Ch365 | GHG
دفن يانغ تشي رأسه في الطين،
يمسح الوحل عن وجهه بأسى،
ثم رفع يده على عجل وسلّم كونغ يانغشو رزمة التقاويم
التي جمعها لتوه، وسأله بقلق:
“ الأخ كونغ هذه التي استخرجتها الآن،
هل يمكنك أن ترى ما يحدث ؟”
أخذ كونغ يانغشو التقويم، وأخذ يتصفحه بسرعة
[ [ في سنة غِن غزي ، في شهر غِنغ تشن،
الحادي والعشرون من الشهر الثالث، اجتمع شباب العائلة وأقوياؤها في البيت، وأقاموا طقوسًا لتكريم الأسلاف، عازمين على الالتحاق بالجيش، حاملين راية الحق، متجهين لمقاتلة الأشباح القادمة من الجهات الثمانية. كانت زوجاتهم وبناتهم وآباؤهم وأمهاتهم يذرفون الدموع عند الجسر، يركعون أمام السماء والأرض والآلهة،
راجين أن يعود رجال قرية «ينشان» سالمين… ]
[ في سنة غِن غزي، في شهر شن شي،
في اليوم الأول من الشهر الخامس،
وردت أنباء عن الحرب في العاصمة،
دوي المدافع وصوت إطلاق النار سُمع حتى على بعد مئة ميل،
فغرق كل الأقارب في القلق، يصلّون ليلًا ونهارًا في
الأضرحة والمعابد…]
[ الخامس من الشهر الخامس، عيد دوانوو. لا نساء يلففن
زلابية العيد، ولا كبار يبتسمون، ولا أطفال يلهون، الجميع
جلسوا بوجوه حزينة عند مدخل القرية، ينتظرون عودة
رجل مغطى بالقماش الأبيض.
اسمه وانغ وو، يبلغ من العمر ثمانية وثلاثين عامًا، له ابن وبنتان.
كان رجلًا بسيط ، يحب مساعدة الجيران في موسم الحصاد،
قطعت زوجته أنفاسها باكية فوق جثته،
يدها ترتجف حتى لم تستطع النطق،
وعندما رفعت الغطاء الأبيض،
ظهر جسد ممزق لا يحتوي على يد يمنى ولا قدم يمنى،
قيل إنه تناثر بفعل سلاح ناري شيطاني،
ولم يمكن جمع أشلائه .
أطفاله الثلاثة هزّوا جثته وهم ينادونه بلا وعي،
لكنه لم يُجب. ]
[ في اليوم الثامن من الشهر الخامس،
أعيدت جثث جماعية، وُضِعت الواحدة تلو الأخرى على
منصات خشبية عند مدخل القرية،
وقف أهل القرية أمامها في صمت،
لم يجرؤ أحد على رفع الغطاء الأبيض للتعرف على الجثث،
فغطّوا وجوههم وبكوا.
وبعد عدة ساعات، تقدّم العجوز تشانغ من أهل القرية، ورفع الغطاء بيد مرتجفة،
وبدأ يصرخ باكيًا، يردد اسمًا صغيرًا بحزن،
وسقط مغشيًا عليه أمام الجثة… ]
[ … الثالث والعشرون من مايو: عاد جميع شباب قرية
ينشان، ولا أحد منهم على قيد الحياة. ]
[ السابع والعشرون من مايو: يوم مناسب لحراثة الأرض، والسفر، والدفن.
معظم جثث العائدين من الشباب كانت ناقصة الأعضاء،
وطبقًا للتقاليد لم يُدفنوا في مقابر الأسلاف،
بل دُفنوا عند سفح الجبل المقابل.
الأرامل حملن لوحات أسماء أزواجهن،
وصاح الأبناء نائحين في المقدمة،
وحمل الوالدان التوابيت على الجانبين،
وأُقيمت الطقوس الجنائزية لأربعةٍ وأربعين يومًا،
رغم أنهم لم يُدفنوا في مقابر الأسلاف،
فقد دُفنوا بجنازة تليق بالأبطال .]
[ … في العشرين من يوليو، مات جميع الأبطال،
وتغطرس الأجانب، فتوجهوا إلى العاصمة بلا من يردعهم،
وأشعلوا الحرائق،
ونهبوا، وقتلوا، وارتكبوا الفظائع،
حتى أن الدخان المتصاعد من النيران كان يُرى من قرية ينشان. ]
[ الحكومة لم تتحرك، وتركت الأشباح تقتل الناس،
ولم تمضِ ثلاثة أيام حتى أعلنت الاستسلام. ]
[ السابع من سبتمبر: وردت إشاعة في العاصمة أن البلاط الامبراطوري تفاوض مع الأجانب،
ولإظهار حسن النية، سلّم القرى التي ينتمي إليها من تورطوا
في الحرب، مع أهاليهم، إلى الأشباح الأجنبية،
ليفعلون بهم ما يشاؤون من ذبح واغتصاب ونهب،
وسمحوا لهم بالتقدم نحو الداخل،
وتنازلوا عن الأراضي، وقرر معاقبة من وصفهم بالمتمردين، إظهارًا لصدقه.
لم يتبقى في قرية يينشان سوى العجائز الضعيفات،
لا حول لهن ولا قوة،
ووسط بؤسهن، فضّلن الموت على العار.
قالت إحداهن: “لأكن شبحًا قاسية تحت الجسر،
ولا أكون عاهرة في بهو القصر.” ]
صرخ كونغ يانغشو بغضبٍ متزايد:
“ما كل هذا الهراء؟!”
ثم حدّق في التقويمات وهو يتأفف:
“لا علاقة له بكل هذا الهراء عن الزومبي الطاوي ،
هل هناك شيء آخر؟”
سرق يانغ تشي نظرة خاطفة إلى عدد الأشباح المتزايد
خارج جدار الزومبي الذي يحجبهم،
وارتجف بلا حول، احمر وجهه،
ولم يجرؤ حتى على هز رأسه نفيًا خوفًا من إثارة غضب كونغ يانغشو:
“ لا، لا شيء آخر.”
صرخ كونغ يانغشو بانفعال وهو يركل رأس يانغ تشي:
“ إذا لم يكن هناك المزيد، فاحفر بسرعة! ”
غلى الدم في وجهه من شدة الغضب
بجانبه، نظر مو سيتشينغ إلى المشهد وسخر بأنفاس متقطعة:
“الأحمق فقط هو من يفرغ غضبه على زملائه في الفريق.”
ارتعش عرق في جبهة كونغ يانغشو من الغضب،
وتقدم رافعًا يده وكأنه سيضرب مو سيتشينغ بسكين،
لكنه توقف في منتصف الطريق عندما رأى الأنياب تبرز من فم مو
{ لقد تسمم مو سيتشينغ وتحول إلى زومبي،
وإن اقتربت منه أكثر، ربما يهجم عليّ ويعضني ، وفي تلك
الحالة سأكون الخاسر الأكبر …..
كما أن نقاط صحتي قد استُهلكت بالكامل تقريبًا،
ولم أعد قادرًا على التحكم الدقيق بالزومبي الذي يحرس مو سيتشينغ لأجعلهى يقتلونه ،
وكل ما أستطيع فعله هو أن أمرهم بمراقبته فقط…
وإن قام الزومبي بعض مو سيتشينغ مرة أخرى دون أن يقتله،
وانخفضت قيمة عقله إلى أقل من 20 دون أن يموت ،
فسيحدث أمر أكثر إزعاجًا بكثير
الأولويات أولًا، لا تهدر الطاقة… ابحث عن التقويم ! }
توقّف كونغ يانغشو لثانية، ثم تنفّس بعمق،
وخفض يده التي رفعها،
وربط التقويمات حول خصره،
ثم جلس القرفصاء وواصل الحفر مع يانغ تشي
كان مو سيتشينغ ينظر إلى التقويمات المتدلية من خصر
كونغ يانغشو، ويده - المخلب القردي - المقيّدة خلف
ظهره تتحرك قليلاً، ثم زفر ببطء وبصمت
كان قد حاول قبل قليل استفزاز كونغ يانغشو ليقترب منه،
كي يتمكن من سرقة التقويمات،
لكنه لم يتوقع أن يكون هذا الغبي يقظًا وحذراً بما يكفي
ليتجاهله تمامًا مهما صرخ أو تظاهر
أظلمت عينا مو سيتشينغ وهو ينظر إلى الجدار النحاسي
الذي شكّله الزومبي من حوله
ورغم أنهم يهتزون ببطء بسبب ضغط الأشباح والوحوش القادمين ، إلا أنه لا يبدو أنه سينهار في وقت قريب
{ كان كونغ يانغشو محقًا في شيء واحد
— تعويذاته القاتلة
يمكنها أن تصمد حتى يجد كل التقويمات
وإذا كانت هذه التقويمات بالفعل هي المفتاح لإنهاء اللعبة
كما قال باي ليو،
ألا يعني هذا أن كونغ يانغشو قد ينتصر حقًا في النهاية كما يدّعي؟
ومع وجود باي ليو خارج الجدار بين الأشباح،
لا أحد يعلم إلى متى سأتمكن من الصمود …}
كبرت أنياب مو سيتشينغ، وتحوّل لون وجهه إلى أخضر مائل للرمادي،
وأصبحت أنفاسه متقطعة وهو يقيس المسافة بينه وبين كونغ يانغشو بعينيه
{ إنها مسافة يمكنني تجاوزها بانفجار واحد —
أي أنني أستطيع الآن أن أشنّ هجومًا مباغتًا،
وأسرق التقويمات من خصر كونغ يانغشو وأُلقيها خارج حصار الزومبي هذا
لكن إن فعلت ذلك، سيقوم الزومبي خلفي بعضّه مرة ثانية بالتأكيد،
وسيجن جنون كونغ يانغشو، ولن يتردد في قتلي
… …. و لا أعلم إن كان باي ليو سيتمكن من التقاطها وفك
شيفرتها في الوقت المناسب،
ومعرفة سر الزومبي الطاوي، ثم المجيء لإنقاذي
من الواضح أن عدد الخطوات كثيرة،
والتعاون متأخر للغاية،
وغالب الظن أنني سأفقد وعيي لو أقدمت على ذلك بالقوة }
تنفّس مو سيتشينغ بعمق —
ولكن، لسبب ما، عندما تذكّر أن الشخص الذي يقف خارج
الحصار هو باي ليو، شعر أنه —
— يستطيع أن يغامر
ثبّت عينيه على التقويم المربوط بخصر كونغ يانغشو،
ثم زفر بعمق، وانخفض بجسده،
واندفع بمخلبه الأيمن نحو خصر كونغ يانغشو بخطاف مفاجئ
لكن كونغ يانغشو ردود أفعاله سريعة؛
قبل أن يشتعل الغضب في عينيه،
كان قد سحب خنجره القصير وضرب به نحو خصره،
فاصطدم بمخلب مو سيتشينغ وأبعده
لكن ما لم يتوقعه كونغ يانغشو، هو أن مو سيتشينغ لم
يتدحرج ليتلقى العضة عن الزومبي خلفه كما توقع،
بل أمسك بمخلبه الأيمن نصل كونغ يانغشو القصير وسحبه
للأمام، ليجذب كونغ يانغشو نحوه
في عيني كونغ يانغشو المتسعتين من الذهول وعدم الاستعداد،
تلقّى مو سيتشينغ عضة شرسة على ظهره من مصاص
الدماء الذي خلفه،
وفي اللحظة نفسها، استخدم يده اليسرى ليمسك بالتقويم
المربوط بخصر كونغ يانغشو،
ثم التقط التقويم الذي رماه يانغ تشي من الحفرة قبل أن
يتنبه، وسحقهما معًا بيده،
ثم رماها خارج حصار الزومبي وهو يصرخ بصوت حاد:
“ باي ليو التقوييييييم ! التقويم !”
كانت عضة الزومبي على ظهر مو سيتشينغ عنيفة لدرجة أنه
بصق دمًا أسود داكن
ومن خلال تلك العضة، تسرّب تيار مستمر من سم الجثة
إلى جسد مو سيتشينغ،
حتى بدأ وجهه يتحلل في غضون لحظات
كان مو سيتشينغ متكئ على يديه، يلهث بقوة،
و تفوح من أنفاسه رائحة العفن، عيناه تلمعان بالسواد،
أنيابه نمت حتى اقتربت من فكيه،
وصدره يصدر صوت هسيس عطِش للدماء
أما كونغ يانغشو، فكان يشاهد، عاجزًا، التقويمات التي
جمعها بشق الأنفس تُلقى خارج الحصار أمام عينيه،
وكل عضلة في وجهه تنتفض من الغضب:
“ مو سيتشينغ…!”
و غرس نصل خنجره في ظهر مو سيتشينغ،
لكن ما شعر به لم يكن لحم بشري ،
بل كأنه جلد حيوان قاسي ، لم يخترق، بل انثنى الطرف
تجمّدت حركات كونغ يانغشو، وشحب وجهه بشدة
{ لقد وقعت الكارثة !
عضتان متتاليتان، وعقل مو سيتشينغ قد هبط إلى 20! }
[ تحذير من النظام: قيمة نقاط العقلية للاعب مو سيتشينغ
انخفضت إلى 17،
ودخل في حالة الجنون حسب شاشة الإعدادات !]
رفع مو سيتشينغ عينيه القرمزيتين ببطء،
وأدار رأسه المائل بطريقة غريبة،
ثم لفّ كتفيه بضع مرات، وفرقع قبضتيه،
ونهض واقفًا،
رغم أن الزومبي لا يزال يعضّ ظهره،
وهو يحرّك مخلبَيْ القرد اللذين طالتهما التحولات شيئًا
فشيئًا،
ناظرًا من علو نحو كونغ يانغشو ويانغ تشي اللذين كانا
يتراجعان بفزع، ورفع حاجبيه ببطء
: “ لا عجب أن باي ليو لم يأتِ لإنقاذي على الفور بعد أن تركني هنا .
اتضح أن اللعبة فيها وضعية الجنون هذه .”
ثم أخرج لسانه، ولعق الدم عن زاوية فمه،
وعيناه تتوهجان ببريق أحمر شرير،
وابتسم ابتسامة مشؤومة وتابع :
“ ممتع… أعجبني هذا "
صرخ كونغ يانغشو بصوتٍ حادٍ كالسكاكين،
وهو يشكّل كف يده بأمر:
“ زومبي، عُد إلى الوراء ! احمِني !”
فتقلّص حصار الزومبي المحيط بسرعة إلى الداخل،
ليطوّق كونغ يانغشو ويانغ تشي ويحميهما
أصبح وجه كونغ يانغشو شاحبًا كأن لا دم فيه
أما يانغ تشي، فلم يجرؤ حتى على النظر إلى الخارج،
وكل ما فعله هو مواصلة الحفر بجنون،
و عيناه محمرّتان، أنفاسه سريعة،
ويداه تحفران الأرض بعنف مدفوع برغبته في النجاة
{ الآن لا فائدة من أي شيء سوى إنهاء الحفر بأسرع ما
يمكن لإنهاء اللعبة ! }
وبعزمٍ قوي ، بدأ يانغ تشي يحفر قبرين في آن واحد
لكن في منتصف الحفر، لاحظ شيئ غريب
فقد وجد بين التراب قطع متناثرة من المجوهرات الذهبية
والفضية الجميلة والقديمة،
وفخّاريات صينية ثمينة،
وفي المركز، دفتر صغير مصنوع من جلد الحمل الراقي،
لكنه لم يكن تقويم ، بل دفتر ملاحظات مكتوب بحروف
إنجليزية بدلاً من الخط الصيني التقليدي
وامتلأ قلب يانغ تشي بالشك،
فحفر مرات إضافية،
حتى ظهر تابوت على الطراز الغربي، سداسي الشكل
أزاح الغطاء ونظر داخله،
فصرخ برعب وسقط على أردافه وتراجع عدة خطوات إلى الخلف،
مشيرًا بيده المرتجفة نحو التابوت، وهو يقول بصوت مرتجف:
“كونغ… الأخ كونغ أنظر! انظر إلى من في التابوت! …”
تبع كونغ يانغشو إشارة يانغ تشي ونظر بداخل التابوت دون
وعي، ثم تجمّد في مكانه تمامًا
فقد كان هناك جثمانان يرتديان ملابس أجنبية،
لكن تحتها أردية طاوية صينية،
مزيج غريب لا هو شرقي ولا غربي، لا هو حي ولا ميت
وكان الأغرب من ذلك، وجوههم…
وجوه الجثمانين كانت مطابقة تمامًا لوجهي يانغ تشي وكونغ يانغشو
ارتجف جسد يانغ تشي من الصدمة،
وتراجع إلى الوراء وهو يشهق، وصوته مفعم بالبكاء:
“ الأخ كونغ ما الذي يحدث ؟!
كيف يمكن أن تكون هناك جثث تشبهنا تمامًا ؟!”
كونغ يانغشو يحدّق بلا حراك في الجثمانين،
وكأنه يعيش كابوس ،
وجهه يتقلب بين الأزرق والأبيض، يتمتم لنفسه:
“ لصوص القبور الذين سرقوا قرية ينشان بعد مئة عام،
والمتنكرون كأجانب الذين نهبوها قبل مئة عام…
إذا كان الطاويون الأشرار من ماوشان هم من يحرسون
قرية ينشان، إذًا، الطاويون الشرعيون من ماوشان يجب
أن يكونوا هم…”
وفجأة، كالبرق، تلاقت كل النقاط في ذهن كونغ يانغشو
أخرج بسرعة نسخة كتاب [ الطاوية في ماوشان ]
التي سرقها من خلف المعبد،
وفتحها من الغلاف إلى الغلاف ،
لكنه لم يجد أي ملاحظات مكتوبة
ثم، وكأن فكرة خطرت له فجأة،
طوى الكتاب ونظر إلى الجهة الجانبية من الغلاف الداخلي
كانت هناك كتابة باللغة الإنجليزية، تقول:
[ 17 أبريل 1901 — تم استدعاء سيدين كبيرين
لمساعدتنا في اختراق قرية ينشان باستخدام تعويذات ماوشان الطاهرة .
سنقدّم مكافأة سخية بعد انتهاء المهمة .]
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق