القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch19 | TDVWD

Ch19 | TDVWD



لم يُعر تشي مو ياو الكثير من الانتباه لما كان يحدث هناك. ففي النهاية، شؤون البطل والبطلة لا تعنيه في شيء


عاد هو ويي تشيانشي للتعامل مع الجيلينغشو الذي أمسكاه


ربما لم تكن مجموعة شي هواي راغبة بالجثة، 

لكن تشي مو ياو سيعتني بها ويستفيد منها جيدًا


فمزارعو طائفة يو تشونغ بارعون للغاية في معالجة واستخلاص كل الأجزاء المفيدة من جثث الوحوش الروحية، 

كما أن الأدوات التي يحملونها تسهّل عليهم المهمة، 

مما يسمح لهم بإنهائها في غضون ثلاث دقائق تقريبًا


في تلك اللحظة، كانت مينغ شاولو وصديقتها المقربة تحدّقان في اتجاه تشي مو ياو


وكان هناك مزارع شاب مغرم بمينغ شاولو، وكان يعلم أيضًا 

بوجود عداوة بينها وبين تشي مو ياو، لذا سأل الأخير بنبرة غير ودودة :

“ ألستما من طائفة يو تشونغ؟ 

فلماذا تصطادان الوحوش الروحية إذن ؟”


أثار هذا السؤال حيرة تشي مو ياو، لكنه أجاب رغم ذلك:

“ لنأخذ القماش كمثال . بعضه يُستخدم لصنع القمصان، 

وبعضه للبنطال. 

هل سترتدي بنطالًا على رأسك؟ بالطبع لا. 

لكل شيء استخدامه المناسب، والأمر نفسه ينطبق على الوحوش الروحية. 

نربّي الوحوش التي يمكن التعاقد معها، 

ونصطاد الأنواع المفيدة لنبيع أجزاءها في السوق. 

لكل شيء استخدامه، هذا كل ما في الأمر .”


وكانت يي تشيانشي تحمل دومًا جانبًا لاذعًا في شخصيتها، 

ولم يعجبها هذا السؤال، فسألت تشي مو ياو ببراءة مصطنعة:

“ شيدي هل هؤلاء لا يعرفون القراءة ؟”


لكن تشي مو ياو ظل محافظًا على نبرته اللطيفة وهو يجيب:

“ لا أظن ذلك. فهم جميعًا من تلاميذ الطوائف الكبرى .”


فأردفت يي تشيانشي : “ إذاً كيف لا يفهمون منطقًا بسيطًا كهذا إذن؟”


وكانت تلك الجملة وحدها كفيلة بجعل البخار يتصاعد من أنف ذلك المزارع غيظًا


حينها، رمقته مينغ شاولو بنظرة تفيد بضرورة التزام الهدوء، ثم قالت بنبرة مهذبة:

“أرى أنكما ماهران للغاية في التعامل مع جثث الوحوش 

الروحية، على عكسنا تمامًا… إن تمكنا من إسقاط أحد الجيلينغشو لاحقًا، هل يمكن أن تساعدانا في معالجته؟”


كلماتها كانت مهذبة بلا شائبة ، لكنها في الحقيقة سخرية خفية


فهم، تلاميذ طوائف عريقة، لم تلمس أيديهم الأعمال الشاقة قط ؛ فكيف لهم أن يعرفوا كيفيّة التعامل مع جثث الكائنات؟ 

من الطبيعي أن يدفعوا هذا العمل القذر لمزارعي طائفة وضيعة مثل يو تشونغ


لم يغضب تشي مو ياو، بل ابتسم قائلاً:

“ بالطبع. في السابق، كنا نتقاضى الحجارة الروحية مقابل معالجة الوحوش الروحية داخل الطائفة . 

أما الآن، فبما أن هذه رحلة خارجية ، يمكن الدفع بشيء 

آخر. ما رأيكِ بتقسيم سبعة لكم وثلاثة لنا مقابل معالجة الجيلينغشو التي تصطادونها ؟”


أصاب سؤالُه مينغ شاولو بالخرس للحظات 


فهي تلميذة طائفة نوان يان الرفيعة ، كما أنها من عائلة مينغ المرموقة


من في عالم الزراعة لا يُظهر لها المودة ويحاول التقرب منها؟


كانت تظن أنه بمجرد رغبتها في التخلص من هذه المهمة 

الحقيرة وإلقائها على عاتق هذين الاثنين من طائفة يو 

تشونغ، فسوف يسارعان إلى قبولها دون اعتراض

لكنها الآن تُفاجأ بمفاوضة 


وبما أن تقييم كل شخص في هذه الرحلة يعتمد على عدد الجيلينغشو التي يصطاده ، 

فإن منح جزء منها لهذين الاثنين سيقلل مباشرةً من نقاطها


كان يو يانشو قد فهم نوايا مينغ شاولو من كلماتها، 

وعرف أنها تحاول التطفّل على جهود الآخرين


لكن بما أنهما قد حددا شروطًا لم ترق لها، فقد أصبحت في موقف حرج، لذا قال:

“ ما رأيكم أن يُعالج كل منا صيده بنفسه ؟ 

هذا النوع من التعاون غير عادل للجميع .”


في الحقيقة لم يكن تشي مو ياو ينوي التعاون معهم من الأصل ،، وبعد أن أنهى معالجة الجيلينغشو ، جلس مع يي تشيانشي للاستراحة


أما مينغ شاولو، فلم تقل لهما كلمة أخرى بعد ذلك، 

لكن يو يانشو اقترب منها وقال بصوت خافت :

“ في مثل هذه الرحلات، نحن جميعًا متساوون . 

انتبهي لتصرفاتكِ .”


كان يو يانشو يُعطي مينغ شاولو بعض الاعتبار بتوبيخها على انفراد


وبما أن يو يانشو أيضًا من طائفة نوان يان وينتمي إلى عائلة ذات مكانة مرموقة، 

لم يكن أمام مينغ شاولو سوى التحمّل


كل ما استطاعت فعله هو كبت ضيقها


أما نظرات يو يانشو التحذيرية فكانت موجهة أيضًا لذلك المزارع الذي تدخل سابقًا، 

والذي لم يجرؤ على البقاء في مكانه، فانسحب مبتعدًا بسرعة


في البداية، كانت مينغ شاولو منزعجة جدًا


فهي تعلم أن شي هواي طالما حمل مشاعر تجاهها ،، 

وربما جمع كل هذه الجيلينغشو في هذا المكان ليحظى باهتمامها ،،

وربما كان يخطط للتدخل وإنقاذها حين تنهكها المعركة ، ليلعب دور البطل


{ يا له من تصرف ساذج ! }


لذا تجاهلت شي هواي عمدًا ، وتعاونت مع تلاميذ طائفتها لقتل الجيلينغشو 


لكن فجأة، قام شي هواي بدفع صديقه الجيد عن الجرف


وذلك الشاب ذو المطرقة كان مزعجًا بحق

الشرر المتطاير من ضرباته أصابها عدة مرات


وعندما رفعت رأسها غاضبة ونظرت إلى شي هواي، رأته يبتسم بسخرية، غير مكترث تمامًا


{ لمَ عليّ أن أعجب بحثالة مثل هذا ؟} فكّرت مينغ شاولو

{ كلما زاد تمثيله ، زاد اشمئزازي منه }


لكن في نهاية المطاف ، لاحظت كيف أن شي هواي منع 

تشي مو ياو من المغادرة ، بل بدا وكأنه يمازحه أيضًا


كانت النظرات التي يوجهها شي هواي إلى تشي مو ياو… 

تمامًا كالنظرات التي كان يوجهها لها قبل ولادتها من جديد


تسللت موجة من الضيق إلى قلبها


{ إذًا شي هواي حقًا عبد للجمال ! 


مستعد حتى لمغازلة الرجال إن كانوا جميلين بما فيه الكفاية؟ 


مقزز !

مقزز للغاية }


قبل قليل ، كانت مينغ شاولو ترغب في أن تُري تشي مو ياو 

الفارق الهائل بين مستواهما، 

ذلك الفرق الذي لا يمكن تجاوزه


لكنها لم تتوقع أن يكون بهذه الرقة ، وكأنها ضربت سحابة… 

لم تشعر بأدنى رضا


زاد ذلك من نفورها من تشي مو ياو


وبالطبع، كانت لا تزال تكره شي هواي أكثر



في الليل…


ساء الطقس فجأة داخل مصفوفة ميتيان تونغيين، واجتاحت الثلوج والعواصف جميع أرجائها


وبالطبع، فإن العواصف العادية لا تُعيق المزارعين


فبعد سنوات من التمرّس والزراعة والتأمل ، أجسادهم اعتادت هذه الظروف


لكن المشكلة هنا أن هذه العاصفة كانت مشبعة بالطاقة الروحية


فالرياح تحوي تقنيات عنصرية من عنصر الرياح، أما الثلج، 

فكان ينبعث منه ضغط غريب


أولئك الذين غطتهم الثلوج وجدوا أن طاقاتهم الروحية قد 

خُتمت جزئيًا ، وصار التحكم بها أصعب بكثير


في مثل هذه الظروف ، كان الخيار الأمثل هو تجنّب المواجهة ؛

لذا ، لجأ الفريق إلى كهف للاحتماء به، 

وأقاموا حاجزًا عند المدخل لصدّ العاصفة


بدأت الرياح والثلوج تضرب الحاجز وكأنها لكمات غاضبة


وسرعان ما تراكمت الثلوج خارجه حتى بدت كأنها بطانية 

بيضاء سميكة حجبت العالم الخارجي بالكامل


وُضعت أدوات روحية مضيئة في أنحاء الكهف، 

تنبعث منها أنوار برتقالية-صفراء دافئة


فارتسمت ظلال طويلة على الجدران، تتحرك مع كل خطوة داخل الكهف


أخرج تشي مو ياو معطف مصنوع من جلد حيوان من 

الحقيبة الكونية خاصته، 

وغطّى بها يي تشيانشي


أما هو، فاكتفى بلحاف صغير


كانت أجسادهما أقل صلابة من تلاميذ طائفة نوان يان، 

ولم يكن مستواهما الروحي مرتفع بما يكفي لتحمّل هذه البرودة، 

لذا كان عليهما الاعتماد على وسائل أخرى لدرء البرد


في هذه اللحظة ، فتح المزارع الذي يحمل ضغينة تجاه 

تشي مو ياو فمه من جديد قائلاً:

“ أنت من طائفة يو تشونغ، معطفك لا يبدو سيئ . 

هل تبيعها لي؟ 

شاولو أُصيبت في الرحلة السابقة، ولا يليق أن تصاب بالبرد. 

إن ساعدتنا، سأعطيك خمسمئة حجر روحي .”


من الواضح أنه أراد شراء المعطف لإرضاء مينغ شاولو


كان طلب شراء شيء يستخدمه أحدهم للاحتماء من البرد 

في مثل هذه الظروف إهانة صريحة


والمبلغ المعروض أيضًا أظهر مدى استخفافه بطائفة يو تشونغ وفقرها


بكلماته ، أوصل لهم رسالة مفادها أن حياتهم لا تساوي شيئًا، حتى لو ماتوا تجمّدًا


بطبيعة الحال، لم يكن تشي مو ياو يرغب في بيع المعطف. 

لم يكن لديهم غيرها، ومن يعلم كم ستدوم هذه العاصفة؟ 

وإن حدثت موجة برد أخرى في المستقبل، فماذا سيفعلون حينها؟


لكنه إن رفض مجددًا، 

فسوف يُغضب هذا الشخص، ومن المرجح أن يبدأ بمضايقته هو والشيجي الصغيرة بقية الرحلة


تنهد تشي مو ياو وقال:

“ بالطبع يمكنني بيع المعطف إن كان ذلك سيساعد الأخت مينغ

لكن… هذا المعطف في الحقيقة لا يناسب المزارِعات.”


نظر ذلك المزارع مجددًا إلى المعطف ،، 

مكسوّ بفرو أبيض ناصع يلمع بنعومة، 

ويبدو أنها ستبدو رائعة مع أي زيّ روحاني ، 

فكيف لا يكون مناسب ؟


فسأله بنبرة غير لطيفة:

“ ماذا تعني بأنها لا تناسبها ؟ 

أتقصد أن خمسمئة حجر روحي لا تكفي؟”


ردّ تشي مو ياو بهدوء:

“ هذه مصنوعة من فرو ثعلب الفضة وو يان. 

وكما يعلم الجميع، لهذا الثعلب هالة من الإغواء. 

من يرتدي فروه سيصبح أكثر إغراءً. 

و الأخت مينغ مزارعة طاهرة وبريئة، 

فمثل هذا الغرض الذي يُظهرها بمظهر جذاب بدلًا من دافئ، لا يليق بها .”


تجمّد المزارع في مكانه : “ يُظهر الشخص بمظهر مغرٍ؟”



أومأ تشي مو ياو: “ نعم. 

لو لم يكن البرد قارسًا لهذه الدرجة، لما وضعتُه على شيجي . 

فأنا المعتاد على ارتدائه بسبب ضعفي البدني، وهو ما غيّر مظهري مع الوقت ليصبح أكثر أنوثة . 

يمكنني أن أتخيل مدى تأثيره على فتاة إن ارتدته .”


كانت يي تشيانشي تجلس تحت المعطف ، تحدّق بعينين 

واسعتين وهي تستمع إلى تشي مو ياو وهو ينسج الأكاذيب


{ ماذا تقصد بـ(كما يعلم الجميع )؟ 


لم أسمع بهذا من قبل قط 


كان يستغل جهل المزارعين الآخرين بأرواح الوحوش، لكن كلماته كانت مقنعة للغاية }


ومع أنها تعلم أنه يكذب ، إلا أنها أومأت برأسها بجدية من حين لآخر لتدعمه


سمعت إحدى المزارعات حديثه فالتفتت بدهشة وقالت:

“ إذاً أصبحتَ هكذا بسبب ارتدائك لهذا المعطف ؟”


تنهد تشي مو ياو بحزن وكأن الموضوع يؤلمه:

“ أنا في صراع داخلي دائم بسبب شكلي غير الرجولي . 

لكنني لا أستطيع التخلي عن هذا المعطف الثمين .”


فجأة، ازداد عدد المهتمين بالمعطف . مزارعة أخرى قالت بصراحة :

“ أعطيك ثمانمئة حجر روحي مقابلها ! 

أريد أن أصبح أكثر جاذبية . 

الجميع يقول إنني أشبه الأولاد !”


ثم التفتت إلى ذلك المزارع

“ شيشيونغ لن تتشاجر معي عليها، صحيح ؟ 

الأخت مينغ تسعى دومًا للجمال النقي والروحاني ، 

وهي تكره الشكل المثير كالثعالب ، أليس كذلك ؟”


أما تشي مو ياو، فلم يقل شيئ


فقط أنزل نظره، وكأنه لا يزال في حيرة كبيرة


في هذه الأثناء ، جلست يي تشيانشي بصمت ، 

تستمع إلى مزاد السعر الذي اشتعل بين المزارعات


شعرت فجأة أن طائفة يو تشونغ لن تقلق بشأن شراء حبوب 

النكهات المئة لسنوات قادمة


كل ما أرادته هو أن تمنح تشي مو ياو إبهامًا مرفوعًا 👍🏼👍🏼👍🏼 بكل فخر ~~


خارج الكهف ، ضحك زونغ سيتشن بخفة بعدما استمع إلى كل ما جرى

ثم نقل صوته الإلهي إلى رفيقيه قائلاً:

" ذلك الجميل الشاب من طائفة يو تشونغ مثير للاهتمام فعلًا . 

كان يعلم أنه سيضطر لبيع المعطف ، لكن الأمر أزعجه ، 

لذا ابتكر خطة تجعل المزارع الذي طلبها يشعر بالضيق أيضًا . 

وبما أن الأخير أحرجه بالحديث عن الأحجار الروحية ، 

رد عليه بإطلاق مزاد لترتفع الأسعار جنونيًا ، ويُعيد له 

الإهانة. يبدو أنه صاحب بأس "


لم يفهم سونغ وييو المغزى، فسأل:

" هل حقًا المسألة بهذا العمق؟ "


شرح له زونغ سيتشن:

" الجميل الشاب استغل مظهره الجميل ونسب السبب إلى المعطف . 

وبما أن الآخرين يتفقون على أنه جميل ، بدأوا يهتمون 

بعنصر خارجي قيل أنه السبب ، وبدأوا يتقاتلون عليه "


سونغ وييو: " آآآههههاااااا …" رغم أنه لا يزال غير مستوعب للأمر ~~

يبدو أنه حقًا من الأفضل له أن يبقى مركزًا على القتال فقط


أما شي هواي، فظل يستمع دون أن يُبدي أي تعليق



داخل الكهف، انتهى المزاد أخيرًا، 

وانتقل المعطف مقابل ألف ومئتي حجر روحي ~

وكانت تعابير ذلك المزارع ومينغ شاولو كأنهم ابتلعوا ليمونة


لكن في تلك اللحظة ، تغير الجو فجأة داخل الكهف حين دخل شخص بخطى واثقة


شي هواي اخترق الحاجز الموضوع عند مدخل الكهف بكل بساطة


ثم ألقى نظرة على من في الداخل، 

وجلس في مكان لا هو قريب ولا بعيد عن تشي مو ياو


وطبعًا، تبعه كل من سونغ وييو وزونغ سيتشن وجلسا إلى جانبه


كان كل من تشي مو ياو ويي تشيانشي ينتميان إلى طائفة صغيرة، 

ولم يكن لهما مكان بين الآخرين، لذا حين دخلوا الكهف، 

اختارا بذكاء أبرد مكان قريب من المدخل، تاركَين المركز الدافئ للآخرين


هذا الترتيب جعلهم معزولين فعليًا عن تلاميذ طائفة نوان يان، إذ كانوا في الطرف الخارجي


وعندما جاء شي هواي، بادره أحد المزارعين في مرحلة 

الجوهر الذهبي، وكان من الأعلى رتبة بينهم، بسؤال حاد:

" ما الذي تفعله هنا؟ "


شي هواي لم يهتم بحدة نبرته، 

وبدأ يخرج أدوات روحية من جرس كنوز الطيف وهو يرد:

" ما بك؟ 

تظن نفسك ملك هذا الجبل ؟ 

آخر من ظن ذلك كان قطيع قرود " 


(يُلمّح إلى سون ووكونغ، ملك القردة في الأساطير الصينية)


المزارع في مرحلة الجوهر الذهبي: " ….… "


وبعد أن انتهى شي هواي من ترتيب أدواته، 

أصبحت الحماية الروحية داخل الكهف أقوى، 

وارتفعت الحرارة حتى زال البرد تمامًا


كان حاجز شي هواي فعالًا في صدّ البرد


نظر بطرف عينه إلى تشي مو ياو، الذي لا يزال ملتفًا ببطانيته الصغيرة ، ثم أخرج مدفأة صغيرة


كان الفرن فضيّ مائلًا إلى الأبيض، مصممًا بعناية فائقة


زُيِّن غطاؤه بمينا “كلوازوني” بنقوش سحب مباركة ، 

و أسماك منقوشة تسبح تحت الفتحة ، 

ذيولها تتمايل بهدوء


نقش الـ كلوازوني :


مدفأة :




و في الأسفل إطار مُحاط بنقوش حراشف السمك ليضع 

عليه المرء قدميه، أما المقبض فكان مصممًا على هيئة سمكة تقفز من الماء


بمجرد تشغيله، انبعث منه عبير عطِر، وبدأت الدفء ينتشر تدريجيًا، دافعًا البرودة بعيدًا


وكان لهذا العطر خاصية مهدئة تساعد على التأمل وتعزيز تدفّق الطاقة الروحية في الجسم


لم يكن تلاميذ طائفة نوان يان يفتقرون إلى أدوات روحية كهذه ، بل كانوا ممنوعين من اصطحاب الأدوات الفاخرة 

خلال المهمات بأوامر من الطائفة


وهذا ما جعل فرن شي هواي يبدو أكثر فخامة وتميزًا


ومع أن الكهف قد أصبح دافئًا بالفعل، 

لم يُسارع تشي مو ياو إلى نزع بطانيته


أراد أن يعتاد تدريجيًا على درجة الحرارة المرتفعة، 

لأن تغيّر الحرارة المفاجئ قد يُؤدي إلى المرض


لكن شي هواي أساء الفهم وظن أن تشي مو ياو ما زال يشعر بالبرد، فأخرج أداة تسخين أخرى


وفجأة، أصبح الكهف حارًا بما يكفي لطهو اللحم ~~


فقدت مينغ شاولو أعصابها وقالت ببرود:

" لا تفتعل مثل هذه الحركات ، يا شي هواي. 

مهما كانت بنية الجسد قوية، فلن يتحمل أحد ارتفاع الحرارة المفاجئ بهذا الشكل "


توقف شي هواي لحظة، مندهشًا من أن شخصًا لا يعرفه – 

امرأة – وجهت له كلامًا كهذا


ماذا كانت رد فعله على كلامها ؟ 


اختصر نطاق حاجزه ليشمل فقط ثلاثتهم : هو ، وتشي مو ياو، ويي تشيانشي


وفي لحظة ، انخفضت حرارة بقية الكهف بشكل مرعب، 

وانتقل الآخرون من حرارته الاستوائية إلى برد جليدي من جديد


لم تستطع مينغ شاولو إلا أن ترتجف ، 

واضطرت لتدوير طاقتها الروحية كي تستعيد توازنها ~~~


رمقت شي هواي بنظرة غاضبة ، لكنها فوجئت بأنه لا ينظر إليها أصلًا


أما بقية المزارعين ، فقد بدوا متوترين وحذرين ، وكأنهم يخشون أن ينقض عليهم في أي لحظة


في هذه الأثناء ، كان تشي مو ياو بالكاد يتحمّل الحرارة المرتفعة ، فقال بصوت خافت:

" هل… يمكنك أن تُعيد أحد الأفران إلى الحقيبة ؟ "


تدخل سونغ وييو فورًا:

" أجل، أعد واحدًا منها، ملابسي المسحورة أصبحت تغلي من الحرارة "


عندها فقط أعاد شي هواي أحد الأفران، لكنه تمتم باستياء:

" أنتم دقيقو الملاحظة أكثر من اللازم…"


تشي مو ياو لم يُجب


أما يي تشيانشي فكانت تحدّق في المشهد بعينين متسعتين، غير قادرة على استيعاب كيف وصل بهم الحال إلى هذا


لكن على الأقل، لم يعد البرد يُهددهما داخل نطاق حاجز شي هواي، بل كانت الحرارة داخله مريحة فعلًا


وفي المقابل، كان مشهد تلاميذ طائفة نوان يان وهم يحاولون التأمل بهدوء وسط البرد القارس يبدو مشهدًا مشبعًا للروح


لم يغادر تشي مو ياو المكان أيضًا


فطالما أن يي تشيانشي تستفيد من حرارة الحاجز ، وخاصة 

بعد أن باعا المعطف ، وهو وسيلتها الوحيدة للبقاء دافئة، 

فلا فائدة من الخروج الآن


تساءل تشي مو ياو عما إذا كان ينبغي عليه ردّ الجميل الذي قُدّم له للتو


أخرج طقم شاي من حقيبته السحرية وبدأ بإعداد الشاي في الحال، ثم التفت إلى مجموعة شي هواي وسأل:

" هل ترغبون ببعض الشاي؟"


لم يرفض شي هواي، بل مدّ يده باتجاه تشي مو ياو


ولم يُدرك تشي مو ياو مدى ضخامة يدي شي هواي إلا 

عندما سلّمه فنجان الشاي


بدا الفنجان العادي أشبه بكُرة زجاجية صغيرة بين أصابعه


أخذ سونغ وييو وزونغ سيتشن الشاي أيضًا بأدب، وارتشفا منه ببطء


أما يي تشيانشي، والتي عادةً لا تستهويها المشروبات الساخنة، فقد شعرت بأن الجو ملائم تمامًا لتناول الشاي، فانضمت إليهم


في تلك اللحظة، كان مزارعو طائفة نوان يان يتأملون وسط رياح لاذعة كي لا تتجمد أجسادهم 


بينما أولئك الخمسة داخل الحاجز يستمتعون بجو دافئ وكوب من الشاي


تشي مو ياو جلس بهدوء في أحد الزوايا، يحتضن فنجانه بين يديه


لم يكن شي هواي ينظر إليه، لكنه كان يراقبه باستخدام حاسة الإله


خطرت في باله فكرة مفاجئة:

{ إن كان تشي مو ياو هو آ-جيو، فهل كان هذا شكله حينذاك، عندما كان يتكوّم في الزاوية ؟ 


آ-جيو كان يتمتع بشخصية هادئة وثابتة


بإمكانه أن يجلس في الظلام لأيام دون أن ينبس بكلمة 


فهل كان يبدو كمثل هذا الفتى الآن ؟


جسد نحيل ملتف على نفسه، وكمّاه مفرودان مثل زهرة 

تتفتح، يبدو لطيفًا ومطيعًا للغاية؟ }


أما زونغ سيتشن، فكان يراقب المشهد مبتسمًا، ثم بعث 

برسالة باستخدام الإحساس الإلهي إلى سونغ وييو فقط:

" يبدو أن سيد الطائفة الصغير اختار الأجمل بين المشتبه بهم ليراقبه ~~ "


سونغ وييو تمسّك بفنجان الشاي بكلتا يديه، مستمتعًا بأقصى درجات الراحة، وردّ عليه:

" صحيح . 

كان كالمجنون في السنتين الماضية ، لكن الآن… يبدو أنه لا 

يزال نفس سيد الطائفة الشاب الذي أعرفه "


لكن في هذه اللحظة بالذات ، شعر الاثنان بانخفاض حادّ في مزاج شي هواي


ولأن حواسهم الإلهية كانت متصلة سابقًا ، 

فقد تمكنا من تمييز مشاعره إلى حد ما


وكان من الواضح أنه شعر بالاستياء


تبعا نظرة شي هواي، فرأيا تشي مو ياو يستخدم تقنية تحريك الأشياء ليُقدِّم كوبًا دافئًا من الشاي إلى يو يانشو، 

الذي أخذه واحتسى منه بهدوء


وفي لحظة، فهم كلاهما السبب


هذا النوع من التعاون الصامت والتلقائي لا يتم إلا بين 

مزارعين سبق أن وصلوا إلى مرحلة تبادل الإحساس الإلهي، 

وتمكنوا من إرسال رسائل ذهنية لبعضهم البعض


في عالم الزراعة ، لم يكن من المألوف أن يسمح أحدهم للآخر بربط الحواس الإلهية به، 

إذ لا تُستخدم هذه التقنية إلا بين من تربطهم علاقة وثيقة، 

نظرًا لما تتيحه من إمكانية الإحساس بمشاعر الطرف الآخر

— وهو أمر يثير حساسية لدى الكثيرين


ومع ذلك، كان تشي مو ياو ويو يانشو قد ربطا حواسهما الإلهية ببعضهما البعض


لكن —- في الحقيقة ، تم هذا الربط خصيصًا من أجل هذه الرحلة —- 


لم يكن من المناسب أن يتواصل يو يانشو علنًا مع تشي مو ياو في كل مرة، 


كما أنه لم يكن من اللائق أن يربط حواسه مع فتاة مثل يي تشيانشي، لذا انتهى به الأمر إلى ربطها مع تشي مو ياو


أما تشي مو ياو، فقد كان يفكر في مدى اهتمام يو يانشو به في الفترة الأخيرة، 

لذا نقل له عرض تقديم الشاي عبر الإحساس الإلهي، 

ويو يانشو بدوره لم يفكر في الأمر كثيرًا وقبل العرض ببساطة


أما شي هواي، فظلّ يحدق في كوب الشاي الذي يحمله يو يانشو، وسحابة من الانزعاج تعتلي وجهه


والأسوأ أن هذا يحدث في وقتٍ لم يكن فيه متأكدًا بعد من 

أن تشي مو ياو هو آ-جيو


ولو تأكد من الأمر، لأطلق العنان لغضبه وبدأ في قتل الجميع دون تردد


لكن تشي مو ياو لم يكن مدركًا لأي من ذلك


فدفء الحاجز المحيط به جعله يشعر بالنعاس




سحب اللحاف الصغير على جسده أكثر، والتفّ على نفسه في الزاوية، يخطط لأخذ غفوة قصيرة


يي تشيانشي كانت قد اعتادت على عادة الشيدي في النوم متى سنحت له الفرصة ، 

فتمدّدت بجانبه تحت لحافها بهدوء، وأغمضت عينيها


كانت طائفة يو تشونغ غريبة الأطوار من نواحٍ عديدة في عالم الزراعة


فقد شاع عنهم أنهم لا يمارسون تقنية التوقف عن الأكل مثل غيرهم، 

بل يتناولون الطعام العادي، ويذهبون للنوم كل ليلة،

ويعيشون كأنهم بشر عاديون بعمر طويل


ولهذا، لم يُعِر أحد من الحاضرين تصرفاتهم هذه أي اهتمام


وكان من ضمن هؤلاء، مجموعة شي هواي


نام تشي مو ياو بهدوء في البداية، لكنه بدأ شيئًا فشيئًا ينجذب إلى مصدر الحرارة القريب والمألوف


أما شي هواي، فكان منشغلاً بالتحديق في يو يانشو، 

منزعجًا من أنه لم يُرجع له كوب الشاي بعد 

{ —ما الذي يفعله؟ 

هل يُخطّط للاحتفاظ به إلى الأبد ؟ }


ثم لاحظ فجأة أن تشي مو ياو بدأ يقترب منه أثناء نومه


في البداية ، لم يُعره اهتمام ولم يُبعده


إلى أن بدأ تشي مو ياو النائم بشدّ كمّ رداء شي هواي معتقدًا أنه بطانيته ، 

بل وبدأ يسحب الكمّ عدة مرات ليضبط “وضعية اللحاف”، 

مما جعل ذراع شي هواي تهتز قليلاً


كان شي هواي لا يزال مترددًا ، 

فهو لم يتأكد بعد من أن هذا الفتى هو آ-جيو، لذا لم يشأ أن يتقرب منه كثيرًا


عندها أخرج سيفه ، واستخدم الغمد برفق ليدفع يد تشي مو ياو بعيدًا عن كمه


لكن عندما عبس تشي مو ياو بوجهه وكأنه منزعج من إبعاده، تردد شي هواي


ثم مدّ غمد سيفه من جديد، وجذب لحاف تشي مو ياو نحوه بلطف، وسحب الحافة ليغطيه جيدًا


وبعد أن شعر تشي مو ياو بالدفء، هدأ وعاد إلى النوم بهدوء


شي هواي أغمض عينيه ليتابع التأمل


لكن فجأة، شعر بشيء غريب— أصابع قدمي تشي مو ياو كانت قد وجدت طريقها تحت ساقه ، 

تستفيد من حرارة جسده وتختبئ هناك


تجمّد شي هواي في مكانه


{ … أليست هذه إحدى عادات آ-جيو في النوم ؟! }


فتح شي هواي عينيه فجأة ———


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي