Ch21 | SJUTM
بعد حادثة زيّ الخادمة في المكتب،
ظلّ شين أنتو عابسًا في المنزل ليومين،
رافضًا مغادرة البيت
وفي اليوم الثالث ، لم يعُد يحتمل ،
فأجبر شي ونشوان على اصطحابه مجددًا إلى شركة شي دوو
ومنذ تلك الزيارة ، بات يذهب كل يوم ، لعدة أيام متتالية
وعلى الرغم من محاولاته إبقاء زياراته سريّة ،
فإن بعض الموظفين المتيقّظين لاحظوا أن السكرتير تشن
كان يسلّم وجبتين من الطعام والشراب إلى مكتب الرئيس شي يوميًا
حتى عندما يكون شي دوو مشغولًا في اجتماع،
كانت المشروبات تتجه إلى مكتبه
في البداية كان شين أنتو قلقًا من أن وجوده المستمر قد
يعيق عمل شي دوو ، لكنه سرعان ما اكتشف أنه عندما
ينهمك في العمل ، لا يكاد يلحظ وجوده أصلًا
ومع هذا ،
شعر شين أنتو براحة أكبر وبدأ يركّز على دراسته ،
محوّلًا مكتب شي دوو إلى مساحة مطالعة خاصة به
وبينما يكون شي دوو منشغلًا بعمله على المكتب ،
يتمدّد شين أنتُو على الأريكة يراجع كتب الترجمة ،
بل وبدأ يخطط لتقديم امتحان المترجمين العام المقبل ~~
وصباح هذا اليوم لم يكن استثناءً
كان شي دوو يكتب على لابتوبه ، بينما شين أنتُو يصارع الدروس
وبعد فترة، تسلل خلف كرسي شي دوو، وأسند رأسه إلى
كتفه متنهّدًا كمن يحتضر
قال شي دوو :
“ ما بك؟”
تنشّق شين أنتو عمقًا عند عنق شي دوو وقال:
“ أنا شيطان ، أحتاج لامتصاص طاقتك اليانغ حتى أستعيد قوتي "
فاغتنم شي دوو لحظة بين تعديل مستنداته ، ومنحه قبلة :
“ هل هذا يكفي ؟”
ردّ شين أنتو متصنّعًا التذمّر :
“ بعيد كل البعد !”
ثم عانق رأس شي دوو وأخذ نفساً عميقًا جداً ،
ليزفر بعدها بارتياح وكأنه شبع للتو :
“ شكرًا على الوجبة ~ "
ضحك شي دوو ، تاركًا له حرية التصرف:
“ هل امتصصت ما يكفي ؟
إن كان الأمر كذلك، يجب أن أذهب إلى الاجتماع .”
وبسرعة ، قال شين أنتو :
“ اذهب، اذهب ! أريد الجلوس على كرسيك .”
وهكذا خرج شي دوو ومعه لابتوبه ،
بينما نقل شين أنتو كتبه من الأريكة إلى المكتب
لكنه لم يكد يقرأ سوى بضعة أسطر من كتابه حتى سُمع طرقٌ على الباب
رفع شين أنتو عينيه
من المستبعد أن يكون شي دوو قد عاد بهذه السرعة،
و لا بد أن أحدًا ما جاء لرؤيته
كانت هذه أول مرة يطرق فيها أحد الباب أثناء غياب شي دوو
وبينما كان شين أنتو مترددًا في ما إذا كان عليه الرد، انفتح الباب فجأة
دخل رجل طويل القامة، يرتدي بدلة رسمية بلا ربطة عنق،
وقد فُكّ زرّ ياقة قميصه،
مما منحه مظهر شخص عاد لتوّه من مناسبة اجتماعية
شعره مقصوصًا على هيئة الـ buzz cut،
ووجهه حاد الزوايا،
وبارز عظام الحاجبين، يشعّ منه هالة تقول بوضوح :
' لا تعبث معي '
الـ buzz cut :
لسببٍ ما، شعر شين أنتو بعداء واضح في نظرات الرجل
يد واحده في جيبه ، و تقدّم تشو مينغ هوي بخطى واثقة نحو المكتب
كان طويلًا لدرجة أنه ظلّ مهيمنًا على المشهد حتى وهو
يقف أمام شين أنتو الجالس و قال بنبرة عدائية :
“ أنت هنا مجددًا ؟
أساليبك لا بأس بها، شين… أنتو ؟”
عبس شين أنتو حاجبيه لكنه لم يتحرك من مكانه :
“ إن كنت تبحث عن الرئيس شي فهو في اجتماع .”
ضرب تشو مينغ هوي كومة من الأوراق على المكتب وقال:
“ لا بأس .
جئت فقط لأسلّم بعض الملفات .
وبما أنك هنا ، لمَ لا نتحدث قليلًا ؟”
ردّ شين أنتو بأدب ثابت:
“ هل لي أن أعرف إن كنا نعرف بعضنا ؟”
ابتسم تشو مينغ هوي كاشفًا عن نابٍ حاد:
“ أنا تشو مينغ هوي . أنا أعرفك ، لكنك لا تعرفني .”
سأل شين أنتو :
“ هل أنت من مرؤوسي شي دوو ؟”
ضحك تشو مينغ هوي بازدراء ، وجمع الإبهام والسبابة
ليشكّل بينهما مسافة بالكاد تُرى :
“ علاقتي مع لاو شي أقرب بكثير من مجرد رئيس ومرؤوس .
فمثلًا ، لو اضطر أحدنا لمغادرة هذا المكتب الآن ،
فأنت من سيغادر ! وليس أنا "
لم يفهم شين أنتو من أين أتى هذا الرجل بهذه الثقة ،
فردّ بنبرة ساخرة:
“ أحقًا ؟
إن اضطررت للمغادرة ، فذلك لأن شي دوو ينتظرني بالخارج ~ .”
ضحك تشو مينغ هوي ساخرًا :
“ لسانك حاد يا سيد الشاب شين .
لكن أنصحك أن تهدّأ قليلاً .
لاو شي أبقى آخر عاشق من النوع الذي يبرّق بالكلام
لشهرين فقط .
هل تعتقد تاريخ صلاحيتك سيكون أطول ؟”
ثم جلس على حافة المكتب ، وسخريته لا تخفى على أحد
استرخى شين أنتو في الكرسي ،
يدور قلم شي دوو بين أصابعه دون أي انزعاج ،
وبدأ يتفحّص تشو مينغ هوي بنظرة متفحصة :
“ كونك تتكلم بهذه الصراحة… يعني كنت الأخير ؟”
هزّ تشو مينغ هوي رأسه فورًا وقال:
“ لا، لا. لا تفهم خطأ .
عيني على السكرتير تشن ~ ليس على لاو شي
أنا هنا لأني لا أطيقك .
زياراتك المستمرة للشركة أصبحت تسيء لسمعة الرئيس شي .
من المفترض أن الشخص يعرف حجمه .
العشيق المؤقت يبقى مؤقت .
كفّ عن التعلّق فيه ، لا تصبح عبء . ولا تتحمس ،
لاو شي سيتزوج وسينجب أطفال عاجلًا أم آجلًا.”
توقف لوهلة ، ثم تابع بنبرة مسمومة :
“ طبعًا إلا إذا كنتَ قادرًا على الإنجاب ، ففي هذه الحالة… انسَى ما قلت …. "
نهض ، وابتسم :
“ سعدت بالحديث سيد شين . أراك لاحقاً .”
بمجرد أن غادر مينغ هو مكتب شي دوو ،
تلاشت الابتسامة الوقحة من وجهه ——
يعلم جيدًا أن شي دوو قد يكون قد شاهد كل شيء عبر
كاميرات المراقبة و العواقب لا مفر منها ——-
لكن مجرد رؤية الغضب الذي كاد يتفجّر من عيني شين أنتو
كانت كفيلة بإرضائه
——————
ولم تمضي ساعة على عودته إلى مكتبه ، حتى دخل شي دوو
قال تشو مينغ هوي وهو ينهض ليستقبله بابتسامة هادئة،
متظاهرًا أن شيئًا لم يحدث :
“ غادر موظفو البلدية بالفعل ؟”
قال شي دوو بنبرة باردة ، وعيناه تشعان صرامة:
“ هذه أول وآخر مرة يا تشو مينغ هوي .
أنت تعلم جيدًا كم أكره أن يلعب أحد من خلف ظهري .”
خلع تشو مينغ هوي قناع المجاملة ، واتكأ على مكتبه ،
ونبرته لا تقل حدّة :
“ وأنا كذلك أكره أن أضطر لفعل أمور دنيئة من وراء ظهرك ….
لكن قل لي، من أجل من أفعل هذا ؟
أنت غارق فيه حتى أذنيك لدرجة أنك لم تعد ترى الأمور بوضوح .
اذهب واسأل عاملة التنظيف في الطابق السفلي، حتى هي تعرف .”
رمقه شي دوو بنظرة غاضبة:
“ أنت لا تفهم شيئ .”
ضحك تشو مينغ هوي بسخرية ،
وقد ارتسمت على وجهه ملامح استهزاء واضحة:
“ صحيح ، لا أفهم تفاصيل علاقتكما .
لكنني أفهم شين لين جيدًا !
لا تظننّ أن تغيير الاسم يغير ما في الداخل .
نحن لا نعلم حتى إن كان حقًّا فاقدًا للذاكرة ، ومع ذلك ، ها
أنت تهيم به كالأبله .”
شي دوو بجفاء :
“ إذاً أنت من وضع التقرير أمامه ؟”
أومأ تشو مينغ هوي دون أن يظهر أدنى ندم:
“ نعم ، أنا من فعل ذلك .”
كان قد رتّب الأمر عمدًا أثناء انشغال شي دوو في أحد الاجتماعات ،
فوضع تقرير التحقيق في حادثة طائرة شين لين على المكتب ،
تحت غطاء كونه ملفًا من ملفات العمل الروتينية
فإن لم يكن شين آنتو فاقدًا للذاكرة ، فلن يستطيع تجاهل فتحه
: “ هل فتحه ؟”
كان تشو مينغ هوي واثقًا من أن شين آنتو قد تصفّحه ،
غير مدرك أن المكتب مزوّد بكاميرات مراقبة
فتح شي دوو تطبيق المراقبة على هاتفه ورماه فوق مكتب تشو مينغ هوي،
ثم التقط علبة السجائر والولاعة من على الطاولة، وأشعل واحدة بهدوء
بدأ تشو مينغ هوي يراقب التسجيل بعينين مركزتين
بعد مغادرته المكتب ، حدّق شين آنتو في غلاف الملف للحظة ، لكنه لم يفتحه ، بل ارتدى سترته وغادر
أعاد تشو مينغ هوي تشغيل المقطع عدة مرات،
ثم قال بإصرار:
“ الغلاف كان مكتوب عليه بوضوح: [ تقرير تحقيق حادث طائرة شين لين ] لا يمكن أنه لم يثر فضوله !
لا بدّ أنه أدرك أنه اختبار ، ولذلك لم يفتحه . إنه يتظاهر !”
زفر شي دوو نفسًا عميقًا من السيجارة ،
ثم حدّق في تشو مينغ هوي دون أن يظهر أيّ انفعال:
“ إن فتحه ، فهو يمثل . وإن لم يفتحه ، فهو لا يزال يمثل .
فما الفائدة من هذا الاختبار أصلًا ؟”
تمتم تشو مينغ هوي بكلمة نابية تحت أنفاسه ، ثم ابتسم ابتسامة ساخرة وقال:
“ يبدو أنني أكثر قلقًا منك .
من بين جميع الأشخاص الذين كان بإمكانك أن تقع في
حبهم ، اخترته هو بالذات؟
حسنًا ، سأتوقف عن التدخل .
لكن بما أنني أخوك ، إليك هذا التحذير الأخير : لدي شعور
قوي بأن في الأمر شيئًا مريبًا .
لا تنسَى أنه في النهاية شين لين .
فقط لا تندم لاحقًا إن خانك .”
استدار شي دوو — ثم أخذ نفسًا عميقًا من سيجارته، وقبل
أن يهمّ بالخروج، قال بصوت منخفض:
“ الندم ؟
لقد بدأت أندم منذ زمن طويل .
لو أنني أدركت الأمر في وقت مبكر ، لما كنت ضيّعت عشرة
أعوام من حياتي .”
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق