القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch16 | TMCTM

Ch16 | TMCTM



كان المعلم تشو تشيانغ لا يزال يتحدث بلا توقف، 

وتاو شي ينصت له على مضض، 

بينما يراقب الساعة في معصمه خلسة، متلهفًا للهرب


لم يتبقَ سوى بضع دقائق على نهاية الحصة المسائية، 

وكان عليه أن يسرع ليسأل لين تشينهي إن كانت مراجعته 

الذاتية قد قُبلت قبل أن يغادر


في تلك اللحظة ، أخرج المعلم تشو تشيانغ هاتفه أخيرًا 

ونظر إلى الوقت، 

ثم ربت على رأسه الأصلع جزئيًّا قائلًا:

“ آه، لماذا تأخر الوقت هكذا ؟! 

حسنًا، تاو شي يمكنك العودة الآن . 

لا تدرس حتى وقت متأخر في المساء بعد عودتك إلى السكن ، 

انتبه للموازنة بين الدراسة والراحة…”


لكن قبل أن يُنهي كلامه ، كان تاو شي قد اختفى بالفعل


ضحك تشو تشيانغ وقال: “ ما زال حيًا يُرزق ويجري بنشاط، 

هذا يعني أن حالته النفسية جيدة .” شعر بالاطمئنان


كان تاو شي يركض وهو يلعن الخالة تشو تشيانغ في سرّه 

لاختياره هذا الركن البعيد


وعندما وصل إلى مبنى الصفوف ، 

كان الجرس قد بدأ يرن بالفعل


تدافع مع الحشود في الدرج وصعد ثلاثة طوابق دفعة واحدة


وكما توقّع، كان معظم زملائه قد غادروا عندما دخل الصف


كان يانغ داولي قد استأذن من الحصة المسائية، 

وظن تاو شي أن لين تشينهي سيغادر مباشرة بعد انتهاء الحصة، لكنه فوجئ بوجوده، 

رغم أن حقيبته كانت معلقة على كتفه، 

مما يدل على أنه كان على وشك المغادرة


سارع تاو شي ومدّ ذراعيه ليوقف لين تشينهي، وهو يلهث قائلاً :

“ مراجعتي … هل… نجحت ؟”


كانت شفتاه قد انفصلتا قليلًا من شدة اللهاث، 

ووجهه الأبيض قد اكتسى بحمرة خفيفة تغمرها قطرات عرق ناعمة، 

كما تدلّت بعض قطرات الماء من أطراف رموشه ،

و ينظر إلى لين تشينهي بتوتر


ألقى لين تشينهي نظرة سريعة على وجه تاو شي ، 

ثم أبعد بصره بسرعة ، 

وأخرج من على طاولته منديلاً وقدّمه له


شعر تاو شي بالذهول، لكنه أخذ المنديل منه وقال: “شكرًا.” 

ثم مسح عرق وجهه، 

وفي هذه اللحظة سمع صوت لين تشينهي الجاد والبارد يقول :


“ ليست عميقة بما يكفي .”


كأنه تلقّى ضربة بهذه الكلمات


قبض على المنديل في كف يده، 

واتسعت عيناه وهو يحدق في لين تشينهي، 

ولم يستطع منع نفسه من الانفجار :

“ هذه ليست عميقة بما فيه الكفاية ؟!”


لقد نسخت تقارير “التمثيلات الثلاثة” التي كتبها أعضاء 

الحزب من قبل! 

إن لم تكن تلك عميقة، فما هو العميق إذن ؟


لم يكن يرغب في كتابة مراجعة أخرى


اقترب من لين تشينهي أكثر ، 

ورفع رموشه ينظر إليه برجاء ، 

ولطّف نبرة صوته وبدأ يتوسل :

“ ما زال لدي الكثير من الواجبات… 

الكثير منها لم أكتب فيها حرفًا حتى .”


لكن لين تشينهي بدا غير مقتنع ، 

ولم يبدُ على ملامحه الجادة أي تليين


فكّر تاو شي للحظة ، 

وأمال رأسه ليراقب تعابير وجهه بدقة ، 

ثم قال بنبرة أكثر نعومة :

“ ألم تقل إن كتاب الاستماع الخاص بي قديم جدًا ؟ 

لقد سمعت كلامك واشتريت واحدًا جديدًا… 

اليوم عليّ أن أتدرّب على الاستماع مساءً… 

لا وقت لدي لإعادة كتابة المراجعة .”


وشعر بالندم لأنه وافق سابقًا أن “يكتب له ما يشاء”


فقال لين تشينهي:

“ هل طلبتُ منك أن تعيد كتابتها ؟”


أُخذ تاو شي على حين غرّة ، وحدّق فيه بذهول، 

ليكتشف أن هناك لمحة خفيفة من الابتسام ظهرت في عينيه


أراد أن يتأكد ما إذا كانت ابتسامة حقيقية أم لا

لكنه سمع لين تشينهي يقول :


“ أرِني كتاب الاستماع .”


ظن تاو شي أنه ربما كان يذاكر من كتاب خاطئ

فتوجّه إلى مقعده وسحب من الدرج كتاب الاستماع الذي 

اشتراه مؤخرًا من إحدى المكتبات الكبرى في المدينة، 

وناول لين تشينهي الكتاب مع الشريط المرفق في الغلاف الخلفي


في هذا الوقت، الفصل قد خلى من الجميع


أولئك الذين كانوا يجلسون في الصفوف الأمامية أطفؤوا 

الأضواء عند مغادرتهم، 

ولم يتبقَ سوى مصابيح الصف الأخير تُضيء المقاعد الخلفية، 

وتكشف عن الشابين اللذين لم يغادرا بعد


تصفّح لين تشينهي الكتاب بسرعة بعد أن أخذه ، 

ثم توصّل سريعًا إلى نتيجة :

“ هذا الكتاب أيضًا غير جيد . 

المواضيع فيه بسيطة للغاية ، ولا يوجد فيه ما يدفع للتقدّم .”


تنهد تاو شي تنهيدة خفيفة وقال وهو يعبث بأصابعه بتردد:

“ لكنني لم أجد كتابًا أفضل من هذا .”


نظر إليه لين تشينهي ثم استدار ، 

وأخرج من درج طاولته كتابًا ثقيلًا وصندوق شفاف يحوي شريط تسجيل


سلّمهما إلى تاو شي بنبرة تحمل نوعًا من الأمر :

“ عد إلى السكن وتدرّب على هذا الكتاب ، 

أنجز مجموعة من التمارين كل يوم .”


أخذ تاو شي الكتاب والشريط بحالة من الذهول، 

وفتح الصفحة الأولى من الكتاب، 

ليجد ثلاث كلمات جميلة وخفيفة مكتوبة بالقلم : 

[ لين تشين هي ]


كان الكتاب واضحًا أنه جديد ، 

مجموعات الأسئلة لم تُحل بعد ، 

والشريط يبدو جديدًا تمامًا كأنه لم يُستخدم


حدّق في ما بين يديه طويلًا ، غمرته مشاعر مختلطة ، 

وكأنه غرق في أفكاره للحظة طويلة


سأله لين تشينهي بصوت خافت :

“ ألست راغبًا في استخدامه ؟”


استفاق تاو شي من شروده، 

وهزّ رأسه بسرعة ثم قال وهو ينظر إلى لين تشينهي:

“ لكن، إن استخدمتُ كتابك، ماذا ستستخدم أنت ؟”


{ فهذا الكتاب من الواضح أنه جديد ، 

وأن لين تشينهي لم يستعمله بعد }


أجاب لين تشينهي بنبرة باردة :

“ لستُ بحاجة إلى التدرب .”


“…”


{ ولِمَ اشتريته إذًا ؟! هل هذه هي دلالات الأغنياء ؟! }


لم يفهم تاو شي ما يدور في رأس لين تشينهي، 

لكنه لم يكن مرتاحًا لأخذ شيء ثمين من شخص آخر دون 

مقابل ، فقال بتردد :

“ كم سعر هذا الكتاب ؟ سأُحضر لك المال غدًا .”


كان يظن أن هذا الكتاب غالٍ، 

ربما يتجاوز المئة يوان، 

ولم يستطع منع نفسه من الإحساس ببعض الألم


عبس لين تشينهي بحاجبيه وقال:

“ لا حاجة لذلك .”


وقبل أن يتمكن تاو شي من الإصرار ، 

رأى لين تشينهي يضع كتاب الاستماع عديم الفائدة مع 

الشريط الذي اشتراه من المكتبة في حقيبته ويقول:

“ مقابل ذلك ، سأخذ هذا .”


تفاجأ تاو شي وحدّق فيه مذهولًا:

“ لكن ألم تقل إن هذا الكتاب بسيط جدًا وغير مفيد ؟”


لم تكن هذه مقايضة عادلة بأي حال


رفع لين تشينهي حقيبته وقال بنبرة عابرة:

“ بلى، لذا سأعطيه لابن خالي ، هو لا يزال في المدرسة الابتدائية .”


“!”



حدّق تاو شي في لين تشينهي، شعر وكأنه تلقّى إهانة


وقبل أن يفتح فمه ليعبّر عن احتجاجه، 

مدّ لين تشينهي يده إلى عينيه…


أغمض تاو شي عينيه لا إراديًا ، 

وشعر بلمسة دافئة عند زاوية عينه اليمنى


حبس أنفاسه دون وعي، 

وارتجفت رموشه قليلاً، 

ثم شعر بإصبع يتحرك مبتعدًا عن بشرته هناك


وحين ابتعدت تلك الأصابع ، 

فتح عينيه فرأى قطعة صغيرة من الورق الملون في يد لين تشينهي، 

على الأرجح علقت هناك عندما مسح عرقه سابقًا


خفق قلبه فجأة وبسرعة لا يدري لها سببًا، 

وشاهد لين تشينهي وهو يلفّ الورقة الصغيرة بين أصابعه 

ثم يرميها بلا مبالاة


ومع ذلك، ظل دفء تلك اللمسة عالقًا عند زاوية عينه اليمنى، 

ثم تسلل شيئًا فشيئًا إلى قلبه، 

يحرّكه بخفة ويثيره كمن يربّت عليه بخفة ظريفة


لم يستطع تاو شي أن يمنع نفسه من لمس زاوية عينه بأنامله ، 

رمش عدة مرات ، ثم تظاهر باللوم قائلًا :

“ لماذا لم تخبرني منذ البداية ؟!”


{ لقد كان هناك ورق عالق عند عيني ، ومع ذلك لم ينبّهني لين تشينهي }


أجاب الأخير بابتسامة خفيفة :

“ كيف لي أن أعرف أنك لم تره ؟”


ثم غادر نحو الباب وهو يحمل حقيبته


شعر تاو شي بذهول، لكنه كان متأكدًا مما رآه 

{ – لقد ابتسم لين تشينهي … }


ثم تملكه الغيظ وهو يفكر : 

{ هل يظنني حشرة زيز؟! 

بالطبع لا يمكنني أن أرى ما بجانب عيني ! }


أطفأ تاو شي أضواء الصف وأقفل الباب بالمفتاح


وبعد أن تأكد من أن الباب مغلق بإحكام، 

توجه نحو مبنى السكن الداخلي، 

يحمل بيديه كتاب الاستماع والشريط اللذين أعطاهما له لين تشينهي


أواخر سبتمبر ، والجو في المساء يحمل نسمات باردة خفيفة ، 

و عبق زهور الأوسمانثوس يتسلل بهدوء عبر أنحاء الحرم المعتم


أخذ تاو شي نفسًا عميقًا، 

وفكر { لابد أن لين تشينهي سينزعج من هذه الرائحة }


أما هو، فكان يكاد يطير من الفرح وسط عبير الأوسمانثوس الحلو


{ يبدو أن لين تشينهي لا يكرهني }


تذكّر ما قاله له ذات مرة : يمكنك أن تردّ الجميل فقط لمن يعاملك بصدق


اتخذ قراره : 

{ سأجتهد في معاملة لين تشينهي بلطف ، بكل ما أستطيع …


لكن… }


تاو شي شعر أنه لا يستطيع تقديم أي نفع حقيقي للين تشينهي


ظل غارقًا في أفكاره حتى وصل إلى غرفته


كان شو تسيتشي يضع سماعات الرأس ويبدو منشغلًا في 

الاستماع للغة الإنجليزية، 

أما بان يان فكان يتنهد بينما يرسم شيئًا على ورقته


وما إن دخل تاو شي حتى هتف بان يان وهو يندفع نحوه 

مثل ابن عرس رأى دجاجة :

“ شي دا !! ( الأخ الأكبر شي ) عدتَ أخيرًا ! 

تعال وساعدني، أقسم أنني لا أعرف كيف أرسم هذا الشيء !”


تفادى تاو شي هجوم بان يان بخفة ، 

يحمي كتاب الاستماع بين يديه ، ورفض بلا رحمة :

“ لا، سأتمرّن على الاستماع الليلة .”


صاح بان يان متذمرًا وبنبرة بكاء :

“ أحقًا تستطيع أن تعامل زميل غرفتك الغارق في بحر 

المعاناة بهذه القسوة ؟!”


لكنه سرعان ما أدرك أنه لم يعد قادرًا على إقناع تاو شي


رد تاو شي ببرود :

“ أجل ، أستطيع .”


{ في هذه اللحظة ، حتى لو وقع زلزال ، 

لا بد لي أولًا أن أتمرّن على مجموعة من أسئلة الاستماع ! }


ذهب تاو شي إلى الحمام أولًا ليغسل يديه بعناية، 

ثم أخرج جهاز تشغيل الأشرطة وفتح الغلاف


عندها فقط لاحظ أن الأشرطة لا تحمل أي علامة تجارية ، 

بل ثُبّت عليها أوراق مكتوب عليها فقط الأرقام 1، 2، 3، 4


لم يكن يتوقع أن تكون تغليفات الأشرطة بهذه البساطة 

مقارنة بجمال الكتاب نفسه


وضع الشريط في الجهاز ، 

ووصّل سماعات الأذن ، 

ثم بدأ في حل مجموعة من الأسئلة بتركيز


لكنه اكتشف لاحقًا أن الأسئلة صعبة حقًا ، وأخطاؤه فيها كثيرة


{ لا عجب أن لين تشينهي قال إن الكتاب الذي اشتريته كان بسيطًا جدًا }


أعاد الاستماع للأسئلة التي أخطأ فيها عدة مرات، 

ثم أغلق الكتاب وذهب إلى الحمام للاستحمام


وحين خرج من الحمام بعد الانتهاء، 

فوجئ بشو تسيتشي واقفًا عند مكتبه يتصفح كتاب الاستماع الخاص به


أسرع نحوه بخطوات غاضبة وصفع يد شو تسيتشي بقوة، 

ثم انتزع كتاب الاستماع واحتضنه بين ذراعيه، 

وحدّق فيه بوجه قاتم وهو يقول ببرود:

“ من سمح لك أن تعبث بأغراضي ؟”



وقد شدّد نبرته بشكل واضح على كلمة “ أغراضي”


تجمد شو تسيتشي في مكانه، 

وهو يمسك برسغه المتألم من الضربة


بدا تعبير وجه تاو شي مرعبًا ، 

حتى أنه شعر بلحظة من الخوف ، 

لكن ذلك الخوف  تحوّل إلى غضب فوراً


قال منزعجًا :

“ لقد قلبت الصفحة فقط ولم أفسده ، 

لماذا أنت بخيل إلى هذا الحد ؟!”


ثم ألقى نظرة على رسغه الذي بدأ يحمرّ ويتورم قليلًا، 

وحدّق في تاو شي بغضب، 

ثم تحدث بنبرة غريبة :

“ وأيضاً هذا الكتاب مكتوب عليه اسم لين تشينهي، من يدري ؟ 

ربما سرقته منه ؟”


لقد سبق وأن رأى هذا الكتاب من قبل – كان من تأليف 

أستاذ جامعي شهير في اللغة الإنجليزية، 

أعدّه خصيصًا لتدريب أبنائه وأبناء أصدقائه على مهارات 

الاستماع، ولم يُطرح للبيع في الأسواق على الإطلاق


{ لذا لم يكن مستغربًا أن يكون لدى لين تشينهي نسخة منه، 

لكن كيف انتهى بين يدي تاو شي؟ 


أنا قد قضيت شهرين في الصف الأول ، 

وحاولت جاهدًا التقرّب من لين تشينهي، لكن دون جدوى


لين تشينهي لم يكن يعامل الغرباء بلطف أبدًا }


كلمة ' سرقة ' أزعجت تاو شي بشدة، 

وزاد عليها ما حدث في الصباح ، 

فصار يشعر باختناق شديد


لقد ظلّ يتصنع التواضع والضعف طوال هذه المدة في هذه المدرسة ، 

لم يكن يريد شيئًا سوى أن يبقى إلى جوار لين تشينهي 


{ لكن إن تجرأ أحد على لمس شيء منحني هو لين تشينهي… }


نظر تاو شي إلى شو تسيتشي، ثم سخر بازدراء، وركل كرسيه فجأة بعنف


صدر عنه صوت صاخب، وطار الكرسي حتى اصطدم بباب 

الغرفة ثم ارتدّ وسقط على الأرض


تراجع شو تسيتشي خطوات للخلف وقد فزع من ردة الفعل العنيفة ، 

وشحب وجهه تمامًا ، 

ينظر إلى تاو شي كأنه يراه للمرة الأولى ، 

كأنه وحش فقد السيطرة


كانت نظرات تاو شي قاتمة حادة ، مليئة بالتهديد


{ لطالما ظننت أن هذا الطالب المنتقل من الريف ضعيف وجبان ، 

فمتى بدا بهذا الشكل المخيف من قبل ؟! }


وضع تاو شي كتاب الاستماع الذي كان يحمله بلطف على الطاولة، 

ثم بدأ يسير ببطء نحو شو تسيتشي


أحس شو تسي تشي فعليًا أن الضرب قادم لا محالة، 

فتراجع غريزيًا خطوات أخرى حتى التصق بالكرسي الملقى إلى جانب الباب، 

وأشار إلى تاو شي وهو يصرخ بخوف:

“ أنت… أنت ماذا تنوي أن تفعل ؟! 

إذا ضربتني ستُعاقب !”


ضحك تاو شي لكن عينيه كانتا تشعّان بوميض شرس، 

وحدّق فيه باحتقار:

“ أنت مجرد دجاجة ضعيفة ، هل أنت جدير بأن توسّخ يد

هذا الـ ' لاو زي ' ؟” 


في مقاطعة تشينغشوي، أولئك الذين كان يضربهم، مَن 

منهم لم يكن أطول أو أقوى من شو تسيتشي؟ 

ومَن منهم لم ينحنِ له في النهاية ويقرّ بالهزيمة ؟


: “ ما الذي قلته ؟!”

لم يصدق شو تسيتشي ما سمعه


{ تاو شي ليس أطول مني بل حتى أنحف مني 

ومع ذلك ينعتني بالضعف ؟ }


قبض على يديه بشدة وحدّق في تاو شي بعينين تشتعلان غضبًا، 

كان على وشك أن يشتمه، لكنه فجأة لم يجد الشجاعة لفتح فمه


ثم، برعب، رأى تاو شي يقترب حتى أصبح على بُعد ثلاث 

خطوات منه، وتوقف، ثم نطق بكلماته واحدة تلو الأخرى:


“ شو … تسي … تشي … لقد تحملتك طويلًا !

اسمعني جيدًا : هذا الكتاب أعطاني إياه لين تشينهي

وهذا يعني أنه لي

إذا تجرأت ولمست أشيائي مرة أخرى

فلن يكون الكرسي هو ما أركله في المرة القادمة .”


قال كلماته ببرود قاتل، ثم عاد إلى مقعده وجلس ليكمل حلّ الأسئلة


أما شو تسيتشي فظلّ واقفًا في مكانه متيبّس الجسد، 

وصدره يعلو ويهبط بانفعال


لم يكن لديه أدنى شك أن تاو شي إن عاد ولمس أحد 

أغراضه ، فسيفعل فعلته دون تردد


{ لكن… لماذا ؟


لماذا يعطي لين تشينهي كتابًا ثمينًا كهذا لتاو شي؟ 


ولماذا يملك تاو شي، هذا الطالب الفقير الذي لا سند له، 

الجرأة لتهديدي بهذه الطريقة ؟ }


( لاو زي = تعبير عامي يستخدمه البعض للإشارة إلى 

أنفسهم بطريقة متغطرسة أو متحدية ، 

ويترجم حسب السياق إلى ' أنا الكبير ' أو ' أنا السيد '

أو ' أنا أعلى منك ' )



كان وجه شو تسيتشي يتقلّب بين الزرقة والاحمرار ، 

وبعد لحظة، انحنى والتقط الكرسي من الأرض وأعاده إلى مكانه


تعمد إصدار صوت أعلى قليلًا عند وضعه، 

لكن ما إن رفع تاو شي رأسه ونظر إليه بنظرة باردة، 

حتى تراجع شو تسيتشي خطوة إلى الوراء لا إراديًا


وحين أدرك كم بدا جبانًا، حدّق في تاو شي بعينين 

متحديتين، محاولًا استجماع بعض من كبريائه المفقود


لكن تاو شي لم يفعل سوى أن رفع زاوية شفتيه بابتسامة ساخرة


كانت نظراته تحتقره علنًا


اشتعل الغضب في عيني شو تسيتشي، حاول أن يكتمه، 

لكن في النهاية لم يستطع كبت الكلمات المسمومة  :

“ حتى لو تملّقت لين تشينهي بنتيجتك في اختبار الأسبوع 

الماضي، ألا يُفترض أن تُلقى في الصف الثالث مع منتصف الفصل ؟”


لم يخطر ببال تاو شي أبدًا أن هذا الشخص قد بحث عن 

درجته في اختبار الأسبوع وتكبد عناء حساب ترتيبه

ظلّ رأسه منخفضًا يكمل حلّ الأسئلة ، وردّ ببرود:

“ حقًا ؟ 

إذن، لننتظر ونرَى .”


في هذه اللحظة تمنّى شو تسيتشي لو يستطيع صفع نفسه


{ لماذا 'رفعت العلم' بهذه السرعة ؟! }


( احنا نقول ليش تفاولت على نفسي هما يستخدمون لفظ 

' رفعت راية أو علم ' سواءً نحس أو حظ جيد )


لكنه فكّر في الأمر مجددًا ، 

وبدا له أنه ما لم يكن تاو شي عبقريًا ، 

فلن يكون بإمكانه القفز إلى قائمة الخمسين الأوائل خلال شهرين


{ لا بد أن أهينه بنتيجتي ، لأذلّ هذا المجنون العنيف أمام الجميع ! }


حين عاد بان يان إلى الغرفة بعد أن قضى وقته في النوم خارجها ، 

أدرك على الفور أن أجواء السكن قد تغيرت


تاو شي لا يزال جالسًا يحلّ الأسئلة كما هو معتاد، 

لكن شو تسيتشي صعد إلى سريره مُبكرًا وأغلق الستائر بإحكام


لم يتمالك بان يان نفسه وقال ممازحًا:

“ شي دا ألا تشعر أن أجواء غرفتنا صارت ثقيلة ؟ 

كأن بيننا زوجة مقهورة تخفي ألمًا دفينًا ؟”


كان ينتظر من شو تسيتشي، سيد الثرثرة والسخرية ، 

أن يردّ عليه بنبرةٍ لاذعة أو دعابةٍ وقحة ، 

لكنه لم ينطق بكلمة ، وبقي صامتًا كعروس خجولة في ليلة الزفاف


: “ تسسك ، ممل…” تمتم بان يان وهو يهز رأسه



: “ تشينهي، لماذا تأخرتَ اليوم في العودة ؟”


سألت لوو تشنغيين وهي تنظر إلى لين تشينهي الذي دخل لتوّه


وعلى الرغم من سؤالها، لم تكن تتوقع منه إجابة واضحة


: “ كان لدي أمر في المدرسة "


وكما توقعت، جاء رده غامضًا مختصرًا


لم تشعر لوو تشنغيين بالاطمئنان، 

لأن ما يشغلها في الحقيقة أمرٌ آخر

بدت على وجهها لمحة حزن وهي تقول:

“ لي لي لم يكن على ما يرام منذ عودته من المدرسة… 

رفض تناول العشاء تمامًا .”


كان يانغ داولي يعاني من مشاكل في القلب والربو منذ صغره

وعلى مرّ السنين، لم تدّخر لوو تشنغيين، ولا الجد فانغ 

والجدة فانغ ، جهدًا في العناية بصحته


فقد حاولوا تلبية كل ما يريده ، 

لأن الطبيب أكّد أن أكثر ما يجب تجنبه في حالته هو 

الانفعال العاطفي الزائد


قال لين تشينهي وهو يضع حقيبته المدرسية بإهمال على الأريكة :

“ سأذهب لأراه "


شعرت لوو تشنغيين بالارتياح عند سماع ذلك


فعلى الرغم من تدليل الجميع ليانغ داولي ، 

إلا أن لين تشينهي وحده لم يُدلّله أبدًا ، 

ولذا كان يانغ داولي يقلق كثيراً بسببه 


ثم سألت فجأة :

“ بالمناسبة تشينهي هل ما زلت تستخدم المسجّل في غرفة المكتب ؟ 

المربية سألتني إن كنت أرغب في إعادته إلى المخزن .”


قبل فترة —— أخرج لين تشينهي مسجّل شرائط قديم من 

غرفة التخزين ، 

وكان يدخل به إلى غرفة الدراسة كل ليلة ، 

وكان يبدو أنه كان يُسجّل شيئًا على شريط كاسيت


كان يسجّل قليلًا فقط في كل مرة ، ولهذا استغرق الأمر وقتًا طويلًا


وعلى الرغم من فضولها، لم تسأله، وظنّت أنه فقط مهتمّ 

بهذه الأدوات القديمة بدافع مزاج مؤقت


ردّ لين تشينهي وهو يلتقط صحن العشاء الذي أعدّته له 

المربية للمرة الثالثة متوجهًا نحو الطابق الثاني :

“ ليس بعد الآن "


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي