القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

Ch25 | TMCTM

Ch25 | TMCTM




عندما عاد تاو شي إلى غرفة النوم تلك الليلة ، 

أمسك به بان يان وقال بنبرة مستاءة :

“ شي دا متى صادقت شخصًا مثل لين تشينهي 

وعلاقتكما جيدة إلى هذا الحد ، ولم تخبرني حتى ؟”


كلمتا ' أصدقاء ' و ' علاقة جيدة ' جعلتا تاو شي يضحك 

دون أن يتمالك نفسه، لكنه ردّ بتصنّع:

“ علاقتنا عادية فقط .”


: “ عادية ؟!” اتسعت عينا بان يان وقال:

“ هذا لين تشينهي ! علاماته ممتازة ، وهو وسيم أيضًا ، 

هل كنت تعلم أن جده سكرتير لجنة الحزب البلدي في 

مدينتنا ، وعمه السكرتير العام الحالي للجنة الحزب في 

المقاطعة، ووالده رئيس مجلس إدارة مجموعة رويزي ؟ 

كما أن والدته عازفة بيانو ! 

بهذا الخلفية، دعك من الطلاب ، حتى كثير من المعلمين يتوددون له!”


شعر تاو شي بالذهول 

صحيح أن لين تشينهي كان يتمتع بهالة الأرستقراطيين، 

لكنه لم يتخيل أبدًا أن خلفيته العائلية ستكون بهذه 

الضخامة


بعيدة المنال إلى هذا الحد ——


لم يستطع تاو شي منع نفسه من القلق 

{ هل يمكنني أن أواكب لين تشينهي حقًا ؟ }


: “ شي دا لم أنت مرعوب هكذا ؟ ألا تعلم بالأمر ؟”

ظنّ بان يان أن تاو شي بذل جهدًا كبيرًا للتقرب من لين تشينهي


أما شو تسيتشي، الذي كان صامتًا وكئيبًا طوال الوقت، 

فقد ضحك ضحكة ساخرة وقال بنبرة مملوءة بالحسد والسخرية :

“ أولئك ' المتسلقون ، المتشبثون بالتنين والملتصقون 

بالعنقاء ' ، هل يعجزون عن معرفة هذه التفاصيل ؟”


فردّ بان يان ساخرًا ، كأنه وجد أخيرًا خصمًا ينفث فيه غضبه :

“ هاه، ومن الذي كان يلاحق لين تشينهي كل يوم في الفصل الدراسي الماضي؟ 

وفي النهاية، لم يمنحه أحد وجهًا سوى يانغ داولي 

أما لين تشينهي فلم يلقِ له حتى نظرة .”


ازررق وجه شو تسيتشي غضبًا


نظر تاو شي إليه وابتسم قائلاً :

“ أنت محق، أنا فعلاً أحاول أن أتشبث بالتنين وأتعلق بالعنقاء .”


حدق شو تسيتشي فيه بذهول ، 

ربما لأنه لم يتوقع هذا القدر من الوقاحة 


( الأشخاص الي يحاولون يتملقون أصحاب المناصب 

' تنين = رجال ' عنقاء = نساء ' ثم استغلال العلاقات 

الشخصية في الارتقاء في العمل والخ / واسطات باختصار ) 




في استراحة الغداء في اليوم التالي، 

استدعى المعلم تشو تشيانغ تاو شي 


ظن تاو شي أن المعلمة جيانغ لي هي من طلبت منه أن يوبخه


لكن تشو تشيانغ لم يذكر الأمر إطلاقًا ، 

بل أشار إلى شيء آخر :

“ تاو شي تذكر مشروع الدعم المالي الذي أخبرتك عنه سابقًا ؟ 

جميع نفقات دراستك ومصروفك الشهري في مدرسة وينهوا 

الأولى الثانوية تأتي من هذا المشروع ، وتمنحك إياه المدرسة .”


أومأ تاو شي برأسه، لكنه شعر بالتوتر فجأة، 

وتبادر إلى ذهنه أن المشروع ربما شارف على التوقف


لكن تشو تشيانغ لاحظ ملامحه المتوترة ، 

فابتسم بفهم وقال بلطف:

“ مؤخرًا، طلب الممول الذي يقف وراء هذا المشروع من 

المدرسة تعديل خطة الدعم . 

وبالنظر إلى تكاليف المعيشة والدراسة الحالية ، لن تحصل 

بعد الآن على مصروف شهري. 

بدلاً من ذلك، ستحصل على خمسين ألف يوان دفعة واحدة 

هذا الفصل، وخمسين ألفًا أخرى في الفصل القادم. 

وإذا واجهت صعوبات في المنزل، يمكنك التقدّم بطلب 

للحصول على دعم إضافي .”


“؟؟؟”


نظر تاو شي إليه مصعوقًا ، غير مصدق لما سمعه


لكن المعلم تشو تشيانغ لم يكن قد أنهى حديثه بعد، فقال:

“ بالإضافة إلى ذلك ، فإن مصاريفك الجامعية المستقبلية، 

أي تكاليف الدراسة والمنحة الخاصة بالجامعة ، مشمولة 

أيضًا ضمن تمويل هذا المشروع . 

لم أخبرك بهذا سابقًا ، لأنني كنت أخشى أن يشكّل عليك 

عبئًا نفسيًا كبيرًا . 

أما الآن، فأريدك أن تدرس بطمأنينة وتركيز ، دون أن تشتت 

نفسك بأمور أخرى .”


لم يكن تاو شي قد استفاق بعد من وقع الصدمة ، 

و ظلّ صامتًا للحظات ، ثم لم يتمالك نفسه وسأل:

“ هذا الممول… هل يمكنك أن تخبرني من هو؟”


كان قد تخيّل في ذهنه عجوزًا طيب الملامح، 

بشعر أبيض وابتسامة حانية، مثل أولئك المحسنين الذين يظهرون في الصحف


{ لكن… هل يُعتبر هذا عملًا خيريًا فحسب ؟


بل إنه أشبه بمن يتبنّى طفلًا ويرعاه كابنه ! }


لكن المعلم تشو تشيانغ لم يذكر اسمكما فعل في المرة 

السابقة، واكتفى بالقول:

“ الممول لا يرغب في الكشف عن هويته . 

لا تضع على نفسك الكثير من الضغط ، 

فقط ركّز على دراستك . 

مثلًا، حاول أن تدخل ضمن الخمسين الأوائل في امتحانات 

منتصف الفصل وتحافظ على بقائك في الصف الأول. 

أليست هذه مكافأة جيدة ؟”


أدرك تاو شي أن سؤاله لن يُجاب ، فلم يُلحّ ، 

واكتفى بالإيماء برأسه :

“ سأحرص هذه المرة على أن أكون من بين الخمسين الأوائل !”


كانت نظرته حازمة إلى درجة أدهشت تشو تشيانغ نفسه


ربت تشو تشيانغ على كتفه وشجّعه قائلاً :

“ شاب رائع، أنا أؤمن بك!”


خرج تاو شي من مكتب تشو تشيانغ ولم يكن قد هدأ بعد، 

وعيناه تلمعان بحمرة خفيفة


فكر { في الحقيقة ،،،، أنا محظوظ أيضًا …..

رغم أن حياتي قد تبدّلت ، إلا أنني التقيت بلين تشينهي من 

خلال دروس البث المباشر عن بُعد،  

كما أن هناك ممولًا كريمًا وسخيًّا ساعدني على القدوم إلى 

مدرسة وينهوا الأولى ، 

بل ومهّد لب طريق واسع نحو المستقبل …


تلك المشكلات الصعبة بدت وكأنها قد حُلّت دفعة واحدة ؟ }



فكّر أن عليه أن يُقبل على الدراسة بكل جهده، 

ليُقبل في أفضل جامعة في البلاد، تمامًا مثل لين تشينهي

ثم يشكر ذلك المحسن الطيب، 

ثم يردّ الجميل بتمرير هذه العطاءات لأشخاص مثله


لكنه لم يعلم بعد —- { هل لين تشينهي يخطط للالتحاق 

بجامعة تشينغهوا أم جامعة بكين ؟ }


عاد تاو شي إلى الصف وقد غمرته مشاعر مختلطة ، 

ليجد أن لين تشينهي قد عاد إلى مقعده بالفعل ، 

فلم يتمالك نفسه من الجلوس بحماس على الكرسي ، 

وحدّق إلى لين تشينهي بعينين متألقتين ، وقال:


“ يبدو أنني أستطيع أن أعزمك على وجبة أفضل الآن! 

المدرسة منحتني فجأة مبلغًا كبيرًا !”


نظر إليه لين تشينهي نظرة عابرة دون أن يعلّق


وفجأة خطر في بال تاو شي سؤال

{ ما نوع الطعام اللذيذ الذي لم يتذوقه لين تشينهي من قبل ؟ }


لكن رغم ذلك، هو ما زال يريد دعوته لتناول الطعام


ظل تاو شي مترددًا للحظة ، ثم استجمع شجاعته وقال بلطف:

“ هل أنت متفرغ يوم الأحد؟ 

أريد دعوتك على العشاء ، لأشكرك على مساعدتك لي بالأمس .”


نظر تاو شي إلى لين تشينهي بقلق ، 

لكن لين تشينهي رفض دون تردد :

“ لديّ أمرٌ ما يوم الأحد .”


فقال تاو شي على الفور ، وإن بدا عليه بعض الإحباط :

“ حسنًا… سأعزمك عندما تكون متفرغًا لاحقاً .”


لم يستطع إخفاء خيبته {  لا بأس ، لا يزال لديّ متسع من 

الوقت ، وسأجد فرصة أخرى لدعوة لين تشينهي للخروج }


لم يقل شيئًا بعد ذلك، 

بل أمسك قلمًا وبدأ في حلّ أوراق التمارين

وبعد قليل، اندفع بي تشنغفي نحوه وسأله بحماس:

“ شي غا هل أنت متفرغ يوم الأحد؟ 

رتّبت مباراة كرة سلة مع بعض رفاقي من المدرسة 

المتوسطة ، تعال وساعدني في اللعب! 

سيكون هناك كثير من الفتيات لمشاهدتنا !”


أجابه تاو شي بالرفض :

“ لا، يجب أن أذاكر يوم الأحد .”


كان امتحان منتصف الفصل يقترب ، وباستثناء لين 

تشينهي ، لم يكن يريد تضييع وقته في أي شيء آخر


بدأ بي تشنغفي يتظاهر بالحزن والأسى، 

ثم خطرت له فكرة فجأة، فاقترب من أذن تاو شي وهمس:

“ ألم تسألني من قبل كيف تُلاحق شخصًا تحبه؟ 

عندي صديق عبقري، استطاع أن يجعل أجمل فتاة في 

المدرسة - وهي باردة جدًا - تقع في حبه !”


وقد أثار هذا الحديث اهتمام تاو شي فعلًا ~~


استمر بي تشنغفي في الهمس بحماس :

“ صدقني ، هذه الفتاة لا تُصدَّق . 

والدها مسؤول كبير ، ووالدتها فنانة ، 

وعائلتها عريقة في الثقافة . 

كثير من الشباب حاولوا التقرب منها دون جدوى ، 

لكن صديقي نجح ! 

لا بد أنه خبير في هذا المجال !”


لم يستطع تاو شي أن يمنع نفسه من التأثّر قليلًا


{ الوصف هذا يشبه كثيرًا لين تشينهي … !! }


لكن فجأة، شعر بي تشنغفي وكأنه تحت أنظار حادّة لا ترحم، 

فجلس في مقعده على الفور وتوقّف عن الهمس، 

لكنه لم يتوقف عن الإغراء:

“ كما أنه يمكنك التعرّف على أصدقاء جدد ، 

رفاقي لطفاء جدًا وسيعجبون بك أيضًا .”


سأله تاو شي:

“ في أي ساعة سيكون الموعد يوم الأحد ؟”

{ اللعب لساعة أو اثنتين لن يضر }


لكن ما إن نطق بالسؤال، حتى سمع صوت لين تشينهي الجاد يعلو فجأة :

“ ألم تكن تنوي دعوتي للعشاء يوم الأحد ؟”


كان السؤال يحمل في نبرته تأكيدًا لا يحتاج إلى إجابة


صُدم كل من بي تشنغفي وتاو شي على حد سواء ~~~


أجاب تاو شي وهو غير متأكد :

“ لكن… ألم تقل إنك مشغول يوم الأحد ؟”


رد لين تشينهي دون أن يغيّر ملامح وجهه :

“ لا بأس ”


لم يغضب تاو شي من هذا التراجع عن الرفض ، 

بل على العكس، لمعت عيناه بسعادة واضحة ، 

وتعثر لسانه من شدّة السرور :

“ جيّد، جيّد! سأبحث عن مطعم مناسب إذًا !”


كان بي تشنغفي على وشك أن يقترح عليهما الانضمام للمباراة بعد العشاء ، 

لكن لين تشينهي رمقه بنظرة واحدة ، فعجز عن قول أي شيء


ظل تاو شي في غمرة من الحماس طوال اليوم لمجرد أن 

بوسعه دعوة لين تشينهي للعشاء


وفي المساء، أمسك بهاتفه وبحث طويلًا عن أفضل المطاعم

، وتبادل النقاش بحيوية مع بان يان، الذي يعرف كل شيء عن الطعام اللذيذ



منزل عائلة لين القديم يعجّ بالحركة الليلة —-

الجد، لين ويليانغ كان شديد التمسك بالتقاليد ، 

ويحرص على إقامة ولائم عائلية بانتظام —-


وفي يوم الوليمة ، لا يُسمح بغياب أيٍّ من الأبناء أو الأحفاد 

عن مائدة آل لين


لذا، حصل لين تشينهي على إذن وتغيب عن دروس الليل تلك الليلة 


كانت لين جياشوان تتحدث مع والدها ، لين زيتشيو، بينما 

ابنها تانغ نان، ذو الخمس سنوات، يزعجها بلا توقف إلى جوارها

فصرخت فيه بغضب:

“ اذهب، دَع خالك الصغير يحكِي لك قصة .”


كانت قد اتفقت من قبل مع لين تشينهي أن يعتني بابنها يوم 

الأحد ، لتتمكن هي وزوجها من حضور اجتماع بالغ الأهمية، 

لكن لين تشينهي أخلّ بالوعد معها مؤخرًا


أما لين زيتشيو، الذي عاد قبل مدة قصيرة من الحكومة 

الإقليمية، فابتسم عند سماعه ذلك وقال:

“ تشينهي وزيشي كلاهما طبعه واحد ، لا أحد منهما يصلح 

لرواية القصص للأطفال .”


أُرسل تانغ نان بعيدًا من طرف والدته ، 

فركض بساقيه الصغيرتين نحو لين تشينهي ، الذي كان 

يجلس على الأريكة، وجذب بنطاله قائلاً:

“ خالي ، أمي تريدك أن تحكي لي قصة .”


كان لين تشينهي يقرأ كتابًا مصورًا صغيرًا ، 

فحمل تانغ نان بيد واحدة ووضعه على ركبته، 

وسأله بلا مبالاة :

“ ما القصة التي تريد سماعها ؟”


لكن تانغ نان شدّه الكتاب المصور في يد لين تشينهي ، 

فمدّ يده محاولًا الإمساك به، وبكن تشينهي طواه على الفور


زمّ تانغ نان شفتيه ، 

ثم تشبث بقميص تشينهي على صدره وقال بدلال:

“ خالي أريد أن أرى هذا "


ولم يكن بمقدور أحد في عائلة لين مقاومة دلال هذا الطفل


لكن لين تشينهي رفضه مباشرةً :

“ لا "


: “ لماذا ؟”


: “ لأنه يخصني "


الجد لين ويليانغ —- الذي كان يقرأ الصحيفة على الطرف ، 

لم يتمالك نفسه، فحدّق في لين تشينهي بغيظ ، 

ثم لوّح لحفيده المدلل قائلاً :

“ نان نان ، تعال إلى جدك ، جدك سيحكي لك قصة .”


قفز تانغ نان من على رُكبة لين تشينهي ، 

وركض إلى جَدّه ، ثم همس له شكوى صغيرة :

“ خالي بخيل جدًّا "


: “ صحيح بخيل جدًا !” رد عليه لين ويليانغ وهو يضحك ، 

وبدأ يحكي له قصة ' الجيش الأحمر وهو يعبر السهول 

الوعرة ' وسرعان ما غلب النعاس تانغ نان أثناء الاستماع


وبعد فترة ، وصل الأب لين زيشي أخيرًا إلى المنزل القديم ، 

وما إن دخل غرفة المعيشة ، 

حتى انطلقت صرخة من والده:

“ أخوك ليس مشغولًا مثلك رغم أنه يعمل في اللجنة 

الحزبية بالمقاطعة! 

لو أنك تناولت طعامك في الشركة لكان أفضل !”


انحنى لين زيشي برأسه ، وتلقى التوبيخ بصمت


أما أفراد العائلة فأنهوا عشاءهم بهدوء ، 

ولم يكن هناك من يتكلم سوى تانغ نان من حين إلى آخر ، 

لكن والدته لين جياشوان كانت تغلق فمه كلما فتحه بكف يدها 


بعد تناول العشاء ، تلقّى لين زيشي توبيخًا جديدًا من والده لين ويليانغ


قال له:

“ هل تنوي الاستمرار في العيش بهذا الشكل المنفصل عن لوو تشنغيين لبقية حياتك؟ أو تطلقها فحسب . 

أنا لن أعارض ، وتشينهي بالتأكيد لن يعترض أيضًا .”


رغم كل ما حققه لين ويليانغ من أمجاد في حياته ، 

ورغم أن كلا ابنيه كانا بمثابة التنين والعنقاء ، 

إلا أن أكثر ما ندم عليه كان زواج ابنه الأصغر، لين زيشي 


في البداية، كان هو من دبّر الزواج، حيث رتب أن يتزوج لين 

زيشي من لوو تشنغيين، ابنة صديقه القديم لوو تشونغيون


لكن لم يمضِ وقت طويل حتى اتضح له أن الاثنين كانا قد 

اتفقا مسبقًا على الزواج، بل وتواطآ عليه، فوافقا بسهولة شديدة


وكان زواجهما أقرب إلى اتفاق غير مُعلن : 

لا يتدخل أحدهما في حياة الآخر ، 

وحتى ابنهما الوحيد ، لين تشينهي ، لم يكن ثمرة علاقة 

بينهما، بل طفل أنبوب ، أتى نتيجة ضغوط من كلا العائلتين


لقد انفصل الزوجان فعليًا منذ أكثر من عشر سنوات ، 

لكن الغريب أن لين ويليانغ لم يرَى قط أيّ علاقة غرامية 

لابنه لين زيشي، 

بل إن حياته الخاصة كانت نظيفة تمامًا ، 

ولم يكن يشغله سوى العمل


قال لين زيشي بهدوء دون أي تردد :

“ طالما هي لا تطلب الطلاق ، فلن أطلبه أنا أيضًا "


تنهد لين ويليانغ :

“ هذا شأنكما في النهاية . 

ربما أنتما لم تظلما نفسيكما ، 

لكن لا شك أنكما ظلمتما ذلك الطفل تشينهي .”


سكت لين زيشي عند سماع هذا


حينما أُصيبت لوو تشنغيين بالاكتئاب بعد الولادة ، أدّى 

موت فانغ سوي إلى تدهور حالتها بشكل حاد


ومن شدة الخوف من أن تتعرض لصدمة ، لم يجرؤ لين 

زيشي على السماح لها بلمس ابنها طوال خمس سنوات


وخلال تلك الفترة ، تربّى لين تشينهي في منزل عمه — لين زيتشيو


ولم تبدأ لوو تشنغيين بالتعافي من حالتها إلا حين نادى 

طفل عائلة فانغ ، المدعو يانغ داولي عليها بكلمة “أمي”،

عندها فقط بدأت تخرج تدريجيًا من نوبة الاكتئاب، 

فأخذت لين تشينهي إلى منزلها ، 

وسمحت للطفلين بأن ينشآ معًا


لكن العلاقة بين الأم وابنها لم تزدهر يومًا، ولم تتجاوز الحواجز بينهما


ظلّ بينهما حاجز من التحفّظ والغرابة ، 

ولم تكن هناك أبدًا ألفة حقيقية ، 

على عكس العلاقة الحميمة التي ربطت لوو تشنغيين بيانغ داولي


خرج لين زيشي من غرفة المكتب ، وبحث عن ابنه الذي لم يره منذ مدة طويلة


ثم خرج الأب والابن إلى فناء المنزل القديم ، 

وجلسا يتحادثان تحت السقف الخشبي في الحديقة


وبعد مطر الخريف ، صفا جوّ الليل ، 

وعلّق القمر بدرًا مضيئًا على طرف السقف


قال لين زيشي، وهو يتأمل ابنه الذي بات طوله يقارب طوله:

“ كيف حال والدتك ؟ 

سمعت أنها أُصيبت بالزكام الأسبوع الماضي ؟”


أجاب لين تشينهي :

“ لقد تعافت ...”

ثم توقّف لحظة وأضاف:

“ إن كنت تهتم بها حقًّا ، يمكنك زيارتها بنفسك .”


أخرج لين زيشي سيجارة من جيبه ، 

لكنه أعادها بعد أن تردد قليلًا ، وتنهد قائلاً:

“ لا داعي لذلك . لا فائدة . 

رأيتها الشهر الماضي في معرض الأعمال الخيرية الخاص 

بفانغ سوي، كانت تبدو بحالة جيدة .”


وربما لن تكتشف لوو تشنغيين طيلة حياتها أن الرجل الذي 

وافق على الزواج بها ، كان قد أحبّها منذ وقت طويل —-


لكن لين زيشي — منذ البداية ، 

كان يعرف أن قلب لوو تشنغيين لم يسكنه سوى امرأة 

واحدة ، و قد رحلت منذ زمن بعيد ———-


لم يقل لين تشينهي شيئ


وكان لين زيشي يعلم أن ابنه لا يحب التطرق إلى تلك المرأة الراحلة ، 

فحوّل الحديث إلى أمور الجامعة ، وسأله:

“ هل فكّرت في الجامعة التي ستتقدّم إليها في الولايات المتحدة ؟”


أجاب لين تشينهي بنبرة هادئة:

“ لم أحدّد بعد، 

ربما أذهب لبعض المقابلات في نهاية العام .”


فتوقف لين زيشي عن القلق


أو بالأحرى، لم يكن لديه ما يقلق عليه أساسًا


فمنذ طفولة لين تشينهي ، نادرًا ما طلب منه شيئ ، 

ولم يكن مضطرًا للقلق بشأنه


ثم تذكّر أمرًا وسأله:

“ نسيت أن أسألك المرة الماضية ، لماذا قمت برعاية 

الطالب الحاصل على المركز الأول في مقاطعة تشينغشوي 

ليأتي إلى مدرستك؟ 

أنا فعلت ذلك من أجل والدتك، وأنت ؟ 

ظننت أنك لا تهتم بمثل هذه الأمور .”


كانت مساعدته ، سو يون ، هي من تابع مشروع التعليم عن 

بعد في مقاطعة تشينغشوي


في ذلك الوقت ، كان القرار ينص على دعم معدات البث 

المباشر في مدارس المقاطعة فقط لا غير ،


ولم يكن هناك أي مخطط لرعاية الطالب المتفوق 

كي يدرس في مدرسة وينهوا الأولى الثانوية


ولما علم بذلك من سو يون ، فوجئ بشدة


واليوم فقط، عرف أن المشروع قد تغير ، 

وأن تمويل دراسة الطالب الأول في وينهوا كان يأتي من لين تشينهي نفسه ——-


وكان فضوله حقيقيًا 


ابنه ، الذي يشبهه كثيرًا في بروده وبعده عن العواطف ، 


{ لماذا قام بذلك ؟


من أجل ماذا ؟ }


رفع لين تشينهي عينيه نحو القمر الساطع المعلّق في 

السماء

{ في الحقيقة ،،، أنا لم أكن أؤمن يومًا بأن ثمة أشخاصًا في 

هذا العالم قد يكونون على استعداد لأن يركضوا نحو 

أحدهم ، متجاوزين كل شيء ، وكل أحد … }


لكن تشينهي كان يعلم أن هناك من يراه كالقمر في السماء ،

شخص مستعد للركض نحوه ، عابرًا الجبال والبحار لأجله 


لم يكن أحد يتوقع منه أن يُبلي بلاءً حسنًا ،

لأنه كان دائمًا يُبلي حسنًا .

ولم يكن يتوقع من أحد أن يفعل شيئًا من أجله ، حتى والديه ،

لأنه لم يكن يحب أن يدين لأحد بشيء


كان يتعامل مع جميع العلاقات في هذا العالم ،

بما في ذلك مشاعر الوالدين ، ببرود لا مبالٍ


لكن في تلك اللحظة التي لم يستطع فيها مقاومة فتح 

الرسائل القادمة من آلاف الكيلومترات،

ورأى فيها تلك الخطوط المرتبكة المتعمّدة في تقليد خطّ 

الفتيات ،

كأنها نار ، أو كنجوم مشتعلة بحماس بريئ يتوق إليه —


{ كأنني أنا الوحيد في هذا العالم ——-، 

كأنه مستعد أن يحترق كلّه لأجلي ——-، }


لم يكن يعرف ما الذي جعله يتحمل وابل تلك الرسائل،

ولا متى بدأ الأمر تحديدًا،

من ضجرٍ في البداية ، إلى عادة ، إلى شوق لم يعهده من قبل


فجأة، أراد أن يعرف —

{ لو ألقيت بحبل صغير عديم الأهمية بالنسبة لي في بئرٍ عميق ،

هل سيلتقطه ذلك الأحمق ،

الذي ظنّني ضوءًا ، وسيخرج من ظلمة الليل قاصدًا إليّ ،


ذاك الذي ظنّ نفسه ذكيًا لكن انكشف أمره باكرًا ؟


هل سيحاول التمسك بذلك الحبل والإقتراب مني ؟ }


تشياو ييتانغ ذات مرة قالت أنه يربي شخص كما في ألعاب المحاكاة


لكن تشينهي وحده يعرف أن الأمر ليس كذلك بالنسبة له


لم يكن يفعل خيرًا ،

ولم يكن الأمر مجرّد لعبة محاكاة كما قالت


{ فما كانت نيّتي الأصلية إذًا ؟ }


رأى لين زيشي ابنه يحدّق في القمر شارِدًا،

فسأله من جديد ، على وقع نسيم الليل :


“ أتفعل هذا من أجل والدتك أيضًا ؟”


استعاد لين تشينهي وعيه ، وابتسم بخفّة ،

و بدا أن ضوء القمر قد لطف من ملامح عينيه ،


أجاب ببطء :


“ لا … فقط رأيت شخصًا يمشي بصعوبة في ظلمة الليل ،

فلم أتمالك رغبتي في إضاءة الطريق له "


{ لقد أردت فقط أن أحظى بذلك الذي يركض نحوي بكل ما أوتي من قوة ،

بحياة أفضل ، وأقل مشقة ، كما يتمنى 


وهذا أمر سهلًا عليّ 


تلك فقط … كانت .. نيّتي الأصلية … }


يتبع

زاوية الكاتبة :

شياو لين تشينهي هو مَن تَكفَّل بدعم شياو تاو شي —-

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Fojo team

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • عادي
  • متطور
  • ترتيب حسب الاحدث
    عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق
  1. يمه الكياته، خايف يكون اكو قفزة زمنية بعد تخرجهم

    ردحذف
  2. حسيييت والله من اول انه هوا الداعم وبعد ما زادت المكافأة بالذات عرفت انه هوا 🤭
    لحظة يعرف انه تاو شي هوا الي كان يكتب له يعني ؟ معقولة اوردي يحب تاو شي ماسرت استغرب من جرة الخل الي مسويها كل شابتر

    ردحذف

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي