القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch55 | رواية TPSGCBTC اليوري

 Ch55


الخروج من العاصمة والتوجه غربًا، 

كان هواء الليل في الخريف والشتاء لاذع البرودة، 

و تلاعب بعنف بالشال الأسود، 

وانساب بقوة خلف الفارسة في الرياح


على المروج ، انعكست أشعة القمر البيضاء على هيئة 

شخص ممتطٍ صهوة جواده، 

رغم أن الحصان تحته بدا مرهق بعض الشيء، 

إلا أن الفارسة فوقه لم تتردد في مواصلة دفعه للأمام


همست مينغ تشين بنبرة مهدئة : “ حصاني الجيد ، اصبر قليلًا بعد ، 

نحن على وشك الوصول إلى محطة البريد ، 

وهناك يمكنك أن تستريح ،”


مرّت أربعة أيام منذ مغادرتها العاصمة، 

وكان هذا بالفعل الحصان السابع الذي تستبدله، 


لم تجرؤ الفتاة على التراخي للحظة، 

خشية أن يغلبها النعاس وتسقط عن ظهر الحصان، 

لذا ربطت نفسها بإحكام إلى السرج بحزام جلدي


أخرجت كعكة أرز مجففة وبدأت تمضغها على مضض، 


في الماضي، حتى لو كان الخبز الأبيض بلا حشوة، 

كانت تجد فيه بعض الحلاوة، 


أما الآن، فقد اختفى أي طعم من لسانها، 

و لم تعد تفعل سوى المضغ والبلع، 

مدفوعةً بغريزة البقاء لا غير


هذا الإحساس غريب عليها، 

لكنه لم يثر في نفسها أي قلق أو خوف


حتى مع انطفاء الأصوات من عالمها تمامًا ، 

أو فقدان الطعام لنكهته ، 

لم تهتز عزيمتها قيد أنملة


قبل مغادرتها العاصمة ، دخلت مينغ تشين للمرة الأخيرة 

إلى غرفة مورونغ يان ، 

متأملةً بهدوء الفتاة المستلقية على السرير


ارتفاع صدر مورونغ يان وهبوطه كان دليل على أنها لا تزال 

على قيد الحياة ، 

مما جعلها تبدو وكأنها نائمة فحسب


و برفق ، رتّبت مينغ تشين الخصلات المتناثرة على جبينها، 

ثم جلست على ركبة واحدة بجانب السرير، 

ورفعت كُمَّها لتضع مرطب الشفاه على شفتيها بعناية


بتفانٍ ، بكبح لجموح مشاعرها


حدّقت الحارسة الشابة في ملامح مورونغ يان، 

ساعيةً إلى نقش صورتها في قلبها كما لو أنها تحفرها 

بمكواة حامية ، 

بعمق كافٍ كي تتمكن ، حتى لو لم ترَها مجددًا ، 

من استدعاء تلك الصورة من أعماق ذاكرتها ، 

لترسمها في ذهنها بسهولة


{ يان يان …


قريبًا، سيكون كل شيء على ما يرام ……


عليكِ فقط الانتظار قليلًا بعد


لكن أيضًا ، لا تنتظريني ….


حين تستيقظين، أتمنى أن أراكِ حرةً ومشرقةً تحت أشعة الشمس، 

كأغصان متسلقة تمتد بجموح ، 


كزهور تتفتح بعنفوان


وحينها ، سيرى الجميع جمالكِ مجددًا


سيرونه حتمًا 


سيرونه حتمًا …


أنا واثقة من ذلك ، لأنكِ يا يان يان… مثالية للغاية 


أنتِ، بكل سحركِ ، وكسلكِ ، وبريقكِ ، 

أرجوكِ لا تدعي اللصوص يسرقونكِ مجددًا ، 

لأنني هذه المرة… لن أكون هناك 


وإن صادف أن وُجد شخص يعرف كيف يقدّركِ ، يعشقكِ ، 

ويخضع لكِ تمامًا كما فعلتُ أنا…


حتى ولو كنتُ تحت الينابيع التسعة ، 

سأظل أصلي ليلًا ونهارًا للسماء ، 

آملةً أن تعيشي مع ذلك الشخص بقية حياتكِ في سعادة }


شعرت فجأة بألم خافت في صدرها


و شعور غريب ، انتابها رغبة في إفساد أحمر الشفاه الذي وضعته للتو


ضحكت مينغ تشين بخفوت ، 


و وجدت أن هذه الفكرة المفاجئة سخيفة بعض الشيء


لكن في النهاية ، لم تفعل شيئ

و اكتفت بإلقاء نظرة طويلة وعميقة ثم استدارت بحزم، 

ورحلت بصمت …



عندما وصلت مينغ تشين إلى جينغتشو، 

مغبرة ومرهقة من السفر، 

كان أول ما فعلته هو التوجه إلى النزل الذي افترقت فيه 

عن وانغ وي آخر مرة


وبعد استفسارها من الموظفين، 

وكما توقعت، 

لم يتذكر أحد شيئ بسبب مرور وقت طويل


لكنها لم تشعر بالإحباط، 

فقد كانت مستعدة لهذا الاحتمال


كانت تعرف أن الأمر مجرد مسألة وقت، 

فطالما سألت عدد كافي من الأشخاص، 

فلا بد أن تجد خيط يقودها إليه


بدأت من ذلك النزل كنقطة مركزية، 

وبمجرد أن بدأت الشمس تبزغ بالكاد، 

شرعت في طرق الأبواب واحد تلو الآخر، 

تستفسر من الجميع


حتى عندما يحل الليل، لم تتوقف، 

واصلت في التجول في الأزقة المهجورة، 

تبحث بلا كلل أو ملل


ومع ذلك، لم تأتِ جهودها بأي نتيجة بعد


عندما مرّت مينغ تشين بساحة المسؤولين التجار، 

لم يكن الخدم في الداخل، 


مهما كانت لباقتها، لم يعيرونها اهتمام ، 

بل يطردونها بلا مبالاة كما لو أنها متسولة


أما في المنازل الفقيرة والصغيرة ، 

فكان السكان ينظرون إليها بحذر ، 

غير راغبين في الاستماع أكثر، ويرفضونها مباشرةً


لكن لم يكن لدى مينغ تشين وقت لتشعر بالإحباط


على مدار ستة أيام، 

واصلت البحث بلا كلل، 

مع توسيع نطاق بحثها يومًا بعد يوم


“ عذرًا، سيدي، هل رأيت طبيب يُدعى وانغ؟ 

يبلغ طوله نحو سبعة أقدام ، في أوج شبابه ، 

ويتحدث الماندرين.”


اليوم، وكما هو حالها طوال الأيام السابقة، 

طرقت مينغ تشين باب قصر فاخر، 

لكن الحارس بدا شرس ، 

وصاح فيها بغضب يأمرها بالمغادرة


عبثت بشعرها بتفكير ثم استدارت ، 

لكنها فجأة شعرت أن رؤيتها تصبح ضبابية، 


كما لو أن طبقة من الضباب الكثيف حجبت كل الضوء من حولها


{ يا إلهي !


هذا ليس جيدًا }


و على الفور ، أخرجت مينغ تشين الجرة الخشبية من جيبها، 

وأخذت كمية من الحبوب، 

مضغتها بسرعة ثم ابتلعتها


لكن ذلك لم يجدِي نفعًا


بقيت رؤيتها ضعيفة ومشوّشة


رمشت بعينيها بقوة وضغطت على جسر أنفها


على الرغم من أن الضبابية لم تختفِي تمامًا ، 

إلا أنها تحسنت قليلًا


وبينما تستعد للانتقال إلى المنزل التالي، 

شعرت بشيء يشدّ طرف ردائها 


: “ أختي، أختي "


نظرت إلى الأسفل، 

فرأت طفلة صغيرة، لا تتجاوز السابعة من عمرها، 

ترتدي ملابس رثة للغاية


تراقب مينغ تشين لفترة، مترددة، 

ثم حشدت شجاعتها وسألت : “ أنتِ تبحثين عن العم وانغ، أليس كذلك؟”


انخفضت مينغ تشين على ركبتيها وسألت بصبر : 

“ طفلتي العزيزة هل العم وانغ الذي تتحدثين عنه طبيب؟”


أمالت الفتاة الصغيرة رأسها بتفكير، 

ثم قالت، “على الرغم من أن الآخرين يقولون دائمًا إن العم 

وانغ رجل عجوز مجنون ويطلبون مني ألا أصدقه، 

إلا أن العم وانغ شفى مرض أخي ، 

لذا أعتقد أنه لا بد أن يكون طبيب .”


عند سماع كلمات الفتاة، 

شعرت مينغ تشين وكأنها وجدت بصيص أمل ، 

فسألتها بحماس : “ إذن، هل يمكنكِ أخذي إليه ؟ 

أريد أيضًا أن أطلب منه مساعدة شخص مريض .”


: “ لكن…” بدا أن الفتاة مترددة بشأن أمر ما


رؤية الحيرة في وجه الصغيرة، 

أخرجت مينغ تشين سلسلتين من العملات النحاسية 

ووضعتهما في يدها، 

قائلة بصدق : “ الشخص المريض مهم جدًا بالنسبة لي، 

أرجوكِ.”


حدّقت الطفلة في العملات النحاسية بين يديها ، 

ثم رفعت رأسها لتنظر إلى الفتاة ذات النظرة الصادقة ، 

وأومأت أخيرًا برأسها، 

ثم قادت مينغ تشين بعيدًا عن السوق المزدحم


لم تكن خطوات الطفلة بطيئة، 

بل تتنقل بمهارة بين الأزقة المنعزلة والشوارع الضيقة، 

تنعطف يمينًا ويسارًا بحرفية جعلت مينغ تشين، رغم 

ذاكرتها القوية، تشعر ببعض الضياع


بعد مدة غير معلومة، 

توقفت الاثنتان عند سفح تل


المكان شبه خالي من السكان، 

ولم يكن هناك سوى منزل خشبي مائل ومنعزل في المسافة


نظرت الفتاة الصغيرة إلى المكان باشمئزاز، 

ثم أفلتت كمّ مينغ تشين وأشارت إلى الكوخ الصغير : 

“ العم وانغ يعيش هناك .”


رأت مينغ تشين تعبير الفتاة الغريب، 

فسألت بفضول : “ ما الأمر ؟”


غطّت الطفلة أنفها بيدها وهي تتلوى باشمئزاز : 

“ ألا تشمين ذلك؟

منزل العم وانغ دائمًا تفوح منه روائح غريبة، 

لذا لا يحب أحد الاقتراب منه إلا عند الضرورة . 

إنه كريه جدًا ! 

أختي اذهبي وحدك! سأرحل الآن !”


أخذت مينغ تشين نفسًا عميقًا عبر أنفها، 

لكنها لم تشم شيئ




عرفت السبب ، ولوّحت للطفلة بابتسامة مطمئنة، 

ثم سارت وحدها باتجاه المنزل الخشبي


—- طَق، طَق، طَق


لم يُجِب أحد على الباب


طَق، طَق، طَق ————


طُرِق الباب مرة أخرى


『طَق، طَق، طَق』


عندما طرقت مينغ تشين للمرة الثانية والثلاثين، 


فُتِح الباب أخيرًا


: “ قلت لكِ ادخلي بنفسكِ ! 

هل أنتِ صماء أم ماذا ؟ 

لماذا تطرقين الباب ؟” 


رجل عجوز ، يبدو عليه بعض الجنون فتح الباب بوجه متجهم


: “ أنا مشغول بإجراء تجربة ولا أستطيع التفرغ لفتح الباب، 

هل فهمتِ ؟”


كان يرتدي رداء أبيض بتصميم غريب، 

وقفازات بيجية اللون مصنوعة من مادة مجهولة، 

وشعره في حالة فوضى عارمة


لو كانت سونغ شو تشينغ هنا ورأته، 

فربما كانت ستصرخ بلا وعي ' اللعنة، هذا العجوز يشبه 

أينشتاين تمامًا ! ' 


الرجل العجوز الذي كان أقصر قليلًا من مينغ تشين، 

رفع رأسه ونظر إلى الزائرة، 

ثم صاح بدهشة : “ هااااه ؟ 

كنت أتساءل من يكون .

ألستِ أنت حارسة الظل ' شياو مينغ ' ؟”


( الشابة مينغ ) 


نظر وانغ وي إلى مينغ تشين، التي لم يرها منذ زمن طويل، 

وأصبح مظهرها الآن متعب مع ندوب دقيقة على وجهها، 

ولم يستطع إلا أن يعلّق ساخرًا 


: “ حقًا كونكِ حارسة ظل مهنة خطيرة . 

من السهل جدًا أن تصابي ، لا يوجد تأمين صحي ولا ضمان 

اجتماعي، وربما حتى لا معاش تقاعدي "


ردّت مينغ تشين بأدب ، 

وهي تراقب شفتي وانغ وي تتحركان : 

“ عندما يصل حراس الظل إلى سن معينة ولا يزالون على 

قيد الحياة ، يمكنهم الحصول على معاش والتقاعد .

لم أسمع جيدًا في البداية ، وفاتني ردك على الباب ، أعتذر .”


تمتم وانغ وي وهو يخلع قفازيه، 

محدقًا في حارسة الظل التي يشعر ببعض الود تجاهها : 

“ ويقولون إنها ليست وظيفة عالية الخطورة .

يمكنكِ حتى الحصول على شهادة إعاقة ومع ذلك لا يزال 

عليكِ العمل، هذا استغلال ! 

لو كنتُ مكانكِ، لاحتججت بالتأكيد .”

ثم سألها : “ ما الذي يجلب الحارسة الظل شياومينغ إليّ؟”


: “ الطبيب الإمبراطوري وانغ، أحتاج مساعدتك. 

هناك شخص في العاصمة قد تسمم ويحتاج إلى رعايتك…” 

لم تكمل مينغ تشين حديثها حتى قاطعها الرجل العجوز فجأة


شحب وجه وانغ وي ولوّح بيديه بذعر ، 

محاولًا دفع مينغ تشين للخارج بسرعة : 

“ لا، لا، لا… رجاءً ، لا تناديني بالطبيب الإمبراطوري وانغ !

ولا تجبريني على الذهاب إلى العاصمة ، 

حتى الكلاب لن تذهب إلى ذلك المكان القذر !”


في حالة من الذعر ، تشبثت مينغ تشين بإطار الباب، 

تقاوم بقوة وهي تشرح : “ الطبيب… أقصد العم وانغ، 

إنها مسألة حياة أو موت حقًا. 

أنت الوحيد القادر على المساعدة . 

أرجوك، أتوسل إليك !”


بسرعة، تسللت مينغ تشين إلى الداخل قبل أن يُغلق الباب، 

وركعت بصوت مكتوم في المدخل الضيق


المكان الصغير مكدس بالقوارير والجرار، 

مليئ بأنواع مختلفة من الأعشاب المشبوهة


بالكاد وجدت مينغ تشين مساحة بحجم كف اليد لتركع عليها، 

وظلت راكعة تتوسل بثبات


عقد وانغ وي ذراعيه ونفخ خصلة شعر عن وجهه بانزعاج : 

“ همف، معهد الطب الإمبراطوري مليء بأولئك العجائز 

الذين على وشك دخول قبورهم . 

لا يسمحون لي بدراسة هذا ، ولا يسمحون لي بدراسة ذاك . 

أليسوا رائعين ؟ 

والآن لا يزالون يأتون للتوسل إليّ " 

ثم قال بتأكيد : “ أنا ! لن ! أذهب !”


توسلت مينغ تشين بإخلاص ، صوتها يختنق قليلًا : 

“ العم وانغ ، أرجوك ، لم يعد لديّ وقت !

ذلك السم معقد للغاية ، الجميع في معهد الطب 

الإمبراطوري عاجزون تمامًا، 

ويقولون إنك الوحيد الذي قد يكون لديه طريقة لإنقاذها. 

أرجوك عد معي!”


: “ تحاولين إطرائي؟ لا فائدة !”  أدار وانغ وي رأسه بعناد ، 

محاولًا تجاهل مظهر مينغ تشين البائس أمامه، 

وقلبه يتصلب أكثر : “ هم من طردوني، 

و نعتوني بالممارس هرطقي ! 

حفنة من الحفريات العفنة ، يجهلون العلم ، 

حفريات عفنة ! والآن يريدون إعادتي .”


( Erenyibo: هرطقي = غريب أطوار ) 



وانغ وي بنفاذ صبر وهو ينفث بغضب : 

“ أقول لك، لا مجال لذلك !”


حاولت الفتاة الجاثية على الأرض السجود، 

لكن الفوضى من حولها منعتها، 

فلم تستطع سوى الاستمرار في التوسل بنبرة يائسة : 

“ العم وانغ…

العم وانغ مينغ تشين تتوسل إليك .”


مدّت يدها محاولة إيقاف الرجل عن الاستدارة والابتعاد


: “ أنتِ… غير مسموح لكِ بالدخول ، 

لدي تجارب يجب أن أجريها ، فقط ارحلي .” تصلب قلب 

الرجل العجوز العنيد أكثر ، 

رافضًا الالتفات ، 

ثم استدار وعاد إلى مكان تجاربه ، 

تاركًا الفتاة راكعة وحدها في المدخل ….


يتبع


Erenyibo: كلمة ' هرطقي ' يعني مخلوق غير عادي 

أو كائن يتحدى قوانين الطبيعة أو خارج عن المألوف ، 

و تم وصفه بهذه الطريقة لأن أفعاله أو طبيعته تتناقض مع 

النظام أو القوانين الطبيعية في العالم


يعني مثلاً : اذا شفنا شيء خارق عن الطبيعة نقول عنه :

هذا جني ~ شيء مو طبيعي


الاجانب يقولون هرطقي 

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي