Ch4 | IDNWTAM
الشهر الثاني عشر من السنة القمرية ،
في وقت متأخر من الليل ،
الرياح قارسة البرودة ،
والقمر الكامل معلّق فوق قمم الأشجار،
يلقي صقيع أبيض كئيب
عندما اقترب يانغ هي، بدا أن الطفل جي ياو استعاد وعيه،
فارتعد خوفًا وسقط أرضًا،
وتراجع للخلف بلا توقف
نظر إليه يانغ هي بعينين مغمضتين قليلًا دون أن ينبس بكلمة
الجو خانق وبارد
سحب جي ياو نظره سريعًا،
وكأنه لم يجد مهرب ، وبدت ملامحه شاحبة
وبعد وقت طويل ، سمع يانغ هي صوت جي ياو المرتجف
يقول:
“ أنا… أنا لم أرى شيئ .”
لم يُجب يانغ هي
ظهر جي ياو ملتصق بجدار صخري،
لا مجال للتراجع
رفع رأسه ونظر إلى وجه يانغ هي،
الذي كان مظلم لا تُرى ملامحه بوضوح
تشبّث بزاوية رداءه ، وقال بصوت يكاد يكون بكاء ،
صوت رقيق وضعيف كأنه سيتلاشى :
“… غونغ غونغ ( أيها الخصي ) ، لن أُخبر أحد .
أرجوك، لا—لا تقتلني ”
ابتسم يانغ هي ابتسامة خفيفة وقال بنبرة خافته :
“ ما الذي تقوله أيها الأمير ؟
مقامك رفيع ، كيف أجرؤ على الإساءة إليك ؟”
ثم انحنى وأمسك بمعصم جي ياو
ارتجف جي ياو ، لكن يانغ هي فكّ أصابعه المتشنجة بهدوء
كانت بشرة يانغ هي بيضاء،
وأصابعه رقيقة وناعمة،
رغم تعرضها للماء البارد،
إلا أنها بقيت جميلة،
لا تشبه أبدًا يديّ شخص قتل أحدهم للتو
قال يانغ هي برقة :
“ الأرض باردة سموك قم من فضلك .”
وبعد لحظة ، أمسك جي ياو بيده ونهض
لم يُفلت يانغ هي يد جي ياو ،
بل أمسك بها وسار به كأن شيئ لم يحدث ،
وسأله:
“ما الذي جاء بسموك إلى هنا في منتصف الليل ؟”
وكأن الجميع قد نسي ما حدث قبل قليل
جي ياو يسير خلفه عن قرب،
صغير لا يصل طوله إلى كتفي يانغ هي
قال بصوت ضعيف كصوت البعوض:
“ أنا… كنت جائع لدرجة أنني لم أستطع النوم .
أردت الخروج للبحث عن شيء آكله .”
سأله يانغ هي وهو يعلم الجواب:
“ وأين هي السيدة ؟
لماذا لم تطلب من وصيفات القصر طعام إذا كنت جائع ؟”
عَضَّ جي ياو شفته ولم يُجب
يانغ هي:
“ إذًا سأذهب لأحضر شيئ يأكله سمو الأمير ”
رفع جي ياو عينيه
رأى الخصي الشاب نحيف ، بعنق أبيض رقيق
بدا وكأنه قد ينكسر من لمسة ،
فسأل بصوت خافت :
“ حقًا ؟”
توقف يانغ هي وسار مبتعدًا ،
وقد بدأت الحراسة الليلية تزداد في الخارج ،
فقال:
“يا صاحب السمو، أرجو أن تنتظر هنا قليلاً،
سأعود بالطعام.”
أمسك جي ياو بأصابع يانغ بشدة،
ورفع عينيه مثل طفل تائه وخائف ، وقال:
“هل… هل سيعود غونغغونغ ؟”
نظر إليه يانغ هي وهو يرى أصابعه المتشبثة ،
ثم ابتسم وقال:
“ نعم .”
عندها فقط أفلت جي ياو يده ،
وظل يراقب ذلك الجسد النحيف يبتعد شيئًا فشيئًا حتى
اختفى في الظلام
ثم مد يده اليمنى ببطء،
وفي كفّه قطعة حديدية رقيقة وحادة الحواف — شظية
قد أخفاها عند كسره لفانوس القصر
لقد رأى بالصدفة يانغ هي وهو يُخفي الجثة
صحيح أنه لم يكن يستطيع النوم ،
وصحيح أيضًا أنه كان جائع ،
فقد خرج يتسلل في الليل ،
ولم يكن يتوقع أن يلتقي يانغ هي
لقد راقب يانغ هي وهو يُغرق الجثة دون أن تتغير ملامحه
{ القتل أمر مرعب ، وإن أراد يانغ هي إسكاتي … }
جي ياو رأى تعبير وجه يانغ أثناء القتل —
{ ذلك الهدوء المخيف ...
يداه جميلة للغاية ، يُمسك بعنق الضحية المتلوّي ،
و يتطاير الماء من حوله ،
فبدت بشرته نقية وصافية كالياقوت النادر …..
بل إنه أجمل حتى من دبوس الشعر اليشمي الذي كانت والدته تعتز به …
للأسف ، ذلك الدبوس اليشمي تحطّم إلى قطع صغيرة
عندما جُنّت والدتي }
المكان ساكن ، لا أحد بالجوار
جلس جي ياو دون اكتراث،
يختبئ في ظلال الأشجار المتمايلة
وكأنه يلهو، أرخى قبضته فسقطت الشظية الحديدية على
الأرض، مصدرة صوتًا رنّان
حدّق فيها جي ياو ،
ثم عضّ أصابعه المنحنية لا إراديًا ، وبدأ يضحك… ببطء …
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق