Extra4 | تملك محدود
الفصل الثامن عشر
قال شيه تشي ياو إنه على وشك المشاركة في برنامج غنائي ترفيهي، وهو أكبر مسرح يعتليه منذ انطلاقته الفنية.
سأله قو تشاو تشينغ إن كان متوترًا، فتردد شيه تشي ياو قليلًا قبل أن يعترف بصراحة: “أنا متوتر، قو تشاو تشاو. لست مشهورًا، لذا إن لم أُحسن الغناء أو الرقص، لن يلاحظ أحد، لكن إن أحبني المزيد من الناس لاحقًا، سيكثر الذين يكرهونني أيضًا.”
فردّ قو تشاو تشينغ على الفور: “ومن يجرؤ على كرهك؟”
ضحك شيه تشي ياو وقال ممازحًا: “ما الأمر؟ هل تنوي أن تصبح راعيًّا لي وتمهّد لي الطريق في الوسط الفني؟”
لم يفهم قو تشاو تشينغ إن كان شيه تشي ياو يمزح أم يتحدث بجدية، لكنه ظن أنه حقًا خائف ومتوتّر، فتنحنح قليلًا وسأله: “هل تريدني أن أكون الراعي الخاص بك؟”
انفجر شيه تشي ياو ضاحكًا، ولوّح بإصبعه على وجه 'الكلب الكبير الغبي' على الشاشة وقال: “هممم؟ وما الذي تخطط لفعله؟ أنا فنان، لستُ معروضًا للبيع!”
ردّ قو تشاو تشينغ بجدية: “لا أريدك أن تبيع نفسك…”
رغم أنه رجل في أواخر العشرينات وقد خاض سنينًا طويلة من المعارك في سوق الأعمال، إلا أنه في مواجهة شاب في أوائل العشرينات مثل شيه تشي ياو، وجد نفسه عاجزًا تمامًا، ثم أضاف: "فقط قل لي ما الذي تحتاجه مني، وسأقدّمه لك.”
توقّف شيه تشي ياو عن الضحك فجأة، ولم يتكلم لوقت طويل. ظنّ قو تشاو تشينغ أنه نام، وهمّ بإنهاء المكالمة، لكن وجه شيه تشي ياو ظهر مجددًا في الكاميرا. لم ينظر في عينيه، وتحدث بصوت خافت جدًا: “قو تشاو تشاو، أنا أفتقد وجود حبيب في حياتي.”
تجمد قو تشاو تشينغ. شعر أن لكلمات شيه تشي ياو مغزى أعمق، لكنه خشي أن يكون يتوهم.
وعندما رأى شيه تشي ياو أن قو تشاو تشينغ لم يردّ، تنهد بخيبة أمل، وانتهت مكالمة الفيديو بهذه الطريقة.
بعد عدّة أيام، توجّه شيه تشي ياو وفريقه إلى مسرح البرنامج الغنائي. ما لم يكن في الحسبان هو أن يرى قو تشاو تشينغ هناك، جالسًا بجوار المخرج قرب النافذة الزجاجية الكبيرة، يحتسيان القهوة. وعندما رأى شيه تشي ياو وفريقه يدخلون من الباب، توقّف نظره عليه لوهلة، ثم أعاد بصره إلى ما أمامه.
استغل شيه تشي ياو انشغال بقية الفريق بوضع المكياج، وسحب قو تشاو تشينغ إلى الدرج الجانبي الخالي.
قال له قو تشاو تشينغ إنه جاء لمناقشة مسألة إعلانات. حدّق فيه شيه تشي ياو ورفع حاجبيه بسخرية: “لا تحاول خداعي بسبب جهلي بعالم الأعمال، هل ما زالت الإعلانات تحتاج أن يأتي الرئيس بنفسه؟”
تصلبت ملامح قو تشاو تشينغ، لكنه لم ينسَ هدف زيارته، فربّت على كتف شيه تشي ياو وقال له: “قدّم أداءً جيدًا. ولا تشغل بالك بالباقي.”
شعر شيه تشي ياو بحرقة في أنفه. مدّ يده وعانق قو تشاو تشينغ بسرعة، ثم تراجع وغطّى على مشاعره بمزاحٍ خفيف:
“واو! شعور رائع أن تكون تحت مراقبة شخصية مرموقة!”
نظر إليه قو تشاو تشينغ لثواني، ثم التفت بعيدًا قبل أن تتقابل أعينهما. ومع أنه لم يكن شخصًا حساسًا، إلا أنه شعر بأن التوتر العاطفي في الجو قد بلغ ذروته.
وعندما فتحا باب الدرج للخروج، صادفا وو كي في الممر. ما إن رأى قو تشاو تشينغ خلف شيه تشي ياو حتى تجمّد، لكنه سرعان ما خفّض رأسه وغادر بسرعة.
_
الفصل التاسع عشر
حين يوجد الأمل، يبدو وكأن الزمن يمرّ أسرع.
في ذلك اليوم، عندما عاد قو تشاو تشينغ إلى منزله، تلقى رسالة من قو تشين باي: “غاغا بعد غد عيد ميلادك، لا تنسَ العودة إلى المنزل، سنحتفل معًا.”
تفاجأ قو تشاو تشينغ. لقد نسي تمامًا أن عيد ميلاده بعد يومين.
في اليوم الموعود، وبعد إنهاء عمله، قاد سيارته من مقر شركة هوا شينغ إلى منزل والديه. وعندما أوقف السيارة وتوجّه نحو الباب وطرقه، ظنّ أن من سيفتح له ستكون المربية، لكن فور انفتاح الباب، فوجئ بتو يان يقف هناك مرتديًا قميص حمل فضفاض.
وقف الاثنان متقابلين دون كلمة.
وبعد ثانيتين، غطى تو يان بطنه المنتفخ قليلًا، وتحدث بأسلوب درامي: “آه، لا تخف أيها الأرنب الصغير، ليس الذئب من جاء، بل عمّك.”
“…”
ارتجف جفن قو تشاو تشينغ، لكنه قرر ألا يضيّع مناسبة جميلة كاليوم في الشجار مع تو يان.
كان قو تشين باي في المطبخ يحضّر الأطباق المفضلة لقو تشاو تشينغ. أما تو يان، فقد قفز بخفة إلى الداخل، وخطف عود خيار من المطبخ، ثم وقف بجانب قو تشين باي، ممسكًا بذراعيه وهو يقول باندهاش: “هناك خطب ما بقو تشاو تشينغ، لم يتشاجر معي!”
قال قو تشين باي بوجه عاجز:“هل تحب الشجار معه لهذه الدرجة؟”
“همف! فقط أحب رؤيته وهو يُهزم، ما قصته؟ لقد تجاهلني تمامًا.”
وضع قو تشين باي السكين من يده، واستدار واتكأ على الخزانة، ثم جذب تو يان من خصره وضحك: “تريد أن تعرف السبب؟ قبّلني وسأخبرك.”
أبعد تو يان ذراعيه: “في أحلامك.”
ابتسم قو تشين باي وأطلق سراحه، لكن بعد لحظات عاد الفضول ليأكل تو يان، فاقترب منه وطبع قبلة سريعة على خده: “قل لي.”
انحنى قو تشين باي وهمس في أذنه:
“في باله شخص يحبّه، لذلك ليس في مزاج للشجار معك.”
صُدم تو يان: “لعنتي لم تنجح!”
ربّت قو تشين باي على مؤخرته وقال: “توباو، سعادة أخي لم تكن سهلة المنال، فلا تفتعل المتاعب.”
عض تو يان عود الخيار بشدة، متظاهرًا بعدم الرضا.
ثم وصل السيد والسيدة قو، ومعهما الجدّ. اجتمعت الأسرة وتبادلوا الأحاديث والضحكات. وعند التاسعة مساءً، تعب الجدّ وأشار أنه يريد النوم. أراد قو تشاو تشينغ أن يرافقه، فأخذ هاتفه من على الأريكة ليطلب من السائق القدوم، لكنه فوجئ بثلاث مكالمات فائتة وسبع أو ثماني رسائل لم تُقرأ.
فكّر فورًا بشخصٍ واحد فقط.
فتح الهاتف، وكما توقع، كانت الرسائل من شيه تشي ياو.
شعر قلبه بالاضطراب على الفور.
نظر إلى الجدّ وهو في حيرة، فاقترب منه قو تشين باي ونظر إلى شاشة هاتفه وسأله: “ما الأمر؟”
قال قو تشاو تشينغ مترددًا: “صديقي…"
ابتسم قو تشين باي ودفعه برفق: “اذهب بسرعة، أنا سأرافق جدنا.”
استأذن قو تشاو تشينغ، التقط معطفه وغادر. تبادل والداه النظرات المستغربة وهمسوا: “ما الذي يجري؟”
انطلق قو تشاو تشينغ بسرعة، وعندما وصل إلى نهاية شارع يو فينغ، كان شيه تشي ياو لا يزال قابعًا تحت اللوحة، يلعب بشريط صندوق الكعك بنظرة حزينة. وعندما رفع رأسه ورأى قو تشاو تشينغ من بعيد، تألّق بريق في عينيه التي بدت فارغة من قبل. نهض بسرعة، تاركًا صندوق الكعك خلفه، وركض مباشرة نحوه. أوقف قو تشاو تشينغ خطواته وفتح ذراعيه، وفي اللحظة التالية، كان شيه تشي ياو قد اندفع إلى حضنه.
قال بصوت متألم: “قو تشاو تشاو، انتظرتك طويلًا… شعري صار فوضويًا والكعكة صارت عصيدة.”
استغرق قو تشاو تشينغ لحظة قبل أن يمدّ يده ليعانقه من خصره ويشده إلى صدره: “أنا آسف.”
قال شيه تشي ياو، وهو يدفن وجهه في عنقه: “كنت أريد أن أفاجئك، لذلك لم أخبرك. كنت سأخبرك بعد الظهر، لكن محل الكعك كتب اسمك بشكلٍ خاطئ على الكعكة، فانتظرتهم ليقومو بتصحيحه طوال بعد الظهر حتى…”
ثم تابع بصوت متهدّج: “اتصلت بك ولم ترد، ولم تجب على رسائلي… ظننت أنك لم تعد تريدني.”
رفع قو تشاو تشينغ يده ولمس وجهه، ثم لمس دموعه المتساقطة.
رفع شيه تشي ياو رأسه وقال: “ظننت أنني أزعجك كل يوم، فبدأت تكرهني وتشمئز مني—”
لكن قبل أن يُكمل، قاطعه قو تشاو تشينغ بقبلة ناعمة.
انحنى وأغلق شفتيه بشفتي شيه تشي ياو. كانت حركته مترددة، لكنها مشبعة برقة حذرة. ثم شعر بلسان شيه تشي ياو يقتحم القبلة بلطف، ويلمسه.
وتذكّر حينها الرسالة التي أرسلها له قو تشين باي عندما كان في طريقه:
[غاغا إن كانت قلوبكما مرتبطة، فلست بحاجة إلى قول الكثير. أحيانًا، تكون القبلة أبلغ من ألف كلمة.]
_
الفصل العشرون
قال شيه تشي ياو وهو يلهث بصعوبة محاولًا استعادة أنفاسه بعد قبلة غير متقنة: “قو تشاو تشاو، لم أعترف لك بعد!”
ثم التصق بذراعي قو تشاو تشينغ، وأسند ذقنه إلى صدره، ورفع عينيه ينظر إليه بنبرة مليئة بالتذمر: “لقد أفسدت خطتي تمامًا.”
سأله قو تشاو تشينغ: “وما كانت خطتك؟”
أجابه شيه تشي ياو: “كنت أريد أن أعترف لك بعد عيد ميلادك. إن وافقت، سأكون قد حصلت على حبيب. وإن لم توافق…”
قاطعه قو تشاو تشينغ بسرعة وكأنه يخشى فوات الفرصة:
“أوافق!”
ابتسم شيه تشي ياو بعينين نصف مغمضتين وقال بمرح:
“كنت أعلم أنك لن ترفض.” ثم وقف على أطراف أصابعه وقبّله مرة أخرى على شفتيه، قبل أن يهمس: “قو تشاو تشاو، أنت تحبني أيضًا، أليس كذلك؟”
تجمّد قو تشاو تشينغ في مكانه، ونظر إلى شيه تشي ياو الذي كان قريبًا جدًا منه، فرأى شفتيه المبللتين وقد احمرّتا من القبل، وعينيه المشرقتين الممتلئتين بالعاطفة. كان شيه تشي ياو في الحادية والعشرين من عمره، لكن تصرفاته لا تزال تحمل براءة الأطفال ودلالهم، يتعلّق بالناس من حوله، لكنه يفيض بالحيوية. أما هو، فيبلغ الثامنة والعشرين، وكان من المفترض أن يكون الطرف الأكثر نضجًا في هذه العلاقة، لكنه منذ البداية، بدا وكأن زمام الأمور في يد شيه تشي ياو، وهو لم يفعل سوى اتباعه خطوة بخطوة.
لكن رغم صمته، لم يتضايق شيه تشي ياو، بل ظلّ ينظر إليه بذات النظرة الهادئة، وابتسامته لا تزال تتعمّق أكثر فأكثر.
لم يكن شيه تشي ياو يومًا شخصًا بليد الإحساس أو يفتقر للرومانسية، ولم يكن ممن يحتاجون للكلمات ليثبتوا ما يشعرون به.
قال قو تشاو تشينغ أخيرًا، بنبرة جادّة مليئة بالصدق: “أجل… أنا أحبك. حين رأيتك لأول مرة، عندما لوّحت لي على المسرح، كنت قد وقعت في حبك بالفعل. لكن ذلك الشعور كان غريبًا عليّ، فخشيت أن أسمح له بالنمو، وظننت أنني ارتكبت خطأ.”
ضحك شيه تشي ياو، ولفّ ذراعيه حول عنق قو تشاو تشينغ وقال: “قو تشاو تشاو لماذا أنت لطيف هكذا؟!"
تذكّر شيه تشي ياو محادثة قديمة مع أصدقائه، حين سألهم أحدهم: “إذا أردت أن تسأل شخصًا إن كان يحبك، فهل تفضّل أن يجيب فورًا دون تفكير، أم بعد أن يفكّر قليلًا؟”
وكان الوحيد بينهم الذي اختار الخيار الثاني. قالوا له وقتها: “كم أنت ممل!”، فالحب، في نظرهم، يحتاج إلى نبضات متسارعة، إلى مشاعر تنفجر دون تردد.
ولم يجد حينها ما يدافع به عن رأيه… لأنه لم يكن قد جرّب الحب بعد.
لكن الآن، يمكنه أن يقول بكل فخر: 'لقد وجدت الشخص الذي جعل قلبي ينبض، وجعلني أنام مطمئنًا.'
ثم رمش بعينيه وقال وهو يلمّح بنبرة ذات معنى:
“بالمناسبة… هل يمكنك الآن تقبّل رائحة أوميغا؟” وأضاف بنبرة خافتة فيها الكثير من الدلال: “فدورة حرارتي ستبدأ قريبًا.”
تأخّر قو تشاو تشينغ في استيعاب المعنى، وقد بدا واضحًا أن شيه تشي ياو قد أربكه تمامًا. فضمّه إليه في حضنه، وهمس بصوت خفيض: “شيه تشي ياو، ألا تشعر بالخجل على الإطلاق؟”
أخرج شيه تشي ياو لسانه بغنج وابتسم وهو يفكر: 'ما المشكلة؟ حسب التقدّم الذي رسمته في رأسي، لقد قررت أسماء أطفالنا بالفعل.'
الفصل الحادي والعشرون
لم تتحقق الأمنية “'لمخجلة' التي تمناها شيه تشي ياو في الوقت الذي أراده، لأن قو تشاو تشينغ كان يرى أن وتيرة العلاقة العاطفية لا ينبغي أن تكون سريعة للغاية.
اشترى له قالب كعك جديد، وأخذه إلى المنزل، ونفخا الشموع معًا، ثم قبّله لفترة وهو لا يزال يحمل أثر الكريمة على شفتيه، لكنه مع ذلك، في منتصف الليل، أبعده عنه وأرسله إلى السرير لينام.
تقلّب شيه تشي ياو فوق السرير، وجذب طرف قميص قو تشاو تشينغ وتوسل إليه أن ينام معه، لكن قو تشاو تشينغ لم يوافق، ولم ينظر إليه حتى، بل دخل الحمّام بصمت دون أن ينبس بكلمة.
كان قد أنهى عملًا شاقًا خلال النهار، كما شرب كأسين من النبيذ الأحمر مع والديه مساءً. وما إن تمدد على سرير غرفة الضيوف، حتى بدأ يشعر بالنعاس. غير أن هناك خيطًا مشدودًا بقي يربط ذهنه، مما جعله في حالة يقظة رغم التعب، فتوالت عليه الأفكار وخيالات لا إرادية تسرح في ذهنه.
بدأ يتخيل ماذا سيحدث لو أن شيه تشي ياو دخل عليه فجأة أثناء استحمامه…
قو تشاو تشينغ، الذي ظل عفيفًا طيلة سنواته الماضية، فتح عينيه من صدمة الخيال. تنهد بصمت، ثم نهض مرة أخرى وتوجه إلى الحمّام.
وحين خرج، مرّ بجانب غرفة النوم الرئيسة، فلاحظ أن شيه تشي ياو لم ينم بعد. كان مستلقيًا على جانبه، وعيناه تحدقان باتجاه الباب، يبتسم له من بعيد ويقول: “قو تشاو تشاو، لماذا لم تنم بعد؟”
تجمّدت ملامح قو تشاو تشينغ، وتجاهله تمامًا، وسار مباشرة نحو غرفة الضيوف دون أن يرد.
وهكذا، أصبحت علاقتهما العاطفية أمرًا واقعًا. شعر شيه تشي ياو أن الطريقة كانت غريبة بعض الشيء، لكنه حين فكر بها جيدًا، وجد أنها طبيعية تمامًا.
فالحب لا يخضع لقواعد أو معادلات محددة. من قال إن على الناس أن يتعارفوا ويتصاحبوا طويلًا قبل أن يقعوا في الحب؟
في أحد الأيام، اتصل شيه تشي ياو بقو تشاو تشينغ فور انتهائه من تسجيل برنامجه، وسأله متى سينتهي من عمله. أجابه قو تشاو تشينغ بأنه مشغول قليلًا، ثم طلب من السائق أن يقلّ شيه تشي ياو ويوصله إلى مقر شركة هوا شينغ.
توقفت السيارة أمام سكن الموظفين، وركض شيه تشي ياو سريعًا إلى الأسفل. وما إن ركب، حتى تذكّر شيئًا فجأة وقال:
“تشين-غا، مرّ على شارع يو فينغ. يوجد مطعم جيد هناك، سأشتري عشاءً للرئيس قو.”
وافق السائق، وسرعان ما اتجه نحو شارع يو فينغ.
قال شيه تشي ياو: “بالمناسبة، تشين-غا، أي مطعم يحب الرئيس قو في هذا الشارع؟ لا أعلم لماذا، لكني أشعر أنه يمر من هنا في كل مرة.”
لوّح السائق بيده نافيًا: “لا، في الحقيقة لقد مرَّ بصدمة نفسية من هذا المكان. لا يستطيع الجلوس داخل السيارة أثناء عبور شارع يو فينغ.”
تفاجأ شيه تشي ياو وتوقف عن الحركة، ولم يفتح الباب، بل جلس يستمع إلى السائق بصمت.
سأله السائق: “هل رأيت من قبل السيد الشاب الثاني من عائلة قو؟”
قال شيه تشي ياو: “نعم.”
“هل لاحظت أن هناك إعاقة في ساقه اليسرى؟”
“كانت واضحة.”
أومأ السائق وتابع: “سمعت من بعض الناس في عائلة قو أن إصابة ساقه كانت بسبب إهمال من الرئيس قو. وقع الحادث قبل أكثر من عشر سنوات، هنا في شارع يو فينغ. وحتى الآن، لا يستطيع الرئيس قو مسامحة نفسه. كلما مرّ من هنا، ينزل من السيارة ويكمل الطريق سيرًا. قال مرة إنه لا يستطيع الجلوس في السيارة بعد عبور ممر المشاة في المنتصف… يشعر دومًا وكأنه الجاني الذي يراقب الحادث من المقعد الخلفي.”
حين سمع شيه تشي ياو هذه الكلمات، شعر بخيبة أمل ووجع عميق في قلبه، وكأن شيئًا ثقيلًا سقط عليه. تمنى في تلك اللحظة أن يرى قو تشاو تشينغ في الحال، ليعانقه بقوة دون أن يقول شيئًا.
الفصل الثاني والعشرون
لطالما ظنّ قو تشاو تشينغ أن تركيزه قوي لا يتزعزع، لكنه بدأ يشكّ في ذلك مؤخرًا، والسبب كان شيه تشي ياو، الذي بمجرد أن جلس إلى جانبه، لم يعد قادرًا حتى على الكتابة بشكل صحيح.
ولم يكن أمامه خيار سوى اصطحاب شيه تشي ياو إلى غرفة الاستراحة، ليُنهي على عجل ما تبقّى من عمله.
بعد انتهاء اليوم، أوقف السائق السيارة في المرآب السفلي. وما إن صعد شيه تشي ياو حتى بدأ يلحّ على قو تشاو تشينغ أن يأخذه لتناول الكانتو في شارع يو فينغ.
هذا هو الطبق
كان من الطبيعي أن يستجيب قو تشاو تشينغ لرغبته، لكن ما إن اقتربا من الشارع، حتى غيّر شيه تشي ياو رأيه فجأة، وقال إنه لم يعد يريد الأكل، وطلب من السائق أن يعيدهما إلى المنزل بسرعة. في تلك اللحظة، تجمّد تعبير قو تشاو تشينغ، لكنه أجبر نفسه على التماسك وقال: “تشي ياو، لننزل ونمشي.”
عند سماعه ذلك، شعر شيه تشي ياو بغصّة في صدره.
هزّ رأسه وقال: “لا أريد. دعنا نعود إلى البيت.”
عند نهاية الشارع، أضاء السائق إشارة الانعطاف، وهمّ بالدخول إلى الممر. كان جسد قو تشاو تشينغ كله مشدودًا. وما إن مدّ يده نحو قفل الباب، حتى سبقه شيه تشي ياو بنظرات حادّة، وبحركة سريعة أغلق القفل، ثم انقلب وجلس مباشرة على فخذيه.
بدت علامات الغضب على قو تشاو تشينغ، وقطّب حاجبيه وهمّ بأن يدفعه، لكن شيه تشي ياو تشبّث به كالغراء، وكلما حاول دفعه، زاد تشبثًا.
صرخ عليه: “شيه تشي ياو!”
ردّ عليه وهو يئنّ بتذمر: “لا تدفعني، لقد رقصت طوال اليوم، أشعر أن عظامي ستتفكك.”
توقّف قو تشاو تشينغ عن المقاومة، وفهم سريعًا مقصد شيه تشي ياو. هدأ قليلًا، وقال بنبرة ناعمة: “لا تكن هكذا، أنا لست بالضعف الذي تعتقده.”
لكن شيه تشي ياو تمسّك بتمثيليته وقال: “أنا فقط أريد العودة بسرعة، ظهري يؤلمني.” ثم انحنى أكثر وأسند رأسه على صدره، كأنما لم يسمع شيئًا.
قال قو تشاو تشينغ بتردد: “تشي ياو، أنت—”
لكنه لم يُكمل، فقد ضمّه شيه تشي ياو فجأة من رأسه، وأخفاه في صدره، ثم أشار للسائق بعينيه كي يسرع.
بدأ يداعب مؤخرة عنقه بلطف، ويُربّت على ظهره كما يُربَّت على طفل: “قو تشاو تشاو، أنا هنا. الماضي ليس ذنبك، وممر المشاة ذاك ليس دليلًا على خطيئتك. إنه مجرد ممر ضيق، وسنمرّ فوقه بلحظة. أنا سأبقى معك دائمًا، قو تشاو تشاو، أنت الأفضل في نظري. وسنظل معًا لوقت طويل جدًا. هل ستقبل أن تقوم بهذا التغيير الصغير لأجلي؟”
اختفى ضجيج العالم الخارجي، ولم يتبقَّ في هذا العالم سوى دقّات قلب شيه تشي ياو، الهادئة والثابتة، في صدره الصغير.
نبضة… نبضة… نبضة…
لا أحد يعرف كم من الوقت مرّ، لكن في النهاية، أرخى شيه تشي ياو ذراعيه قليلًا، ثم قبّل جبين قو تشاو تشينغ وهمس:
“قو تشاو تشاو، لقد خرجنا من شارع يو فينغ.”
كان نظر قو تشاو تشينغ مشوشًا قليلًا، وحدّق فيه بصمت. رفع شيه تشي ياو يده، ومسح دمعة سالت من زاوية عينه.
تبادلا النظرات طويلًا، بصمتٍ مملوءٍ بالوعود.
قال شيه تشي ياو: “سأرافقك كل يوم من الآن فصاعدًا. فلا تخف.”
حين وصلا إلى المنزل، سمح له قو تشاو تشينغ أن يمسك بيده طوال الطريق، حتى دخلا المصعد معًا. وعندما فُتح الباب ودخلا، كان شيه تشي ياو على وشك أن يقول بابتسامة: “لنشاهد فيلمًا الليلة.”
لكن في اللحظة التالية، حمله قو تشاو تشينغ بين ذراعيه، ودفعه إلى الحائط، ثم أغلق فمه بقبلة نارية، أطلق فيها لأول مرة هالته القوية كألفا.
سأله بهمس: “هل أستطيع؟”
أضعفت الفيرمونات شيه تشي ياو، حتى كادت روحه تغادر جسده. ومع أنه كان الضحية المرمية على لوح التقطيع، إلا أنه اقترب بنفسه وعضّ شفتي قو تشاو تشينغ قائلاً بمكر:
“قو تشاو تشاو… كن لطيفًا.”
بعدها، تعالت الفوضى في أرجاء غرفة المعيشة. صدى الأصوات والهمسات والنداءات المتداخلة ملأ المكان.
ربّت قو تشاو تشينغ على مؤخرة شيه تشي ياو وقال له:
“كفّ عن إحداث الضجيج.”
فأجابه شيه تشي ياو وهو يلتوي بمكر: “لا أريد.”
كان شيه تشي ياو مثل شعلة دافئة وجريئة، اجتاحت أرض قو تشاو تشينغ القاحلة التي أغلقها لسنوات. أحرقت أقنعته، وأذابَت مخاوفه حتى تحوّلت رمادًا، ثم منحت حياته بداية جديدة.
كل الأحلام التي لم يجرؤ يومًا على البوح بها… وجد أجوبتها كاملة في هذا الشخص.
وفي النهاية، كاد شيه تشي ياو أن يغفو، نصف وعيه غائب. انحنى قو تشاو تشينغ نحو أذنه، وقبّله بلطف وقال:
“أنا أحبك.”
تمتم شيه تشي ياو بنبرة ناعسة: “كلب كبير وغبي…”
ولم يغضب قو تشاو تشينغ من هذه الكلمات، بل احتضنه أكثر وقال بابتسامة خافتة: "أنا فعلًا غبي…
ولذلك، أشكرك…
لأنك كنت ذلك الشجاع الذي اقتحم عالمي.”
..
-النهاية- 🩷✨
اخخخ كيوووت ما ودي اتكنسل بس حبيتهم اكثر من الكوبل الرئيسي 🥺✨
ردحذف