Ch57
مينغ تشين : “ نهر؟ أي نهر؟”
لوّح وانغ وي بيده بانزعاج : “ أوه ، بحق الجحيم !! ...”
ثم واجه مينغ تشين مباشرةً ونطق الكلمات بوضوح :
“ ليس نهر ، بل ارتداء ، كما في الانتقال عبر الزمن ، الارتداء !”
( ارتداء = مسافر زمني )
( نفس النطق بالصيني ' 穿越 ' – ' تشوان يوي ' )
: “ ارتداء؟” بدا على مينغ تشين الحيرة،
غير متأكدة مما إذا قد قرأت حركة شفتيه بشكل صحيح
: “ نعم ، ارتداء !” لوّح وانغ وي بالورقة في يده بحركة مبالغ
فيها وقال : “ انظري إلى هذا التنسيق الحديث ،
هذه البنية الواضحة ، وهذه الاختصارات الدقيقة .
هذا السجل الطبي المتقن أشبه بمعجزة من عصر آخر يا إلهي !”
: “ هذا…” لم يكن لدى مينغ تشين أي فكرة عمّا يهذي به
العجوز الغريب أمامها،
فعبثت بشعرها وقالت : “ هذا السجل كتبته أختي الكبرى،
وهي ترتدي ملابسها بشكل لائق…” { على الأرجح ؟ }
: “ يا للعجب، إما أن أختك الكبرى مسافرة عبر الزمن،
أو أن هذا العصر قد شهد طفرة جينية مذهلة !”
لم يعر وانغ وي أي اهتمام لتعليق مينغ تشين،
بل ظل ممسكًا بالأوراق وهو يرفع رأسه نحو السماء،
متنهّدًا بعمق : “ عبقرية أرسلها القدر !
كنت أظن أنني سأقضي حياتي في الدراسة دون أن يجد
علمي وريث ،
تمامًا كما لو أن شيرلوك هولمز فقد واطسون ،
أو هاري بوتر بلا رون ويزلي.
كنت أعلم أن السماء أرسلتني إلى هنا لإنجاز أمر عظيم ! ،
وهذه الفتاة الشابة ، أنا حقًا…”
لم ترغب مينغ تشين في مقاطعته وهو غارق في حماسه،
لكنها لم تستطع منع نفسها من السؤال : “ الطبيب
الامبراطوري … أقصد العم وانغ، لا تتحمس كثيرًا.
بالنظر إلى هذا السجل الطبي، هل تعتقد أنك تستطيع علاجه ؟”
اتسعت عينا وانغ وي وهو ينظر إلى مينغ تشين :
“ آييييه هذا أمر تافه ،
هل هناك مرض يصعب على عبقري متجاوز للعصور مثلي علاجه ؟”
ثم أجاب على سؤاله بنفسه : “ لا ! لا يوجد مرض يقف عقبة
أمام العبقري العظيم وانغ وي !”
وبعد أن قال ذلك ، اندفع إلى الداخل بسرعة،
وأمسك بحقيبة وبدأ بحشو جميع القوارير والجرار المبعثرة
على الطاولة بداخلها بلا أي ترتيب
ثم التقط بضعة صناديق أدوات كانت موضوعة بجانب السرير
ودون أي اكتراث لأطفاله ' الأحباء ' وضع قبعة على رأسه
وخرج مباشرةً من الباب
ترك مينغ تشين خلفه ،
فهرولت للحاق به وهي تسأله بقلق :
“ العم وانغ، العم وانغ، إلى أين أنت ذاهب؟”
: “ أليس واضحًا؟” استدار وانغ وي وألقى كل ما يحمله نحو
مينغ تشين، ثم قال بحماس : “ بالتأكيد سأتوجه إلى
العاصمة لأخذ تلميذ !
كلما كان ذلك أسرع ، كان أفضل !”
⸻—————————
لم يحلّ الشتاء تمامًا بعد ،
لكن يمكن للمرء أن يرى بخار أنفاسه يتصاعد بخفّة في الهواء
داخل قصر تشانغنينغ،
أُشعلت التدفئة الأرضية ،
ناشرةً دفئ مريح في الأرجاء
وعلى الأرض ، تثاءب نمرٌ كسلان ، وقد شبع لتوّه
وقفت سونغ شو تشينغ بمفردها بجانب السرير،
تضع كامل تركيزها على قياس نبض المرأة المستلقية عليه
كان النبض بالكاد مستقر ،
لكن مع اقتراب انتهاء المهلة المحددة بشهر ،
أخذ يضعف تدريجيًا ،
مشيرًا إلى أن حياة مورونغ يان بدأت تتلاشى ببطء
تنهدت سونغ شو تشينغ بصمت ،
ثم حولت انتباهها إلى تدليك العضلات المتصلبة للمرأة
التي لم تتحرك منذ وقت طويل،
بينما أفكارها تتشتت
{ هل ستعود تشين تشين يومًا ؟
لا بد أنها أنهت الدواء الذي أعطيتها إياه بالفعل…
ربما كان عليّ مرافقتها إلى جينغتشو …. }
لكن أفكارها المتشابكة قطعتها زئير خافت من النمر ،
الذي انتصب واقفًا في حذر ،
محدّقًا نحو الباب المغلق ، بينما ذيله يلوّح في الهواء كالسوط
و بعد لحظات ، فُتح الباب ،
و الداخل هو الإمبراطور الصاعد حديثًا ، مورونغ وان ،
الذي لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره ،
وقد جاء بلا أي مرافقين
أسرعت سونغ شو تشينغ بالانحناء احترامًا وركعت ،
قائلة : “ تحيّاتي لجلالتك”
ثم قامت بربتة مطمئنة على رأس النمر
وبدوره ، تراجع النمر المطيع ،
وبعد أن أدرك أن القادم ليس بغريب ،
أعاد أنيابه الحادة إلى مكانها ،
ثم جلس بكسل من جديد
أشار مورونغ وان بيده : “ يمكنك النهوض .”
وعلى الرغم من صغر سنّه ،
إلا أن ملامحه الطفولية اكتست للحظة بجلال الإمبراطور
وهو يقف مرتديًا ثوبه الأصفر
ثم سأل بقلق : “ كيف حال الأميرة تشونغ ون؟”
أجابت سونغ شو تشينغ باحترام ،
لكن بصوت مبحوح بعض الشيء : “ لقد بذلتُ وجميع
أطباء المعهد الطبي الإمبراطوري ، كل ما بوسعنا…
لكن بالكاد نستطيع الحفاظ على استقرار حالتها .”
عبس الامبراطور مورونغ وان حاجبيه في قلق، وسأل :
“ وماذا عن مينغ تشين ؟
سمعت أنها ذهبت إلى جينغتشو بحثًا عن علاج .
هل هي بخير ؟
هل لديكِ أي أخبار عنها ؟”
هزّت سونغ شو تشينغ رأسها،
لكنها انحنت قليلًا وقالت : “ لم تصلني أي أخبار عن وضع
مينغ تشين بعد جلالتك .”
: “ هكذا إذًا…”
ظهر أثر خيبة الأمل على وجه الإمبراطور الصغير وهو يتقدم
لينظر إلى مورونغ يان، المستلقية بسلام وعينيها مغلقتين
كأنها نائمة
ثم استدار نحو سونغ شو تشينغ وقال :
“ إذا احتجتِ إلى أي أعشاب طبية أو إلى الفضة،
أخبريني فقط.
طالما أن هناك فرصة لعلاج الأميرة،
سأساعد بكل ما أستطيع .”
لم يمكث الإمبراطور الصغير طويلًا،
فبعد انشغاله ببضع أمور، همّ بالمغادرة ،
لكنه همس لمورونغ يان قبل أن يرحل : “ أختي الأميرة،
استيقظي قريبًا من فضلك.
عندما يحين الوقت، سأوكل إليكِ شخصيًا أمر معاقبة ولي
العهد المعزول ، لذا عليكِ أن تتعافي بسرعة .”
{ الأميرة تشونغ ون أنتِ الشخص الأهم بالنسبة لمينغ
تشين ، لا بد أن تتعافي جيدًا }
رافقت سونغ شو تشينغ الإمبراطور عائدة إلى دار الكتب
الإمبراطورية،
ثم غادرت حاملةً صندوق الأدوية معها
⸻———
في الليل ،
لم تستطع سونغ شو تشينغ النوم ،
حملت جرة خمر وجلست وحيدة على جدار القصر
الشاهق ، تحتسي الشراب بهدوء
لطالما كانت هكذا في الأيام الماضية ،
تجلس في هذا المكان العالي ،
على أمل أن تلمح من بعيد أختها الصغرى العنيدة التي
اشتاقت إليها كثيرًا
الهواء البارد يلفح جسدها،
لكنها اكتفت بأخذ جرعة كبيرة من الخمر الدافئ،
مستمرة في انتظارها الصامت تحت السماء الليلية
{ آهههخ … كم أود العودة إلى شو }
رغم أنها دائمًا ما تجد نفسها تشكو من الملل القاتل في
دار الشاي ، إلا أنها تفضّله كثيرًا على الحياة المزدحمة داخل
القصر ،
تفضّل التحديق بلا هدف عند مدخل المتجر على الانشغال
الدائم هنا
{ أنا ليست مثل الأخ لين يان ، الذي كرس نفسه تمامًا
لمعسكر الحرس السري ،
يخدم البلاد وشعبها بإخلاص
صحيح أن الأخ لين يان يحب الشرب والثرثرة ،
لكنه منذ إصابة المعلم ، أخذ على عاتقه مسؤولية إعادة
تنظيم معسكر الحرس السري،
منشغلًا إلى درجة أنه بالكاد يجد وقت ليشرب كما يفعل من قبل }
أما هي، فلم تكن تحمل أي مشاعر خاصة تجاه البلاد
أو معسكر الحرس السري ،
بل كانت تفضّل أن تعيش بكسل ،
تستمتع بسماع الألحان
{ آهههخ ! فجأة أود سماع تسي يان وهي تعزف على الغوتشين
مر وقت طويل منذ آخر مرة رأيتها فيها …
أتساءل، بعد كل هذا الوقت ، هل ألفت تسي يان مقطوعات
جديدة وجميلة على الغوتشين ؟
كل ما عليّ فعله الآن هو انتظار تشين تشين لتتعافى …
حالما تتحسن ، يمكننا العودة معًا إلى شو… }
رفعت سونغ شو تشينغ رأسها نحو السماء الصافية من الغيوم ،
وشعرت بغرابة وكأن القمر يبدو لامع أكثر من المعتاد الليلة
لا تدري لماذا ، لكنها شعرت أن هذه الليلة كانت أطول من المعتاد
ومع شروق الشمس،
تسللت أولى خيوط الضوء ولامست وجهها
ضيّقت سونغ شو تشينغ عينيها المتعبة وتثاءبت،
ثم التقطت جرة الخمر الموضوعة على السطح وهمّت
بالقفز للأسفل،
لكنها لاحظت ظلّ يمتطي حصان يندفع نحوها بسرعة من
جهة بوابة المدينة التي فُتحت للتو ،
على طول الشارع الهادئ
{ من هذا ؟ مستعجل هكذا …
ألا يعرف أن هناك حدًا للسرعة عند ركوب الخيل في
الشوارع؟
هيه أين حدّك للسرعة !
يظن أنه لن يُلاحظ في وضح النهار ؟
يا له من ساذج
سيُغرَّم بالتأكيد ، آه، مسكين… }
كانت سونغ شو تشينغ على وشك الاستمتاع بالمشهد الكارثي
عندها توقفت فجأة
لحظظظة …
ذلك الرداء المألوف …
تلك الهيئة المألوفة ،
و تحمل عجوز على ظهرها، وتندفع ببطولة …
أليست هذه تشين تشين ؟!
هل عادت تشين تشين حقًا خلال شهر واحد ؟! }
صُدمت لدرجة أنها كادت تنزلق عن السطح،
فألقت جرة الخمر جانبًا ، وقفزت بسرعة نحو بوابة القصر
أظهرت هويتها على عجل للحراس المناوبين،
وما إن غادرت القصر حتى رأت — الغبار المتطاير خلف
الحصان الهائج الذي يندفع مباشرةً نحوها وكأنه فقد السيطرة
توتر الجنود من حولها،
ورفعوا رماحهم،
مستعدين لغرزها في الحصان الجامح الذي اقترب أكثر فأكثر
: “ تشين تشين ! أوقفي الحصان ، أوقفيه !”
لكن مينغ تشين ظلّت منحنية على ظهر الحصان،
ينساب ردائها الأسود خلفها ،
ونصف وجهها مخفي تحت خصلات شعرها الطويلة التي حجبت عينيها
متشبثة بقوة بجانب الحصان،
دون أن تبدي أي استجابة
وانغ وي : “ يا فتاة الحرس السري ، يا مينغ ! سنصطدم ،
سنرتطم بالجدار !”
العجوز الذي تحمله مينغ تشين، والذي رأى جدار القصر
يقترب بسرعة مخيفة ،
ربت على الشخص الصامت وصرخ : “ لم أحقق بعد أعظم
إنجازاتي في الحياة ،
لا أريد أن أموت يااااااه !!!”
رؤية مينغ تشين تواصل اندفاعها دون حراك
جعلت قلب سونغ شو تشينغ يغرق
{ هل يعقل أن… }
( خمنّت إنه مينغ تشين فقدت حاسة البصر )
وقفت على أطراف أصابعها ثم اندفعت سونغ شو تشينغ بخفة،
و جسدها الرشيق يتمايل كنسمة رياح
وما إن مرّت بجانب الحصان حتى أدارت معصمها
وأمسكت بالسّرج ،
وسحبت العجوز المذعور من على ظهر الجواد برشاقة
ثم، وهي تحبس أنفاسها، قلبت جسدها وقفزت إلى الخلف
في لحظة ، وجدت نفسها جالسة خلف الفارسة،
وذراعاها تمتدان للأمام لتحيطا بمينغ تشين،
تمسك باللجام وتشده بقوة
ارتفع الحصان الهائج على قائميه الأماميتين،
وكاد أن يطيح براكبيه عن ظهره
قبضت سونغ شو تشينغ على اللجام بإحكام،
في حين أسندت مينغ تشين المتيبسة بجسدها،
شاعرة بألم ممزق في عضلات ذراعيها،
لكنها عضت على شفتيها وتحملت
لم تُخرج أنفاسها المحتبسة إلا عندما شعرت بالحصان
المجنون يهبط بثقل على الأرض،
ثم وقف بلا حراك، يلهث بأنفاس متقطعة
عندها فقط ، قفزت عنه وسارعت بالنزول
ما إن اقتربت الفارسة من بوابة المدينة،
متجاوزة حاجز الأربعين إلى الخمسين قدمًا
حتى أطلقت سونغ شو تشينغ، مع الحراس القائمين على
البوابة، تنهيدة ارتياح جماعية
“ آنسة ! آنسة !”
ركض وانغ وي نحو سونغ شو تشينغ وهو ينوح،
والدموع تغمر وجهه،
بينما تهدئ الحصان : “ أنتِ مُنقذتي، آنسة… بلييييرغ،
بلييييرغ.” ( صوت تقيؤ )
جلس العجوز القصير منهارًا،
متشبثًا بساق سونغ شو تشينغ،
وبدأ في النحيب بصوت عالي : “ ظننت أنني سأموت!
طوال الأيام الماضية، لم تدعني آكل أو أنام،
حتى بعد التبول لم يكن لدي وقت لرفع سروالي ثم تسحبني
وتهرول بي مجددًا !
كما أنني أصبت بدوار الحركة…
بلييييرغ، بلييييرغ.
شعرت أنني في قطار ملاهي … بلييييرغ، بلييييرغ،
لقد تجاوزت العمر المناسب لهذه الأمور !
كنت على شفا الموت ، أنتِ حقًا منقذتي !”
كافحت سونغ شو تشينغ لتتحرر ، صارخة :
“ اترك ساقي!
عن أي هراء تتحدث… انتظر ، قطار ملاهي ؟”
حدقت بارتياب في العجوز،
الذي كان على وشك استخدام كمّها لمسح أنفه،
ثم قالت فجأة : “ أنا أحب شرب الكوكاكولا "
وانغ وي الذي كان يبكي ، رفع رأسه ونظر إليها بوجه متجعد
وعلامات اشمئزاز ظاهرة : “ عديمة الذوق… بلييييرغ،
البيبسي أفضل بوضوح .”
في تلك اللحظة ، تجمد كلاهما،
يحدقان في بعضهما البعض بصدمة — واحد واقف ، والآخر جالس
لكن قبل أن يتسنّى لهما الشروع في مشهد ' عندما يلتقي
أبناء الوطن ، تفيض العيون بالدموع '
دوّى صوت سقوط مفاجئ — مينغ تشين ، التي لم تعد
قادرة على التماسك،
تمايلت ثم سقطت عن ظهر الحصان
“ تشين تشين! تشين تشين!”
غير مكترثة بالعجوز الممسك بساقها،
تخلصت سونغ شو تشينغ منه
واندفعت نحو تشين الملقاة على الأرض
“تشين تشين! تشين تشين، استيقظي!”
لكن للأسف، لم يكن هناك أي استجابة من مينغ تشين
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق