلد المدوّنة باللغة الإنجليزية،
والتي بدا عليها قِدم الزمن،
كانت الأساليب التعبيرية قديمة وغريبة نوعًا ما،
مما يدلّ بوضوح على أنها كُتبت بيد صيني يجيد الإنجليزية بصعوبة.
ورغم ذلك، كان كونغ يانغشو بالكاد يستطيع فهم محتواها:
تقول المذكرات:
[ في اليوم الخامس والعشرين من الشهر الحادي عشر،
سنة غِنغ زِي( 1900م)، اجتمع البلاط الإمبراطوري مع
الأسياد الأجانب وشرعوا في صياغة مسوّدة للاتفاقية،
وأصدروا أمرًا رسميًا يقضي بمنح قرية “ينشان” لهؤلاء الأسياد.
دخل الجنود الأجانب الجبال بأسلحتهم النارية،
يفتّشون عن قرية ينشان،
لكن لم يجدوا لها أثر !
فقط وجدوا طريقين ضيّقة عند أطراف القرية.
وكأن القرية قد اختفت تمامًا من على وجه الأرض.
وحين عجزوا عن الدخول، شكّوا بوجود شعوذة،
فأمروا بقصف الجبل،
ولكن القذائف ارتدت عليهم !
وأصابت العشرات منهم بإصابات .
غضب الأجانب بشدة، واتّهموا البلاط الامبراطوري بالخداع،
وهددوا بدخول العاصمة إن لم يُسلَّم لهم أهل القرية .
سادت الفوضى البلاط ،
وقيل إن من أخفى القرية استخدم طقوس ماوشان الغامضة .
فصدر أمر بالبحث عن طلاب العلم والعارفين بالشعوذة للمساعدة في الطوائف .
وفي اليوم التالي، تم استدعائي أنا وأخي التلميذ،
وأُجبرنا على مساعدة الأجانب في اقتحام القرية،
ولم نملك إلا القبول .
بعد ثلاثة أيام ، دخلنا الجبال ،
ووجدنا أن كاهن قد استخدم طقوس ماوشان بطريقة مخالفة ،
إذ استعمل السحر الشرير لإخفاء القرية تحت غطاء
الطقوس الشرعية ،
مما جعلها منيعة لا تُخترق .
حاولنا نحن الاثنين كسر التحصين، لكننا فشلنا.
رفعنا تقرير صادق إلى البلاط ،
فصدر أمر قهري من الإمبراطور بكسر السحر .
وبعد مراجعات مضنية للمخطوطات القديمة ،
وجدنا طريقة:
[ “ الطريق السماوي لا يعترف إلا بقوة الطبيعة والسماء.
لذا، يمكننا استدعاء غضب السماء لمحو الطريق الشرير
وإبطال التحصين .” ]
وافق البلاط —-
في اليوم الثالث عشر من الشهر الثاني عشر،
عشية الاحتفال بالعام الصيني الجديد،
أصدر البلاط أمر وطني : يُمنع إيذاء الأجانب ،
ومن يُخالف يُعتبر عدوًا للسماء ويُعاقب بشدة .
في اليوم التالي ، انتشرت هذه التعاليم في أنحاء البلاد،
وهطلت أمطار غزيرة،
وتبعتها صواعق مزّقت الجبال،
وكُشف الحجاب السحري عن قرية ينشان.
وركع سكان القرية — كلهم نساء وأطفال وعجائز— أمام بوابة القرية ،
يصرخون بدموع ودماء ، ويلعنون قسوة السماء
عند بوابة القرية ،
وقف راهب بملابس صفراء ،
ورفع يده لينثر الضباب من جديد ،
فأعاد إخفاء القرية في سُحب سامة مملوءة بالدوخان
والسموم ،
وزرع فيها 81 حاجز سحري .
حاول الأجانب اقتحامها ، فقُتل منهم أكثر من مئة ،
أما نحن، فلم نجرؤ على الدخول .
مرت أربعة أشهر ،
والجميع محاصر أمام بوابة القرية دون نتيجة .
اشتد غضب الأجانب ، وبدأوا يضغطون على البلاط .
فصدر أمر جديد أكثر إذلالًا :
“ لا يُسمح بمقاومة الأجانب ،
ولا يُمنع دخول الكهنة الغربيين إلى البيوت ،
ويُمنع الحديث بلهجة حادة مع الأسياد الغربيين .
كما تُفرض تعويضات مالية مقدارها 450 مليون تايل .”
في نفس اليوم، تمزّق حجاب الضباب،
وانفتحت بوابة القرية ، فدخل الأجانب بأسلحتهم
وما إن دخلوا ، حتى وُجدوا القرية وقد غمرها الدم ،
ومات معظم من فيها
وقف الراهب ذو الثياب الصفراء بمفرده أمام البوابة ،
يحمل على كتفيه ذنوب مئة عام،
ويتلقى صواعق السماء،
مسيطرًا على مئات الأرواح الغاضبة ،
ويقود جثث الموتى لحراسة بوابة القرية ،
دون أن يتراجع خطوة واحدة …..
خاف الأجانب من التقدم ، فلم يدخلوا.
فطلب البلاط منّا تسليمه ،
وأصدروا مرسوم إمبراطوري بتجريم الراهب ومحو
القرية من الوجود،
بل وتهديدنا نحن — أتباع الطائفة — بالإعدام إن لم نخضع .
… في النهاية ، تم استخدام المرسوم الامبراطوري
المختوم بالذهب ،
أجبروا به أرواح الموتى على الركوع ،
وخُتم جميع أهل القرية .
لكن أنا وتلميذي ، قمنا بتعديل الأمر سرًا ،
وغيّرنا تاريخ الخضوع ليؤجَّل لمدة مئة عام .
بعدها قصف الأجانب القرية ،
أما نحن فقمنا بتهريب الناجين سرًا إلى المقابر أسفل الأرض،
وكنّا نوصل إليهم الطعام والخمر خفية ، ليظلوا أحياء
وطلبنا من أحفادهم بناء حاجز سحري داخل المقابر،
يعتمد على الماء ليحفظ الجثث من التحلل،
ولتظل أرواحهم معلّقة مئة عام،
لا تدخل الجنة ولا الجحيم،
تهرب من لعنة الملكية والسماوية .
وبعد مرور مئة عام ، حين يزول الذنب ويموت الجميع،
يُبطل المرسوم الامبراطوري الملكي ،
وتعود قرية ينشان إلى النقاء ،
ويُسمح لأهلها بدخول دورة التناسخ من جديد… ]
وكلما قرأ أكثر ، ازداد بريق عيني كونغ يانغشو
ثم استدار فجأة نحو يانغ تشي،
وأمسك بذراعه بعنف،
وصوته مبحوح بالكاد يُشبه صوت إنسان:
“ عرفت نقطة ضعف ذاك الزومبي !
إنه مرسوم الاستسلام !
هذا المرسوم الإمبراطوري !
لا بد أنه موجود في قبر هذين الراهبين الأجنبيين !”
———————————-
في الوقت نفسه ، كان باي ليو يتصفح “التقويم” الذي رماه مو سيتشينغ
يقف عند مدخل القرية يقلب صفحاته،
وإلى جانبه الزومبي الراهب،
ثابت لا يتحرك،
ولم يكن هناك أي زومبي أو روح جريئة تقترب من باي ليو
أما مو سيتشينغ، وبعد أن انخفضت نقاطه العقلية ودخل
في نوبة قتل جنوني،
فقد كبله باي ليو بالسوط بعد أن شلّ حركته ،
وطرحه أرضًا بجوار بوابة القرية ،
مستندًا إلى لوحة الاسم عند مدخل القرية
ورغم أنه كان في البداية يزمجر مهددًا ،
إلا أن باي ليو لم يُعره أي اهتمام
وبعد مدة، توقف مو سيتشينغ عن الحركة،
و عيناه تحدّقان إلى الأمام بتعابير مشوّهة،
كما لو أنه قد رأى شيئ لا يجب أن يكون موجود هنا
كان باي ليو يمسك التقويم بيد،
واليد الأخرى مقيدة بمو سيتشينغ،
و وضع قدمه اليمنى على كتف مو سيتشينغ لإبقائه في مكانه،
وعيناه تتفحصان التقويم، يقرأه بنظرة واحدة وهو يتمتم:
“ هكذا إذًا… التشكيلة داخل القبر لم تكن من صنع الراهب المدفون،
بل وضعها رهبان من الطائفة الصالحة بالتعاون مع أحفاد قرية ينشان.
تجميع طاقة الين لم يكن بغرض صقل الجثث ،
بل من أجل إصلاح روح الكاهن الزومبي الذي تضرر من صواعق السماء،
حتى لا تتفتت روح الجميع بعد مئة عام ويضيعون من دائرة التناسخ .
… العروس الجديدة داخل القبر،
والعجائز الغارقون،
كلهم كانوا ممّن قاوموا الغزاة الأجانب في ذلك الزمن.
بعد أن ضاق بهم الحال، ركعوا أمام الكاهن ،
وطلبوا منه أن يستخدم أقسى الطقوس الشريرة ليحولهم
إلى أشباح شرسة ، ليحمون قرية ينشان ..."
قرأ باي ليو الكلمات المكتوبة على التقويم بصوت منخفض:
" ' موتُنا كان لأننا لم نقدر أن نحمي البلاد ، ولا من نحب .
لكننا وإن متنا، فنحن أرواح لها بلاد ، ولسنا عبيدًا لبلاد ضائعة '
تقول الطقوس الشريرة، إن العذراء التي لم تُزف بعد،
يمكن أن تتحول إلى ‘الشيطان الأحمر’،
إن ماتت في طريق زفافها، فتصبح من أشرس الأشباح،
وقوّتها لا توصف.
ولهذا، خمسون فتاة من قرية ينشان تهيأن للزفاف،
ارتدين أغطية زفاف حمراء، وركبوا محفة الزفاف ،
ثم انتحرن بطعن أنفسهن بالمقصات في طريق الزفاف،
فتحولن إلى شياطين حمراء،
ووقفن في الجهة اليسرى لحماية القرية…
أسماؤهن: وانغ يي شي (ابنة وانغ وو)، جيانغ بينغ لو (كانت مخطوبة)…
وتقول الطقوس: إن العجائز والجدات إذا غرقوا أنفسهم في البركة،
يمكن أن يتحولوا إلى ‘الشيطان الأبيض’،
وهم من أقسى الأرواح،
ولهذا، غرق 271 من كبار السن في قرية ينشان بأنفسهم،
ارتدوا الأبيض، وقفزوا إلى الماء،
ورفضوا النجاة، وتحولوا إلى شياطين بيضاء،
ووقفوا في الجهة اليمنى لحماية القرية…
أسماؤهم: تشانغ يي شان…
وباكتمال شياطين الأحمر والأبيض،
فتح الكاهن قبر الأجداد ودفنهم فيه بكرامة،
وجمع طاقة الين،
وتحمّل آلامًا لا توصف،
ليحوّل نفسه حيًا إلى زومبي،
ويصبح كائن لا هو حي ولا ميت،
يحرس القرية من الجهة الأمامية.
فانحنى له جميع أهل القرية،
وعدّوه إلهًا، وقرروا بناء معبد لتكريمه…
وبعد أيام، فُتحت أبواب القرية لاستقبال العدو… "
وبينما باي ليو يقرأ هذا، الزومبي الطاوي بجانبه،
الذي ظل ساكنًا حتى الآن، فتح عينيه فجأة
ارتفعت التعاويذ المعلّقة على جسده رغم عدم وجود رياح،
واهتز طرف ردائه الطاوي الأصفر بفعل نسيم ليلي جاء من العدم
رفع إصبعيه اليمنى نحو السماء،
فانطلق سيف الخوخ من خلف ظهره وطار تلقائيًا،
وغُرس بشكل متقاطع أمام مدخل قرية ينشان،
ليمنع أي أحد من المرور
ثم تكلّم الزومبي الطاوي ذو الثوب الأصفر بصوت هادئ، ناظرًا إلى خارج بوابة القرية:
“من القادم؟ "
خارج البوابة المظلمة،
تحركت التلال والغابات كما لو أن شيئ ما يسير بأعداد كبيرة،
وانطلقت من الظلال الداكنة ضحكات عالية وصراخات
حادة مبحوحة،
تداخلت في ضباب غامض،
وامتد شعور جليدي من الأرض حتى وصل إلى قدمي باي ليو
ومن العتمة، ظهر رجل يحمل شمعة – كونغ يانغشو
نصف وجهه يضيئه نور الشمعة الأحمر،
و ضحكة خافتة تخرج من حلقه،
وتعبير مجنون يلوح على ملامحه،
يده اليمنى، التي تحمل الشمعة، ملفوفة بقطعة تمزقت من ملابسه،
ولاتزال تنزف.
أما يده اليسرى، ممدودة إلى الجانب، تقبض على لفافة
ذهبية مغلفة بقماش
تشبه دعامة مأخوذة من مسرحية عن مرسوم إمبراطوري
في بلاط أسرة تشينغ
خلفه سار عدد من الزومبي وعلامات تعاويذ على جباههم،
ثم تبعتهم هياكل عظمية متهالكة تمسك بنادق ومدافع صدئة،
ترتدي بزات عسكرية قديمة الطراز، تشبه لباس الأجانب
وتبعته يانغ تشي، وجهه هادئ ومسترخي،
واختفى الذعر الذي كان يملأ ملامحه من قبل
انفجر كونغ يانغشو بالضحك وهو يفتح ذراعيه:
“ لم تكن تتوقع هذا، أليس كذلك؟
باي ليو انظر ، ماذا أملك بعد أن عرفت هوية شخصيتي ؟
الجيش، الحرب، كل شيء .”
ثم نظر باحتقار إلى باي ليو والزومبي الطاوي الواقف عند
بوابة ينشان، و بابتسامة لئيمة :
" قبل مئة عام، أنت وهذا الزومبي بجانبك لم تكونا سوى
مهزوميْن تحت يدي .
لم تعيشا إلا لأنني أشفقت عليكما .
أما الآن ، فلن أكون بهذه الرحمة ،
لولا أن أمر الإمبراطور ذاك في المرسوم الامبراطوري حُرّف
عمدًا منذ مئة عام،
لكانت أرواحكم، أنتم مخلوقات اليين،
قد تشتتت منذ زمن بعيد !”
وبعينين متجمدتين،
رفع يده ومسك بفرشاة، ثم شطب على عبارة [مئة عام] التي
أُضيفت بعناية إلى المرسوم، وقرأ بصوت صارم:
“ إن سكان قرية ينشان خونة ، غير مستقيمين ، بلا إيمان،
يهاجمون الآخرين،
ويستحضرون الأرواح الشريرة،
ويخالفون الأوامر مرارًا وتكرارًا .
لا يقبلهم قانون السماء ولا شريعة الأرض،
ويجب أن يُبادوا حتى الجذور، وتُفتّت أرواحهم إلى العدم !”
ثم صاح بأمر حاسم:
“ هاجِموا القرية!
اقتلوا كل هذه الأشباح والوحوش التي تجرأت على إيذائي! "
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق