Ch31
في الأيام الماضية أثناء وجودهما في البرية،
كانت مينغ تشين تترك دائمًا المساحة داخل العربة لمورونغ يان،
بينما تلف نفسها ببطانية وتنام بجانب الخيول.
بل الأدق، لم يسبق لمينغ تشين أن نامت على سرير أثناء تنفيذ مهماتها
حتى خلال مهام الحراسة،
كانت تستريح لفترة وجيزة فوق العوارض أو أسطح المباني،
مع إبقاء جزء من وعيها دائمًا متيقظًا لأي حركة غير طبيعية
لكن الليلة، كان المطر يتساقط كرذاذ في الخارج،
لذا خططت مينغ تشين في الأصل للجلوس في الرواق
للحراسة طوال الليل
حدقت في السرير الذي يمكنه بسهولة استيعاب شخصين ،
لكنها شعرت بعدم الراحة وهي تعبث بشعر رأسها :
“ هذا… لا يبدو صحيحًا تمامًا .
يبدو الأمر وكأنه يخالف القواعد .”
لمعت عينا مورونغ يان في الظلام،
وأمسكت بإحكام بكمّ مينغ تشين،
لكن نبرتها رقيقة : “ لم يكن هناك يومًا قواعد بيني وبينكِ آ-تشين.”
ظنت مينغ تشين خطأً أن مورونغ يان كانت تعاتبها على
تراخيها كحارسة ظل للأميرة،
فشعرت بالذنب قليلًا وقالت: “ لقد خذلتكِ،
سأكون أكثر انضباطًا من الآن فصاعدًا .”
رؤية الشخص أمامها يعتذر بهذه السذاجة جعلت مورونغ يان
تغير أسلوبها، فقالت بلطف، “ آ-تشين، أشعر ببعض الخوف وحدي.”
عند سماع هذا،
ربتت مينغ تشين على صدرها ووعدت بجدية : “ لا داعي للخوف،
سأبقى في الخارج للحراسة ولن أنام .
إذا جاء أي شخص سيئ، سأكون أول من يتصدى له!
نامي مطمئنة .”
عينا مورونغ يان تبدوان رطبتين في الظلام ( دموع ) ،
ويدها الباردة بعض الشيء تمسك بذراع مينغ تشين وهي
تهمس : “ لكنها المرة الأولى التي أقيم فيها في هذا النزل ،
وأشعر بعدم الارتياح لوحدي .
هل يمكنكِ البقاء بجانبي لتؤنسي وحدتي ؟”
لم يسبق لمينغ تشين أن رفضت هذه الفتاة عندما تتحدث
بنبرة هادئة خافتة كهذه،
ورغم أنها شعرت أن هناك شيئًا مريبًا،
إلا أنها وافقت في النهاية
دفعت المدفأة نحو مورونغ يان،
وتأكدت من إغلاق المزلاج عند النافذة،
ثم استلقت على السرير بالقرب من الباب وهي لا تزال بكامل ملابسها
على الجانب الآخر،
استدارت مورونغ يان لتواجهها،
واستلقت على جنبها وهمست : “ آ-تشين أشعر بالبرد "
: “ لكن المدفأة مشتعلة بشدة بالفعل ،
إضافة المزيد من الفحم لن يكون جيدًا .” التفتت مينغ
تشين نحو يان وردّت بنبرة منخفضة ،
حريصة على ألا تزعجها
: “ أريد عناق "
و مدّت مورونغ يان ذراعيها من تحت البطانية نحو مينغ تشين،
وعيناها المخفية في الظلام تنقلان شوقًا وتعلقًا
اقتربت مينغ تشين منها،
وجعلت إحدى يديها كوسادة لرأس يان،
بينما وضعت الأخرى برفق على ظهرها
: “ نامي.” همست مينغ تشين
داعبت أنفاس الفتاة رقبتها بلطف
وفي اللحظة التالية،
شعرت مينغ تشين بملمس ناعم مألوف على شفتيها،
حيث أمالت يان رأسها قليلًا،
و يعلوها تنفس متوتر خفيف وهي تضغط عليها
بانتباه ، انحنت مينغ تشين أكثر،
حتى لا تضطر المرأة في أحضانها إلى بذل جهد،
وتعميق القبلة الخفيفة إلى أخرى أكثر دفئًا
وضعت يان إحدى يديها على رقبة مينغ تشين،
بينما تسللت الأخرى إلى ظهرها
كان هناك فرق واضح في الحرارة بين شفتيهما،
لكنهما تشبثتا ببعضهما وكأنهما تتشاركان شيئًا غير ملموس
بحثت يان بشدة عن المزيد من الدفء في ينبوع
الحرارة بين ذراعيها،
وحين نالت ما أرادته،
استسلمت له،
دعته يذوب في فمها،
حتى لم تعد تحتمل ، فابتلعته شيئًا فشيئًا بولهٍ خالص
انتشر الدفء في كل أطرافها،
وأحكمت قبضتها على ملابس مينغ تشين كما لو أنها تأثرت بهذه الحرارة
مرت لحظة طويلة،
طويلة بما يكفي ليغدو جسدها هو الآخر ينبوع من الدفء،
ثم أبتعدت يان أخيرًا، تتنفس أنفاس متلاحقة سريعة
قبلت مينغ تشين جبين يان،
الذي بدأ يتصبب عرقًا قليلًا ،
وهمست بصوت مكتوم : “ الآن أصبحتِ دافئة أكثر من اللازم .”
ضحكت يان، و لا تزال تتذوق الحلاوة في فمها، وقالت،
“ ليس للأبد "
و همست : “ هذا هو الدفء المثالي .”
—————————————
في صباح اليوم التالي…
ارتفعت شمس الشتاء ببطء،
وما إن بدأت تشرق حتى نهضت مينغ تشين لتغسل وجهها وتستعد
أما الفتاة في السرير،
فلا تزال تغط في نوم عميق،
منهكة من الأيام المرهقة الماضية
تحركت مينغ تشين بخفة كقطة،
جهزت الملابس لمورونغ يان،
ثم نزلت إلى الطابق السفلي لتسأل موظف النزل عن
مطاعم قريبة تقدم إفطار جيد
وحتى لا توقظ رفيقتها النائمة مبكرًا،
انتظرت مينغ تشين حتى أصبح الضوء ساطع تمامًا ثم عادت إلى الغرفة
وبحلول ذلك الوقت،
كانت مورونغ يان قد ارتدت ملابسها بالفعل،
وتبدو منتعشة ونشيطة
ركعت مينغ تشين عند طرف السرير ،
ضبطت أحزمة الطرف الاصطناعي بعناية
وهي تبلغ مورونغ يان : “ لقد سمعت للتو عن سوق صباحي بجوارنا .
يوجد كشك يبيع فطائر السمسم اللذيذة .
ما رأيكِ أن تنتظريني هنا بينما أذهب لشرائها لكِ؟”
لكن مورونغ يان هزت رأسها : “ سأذهب معكِ .”
: “ لكن…” ترددت مينغ تشين،
قلقة من أن تكون الرحلة مرهقة للغاية بالنسبة لها
: “ يمكنني تدبر الأمر .
آ-تشين ، دعيني أجرب ، حسنًا؟”
كانت نظرة مورونغ يان هادئة،
لكن نبرتها حملت إصرارًا لا يقبل الجدل
عند رؤية عزمها ، أومأت مينغ تشين برأسها : “… حسنًا ،،
سأكون بجانبكِ طوال الوقت .
إذا شعرتِ بالتعب ، أخبريني على الفور .”
{ ففي النهاية ، حملك لن يكون مشكلة أبدًا }
بعدما ألبستها معطفها ، ساعدتها مينغ تشين في النزول من الدرج،
وبعد إبلاغ صاحبة النزل،
توجهتا ببطء نحو السوق الصباحي
بالرغم من أن المسافة لم تكن طويلة،
إلا أن مورونغ يان وجدت المشي مرهق ؛ شحب وجهها ،
وعضت شفتيها بإحكام ،
مما جعل مينغ تشين، التي كانت تحرسها من الخلف،
تشعر بقلق شديد
وعندما كادتا تصلان إلى بوابة السوق،
لم تستطع مورونغ يان التحمل أكثر،
فتوقفت، و جسدها يترنح وهي تتنفس بصعوبة :
“ آ-تشين… لا أستطيع المتابعة.”
تحركت مينغ تشين بسرعة،
أمسكت بخصرها، ودعمتها برفق
: “ لقد أبليتِ حسنًا يان يان لقد مشيتِ مسافة طويلة.”
كان صوت مينغ تشين لطيف ،
تحاول مواساتها،
وخشية أن تشعر بالإحباط، أضافت :
“ يان يان فتاة جيدة ، من الجيد أنكِ تحدثتِ عندما شعرتِ بالتعب .
لا داعي للعجلة، سنأخذ وقتنا .”
ثم أزاحت معطفها قليلاً ، وأخفت يان في أحضانها وهي
تسير ببطء نحو السوق الصباحي
وعندما اقتربتا من المدخل،
جلست يان على مقعد من الخيزران حيث كان المكان أقل ازدحامً
بعدها فقط، انطلقت مينغ تشين بحماس إلى داخل السوق
استندت مورونغ يان على يدها،
تراقب مينغ تشين وهي تتنقل بين الأكشاك وكأنها تريد
شراء كل شيء،
حماسها المفرط كاد يثير ضحكها
لكن فجأة ، حُجبت رؤيتها بمجموعة من الرجال
: “ أوه، فتاة جميلة تجلس هنا وحدها، من تنتظرين؟”
كان المتحدث رجلاً يرتدي ثياب أنيقة،
ينظر إلى مورونغ يان التي لم تكن تضع غطاء وجهها
بابتسامة متكلفة : “ هل يمكن أن تكوني في انتظار الرجل المناسب؟
ربما يكون هذا الشاب هو من تبحثين عنه، أليس كذلك؟”
ضحك الرجال الذين معه بصخب، وصفّر بعضهم بصفير
لم تغضب مورونغ يان، لكنها شعرت ببعض الانزعاج
حاولت الوقوف للمغادرة ،
لكن ساقيها المرتعشتين لم تساعداها ،
لم تكن ترغب في إثارة ضجة ،
لذا قالت بصبر : " هذه الفتاة…
بالفعل تنتظر شخص عزيز على قلبها ،
ولحسن الحظ، ذلك الشخص ليس أنت .”
عند سماع ردها الحاد ، ازداد حماس الرجال
“ أوه ! لديكِ لسان حاد أيتها الجميلة .”
قام الرجل الأنيق بتعديل ياقة ثوبه بغرور،
وقال بثقة، “ امرأة مثلكِ لا تليق بأي رجل عادي .
تحتاجين إلى رجل حقيقي ليبقى بجانبكِ .”
تقدم أحد الحراس المسلحين،
الذي بدا معتاد على مثل هذه المواقف ،
ليمدح سيده قائلاً : “ هذا الشاب هنا هو الابن الثاني لوزير
الشؤون المدنية الحالي ، هل تعلمين ذلك؟
إذا أصبحتِ محظيته ، فسيكون الأمر وكأن عصفور تحول
إلى طائر فينيق!”
{ وزارة الشؤون المدنية ؟
أليسوا أكثر الجماعات فسادًا ؟ }
بسبب تلاعب ولي العهد ،
غرقت منظومة التعيينات والعزل والترقيات والنقل الخاصة
بالمسؤولين المدنيين في حالة من الفوضى،
وأصبح الفساد ينخر جذورها،
ليحولها إلى دائرة تعيث فسادًا في البلاط
مثل دجاج مذعور وكلاب هائجة
أما الابن الثاني لوزيرها،
فكان سيئ السمعة على وجه الخصوص — ابن مدلل
معروف بظلمه ، يضطهد العامة ،
ويختطف الفتيات الفقيرات قسرًا ،
طاغية متخفي في هيئة مسؤول
بهذا التفكير ، انخفض صوت مورونغ يان ببرود،
وقالت بعدم رضا : “ الغصفور الذكي يختار الشجرة التي
يعشعش فيها بعناية .
علاوة على ذلك، هذه الفتاة تتطلع فقط لحياة يقاسمها
شخص واحد مدى العمر .
لم أفكر يومًا في أن أكون محظية ؛
لذا ، أخشى أن هذا الغصن الذابل سيحتاج إلى البحث عن
شخص آخر ~ .”
صُدم الرجل الأنيق : “ أنتِ !”
ولم يدرك إلا بعد فوات الأوان أن هذه الفتاة “العامة”
قد وصفته بغصن ذابل، فبقي مذهولًا دون أن يجد رد
لكن مورونغ يان لم تتوقف عند هذا الحد
: “ غير أن هناك أمرًا أصبتَ فيه ...”
نظرت إليه بازدراء ، سخرت من محاولته التباهي بملابسه
الفاخرة وكأنه يصرخ للعالم كله بمكانته ،
وتابعت ببرود : “ بالفعل ، لا يوجد رجل في هذا العالم يستحقني .
حتى لو كان والدك ، فالأمر نفسه .”
احمر وجه الرجل من شدة الغضب والإحراج ،
وصرخ، “أيتها الوقحة !
أريد أن أرى إن كنتِ ستواصلين النباح بهذه الغطرسة عندما
تكونين تحتي ، في سريري !”
ضاقت عينا مورونغ يان بملل، وقررت تجاهله
حاولت جمع طاقتها للنهوض والمغادرة
لكن ما إن خطت خطوة حتى امتدت يد الرجل للإمساك بياقة ملابسها
في لحظة خاطفة، ضُرِبت يده بقوة قبل أن تلمسها
الشخص الذي ظهر أمامه فجأة كانت فتاة طويلة القامة ،
تمسك في يدها فطيرتين بالسمسم،
وابتسامة هادئة على شفتيها
لكن في عينيها، لمعان حاد وثابت،
مما جعل الرجل يشعر بقشعريرة تسري في جسده
: “ هل لي أن أسأل ماذا تريد من سيدتي الشابة ؟” قالت
مينغ تشين وهي تتقدم بخطوة لحماية مورونغ يان خلفها
تراجع الرجل الفاخر ،
يهز يده صارخًا كما لو أنه تعرض لإصابة قاتلة :
“ إنها تؤلمني بشدة !
كيف تجرؤين على ضربي، أنا ابن الوزير؟!
يا حرااااااس !”
استل الحراس سيوفهم الطويلة،
يحاصرون مينغ تشين بعجرفة واضحة
لكن مينغ تشين لم تتأثر بالموقف
أمالت مينغ تشين رأسها : “ آلمك بشدة ؟”
وهي تضغط يدها، متعجبة،
فقد اعتقدت أنها بالكاد لمسته،
مجرد ضربة خفيفة لا أكثر
صاح الرجل ، و عروقه تكاد تنفجر من الغضب : “ كيف
ستعتذرين لي الآن؟!”
خلفها ، مورونغ يان على وشك أن تتحدث،
لكن مينغ تشين رفعت يدها،
مانعةً إياها من التدخل
قدمت مينغ تشين كعكي السمسم إلى مورونغ يان،
ثم ابتسمت لها بطمأنينة وهمست برفق :
“ لا تصدري أي صوت .
من الضروري ألا يلاحظك أحد مرة أخرى .”
ثم استدارت ، وتلاشت ابتسامتها،
ونظرت إلى المجموعة أمامها بجدية قائلة بصوت عالي :
“ إن كان الأمر كذلك،
فالعين بالعين—
سأدع الشاب السيد يوجه لي لكمة .”
تفاجأ الرجل الأنيق من اقتراحها،
واتسعت عيناه قليلًا ثم تملكّه الحماس ، فقال :
“ تذكّري ، أنتِ من قلتِ هذا !”
ألقى نظرة على مينغ تشين ، التي كانت تبدو بسيطة
بملابسها العادية،
دون أي أثر لأنوثة رقيقة قد تثير الشفقة
لعق شفتيه وتقدم إلى الأمام،
محركًا معصميه،
وما إن رأى هدوءها غير المكترث،
حتى ازدادت ضيقه ،
صاح بغضب : “ تأكدي من أنكِ لن تتفاديها !”
ردّت مينغ تشين بلا مبالاة : “ يمكنك توجيه ضربتك ،
لن أتحرك .”
واقفة بثبات، وقد عقدت ذراعيها أمام صدرها
: “ حسنًا ”
قبض الرجل يده،
وانحنى قليلًا ليجمع قوته،
ثم التوى بخصره وسدد لكمة قوية هبطت بقسوة على وجه مينغ تشين
رغم أنه شعر بأن يده وكأنها ارتطمت بصخرة ،
وبدأ الألم يسري فيها،
إلا أنه لم يستطع كبح شعور الرضا عند رؤيتها تتراجع قليلًا
بسبب تأثير الضربة
لكن مينغ تشين اعتدلت فورًا وسألت بهدوء :
“ هل خف غضبك الآن؟”
بينما لم تبدي أي اهتمام بالانتفاخ الذي بدأ يظهر على خدها
: “ أنتِ… ألا تؤلمكِ ؟” نظر إليها الرجل بذهول ،
وهو يرى أنها لم تصرخ أو تتوسل
لمست مينغ تشين خدها وأجابت بصوت هادئ :
“ لا.
لكن بالفعل ، أنت أقوى مما توقعت ،
لست ضعيفًا تمامًا .”
: “ أنتِ… مجنونة!” صرخ الرجل غاضبًا وهو غير قادر على فهمها،
ثم أشار لأتباعه وانسحب مسرعًا مع مرافقيه الذين كانوا
مصدومين بقدر صدمتِه
لم تفهم مينغ تشين سبب رد فعلهم لكنها لم تهتم،
بل شعرت بالارتياح لرؤيتهم يرحلون
ابتسمت، متجاهلة الألم في خدها،
ثم التفتت نحو مورونغ يان خلفها وسألت بقلق :
“ لمَ لا تذوقين كعك السمسم وترين إن كان جيدًا ؟”
لكن مورونغ يان كانت تحدق نحو الأسفل، دون أن ترد
: “ ما الأمر ؟ ألا يعجبك ؟ هل أشتري لكِ شيئ آخر ؟”
جثت مينغ تشين بجانبها،
وعندها فقط رأت أن عيني مورونغ يان كانتا محمرتين،
وكأنها على وشك البكاء
في تلك اللحظة،
اجتاح الغضب صدر مينغ تشين،
وتألق بريق قاتل في عينيها
لمست سيفها وسألت ببرود : “ لا تقولي لي إنهم أذَوكِ قبل قليل ؟”
ظلّت مورونغ يان صامتة لفترة طويلة، ثم ردت أخيرًا :
“ أنتِ حقًا حمقاء "
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق