القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch43 | IDNWTAM

 Ch43 | IDNWTAM



يقع قصر جبل هان تشانغ على بُعد عشرات الأميال إلى الغرب من ياندو، 

وهو القصر الصيفي للعائلة الإمبراطورية في يان الجنوبية


وافق يانغ هي في النهاية على طلب جي ياو، 

لكن في قلبه ظلّ يشعر بأنّ الأمر لا يُصدَّق تمامًا


لطالما كان يانغ هي قاسي لا يرحم، 

فكيف يُجازف بنفسه لمجرد بضع كلمات قالها له؟ 

ورغم ذلك، فقد وافق… 

وإن كان قد اشترط على جي ياو أن يذهب معه


وبوجود جي ياو إلى جانبه ، فإن عائلة شيه بالتأكيد ستتحفظ


كان يريد اتخاذ جي ياو كرهينة —- 

وكيف لجي ياو ألّا يفهم ذلك ؟ 


لكنه أمسك بأطراف أصابع يانغ هي برقة ، 

وقبّلها قائلاً :

“ لا يمكنك مفارقتي حقًا أليس كذلك غونغونغ ؟”

ثم أضاف: “ حتى لو لم تقل ذلك ، 

كنتُ سأرافقك على أية حال . 

لا أستطيع أن أتركك .”


ظلّ وجه يانغ هي جامد ، بلا أي تعبير


وبعد يومين ، 

قالت النبيلة الشابة لجلالته أنها لم تعد تحتمل حرّ ياندو ، 

فأشفق عليها ، 

وأصدر أمرًا بإرسالها إلى قصر جبل هان تشانغ لقضاء الصيف ، 

مفوّضًا يانغ هي بترتيب كل شيء


أرسل يانغ هي سِرًّا حرس الظل إلى المزارع الإمبراطورية أولًا ، 

واختار بعناية عدد من نخبة جنود الحرس الإمبراطوري


كانت الترتيبات شاملة ، دقيقة ، وحذرة ، 

دون أن تبلغ حدًّا يثير الشبهات


كان جي ياو يتحدث عن دائرة الخيول الإمبراطورية ،

فمنذ وفاة الخصي الذي كان يحمل ختم تلك الدائرة ، 

سقطوا في يد يانغ هي ،

وهي دائرة تتحكم بثلاثة آلاف من جنود الحرس الإمبراطوري ، 

مما يجعلها ذات شأن كبير


قام يانغ هي بترقية خصي يُدعى سي تشاو من الدائرة نفسها


بارع في فنون القتال، 

ويملك دراية بأساليب المعارك وتكتيكات الجند، 

وقد ظلّ مدفونًا في الظلال لسنوات، 

إلى أن استدعاه يانغ هي من جديد


كان سي تشاو شديد الولاء له، 

وله لمحة من روح ' جيانغهو '


كان هذا الخصي بمثابة نصلٍ حادّ في يد يانغ هي ، 

لا يستخدمه إلا في لحظات الحياة والموت


( جيانغهو = فنون القتال )


وحين أتمّ يانغ هي ترتيباته كافة ، 

وأعاد التفكير فيها مرة أخيرة ليطمئن أنه لم يفته شيء، 

شعر بالراحة أخيرًا


وكما قال جي ياو، فإنّ الصراع بينه وبين العائلات 

الأرستقراطية قد وصل إلى طريق مسدود


جلالته سهل التأثُّر ، وحتى معلم عجوز مثل تشنغ استطاع 

أن يهزّ قراره ، 

فكيف بوجود محظية وابن وليّ للعهد في القصر ؟


لن يمنح لعائلتي تشي وشيويه فرصة للانقلاب 


وإن كانت عائلة شيه تريد استغلال يانغ أداةً للقتل ، 

فبوسعه هو أن يقلب الطاولة عليهم


{ أما جي ياو… جي ياو… }


كل ماتذكره يانغ هي كان يلعنه في سرّه بـ' الفتى الوحش '



قصر جبل هان تشانغ قد بُني منذ وقتٍ طويل، 

مشيّدًا على سفح الجبل، 

بين جبالٍ خضراء ومياهٍ رقراقة، 

تحيط به أزهار وأشجار يانعة، في مشهد مهيب بهيّ


نسائم الجبل تهبّ بين الحين والآخر ، 

ومعها أمطار خفيفة ضبابية… 

لتجعل المكان أبرد بكثير من العاصمة الإمبراطورية


بعد مغادرة أسوار القصر ، 

بدأ الامبراطور جي هوان يتعمق أكثر فأكثر في أحضان الطبيعة ، 

غافلًا عمّا يعصف خلف الستار من اضطرابات في أروقة الحكم


أما يانغ هي، فكان يتأمّله من بعيد، دون سبب واضح، 

لكن صورة جي هوان في حياته السابقة خطرت بباله فجأة


في تلك الحياة ، كان جي هوان يثق به ثقةً عمياء 


قضيا معًا ثلاث عشرة سنة ، إمبراطورًا ووزيرًا 


وعندما مات جي هوان ، قال له بابتسامة باهتة:

“ مباركٌ لك، سأموت الآن ….."


وقف يانغ هي عند حافة سريره ، ولم ينبس ببنت شفة


كان جي هوان مريض منذ وقت طويل، 

وجهه شاحب، وخدّاه غائران ،

تمتم بصوتٍ خافت:

“لم أكن إمبراطور جيدًا ...”


وكأنه كان يبكي ويضحك في نفس الوقت ، 

لكن لمعان مفاجئ لمع في بؤبؤيه المتسعين ، 

فأمسك بيد يانغ هي بشدّة ، وحدّق فيه قائلاً:

“ هي تشي ، أخرج وان وان ، ولين إير من القصر… 

لا يمكن أن يبقيا هنا… 

أرجوك، ساعدني "


أنزل يانغ هي عينيه ، ينظر إلى أصابع جي هوان الهزيلة ، 

التي بدت كأغصان ميتة يابسة ، تتشبث به بتوسُّل


وبعد صمتٍ طويل ، قال أخيرًا :

“ جلالتك… الأمير الصغير هو الإمبراطور الجديد .”


اتّسعت عينا جي هوان ، وحدق فيه بدهشة وصدمة ، 

وفي لحظة ، 

انطفأ النور في عينيه ، وحلّ مكانه خذلانٌ عميق رمادي


قال بصوت مرتجف:

“ هي تشي… حتى أنت ، خدعتني ...”


تلك كانت كلماته الأخيرة


في حياته السابقة ، انتهى أمر يانغ هي إلى الإعدام ، 

رأسه طُرح في ساحة القصاص


لكنه لم يشعر يومًا بالذنب


حتى بعدما عاد إلى هذه الحياة ، 

لم يتوانَى عن استخدام الحيل ذاتها لكسب ثقة جي هوان من جديد


ومع ذلك… في هذه اللحظة بالذات ، 

راوده شرود غريب لم يكن معتاد عليه


يانغ هي لا يشعر بالندم ، ولا بالذنب هكذا هو هذا العالم


من أراد المجد والسلطة ، 

عليه أن يدوس بأقدامه على من تحته ليصعد


وأمّا مَن يدوسهم… فلا يهم


هكذا فكّر ، ومع ذلك ، لم تكن لياليه تنعم بالهدوء


كان يرى أحلام كثيرة عن ماضيه


عن جي هوان المريض ، المحتضر ، 


وعن جي ياو في حياته السابقة ——


جي ياو حينها لم يكن كما هو الآن


رآه يانغ هي مرات معدودة من بعيد ، يحيطون به الحرس والخدم ، 

يرتدي ثياب باهظة فاخرة ، 

لكنه كان نحيل على نحو مروّع ، 

كهيكل عظمي مكسوّ بالحرير ، 

بعينين خاويتين متقلّبتين بين السواد والبياض ، 

يكسوهما الذعر والتردّد… 

نظرات تجعل من يراه يشعر بالاختناق 


كان هذا الماضي يخنقه بصمت ، ينهشه في قلبه ، 

ويحرمه النوم .


ألقى القمر الهلالي ضوءًا فضّيًا على جدول الماء المتماوج، 

وهبّت نسمة الجبل على وجهه المحموم، 

فأفاق قليلًا


لكن، ما لبث أن تململ بغضب ، وتمتم بشتيمة :

“ ابن كلب "


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي