القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch30 | رواية TPSGCBTC اليوري

 Ch30


بجانب الموقد الدافئ ….

مينغ تشين تمسح برفق شعر مورونغ يان المبلل بقطعة قماش، 

تمررها لمسة بعد أخرى


وبينما تحدق في الخصل الفضية المتناثرة بين شعرها، 

شعرت أن عددها قد زاد عن السابق 

ارتجف بصرها قليلًا ، وأصبحت لمساتها أكثر رقة


مورونغ يان الملفوفة في بطانية ، أغمضت عينيها براحة ، 

تمامًا كقطة مدللة تُمسَّد برفق ، 

ورفعت رأسها قليلًا


تدلّت قدمها الرقيقة ذات اللون الأبيض العاجي من طرف السرير ، 

و باطن قدميها متورد قليلًا بعد الاستحمام


وبعد فترة ، وكأنه قد غلبها النعاس بينما لا يزال شعرها رطبًا بعض الشيء، 

استسلمت لدفء الشخص بجانبها وانسابت برقة بين ذراعيها


مينغ تشين : “ انتظري، عليكِ أن تأكلي أولًا ...” 


كان واضح أن مورونغ يان لم تكن تأكل جيدًا في الأيام 

القليلة الماضية ، 

ولم تستطع مينغ تشين إلا أن تُظهر قلقها ، 


: “ تناولي الطعام أولًا، ثم نامي، حسنًا؟”


“ همم.”

خرجت موافقة ناعمة من مورونغ يان، 

لكن حركة يديها كانت أشبه بالرفض، 

إذ تمسكت بإحكام بملابس الشخص أمامها


ربّتت مينغ تشين بلطف على يدها لتهدئتها، 

ثم قالت: “سأذهب لأتفقد المطبخ أولًا .” 


خرجت من الغرفة لتجد أحد الخدم قادمًا برسالة


: “ آه! آنسة، لقد جئتِ في الوقت المناسب.”


“ ما الأمر؟”


“ الرئيسة يسأل ماذا تحب سيدتك الشابة أن تأكل ؟”


“ بالتأكيد ، حضِّروا لها أفضل ما لديكم ، 

سيدتي الشابة انتقائية جدًا في طعامها .”


ومع تلاشي وقع خطواتها الهابطة على الدرج، 

جلست مورونغ يان خلف الباب تصغي إلى حديثها، 

وأصابها لمحة من السعادة، لتردد في قلبها :


{ سيدتي الشابة }


و تكرر هذه العبارة مرارًا في خاطرها


كان هذا لقب جديد غير مألوف بالنسبة لها


وحين تسمعه بنبرة مينغ تشين، 

المشبعة بروح التاجر الفخورة والمتمردة، 

كان له وقع خاص عليها


لكنها لم تكرهه


التقطت مورونغ يان خيط أسود لتربط به شعرها، 

ثم ألقت بالبطانية جانبًا وأمسكت بالثياب التي جهزتها لها 

مينغ تشين، ترتديها على مهل وبإتقان


لمّا انتهت من شدّ حزامها وتنعيم كُمَّيها، 

دفعت مينغ تشين الباب بكتفها وهي تحمل صينية طعام


: “ الطعام هنا لا يُقارَن أبدًا بما في العاصمة "

وضعت مينغ تشين ما بيدها على الطاولة، 

ثم رفعت مورونغ يان ذات القامة الرقيقة برفق، 

وأجلستها على كرسي مبطن، 

و تابعت التعليق بنبرة غير راضية : “ أعتقد أيضًا أن مهارات 

الطاهي هنا لا ترقى أبدًا للمستوى المطلوب — 

بل إنها بالكاد تتفوق على مهارات زوجة معلمي .”


لوّحت بإصبعها الصغير في الهواء ، 

مبالغةً في وصف الفرق 


ضحكت مورونغ يان لرؤية تعبير مينغ تشين المتذمر ، 

وقالت، “ لو سمعتك زوجة معلمك، لا بد أنها ستغضب منك.”


: “ لكنني لا أكذب . و مع ذلك…” حدقت مينغ تشين إلى 

طبق خنزير مطهو على الطاولة، 

وتنهدت : “ أعتقد أن صاحبة النزل بذلت جهدها حقًا.”


عندما رأت الرئيسة الكريمة مينغ تشين تسحب كمية من 

العملات النحاسية بسخاء 

وتطلب أفضل ما يمكنهم تقديمه ، 

بذلت بالفعل كل ما في وسعها


إلى جانب الخنزير المطهو، جهزت أيضًا أطباق من 

الخضراوات الطازجة التي يصعب الحصول عليها في الشتاء، 

ولو كان لديها وقت كافي ، لربما ذبحت دجاجة بنفسها في الفناء


مينغ تشين لم تكن ترغب في التقليل من جهود صاحبة النزل، 

لكن هذه البلدة الجبلية الصغيرة ببساطة لم تكن تمتلك 

طهاة مهرة أو أطباق راقية


{ لو أنني فقط تعلمت بعض حيل الطهي من طباخ معسكر 

الحراس قبل مغادرتي … }


بعد أن ناولت مورونغ يان وعاء الأرز والعيدان الخشبية 

ورتبت الأطباق أمامها، 

لم يكن لدى مينغ تشين سوى الدعاء بصمت أن تأكل الفتاة 

أمامها أكثر قليلاً ، 

لتعوض الوزن الذي فقدته في الأيام الماضية


نظرت مورونغ يان إلى تعبير مينغ تشين المتوسل ، 

وشعرت ببعض التسلية


وبالرغم من أن الأطباق لم تكن جذابة ، 

إلا أنها بدأت الأكل بهدوء ، دون انتقائية كما تفعل عادةً


كان الأرز مائلًا إلى الاصفرار، قاسي بعض الشيء ، 

وليس ناعم وعطري كما في العاصمة ، 

لكنه لا يزال أفضل بكثير من مؤنة السفر الجافة التي 

تناولوها في الأيام الماضية




أما الخضراوات ، فقد كانت فاقدة للنضارة ، مذاقها باهت ، 

في حين أن الخنزير المطهو مالح ودسم بشكل مبالغ فيه


يبدو أن صاحبة النزل، في محاولتها لإظهار حسن نيتها، 

قد بالغت قليلًا في إضافة الزيت والملح والصلصة


لكن الإكثار من التوابل لا يعني دائمًا طعامًا لذيذًا…


و بصعوبة ، ابتلعت مورونغ يان الطعام مع الأرز، 

مجبرةً نفسها على تناول أقل من نصف الوعاء، 

لكنها لم تستطع الاستمرار أكثر


مينغ تشين فهمتها ولم تحاول إقناعها بإلحاح لتأكل أكثر، 

بل تناولت الطعام المتبقي أمامها بسرعة، 

كما لو كانت إعصار يجتاح الأوراق المتساقطة، 

دون أي تردد


بالرغم من حبها للطعام الفاخر وتقديرها للمذاق الجيد، 

إلا أنها لم تكن يومًا انتقائية .

كحارسة ظل، لم يكن تناول الطعام بالنسبة لها سوى وسيلة 

للحفاظ على القوة

سواء كان طعامًا فاخرًا متقن الإعداد ، 

أو كعك جاف مصنوع من الحبوب الخشنة ، 

أو حتى بقايا وجبات الآخرين ، 

كان كله مجرد أداة للبقاء .

و مينغ تشين يمكنها ابتلاع أي شيء


مع حلول الليل ، 

وبعد انتهائها من تناول الطعام ، 

أخذت الأطباق إلى الطابق السفلي ، وفي طريق عودتها ، 

حملت وعاء من الماء الساخن إلى البئر 


تحت سماء قارسة البرودة، 

خلطت الماء الساخن بماء البئر المثلج لتغسل جسدها ، 

متأكدةً من أنها، كحارسة ظل، يجب ألا تحمل أي رائحة


بعد ذلك ، غيرت ملابسها في العربة ، 

وتفقدت الخيول وعجلات العربة باختصار


وعندما عادت إلى الغرفة، 

رأت أن مورونغ يان لم تنم بعد، 

بل كانت تحدق بصمت في الثلج المتساقط خارج النافذة، 

ويدها تستقر على معدتها، مع عبوس خفيف على جبينها


مينغ تشين : “ هل تشعرين بعدم الراحة ؟”


التفتت مورونغ يان نحو مينغ تشين القلقة، وطمأنتها :

“ مجرد انتفاخ بسيط .”


لكن في داخلها ، لم تستطع سوى أن تسخر من نفسها


بالفعل، كانت أميرة مدللة


حرمانها من الأرز المكرر والدقيق الفاخر الذي اعتادت عليه 

في المطبخ الإمبراطوري، 

جعل جسدها يتمرد وكأنه تعوّد على الدلال


{ ألستُ أشبه بطائر كناري اعتاد العيش في قفص ، 

لا يستطيع البقاء دون أن يُطعم بيد صاحبه؟

كم هذا مزعج ... }


تقدمت مينغ تشين ، عانقت مورونغ يان التي مدت يدها إليها، 

وأعادتها إلى السرير


وأثناء تدليك بطنها بلطف ، 

اعتذرت : “ كنتُ مهملة اليوم ، 

سأكون أكثر انتباهًا في المستقبل .”


مورونغ يان : “ اليوم كان جيدًا جدًا ،  

ليس لدي ما أشتكي منه .”


قمعت مورونغ يان ازدراءها لنفسها، 

واتكأت قليلًا وهي تحدق بمينغ تشين الجالسة على حافة السرير، 

والتي بدا عليها تأنيب الضمير، 

ثم ابتسمت بمرارة وتابعت : “ أنا من أكون متطلبة أكثر من اللازم. 

آ-تشين لا داعي لأن تعتذري لي.”


اعترضت مينغ تشين : “ أنتِ لستِ متطلبة على الإطلاق ...”، 

نظراتها مفعمة بالصدق : “ ينبغي عليّ أن أعتز بكل مشاعرك .”


ارتجف قلب مورونغ يان، 

وأحكمت أصابعها حول أطراف أصابع مينغ تشين التي كانت 

تضغط على بطنها


رغم ما يعتمل في داخل يان من مشاعر مكبوتة ، 

إلا أن صوتها بقي هادئ ، “ آ-تشين، إذا عاملتني هكذا… 

ماذا لو أصبحت مدللة ؟”


توقفت حركة مينغ تشين، 

والتقت عيناها بعيني مورونغ يان : “ أنتِ شخص يجب أن 

يحبه العالم كله ويعتز به، 

شخص يجب أن يعيش بحرية وسعادة كل يوم. 

كيف يمكن الحديث عن الدلال في ذلك ؟”


ردّت دون تردد ، ثم أنزلت نظراتها نحوها متأملة


{ أولئك الذين جردوها من حريتها بلا رحمة، 


الذين قصّوا جناحيها، 


الذين خنقوا صوتها بصمت — هم من يستحقون الموت !


كان من الواجب أن أكون أنا من أحمي وأصون مورونغ يان، 


و أن أكون دعمها الذي يمنحها حياة بلا قيود ، حياة مريحة ، و سعيدة .


يجب حمايتها من هؤلاء الأشخاص اللعينين . }


حدقت مينغ تشين في اليدين المتشابكتين بينهما، 

وعيناها تعكسان شراسة نادرة، توهجًا من الغضب العميق


شعرت بقبضتها تشدّ دون وعي، 

وكادت تؤلم الأصابع الرقيقة المتشابكة مع أصابعها


لكن في اللحظة التالية، صفا وجهها، وعادت هدوءها 

المعتاد، واستأنفت تدليك بطن مورونغ يان برفق


لم تكن مورونغ يان مدركةً لدوامة المشاعر في داخل مينغ تشين، 

بل كانت فقط شاردة، 

غارقة في الكلمات التي قيلت لها للتو، 

تعيد ترديدها في قلبها، وكأن شيئًا عالق في حلقها




{ دائمًا يحدث هذا …


دائمًا تكون آ-تشين موجودة ، و تمد يدها إليّ في اللحظة 

التي أُوشك فيها على السقوط في الهاوية ، 

وتخترق جدران قلبي بسهولة ، مهدئة اضطراباتي وتوتري 


كما فعلت في المرة الأولى عندما رأت الطرف الاصطناعي ، 


كما فعلت حين شعرتُ بألم الأطراف الوهمية ، 


و كما فعلت عند هروبها من برج كانغيوي، 


كما فعلت في الغابة… وكما تفعل الآن …


مرة تلو الأخرى، وبكل بساطة، 

تجعلني أتوقف عن الشعور بالتوتر والانزعاج …


وكأنها ، بوجودها ، يمكن للمرء أن يعيش بحرية ، بتهور ، 

دائمًا قادرًا على الالتفات للخلف ، 

ورؤية شبكة الأمان التي تنسجها لها بحنان }


في الصمت ، رفعت مورونغ يان يدها الخالية الآن ، 

وغطت عينيها بظاهر كفها ، 

وكأنها تحاول كبح الحرارة المتدفقة من أعماق قلبها إلى عينيها


مينغ تشين، التي ظنت أنها قد نامت ، 

أطفأت مصباح الزيت بصمت


وعندما شعرت أن أنفاس الشخص على السرير قد استقرت، 

واستدارت لتغادر، 

شعرت بشد خفيف عند طرف ملابسها في العتمة


: “ آ-تشين لا تذهبي …...”


كان أسلوب رجاء وتوسل


“ … ابقي معي "


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي