القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch12 | Xia Fan Cai

 Ch12 | Xia Fan Cai


رصّت السكرتيرة ليانغ جينغجينغ الوثائق المطبوعة بعناية، 

وما إن استدارت حتى فوجئت بالشاب الطويل الواقف عند الباب


ارتبكت للحظة، 

ثم سمعت تاو مينغتشو يناديها باسمها:
" السكرتيرة ليانغ "


قالت وقد تجمّدت قليلاً:
" آه... إنه أنت ."

ثم التقطت أنفاسها بسرعة، 

وكتمت الكلمة التي كانت على وشك أن تفلت من شفتيها


أما بالنسبة لتاو مينغتشو فقد كانت ليانغ جينغجينغ تشعر 

نحوه بشيء من الامتنان


فهي الوحيدة التي كانت تعلم بحالة جينغ سي، 

والوحيدة التي فهمت تمامًا مقدار الأمل الذي جلبه ظهور 

تاو مينغتشو في حياة جينغ سي


فسألته بابتسامة بعدما فكرت قليلًا:
" هل جئت لرؤية السيد جينغ ؟ 

نائب الرئيس لديه اجتماع بعد قليل ، 

ربما يمكنك العودة بعد ساعة لرؤيته ؟"


لاحظت أن تاو مينغتشو تردد للحظة ، ثم هزّ رأسه و قال:


: " في الواقع، جئت لرؤيتك …."

تردّد قليلًا ثم تابع :
" أردت أن أسألك عن السيد جينغ… 

هل هناك أشياء معينة يحبها أو يكرهها في حياته اليومية ؟"



ليانغ جينغجينغ وقد بدت عليها الدهشة:
"...هاه؟"


يمكن القول إن أول "خطة حمقاء" وضعها تاو مينغتشو كانت فشلًا ذريعًا


وبعد أن تأمل في فشله ، 

توصّل إلى أن السبب الرئيسي هو أنه لم يكن يعرف ما يحبه 

جينغ سي أو يكرهه، 

لذا لم يتخذ أي خطوة موجّهة بدقة، 

وهو ما جعل جينغ سي لا يكرهه، لكنه لم يحبه أيضًا


تساءل في حيرة:
{ كيف له أن يتحلى بهذا القدر من الصبر؟ 

كيف لا يغضب حتى بعد كل هذا ؟ }


شعر تاو مينغتشو بأن مشاعر جينغ سي تجاهه ربما كانت أعمق مما كان يتصور


وبعد أن انتهى من شرب صف كامل من زجاجات حليب الكالسيوم AD، 

أدرك أنه بحاجة إلى اتخاذ إجراءات مدروسة


قرر أنه لن يعذّبهما مجددًا بقضية الطعام


فالناس كالحديد ، والطعام كالصلب ، 

وإهداره مؤسف … لم يكن يرغب في تكرار مأساة ' النكهة فائقة حرارة '

ووفقًا لما قالته ليانغ جينغجينغ، فإن جينغ سي ذو مزاج 

هادئ، ونادرًا يُظهر مشاعر نفور أو إعجاب واضحة تجاه شيء معين


فكرت للحظة وتابعت :" لكن إن كان لا بد من ذكر شيء...
فالسيد جينغ لا يحب السجائر كثيرًا . 

ويفضّل البيئات الهادئة . 

أما عن هواياته… فهو يطلب مني أحيانًا حجز تذاكر لمعارض 

فنية ، وهذا كل شيء تقريبًا ."


قرّر تاو مينغتشو أن يتعامل مع هذه النقاط واحدة تلو الأخرى


وكانت خطته الثانية أن يُدخّن أمام جينغ سي ——


في الحقيقة كان تاو مينغتشو يكره التدخين في الأماكن العامة ، 

ويعدّه عادة أنانية وسامّة ، 

تؤذي صاحبها ومن حوله


لكنه، بعد تفكير طويل، قرر المضي قدمًا في الخطة


كانت رائحة مكتب جينغ سي نقية، 

لا أثر فيها للدخان أو حتى طفايات السجائر، 

مما دلّ بوضوح على أنه لا يدخّن، 

بل وربما لا يحتمل فكرة التواجد مع من يفعل


كانا قد اتفقا على تناول العشاء معًا عند السادسة مساءً، 

و بعد انتهاء العمل في ذلك اليوم، 

توجّه تاو مينغتشو أولًا إلى متجر صغير في الأسفل


لم يكن لديه أي معرفة بأنواع السجائر ، 

وأربكه الحائط الملوّن خلف الكاونتر ، 

فاختار علبة من السجائر الأجنبية ، وأخفاها في جيب معطفه


ثم وقف خارج مدخل الشركة ، ينتظر لدقائق ، 

حتى لمح جينغ سي يخرج من المصعد ويتجه نحوه


قال له جينغ سي بابتسامة لطيفة:
" مساء الخير ."


رد تاو مينغتشو باختصار :
" همم… هيا بنا "



كان تناول العشاء مع تاو مينغتشو قد أصبح من الأمور التي 

ينتظرها جينغ سي بشغف، 

بل أصبح تاو مينغتشو ذاته هو الحافز الذي يدفعه للذهاب إلى العمل كل يوم


و الليلة ، قرّرا تناول أرز مقلي ——


حرّك تاو مينغتشو الأرز في طبقه وقال:
" الأرز المقلي هنا رائع حقًا . 

يستخدمون فيه قطع دهن الخنزير، والحصة ضخمة أليس لذيذًا ؟"


أومأ جينغ سي :
" لذيذ فعلًا ."





ثم أطال النظر إلى وجه تاو مينغتشو، ثم أنزل رأسه وتناول لقمة أخرى ببطء


باستثناء الحادثة الصغيرة في ليلة شواء الأسياخ ، 

سارت أمسياتهما السابقة بسلاسة


كان تاو مينغتشو يأخذ جينغ سي لاكتشاف بعض مطاعمه الشعبية المفضلة


وفي الآونة الأخيرة ، لم يعد تاو مينغتشو شارد الذهن أثناء العشاء كما كان من قبل، 

بل عاد إلى طبيعته—يأكل بانتباه واستمتاع



وكان هناك اختلاف واضح بين العشاء والغداء في الشركة


فالعشاء وقت خاص ، 

و الأجواء بينهما أقل رسميّة بكثير من تلك التي تفرضها أجواء العمل


بدأ جينغ سي يجد صعوبة متزايدة في تعريف العلاقة التي تربطه بتاو مينغتشو


لم تكن العلاقة بينهما تمامًا كالعلاقة بين رئيس ومرؤوس، 

ولا مجرد صداقة عادية


بل كانت أكثر خفوتًا ، وأشد تعقيدًا — رابطة مبهمة يصعب تعريفها بدقة


قرر جينغ سي، في الوقت الراهن، أن يطلق عليها اسم: [ رفيقا العشاء ]


وبحسب المنطق، فبمجرد انتهاء العشاء، كان من الطبيعي أن يفترقا


لكن على غير العادة، وبعد أن سدّدا الحساب، اقترح تاو مينغتشو عرضًا عابرًا :
" ضفة النهر قريبة من هنا ، ما رأيك أن نتمشى قليلًا ؟ 

لنُهضم العشاء ."


تردّد جينغ سي لحظة، ثم أومأ برأسه : " حسنًا ."



وهكذا، سار الاثنان على ضفة النهر الهادئة 

لكن شيئًا ما كان غير طبيعي


شعر جينغ سي أن تاو مينغتشو لم يكن حاضرًا تمامًا في هذه النزهة


كان يتلفت باستمرار ، و عيناه تراقبان المارة القلائل من 

حولهما، كأنما يبحث عن شيء ما


كانت الضفة ساكنة على نحو غريب، 

لا يكسر هدوءها سوى مرور سيارة عابرة، 

تنعكس أضواؤها على صفحة الماء الساكن


وفجأة، توقف تاو مينغتشو في مكانه


استدار، ومدّ يده نحو جيبه وكأن شيئًا مهمًا سيُقال :
" إذًا…" 


بدأ يتحدث ، لكن صوته تلاشى سريعًا


توقّف جينغ سي بدوره، ووقف يراقبه بصمت، ينتظر ما سيقوله



لكن قبل أن يتمكّن تاو مينغتشو من فتح فمه، 

ظهرت امرأة فجأة وهي تدفع عربة طفل، 

توقفت بجانبهما، وبدأت الحديث في الهاتف



ظهرت على ملامح تاو مينغتشو علامات الإحباط، 

وأخرج يده من جيبه وهو يزفر تنهيدة طويلة، 

مستسلمًا:
" ربما… لا يزال الوقت مبكرًا . هل نكمل المشي قليلًا ؟"



تابعا السير خمس دقائق إضافية ، 

وكانت خطوات تاو مينغتشو تزداد تردّدًا في كل مرة


حتى توقف مجددًا ، واستدار نحو جينغ سي


هذه المرة، أخرج علبة سجائر من جيبه، 

وقال بصوت أعلى من المعتاد:
" آه… يبدو أن الرغبة عادت ! ."


جينغ سي: "…؟"


ابتسم تاو مينغتشو بمرارة، وقد غلبه التعب


لم يتخيل أن يكون من الصعب إلى هذا الحد أن يجد مكانًا بنسمات نظيفة، 

بعيدًا عن الناس—وخاصة النساء والأطفال


وكأن المشهد كان معدًّا بدقة، 

فعندما أخرج علبة السجائر، 

ارتسمت على وجه جينغ سي ملامح اندهاش طفيفة


أعجبه هذا التفاعل ، فهزّ كتفيه بتصنّع لا مبالاة ، 

وتحدّث بنبرة عادية:
" آسف ، عادة قديمة ! 

حين أكون عالقًا أثناء الرسم ، أجد أن سيجارة سريعة تساعد على الإلهام . 

لم أتمكن من التخلص منها بعد ."


ثم صمت لحظة، ونظر إلى جينغ سي بلمحة خفيفة من المشاكسة:
" لا تمانع إن دخنت واحدة ، أليس كذلك ؟"



حدّق جينغ سي في علبة السجائر ببطء ، 

وكأنه يزن عواقب غير منطوقة ،

ثم، بعد لحظات ، قال بصوت هادئ على غير المتوقع :
" لا بأس… تفضل ."



كان تاو مينغتشو قد توقّع هذا الرد سلفًا

فأخذ نفسًا عميقًا، 

وأعدّ نفسه لأداء ' مسرحيته الصغيرة '


لكنه لم يكن قد فتح علبة سجائر من قبل، 

فانحنى قليلًا وهو يحاول فهم كيفية فتحها، 

حينها سأل جينغ سي بتردد —-


جينغ سي : " أتميل عادةً إلى سجائر النساء ؟"


تاو مينغتشو: "…؟"


خفض نظره أخيرًا، ولاحظ أن علبة السجائر التي اختارها، والمكتوبة كلها بالإنجليزية، تحمل شعار صغير لحذاء 

بكعب عالي على جانبها—سجائر مخصّصة للنساء، دون شك



في تلك اللحظة، شعر تاو مينغتشو وكأن الحياة انسحبت من جسده ~~~



حين اشتراها في وقت سابق، لم يلحظ العلامة التجارية


كان في عجلة من أمره، والصف أمام المحاسبة طويل

و كل ما لفت انتباهه هو تصميم العلبة—ألوانها الهادئة

وأناقتها البسيطة


تجمّد وجهه—-


: "... اااءءء ! عادة شخصية !!

تفضيل خاص ، لا بأس بذلك أليس كذلك؟"


خشي أن يلحظ جينغ سي شيئًا غير طبيعي، 

لكن هذا الأخير ابتسم ببساطة وأومأ:
" سجائر النساء عادةً تكون بنكهة أخف فعلًا ."


تنهد تاو مينغتشو تنهيدة ارتياح


—- بدأ العرض —- صحيح أن ' الأدوات المسرحية ' 

لم تكن مثالية، لكنه التزم بالدور ! 



بعثر بأصابعه داخل العلبة في ارتباك ، محاولًا إخراج سيجارة ، 

وكانت حركاته غير ماهرة بصراحة 


أما جينغ سي، فبقي يراقبه بصمت، والوقت يمضي ببطء ~~


قال تاو مينغتشو بتوتر خفيف، وكأنه يبرّر نفسه:
" أنا… أنا حقًا سأدخّن ! ."


ظلّ جينغ سي متحيرًا بعض الشيء ، لكنه لم يُعلّق

{ في النهاية ، الأمر مجرد سيجارة 

فلماذا هذا القلق المبالغ فيه؟ } 

اكتفى بالإيماء مجددًا:
" تفضل ؟ ."



لكن في اللحظة التالية ، وكأن فكرة ما لمعت في ذهنه، 

توقّف تاو مينغتشو فجأة في منتصف الحركة


ظلّ ممسكًا بالسيجارة، لكنه لم يشعلها


حدّق جينغ سي فيه بدهشة، يراقب ملامحه وقد اعتراه اضطراب غريب


تلبّد الهواء بينهما، معلّقًا في سكونٍ ثقيل ومربك


وبعد لحظة من الصمت، تكلّم جينغ سي بحذر، وكأنه يقيس النبض :
" أأنت… لم تُحضر ولاعة ؟ حقاً ؟"


———


بعد خمس عشرة دقيقة ، 

خرج تاو مينغتشو من متجر صغير قريب ، 

وضوء المدخل ينعكس على وجهه المرتبك ، 

كاشفًا عن خجل لم يفلح في إخفائه ~~



كان قد أحرج نفسه مرتين بالفعل الليلة، 

حتى بات يشعر بتنميل داخلي تام ~~~


كل ما أراده في تلك اللحظة هو إنهاء هذه السيجارة اللعينة، 

ووضع حدّ لهذه التمثيلية السخيفة بأسرع ما يمكن


كان الهواء على ضفة النهر باردًا بعض الشيء، 

والرياح تهبّ بقوة خفيفة


ارتبك تاو مينغتشو وهو يحاول إشعال السيجارة، 

و يعبث بالولاعة في يده، 

والشرارة تتراقص وتنطفئ دون أن تستجيب


بعد لحظات من العناد المرهق ، تمكّن أخيرًا من إشعالها، 

لكن ذلك الانتصار الصغير لم يمنحه أي قدر من الراحة


و بتصنّع لا مبالاة ، أخذ نفسًا منها—ثم ندم فورًا —-



فرغم أن سجائر النساء تكون عادة أخف من غيرها، 

إلا أنها المرة الأولى التي يدخن فيها تاو مينغتشو، 

فداهمه الدخان الحارق كلكمة في الحلق، 

وأحرق عينيه، وجعله يرتجف دون إرادة


لكنّه أصرّ على الحفاظ على هدوئه الظاهري، 

وزفر الدخان بتماسك مصطنع، 

ثم سأل بين سعال مكتوم:
" كح... كح... إذًا ، هل تحبّ الأشخاص المدخنين ؟"


نظر إليه جينغ سي بنظرة تحمل شيئًا من السخرية الوديّة، 

وأجاب بهدوء:
" ليس حقًا ."


كانت عبارة "ليس حقًا" بمثابة بلسم لكبرياء تاو مينغتشو الجريح ~ 

فنهضت معنوياته فجأة ، 

وشعر بأن خطّته بدأت تؤتي أُكلها أخيرًا !


كبح رغبة في السعال، وبدأ يُلقي بجمل كان قد حضّرها 

مُسبقاً ، بنبرة درامية متعمدة :
" آه، عليّ أن أعتذر إذًا… أنا من أولئك المدمنين على التبغ. 

كيف أقولها؟ 

أعلم أن هذه العادة مقزّزة ، بل أنانية أيضًا… 

لكنني ببساطة لا أستطيع الإقلاع عنها…"


ظلّ جينغ سي ينظر إليه بنفس النظرة الهادئة، ثم قال بصوت خافت:
" لا بأس بسيجارة بين حين وآخر . 

لكن… إن لم تخني الذاكرة ، لا أظن أنني رأيتك تدخن من قبل ."



تجمّد تاو مينغتشو، وبدأت أجراس الخطر تدقّ في رأسه :
"... ذلك لأنك لم تلاحظ فقط ! 

أنا أدخن كثيرًا في الخفاء ، 

ولا أعير اهتمامًا لمن حولي . 

في الحقيقة، أنا شخص غير مبالي تمامًا ."


أمال جينغ سي رأسه قليلًا وقال:
" آوه 

ولكن… ألم تبذل جهدًا للعثور على مكان لا يوجد فيه أحد ؟"


: "... لا أعلم عمّا تتحدث ! ."

قالها تاو مينغتشو بصوت مسطّح، 

كأنه يحاول إرغام الواقع نفسه على تصديق منطقه المتهافت


كان الدخان من حوله يزداد كثافة ، 

حتى بدأ يشعر بالغثيان من رائحته


لكن لم يكن أمامه سوى التماسك والاستمرار في تدخين تلك السيجارة، 

كأنه ممثل عنيد متمسّك بدوره رغم اختناق المشهد


أما جينغ سي، فلم يبدُو عليه أي انزعاج


وقف صامتًا إلى جانب السور، 

يحدّق في انعكاس الأضواء على سطح الماء، 

دون أي بادرة من ضيق أو ملل، 

ولا حتى طرفة عين تنمّ عن نفاذ الصبر


قرر تاو مينغتشو أن يلعب ورقته الأخيرة


بعد لحظة صمت قصيرة ، 

مدّ يده إلى جيب معطفه وأخرج علبة السجائر من جديد، 

ثم ناولها إلى جينغ سي بنبرة متظاهرة باللامبالاة:
" الوقوف هكذا لا بد أنه ممل . 

لمَ لا تشاركني واحدة ؟ 

تجربة جديدة ربما ؟"


أدار جينغ سي رأسه، وتلاقت عيناه بعيني تاو مينغتشو


لم يتكلم، ولم يتحرك، 

فقط ظلّ يحدّق فيه بتلك النظرة الهادئة الغامضة التي لا يمكن سبر أغوارها



تسارعت دقّات قلب تاو مينغتشو


{ لا بد أن هذه هي اللحظة ! — 

حتى أكثر الناس لطفًا لا بد أن لهم حدود 


ودعوة جينغ سي للتدخين، 

بعد أن قال صراحةً أنه لا يحب الأمر ، 

من المؤكد أنها ستثير استياءه أخيرًا !! }




لكن جينغ سي لم يجب فورًا


امتدّ صمته حتى بدأ تاو مينغتشو يشكّ في نفسه


ارتجفت علبة السجائر في يده قليلاً، وبدأت ثقته تتآكل.

{ ربما… لقد بالغت هذه المرة ؟ }


أراد سحب العلبة وإخفاءها على الفور، 

تمتم وهو يتراجع:
" لا بأس ، أنت—"


لكن قبل أن يُكمل جملته ، امتدت يد جينغ سي وأخذ العلبة منه

قال بهدوء:
" شكرًا ."



تجمّد تاو مينغتشو في مكانه، 

يراقب جينغ سي وهو يُنزل رأسه برشاقة، 

يُخرج سيجارة واحدة من العلبة، 

ويمسكها بين أصابعه بهدوء مدروس


وفي تلك اللحظة ، لم يستطع تاو مينغتشو إلا أن يلاحظ 

سلاسة حركاته — هدوءه وأناقة تصرّفاته ، 

كما لو أنه معتاد على هذا الأمر منذ زمن


يحمل السيجارة برقي ، 

بلمسة خالية من التوتر ، 

وكأنها امتداد طبيعي لجسده 


شعر تاو مينغتشو بقلقٍ مبهم ، 

{ شيء ما لا يبدو صحيح }


تحرّكت تفاحة آدم في حلقه بارتباك وهو يبتلع ، 

وسأل بصوت خافت:
" ألم تقل… أنك لا تحب التدخين ؟"



أدار جينغ سي السيجارة بين أصابعه، 

و يلمسها بخفة وأناقة


بدت السيجارة النحيلة ، ذات التصميم الدقيق ، 

وكأنها خُلقت لتكون في يده بالضبط ، 

منسجمة تمامًا مع وقاره ورهافته


قال جينغ سي بصوتٍ خافت ، 

تشوبه تنهيدة بالكاد تُسمع :
" بدلًا من القول إنني أكره المدخنين ، 

الأدق أن أقول إنني لم أكن أحب فعل التدخين ذاته . 


أما السبب... فببساطة لأنني في ذلك الوقت ، 

لم أكن أمتلك قدرًا كبيرًا من ضبط النفس . 

وكانت عملية الإقلاع عنه صعبة للغاية ."



اتسعت عينا تاو مينغتشو، وقد ارتسمت على ملامحه علامات الذهول
"...؟"



تابع جينغ سي، بنبرة خفيفة كأنه يتحدث عن الطقس:
" أما الآن ، فأنا أتحكم في نفسي جيدًا . 

لذا، تجربته بين الحين والآخر… لا بأس بها ."


أمال رأسه قليلًا إلى الأسفل ، 

وتحرّكت خصلات شعره بانسيابية مع النسيم ، 

ترتفع وتتهادى ثم تهبط مجددًا ، 

تحجب جزءًا من ملامحه وتمنح وجهه شيئ من الغموض العذب


ثم، وبحركة رشيقة طبيعية تمامًا ، وضع السيجارة بين شفتيه


أدار رأسه قليلًا، والسيجارة تتحرك بخفة مع كلماته، وسأل:
" هل تمانع أن تعطيني شعلة ؟"


كان في تلك اللحظة شيء مختلف في هيئته — تحوّل خافت 

في حضوره وهالته ، 


خروج ناعم من هدوئه المعتاد — أربك تاو مينغتشو تمامًا، 

وأوقعه في حالة من الذهول المذهل 


احتاج بضع ثوانٍ ليجمع أفكاره حتى يتمتم مرتبكًا:
" آه… أجل، طبعًا ."


ظن تاو مينغتشو أن جينغ سي يطلب منه أن يناوله الولاعة


لكنه لم يتوقع ما حدث بعد ذلك ——-


فبدون تردد ، والسيجارة لا تزال تتدلّى من شفتيه ، 

انحنى جينغ سي واقترب منه — اقترب كثيرًا —— 


اقترب حتى كادت أنوفهما أن تتلامس ——-


مدّ سيجارته غير المشتعلة باتجاه تلك المشتعلة بين شفتي تاو مينغتشو، 

و بحركة سلسة، طبيعية، خالية من الارتباك، 

كما لو أنه هذه أقرب الطرق وأكثرها بداهة 


و تلاشت المسافة بينهما في رمشة

 

كل ما رآه تاو مينغتشو في تلك اللحظة كان وجه جينغ سي


رموشه الطويلة المرتجفة قليلاً مع هبوب الرياح ، 

إيقاع تنفّسه الهادئ المنتظم ، 

وتفاصيل ملامحه المضيئة بلون الشعلة الخافت ، 

تومض وتخبو بانعكاس مع وهج السيجارة


رفع جينغ سي عينيه ، 

والتقت نظراته بنظرات تاو مينغتشو ———



وفي هدوء الليل ، 

لمعَ في عينيه بريق دافئ ، ناعم ونقي ، 

أصفى من ضوء المصابيح الشاحبة في الشارع


توهّج طرف السيجارة للحظة قصيرة ، اشتعلت ، ثم ابتعد جينغ سي بهدوء



عاد يمسك السيجارة بأطراف أصابعه بلطف، 

وزفر دخانًا خفيفًا، ناعمًا ومترفّعًا، 

التفّ في الهواء مثل أثر أنفاسه، 

ثم تلاشى مع نسمات الليل ——


قال بصوتٍ منخفض، يقطر نعومة:
" شكرًا ."

وابتسم ابتسامة طفيفة، 

لا هي ساخرة ولا خجولة، 

بل مزيج خافت من الثقة والرضا، 

كما لو أنه لم يفعل شيئ خارق على الإطلاق


يتبع


الكاتبة :
شخص ما يشتعل حرفيًّا الآن !


يشبهون هالآرت 🥹 : 


تشيبي رسمي من الويبو الخاص بالرواية : 





  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • عادي
  • متطور
  • ترتيب حسب الاحدث
    عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي