Extra1 | تملك محدود
قصة قو تشاو تشينغ
المقدمة
في يوم زفاف تو يان وقو تشين باي، كان تشي هي حاضرًا. لم يكتفِ بإحضار هدية فاخرة، بل جاء أيضًا بفرقة فتيان من الاستوديو الخاص به لتقديم عرض خلال الحفل.
بمجرد دخول مجموعة المشاهير، أصبحت أجواء حفل الزفاف صاخبة. أحاط العشرات من حراس الأمن بالفندق لمنع الصحفيين والمعجبين من التقاط الصور سرًا.
كان قو تشاو تشينغ يكره هذه البيئة الصاخبة أشد الكره.
بعد أن ساعد قو تشين باي في استقبال الضيوف، فكّ ربطة عنقه وسار إلى مكان أقل ازدحامًا ليلتقط أنفاسه.
بينما كان شاردًا، لمح أوميغا يرتدي ملابس بيضاء وطاقية، يطلّ برأسه بحذر من زاوية ما، متلصصًا نحو الداخل.
راقب قو تشاو تشينغ المشهد ببرود، وهو يراه يمشي نحو أحد الأبواب ويدفعه برفق، محاولًا التسلل بنظره من خلال الفتحة الصغيرة.
كان يتصرف بريبة؛ إن لم يكن مصورًا متطفلًا، فلا بد أنه أحد المعجبين.
تقدم قو تشاو تشينغ نحوه وأمسك بياقة قميصه من الخلف، ثم دفع الباب بيده الأخرى ورماه إلى الداخل. تجمّد الأوميغا في مكانه، بينما اختنق صراخه بحلقه من شدة الفزع، وسقط جالسًا على الأرض وهو يسعل بعنف.
حدّق قو تشاو تشينغ به من علو، مفكرًا بصمت: 'هل جميع الأوميغا بهذه الهشاشة؟'
بعدما انتهى الأوميغا أخيرًا من السعال، رفع رأسه بوجه محمرّ وحدّق في قو تشاو تشينغ بنظرة مستاءة، لكنه جمد في مكانه عندما رأى ملامح الآخر بوضوح.
لم يكن في عينيه أي أثر للخوف، فقط نظرة مستقيمة وثابتة. كانت ملامحه شابة جدًا، وعيناه كبيرتان، مستديرتان وحادتان قليلًا، ولإضافة المزيد من العمق إلى تعبيراته، كان هناك شامة صغيرة عند زاوية عينه.
نادراً ما نظر قو تشاو تشينغ مباشرة في أعين أوميغا بهذه المواصفات، لذلك وجد نفسه فجأة في حالة من الارتباك. رفع يده ليلمس أنفه بتوتر، لكنه سرعان ما استعاد توازنه وعقد حاجبيه قائلاً بصرامة: “لماذا كنتَ تتسلل كالسارق؟”
ثم أخرج هاتفه ليطلب الأمن.
اندفع الأوميغا بسرعة للإمساك بذراعه وإيقافه، “أنا لست لصًا، لقد جئت اليوم لتقديم الأداء.”
قبل أن يتمكن قو تشاو تشينغ من الرد، ملأ أنفه فجأة عبق خوخ كثيف.
لم يكن هذا من معطر الجو في الغرفة.
تجمد كلاهما في مكانه.
أطلق الأوميغا ذراعه بسرعة، ثم لمس مؤخرة رأسه بارتباك قبل أن يسأل، “أين لصقة منع الحرارة خاصتي؟”
لصقة منع الحرارة هي أحد أكثر العقاقير انتشارًا في السوق حاليًا لحجب فيرومونات الأوميغا.
رد قو تشاو تشينغ ببرود: “كيف لي أن أعرف؟”
بدأ الأوميغا يبحث عنها بسرعة. نظر إلى الأرض، ثم إلى الباب، لكنه لم يجدها في أي مكان. وبعد بحث طويل، اكتشف أنها كانت ملتصقة بالفعل على كمّ قو تشاو تشينغ.
عندما رفعه من رقبته قبل قليل، قام دون قصد بنزع لصقته.
حدّق الأوميغا في المشهد بصدمة، ثم امتلأت عيناه بالدموع من الغضب، لكنه لم يستطع الانفجار. كل ما استطاع فعله هو التحديق في قو تشاو تشينغ بعبوس، “كيف يمكنك أن تكون فظًا إلى هذا الحد؟”
شعر قو تشاو تشينغ ببعض الحرج. نظر إلى اللصقة في يد الأوميغا، ثم قال بتردد: “هل يمكنك إعادة استخدامها؟”
“كيف لي أن أستخدمها مجددًا؟ إنها للاستخدام الواحد."
شعر قو تشاو تشينغ ببعض الذنب، لكنه أبقى على مظهره المتعجرف، وقال ببرود: “لماذا تتجول هنا وأنت في فترة الحرارة؟”
رفع الأوميغا رأسه وقطب حاجبيه قائلًا: “لأنني أحتاج إلى العمل، إذا طلب منك رئيسك الصعود على المسرح، هل سترفض فقط لأنك في فترة الحرارة؟”
راودت قو تشاو تشينغ فكرة غريبة: 'ولمَ لا؟'
لكن عبير الخوخ ازداد كثافة، وكأنه يذوب في الهواء وينتشر بسرعة، حلاوته خانقة. احمرّ وجه الأوميغا أكثر فأكثر، وزيّه الطفولي المسرحي جعله يبدو مطيعًا للغاية، وعندما رفع عينيه نحو قو تشاو تشينغ، بدا أكثر ضعفًا ورقة.
شعر قو تشاو تشينغ بوخزة في قلبه، لكنه صرخ في داخله: 'هذا خاطئ!'
يستخدم حرارته لإغرائي؟ هه، لقد رأى مثل هذه الحيل كثيرًا من قبل.
بصفته السيد الشاب لعائلة قو، وبعد سنوات من العمل في الشركة، قابل العديد من الأوميغا والبيتا الذين حاولوا استغلاله، لكن قو تشاو تشينغ كان مستقيمًا ولم يكن له أي علاقة بهؤلاء المتملقين.
شخر ببرود وتحدث ببطء: “لا تظن أنني لا أعرف ما الذي تخطط له. أنا، قو تشاو—”
قبل أن يتمكن من إنهاء جملته، دُفع فجأة خارج الغرفة، وأغلق الأوميغا الباب بسرعة، ثم نادى من الداخل بصوت واضح: “أيها الحارس الشخصي من فضلك هل يمكنك مساعدتي في العثور على لصقات منع الحرارة؟ شكرًا لك!”
”…”
توقفت نصف جملة قو تشاو تشينغ في حلقه، وأشار بإصبعه نحو الباب الخشبي الأحمر، لكنه لم يجد كلمات يصرخ بها.
ماذا يمكنه أن يفعل؟ لم يكن أمامه سوى تحمل هذا الموقف دون اعتراض، والمساعدة في العثور على لصقات منع الحرارة. لحسن الحظ، لم يكن الأمر صعبًا، فاستعار بضع لصقات من مساعده، وسارع عائدًا إلى الباب، وطرق عليه قائلًا: “وجدتها، خذها.”
جاء صوت الأوميغا ضعيفًا قليلًا من الداخل: “سيد حارس، هل يمكنك تمريرها من تحت الباب؟”
شعر قو تشاو تشينغ بلين طفيف في قلبه ولم يجادله. جلس على ركبتيه وانحنى لتمرير اللصقات أسفل الباب، ليتم انتزاعها بسرعة كما لو أن فأرًا كان يسرق طعامًا.
وبينما كان قو تشاو تشينغ ينهض بعد إنهاء هذا العمل الخيري، سمع صوت نقر لسان مستنكر قريبًا منه.
التفت ليجد تو يان واقفًا هناك.
مرتديًا بذلة زفاف فاخرة مصممة خصيصًا، كان تو يان يضع ذراعيه على صدره وينظر إلى قو تشاو تشينغ بنظرة معقدة لا توصف، ثم قال بسخرية: “من كان ليصدق أن شخصًا كرئيس مجموعة هوا شينغ، يمرر بطاقات صغيرة تحت أبواب الفنادق في الخفاء."
”…”
شعر قو تشاو تشينغ بصداع فور رؤية تو يان، ولوّح بيده بضيق: “اليوم يوم سعيد لـقو تشين باي، لن أجادلك.”
اغتبط تو يان بنفسه، وركض مباشرة نحو قو تشين باي، الذي كان يراقب مجريات الزفاف، وألقى بنفسه في حضنه قبل أن يهمس له بسرية: “قو تشين باي، أخوك يمارس الدعارة بالخارج!”
الفصل الأول
كاد شيه تشي ياو أن يموت في هذه الغرفة الغريبة.
مسح دموعه، وضع لصقة منع الحرارة على رقبته، ثم توجه إلى الحمام ليغسل وجهه بالماء البارد. بعد ذلك، شغّل المروحة وانتظر حتى يختفي العطر المنبعث من جسده قبل أن يجرؤ على الخروج.
كان ذلك الحارس الشخصي لا يزال واقفًا بالخارج، وجهه قاتم وكأنه مستاء. تجمّد شيه تشي ياو للحظة عندما رأى ذلك، ولاحظ أن ملامح هذا الحارس تبدو أكثر نبالة ورقي من ملامح الشخص العادي، بعيدة كل البعد عن صورة الحارس الشخصي التقليدي. لكنه كان لا يزال مشوش الذهن بسبب تأثير الفيرومونات الناتجة عن فترة حرارته، فلم يتمكن من التفكير بوضوح للحظة.
كان هذا الرجل ذو الملامح الجامدة وسيمًا جدًا، أكثر وسامة من العديد من الألفا في عالم الترفيه. من حاجبيه الحادّين كالسيف، إلى خط فكه القوي، بدا وكأنه مجسّد تمامًا وفقًا لمعايير شيه تشي ياو. سجل ملامحه في ذاكرته سرًا بينما كانت عيناه تمسحان تفاصيله.
بعد أن استعاد بعض هدوئه، مد يده برفق ووخز ذراع قو تشاو تشينغ، قائلاً بابتسامة خفيفة: “شكرًا لك، حارس-غا.” (هو قاعد يناديه بودي غارد-غا بس حسيته غريب فغيرت)
التفت قو تشاو تشينغ فورًا عندما شعر باللمسة، وعندما رأى الأوميغا قريبًا منه إلى هذا الحد، تراجع على الفور بخطوة إلى الوراء، وكأنه يخشى أن يلتقط منه عبق الفيرومونات الحلوة.
ظن شيه تشي ياو أن الرجل ما زال يشك في هويته، فبادر بشرح موقفه بجدية: “حارس-غا أنا حقًا لست لصًا، اسمي شيه تشي ياو، وأنا فنان وقّع عقدًا مع استوديو السيد تشي هي. جئت اليوم للأداء، كما أنني معجب كبير بتو يان. كنت أريد فقط أن أطلب توقيعه قبل أن يبدأ الزفاف، لكنك أمسكت بي قبل أن أتمكن من العثور عليه…”
لكن قو تشاو تشينغ تجاهل جوهر كلامه، وسأل ببرود: “أنت معجب بـتو يان؟”
“نعم، إنه قدوتي.”
كان قو تشاو تشينغ قد تلقى للتو هزيمة على يد تو يان قبل خمس دقائق فقط. والآن، بعد سماعه لهذا، اشتعل غضبه فجأة، فزمّ حاجبيه وقال بازدراء: “يا لك من أحمق سيء الذوق."
كاد شيه تشي ياو أن يدافع عن مثله الأعلى، لكنه شعر أن الجدال مع هذا الحارس الغريب عديم الفائدة، لذا اكتفى برفع كتفيه بصمت وأغلق فمه دون رد.
في هذه اللحظة، رن هاتفه من جيب بنطاله. وما إن أجاب، حتى انفجرت صرخة مدير أعماله من الطرف الآخر: “شيه تشي ياو! أين بحق الجحيم ذهبت؟!”
اتسعت عينا شيه تشي ياو برعب، وسرعان ما أنهى المكالمة وركض عائدًا إلى موقع الحفل. وقبل أن يخرج تمامًا، تذكر شيئًا، فاستدار ولوّح لـقو تشاو تشينغ قائلاً بحماس: “أنا ذاهب للأداء! إلى اللقاء، حارس-غا!”
نظر قو تشاو تشينغ إلى بدلته الفاخرة والتي تساوي قيمتها رمقًا مكونًا من ستة أرقام، ولم يستطع فهم كيف يمكن لشخص أن يكون بهذا العمى ليظنه حارسًا شخصيًا.
بزاوية عينه، لمح قو تشاو تشينغ دفتر ملاحظات مربعًا بجوار الباب. بدا وكأنه مفكرة صغيرة. التقطه ورأى على غلافه رسمة لطيفة لقط صغير وجرو، وفي الزاوية اليمنى السفلية، كانت هناك ثلاثة أحرف مكتوبة: 'شيه تشي ياو'.
(حروف صينية طبعا)
لم تكن خطوط رؤوس الأحرف حادة، بل كانت مستديرة وسلسة، تمامًا مثل صاحبها.
كان هناك عبق خفيف ينبعث من الدفتر. قرّبه قو تشاو تشينغ قليلاً منه، وتمكّن من تمييز رائحة الخوخ المغموس بالعسل.
عقد حاجبيه مجددًا. الأوميغا مقززون حقًا.
قبل أن يبدأ حفل الزفاف رسميًا، عاد قو تشاو تشينغ إلى مقعده. اقتربت منه والدته وأشارت إلى الجهة الجنوبية الشرقية، وسألته بصوت منخفض: “تشاو تشينغ، ما رأيك بالآنسة تشين هناك؟”
لم يكلّف نفسه عناء النظر، وردّ ببرود: “لا.”
ضربته والدته على كتفه بغضب: “حتى قو تشين باي أصبح لديه طفل الآن، بينما أنت لا تملك حتى شريكة!”
“وما العلاقة بين الأمرين؟”
تنهدت والدته بحنق، وقالت بأسف: “انتهى الأمر، لن أضيع وقتي معك بعد الآن، عش حياتك بطباعك السيئة كما يحلو لك!”
ظل قو تشاو تشينغ صامتًا. لم يفهم أبدًا لماذا تصرّ والدته على ترتيب مواعيد غرامية له، أو لماذا كانت عائلته قلقة جدًا بشأن احتمال بقائه وحيدًا إلى الأبد. كان يعيش حياة جيدة، مشغولًا بعمله، وكل لحظة في يومه كانت مليئة بالمسؤوليات.
على مدار سبعة وعشرين عامًا، كانت حياته تدور حول شقيقه الأصغر قو تشين باي. ولكن الآن، بعد أن أصبح لدى قو تشينباي زوجة وطفل، لم يعد هناك وقت للحديث معه عن كل شيء كما في السابق. احتاج قو تشاو تشينغ لبعض الوقت للتأقلم مع الأمر، لكنه سرعان ما أعاد توجيه حياته بالكامل نحو العمل.
استلم إدارة هوا شينغ بسلاسة، وانشغل بكل صغيرة وكبيرة فيها. ملأت مسؤوليات العمل كل وقته، وشعر أن هذا كان أمرًا جيدًا.
ولكن، بدلًا من الثناء عليه، بدأ الجميع يصفونه بـمدمن العمل بنبرة انتقاد.
بدا وكأن كل ما يفعله خطأ.
غادرت والدته إلى الطاولات الأخرى لتحية الضيوف. بعد بضع دقائق، خفتت الأضواء، وبدأ عرض الافتتاح.
لم يكن قو تشاو تشينغ مهتمًا بهذه العروض التي يحبها الشباب. نظر حوله بلا اكتراث، لكن نظراته توقفت فجأة عند المسرح.
ذلك الأوميغا الصغير كان بالفعل أحد أعضاء فرقة الفتيان.
كان يقف في الصف الخلفي، يؤدي الحركات بإتقان، والابتسامة على وجهه مشرقة جدًا.
خلال الرقص، نظر إلى أسفل المسرح، لكنه تجمد للحظة عندما التقت عيناه بعيني قو تشاو تشينغ. ارتبك إيقاعه لثانية قبل أن يستعيده بسرعة.
عندما انتهت الموسيقى، وقف الفتيان في صف وانحنوا، ثم استداروا متجهين إلى الكواليس.
كان قو تشاو تشينغ على وشك صرف نظره عن المسرح، لكنه لاحظ أن ذلك الأوميغا شيه تشي ياو كان يلوّح له سرًا وسط الحشد، بابتسامة مشرقة، وكأنه التقى بصديق قديم عزيز.
لم يفهم قو تشاو تشينغ ما الذي يدعو للسعادة في ذلك.
استدار قو تشاو تشينغ متجاهلًا الخفقان غير المبرر في قلبه، ثم مدّ يده ليعدّل مفرش الطاولة بهدوء.
الفصل الثاني
مرّت ثلاثة أيام منذ أن التقى قو تشاو تشينغ بـشيه تشي ياو.
في هذا اليوم، أنهى قو تشاو تشينغ عمله في الساعة العاشرة مساءً، وقاد سيارته عائدًا إلى منزله من مقر هوا شينغ. وكعادته، أنزله السائق عند مرورهم بشارع يو فينغ.
كان يو فينغ أحد أقدم الشوارع التجارية في مدينة مينغ، وكان مزدهرًا قبل عشر سنوات. لكن مع تطور المدينة، بدأت المناطق التجارية الجديدة تحلّ محلّه تدريجيًا، وأصبح الشارع أكثر هدوءًا. في العاشرة مساءً، بالكاد كان هناك أي مشاة.
سار قو تشاو تشينغ من أول الشارع إلى آخره، حتى لمح شخصًا مألوفًا يسير على الرصيف في المنتصف.
كان شيه تشي ياو يرتدي ملابس رياضية بيضاء، مع قبعة وقناع، ممسكًا بكوب في يد، بينما كان يستخدم هاتفه باليد الأخرى، يمشي عبر الطريق ورأسه منخفض.
كان قو تشاو تشينغ على بُعد سبعة أو ثمانية أمتار منه، واستعدّ للتوقف وانتظار شيه تشي ياو ليبتعد قبل أن يكمل طريقه. لم يكن بارعًا في تحية الناس في الشارع.
لكن في تلك اللحظة، اندفعت سيارة مسرعة نحوه.
كان شيه تشي ياو لا يزال منشغلًا بشاشة هاتفه، غير واعٍ تمامًا بالخطر الذي يقترب منه بسرعة.
شعر قو تشاو تشينغ أن قلبه توقف لثانية، واندفع مشهد من عشر سنوات مضت في ذهنه.
وجه شاحب… دماء قرمزية… صوت الفرامل المفاجئ… صرخات المارة المذعورة… وألم شقيقه الصغير.
……
عندما أدرك شيه تشي ياو ما يحدث، كان الأوان قد فات.
كانت أضواء السيارة القوية على بعد مسافة قصيرة، ساطعة لدرجة أنه لم يستطع فتح عينيه.
لكن لحسن الحظ، أمسك به أحدهم من الخلف وسحبه بقوة. ترنّح إلى الوراء وسقط في حضن صلب، بينما تردّد صوت أنفاسٍ مضطربة في أذنه.
نبضاتهما كانت متشابكة، ولم يكن بالإمكان تمييز من كان قلبه يخفق أسرع.
ظل شيه تشي ياو في حالة ذهول لمدة نصف دقيقة قبل أن يتذكر أنه يجب أن يشكر من أنقذه، لكنه تجمّد عندما رفع رأسه وحدّق في وجه الرجل:
“أنت؟ حارس-غ…”
توقف فجأة، متذكرًا أن هذا الرجل ليس حارسًا شخصيًا. تذكّر أن مدير أعماله أخبره أنه الرئيس التنفيذي لمجموعة هوا شينغ.
لم تكن ملامح قو تشاو تشينغ تبدو بخير.
ترك شيه تشي ياو فجأة، دفعه بعيدًا، ثم نهض وغادر بسرعة.
لم يهتم شيه تشي ياو بالألم في كاحليه ومعصميه، فلحق به وأمسك بكمّه، لكنه أُبعد بقسوة.
وقف في مكانه، يشاهد قو تشاو تشينغ وهو يبتعد بسرعة، وأحسّ أن الأمر غريب.
'أنا من كاد أن يموت للتو… فلماذا كان يبدو قو تشاو تشينغ أكثر خوفًا منه؟'
لم يكن هناك خيار آخر.
جلس شيه تشي ياو على الأريكة في الطابق السفلي من مقر هوا شينغ، وانتظر حتى تجاوزت الساعة العاشرة مساءً.
كان جائعًا ومنهكًا، فاستند برأسه على مسند الأريكة وهو يشعر بالنعاس. ولكن فجأة، اجتاحه إحساس غير مرئي بالقوة المهيبة، جعله يفتح عينيه بارتباك، وما إن رفع رأسه حتى قفز من مقعده برعب.
لم يكن سوى قو تشاو تشينغ.
نظر قو تشاو تشينغ إليه بحاجبين معقودين قليلاً، قبل أن يسأله ببرود: “ماذا تفعل هنا؟”
وقف شيه تشي ياو باستقامة، وقد نسي تمامًا الخطاب الذي أعدّه مسبقًا، وبدأ يتمتم بتلعثم: “ذاك… السيد قو، جئت لأشكرك. لقد أنقذتني في ذلك اليوم، ولولاك، لا أعلم إن كنت سأتمكن حتى من الوقوف هنا الآن. كنت أريد دعوتك لتناول العشاء…”
حكّ شيه تشي ياو رأسه، وقال بإحراج: “لكنني نسيت أنك الرئيس، ولا يمكنني مقابلتك بدون موعد.”
رفع قو تشاو تشينغ حاجبًا، ثم سأله ببرود: “إذًا، انتظرت حتى الآن؟”
أومأ شيه تشي ياو بحماس: “إذًا، ماذا عن الغد؟”
“لا داعي، لم يكن بالشيء الكبير.”
استدار قو تشاو تشينغ ليغادر، لكن شيه تشي ياو أمسك بكمّه للحظة، ثم أطلقه بسرعة قبل أن يغضب.
رجاه بصوت خافت: “سيد قو، أرجوك، أعطني فرصة لرد الجميل، حسنًا؟”
بالطبع، جميع الأوميغا متشابهون. يعتقدون أن التظاهر بالضعف والتدلل يمكن أن يمنحهم كل ما يريدون.
تذكّر قو تشاو تشينغ وجه تو يان المزعج، فشعر بقشعريرة تسري في جسده.
“قلت لك، لا داعي—”
توقف فجأة عندما سمع صوت قرقرة قادمًا من معدة الشخص الواقف أمامه.
غطّى شيه تشي ياو شفته، ووجهه احمرّ خجلًا: “لا، أممم، أنا فقط… جائع قليلًا.”
رفع قو تشاو تشينغ نظره إليه وسأل بلا مبالاة: “ماذا تريد أن تأكل؟”
“إيه؟”
“ألم تكن تريد أن تعزمني؟ حسنًا، لكن لمرة واحدة فقط.”
اتّسعت عينا شيه تشي ياو بفرح، وأومأ بقوة: “موافق! موافق!”
الفصل الرابع
في النهاية، ذهبا إلى مطعم صيني يقدم وجبات خفيفة.
جلس شيه تشي ياو في زاوية هادئة، وسحب قو تشاو تشينغ ليجلس أمامه، ثم ناوله القائمة وكأنه يقدم كنزًا ثمينًا: “اختر ما تريد!”
لم يكن قو تشاو تشينغ متطلبًا خاصة بالطعام، كل ما كان يهمه هو التوازن بين اللحوم والخضروات، لذا أشار بيده بلا اكتراث، وأمر بسبعة إلى ثمانية أطباق دفعة واحدة.
تجمّد شيه تشي ياو في مكانه، متفاجئًا من هذا الاختيار، قبل أن يفكر داخليًا: 'هذا الرئيس مختلف تمامًا عن أولئك الذين نراهم في التلفاز.'
نظر إليه قو تشاو تشينغ بنظرة جانبية وسأله: “هل تشعر بالقلق على مالك؟”
هزّ شيه تشي ياو رأسه بسرعة:
“لا، لا! فقط أظن أنك تأكل كثيرًا، وكل الأطباق التي اخترتها هي الأطباق المميزة في هذا المطعم!”
كانت ملامحه صادقة جدًا، مما جعل قو تشاو تشينغ يصدقه على مضض.
—
وصلت الأطباق تباعًا، فطلب قو تشاو تشينغ من صاحب المطعم وعاءين من الأرز، واحدًا له والآخر وضعه أمام شيه تشي ياو، ثم التقط عيدان الطعام وبدأ في الأكل بصمت.
تجمّد شيه تشي ياو مجددًا، وبدأ يشك بنفسه…
'من الذي كان بطنه يقرقر قبل قليل؟'
لكن عندما راقب قو تشاو تشينغ وهو يأكل، شعر أن الأمر كان لطيفًا بطريقة غريبة.
رجل يرتدي بدلة فاخرة وأحذية جلدية، يحيط به النُبل، لكنه يأكل وكأنه الجرو الضال الذي يعتني به شيه تشي ياو سرًا أسفل سكنه، دون أي تصنّع أو مظهر متكلف.
رفع قو تشاو تشينغ عينيه فجأة وسأل: “هل تعتقد أنني أبدو غبيًا وأنا آكل؟”
“هم؟” استفاق شيه تشي ياو من شروده.
وضع قو تشاو تشينغ وعاء الحساء جانبًا، وألقى نظرة على ساعته قبل أن يقول ببرود: “لقد كنت تحدق بي لمدة عشر دقائق.”
احمرّ وجه شيه تشي ياو قليلًا: “لا، أنا فقط أشعر بالسعادة وأنا أشاهدك تأكل، مثل مشاهدة بث مباشر لشخص يتناول الطعام. يبدو الطعام شهيًا بمجرد مشاهدتك.”
رفع قو تشاو تشينغ حاجبًا وسأله: “إذًا، لماذا لا تأكل؟”
أمسك شيه تشي ياو عيدان الطعام، قبل أن يقول محرجًا:
“لقد كنت جائعًا جدًا لدرجة أن شهيتي اختفت، كما أن لديّ برنامجًا غدًا بعد الظهر، لذلك لا أجرؤ على تناول العشاء المتأخر.”
“كم عمرك؟”
“واحد وعشرون.”
طلب قو تشاو تشينغ وعاءً من عصيدة الضلوع له، ثم وبّخه ببرود: “أي اضطراب صورة جسدية هذا؟ لست سمينًا حتى، كُل أكثر.”
جلس شيه تشي ياو بوضع مستقيم، وجمع ساقيه معًا، ثم فكّر للحظة في كلمات قو تشاو تشينغ قبل أن يقول بتردد: “سيد قو، أقول الحقيقة… أنا حقًا أعتقد أن طريقة أكلك رائعة، لم أقصد السخرية منك.”
ردّ قو تشاو تشينغ بلا مبالاة: “أوه، لا يهمني.”
شعر شيه تشي ياو بالذعر، فرفع يده قائلًا: “لا تفهمني بشكل خاطئ! يمكنني أن أقسم على السمّ!”
أمسك قو تشاو تشينغ بذراعه وأنزلها بهدوء: “الأمر ليس بتلك الأهمية، أصدقك، حسنًا؟”
تأمل شيه تشي ياو ملامحه بحذر، ثم سأله: “هل قال لك أحد ذلك من قبل؟”
تناول قو تشاو تشينغ قطعة من سمك الفلفل الحار المغلي، ثم ردّ باختصار: “في موعد غرامي مدبّر.”
شعر شيه تشي ياو بإحساس غريب بالتعاطف، فتنهد بانفعال، وقال بإصرار: “هذا لأنهم لا يفهمون! الطعام شيء يجلب السعادة! أليس أكبر احترام له هو تناوله بالكامل؟ إن لم تأكل حتى تشبع، فما الفائدة من كل هذا التصنّع؟”
حدّق قو تشاو تشينغ به بصمت للحظات، ثم قال بعد تفكير طويل: “مم، أعتقد ذلك أيضًا.”
ابتسم شيه تشي ياو ببساطة وبراءة.
—
بعد قليل، وُضعت عصيدة الضلوع على الطاولة.
أخذ شيه تشي ياو وعاءً صغيرًا وملأه لـقو تشاو تشينغ، والذي حاول التملّص في البداية، لكنه في النهاية تناوله بالكامل في لقمتين أو ثلاث.
عضّ شيه تشي ياو ملعقته، قبل أن ينفجر ضاحكًا بلا سبب.
—
بعد انتهاء الطعام، ذهب شيه تشي ياو لدفع الحساب، ثم عاد يحمل بضعة أكياس بلاستيكية صغيرة.
“أريد أن آخذ بعض الطعام للجرو الضال الذي يعيش تحت سكني.”
أومأ قو تشاو تشينغ، ومدّ يده لإمساك الكيس من أجله، بينما كان شيه تشي ياو يبحث عن قطع اللحم في الحساء كما لو كان يبحث عن إبرة في كومة قش.
الفصل الخامس
دعا شيه تشي ياو قو تشاو تشينغ لرؤية القطط والكلاب التي يعتني بها أسفل سكن شركته، لكن قو تشاو تشينغ رفض بلا تردد.
شعر أن قضاء ثلاث ساعات بمفرده مع أوميغا كان بالفعل أقصى ما يمكنه تحمله.
—
عندما عاد إلى المنزل، خلع قو تشاو تشينغ سترته الرسمية، لكنه شعر على الفور بأن رائحة شيه تشي ياو لا تزال عالقة بها.
شعر بالانزعاج الشديد، ووجد نفسه يريد الاتصال بـقو تشين باي طلبًا للمساعدة، لكنه عندما نظر إلى الساعة ورأى أنها الواحدة صباحًا، تخلى عن الفكرة.
قبل أن ينام، عاد مشهد شارع يو فينغ إلى ذهنه مجددًا…
لكن هذه المرة، لم يكن الشخص الواقف على خط المشاة هو قو تشين باي ذو الخمسة عشر عامًا، بل كان ذلك الأوميغا ذو الغمازات، الحيوي الذي كان دائمًا يقفز بنشاط، شيه تشي ياو.
“هذا غير منطقي.”
أغلق قو تشاو تشينغ عينيه بقوة، محاولًا طرد الفكرة من رأسه، قبل أن يتمتم في نفسه: “غدًا صباحًا، ستعود حياتي إلى هدوئها المعتاد.”
—
لكن شيه تشي ياو لم يكن هادئًا مثله أبدًا.
في طريقه إلى المنزل، كان متحمسًا للغاية، حتى إنه شعر أن قلبه الصغير يكاد يقفز من مكانه.
وعندما صعد ببطء إلى غرفته في السكن، ظهر مدير أعماله من الأعلى، وتوقف للحظة، ثم سأله بنبرة مرتابة: “أنت تتصرف وكأنك لص، ما الذي فعلته؟”
هزّ شيه تشي ياو رأسه ببطء، وقال بصوت ضعيف: “لا شيء.”
لكن المدير لم يقتنع، وضاقت عيناه بشك: “هل كنت في موعد؟”
احمرّ وجه شيه تشي ياو، وتلعثم وهو يلوّح بيديه: “لا، لا! كيف يمكنني فعل ذلك؟!”
لكن هذا جعل المدير يشك أكثر، فعبس وقال بتحذير:
“إذا كنت في موعد، فافسخ العلاقة بسرعة، لا تتسبب لي بالمشاكل.”
فكّر شيه تشي ياو للحظة، وكاد أن يجادله، لكن عندما رأى النظرة الحادة في عينيه، استسلم وأومأ برأسه بخضوع.
—
عندما غادر المدير، خفت وهج السعادة في قلب شيه تشي ياو، وعاد إلى غرفته بمزاج عكر.
كان وو كي لا يزال مستيقظًا، يتحدث عبر مكالمة فيديو مع أحد الأثرياء الذين تعرف عليهم مؤخرًا. وبمجرد أن دخل شيهتشي ياو، أدار هاتفه بسرعة بعيدًا، خوفًا من أن يظهر شيه تشي ياو في الكاميرا.
—
في سريره، لم يستطع شيه تشي ياو التوقف عن التفكير في قو تشاو تشينغ.
شيء ما في صدره جعله يبتسم لا إراديًا.
كان يعتقد أن قو تشاو تشينغ لطيف جدًا.
رغم أنه كان متأكدًا أنه لا أحد في العالم سيوافقه على هذا الرأي، ولا أحد سيصف رجلًا بطول 187 سم وبنية قوية بأنه 'لطيف'، إلا أن شيه تشي ياو كان يؤمن بذلك تمامًا.
طريقة أكله كانت لطيفة.
طريقة عبوسه كانت لطيفة.
كل شيء فيه كان لطيفًا.
كان مختلفًا عن أي شخص آخر قابله شيه تشي ياو من قبل.
كلما فكّر أكثر، شعر أن حرارة جسده تتصاعد.
فتح بطانيته قليلًا… لكن في اللحظة التالية، شعر بالخجل، وسحبها فوق رأسه مجددًا.
وفي تلك الحرارة الناعمة، داخل وخارج جسده، أمضى ليلة مليئة بالأحلام المحرجة.
تعليقات: (0) إضافة تعليق