Ch56
غرق وانغ وي في تجاربه ثم عندما استعاد وعيه ،
كان الليل قد حل منذ وقت طويل
وبينما يستعد للنهوض و بعد أن أدار عنقه،
اكتشف فجأة ظل داكن راكع عند بابه
فوجئ وتسارع نبضه للحظة،
لكنه سرعان ما هدأ عندما أدرك أنها مينغ تشين،
التي وصلت في وقت سابق من النهار
{ يا للهول، لقد مرت ثلاث ساعات،
وهذه حارسة الظل الشابة لم تعد إلى منزلها بعد!
هل يمكن أن يكون الفشل في تحقيق المعايير المطلوبة
سبب في معاقبة حراس الظل ؟ }
أدار وانغ وي رأسه بعناد،
رافضًا أن يلتقي بنظراتها،
لكنه في الوقت نفسه شعر بامتلاء مثانته إلى حد مزعج
ولسوء حظه، كانت مينغ تشين تسد الباب الوحيد،
مما منعه من الخروج إلى المرحاض
{ اللعنة ، هل عليّ حقًا أن أرضخ وأتحدث معها ؟!
لكن من يتحدث أولًا سيكون هو الخاسر }
نعم هكذا فكر الرجل الخمسيني بعناد طفولي
ومع ذلك ، لا يمكن لأحد مهما بلغت قوته أن يتحمل الأمر إلى الأبد
نظر وانغ وي إلى نافذة الكوخ ،
متخذًا قراره بالقفز منها لقضاء حاجته
لسوء حظه ، بالغ هذا العالِم غريب الأطوار في تقدير قدراته
فبينما مينغ تشين تفكر بجدية في طريقة لإقناع وانغ وي،
رأت الرجل العجوز يفتح النافذة بارتباك محاولًا القفز منها
لكنه ما إن همّ بعبورها،
حتى هوى نصفه العلوي إلى الخارج بجمود
ورغم أنها لم تستطع سماع صرخاته،
إلا أن خبرتها الطويلة في السقوط جعلتها تدرك،
من خلال وضعية جسده وسنه المتقدم،
أن هذه السقطة لن تمر بسلام
نهضت مينغ تشين بسرعة،
متجاهلة أمر وانغ وي السابق،
وهرعت إلى داخل الغرفة،
ثم نظرت من النافذة المفتوحة على مصراعيها،
لترى الرجل العجوز ممددًا على الأرض،
يرتجف قليلًا وهو يمسك بخصره
لم يعد وانغ وي يهتم بالفوز أو الخسارة الآن،
فمدّ يده بتوسل نحو مينغ تشين،
قائلاً : " لقد التوت ، لقد التوت !
أسرعي ، ساعديني على النهوض ،
الألم لا يُحتمل ، بسرعة !”
قفزت مينغ تشين بخفة عبر النافذة،
وساعدت الرجل العجوز بحذر على النهوض،
ثم امتثلت لرغبته وأخذته إلى المرحاض ثم أعادته إلى الكوخ
“ هيه، هيه، هيه! انتبهي، لا تلمسي طبق الاستزراع
إنه مليء بأطفالي الجرثوميين الثمينة !”
كان وانغ وي متكئ بضعف على كتف حارسة الظل الشابة،
منحني ويرتجف أثناء مشيه،
متفاديًا الأشياء المبعثرة في أرجاء الغرفة الفوضوية
“ تلك البنسلين خاصتي ، لا تلمسيها !
وذلك المجهر… استغرق تجميعه مني وقتًا طويلاً ،
إذا لمستِه فسوف ينهار بالكامل !”
نظرت مينغ تشين إلى كومة الأوعية المغطاة بالعفن
والتزجيج المتكدس عشوائيًا،
متفادية إياها بصمت،
ثم ساعدت الرجل العجوز على الاستلقاء على سريره
المكان محاط بأكوام من الكتب والأغراض المتنوعة،
ولم يكن هناك سوى مساحة ضيقة بالكاد تتسع لشخص واحد
تآوه وانغ وي تأوهات ألم وهو يستلقي،
بينما أخرجت مينغ تشين زجاجة من نبيذ طبي لعلاج
الكدمات من جيبها، وبدأت بتدليكه بعناية
تآوه الرجل العجوز بأنين متألم ،
وإذا ضغطت بشدة ، كان يتآوه تأوهات أقرب للبكاء،
مما جعلها تعبث بشعرها بإحراج
طوال الليل، كانت مينغ تشين مشغولة بجلب الماء،
وإحضار الطعام،
وأداء مهام أخرى كالعناية بـ”أطفال الجراثيم الجيدة”
على الطاولة، ولم تحصل على لحظة راحة
أخيرًا، عندما شعر وانغ وي بتحسن طفيف ورأى مينغ تشين
واقفة بجانبه بطاعة،
شعر فجأة ببعض الذنب،
لكنه أدار رأسه بعيدًا وقال : “ لا تظني أن كل هذا سيقنعني
بالعودة إلى العاصمة .
معاييري عالية جدًا !”
بدت مينغ تشين حائرة قليلًا : “ لم أكن أخطط لذلك ...”،
ثم وكأن فكرة خطرت لها،
سألت فجأة : “ ما هي معاييرك للعودة إلى العاصمة؟”
“ آه…”
وانغ وي، الذي كان يتحدث بلا تفكير،
لم يتوقع أن تسأله هذا السؤال فجأة
فحكّ شعره الأشعث بسرعة، متأملاً، ثم قال:
“أنتِ… إذا ساعدتِني في نحت عشرة… لا، مئة أنبوب شفط ،
فسأفكر في الأمر .”
( أنابيب الشفط تشبه القشّات ( أنابيب تحاليل )
وتُستخدم لامتصاص المحاليل ،
تكون قابلة للاستخدام مرة واحدة وتُستعمل في المختبرات
الطبية والبيولوجية والكيميائية)
سألت مينغ تشين وهي تميل رأسها بحيرة :
“ أنابيب الشفط ؟ ما هذا ؟”
أخرج وانغ وي من كمه أنبوبين رفيعين مصنوعين يدويًا من الخيزران،
فتحة كل منهما في المنتصف فتحة دقيقة للغاية ،
وكأنه تم صقله بعناية فائقة باستخدام إبرة فولاذية
( نسخة بدائية جدًا من العصور القديمة)
لمس وانغ وي لحيته غير الموجودة ،
متظاهرًا بالحكمة : “ إذا تمكنتِ من صنع مئة أنبوب خيزراني مثل هذا…
تذكري ، يجب أن تكون كلها متماثلة تمامًا ،
وإلا فلن تكون القياسات دقيقة !
عندها سأفكر فيما إذا كنت سأذهب معك إلى العاصمة أم لا.”
بعد أن أنهى كلامه،
ألقى العجوز المجنون والمستهتر الأنبوب نحو حارسة الظل ،
ثم استدار بحذر ، وهو يمسك بظهره المتألم،
وغطى نفسه بالبطانية، ثم غط في نوم عميق
مع بدء صوت الشخير المنتظم،
بدأت مينغ تشين تتفحص أنبوب الخيزران في يدها بعناية،
ثم فكرت قليلًا،
ثم أخذت الإبرة الحديدية من الطاولة وغادرت المنزل
—————————————-
بعد ثلاثة أيام
حين ظهرت حارسة الظل الشابة مجددًا على عتبة بابه ،
بعدما ظن أنها قد أُحبطت من طلبه الصعب ولن تعود،
بدا وانغ وي مندهشًا حقًا
أخرجت مينغ تشين كيس ممتلئ بأنابيب الخيزران
المصقولة بعناية،
وقدمته للرجل أمامها
أصابعها ملفوفة بالضمادات،
و انسابت منها قطرات صغيرة من الدم
رمشت بعينيها بقوة وتحدثت بصوت مبحوح:
“ مئة… أنبوب شفط ،
الطبيب الإمبراطوري وانغ… أقصد عم وانغ، أرجوك عُدّها .”
كانت رؤيتها ضبابية ،
ولم تكن واثقة تمامًا مما إذا كانت قد صنعت مئة أنبوب
بالضبط ، أم أن العدد قد يكون ثمانية وتسعين
نظر العجوز إلى الأنابيب في يده،
وكاد فكه يسقط من شدة الذهول
بالنسبة له، كان تشكيل أنبوب أو اثنين يستغرق منه على
الأقل نصف ساعة،
لكن خلال بضعة أيام فقط،
تمكنت هذه الحارسة من صنع هذا العدد الكبير…
{ هذه الفتاة… أمرها عجيب حقًا…
بهذا التفاني ، تستحق أن تُدرج ضمن قائمة أفضل عشرة
شباب متميزين }
اقتربت مينغ تشين منه قليلًا ،
خوفًا من أن تفوّت جوابه ولا تراه جيداً ،
وسألته : “ إذن عم وانغ ، هل ستفكر الآن في الذهاب معي
إلى العاصمة ؟”
قبل ثلاثة أيام ، ما إن غادرت مينغ تشين الكوخ،
بحثت عن أخشاب مشابهة للخيزران المستخدم في
النموذج الذي أعطاها إياه
وفي نزل بسيط قريب،
أخرجت خنجرها،
وبدأت في نحت الخشب الصلب بحذر
لم يكن واضح ما إذا كان السبب هو هدوء الليل بالخارج،
أم أنها قد أصبحت غير مدركة لما حولها،
لكن الحارسة الشابة جلست أمام النافذة،
تعمل على ضوء خافت من مصباح الزيت،
بينما معصماها يتحركان بلا توقف
و تحت هذا الضوء الخافت ،
عيناها ، اللتان ظلّتا مفتوحتين لفترة طويلة،
تزدادان احمرار وضبابية
{ ليس بعد }
رمشت بعينيها بقوة،
فقد كانت الأدوية التي أعطتها إياها سونغ شو تشينغ قد
نفذت تمامًا،
واستهلكتها وكأنها تأكل الأرز
{ لا يمكنني الاستسلام قبل أن أعود إلى العاصمة }
عيناها تؤلمانها وتشعر بالحرارة ،
وسقطت منها دموع دون إرادة منها،
مسحتها بسرعة بكتفها
و استمرت مينغ تشين بعناد
كانت رؤيتها، التي أصبحت ضبابية بالفعل،
تبدأ في التشوش،
مما جعل الأمر صعب وهي تستخدم الإبرة الحديدية لصقل
الثقوب الخشبية
كانت الإبرة الحادة تخترق راحتها باستمرار،
تاركة وراءها آثار حمراء دموية واضحة
{ من المعروف أن الأصابع مرتبطة بالقلب ...
لا عجب أنني ، بعد فقداني للإحساس و الخدر ؛
لا أشعر بالألم في أصابعي ،
ولكن قلبي يشعر بألم شديد ..
يان يان في انتظاري ، يجب أن أتعجل }
تقطرت الدماء بشكل ثابت،
مُحدثة صوت إيقاعي في الغرفة الهادئة،
لكن مينغ تشين، سواء فقدت سمعها أم لا،
لم تكن تهتم واستمرت في نحت الخشب
بسبب هذا الجهد المتواصل،
استطاعت تسليم الأشياء التي طلبها وانغ وي في وقت قصير
رأت مينغ تشين أن الشخص أمامها لم يرد،
فكررت الكلام محاولةً إقناعه : “ عم العم وانغ، أرجوك، عد معي إلى العاصمة.”
عندما لم تتلقَ ردًا، حاولت مينغ تشين مجددًا إقناعه، ممسكةً بكتفه بيدها المصابة، على وشك أن تركع، “إن لم نتحرك الآن، فسيكون الأوان قد فات!”
“أنا…”
نظر وانغ وي إلى ملامح الإخلاص على وجه الفتاة الشابة، وتلعثم للحظة قبل أن يتنهد مستسلِمًا، “…حسنًا، أرني السجلات الطبية إذًا؟”
بمجرد أن سمعت مينغ تشين موافقته، سارعت بسحب رزمة من الرسائل من صدرها، ودفعتها بسرعة إلى صدر الرجل وكأنها تخشى أن يغير رأيه.
فتح وانغ وي الرسائل على مضض، وبدأ في قراءتها. لكن مع مرور الوقت، ارتفعت حاجباه أكثر فأكثر، وأصبحت قبضته على الورق مشدودة كما لو كان يحاول اختراقه بنظراته.
بعد لحظات، وضع الأوراق جانبًا وعلى وجهه ملامح صدمة حقيقية، وهتف، “هناك مسافر زمني آخر؟!!!! "
يتبع
Erenyibo: والله حسين انه مثل سونغ ~ وجاي من المستقبل ~
تعليقات: (0) إضافة تعليق