Ch10 | Xia Fan Cai
قبل عدة أيام ——
تعثّر جينغ سي خلال أسبوعٍ كامل وكأنه يسير في ضباب،
بالكاد قادرًا على الرؤية بوضوح
لم يكن يرغب أبدًا في وصف حياته بكلمات قاتمة كهذه،
لكن الآن، لم يكن هناك تعبير يصف حاله بدقّة أكثر من كلمة ' ضباب ' حقاً
ضغط عمله المرتفع كافي لوحده ليستنزف أعصابه،
لكن ما جعل الوضع أسوأ هو الغياب القاسي لتاو مينغتشو
هذا الغياب جذبه مجددًا نحو هاوية قديمة،
حيث أصبحت فكرة الأكل شيئًا بعيدًا عنه — لم يستطع
حتى ابتلاع لقمة واحدة
لو كانت هذه حالته منذ البداية ، ربما ما كان الألم بهذا العمق
لكن بعد أن اختبر ، ولو لفترة قصيرة ، متعة تناول الطعام دون إكراه ،
بفضل وجود تاو مينغتشو
أصبحت هذه الهاوية أشد قسوةً من أن تُحتمل
شعر وكأنه نبتة عطشى ،
تمدّ جذورها يائسةً نحو مياه الحياة المختبئة في عمق الأرض ،
لكنها تُجبر نفسها على التوقف ،
رافضةً التقدّم خطوةً واحدة إضافية
حتى الشعور بالجوع اختفى
صار يضبط منبّهات تذكّره بموعد الأكل
أما تلك اللوحة الصغيرة التي رسمها له تاو مينغتشو —
صورة الهامبرغر — فقد علقها الآن في مكتبه ،
لتكون رفيقته الصامتة وقت الوجبات ،
يحدّق فيها على أمل أن تحرّك فيه ولو لمحة شهية
لكن اللوحة ، في نهاية الأمر ، تظل مجرد لوحة
لا يمكنها أن تملأ ذلك الفراغ الذي في داخله
كان جينغ سي يتفهم قرار تاو مينغتشو
لم يكن يريد أن تُصبح مشكلته الشخصية عبئًا على حياة أحد ،
لا سيما عندما يتعلّق الأمر بشيء مهمّ كالعلاقات العاطفية
لم يكن ينوي أن يبوح بحالته لتاو مينغتشو أصلًا
أن يفعل ذلك كان سيبدو وكأنه يحشره في زاوية أخلاقية ضيقة ' أنا مريض ،
إذًا عليّك أن تتناول الطعام معي ،
إن رفضت ، فأنت بلا قلب وضمير '
لم يكن ذلك عدلًا تجاه تاو مينغتشو
مهما كان الأمر صعبًا، لم يستطع جينغ سي أن يجعل مرضه
عبئًا يُلقى على كتف شخص آخر
لكن، وكأن للكون حسّ ساخر ،
ساءت الأمور أكثر عندما صادف في إحدى الحفلات
المسائية وجهًا مألوفًا من الماضي ——-
ناداه ياو ليانتشن قاطعًا شروده : “ جينغ سي؟”
خلال سنوات دراسته في الخارج ،
شارك جينغ سي في بعض مشاريع تطوير الألعاب ،
وهناك تعرّف على ياو ليانتشن،
الذي كان مثله من خلفية علمية في الحوسبة ،
وله شغف كبير بتصميم الألعاب
انسجما مهنيًّا بشكل جيد،
وفي وقت لاحق، اقترح ياو ليانتشن عليه أن يجرّبا الدخول في علاقة عاطفية
قضيا وقتًا قصيرًا معًا، لكن بعد تفكير، أدرك جينغ سي أن لا
توافق حقيقي بينهما
فقرّر إنهاء الأمر مبكرًا قبل أن يتعمق، ولم يُكمل العلاقة
كانت الأمسية تجمع أغلبها أشخاص من مجالات ذات صلة،
لذا لم تكن مصادفة غريبة جدًا أن يلتقيا،
ولم يشعر جينغ سي بدهشة خاصة لرؤيته
ربما كانت حالة جينغ سي المتردّية ظاهرة بوضوح لدرجة أن
ياو ليانتشن لم يتمالك نفسه،
فحدّق فيه بنظرات مركزة وسأله:
“ يعني رفضتني حتى تتبع لي يوبو وفي النهاية انتهيت هكذا ؟”
مع أنهما لم يصبحا حبيبين حقًا ،
إلا أن ياو ليانتشن كان يقدّر موهبة جينغ سي وقدراته الاستثنائية ،
وقد عرض عليه لاحقًا العودة إلى البلاد والعمل معه على
مشاريع جديدة ،
لكن جينغ سي رفض بأدب
لي يوبو —- الذي ذكره ياو ليانتشن، هو المدير التنفيذي
الاسمي لشركة الألعاب التي يعمل بها جينغ سي
لكن ما لم يعرفه كثيرون،
هو أن المؤسس الحقيقي للشركة لم يكن لي يوبو —-
بل والد جينغ سي —— جينغ ويسونغ — أما لي يوبو فكان
في الحقيقة الأخ غير الشقيق لجينغ سي، من جهة الأم —-
( ابن لي لان — )
كانت لي لان متزوجة سابقًا،
ثم في الخامسة والثلاثين من عمرها تزوجت من جينغ ويسونغ،
وأحضرت معها ابنها لي يوبو الذي كان يبلغ من العمر تسع
سنوات وقتها
وبعد ثلاث سنوات من زواجهما ، أنجبت جينغ سي —-
كان جينغ ويسونغ رجلاً هادئًا وصادقًا
الشيئين الوحيدين اللذين أحبهما بصدق في حياته كانا البرمجة ، ولي لان
وقد عامل لي يوبو كما لو أنه ابنه البيولوجي تمامًا
كان لي يوبو وجينغ سي يتعاملان مع بعضهما كأنهما شقيقان حقيقيان
تمتع لي يوبو بشخصية اجتماعية منفتحة تشبه شخصية
والدته لي لان،
بينما جينغ سي لطيف ، حذر ، ودقيق ،
وقد ورث تلك الصفات عن والده جينغ ويسونغ
كانت شخصيات أفراد العائلة تُكمل بعضها البعض ،
فعاشوا في تناغم تام
لكن للأسف ، حين بلغ جينغ سي الثالثة عشرة من عمره ،
تُوفي جينغ ويسونغ بسبب السرطان ،
وكانت شركته آنذاك قد بدأت لتوها في تحقيق بعض التقدّم
وبما أن جينغ سي كان لا يزال صغير ،
تولّى أخوه غير الشقيق، لي يوبو، الذي يكبره باثنتي عشرة
سنة، إدارة الشركة، وتمكن من إدارتها بنجاح
كان لي يوبو جريئ في قراراته ،
وتحت قيادته نمت الشركة الصغيرة بسرعة ملحوظة
وبعد فترة ، حققت إحدى الألعاب التي كان جينغ ويسونغ
قد عمل عليها قبل وفاته نجاحًا ساحقًا ،
الأمر الذي جذب الأنظار إلى الشركة ووضعها في دائرة الضوء
ومع توسّع الفريق وانضمام العديد من الوجوه الجديدة،
أصبح لي يوبو، في نظر العالم الخارجي، المؤسس الفعلي للشركة ——-
وبعد بضع سنوات ، تخرّج جينغ سي من الجامعة —-
كان لي يوبو حاسمًا وجريئ ،
بينما جينغ سي مترويًا ودقيق
وكلاهما كان يتمتع بذكاء وقدرات ملحوظة ،
من النوع الذي يُلفت الأنظار أينما وُجد
ولو كان الأمر أشبه بسيناريو درامي لعائلة ثرية ،
لربما دخل الشقيقان في صراع على الميراث لا ينتهي إلا بسفك الدماء
غير أن الواقع كان مغايرًا تمامًا
وعندما تخرج جينغ سي من الجامعة
والدته لي لان لا تزال تخشى ركوب الطائرات ،
لذا قام لي يوبو — رغم ازدحام جدول أعماله ،
بإلغاء العديد من اجتماعاته وسافر من الخارج خصيصًا
لحضور حفل التخرج ، باعتباره فردًا من العائلة
وبعد الحفل ، ذهبا معًا إلى مطعم شرائح لحم قريب من الجامعة
تردّد لي يوبو طويلًا ثم تحدث :
“شياو سي هناك أمر أودّ مناقشته معك "
أخذ يُمهد للموضوع لبعض الوقت ،
ثم لخّص فكرته أخيرًا :
“ الشركة كانت في الأصل ملكًا للعم جينغ ويسونغ .
الآن وقد كبرت ، فقد حان الوقت لأعيدها إليك .”
لكن جينغ سي هزّ رأسه وقال :
“ أنت من بنى هذه الشركة ،
وبذلت فيها جهدًا كبيرًا طوال السنوات الماضية .
لا يمكنني أن آخذها .”
هزّ لي يوبو رأسه بسرعة مضاعفة :
“ لكن اسمك جينغ . كيف لي أن أستولي عليها ؟
ينبغي أن تعود إليك .”
فأجاب جينغ سي: “ أنت أخي الأكبر ، أنت أولى بها .”
وبعد جدال بسيط ، عبث لي يوبو برأسه وقال:
“ ما رأيك بهذا الحل ؟ نتناوب على إدارتها .
أنا أُديرها ثلاث سنوات ،
ثم تتولى أنت إدارتها لثلاث سنوات ، وهكذا دواليك .
ما رأيك ؟”
وافق جينغ سي مبتسمًا:
“ اتفقنا .
ولكن دعني أُخبرك… ما رشيته على قطعة الستيك قبل قليل
لم يكن فلفل ، بل كان مسحوق القرفة .”
تجمّد لي يوبو والعلبة لا تزال في يده :
“ لماذا لم تُخبرني بذلك في وقت سابق ؟”
…
وقد وافق هذا العام نهاية دورة الإدارة الأولى التي اتفقا عليها
خرج لي يوبو في إجازة مع حبيبته إلى الخارج وهو مطمئن البال ،
بينما عاد جينغ سي لتوّه وتسلّم زمام إدارة الشركة ——
وبالرغم من أن البعض كانوا يعلمون بوجود علاقة وثيقة بين لي يوبو وجينغ سي،
إلا أنهم ظنوا أنها مجرد علاقة بين مدير ونائب ،
ولم يرغب جينغ سي في كشف الحقيقة لـ ياو ليانتشن ( الحبيب السابق تقريباً )
قال جينغ سي بهدوء، “ ما زلت أعتقد أنني اتخذت القرار الصحيح .
لأنك تبدو مرتاحًا الآن، ما يعني أن مشاريعك تسير على ما يرام ...
ولو أنني عملت معك في ذلك الوقت، لكنت الآن بلا أي خبرة على الإطلاق .”
تنهد ياو ليانتشن بضيق : “ أقسم أنني لا أفهم كيف يمكنك
الحديث بهذه الحِدّة ،
ومع ذلك تبدو جذابًا بطريقة غريبة .”
ولأنه لاحظ انطفاء الحماس في عيني جينغ سي،
غيّر الموضوع بلطافة وسأله بنبرة أخف: “ كيف تشعر بعد عودتك ؟
هل التقيت بشخص قد يكون أنسب مني ؟”
كاد جينغ سي أن يضحك
قبل أن يعود إلى الصين، كان يحمل بعض الآمال الرومانسية في قلبه
لكن من كان يتوقّع أن يُصاب بمرض غريب بعد عودته بفترة قصيرة ؟
الآن، أكثر ما كان يُؤرّقه — وأكثر ما بدا تافهًا لكنه مزعج —
كان شيئًا بسيطًا جدًا : تناول الطعام ————
هزّ جينغ سي رأسه بخفة ،
ثم نقر بطرف أصبعه على كأس النبيذ في يد ياو ليانتشن
وقال : “ ليس بعد .
ربما يمكنك أن ترشح لي بعض الأسماء إذا سنحت الفرصة .”
كانت تلك طريقته الرقيقة في إيصال رسالة واضحة إلى ياو ليانتشن —-
حتى وإن لم يجد الشخص المناسب بعد ،
ففرصته معه قد انتهت تمامًا ——
تجمّد تعبير ياو ليانتشن للحظة ،
لكن جينغ سي بدّل الموضوع بسلاسة إلى مشروعه الجديد
وبمجرد أن انتقلت المحادثة إلى مجال خبرته،
بدا أن مزاج ياو ليانتشن قد تحسّن بوضوح
تبادلا الحديث لفترة طويلة ،
وكان ياو ليانتشن يتعمّد أن يملأ كأس جينغ سي باستمرار ،
حتى شرب جينغ سي أكثر مما كان ينوي
وعندما انتهى الحفل ،
كان جينغ سي قد بدأ يشعر بتأثير الكحول،
لكنه لا يزال يخطط للمرور على المكتب لأخذ بعض
المستندات—على أمل أن يجد وقتًا لتصفّحها لاحقًا في المنزل
لكنه بالغ في تقدير تحمّله للكحول ——
فقد كانت معدته خالية تمامًا بعد أن تخطّى الغداء والعشاء ،
فضربه تأثير الكحول أسرع بكثير مما توقّع
لم يتوقّع انخفاضًا في نسبة السكر في الدم فوقها
ولم يتوقّع أيضًا أن يُصادف تاو مينغتشو ——-
وفي صباح اليوم التالي ، حين تلاشى ضباب السُكر ،
كانت ذاكرة جينغ سي غائمة تمامًا
مزيج الكحول ونقص السكر في دمه تركه في حالة من التشوّش
تذكّر بشكلٍ ضبابي أن تاو مينغتشو ساعده،
وأوقف له سيارة أجرة ليُوصله إلى المنزل
كما تذكّر أيضًا أنهما قضيا بعض الوقت معًا في المكتب،
حيث ناوله تاو مينغتشو قطعة حلوى،
وسأله، على الأرجح : “ لماذا لم تأكل ؟”
لكن بقية الليلة كانت مبهبة مثل الضباب
لم يتذكّر كيف رد، ولا ما حدث بعد ذلك — فقط أنه، بعد
أسبوع شديد السوء، شعر بقلق لا يوصف
استيقظ جينغ سي متأخرًا ،
وبحلول الوقت الذي وصل فيه إلى المكتب ،
كانت الشمس قد بلغت منتصف النهار
وما إن خرج من المصعد وبدأ يسير في الممر باتجاه مكتبه،
حتى لمح تاو مينغتشو واقفًا هناك
كان تاو مينغتشو يحدّق داخل مكتبه الخاص
منذ اللحظة التي رأى فيها جينغ سي تاو مينغتشو لأول مرة،
شعر أن فيه شيئًا حيًّا مميز
كان أشبه بزهرة دوّار شمس طويلة ،
مليئة بندى الصباح ، تتجه نحو السماء
لم يكن هادئ أو متأنق ، بل كثير الخجل ،
و تركيزه الجاد على وجباته يكشف عن قلبه الصادق والبسيط
تذكّر جينغ سي اللحظة التي وصف فيها تاو مينغتشو
الشخص الذي يُعجَب به بتلك الطريقة المرتبكة
فكّر { أن يُحَبّني شخص بهدوء مثل تاو مينغتشو…
لا بد أن ذلك شعور مبهج
وجود تاو مينغتشو كان مريح بالنسبة لي ،
لذا حتى وإن كنت أملك شهية للأكل ،
لا أزال أرغب في أن أظل قريبًا من شخص مثله …. }
لكن جينغ سي كان يشعر دائمًا أن تاو مينغتشو، بسبب
الفارق الواضح في المكانة بينهما ،
يتصرف بتوتّر وخجل واضح أمامه
كان ذلك مؤسفًا بعض الشيء، لكنه كان يدرك جيدًا أنه لا
يجب أن يُجبر شيئًا لا يمكن أن يحدث
توقّف جينغ سي للحظة، ثم سأله برفق:
“ هل كنت تبحث عني ؟”
تجمّد تاو مينغتشو للحظة ، ثم استدار
لاحظ جينغ سي أن تعبيره يحمل بعض التردد،
وكأن هناك شيئ يريد قوله لكنه لا يستطيع
بعد تفكير وجيز ، تساءل جينغ سي في نفسه ما إذا كان قد
قال شيئًا غير لائق لتاو مينغتشو في الليلة الماضية بسبب حالته المخمورة
فقال بنبرة هادئة : “آسف… لم أكن يومًا جيدًا مع الكحول.
إن كنت قد قلت شيئًا غير مناسب البارحة ،
آمل ألا تأخذه على محمل الجد ….”
ثم ابتسم ابتسامة صغيرة : “ وأيضًا ، شكرًا لمساعدتك لي البارحة .”
نظر تاو مينغتشو إليه وهمهم بردٍّ مبهم
لكن عينيه ظلّت تعكسان ترددًا بعيد ،
وكأنه يرغب بالبوح بشيء لكنه لم يجد الشجاعة الكافية
لاحظ جينغ سي هذا التغير الطفيف في تعابيره ،
فسأله: “هل هناك شيء آخر؟”
توقف تاو مينغتشو لحظة قبل أن يرد: “ لا، فقط… أردت التأكد من أنك بخير .”
أومأ جينغ سي برفق، وابتسم مطمئنًا :
“ أنا بخير الآن، شكرًا لك.”
تأمل تاو مينغتشو وجهه بصمت للحظة،
ثم قال فجأة، وكأن الكلمات خرجت من قلبه مباشرة:
“ الحياة لا تسير دائمًا كما نريد… لكن مهما حدث،
لا يجب… لا يجب أبدًا أن تؤذي جسدك .”
رمش جينغ سي في حيرة : “ ماذا…؟”
ابتلع تاو مينغتشو بسرعة،
وكأنّه يحاول طرد فكرة ثقيلة،
ثم غيّر الموضوع فجأة: “ هل أكلت شيئ ؟”
الساعة قد تجاوزت الثانية ظهرًا —-
و كان جينغ سي قد أسرع إلى المكتب فور استيقاظه من
دون أن يُفكر في الطعام ،
ولم يشعر بالجوع أصلاً ، لذا نسي تمامًا أمر الغداء
لم يفهم تمامًا سبب سؤال تاو مينغتشو، لكنه أجاب
بصراحة: “ ليس بعد .”
عندها تغيّر تعبير تاو مينغتشو إلى مزيج من القلق الصادق،
وكأنّ إجابته قد آلمته
راقب جينغ سي نظره وهو يتنقل إلى اللوحة المُعلّقة على الحائط،
ثم نظر إليه مجددًا
أخذ الشاب نفسًا عميقًا،
وعيناه تضيقان بعزمٍ كما لو أنه على وشك اتخاذ قرار مهم
قال بجدية:
“ جينغ سي لقد دعوتني كثيرًا إلى أماكن رائعة وغالية الثمن… أعلم ذلك…
وكنت أشعر دائمًا ببعض الذنب حيال الأمر ...”
صوته مفعمًا بالصدق،
مما جعل جينغ سي يوشك على الضحك
فهو وحده من يعرف الحقيقة : لم يكن هناك أي مفهوم لـ ' الدَّين ' بينهما
بل إن الذكريات التي صنعها مع تاو مينغتشو لا يمكن أبدًا أن تُقاس بالمال
هزّ جينغ سي رأسه، داحضًا الفكرة : “ لا داعي لأن تشعر بالذنب ،
لا بأس—”
لكن تاو مينغتشو قاطعه بصوت حازم بشكل غير معتاد:
“ لذا من الآن فصاعدًا ،
سأ… سأستمر بتناول الغداء معك ….
لكن هذه المرة ..”، أضاف بنبرة حاسمة : “ أنا من سيدفع.”
فتح جينغ سي فمه ليقول ' لا بأس لاداعي ' لكن الكلمات
علقت في حلقه ،
وابتلعتها المفاجأة الحلوة في حزم تاو مينغتشو غير المتوقع
للحظة قصيرة ، راوده الشك فيما إذا كان قد سمعه بشكل صحيح
حدّق في وجهه، جامدًا، ثم سأله بعد صمت طويل:
“ لكن… أليس من المفترض أنك كنت تريد تناول الغداء مع الشخص الذي تُعجَب به؟”
تجمّد تاو مينغتشو للحظة
ثم، وكأن شيئًا ما انكسر بداخله،
ارتبك بسرعة وبدأ يصحّح نفسه على عجل:
“ صحيح، صحيح، إذًا الغداء غير مناسب… أعني… العشاء .”
رمش جينغ سي وهو يراقب تاو مينغتشو يخفض رأسه،
ويُخرج سعالًا خفيفًا، وكأنّ الحرج قد تملّكه
قال بصوت خافت ، وقد تلاشت كلماته في نهاية الجملة :
“ لا أقصد أي شيء آخر ،
فقط… فقط أريد أن أرد لك الجميل مقابل تلك الوجبات ”،
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق