Ch23 | TMCTM
ما إن عاد تاو شي إلى السكن، حتى أسرع بان يان لملاقاته وهو يقول بحماس:
“ شي دا لديّ بعض الزبائن الكبار لأعرّفك عليهم،
كلهم يريدون أن ترسم لهم، هل ترغب بأخذ الطلبات؟”
لم يكن بان يان قادرًا على كتم الأمر
فقد عرف بعض رفاقه في صف الفنون أن لديه زميلًا في
الغرفة يمكنه مساعدته في الرسم مقابل مئتي يوان فقط،
والأدهى من ذلك، أن الرسومات لم تكن تختلف كثيرًا عن أسلوب بان يان نفسه
كيف لهؤلاء الأبناء المدلّلين، الذين لا يعانون من ضيق مالي،
أن يُفوّتوا فرصة كهذه للتكاسل؟
شعر تاو شي بشيء من التردد، لكن قلبه مال قليلًا للفكرة
كان يعرف أن تاو جيان قال إنه سيأتي إليه مجددًا خلال أيام،
ولم يكن ذلك مجرد تهديد عابر
في المرة الماضية لم يأخذ المال فقط لأنه كان غاضبًا ،
أما المرة القادمة ، فلن يكون من السهل ردعه
وبمزاج تاو جيان، لم يكن من المستبعد أن يتسبب في
فضيحة أمام بوابة المدرسة، ليفضح أمره أمام الجميع
و تاوشي لم يرغب أن يعرف أحد في المدرسة بأمره ،
وفي نفس الوقت ، ليس من الممكن أن يعطي تاو جيان كل
منحة التفوّق الخاصة به
فـ تاو لي تُعاني من مرض الذئبة الحمراء ،
وهو مرض يتطلب استخدامًا طويل الأمد للهرمونات والأدوية ،
وتلك الأدوية باهظة الثمن شهريًا
كان تاو شي يعيش بتقشف، ويوفّر من مصروفه ليساعد تاو
لي في شراء الدواء
رغم أنه كان يكره قوه بينغ وتاو جيان،
إلا أن تاو لي كانت أقرب شخص له في العالم حاليًا
تردد تاو شي لبضع ثوانٍ، ثم وافق :
“ حسنًا، لكن ليس مقابل مئتي يوان ،
لدي امتحان منتصف الفصل بعد شهر ،
ولا أملك وقتًا كافيًا للرسم .”
رد بان يان فورًا :
“ لا مشكلة ، سأتفاهم معهم وأرفع السعر .”
وبالفعل —- انتهى الأمر بتاو شي وهو يتسلّم أربع طلبات رسم إضافية ،
كل واحدة مقابل 300 يوان
وبسبب ضيق الوقت، لم يكن بمقدوره الرسم سوى قبل
إطفاء الأنوار في السكن ليلًا،
أما واجباته المدرسية، فكان ينجزها متخفيًا تحت اللحاف
وبالتالي، لم ينم أكثر من أربع ساعات في الليلة
ولأن ضوء المصباح بقي مشتعلاً وقتًا طويلًا،
احمرّت عيناه في اليوم التالي،
وبات البياض المعتاد في عينيه يغطيه خيوط دم حمراء واضحة
لكن تاو شي لم يُعر الأمر انتباهًا،
بل كان ما يزال بحالة جيدة،
دخل الصف باكرًا مفعمًا بالنشاط، وهاتفه مشحون بالكامل
دخل لين تشينهي من الباب الخلفي يحمل زجاجة مياه معدنية باردة
وقبل أن يضع حقيبته، بادر تاو شي بأخذها عنه،
وعلّقها خلف الكرسي،
ثم سحب الكرسي بكلتا يديه إلى الوراء،
وكانت المسافة التي سحبها مماثلة تمامًا لما اعتاد عليه لين تشينهي
كل هذه الحركات كانت سلسة ومتقنة،
كأنّه بوّاب محترف في فندق خمس نجوم يفتح الباب للضيف
وقف لين تشينهي جانبًا، يعبس بحاجبيه،
لكنه لم يقل شيئ
ما إن أنهى تاو شي حركاته الخفيفة تلك،
حتى أخرج بطاقة عمل صنعها بنفسه من الدرج،
كتب عليها اسمه و يوزر الويتشات الخاص به،
ثم رفع البطاقة بكلتا يديه أمام لين تشينهي ورفع رأسه مبتسمًا ،
زوايا شفتيه مرفوعتان وعيناه تلمعان بالتوسل :
“ أيها الشاب لين هل يمكن أن تضيفني على ويتشات ؟”
أنزل لين تشينهي رأسه وألقى نظرة على البطاقة ،
ثم نظر إلى عيني تاو شي الممتلئتين بالتوقّع ،
تلك العينان حمراء ومتورمة ، وكأن صاحبهما ظل يبكي
طوال الليل تحت اللحاف
أخذ لين تشينهي البطاقة ،
ثم فتح قفل هاتفه ومدّه مباشرة إلى تاو شي وقال:
“ أضفني بنفسك "
“؟”
حدّق تاو شي في الهاتف الممدود إليه بذهول،
لم يكن يتوقع أن يمنحه لين تشينهي شيئًا شخصيًا كهاتفه بهذه البساطة
جلس لين تشينهي في مقعده،
ولما رأى تاو شي ما يزال متجمّدًا محدّقًا في الهاتف، سأله بصبر:
“ لا تريد؟”
ثم مدّ يده مشيرًا إلى أنه سيأخذ الهاتف ويضيف نفسه بدلًا عنه
أفاق تاو شي بسرعة،
وأبعد الهاتف عنه وكأنه يحمي طفلًا صغيرًا،
هزّ رأسه نافيًا ثم أومأ:
“ بالطبع أريد !”
كانت خلفية شاشة هاتف لين تشينهي عبارة عن لون ثابت،
فلم يجرؤ تاو شي على التحديق طويلًا
فتح تطبيق ويتشات دون أن يتصفّح المحادثات،
سحب رمز الاستجابة السريعة الخاص بـ يوزر لين تشينهي،
ثم مسحه بهاتفه وأرسل طلب الإضافة
بعد أن تمّت الإضافة ، أعاد الهاتف بسرعة إلى صاحبه
“ تم! ستكون أول صديق لي على ويتشات !”
قال تاو شي وهو يعرض واجهة هاتفه للين تشينهي — لم يكن فيها أي شخص سواه
رفع ذقنه قليلًا،
وانحنت زوايا عينيه وشفتيه لأعلى،
كطالب يفتخر بدرجة مئة من مئة في امتحان
حدّق لين تشينهي في عيني تاو شي للحظة ،
ثم صرف بصره دون أن يقول شيئ .
و مرّر أصابعه بهدوء على زجاجة المياه المعدنية المغلقة،
والبخار البارد يتكاثف بين أصابعه
أما تاو شي فكان ما يزال في نشوة الفرح،
نظر إلى شاشة هاتفه،
كان اسم لين تشينهي على ويتشات هو اسمه تمامًا،
وصورته الشخصية مجرد خلفية بلون أبيض
فتح خاصية ' اللحظات ' فوجدها فارغة تمامًا،
لا منشورات ولا صور
عدّل تاو شي الاسم في جهات الاتصال،
وسمّاه: [ Moon ] ( قمر / سمّاه بالإنجليزي )
في تلك اللحظة تحديدًا ، وُضعت زجاجة مياه باردة على الطاولة أمامه
قال له لين تشينهي:
“ ضعها على عينيك .”
كانت نبرته ناعمة على نحو غير متوقّع
تجمّد تاو شي من الدهشة ،
ورفع يده دون وعي ليفرك عينيه ،
لكن ما إن لامس زاوية عينه ، حتى أمسكت يد أخرى بمعصمه
وفي أثناء الحركة ،
تحركت تلك الأصابع بخفة إلى شفتيه ،
و بينهما قليل من بخار الماء البارد
فرك تاو شي شفتيه السفليتين بطرف لسانه دون وعي ،
لكن اليد التي كانت تمسك بمعصمه أُفلتت بسرعة ،
قال تشينهي باختصار :
“ لا تفرك عينيك "
سحب يده ،
ثم التقط قلمًا وفتح غطاءه،
وأنزل رأسه ليكتب شيئًا على الورقة ،
دون أن يظهر على وجهه أي تعبير
تجمّد تاو شي في مكانه ،
وفجأة شعر بأن شفتيه أصبحت حارة
: “ شكرًا .”
أسرع والتقط زجاجة المياه المعدنية الباردة ،
وأغمض عينيه ووضعها عليهما
كان ملمس البرودة يخفف من تورّم عينيه وجفافهما بسبب السهر،
لكن شفتيه تزداد حرارة،
وقلبه بدأ يصرخ دون توقف
في هذه الأثناء ،
جاءت ممثلة مادة الإنجليزية، جين جينغ، إلى الصف الأخير لجمع الواجبات
ومنذ حادثة جيانغ شينيون الأخيرة ، لم تعد تجرؤ على التحدث مع لين تشينهي
أخذت دفتر الواجب منه بتوتر،
لكنها لمحت عن غير قصد بعض ' الدوائر المرسومة بلا
معنى على الورقة أمام لين تشينهي '
( أيضاً مجرد تكهّن شخصي : لما الشخص يسرح ويفكر
يبدأ يرسم بشكل لا إرادي
وأتوقع هذا المقصود بالدوائر العشوائية هنا
' ولو لاحظنا سابقاً تشينهي عنده عادة العبث بزاوية الورق او الكتاب لما يتكلم مع تاوشي )
لم تقل شيئ ،
ونظرت إلى تاو شي، الذي كان يعضّ شفتيه بينما يضع
الزجاجة الباردة على عينيه
وعندما همّت بأن تطلب منه تسليم دفتره ،
أخرج لين تشينهي دفتر الواجب من درج تاو شي بدقة ،
وسلّمه إليها مباشرةً
……..
استغرق تاو شي بضع دقائق ثم وضع الزجاجة جانبًا ،
وكانت هناك قطرات ماء كثيرة تتلألأ على رموشه الكثيفة
نظر إلى لين تشينهي فوجده يقرأ كالمعتاد،
فتنهّد بارتياح
لقد كان الموقف محرجًا للغاية قبل قليل،
ولحسن الحظ أن لين تشينهي لم يعلّق بشيء
لكن في تلك اللحظة ،
اندفع بي تشنغفي مثل زيز يحترق نحو النور ،
وأنقذ تاو شي من مستوى جديد من الإحراج
“ شي-غا ما بك؟ لماذا تبكي؟! من الذي ضايقك؟!”
قال بي تشنغفي وهو يحدّق في عيني تاو شي الحمراء والمتورمة بدهشة،
كانت رموش تلك العينين الجميلتين ما تزال تقطر ماء،
وكأن صاحبهما كان يبكي حقًا
تردّد تاو شي للحظة ، ثم قال باستغراب:
“ أنا لم أبكِي "
{ ما الأمر ؟ هل كنت أبدو كمن يبكي لأتفه سبب ؟ }
لكن بي تشنغفي لم يقتنع،
وظنّ أن تاو شي يتظاهر بالقوة
فأخرج مرآة صغيرة بخفة من درج زميلته هوو تونغ،
ووضعها أمام وجه تاو شي قائلاً:
“ أنظر إلى عينيك ، متورمتان جدًا .
لاو بي لما انكسرت رجل نجمها الكوري المفضل ،
بكت طوال الليل ، وكانت تبدو تمامًا هكذا ~ .”
{ كانت لاو بي تبكي وتنوح ، وبعد أن انتهت من البكاء
أصبحت قبيحة للغاية ،
أما تاو شي… فعندما بكى بدا مثيرًا للشفقة … }
و ظهرت كلمة غريبة في ذهن بي تشنغفي
نظر تاو شي في المرآة
لم يكن قد انتبه حين غسل وجهه بسرعة في الصباح، وكانت عيناه في الواقع محمرتين ومتورمتين بعض الشيء
ابتسم فجأة وقال :
“ اوووه ! لقد استخدمت المصباح اليدوي تحت اللحاف
طويلًا وأنا أكتب واجباتي . سهرت طوال الليل هذا هو السبب .”
عندها فقط ارتاح بي تشنغفي
وفي غمضة عين، رأى الهاتف على مكتب تاو شي مجددًا،
ولمعت عيناه بحماس :
“ شي غااااا ! أخيرًا اشتريت هاتف !
أضفني، سأضيفك فورًا إلى القروب !”
اقترب من تاو شي وغطى نصف فمه بيده ، و نظراته ماكرة
بعض الشيء ، وهمس قائلًا :
“ مزايا قروبنا رهيبة ، كل الإشاعات والموارد عندنا .
وإذا أردت ، سأرسل لك كل كنوزي دفعة واحدة ! .”
كانت هذه أقوى ميزة في المجموعة التي أنشأها لفتيان الصف
باستثناء لين تشينهي، كان جميع الفتيان تقريبًا فيها،
يشاركون ' بذورهم ' فيما بينهم ،
ويتبادلون الخبرات من حين لآخر
ظن تاو شي أن بي تشنغفي يتحدث عن موارد دراسية ،
مثل أسئلة الامتحانات أو مقاطع الاستماع ،
فأسرع يلتقط هاتفه :
“ حسنًا !”
ما إن أضاف حساب بي تشنغفي على ويتشات،
وهمّ أن يطلب منه إضافته إلى القروب ،
حتى سمع لين تشينهي، الذي كان يقرأ بصمت، يقول بجدية :
“ لا يُسمح بالانضمام إلى القروبات .”
رأى بي تشنغفي نظرة لين تشينهي الباردة نحوه ،
فارتجف دون وعي ،
وسحب يده بصمت قبل أن يضغط زر الإضافة
صُدم تاو شي، فنبرة لين تشينهي لم تترك له مجالًا للنقاش
و كأن تلك الظلال اللطيفة التي ظهرت سابقًا قد اختفت فجأة
شعر ببعض الاستياء، ولم يتمالك نفسه من الاعتراض:
“ إذًا هل يمكنك إرسال الموارد لي؟”
عبس لين تشينهي ونظر إليه، ثم صمت قليلًا ثم قال :
“ يمكن .”
انبهر تاو شي، لم يكن يتوقع من لين تشينهي أن يوافق بهذه السهولة
و تبدد شعوره المنزعج ، وارتسمت ابتسامة خفيفة على زاوية شفتيه،
ولم يُصرّ على الانضمام إلى القروب بعد ذلك
أما بي تشنغفي، فبدا هادئًا من الخارج —-
لكن عاصفة اجتاحت داخله ——
{ اللعنة ، متى أصبح هذان الشخصان اللذان يجلسان خلفي
قريبين إلى درجة مشاركة ' البذور ' على انفراد ؟!
لين تشيويشن يبدو جادًّا للغاية
لكن من كان يظنّ أنه يرغب بالامتلاك الحصري ؟ }
لم يجرؤ بي تشنغفي على ذكر قروب الفتيان أو “الموارد”
بعد الآن،
فسحب تاو شي بسرعة ليريه الصور التي التقطها خلال
رحلته إلى كوريا، وقال بفخر:
“ أنا بارع في التصوير
هذه الصور التُقطت بكاميرا لاو بي التي يبلغ ثمنها مئة ألف يوان.
لا بد أن أعترف بأن الصور التي تلتقطها الكاميرات باهظة
الثمن لها طابع مختلف .”
نظر تاو شي إلى الصور التي التقطها بي تشنغفي
لقد اعتاد أن يقابل مصورين من شتى المجالات حين كان
في خليج تاوشي،
وشاهد أعمالًا فوتوغرافية متميزة عديدة
أما صور بي تشنغفي، فلم يكن بالإمكان وصفها إلا بأنها بالكاد واضحة
لم يشأ أن يحبط معنويات هذا الفتى البريء،
فابتسم وقال:
“ اللقطة ليست سيئة ، وهذه تحديدًا هي الأفضل .”
وأشار إلى صورة واضحة لمنظر بحري
: “ ألييييس كذلللك !
و بما أنك يا شي غا قلت ذلك ، بدأت أفكر جديًّا في تعلّم
التصوير لأصبح مخرجًا في المستقبل !” قال بي تشنغفي بحماس وطموح
“…”
تساءل تاو شي في نفسه عمّا إن كان قد ارتكب خطأً ما
قال بي تشنغفي بحماس:
“ شي غا طالما أنك أحببت هذه الصورة ، فسأهديك إياها.
يمكنك استخدامها كخلفية لهاتفك .”
ثم أرسل صورة الشاطئ إلى تاو شي
: “… شكرًا لك.” لم يكن تاو شي يرغب فعلًا في استخدامها كخلفية
عاد تاو شي إلى السكن في المساء،
وما زال يفكر في وعد لين تشينهي له بإرسال الموارد
في الواقع لم يكن مهتمًّا كثيرًا بالموارد الدراسية،
بل كان يريد ببساطة أن يتحدث مع لين تشينهي عبر ويتشات
نظر إلى نافذة المحادثة التي خزّنها باسم [ القمر ]
ولم يجد فيها سوى الرسالة التلقائية التي أرسلها النظام صباحًا:
[ لقد تم قبول طلبك لإضافة صديق ،
يمكنكما بدء المحادثة الآن ]
' يمكنكما بدء المحادثة الآن '
منحت هذه الجملة تاو شي شجاعة لا يعرف لها سبب
أخذ نفسًا عميقًا ، وبدأ يكتب في خانة الإدخال
كان يكتب ببطء شديد، وأصابعه لم تكن معتادة على لوحة المفاتيح،
فكثيرًا ما أخطأ،
واضطر إلى حذف الكلمات وإعادة كتابتها
{ ما الذي ينبغي أن أرسله ؟ }
كتب ببطء :
' زميلي ، ماذا عن الموارد التي وعدتني بها ؟ '
لكنه بعد انتهائه من كتابة الرسالة شعر أنها مصطنعة ،
فمسحها كلها ، وفتح كتاب الرياضيات ،
ثم اختار مسألة عشوائية والتقط لها صورة بهاتفه ،
وكتب من جديد :
' ثمة مسألة لم أتمكن من حلّها ، هل يمكنك إلقاء نظرة عليها ؟ '
كان يخشى أن تكون هذه المسألة بسيطة جدًا ومزعجة،
فقام بحذف الرسالة مجددًا
وبعد أن تردّد على هذا الحال عدة مرات،
فجأة لم يعد لديه رغبة في إرسال أي رسالة إلى لين تشينهي
فألقى الهاتف جانبًا ببساطة،
والتقط فرشاة الرسم وبدأ في التلوين
غدًا كان عليه أن يسلّم اللوحة لطالب الفنون
لكن قبل أن يرسم أيّ خط، دوّى إشعار رسالة من الهاتف الموجود على الطاولة
التقط تاو شي الهاتف بسرعة ونظر إليه
فاتضح أن لين تشينهي قد أرسل له رسالة ——
[ ؟ ]
علامة استفهام بسيطة
و ظهرت علامة استفهام فوق رأس تاو شي أيضاً
ردّ متوترًا وقد تملكه القلق :
[ ما الأمر ؟ ]
فأرسل له لين تشينهي صورة ، لقطة شاشة من واجهة محادثة ويتشات، يظهر فيها في الأعلى :
[ الطرف الآخر يكتب…]
وكان الوقت قبل عشر دقائق
{ اللعنة !
لماذا لم يخبرني أحد أن ويتشات لديه هذه الميزة السخيفة ؟! }
احمرّت أذنا تاو شي بسرعة،
فسارع إلى إرسال الصورة التي التقطها قبل قليل،
وكتب بعدها:
[ لا أستطيع حلّ هذه المسألة ]
لم يردّ لين تشينهي
تنهد تاو شي بارتياح ، وإن كان في داخله شعور خافت بخيبة الأمل
لكن لم يمض وقت طويل، حتى أرسل له لين تشينهي صورة
أخرى — كانت ورقة كُتب عليها خطوات حلّ المسألة
الرياضية بالتفصيل، بخطٍ رفيعٍ وواضح
عاد الفرح إلى قلب تاو شي، واحمرّ وجهه قليلًا،
وردّ بسرعة:
[ شكرًا لك يا زميلي في المكتب ! ]
لم يعلّق لين تشينهي، بل أرسل له مجلدًا على قرص سحابي
لم يكن تاو شي ملمًّا كثيرًا بالبرامج الأخرى،
فطلب من بان يان أن يساعده في فتحه
وبعد أن حمّل المجلد وفتحه،
وجد داخله موادًا دراسية لمختلف المواد مصنّفة بعناية
فكّر أن هذه الموارد لا شكّ أفضل بكثير من قروب بي تشنغفي،
ولم يعد يهمّه إن لم يُضَف إلى القروب بعد الآن
ثم ردّ تاو شي على لين تشينهي برسالة : [ شكرًا لك ]
لكن لين تشينهي لم يردّ بعدها
ظلّ تاو شي يحدّق في سجل المحادثة بشرود،
ثم بعد لحظة ، ضغط مجددًا على صورة الملف الشخصي
الفارغة للين تشينهي،
لينفاجأ بأن ' لحظاته ' لم تعد فارغة
بل إنه قد نشر تسع صور قبل ساعة دون أن يرفق بها أيّ تعليق
فتح تاو شي الصور واحدة تلو الأخرى،
وسرعان ما أدرك أن لين تشينهي قد التقطها أثناء عطلته في اليابان
ولكن على عكس ' روائع ' بي تشنغفي،
فإن صور لين تشينهي كانت بوضوح تامة صورًا احترافية
في شوارع وأزقة عادية عند الغروب ،
أضواء أكتوبر الهادئة والمفعمة بالحياة تتدفّق عبر عدسته،
وتنتشر ألوان الشفق البهيّ على ظلال كل من في الطرقات،
وكأن أوراق الخريف الحمراء تساقطت من جبال هوكايدو
وغطّتهم جميعًا
تذكّر تاو شي فجأة غروب الأمس ذاته
حين جلس لين تشينهي أمام البيانو في قاعة الحفلات الموسيقية الخالية،
وعزف مقطوعة “عيد ميلاد سعيد، السيد لورانس” — تلك
المقطوعة التي لم يسمعها أحد سواه
في تلك اللحظة ، بدا وكأن كل الحنق والغيرة والإحراج في
قلبه قد غرق ببطء في موسيقى البيانو تلك،
كما تغرق أوراق الخريف الحمراء في برك الماء،
وقطرات المطر في الجداول والأنهار
وبعد لحظة من الشرود ، قام بـ الإعجاب بتلك المنشورات ( لايك )
ثم حفظ الصور التسع" جميعها ،
واختار واحدة منها لتكون خلفية شاشة هاتفه ،
كما اختار صورة أخرى لتكون خلفية محادثته مع لين تشينهي
يتبع
تعليقات: (0) إضافة تعليق