القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch21 | TMCTM

 Ch21 | TMCTM



في مساء اليوم الأخير من العطلة ، 

عاد بان يان مرتديًا قبعة من القش ويسحب حقيبة سفر

وما إن دخل السكن حتى قال بمودّة :

“ شي دا! هل قضيت عطلة ممتعة؟ 

هل أنهيت اللوحات؟”


كان تاو شي يفرك معصمه المتقرّح، 

وبمزاج سيئ قال:

“ ادفع المال بيد ، واستلم اللوحات باليد الأخرى .”


: “ لا مشكلة !”

ناول بان يان تاو شي مبلغ ألف يوان، 

وبعد أن استلم خمس لوحات، انبهر وهو يتأملها:

“ هذا مذهل للغاية . لدي شعور بأني رأيت هذه اللوحات من قبل. 

كأنني أنا من رسمها، لكنني متأكد أنني لست كذلك .”


تجاهله تاو شي، خرج من غرفة النوم حاملاً المال، 

وتوجّه مباشرة إلى الشارع باحثًا عن محل لبيع الهواتف


ولأنه كان يرتدي زيّ مدرسة وينهوا الثانوية الأولى، 

فقد بدأ البائع يعرّفه على الأجهزة الفاخرة قائلاً :

“ انظر إلى هذا الجهاز ، ذاكرته كبيرة ودقة تصويره عالية، 

حتى لو كنت جالسًا في الصف الأخير والتقطت صورة 

للسبورة، سترى كل كلمة بوضوح تام.”


كان تاو شي متحمسًا، لكن محفظته لم تكن كذلك، فقال ببساطة:

“ أعطني واحد لا يتجاوز سعره ألف يوان ، 

ويمكن تحميل ويتشات عليه .”


تمتم البائع:

“ ما الهاتف في الوقت الحالي لا يمكنه تشغيل ويتشات ؟”


وفي النهاية ، اشترى تاو شي هاتفًا ذكيًا محليّ الصنع مضى 

على طرحه في السوق عامان، مقابل 999 يوان


وبالعملة المعدنية الوحيدة التي تبقت له، ذهب إلى صالة 

الخدمة واشترى شريحة هاتف بماله الخاص


وعندما عاد إلى السكن، استحمّ، 

ثم استلقى على سريره وبدأ يعبث بهاتفه الجديد


ولحسن الحظ كان بان يان موجودًا ليُرشدَه، 

وبعد أن جرّب تاو شي بعض الأشياء، 

بدأ يفهم طريقة استخدامه بشكل تقريبي


أول تطبيق قام بتحميله كان ويتشات


أنشأ حسابًا باستخدام رقم هاتفه، 

واختار اسم الحساب باسمه الحقيقي بكل بساطة، 

أما صورته الشخصية فبقيت صورة الرأس الرمادية الافتراضية


حاول أن يلتقط صورة لنفسه بالكاميرا الأمامية، 

لكنه ما إن رآها حتى سارع إلى حذفها


قال بان يان، بينما يرتّب الصور التي التقطها خلال العطلة 

ويستعد لنشرها في لحظات ويتشات :

“ شي دا أضفني على ويتشات .”


أمسك تاو شي هاتفه ، ونظر إلى قائمة أصدقائه الفارغة على ويتشات، ثم رفض قائلاً :

“ ليس اليوم ، سأضيفك غدًا "


كان يريد أن يكون لين تشينهي أول صديق له على ويتشات


لم يفهم بان يان لماذا يحتاج لاختيار يوم محدد لإضافة صديق، 

لكنه سيعتمد على تاو شي كثيرًا مستقبلًا، 

لذا قال بابتسامة:

“ لا بأس، أضفني وقتما تشاء ، أنا بالخدمة دائمًا .”


قرر تاو شي أن ' يُزيّن ' حسابه على ويتشات ، 

فهو لا يريد أن يراه لين تشينهي غدًا وكأنه مبنى مهجور غير مكتمل


قفز من السرير إلى المقعد ، وبدأ بالرسم


استخدم الألوان المائية السميكة (غواش) لرسم كوكب 

صغير بلون أزرق داكن، 

يلفّه شريط فضي أبيض من الضوء، 

يحوم بصمت في أرجاء الكون


عدّل الزاوية والإضاءة قليلًا باستخدام هاتفه، 

ثم التقط صورة، وقام بقصّها ببساطة ليضعها كصورة شخصية


بعد ذلك، التقط صورة للقمر في ليلة مثلجة، 

وهي لوحة كان قد رسمها سابقًا خلال أحد اجتماعات نادي الفن، 

واختارها لتكون صورة الغلاف في صفحة اللحظات على ويتشات


تأمّل تاو شي صورة الغلاف والصورة الشخصية، 

ثم أغلق الهاتف وذهب إلى النوم راضيًا


———————-



في اليوم التالي، 

اندفع تاو شي إلى الصف في الصباح الباكر، 

وهاتفه مشحون بالكامل


قرأ قليلًا من كتاب اللغة الإنجليزية ثم من كتاب اللغة 

الصينية، وبعدها بدأ بمسح الطاولتين بعناية شديدة


استغرق وقتًا طويلًا ليهدأ ويستقر


لكن حتى أثناء قراءته، ظل ذهنه شارداً، 

يفكر بقدوم لين تشينهي، وبالطريقة التي سيطلب بها يوزر ويتشات منه


{ وإن رفض لين تشينهي، فسأظل أُلاحقه طوال اليوم


وإن لم ينفع ذلك، فسأبحث عن زميل آخر لأضيفه منه .. 

المهم أن أضيفه !! }


لكن حتى رن جرس الحصة الأولى ، لم يكن لين تشينهي قد حضر


ثم مرّت الحصة الأولى، والثانية، والثالثة…


{ يانغ داولي لم يكن حاضرًا أيضًا، ربما في إجازة مرضية


لكن ما الذي يجعل لين تشينهي يتغيّب عن الحصص ؟ }


كان تاو شي يُخبئ الهاتف في الدرج، 

ولم يستطع كبح فضوله، 

فسأل بي تشنغفي، المعروف بأنه ' سي آي إي الصف الأول ' 



أجابه بي تشنغفي : “ ألم يُخبرك لين تشيوشين ؟ 

إنه على وشك المشاركة في مسابقات الرياضيات والفيزياء. 

اليوم، من المفترض أن يذهب إلى اجتماع تحضيري في 

المدينة استعدادًا للمسابقة. 

المكان بعيد نوعًا ما، لذا يُعتقد أنه لن يحضر إلى المدرسة 

اليوم.” — 


لم يخب ظن تاو شي فـ بي تشنغفي يعرف كل شيء كالعادة


شعر تاو شي بالدهشة قليلًا ، إذ إن لين تشينهي لم يخبره بشيء


{ لا بأس… غدًا سيعود ، وسأسأله عن حسابه على ويتشات }


اليوم ، حمل تاو شي هاتفه معه أينما ذهب، 

خائف أن يضيع منه


فهو أول جهاز إلكتروني حقيقي يمتلكه في حياته، 

وسيحتاجه للتواصل مع لين تشينهي في المستقبل


بعد انتهاء الدروس في فترة بعد الظهر، 

وضع تاو شي هاتفه في جيبه وتوجّه إلى المقصف لتناول الطعام، 

لكنه لم يتمكّن حتى من الدخول، إذ أوقفه لي شياويوان عند الباب


قال له:

“ تاو شي والدك موجود في المدرسة ، بانتظارك عند البوابة. 

اذهب إليه .”



كان لي شياويوان قد ذهب إلى بوابة المدرسة لاستلام طرد، 

وهناك رأى رجلًا في منتصف العمر يصرخ في وجه الحارس، 

مُصرًا على الدخول لرؤية ابنه


كان الحارس يمسك به ويمنعه من التقدّم


وعندما سمعه يقول إنه يبحث عن “تاو شي”، 

وافق لي شياويوان على مساعدته، وذهب لينادي تاو شي


نادى لي شياويوان مجدداً : “ تاو شي ؟ مابك ؟ ”


بدت ملامح تاو شي غريبة

ما إن سمع أن والده يبحث عنه، 

حتى خُيّل إليه وكأنه تلقى نبأ سيئًا ؛ 

فقد انطفأ البريق في عينيه ، 

وغشّت نظراته غيمة كثيفة من الظلمة


أخذ تاو شي نفسًا عميقًا وشكر لي شياويوان، 

ثم استدار وسار نحو بوابة المدرسة


خطواته تتسارع شيئًا فشيئًا حتى بدأ بالجري، 

لكن وقع أقدامه بدا وكأنه يزداد ثقلًا مع كل خطوة


في ضوء الغروب ، 

الطلاب يتجولون في الحرم المدرسي بزيّهم الرسمي، 

يتبادلون الحديث والضحكات


أما تاو شي، فقد كان يركض فوق ظلّه الطويل المائل كأنه 

يطأ ثقلًا من رصاص، حتى وصل إلى البوابة


: “ قلتُ لك إن ابني يدرس هنا، وأنت لا تصدق! هل تحتقرني ؟!”


صرخ تاو جيان وهو يصفع بيده على طاولة الحارس عندما 

رأى تاو شي يقترب لاهثًا، 

محاولًا استعادة شيء من كبريائه الذي أُهين حين مُنع من الدخول


أجابه الحارس، وكان شابًا، بنبرة غاضبة وقد بدا أنه كان قد تشاجر معه سابقًا:

“ أنت زائر ، ولا يُسمح لك بالدخول إلا بعد التسجيل 

والتواصل مع المعلم المشرف! 

لا يمكننا السماح لأي أحد بالدخول هكذا ، 

من يدري ما الذي قد يحدث ؟!”


: “ ما الذي تقصده يااااااه ؟!” رفع تاو جيان كُمّيه وخطا خطوة واسعة ، ثم صاح بصوت مرتفع:

“ أنا والد الطالب ، وجئت لرؤية ابني ! 

ما هي صلاحيتك كحارس حتى تمنعني ؟!”


: “ كفى !!!!!!”

قال تاو شي بصوت منخفض لكنه حاد، وقبض يديه بقوة


توقف تاو جيان والتفت إليه


كان تاو شي يحدّق به بعينين حمراوين ، تنضحان بالغضب والحدّة


صفق تاو جيان بيديه وأشار إلى الحارس قائلًا:

“ لاو زي هذا لا يعيرك اهتمامًا "


قال تاو شي ببرود وهو يخرج من بوابة المدرسة :

“ اخرج ، لا تقف عند المدخل .”


كان هناك بالفعل عدد من الطلاب يقفون عند نقطة استلام الطرود ، 

وقد بدأوا ينظرون إليهما بفضول 


قال تاو جيان ساخرًا وهو لا يزال واقفًا في مكانه:

“ هااه !! 

الآن وقد التحقت بمدرسة جيدة ، بدأت تأمر والدك ؟”


أخرج من جيب بنطاله سيجارة مهترئة وولاعة ، 

وأشعلها أمام الحارس ،  

ثم أمسكها بين أصابعه الخشنة ، 

وصاح في وجه تاو شي:

“ لم أتناول شيئًا منذ الصباح لأجل رؤيتك . 

ألا يمكنك اصطحابي إلى المقصف لأتناول شيئ ؟”


لم يتمالك الحارس نفسه من التدخّل مجددًا ، فقال بحدة:

“ لا يُسمح لأولياء الأمور بدخول المدرسة دون التنسيق مع المعلم المشرف !”


زفر تاو جيان دخانًا كثيفًا ، وبناءً على ملامحه كان على وشك 

أن يبدأ جدالًا جديدًا مع الحارس، 

لكن تاو شي شعر بالإرهاق وكأنّ الطاقة قد نفدت من 

جسده، فلم يجد ما يقوله


قال تاو شي بهدوء :

“ سأرافقك للخارج لتناول الطعام .”


اقترب من مكتب الحارس ، 

وانحنى ليكتب اسمه وسبب خروجه من المدرسة في سجل الحراسة ،

ثم نظر إلى تاو جيان وأبطأ الخطى قائلاً:

“ اتبعني .”


سار الاثنان عبر الأزقة الضيقة حتى وصلا إلى مطعم نودلز 

كان تاو شي يعتاد أن يأكل فيه في عطلات نهاية الأسبوع


كان تاو جيان يلعن طوال الطريق ، بينما ظلّ تاو شي صامتًا


في المطعم ، تناول تاو جيان النودلز باستخدام العيدان، 

وكان واضحًا أنه جائع جدًا


بعد أن انتهى، أخذ منديلًا رديء الجودة ومسح عرق جبينه بتكاسل


ثم نقر بعودي تناول الطعام على وعاء نودلز تاو شي وقال:

“ اشترِ لي قطعة أخرى من الخبز المطهو على البخار .”


وضع تاو شي عيداني الطعام جانبًا، 

وذهب ليحضر له اثنين من سلال الخبز المطهو على البخار بالبامبو، 

ووضعهما أمام تاو جيان الذي بدأ ينهمك في تناولهما




نظر تاو شي إلى بقية النودلز في وعائه ، 

ولم يكن في مزاج للاستمرار في الأكل

وعندما أوشك تاو جيان على الانتهاء ، سأل:

“ ما الذي تريده مني ؟”


{ لابد أن تاو جيان قد علم من قوه بينغ أن ابنه يدرس في 

مدرسة وينهوا الأولى الثانوية ، 

لكن لماذا جاء هو فجأة من الساحل الجنوبي إلى مدينة وينهوا؟ 

ولماذا جاء يبحث عني أنا تحديدًا وليس ابنه ؟ }


رمى تاو جيان عيداني الطعام جانبًا، 

وأخذ منديلًا ومسح فمه بتثاقل


ثم شرب رشفة صغيرة من نبيذ القوي ، 

ثم تجشأ ثم ضحك ضحكة متهكمة:

“ هل لا يحق لي أن آتي لرؤيتك ؟”


شعر تاو شي بضيق شديد، 

لكنه كان هو من تسبب في إزعاج والده وإحراجه، 

فحاول أن يرد بهدوء:

“ لقد رأيتني وأكلت ، ماذا تريد أكثر من ذلك ؟”


رغم أن الوقت كان قد وصل إلى شهر أكتوبر ، 

إلا أن حرارة المطعم كانت لا تزال خانقة ، 

ولم يكن هناك سوى المروحة الحديدية المعلقة على 

الحائط تبعث بنسيم خفيف


خلع تاو جيان سترته البيضاء النظيفة ، 

وبدأ يعبث بخصلات شعره الخشنة ، 

و بعد لحظة ، رفع حاجبيه وقال:

“ هل بقي معك مال؟ أعطني إياه أولًا .”


في الشهر الماضي أفلس المصنع الذي يعمل فيه تاو جيان وأُغلق أبوابه ، 

وهرب صاحب المصنع ، ولم يحصل هو ولا العمال على مستحقاتهم


ثم اتصل به شخص وأخبره أن في مدينة وينهوا هناك فرصة عمل مع إقامة وطعام


أمضى الليلة كاملة ينتظر القطار ذو المقصورة الجلدية الخضراء


وبعد دفع رسوم تدريب، اكتشف أنه وقع ضحية نصب واحتيال


كان ينفق كل ما يكسبه في لعب الورق ، 

والآن لم يتبقى معه سوى بضع مئات من اليوان فقط


نظر تاو شي إلى تاو جيان، ولم تظهر على ملامحه أي مفاجأة، 

لكنه لم يستطع كبح خيبة أمله ،

شعر بأنه كان سخيفًا لأنه ما زال يحمل آمالًا في والده، 

متوقعًا أن يأتي فعلاً لرؤيته فقط


زم شفتيه بسخرية وقال :

“ هل تظن أن لدي مالًا وأنا طالب ؟ 

من ذا الذي يطلب من ابنه المال ؟”


هذا الكلام الأخير أثار غضب تاو جيان بشدة ، 

فقد امتلأت عيناه بالنار وقال بنبرة حادة:

“ أليس لديك مصروف شهري من المدرسة؟ 

بخلاف المال المخصص للطعام في الكافتيريا، يبقى لديك ألف أو ألفان! 

كم يمكنك أن تصرف طالما أنت طالب بهذه النقود ؟!”


شعر تاو شي بالاختناق ، وحاول كبح صوته قائلاً بهدوء:

“ أنت تعرف هذا جيدًا ، لكن هل تعلم كم تنفق ابنتك على الأدوية شهريًا ؟ 

أنا أترك بقية المصروف الشهري لتاو لي

ولا تجرؤ على المساس بأي سنت !”


وبدأت بعدها المشاحنات لا تنقطع


حاول صاحب مطعم النودلز أن يهدئ الوضع عدة مرات، 

لكن تاو جيان ردعه بقوة


وتسرّع عدد من الزبائن الآخرين في المطعم ودفعوا ثمنهم وغادروا


صرخ تاو جيان بغضب شديد:

“ أنا ربّيت ولدًا طوال هذه السنوات هباءً ! 

أي مال صرفته على طعامك وتعليمك لم أكسبه بنفسي ؟ 

ألم أكن السبب في دراستك في هذه المدينة الكبيرة ؟!”


لطالما ظنّ تاو شي أنه لن يتألم مرة أخرى بسبب هذا الرجل أمامه


كان يعتقد أنه بالغ في تقدير الأمور


استعاد هدوءه نسبيًا ، رغم أن حلقه كان جافاً وهو يقول:

“ نعم، أنت على حق، لكن كان يجب أن أكبر في مدينة كبيرة 

وأدرس في مدرسة جيدة أليس كذلك ؟”


فجأة —- رمى تاو جيان زجاجة الخمر على الأرض ، 

أشار إلى الباب وهو يصرخ بصوت عالٍ:

“ هل تظن أنني أريد أن أربي ولدًا لا يعرفني ؟ 

إذن أعد لي ولدي اللعين !”


كان صوت تحطيم الزجاج حادًا كأنه اخترق طبلة أذن تاو شي، 

فأغلق عينيه وارتجفت رموشه بشدة


تذكر فجأة أيام طفولته حين كان تاو جيان يحضر له الحلوى 

والألعاب التي يشتريها من المدينة بعد عودته من العمل، 

و يحمله على كتفيه العريضتين، ويقوده ليركض بين الجبال والحقول للعب


{ متى بدأ كل شيء يتغير ؟ } ——-


كانت هناك شائعات في القرية تقول إنه لا يشبه تاو جيان على الإطلاق، 

وأن قوه بينغ هي من سرقت شخص من الخارج، 

ومن هنا بدأ تاو جيان يبتعد عنه تدريجيًا، 

حتى أصبحت المسافات بينهما تتسع مع مرور الوقت، 

وكبر تاو شي شيئًا فشيئًا، حتى صار الاثنان كالغرباء


وبعد أن سمع الحقيقة من قوه بينغ بنفسها، 

لم يعد تاو جيان ينظر إليه مباشرةً ، 

بل سخِر منه أحيانًا بكلمات جارحة ، تمامًا كما يفعل الآن


{ لكن الآن ، جاء تاو جيان ليطلب مني المال ويطالب باسترجاع ابنه 


يا لها من مفارقة ساخرة بحق }


في هذه اللحظة ، أراد تاو شي أن يقف ويصرخ في وجه تاو جيان

' ابنك في هذه المدرسة ، وهو في نفس صفي . 

اذهب وتعرّف عليه بنفسك ! '


لكن في النهاية اكتفى بفتح عينيه الحمراء ، 

وحدّق في تاو جيان بوجه كئيب ، ساخراً:

" أولاً اذهب إلى قوه بينغ واسألها لماذا فعلت ذلك من الأساس ، ثم تفحص فضائلك أنت . 

هل تظن أنني أريدك كوالد ؟"


نظر تاو جيان إلى هذا "الابن" الذي ظل صامتًا أمامه دومًا بدهشة، ثم ثار غضبًا، 

وكسّر الطبق على الطاولة بيده، وقال بحدة:

" سآتي إليك مجددًا بعد أيام ! حضّر المال ، أنت مدين لي!"


قال ذلك وهو يتجه نحو خارج المطعم بوجه غاضب

وركل الطاولة ثم خرج


انسكب حساء بني داكن على أكمام تاو شي الأبيض المدرسي


جلس على المقعد طويلاً، 

وبدأت حركات صدره العنيفة تهدأ شيئًا فشيئًا


مسح الحساء عن كم قميصه بصمت ، لكنه لم يُمحَى ، 

فتوقف عن المحاولة ونهض لمساعدة صاحب المطعم في 

تنظيف الفوضى والحساء على الأرض ، 

ثم دفع الحساب وأعطى المزيد تعويض


أخذ صاحب المطعم النقود ونظر إلى تاو شي متنهّدًا

و بعد تردّد، سأله أخيرًا:

" ما الأمر ؟ هل تريد استدعاء الشرطة ؟"


استمع قليلًا لحديثهما ، وظنّ أن تاو شي ربما كان مخطوفًا في طفولته


ابتسم تاو شي برقة وهو يهز رأسه قائلاً:

" لا بأس ، آسف لإزعاجك ."


أدار ظهره ومشى نحو خارج المطعم



غطت ألوان الغروب الحمراء والذهبية كل شارع وزقاق في المدينة، 

لكن بقيت هناك زوايا مظلمة لا يمكن أبدًا أن تُضاء


سار في تلك الزوايا المظلمة متجهًا نحو بوابة مدرسة وينهوا الثانوية


البوابة الشامخة واقفة بهدوء في ضوء الغسق


تذكّر تاو شي أنه عندما جاء إلى هنا لأول مرة، 

كان مليئًا بالطموح والأمل، 

كأن بابًا جديدًا في حياته قد فُتح، 

وكان على وشك أن يبدأ رحلة سلسة


لكن الآن، نظر إلى ذلك الباب مرتديًا زي المدرسة الذي 

يناسب المكان، متسائلاً إن كان قد عبره يومًا


{ لا بأس يا تاو شي …


حتى وإن غاصت قدماك في الطين ،،، فعليك أن تتسلق بشراسة … }


دخل تاو شي غرفة الحراسة وكان على وشك التسجيل لدى الحارس، 

و رأى رجلاً نحيف يتحدث مع الحارس


يرتدي بدلة فاخرة تبدو ثمينة من النظرة الأولى ، 

ويحمل كيس تسوق أسود صغير بيده ،

رفع معصمه ليتفقد الساعة وقال للحارس :

“ اتصلت به لكنه لم يرد . 

هل يمكنك مساعدتي بالتواصل مع المعلم المشرف ؟ 

سأعطي المعلم الهدية وأغادر .”


كان لطف الحارس واضح مع الرجل ، و يبتسم له باستمرار. 

وما أن لمح دخول تاو شي حتى قال للرجل على عجل :

“ يبدو أن هذا الطالب في نفس صف ابنك . 

ماذا لو أعطيتَه الأشياء ويساعدك في إيصالها له؟”


التفت الرجل ونظر إلى تاو شي، 

وعندما التقى نظره بنظرات تاو شي، بدا متفاجئًا قليلًا، 

ثم ارتسم على وجهه ابتسامة لطيفة ومهذبة، 

و سأله:

“ هل أنت طالب في الصف الأول من السنة الثانية ؟”


نظر تاو شي إلى الرجل ورد عليه ببطء وخفوت


اقترب الرجل خطوة نحو تاو شي، وألقى نظرة على أكمام زيّ 

تاو شي المتسخة، ثم قال بنبرة رقيقة:

“ هل يمكن أن تساعدني؟ 

هذه هدية صغيرة جلبتها لابني بعد رحلة عمل . 

لم يجب على مكالماتي ، لذا سأضطر إلى إزعاجك لتوصيلها له "


لم يكن في كلامه أدنى إحراج من أن ابنه لا يرد على هاتفه


ألقى تاو شي نظرة على كيس التسوق الصغير ،

لم يتعرف على العلامة التجارية ، 

لكنه شعر بأنها تحتوي على أشياء ثمينة


لم يكن حقًا راغبًا في المساعدة، خشية أن يقع تحت 

مسؤولية أي خطأ يحدث

وبينما يفكر في عذر، سمع الرجل يكمل كلامه:

“ بالمناسبة ، اسم ابني يانغ داولي . 

انتقل هذا الفصل إلى الصف الأول . ربما تعرفه .”


نظر تاو شي إلى الرجل بنظرة مفاجئة 

وكاد يتوقف عن التنفس في تلك اللحظة


سمع صوتًا خافتًا كتشقق داخل رأسه ، 

وشعر كما لو أن حلقه انحشر فيه كتلة من القطن المبلل فجأة


حاول أن ينطق بشيء لكنه لم يستطع


نظر الرجل إلى عيني الفتى الحمراء المليئة بالدموع ، 

فشعر بالدهشة ،

وبعد لحظة، ابتسم مجددًا وسأله بلطف :

“ هل تستطيع ؟”


أنزل تاو شي رموشه خجلاً، وأومأ برأسه بحيرة ، وقال :

“حسنًا ”، لكنه لم يستطع النطق بصوت، بل اكتفى بتحريك شفتيه


قال الرجل مازحًا وهو يضع الكيس في يد تاو شي:

“ لو كان ابني مطيعًا ، لما اضطررت لكل هذا العناء لأوصل له هدية .”


ابتسم الحارس بجانبهم وقال مطمئنًا :

“ الصغار يحبون أن يلعبوا دور العناد في فترة التمرد ، 

سيتحسن حاله مع الوقت، لا تقلق كثيرًا .”


ابتسم الرجل وكأن ابنه مجرد غاضب قليلًا فقط ، 

وقال بنبرة متأسفة :

“ لا أستطيع الغضب منه ، لقد دللته كثيرًا في طفولته .”


أغلق تاو شي عينيه وأخذ نفسًا عميقًا، 

وهو يمسك الكيس ويرفع قدمه للمضي قدمًا، 

لكن فجأة شعر بيد تربت على كتفه برفق


أنزل الرجل رأسه ونظر في عينيه ، بنظرات مركزة وناعمة ، 

ثم ابتسم وسأل :

“ نسيت أن أسأل …. ما اسمك ؟”


صمت تاو شي لحظة ، ثم سمع صوته الجاف يرد:

“ تاو شي "


قال الرجل بتعجب :

“ تاو شي؟ اسم جميل جدًا "


توقف قليلاً ، ثم أخرج بطاقة أعمال من محفظته وقدمها 

لتاو شي قائلاً :

“ إذا لم يرغب ابني في استلام الهدية ، يمكنك الاتصال بي "


أنزل تاو شي رأسه ونظر إلى الكلمات الثلاث المطبوعة في 

وسط البطاقة ذات اللون الذهبي الفاتح 

[ يانغ تشنغمينغ ]


و تحتها سلسلة من أرقام الهاتف ، 

دون أي محتوى آخر سوى رائحة عطر خفيفة جدًا


رمش تاو شي ، وفكر 


{  يانغ تشنغمينغ … }


بدا وكأنه يجمع كل قوته ليرفع يده ويأخذ بطاقة العمل 


ثم غادر المكان بسرعة ….


يتبع

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • عادي
  • متطور
  • ترتيب حسب الاحدث
    عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق
  1. الفرق الشاسع بين الأبوين... بكيت عن تاو شي، كلشي مدا يزبط وياه

    ردحذف
  2. يا حبيبي يا تاو شي عقوبة هذي مو اهل

    ردحذف

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي