Ch15 | TMCTM
عندما خرج تاو شي من غرفة مياه الشرب،
كان بعض التلاميذ قد وصلوا بالفعل إلى الصف
أولئك الذين حضروا لاحقًا لم يبدو أنهم يعلمون ما حدث من قبل
الأحاديث، نسخ الواجبات، وحتى الأجواء، كانت جميعها كما هي دائمًا
كان رئيس الصف، لي شياويوان، يتجوّل بين الصفوف وهو
يحمل دفتر الانضباط،
يشارك هنا وهناك في الأحاديث الصغيرة
ثم يستدير ليتفقد صفًا آخر ، وعندما استدار اصطدم بتاو
شي الذي كان يسير في الصف الخلفي
تجمّد في مكانه للحظة ، ثم ابتسم وقال بحماس :
“ مرحبًا الزميل شياو تاو صباح الخير !”
كان لي شياويوان قد التقط للتو لمحة عامة عن أحداث
الصباح من خلال قروب خاصة سري أنشأها بي تشنغفي
لأبناء قسم العلوم
ومن أجل الحفاظ على كرامة الطالب الجديد الهشّة ،
أصدر لي شياويوان أمرًا صارمًا يلزم جميع الأعضاء بالصمت التام ،
لا سيما بي تشنغفي الذي لا يستطيع السيطرة على لسانه ،
وكان عازمًا على ألّا يُذكر شيء مما جرى أمام تاو شي
ومع هذا التفكير ، ابتسم لي شياويوان ابتسامة أكثر إشراقًا،
آملاً أن تذيب ابتسامته الودودة حزن هذا الفتى المسكين
لكن، ما لم يتوقعه أن تاو شي، وهو يحمل زجاجة الماء بيديه، ابتسم له أيضًا وردّ عليه بمرح:
“ صباح الخير أيها المشرف .”
ثم مضى بخفة إلى المقعد الخلفي
تجمّدت ابتسامة لي شياويوان المشرقة
{ هل كانت المعلومات خاطئة ؟
مهما نظرت إلى تاو شي، لم يكن أرى فيه شيئ من اليأس الذي كنت أتوقعه
بل على العكس ، بدا كأنه… سعيد بعض الشيء ؟
أين ذهب بي تشنغفي؟ }
لم يستطع لي شياويوان كبح رغبته في الثرثرة
عاد تاو شي إلى مقعده، فرأى لين تشينهي يقرأ برأس منحنٍ،
كما لو أن شيئًا لم يتغيّر
جلس تاو شي، ووضع زجاجة الماء على طاولة لين تشينهي ، ثم مال قليلاً بجسده إلى الجانب،
ناظرًا إلى ملامحه الجانبية الواضحة وهو يقرأ، وقال بصوت يحمل نبرة غير ضرورية :
“ أحضرت لك الماء "
في الواقع، كل ما فعله أنه فرغ الزجاجة من الماء وملأها مجددًا
أجاب لين تشينهي بهمهمة لا مبالية ،
ثم قلب الصفحة وأكمل القراءة
في العادة ، عندما يتجاهله لين تشينهي ،
كان على تاو شي أن يتصرّف بذكاء ويعود إلى شؤونه الخاصة ،
لكنه هذه المرة ظلّ يحدّق به لأكثر من عشر ثوانٍ دون أن
يرمش ،
الأمر الذي جعل لين تشينهي يلتفت إليه أخيرًا بنظرة باردة ويسأله :
“ ما الأمر ؟”
وبينما التقت نظراته بنظرة تاو شي،
رأى في عيني تاو شي الجميلتين دموعًا خفيفة متلألئة ،
و ومضيض يشبه ضوء النجوم المتناثر في سماء تشينهي
عاد لين تشينهي إلى وضعه الطبيعي ، وواصل القراءة ،
وقلب صفحة أخرى
قال تاو شي وهو يحدّق في كتاب المسابقة :
“ لم تُنهِ قراءة الصفحة السابقة .”
إلا إذا كان يستخدم فعلاً طريقة قراءة كمومية تفوق سرعة الضوء ،
فلا عبقري يمكنه قراءة صفحة بهذه السرعة
كان لين تشينهي يوشك على قلب الصفحة التالية بأصابعه حين توقف ،
وحدّق في تاو شي بعبوس خفيف ونفاذ صبر:
“ ما الذي تريده بالضبط ؟”
فتح تاو شي فمه وكأنه سيقول شيئًا،
لكن في تلك اللحظة،
ارتفعت أصوات القراءة في الفصل فجأة وتحولت إلى ما
يشبه سوق الصباح،
وذلك لأن مدير المرحلة قد مرّ من أمام الباب وهو يسعل
ولأن تاو شي خشي ألّا يسمعه لين تشينهي وسط هذا الضجيج،
اقترب منه أكثر وهمس بكلمات واضحة في أذنه ،
وهو يغطي نصف فمه بيده اليمنى :
“ كنت أريد أن أقول… شكرًا… لك "
كان لي شياويوان، الذي لا يزال في جولة التفتيش،
يراقب خلسة ما يجري في الصف الخلفي
وفجأة شعر وكأن زلزالًا بدرجة ثمانية ضرب قلبه عندما رأى
تاو شي يقترب من لين تشينهي وهمس له
عنقه الأبيض النحيف ارتفع قليلًا،
ويده اليسرى استقرت بلا مبالاة على حافة الطاولة أمام لين تشينهي ، وصدره كاد أن يلتصق به
{ الزميل الجديد …. شجاع بالفعل ! }
من في الصف لا يعرف أن لين تشينهي يكره اقتراب الآخرين منه ؟
كان لي شياويوان قد تخيل مئة نهاية مأساوية لتاو شي في عقله،
لكنه في النهاية لم يرَى أيًا من المشاهد المتوقعة
لم يُبدِ لين تشينهي أي ردة فعل ، وكان تاو شي يهمس له
أما تاو شي، الذي لم يكن يعلم أنه تحت مراقبة دقيقة،
فقد عاد إلى وضعه الطبيعي بعد أن أنهى حديثه،
وأمال رأسه قليلًا وهو يتأمل لين تشينهي
رموشه المرتفعة قليلًا نديّة كندى الصباح ،
بينما شفتيه مرسومتان بانحناءة خفيفة كأنما تذوق للتو قطعة حلوى
نظر لين تشينهي إلى عينيه المتألقتين ،
لكنه سرعان ما أبعد بصره ،
و رتب صفحات الكتاب التي قد تجعّدت تحت أصابعه ،
ثم قال بنبرة أكثر برودًا من المعتاد :
“ لا حاجة لذلك "
ومع ابتعاد مدير المرحلة ، خفتت أصوات القراءة في الصف ،
وبدأت أحاديث خافتة تنتشر من جديد
رفع تاو شي كتاب اللغة الصينية ليحجب به رأسه ،
ثم أسند وجهه إلى الطاولة جانبًا ،
وقال بجدية لزميل مكتبه :
“ لماذا أتيت مبكرًا اليوم ؟”
فعادة هذا الشخص يحرص أن يكون آخر من يصل
وكان بسبب حب لين تشينهي للتأخير ،
يتمكن تاو شي أحيانًا من رؤيته وهو يُعاقب من قِبل
المعلمة بي آوشوي بالقراءة الإنجليزية على الشاشة
: “… لم يكن هناك زحام في الطريق اليوم.” قال لين
تشينهي وهو يغلق الكتاب دون أن يقرأ منه ،
ولم ينظر حتى إلى تاو شي
كان تاو شي مستلقيًا على الطاولة ،
ينظر إلى خط فكّ لين تشينهي الحاد من زاويته المنخفضة،
ويتأمل تفاحة آدم التي تتحرك حين يتكلم
تذكّر فجأة أول مرة رأى فيها لين تشينهي على المنصة في
أول يوم دراسي،
حين سأله المعلم تشو تشيانغ عن سبب تأخره ،
فردّ بأنه كان هناك حادث سير في الطريق
في ذلك الوقت لم يبتسم تشينهي ، أما الآن ، فقد ابتسم
حاول تاو شي جاهدًا كبح ابتسامته وسأل :
“ وكيف عرفت أنني لم آخذها ؟
لو تم اكتشاف الأمر ، ألن تشعر بالإحراج ؟”
أجابه لين تشينهي باستخفاف :
“ أنت لا تملك حتى هاتف ، فماذا ستفعل بسماعات الأذن ؟”
ارتسم على وجه تاو شي تعبير محرج، وتمتم مدافعًا:
“ لدي مشغّل كاسيت ، واضح جدًا .”
ابتسم لين تشينهي ابتسامة خفيفة ،
ووضع الكتاب داخل الدرج
لكن يده لمست شريط الكاسيت الذي أحضره،
فتوقف لحظة ، ثم دفعه إلى الداخل وقال لتاو شي:
“ أعطني إياها .”
حدّق تاو شي فيه، وسأله بذهول:
“هل تريد مشغل الكاسيت؟”
“…”
طرق لين تشينهي بأصبعه السبابة على طاولة تاو شي
وفجأة أدرك تاو شي أنه يقصد ' الأداة المسروقة '
فأدخل يده بسرعة في الدرج ،
وفتش لبعض الوقت حتى وجد صندوق صغير
أخرجه من الطاولة وسلّمه إلى لين تشينهي كما لو أنه
عميل سري يسلّم وثيقة سرية
أخذها لين تشينهي ورماها بلا مبالاة في حقيبته ،
كما لو أنها قمامة ، ثم أخرج قلمًا وبدأ يلهو به بين أصابعه
سأل تاو شي بفضول :
“ ما الذي ستفعله بها؟ هذه السماعات تبدو غالية .”
أجاب لين تشينهي بلا رحمة :
“ سأرميها "
رأى تاو شي أن ذلك هو التصرف الصحيح،
فبقي يحدق في أصابع لين تشينهي النحيلة بشرود،
وتذكّر مشهد عزفه على البيانو في ذلك اليوم
فكّر بأنه ربما سيرسم يديه في المرة القادمة ،
لكنه سمع فجأة لين تشينهي يتمتم بصوت منخفض :
“ هل فهمت الآن ؟
لا تحتاج إلى أن تردّ الجميل لكل من يقدّم لك معروفًا بسيطًا ،
ولا ينبغي أن تكون ممتنًا لمجرد أن أحدهم عاملك بلطف مرة واحدة "
“؟”
تجمّد تاو شي في مكانه
{ هل كان لين تشينهي يعطيني درسًا أخلاقيًا ؟ }
ظل حائرًا لبعض الوقت،
ثم تبيّن له أن لين تشينهي ربما كان يقصد أنه ساعد جيانغ
شينيون في رسم لوحة السبورة لمجرد زجاجة ماء ثمنها اثنا عشر يوانًا
ولو لم يفعل، ربما لما تورط في ما جرى
لم يفهم تاو شي لماذا كان لين تشينهي لا يزال مهتمًا بلوحة الحائط
{ هل لا يزال يحمل ضغينة بسبب الزهور التي رسمتها ؟ }
ظل تاو شي يغطي رأسه بكتاب اللغة الصينية،
وانزلق قليلًا نحو طاولة لين تشينهي ،
مسندًا ذقنه إلى ذراعه دون أن يدرك أنه تجاوز حدوده
أمال رأسه قليلًا، ورفع رموشه ونظر إلى لين تشينهي وسأله:
“ إذًا ، لو أن عدد الذين يعاملونني بلطف قليل جدًا ،
وإذا لم أُبدِ أي ردّ فعل ،
فهل هذا يعني أن لا أحد سيعاملني بلطف في المستقبل ؟”
فبالنسبة له، حتى المودة من والديه وأقاربه كانت سراب
لم يكن هناك أحد في هذا العالم يمكنه أن يمنحه اللطف بلا شروط
نظر لين تشينهي إلى عينيه من الأعلى،
ثم فكّ غطاء القلم بقوة خفيفة،
وأعاده إلى مكانه مباشرةً
وبعد لحظة صمت ، أجاب بصوت هادئ :
“ يمكنك أن تردّ الجميل فقط لمن يعاملك بصدق "
لا يوجد لطف بلا سبب
سواء كانت النية حسنة أو سيئة ،
فدائمًا ما تختلط بأغراض وأفكار خفية
تجمّد تاو شي في مكانه ، وظل يحدّق فيه ،
ثم ضحك فجأة ،
وتحركت رموشه الطويلة ،
زمّ لين تشينهي شفتيه وقال بجفاف:
“ ما الذي يضحكك ؟”
{ هل يوجد شخص طبيعي يمكنه أن يبتسم بهذه الأريحية بعد ما حدث صباحًا ؟ }
حاول تاو شي كتم ضحكته، لكن ابتسامته ظلّت مرتسمة على شفتيه، وقال بفرح:
“ لأني عرفت من يستحق أن أُعامله بلطف ”
كان يبتسم وهو ينظر إلى لين تشينهي ،
لكن الأخير لم يبدُ راغبًا في الحديث أكثر ،
فتراجع تاو شي إلى مقعده ،
ووضع كتاب اللغة الصينية أمامه ،
وأخذ يحدّق في الصفحات بشرود ، يفكر بأمر ما
فجأة ، وُضعت ثلاث أوراق فارغة خاصة بالتعبير وقلم أسود
فوق كتابه المفتوح ، تلاها صوت لا يقبل النقاش :
“ ألم تقل إنه يمكنني أن أطلب منك كتابة أي شيء؟
إذًا اكتب مراجعة ذاتية عن أحداث هذا الصباح ،
فكّر في أخطائك ، وسلّمني إياها قبل الحصة المسائية ! "
حدّق تاو شي في الأوراق الثلاث والقلم بدهشة
مع أنه وعد لين تشينهي بذلك،
لكنه لم يتوقع أن يطلب منه فعليًا كتابة مراجعة ذاتية
لقد كتب العديد من المراجعات الذاتية من قبل،
في المرحلة الابتدائية والمتوسطة: بسبب شجارات،
أو تغيّب عن الصف،
أو جدال مع المعلمين، أو التحدث أثناء الحصة…
لكن بعد دخوله الثانوية ، أصبح أكثر التزامًا ،
ونتائجه الجيدة أكسبته رضا المعلمين ،
فلم يطلب منه أحد كتابة مراجعة منذ ذلك الحين
شعر تاو شي ببعض الإحراج ، وتمتم محتجًا :
“ ما الخطأ الذي ارتكبته ؟
لماذا أكتب مراجعة ذاتية ؟”
لكن لين تشينهي رمقه بنظرة باردة ، لم تكن قاسية ،
لكنها تحمل ضغطًا واضحًا ،
وتُظهر عدم رضاه عن اعتراضه
استسلم تاو شي أخيرًا وقال بصوت خافت:
“ حسنًا ، كنت مخطئًا . سأكتبها .”
أخذ القلم الأسود ، ولاحظ أن دفء يد لين تشينهي لا يزال فيه
شدّ عليه بقوة، ثم كتب في السطر الأول من الورقة الأولى بخط جاد :
[ مراجعة ذاتية خطيّة ]
أما كيف يكتبها ، فلم يكن لديه أي فكرة
فالمراجعات التي كتبها سابقًا في المدرسة كانت عشوائية،
بلا جدية، لكنه هذه المرة يكتب من أجل لين تشينهي ،
ولم يكن وارد أن يسخر من الأمر
عبث برأسه بانزعاج ،
وبدأ يسترجع في ذاكرته كل تقارير التفكير والمراجعات
الذاتية التي رآها من قبل
وفي أثناء الحصة المسائية ،
جاء المعلم تشو تشيانغ فجأة إلى الصف، ونادى على تاو شي بهدوء :
“ تاو شي تعال معي قليلًا "
ثم خرج من الصف أولًا
تفاجأ تاو شي، لكنه قبل أن يغادر ،
أسرع ووضع المراجعة التي انتهى من كتابتها لتوه على
طاولة لين تشينهي ، ثم خرج على عجل
قاد المعلم تشو تشيانغ تاو شي إلى خارج مبنى التدريس،
وتوجّها نحو تلة زهور منعزلة
وبعد أن تأكد من خلوّ المكان ، بدأ يتحدث:
“ تاو شي علمت بما حدث صباحًا . أنا آسف حقًا .
أريد أن أعتذر لك.
كوني المشرف على الصف، لم أكن أعلم أن هناك خلافًا في
الفصل، وكدتُ أتسبب في إساءة فهم لك.”
كان تشو تشيانغ حذرًا للغاية في كلماته،
ومن الواضح أنه ما زال يراعي مشاعر الفتيات وسمعتهن،
لكن نبرته كانت صادقة إلى حدٍ أربك تاو شي قليلًا
فكّر تاو شي في المراجعة الذاتية التي كتبها، ثم هزّ رأسه وقال:
“ أستاذ، لا داعي للاعتذار، فالأمر ليس خطأك .”
فمهما بلغت سلطة المشرف،
لا يمكنه السيطرة على مشاعر جميع الطلاب ونواياهم السيئة
تنهد المعلم تشو تشيانغ، ثم رفع يده وربت على كتف تاو شي قائلًا :
“ يا بني لم يكن من السهل أن تأتي إلى مدرستنا .
ظننت أن الأمر سيكون بخير إن وضعتك بجانب لين تشينهي، لم أتوقع أن يحدث أمر كهذا .
لحسن الحظ أن المسألة لم تكن كبيرة .”
فلو كانت المشكلة قد تفاقمت ،
حتى وإن كان تاو شي بريئ ، لكان الوضع سيصبح في غاية القبح
تشو تشيانغ ما زال يشعر ببعض القلق والرهبة
تفاجأ تاو شي قليلًا، وسأله:
“ لماذا وضعتني بجانب لين تشينهي؟”
فمن الواضح أن لين تشينهي يكره وجود شريك على طاولته
توقف تشو تشيانغ للحظة ، ثم شرح بهدوء:
“ كل طالب في الصف الأول متميّز ،
بل إن تميّزهم هو السبب في أن التنافس خفيّ بينهم .
باستثناء لين تشينهي الذي يصعب الوصول إلى مستواه،
معظمهم يتنافسون في السر .
وأنت طالب جديد، وكنت أخشى أن تجد صعوبة في الاندماج .”
وعلى الرغم من أن تشو تشيانغ عبّر عن الأمر بلطف ،
إلا أن تاو شي فهم المقصود
فباستثناء أشخاص ذوي عقول بسيطة كـ بي تشنغفي،
كان معظم طلاب الصف الأول متفوقين وأقوياء
أما هو، فطالب فقير جاء من مقاطعة معدمة
وحتى لو قابل طلاب الصف الأول وجوده في البداية بلطف
نابع من تهذيبهم ،
إلا أن أي اختلاف كبير قد يحوّل هذا اللطف إلى ازدراء أو حتى إقصاء ،
ومع ذلك ، ظل تاو شي لا يفهم ما علاقة ذلك بجلوسه إلى جانب لين تشينهي
أراد أن يسأل تشو تشيانغ، لكن الأخير غيّر الموضوع وبدأ يتكلم بإسهاب :
“ إذا واجهت أي صعوبة في الدراسة أو الحياة ،
لا تتردد في إخباري .
المنحة التي قدمتها المدرسة لك يجب أن تستخدمها .
وإذا لم تكن كافية ، يمكنك تقديم طلب للمزيد .
الممول لهذا البرنامج كريم جدًا .
مصاريف دراستك ومعيشتك كلّها تأتي من الصندوق الذي
تبرّع به هذا الممول للمدرسة ،
لذا لا داعي لأن تشعر أنك تثقل على ميزانية المدرسة…”
قاطعه تاو شي بفضول :
“ أستاذ ، هل يمكنني أن أعرف من هو الممول ؟”
لطالما ظنّ أن هذا البرنامج نتيجة تعاون بين حكومة
مقاطعة تشينغشوي ومدرسة وينهوا الأولى الثانوية
لكن يبدو الآن أن هناك ممولًا محددًا ،
و هو من تكفّل بكل نفقاته في مدرسة وينهوا
تذكّر تاو شي أنه بعد امتحانات منتصف الفصل الدراسي في
النصف الأول من العام، أعلن مدير مدرسة تشينغشوي
الثانوية الأولى فجأة أن الطالب الذي يحرز المركز الأول في
الامتحان النهائي ' سيدرس في الخارج ' في مدرسة وينهوا الأولى الثانوية
ومنذ ذلك الحين، بدأ تاو شي الاستعداد للامتحان بجدية
لكن هذا الموضوع بدا وكأنه من الأمور المحرّجة بالنسبة لتشو تشيانغ، إذ ظنّ أن تاو شي
يرغب في شكر المموّل
شخصيًا، فابتسم له بلطف وقال:
“ يا بني كل ما عليك فعله هو أن تركز على دراستك ،
حتى تتمكن في المستقبل من دخول جامعة جيدة .
تلك هي أفضل مكافأة يمكنك أن تقدمها .”
——————-
في هذا الوقت ، الطلاب داخل الصفّ منهمكين بهدوء في الدراسة الذاتية
بالطبع يوجد أيضًا “البرغوث” بي تشنغفي الذي لا يهدأ أبدًا
وينتظر بفارغ الصبر انتهاء الوقت
وبينما يشعر بالملل ، أخذ نظره يتجوّل في أنحاء الصف،
وكان يحدّق في الكتاب أمامه عندها سمع فجأة ضحكة خلفه ——
كانت الضحكة قصيرة للغاية ومنخفضة ،
لكن أذني بي تشنغفي الكبيرتين لم تخطئ
التفت برأسه على الفور نحو الطاولة خلفه كما لو رأى شبح
لم يرى سوى لين تشينهي ،
جالسًا في الصف الأخير ، يحمل بضع أوراق تعبير ويتأملها
“؟؟؟”
شعر بي تشنغفي أنه فعلاً رأى شبح
{ لم يكن تاو شي في مقعده ،
إذن لا بد أن الضحكة كانت من لين تشينهي
ولكن… متى ضحك لين تشينهي بصوت مسموع من قبل ؟ }
ضيّق عينيه وحدّق بتركيز في وجه لين تشينهي محاولًا أن
يستخرج ولو ابتسامة واحدة من هذا الوجه المثالي،
ليثبت لنفسه أن الأمر لم يكن مجرد خيال
لكن ملامح لين تشينهي بقيت كما هي، باردة وجامدة،
وعيناه مركّزتان بجدية على ورقة التعبير
لم يستطع بي تشنغفي كبح فضوله ،
فمدّ عنقه وانحنى قليلًا ناحيته ،
وسأله بصوت خافت ومتحمّس:
“ يا لين تشيوشين ما الشيء المضحك؟
هل يمكن أن تريني ؟”
لكن لين تشينهي قلب الورقة ووضعها على الطاولة ،
ثم قال ببرود وهو ينطق بكلمة واحدة :
“ انقلع "
تراجع بي تشنغفي بسرعة وسحب رقبته كمن تلقّى صفعة،
وعاد إلى مقعده وهو يشعر بالغبنة
بدأ يفكّر بجدية أنه لا يجب عليه فقط الذهاب إلى والده
ليسجل فحص في قسم الأعصاب ،
بل عليه أن يسجّل أيضًا فحص في قسم الأنف والأذن والحنجرة
{ كيف يعقل أن يضحك لين تشينهي بصوت مسموع ؟
حتى لو قرأ له كتب نكات ، فلن يضحك !
لا بد أنني كنت أتوهم !! }
لكن مشهدًا ما خطر فجأة في ذهن بي تشنغفي
تذكّر أيام السنة الأولى في المدرسة الثانوية حين كان يذهب
لاستلام الرسائل التي تصل إلى الصف الأول من بوابة المدرسة
وبالفعل، كان يرى أن أغلب الرسائل موجّهة إلى لين تشينهي
من مقاطعة تشينغشوي، وكان يعرف من الخط أن مرسلتها فتاة صغيرة
وكانت أغلب الرسائل تأتي من نفس الفتاة
وقد انطبع خطّها الغريب جيدًا في ذاكرة بي تشنغفي،
إذ إنه في كل مرة يذهب فيها لاستلام الرسائل،
يجد واحدة منها، بل أحيانًا كانت تصل إلى ست أو سبع
رسائل في الشهر، وتزداد رسالة إضافية في العطل
لقد كاد مبهور من عزيمتها،
لكنه كان يرى أن ذوق هذه الفتاة ليس في أفضل حالاته،
وخطّها الغريب أشبه بكتابة أهل المريخ غير المفهومة
في ذلك الوقت، رتب بي تشنغفي الرسائل كعادته ووضعها على طاولة لين تشينهي
كان لين تشينهي حينها يقرأ نسخة قديمة من مقال مميّز
حصل على الدرجة الكاملة ، أرسلته له المعلمة هيي ونجياو
لم يستطع بي تشنغفي كبح رغبته في المزاح فقال ممازحًا :
“ لين تشيوشين بدأت أشك بجدية أنك تتأخر عمدًا عن
حصة عمتي لاو بي الإنجليزية حتى تظهر وأنت تقرأ
الإنجليزية على الشاشة ،
فتراك تلك الفتاة الصغيرة من مدرسة تشينغشوي وتكتب
لك رسالة حب، أليس كذلك ؟”
بالطبع كان يمزح ، فهو يعلم أن لين تشينهي بطباعه الباردة
من المستحيل أن يهتم برسائل كهذه ،
و من المرجح أنه كان يرميها مباشرةً
فقط لأجل شخصيته المرتبة لم يكن يرميها في القمامة أمام الجميع
أما أن يتأخر عن الدرس من أجل فتاة تبعد آلاف
الكيلومترات؟ فهذا أمر مستحيل
كان بي تشنغفي يعتقد أن لين تشينهي سيردّ عليه كعادته
بكلمة ' انقلع ' أو أنه سيتجاهله تمامًا
لكن المفاجأة أن لين تشينهي لم يقل شيئًا حينها،
بل ابتسم قليلًا، ثم وضع جميع الرسائل في حقيبته
كانت تلك الابتسامة سريعة وخاطفة،
حتى أن بي تشنغفي ظنّ أنه قد توهّمها
تذكّر الآن الشائعات التي أخبره بها لي شياويوان خلال النهار،
وأدرك فجأة أنه قد قصّر فعلًا في أداء مهامه كمالك
لقروب التجسس [ ' CIA' ] ( المخابرات السرية )
وفي هذه اللحظة ،
لين تشينهي قلب ورقة التعبير مجدداً ،
ونظر إلى الفقرة الأخيرة المكتوبة بخط جميل :
[ أنا أراجع نفسي بصدق ،
وسأحرص على تطبيق ' فكر' لين تشينهي ' المهم ' ،
وأتمسك بـ ' المبادئ الثلاثة الثابتة ' :
الإيمان الثابت بـ لين تشينهي ،
الاستماع الثابت لـ لين تشينهي ،
والتعلم الثابت من لين تشينهي ،
وسأواصل الاقتراب من منطق لين تشينهي الهام .
سألتزم بكل كلماته وأفعاله بأعلى المعايير ،
من أجل أن أتعلم قول ' لا ' ،
وألا أرد على اللطف العابر ،
وألا أضيّع وقتي على أمور لا معنى لها .
سأجتهد في الدراسة ، وأبذل قصارى جهدي لأدخل ضمن
الخمسين الأوائل في امتحانات منتصف الفصل ،
ولن أخيّب المهمة المجيدة السامية بكوني زميل مقعد لين تشينهي ! ]
الموقّع: تاو شي
يتبع
وسأحرص على تطبيق ' فكر' لين تشينهي ' المهم ' ،
وأتمسك بـ ' المبادئ الثلاثة الثابتة '
تاو شي استلهم الكتابة من ( نظرية سياسية واجتماعية مهمة في الصين ) وهي :
الفكر المتمثل في الثلاث تمثيلات ( الثلاث الثابتات )
باختصار ' الثلاث الثابتات : هو إطار فكري يهدف إلى جعل
الحزب الشيوعي الصيني أكثر مرونة وقدرة على قيادة
الصين في عصر العولمة ،
مع الحفاظ على سيطرته السياسية .
عسسسسل ! 😭
يمههههه يخبلوننننن!!!!
ردحذفاعتقد التوب اكتشف انه تاو شي هو نفس البنت الي كانت ترسل له رساىل زمان وهسا تأكد لما قرأ الرسالة لانهم بنفس الاسلوب؟ربما